المقدّمة

لا شكّ في أنّ الكتب المختصّة بالسيَر والتاريخ والمقاتل، تحمل الأثر المهمّ في توثيق الحوادث والوقائع التاريخية ونحوها؛ لأنّها صُنّفت لهذا الغرض، فدأب الباحثون على نقل تلك الأحداث والوقائع من بطون تلك الكتب لرفد بحوثهم بها، وهناك بعض المصنّفات أُلّفت لغرض آخر بعيد عن الوقائع والحوادث التاريخية، إلّا أنّه في طيّات صفحاتها تمّ التطرّق إلى حادثة ما، وسُلّط الضوء عليها، وأُبديت بعض الآراء حولها، وهذه المصنّفات نادرة بعض الشيء، ومن جملة تلك المصنّفات النفيسة ـ التي تطرّقت إلى حادثة كربلاء الأليمة ـ كتاب (العلم المشهور في فضائل الأيّام والشهور) لأبي الخطاب الكلبي (ت633هـ)[1]، حيث أضاف إلى المصنّفات التي تناولت القضية الحسينية بالخصوص مصدراً آخر، يمكن الاستفادة منه من قِبل الباحثين لرفد بحوثهم ودراساتهم.

ولأهمّية هذا الكتاب سنورد ما تناوله المصنِّف من واقعة الطفّ نصّاً من دون تصرّف؛ كي يعتمد عليه القارئ الكريم والباحث أيضاً؛ لأنّ هذا المصنّف هو عبارة عن مخطوطة، سعى قسم التحقيق في مؤسّسة وارث الأنبياء للدراسات التخصّصية في النهضة الحسينية من أجل الحصول عليها، وبعد ذلك بذلتُ جهداً في قراءة هذه المخطوطة قراءة متأنّية؛ لاستخراج أحداث واقعة الطفّ منها.

اشتملت خطّة البحث على مقدّمة وثلاثة مباحث وخاتمة وملحق، تناولت في المبحث الأول التعريف بالمؤلّف ومخطوطته، وجاء المبحث الثاني ليسلّط الضوء على واقعة الطفّ في المخطوطة، وأمّا المبحث الثالث فقد تناولت فيه مسير الرأس الشريف وموضع دفنه، وفي نهاية المطاف جاءت الخاتمة في أهمّ النتائج.

المبحث الأوّل: التعريف بالمؤلّف ومخطوطته

أوّلاً: التعريف بالمؤلّف

هو الشيخ العلّامة المحدّث الرحّال المتفنّن، مجد الدين عمر بن الحسن بن علي بن محمّد بن الجُمَيّل بن فرح بن خلف بن قومس بن مزلال بن ملال بن بدر بن دِحيّة بن فروة الكلبي الأندلسي البلنسي[2]، يُكنّى بأبي الخطاب ويُعرف بابن الجُمَيّل، سمّى نفسه بذي الحسبين، إشارة منه إلى دِحيّة الكلبي والإمام الحسين(عليه السلام)؛ لأنّ نسبه من جهة آبائه متّصل بالصحابي الجليل دِحيّة الكلبي (رضوان الله تعالى عليه)، والنسب الثاني هو من جهة الأُمّ؛ فإنّ أُمّه هي: أَمة الرحمن بنت أبي عبد الله بن أبي البسام موسى بن عبد الله بن الحسين بن جعفر بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام)[3].

يعدّ من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء[4]، ومن كبار المحدّثين، والحفّاظ الثقات الأثبات المحصّلين[5]، ذي الحظّ الوافي في اللّغة[6] وغيرها[7]، ولِـيَ قضاء دانية مرّتين، ثمّ ارتحل طلباً للعلم إلى كلّ من مراكش، والشام، والعراق، وخراسان [8] وغيرها.

وهناك مَن يرى أنّ ابن دِحيّة الكلبي كان كثير الوقيعة في العلماء والأئمّة، فأعرض بعض معاصريه عن كلامه، وكذّبوه في انتسابه إلى (دِحيّة) وقالوا: «إنّ دِحيّة الكلبي لم يُعقّب»[9].

وممن نازعه في نسبه التاج الكندي أمير النحاة في القاهرة؛ حيث أنكر أنّ الصحابي الجليل دِحيّة الكلبي له عقب، فردّ عليه أبو الخطاب في جزء أسماه: المرهف الهندي في الردّ على التاج الكندي، وأثبت من خلاله العقب للصحابي الجليل دِحيّة الكلبي، وأنّه من ذرّيته[10].

مولده

اختُلف في تاريخ مولده على ما نقل ذلك ابن خلكان(ت681هـ) بقوله: «كانت ولادته في مستهلّ ذي القعدة سنة أربع وأربعين وخمسمائة، أخبرني بذلك ولَده، وأخبرني بعض أصحابنا الموثوق بقولهم: إنّه سأل ولَده المذكور عن مولد أبيه، فقال: في ذي القعدة من سنة ثمان وأربعين. وأخبرني ابن أخيه، قال: سمعت عمّي أبا الخطاب غير مرّة يقول: وُلدت في مستهلّ ذي القعدة سنة ست وأربعين وخمسمائة. والله أعلم»[11].

وبناءً على ما أفاده ابن خلكان، فإنّ سنة ولادته مرددة بين (544هـ) و(548هـ) على وفق رواية ولده، وعلى رواية ابن أخيه تكون سنة ولادته هي (546هـ).

شيوخه

تلقّى علومه على يد مجموعة من العلماء والمحدّثين في مختلف الأمصار، منهم:

1ـ أبو الفرج بن الجوزي في بغداد.

2ـ أبو جعفر الصيدلاني وغيره في إصبهان.

3ـ أبو سعد بن الصفار، ومنصور بن الفراوي، وعبد الرحيم الشعري، والمؤيّد الطوسي في نيسابور، وسمع بمرو أيضاً.

4ـ أبو الفتح بن الماندائي في واسط.

5ـ أبو القاسم بن بشكوال، وسمع أيضاً من أبي عبد الله بن المجاهد، وأبي بكر بن الجد، وأبي عبد الله بن زرقون، وأبي بكر بن جعفر اللمتوني، وأبي القاسم بن حبيش في الأندلس.

6ـ البوصيري وطبقته في مصر[12].

مذهبه

ذكر تلميذه ابن النجار أنّه «كان ظاهري المذهب، كثير الوقيعة في أئمّة الجمهور، وفي السلف»[13].

والمذهب الظاهري «ظهر بالمشرق على يد داوود بن علي، إلّا أنّه اختفى بعد مدّة، حتّى جدّده وأعاد له أهمّيته مؤسّسه الثاني ابن حزم الأندلسي، وهو مذهبٌ أُصوله: الكتاب، والسنّة، وإجماع الصحابة، ليس لأحد فيه أن يُقلّد أحداً، نشأ للحفاظ على النصوص، والوقوف عندها وعدم تجاوزها، والظاهر يُقصد به: ظاهر اللفظ من ناحية اللّغة، أي: ضرورة الأخذ بالمعنى اللفظي الظاهر للكلام، حيث إنّ تجاوز النص يُعتبر تبديلاً لكلام الله»[14].

وعاش المذهب الظاهري زمناً في كلّ من «العراق، وخراسان، والأندلس، وهو مذهب فقهي ثري بالآراء، إلّا أنّه محارِب لمن غايره»[15]. وأهمّ روّاد وعلماء هذا المذهب في الأندلس هم: الفضل بن علي، وهو الابن الوحيد المشهور لابن حزم، والحافظ الحميدي أبو عبد الله محمد بن نصر الحميدي الميورقي، والفقيه أبو بكر محمد بن الحسين الأنصاري، ومحيي الدين بن عربي، وعمر بن الحسن بن علي بن محمد أبو الخطاب، وابن مضاء القرطبي، وغيرهم[16].

مؤلّفاته

له تصانيف كثيرة منها: (المطرب من أشعار أهل المغرب)، و(الآيات البيّنات)، و(نهاية السؤول في خصائص الرسول)، و(النبراس في تاريخ خلفاء بني العبّاس)، و(التنوير في مولد السراج المنير)، و(تنبيه البصائر في أسماء الخمر)، و(علم النصر المبين في المفاضلة بين أهل صفّين)، و(العلم المشهور في فضائل الأيّام والشهور)، وغيرها.

وفاته

ذكر ابن خلكان أنّه: «توفّي في يوم الثلاثاء الرابع عشر من ربيع الأوّل سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بالقاهرة، ودُفن بسفح المقطم ـ رحمه الله تعالى ـ»[17].

ثانياً: التعريف بالمخطوطة

تسميتها ونسبتها إليه

اختلفت كلمات المترجمين في تسمية هذ المخطوطة، فمنهم مَن أسماها بـ(العلم المشهور في فوائد الأيّام والشهور)، كما جاء عن أبي البركات (ت654هـ) في كتابه (قلائد الجمان)[18]، إلّا أنّه في غير موضع يذكر أنّ اسمها هو: (العلم المشهور في فوائد فضل الأيّام والشهور)، فقد أضاف إلى العنوان كلمة (فضل)[19]، وذكر ابن دِحيّة هذا العنوان في كتابه (المطرب من أشعار أهل المغرب)[20]، إلّّا أنّه في كتابه (نهاية السؤول) أسماه بـ(العلم المشهور في فضل الأيّام والشهور)[21].

ومنهم مَن ذكر اسم المخطوطة دون كلمة (فضل)، حيث قال: «وصنّف كتاباً أسماه: (العلم المشهور في فوائد الأيّام والشهور)»[22]، وهذه التسمية ذكرها ابن دِحيّة في كتابه (النبراس)[23].

وأمّا التسمية التي ذكرناها فهي التي وردت في النسخة الخطّية للكتاب، وذكرها غير واحد من الأعلام، منهم: المراكشي[24]، وابن الملقن[25]، والمقري[26]، وحاجي خليفة؛ حيث قال: «العلم المشهور في فضائل الأيّام والشهور، لأبي الخطاب عمر بن دِحيّة الحافظ»[27]، وذكره أيضاً صاحب معجم المؤلّفين[28]، وغيرهم.

ومهما كان الاختلاف في عنوان هذه المخطوطة فهو طفيف لا يؤثّر في اختلاف معناها، ونسبتها إليه.

موضوعها

وهي مخطوطة أُلّفت في الوعظ، والتذكير، والإرشاد، وفضائل الأيّام والشهور، وما تحمله من جزيل الثواب لمن مارس العبادة فيها، إلّا أنّ ابن دِحيّة ـ حسب عادته ـ استطرد فيها بمسائل متنوّعة شملت علوماً عدّة من: حديث، وفقه، ولُغة، ونحو، وغيرها، حيث قال في نهاية المخطوطة: «وقد ألّفت هذا الكتاب محتسباً للأجر، ومستسقياً به للسلطان الملك الكامل أحمد الذكر، فأودعته من العلوم ما ينتفع به صاحب كلّ شأن، من: حديث، وفقه، ولُغة، ونحو، وأُصول، وتاريخ، وشعر، وحساب، وبيان، وقصدنا تأليف كتاب في معنى فجئنا بمعان؛ حتّى تُنشّط قارئه بخروجه من لون إلى ألوان»[29].

أهمّيتها

تأتي أهمّية هذه المخطوطة من مكانة مؤلّفها ومنزلته، فهو معروف بجلالة قدره، وعلوّ منزلته، وحُسن تأليفه، وقد بيّن ابن دِحيّة بنفسه أهمّية هذه المخطوطة، بقوله: «هذا الكتاب قد جعلته للمحدّثين غياثاً؛ لأنّ الله جلّت قدرته قد جعل لي الحديث حقّاً وميراثاً، فيجب لفضله أن تركض الطلّاب إليه نجباؤهم حثاثاً، ويقتسموا فوائده الصحيحة من ألفاظه الصريحة بين السند والمتن والمعنى أثلاثاً»[30]، ويقول أيضاً: «... فما أعلم كتاباً في جِرْمِه يقوم مقامه»[31].

ولأهمّيته فقد كثرت نقول العلماء عنه والاستفادة منه، منهم: ابن تيمية الحراني (ت728هـ) في كتابيه (مجموع الفتاوى)[32] و(رأس الحسين)[33]، والزيلعي (ت762هـ) في كتابه (تخريج الأحاديث والآثار)[34]، وابن حجر (ت852هـ) في كتابه (فتح الباري)[35]، والعيني (ت822هـ) في كتابه (عمدة القاري)[36]، وغيرهم، فضلاً عن الرسائل التي كُتبت فيها لنيل شهادة الماجستير[37].

وصف المخطوطة

هي نسخة مكتبة جلال الإمام يحيى (رضي الله عنه).

رقم التصوير: 280.

رقم المخطوط فيه: 214، أدب.

اسم الكتاب وموضوعه: العلم المشهور في فضائل الأيّام والشهور على طريقة المحدّثين، أورد فيه المؤلّف الشهور مرتّبة، وذكر ما يتّصل بكلّ شهر من فضائل، وأنساب، ولغة، ونحو، وغريب.

المؤلف: الحافظ مجد الدين أبو الخطاب، عمر بن الحسن بن علي بن دِحيّة الكلبي(ت633هـ).

تاريخ المخطوطة: خط قديم.

عدد الأوراق: 320، القياس 26(عليه السلام)16سم.

الملاحظات: نسخة بخطّ قديم، ربّما كان قريب العهد إلى عصر المؤلّف، ينقص من آخرها قليلاً، وربّما كان النقص ورقة. علماً أنّ هذه الورقة وجِدت في غير محلّها من المخطوطة، كما ذكر ذلك محقّق كتاب الآيات البيّنات[38].

المبحث الثاني: واقعة الطف في المخطوطة

قبل الغور في تفاصيل أحداث كربلاء التي جاءت في هذه المخطوطة، لا بدّ لنا أوّلاً من تسليط الضوء إجمالاً على المصادر التي اعتمد عليها المؤلّف، وثانياً: بيان طريقته في عرض الأحداث.

أوّلاً: اعتمد المؤلّف على مجموعة من المصادر في نقل الأحداث، وهي: نسب قريش للحافظ الزبير بن بكار، وصحيح البخاري، والمستدرك للحاكم، والجامع الكبير للترمذي، ومقتل الحسين(عليه السلام) للخوارزمي، إلّا أنّه ذكر روايات عدّة من دون ذكر المصدر، حيث اكتفى بذكر اسم المؤلّف دون أن يذكر مصدر الرواية عن أيّ كتاب له، كما في نقله عن الطبراني، وابن حنبل، والبيهقي، وأبو العلاء الهمداني، والسمعاني، كما أنّه يذكر بعض الأحداث بقوله: ذكرها غير واحد، أو تناولتها كتُب التاريخ، أو ذكرها جميع مَن كتب في مقتل الحسين(عليه السلام)، أمّا سائر الأحداث الأُخرى فقد ذكرها من دون سند.

ثانياً: وأمّا طريقته في عرض الأحداث فهي كالتالي:

1 ـ لم يكن تناوله لواقعة الطف متسلسلاً بحسب التدرّج الزمني للواقعة،
فتراه ـ مثلاً ـ يذكر رؤيا ابن عبّاس في مقتل الحسين(عليه السلام) بعد ذكر مقتله(عليه السلام)، وهناك موارد أُخرى أيضاً؛ لذلك عمدت إلى ترتيبها زمنياً مع المحافظة على نصّ الرواية التي ذكرها.

2 ـ بعد ذكره للرواية يختتمها بعبارات قيّمة، يشرح فيها الأسباب التي دعت إلى تلك الحادثة، أو يبيّن أحوال قتلة الحسين(عليه السلام) ومصيرهم، أو سبب اختيار يوم عاشوراء للحسين(عليه السلام)، وهلمّ جرّاً.

3 ـ تنوّع رواياته بين الصحيحة والضعيفة.

وبعد بيان ذلك ننتقل إلى ما جاء فيها عن عاشوراء:

مولد الإمام الحسين(عليه السلام)

ذكر ابن دِحيّة مولد الحسين(عليه السلام) نقلاً عن نسّابة قريش الزبير بن بكار بقوله: «مولده لخمس ليالٍ خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، وفيها كانت غزوة ذات الرقاع، وفيها قصرت الصلاة، وتزوّج رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) أُمّ سلمة»[39].

رؤيا ابن عبّاس في مقتل الحسين(عليه السلام)

نقل ابن دِحيّة رؤيا ابن عباس (رضي الله عنه) للنبي(صلى الله عليه واله)، فقال: عن عمّار بن أبي عمّار، عن ابن عباس، قال: «رأيت النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) نصف النهار أشعث أغبر، معه قارورة فيها دم يلتقطه أو يتتبع فيها، قال: قلت: يا رسول الله، ما هذا؟ قال: هذا دم الحسين وأصحابه، لم أزل أتتبّعه منذ اليوم. قال عمّار: فحفظنا ذلك اليوم، فوجدناه قُتل ذلك اليوم»[40].

يعلّق ابن دِحيّة على هذه الرؤيا بقوله: «وإن كانت رؤيا منام فإنّها صادقة ليست بأضغاث أحلام»[41]، وأمّا بخصوص سند الرواية، قال: «هذا سند صحيح»[42].

تحشيد عبيد اللّه بن زياد آلاف المقاتلين ضدّ الحسين(عليه السلام)

قال: «كان عبيد الله بن زياد [قد] كتب إلى الحرّ بن زياد[43] أن جعجع بالحسين، ثمّ أمدّه بعمر بن سعد في أربعة آلاف، وما زال عبيد الله بن زياد يزيد العساكر إلى أن بلغوا اثنين وعشرين ألفاً، وأميرهم عمر بن سعد المتكفّل المتكلّف بقتال الحسين، حتّى ينجز له عبيد الله الدعي ما سلف من وعد، وهو أن ملّكه مدينة الريّ، فباع الفاسق الرشد بالغي، وهو القائل:

أأترك ملك الريّ والريّ مُنيتي

وأرجع مأثوماً بقتل حسينِ

فضيّق عليه اللعين أشدّ تضييق، وسدّ بين يديه واضح الطريق»[44].

خطبة الحسين(عليه السلام) بأصحابه يوم عاشوراء

نقل عن الطبراني خطبة الحسين(عليه السلام) يوم عاشوراء، فقال: « لمّا نزل القوم بالحسين(عليه السلام)، وأيقن أنّهم قاتلوه، قام في أصحابه خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: قد نزل بي ما ترون من الأمر، وأنّ الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت، وأدبر معروفها واستمرّت، حتّى لم يبقَ منها إلّا كصبابة الإناء، وإلّا خسيس عيش كالمرعى الوبيل، أَلا ترون الحقّ لا يُعمل به، والباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربّه}، وإنّي لا أرى الموت إلّا سعادة، والحياة مع الظالمين إلّا برماً»[45].

تاريخ مقتل الحسين(عليه السلام)

قال: قال نسابة قريش الزبير بن بكار: «قُتل السيّد الأمير ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، سيّد شباب أهل الجنّة، أبو عبد الله الحسين بن فاطمة البتول، يوم الجمعة، وقيل: يوم السبت، في العاشر من المحرّم، سنة إحدى وستين، بالطفّ بكربلاء، وعليه جُبّة خَزّ دكناء، وهو ابن ست وخمسين سنة»[46].

ثمّ بيّن اتفاق أهل النقل على «أنّه قُتل يوم عاشوراء، العاشر من المحرّم، سنة إحدى وستين»[47]، وذكر أنّ ذلك العام «سُمّي عام الحزن»[48].

عدد المقتولين مع الحسين(عليه السلام)

ذكر أنّ عدد مَن قُتل مع الحسين(عليه السلام) «اثنان وثمانون رجلاً من أصحابه مبارزةً، فيهم الحرّ بن يزيد؛ لأنّه تاب بين يدي الحسين(عليه السلام)، وقد وجب ذلك عند جدّه محمّد خير الثقلين (صلّى الله عليه وسلّم)، ثمّ قُتل جميع بنيه إلّا علياً ابنه المسمّى بعد ذلك بزين العابدين، كان مريضاً، فأُخذ أسيراً بعد قتل أبيه، وقُتل أكثر إخوة الحسين(عليه السلام) وبني أعمامه»[49].

ما فُعل بجسد الحسين(عليه السلام) ومَن أجهز عليه

فقد تناول بشاعة ما أقدم عليه جيش ابن سعد بجسد الحسين(عليه السلام) حيث «وُجِد في القميص مائة وبضع عشر ما بين رمية وطعنة وضربة»[50]، ثمّ نقل رواية عن الإمام جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام) قوله: «وُجِد بالحسين(عليه السلام) ثلاث وثلاثون طعنة، وأربع وثلاثون ضربة»[51]، وذكر أنّ الذي أجهز على الحسين(عليه السلام) وحزّ رأسه هو خولي بن يزيد الأصبحي[52].

تولّي حمل الرأس

ذهب ابن دِحيّة إلى أنّ الذي حمل الرأس ودخل به على ابن زياد هو بشر بن مالك الكندي وليس سنان بن أنس، ونصّ قوله: «تولّى حمل الرأس بشر بن مالك الكندي، ودخل على ابن زياد وهو يقول:

اِملأ ركابي فضةً وذهبا		أنا قتلتُ الملك المحجّبا
وخيرهم لا يذكرون نسبا		قتلتُ خير الناس أُمّا وأبا

فغضب ابن زياد من قوله، وقال: فإذا علمت أنّه كذلك فلِمَ قتلته؟! والله، لا نلت منّي خيراً أبداً، ولألحقنّك به. ثمّ قدّمه فضرب عنقه»[53].

ثمّ علّق على قول حامل الرأس، بقوله: «وقد صدق القائل الفاسق في المديح، وتقريظ هذا السيّد الذبيح، ولقى الله بفعله القبيح، فسبحانه مَن لا ينبغي لغيره (عز وجل) التسبيح والتقديس»[54].

وبعد ذلك قال: «إنّ في هذه الرواية خلاف، وقد قيل: إنّ ابن معاوية هو الذي قتل القاتل»[55].

وأمّا رؤوس القتلى البواقي فبعد أن قُطعت، «سرّح عمر بن سعد باثنين وسبعين رأساً مع شمر بن ذي الجوشن الأبرص، وقيس بن الأشعث، وعمرو بن الحجاج، قبّحهم الله»[56].

خطبة السيّدة زينب(عليها السلام)

ذكر أنّ لزينب(عليها السلام) خطبة جليلة مذكورة في كتب التاريخ، حيث قالت ـ حينما مرّ النسوة في أرض المعركة ورأين جثث القتلى ـ: «يا محمّداه، صلّى عليك ملك السماء، هذا حسين بالعراء، مزّمل بالدماء، معفّر بالتراب، مقطّع الأعضاء، يا محمّداه، بناتك سبايا، وذرّيتك مقتّلة، تسفى عليها الصبا، هذا ابنك مجزوز الرأس من القفا، لا هو غائب فيُرتجى، ولا هو جريح فيُداوى. فما زالت تقول هذا حتّى أبكت ـ والله ـ كلّ صديق وعدوّ»[57].

سبي عيال الحسين(عليه السلام)

قال: «ساق القوم حرم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) كما تُساق الأُسارى، حتّى إذا بلغوا بهم الكوفة، خرج الناس ينظرون إليهم، وفي الأُسارى علي بن الحسين زين العابدين، وكان شديد أسر، قد جُمعت يداه إلى عنقه، وزينب بنت علي أُخت الحسين(عليه السلام) وبنت فاطمة البتول، وأُختها أُمّ كلثوم، وفاطمة وسكينة بنتا الحسين(عليه السلام)»[58].

الرؤوس في مجلس يزيد

لـمّا وُضِعت الرؤوس بين يدي يزيد، وكان فيها رأس الحسين(عليه السلام)، قال يزيد:

نفلّق هاماً من رجال أعزّة

علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما

ثمّ قال يزيد لأهل مجلسه: إنّ هذا ـ أي: الحسين بن علي ـ كان يفخر عليَّ ويقول: «أبي خير من أب يزيد، وأُمّي خير من أُمّه، فلقد حاجّ أبي أباه، فقضى الله لأبي على أبيه، فأمّا قوله بأنّ أُمّي خير من أُمّ يزيد، فلعمري لقد صدق، إنّ فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) خير من أُمّي، وأمّا قوله جدّي خير من جدّه، فليس لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر يقول بأنّه خير من محمد (صلّى الله عليه وسلّم)، وأمّا قوله بأنّه خير منّي، فلعلّه لم يقرأ هذه الآية (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء)، الآية»[59]. وقال ابن دِحيّة: «وتكلّم بكلام قبيح قد ذكره الحاكم، والبيهقي، وغير واحد من أشياخ النقل بطريق ضعيف وصحيح»[60].

المبحث الثالث: مسير الرأس وموضع دفنه

مسير الرأس الشريف

تحدّث ابن دِحيّة عن مسير رأس الإمام الحسين(عليه السلام)، وساق مجموعة من الروايات التي تطرّقت إلى ذلك المسير، منها:

الرواية الأُولى: قال ابن دِحيّة: «أمر عبيد الله بن زياد مَن قوّر رأس الحسين(عليه السلام) حتّى يُنصب في الرمح، فتحاماه أكثر الناس، فقام طارق بن المبارك ـ وعداده في كندة ـ فأجابه إلى ما أراد، فقوّره ونُصب بباب داره، ونادى في الناس وجمعهم في المسجد الجامع، وصعد المنبر وخطب خطبة لا يحلّ ذكرها؛ لأنّها سبّة تُورث خطيئة، ثمّ دعا عبيد الله بن زياد جرير بن قيس الجعفي، فسلّم إليه رأس الحسين ورؤوس إخوته وبنيه وأهل بيته وأصحابه، ودعا بعلي ابن الحسين فحمله وحمل عمّاته وأخواته إلى يزيد على محامل بغير وطاء، والناس يخرجون إلى لقائهم في كلّ بلد ومنزل حتّى قدموا دمشق، ودخلوا من باب توما، وأُقيموا على درج باب المسجد الجامع حيث يُقام السبي، وخطب جرير خطبة فيها كذب وزور، ثمّ أحضر الرأس فوضعه بين يدي يزيد، فأمر أن يُجعل في طست من ذهب، وجعل ينظر إليه ويقول: [61]

صبرنا وكان الصبر منّا عزيمة		وأسيافنا يقطعن كفّاً ومعصما
نفلّق هاماً من رجال أعزّة		علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما» (1).

الرواية الثانية: ذكر خبراً آخر عن أحمد بن الحسين البيهقي ما نصّه: «إنّ رأس الحسين(عليه السلام) لما طُلب بالشام أخفى خالد بن عفران شخصه من أصحابه، وهو من أفاضل التابعين، فطلبوه شهراً حتّى وجدوه، فسألوه عن عزلته، فقال: أَما ترون ما نزل بنا؟! ثمّ أنشأ يقول:

جاؤوا برأسك يابن بنت محمّد		مترمّلاً بدمائه ترميلا
وكأنّما بك يابن بنت محمّد		قتلوا جهاراً عامدين رسولا
قتلوك عطشاناً ولم يترقّبوا		في قتلك التنزيل والتأويلا
ويكبّرون بأن قُتلت وإنّما		قتلوا بك التكبير والتهليلا

واعجبوا ـ رحمكم الله ـ من الأُمم الذين كانوا من قبلكم، وقد فضّل الله تعالى أُمّة محمّد (صلّى الله عليه وسلّم) عليهم، منهم المجوس يُعظّمون النار؛ لادّعائهم أنّها صارت برداً وسلاماً على إبراهيم، والنصارى يُعظّمون الصليب؛ لادعائهم أنّه من جنس العود الذي صُلب عليه ابن مريم، وابن مرجانة وأصحابه العذل قتلوا الحسين ابن بَنِي الهدى، ولم يلتفتوا إلى قول أصدق العالمين (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)»[62].

الرواية الثالثة: ذكر «الحافظ أبو العلاء الهمداني، بإسناده عن مشايخه، وأجازنا إجازةً عامّة: أنّ يزيد حين قدِم عليه رأس الحسين، بعث إلى المدينة، فأقدم عليه عدّة من موالي بني هاشم، وضمّ إليهم عدّة من موالي أبي سفيان، ثمّ بعث بثقل الحسين ومَن بقيَ من أهله، وجهّزهم بكلّ شيء، ولم يدع لهم حاجة إلّا أمر لهم بها، وبعث برأس الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص، وهو إذ ذاك عامله على المدينة، فقال عمرو: وددت أنّه لم يبعث به إليّ. ثمّ أمر عمرو بن سعيد برأس الحسين (رضوان الله عليه)، فكُفّن ودُفن في البقيع عند قبر أُمّه فاطمة»[63].

فهذه الروايات المذكورة آنفا تبيّن صراحة: أنّ الرأس الشريف بعد نقله إلى الكوفة أمر عبيد الله بن زياد بتسريحه إلى يزيد بن معاوية، وفي بعضها أنّه بعد وصول الرأس مع سبايا أهل البيت(عليهم السلام) إلى يزيد، أقدم عليه مجموعة من بني هاشم، وضمّ إليهم مجموعة من آل أبي سفيان، وسرّح معهم الرأس والسبايا إلى المدينة.

ابن تيمية وحقيقة نقل الرأس إلى الشام

ذهب ابن تيمية إلى: «أنّ نقل رأس الحسين إلى الشام لا أصل له في زمن يزيد»[64]، معتمداً في ذلك ـ بحسب زعمه ـ على ما أفاده ابن دِحيّة في كتابه بـ(العلم المشهور في فضائل الأيّام والشهور)، حيث قال: «إنّ الذين صنّفوا في مقتل الحسين أجمعوا على أنّ الرأس لم يغترب. وذكر هذا بعد أن ذكر أنّ المشهد الذي بالقاهرة كذب مختلق، وأنّه لا أصل له، وبسط القول في ذلك»[65].

وقال أيضاً: «والذي رجّحه أهل العلم في موضع رأس الحسين بن علي (رضى الله عنهما)، هو ما ذكره الزبير بن بكار في كتاب (نسّابة قريش)، والزبير بن بكار هو من أعلم الناس وأوثقهم في مثل هذا، ذكر أنّ الرأس حُمل إلى المدينة النبوية ودُفن هناك، وهذا مناسب؛ فإنّ هناك قبر أخيه الحسن وعمّ أبيه العبّاس، وابنه علي وأمثالهم. قال أبو الخطاب بن دِحيّة ـ الذي كان يقال له: ذو النسبين بين دِحيّة والحسبين ـ في كتاب (العلم المشهور في فضل الأيّام والشهور)، لـمّا ذكر ما ذكره الزبير بن بكار عن محمد بن الحسن: إنّه قُدِم برأس الحسين ـ وبنو أُميّة مجتمعون عند عمرو بن سعيد ـ فسمعوا الصياح، فقالوا: ما هذا؟ فقيل: نساء بني هاشم يبكين حين رأين رأس الحسين بن علي. قال: وأُتي برأس الحسين بن علي فدُخل به على عمرو، فقال: والله، لوددت أنّ أمير المؤمنين لم يبعث به إليّ. قال ابن دِحيّة: فهذا الأثر يدلّ أنّ الرأس حُمل إلى المدينة ولم يصحّ فيه سواه، والزبير أعلم أهل النسب وأفضل العلماء بهذا السبب»[66].

مناقشة ابن تيمية

في مناقشة الكلام السابق نقول: إنّ هناك فرقاً بين ما نقله ابن تيمية عن ابن دِحيّة من «أنّ الذين صنّفوا في مقتل الحسين أجمعوا على أنّ الرأس لم يغترب»، وبين قول ابن دِحيّة نفسه الذي هو: «وقد ذكر جميع مَن ألّف في مقتل الحسين(عليه السلام) أنّ الرأس الكريم ما غرب قطّ، بل ذكر بعضهم أنّه حُمل على رمح وأُدخل الرقّة، وبين يديه قائل يقول: هذا رأس خارجي؛ خرج على أمير المؤمنين يزيد. ودُفن عند الجامع تحت سدرة، وأنّها لا تزال مخضرّة مع الأيّام»[67].

فقد دلّس ابن تيمية بنقله عن ابن دِحيّة في قوله: «لم يغترب»، بينما قول ابن دِحيّة هو: «ما غرب قطّ»، والاختلاف في اللفظ بينهما يلزم منه اختلاف في المعنى، فـ(يغترب) هي من (اغترب يغترب اغتراباً)، بينما (غرب) هي من (غرب يغرب غرباً)، واللفظة الأُولى تدلّ على الاغتراب، أي: عدم الذهاب بالرأس الشريف إلى أماكن أو بلدان غريبة عن الحسين(عليه السلام)، ودلالة الكلمة الثانية هي عدم الذهاب بالرأس الشريف غرباً، ومن خلال سياق كلام ابن دِحيّة ـ عندما كان يتكلّم على عدم وصول الرأس للقاهرة ـ يتبيّن أنّه يقصد عدم الذهاب به إلى القاهرة، هذا من جهة، ومن جهة أُخرى يظهر لنا اقتطاع ابن تيمية لكلام ابن دِحيّة، ولم يُكمل ما قاله ابن دِحيّة من أنّه قد «ذكر بعضهم أنّه حُمل على رمح وأُدخل الرقّة، وبين يديه قائل يقول: هذا رأس خارجي؛ خرج على أمير المؤمنين يزيد. ودُفن عند الجامع تحت سدرة، وأنّها لا تزال مخضرّة مع الأيّام». وفي هذا القول دلالة واضحة على وصول الرأس إلى يزيد.

ثمّ بعد ذلك سعى ابن تيمية من خلال موضع الرأس الذي ذكره ابن دِحيّة في كتابه (العلم المشهور في فضائل الأيّام والشهور)، إلى إثبات مدّعاه من كون الرأس لم يصل الشام في زمن يزيد، ولكن دون جدوى؛ فإنّ الرواية التي استدلّ بها ابن تيمية فيها دلالة واضحة على كون الرأس الشريف قد انتقل من الشام إلى المدينة؛ بقرينة قول عمرو بن سعيد بن العاص ـ والي يزيد على المدينة ـ: «والله، لوددت أنّ أمير المؤمنين لم يبعث به إليّ»، فلا يشكّ عاقل في أنّ أمير المؤمنين بالنسبة إلى عمرو بن سعيد هو يزيد بن معاوية، ولا يمكن أن يتصوّر أنّه عبيد الله بن زياد، كما يُفهم ذلك من كلام ابن تيمية؛ إذ يدّعي أنّ الرأس انتقل من الكوفة مباشرة إلى المدينة، ولم يصل إلى الشام إطلاقاً، بمعنى أنّ الذي أرسله هو عبيد الله بن زياد، وحتّى لو ادّعى أنّ عبيد الله بن زياد أرسل الرأس إلى المدينة بأمر من يزيد بن معاوية، فالروايات التي ذكرها أرباب المقاتل والسير والتاريخ تُكذّب ذلك، كما أنّهم لم يذكروا لنا في مصنّفاتهم أنّ يزيد أمر واليه على الكوفة عبيد الله بن زياد بإرسال رأس الحسين(عليه السلام) مباشرة من الكوفة إلى المدينة دون المرور به إلى الشام.

موضع دفن الرأس الشريف

يذكر ابن دِحيّة أكثر من رواية عن موضع الرأس، وهي:

الرواية الأُولى: قال: «... إنّ سليمان بن عبد الملك بن مروان رأى النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) في المنام، وكان يبرّه ويلطّفه، فدعا الحسن البصري، فسأله عن ذلك. فقال: لعلّك اصطنعت إلى أهله معروفاً. فقال سليمان: إنّي وجدت رأس الحسين في خزانة يزيد بن معاوية، فكفّنته خمسة من الديباج، وصليت عليه في جماعة من أصحابي، وقبرته. فقال الحسن: إنّ النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) رضي منك بسبب ذلك، فأحسن إلى الحسن البصري»[68].

الرواية الثانية: ذكر قول الخوارزمي في كتابه مقتل الحسين(عليه السلام): «أنّ رأس الحسين صُلب بدمشق ثلاثة أيّام، ومكث في خزانة بني أُميّة حتّى وَلـيَ سليمان بن عبد الملك، فطلبه، فجيء به وهو عظم أبيض قد قحل، فجعله في سفط، وطيّبه، وجعل عليه ثوباً، ودفنه في مقابر المسلمين بعدما صلّى عليه، فلمّا وَلـيَ عمر بن عبد العزيز، بعث إلى المكان، فطلب منه الرأس، فأُخبر بخبره، فسأل عن الموضع الذي دُفن فيه، فنبشه وأخذه، والله أعلم ما صنع به، والظاهر من دينه أنّه بعث به إلى كربلاء فدفنه مع جسده»[69].

الرواية الثالثة: قال: «واعلم أنّه لا يصحّ في موضع الرأس مكان على الخصوص، ولا في ذلك شيء يعتمد عليه من النقل المنصوص، إلّا ما ذكره بسنده أخطب الخطباء أبو المؤيد الموفّق بن أحمد الخوارزمي في مقتل الحسين(عليه السلام)، قال الحافظ العدل أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمداني بسنده: إنّ يزيد بعث برأس الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص، وهو إذ ذاك عامله على المدينة، فقال عمرو: وددت أنّه لم يبعث به إليّ. ثمّ أمر عمرو بن سعيد برأس الحسين (رضوان الله عليه)، فكُفّن ودُفن في البقيع عند قبر أُمّه فاطمة»[70].

الرواية الرابعة: ما ذكره الزبير بن بكار عن محمد بن الحسن: «أنّه قُدِم برأس
الحسين ـ وبنو أُميّة مجتمعون عند عمرو بن سعيد ـ فسمعوا الصياح، فقالوا: ما هذا؟
فقيل: نساء بني هاشم يبكين حين رأين رأس الحسين بن علي. قال: وأُتي برأس الحسين بن علي فدُخل به على عمرو، فقال: والله، لوددت أنّ أمير المؤمنين لم يبعث به إليّ. قال ابن دِحيّة: فهذا الأثر يدلّ أنّ الرأس حُمل إلى المدينة، ولم يصحّ فيه سواه، والزبير أعلم أهل النسب، وأفضل العلماء بهذا السبب»[71].

نفي حمل الرأس إلى عسقلان والقاهرة

نفى كون الرأس في عسقلان أو القاهرة، وما ذُكر من أنّه في عسقلان في مشهد هناك «فشيء باطل لا يقبله مَن معه أدنى مسكة من العقل والإدراك، فإنّ بني أُمية مع ما أظهروه من القتل والعداوة والاحتقار، لا يُتصوّر أن يبنوا على الرأس مشهداً للزوّار»[72].

وما ذُكر من أنّه في القاهر، وأنّه في زمن عيسى بن الظافر الملقّب بالفايز، فإنّ بني عبيد قد افتعلوا ذلك المشهد الذي قام ببنائه طلائع بن زرك الرافضي، قال: «ذكر جميع مَن ألّف في مقتل الحسين(عليه السلام) أنّ الرأس الكريم ما غرب قط [أي: لم يُذهب به إلى القاهرة]، بل ذكر بعضهم أنّه حُمل على رمح وأُدخل الرقّة وبين يديه قائل يقول: هذا رأس خارجي؛ خرج على أمير المؤمنين يزيد، ودُفن عند الجامع تحت سدرة، وأنّها لا تزال مخضرّة مع الأيّام»[73].

رأي الإمامية في موضع الرأس

بيّن رأي الإمامية في موضع الرأس بقوله: «وقرأت بكتب الإمامية أنّ الرأس أُعيد إلى الجثّة بكربلاء بعد أربعين يوماً من المقتل، يومٌ معروف عند الإمامية يُسمّونه الزيارة، فيه زيارة الأربعين»[74].

وصول الرأس الى المدينة

قال بعد وصول الرأس إلى المدينة: «جلس عبد الله بن جعفر بن أبي طالبE للتعزية، وخرجت زينب بنت عقيل بن أبي طالب ـ وهي الصغرى ـ على الناس للبقيع في نساء قومها، وهي تقول:[75]

ماذا تقولون إن قال النبيّ لكم		ماذا فعلتم وكنتم آخر الأُممِ
بعترتي وأهلي بعد مفتقدي		منهم أُسارى وقتلى ضُرّجوا بدمِ
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم		ولم تفوا لي بعهدي في ذوي رحمي»(3).

وبعد ذكر هذه الأبيات يعقّب ابن دِحيّة بقوله: «إنّ القائلة للبيتين الأوّليين زينب أُخت الحسين، حين قُتل أخوها الحسين أخرجت رأسها من الخباء، ورفعت عقيرتها، وقالت هذه الأبيات»، إلّا أنّه بعد ذلك يقول: «وقول الزبير أثبت»[76].

وينقل من صحيح البخاري حادثة الرجل الذي يسأل ابن عمر عن دم البعوض، فقال: «عن ابن أبي نعم، قال: كنت شاهداً لابن عمر، وسأله رجل عن دم البعوض، فقال: ممّن أنت؟ فقال: من أهل العراق. قال: اُنظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم)، وسمعت النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) يقول: هما ريحانتاي من الدنيا. وفي رواية الكشميهني: هما ريحانتي»[77].

ونقل رواية عن إبراهيم النخعي، قال: «والله، لو كنت فيمَن قاتل الحسين، ثمّ أتتني المغفرة من ربّي، فأدخلني الجنّة، لاستحييت من محمّد (صلّى الله عليه وسلّم) أن أمرَّ عليه فيراني»[78].

خاتمة كلامه

في نهاية المطاف من ذكر واقعة كربلاء عقّب ابن دِحيّة على هذه المصيبة بقوله: «اعجبوا من هؤلاء الملاعين وعقولهم؛ إذ قتلوا الحسين بن فاطمة وابن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، ثمّ أكبوا في شمالهم على شرب شمولهم! تُعساً لشيوخهم وكهولهم، أفي صلاتهم يُصلّون على محمّد وآله، ثمّ يمنعونه من شرب نقطة من الفرات وزلاله؟! ويجتمعون على قتله وقتاله؟! ولا يستحون من نور شيبه وجماله؟! أَما والله، إنّ حقّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) على أُمّته أن يُعظّموا تراب نعل قدمه، بل تراب نعل خادم من خدمه، ليت شعري، ما اعتذارها، ولا الشطار الخبثة الأشرار في قتل هؤلاء الأخيار عند سيّد ولْد آدم محمّد المختار، وعند فاطمة المستغفرة بالأسحار، إذ جاءت بثوب مخضوب بدم الحسين، المقتول بأسياف أصحاب القمار والمزمار، ورفعت شكواها إلى الملك الجبّار، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم، ولهم اللعنة ولهم سوء الدار؟! فاختار الله تعالى إلى الحسين(عليه السلام) الشهادة في هذا اليوم لفضله بين الأيّام، وقد قتل الله قاتله صبراً بالحسام، وجعل رأسه في الموضع الذي فيه رأس الحسين(عليه السلام)، وقضى ذلك في عاشوراء بعد قتل الحسين بستة أعوام، وبُعث برأس عبيد الله الذميم إلى المدينة، فوُضِع بين يدي بني الحسين الكرام، وكذلك عمر ابن سعد وأصحابه اللئام، ضُرِبت أعناقهم، وسُقوا كأس الحمام، ولم يكن من دونه وراءٌ ولا أمام، وبقي الوتر بين يدي الملك العلّام، في يوم يُعرف المجرمون بسيماهم، فتؤخذ بالنواصي والأقدام»[79].

الخاتمة

وفي النهاية، أحمدُ الله سبحانه وتعالى على إنهاء هذا البحث، وأختتمه بأهمّ النتائج:

1ـ إنّ تسمية ابن دِحيّة بذي الحسبين ـ كما جاء في تعريفه سابقاً ـ ليست ببعيدة؛ إذ إنّ كلّ إنسان هو أعلم بنسبه من غيره، هذا أوّلاً، وثانياً: إنّ الذين أنكروا عليه ذلك هم مخالفون له في المذهب؛ إذ إنّ هناك خلافاً قائماً ومحتدماً بين الظاهرية وأصحاب المذاهب الأربعة.

2ـ هذه المخطوطة على الرغم من أنّها قد صُنّفت من أجل الوعظ والإرشاد والتذكير بفضائل الأيّام والشهور؛ لما لها من جزيل الأجر والثواب للعامل فيها بطاعة الله، إلّا أنّها حملت شيئاً مهماً في طيّاتها، ألا وهي واقعة كربلاء.

3ـ تناول المصنّف بالتفصيل مسألة الموضع الذي دُفن فيه رأس الإمام الحسين(عليه السلام)، وذهب إلى كون الموضع الذي دُفن فيه الرأس الشريف هو البقيع، عند قبر أُمّه فاطمة الزهراء(عليها السلام) في المدينة المنورة، ومع ذلك لم يُنكر من تلك المواضع سوى عسقلان والقاهرة، علما أنّه قد ذكر رأي الإمامية في موضع الرأس ولم يُنكره.

4ـ لم يكن ابن دِحيّة عند تناوله لواقعة كربلاء ناقلاً فحسب، بل ناقش وصحّح بعض الروايات، ورفض البعض الآخر.

5ـ من خلال البحث تبيّن زيف ما ادّعاه ابن تيمية من كون الرأس قد بُعث من الكوفة إلى المدينة ولم يُرسل إلى يزيد في الشام.

6ـ إنّ خاتمة ابن دِحيّة لواقعة الطفّ، تُعدّ خاتمة قيّمة، ولها من الأهمّية الشيء الكبير؛ لأنّها صدرت من عالم ليس بشيعي، عرّى بها قتلة الحسين(عليه السلام)، وعلى رأسهم يزيد بن معاوية، بعدما بيّن حقّ النبيّ(صلى الله عليه واله) على أُمّته، وذكر سبب اختيار الله سبحانه وتعالى قتل الحسين(عليه السلام) في هذا اليوم.

7ـ على الباحثين وأرباب المنابر أن يستشهدوا بخاتمة ابن دِحيّة القيّمة في مؤلّفاتهم ومجالسهم، وأن ينسبوها إلى هذا المصنّف؛ حتّى تكون الحجّة دامغة على مَن يُلمّع صورة يزيد، من أتباع ابن تيمية ونحوهم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1. أعلام مالقة، أبو عبد الله بن عسكر، وأبو بكر بن خميس، تحقيق: الدكتور عبد الله المرابط، دار الأمان، بيروت، الطبعة الأُولى، 1999م.

2. الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الخامسة، 1980م.

3. البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير، عمر بن علي بن الملقن، تحقيق: أحمد شريف الدين، دار العاصمة، الرياض، 1414هـ.

4. بغية الوعاة في طبقات اللغويّين والنّحاة، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، تحقيق: محمد أبي الفضل، المكتبة العصرية، بيروت.

5. تاريخ المغرب والأندلس، عصام الدين عبد الرؤوف الفقي، مكتبة نهضة الشرق، جامعة القاهرة.

6. التبصـرة، عبد الرحمن بن الجوزي، تحقيق: الدكتور مصطفى عبد الواحد، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأُولى، 1993م.

7. تخريج الأحاديث والآثار، جمال الدين الزيلعي، تحقيق: عبد الله بن عبد الرحمن السعد، دار ابن خزيمة، الرياض، الطبعة الأُولى، 1414هـ.

8. تذكرة الحفاظ، شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي، صححه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي، دار إحياء التراث العربي.

9. تراجم مغربية، محمد شريفة، الطبعة الأُولى، 1996م.

10.ذيل تاريخ بغداد، محمد بن محمود بن النجار البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت.

11.الذيل والتكملة لكتاب الصلة، محمد بن محمد المراكشـي، تحقيق: إحسان عباس، دار الثقافة، بيروت، الطبعة الأُولى، 1973م.

12.رأس الحسين(عليه السلام)، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، تحقيق: الدكتور السيّد الجميلي، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الأُولى، 1985م.

13.سير أعلام النبلاء، شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: حسين الأسد، مؤسّسة الرسالة، بيروت، الطبعة التاسعة، 1993م.

14.شرح المواهب اللدنية، محمد بن عبد الباقي الزرقاني، دار الكتب العلمية، بيروت، 1996م.

15.العلم المشهور في فضائل الأيام والشهور (مخطوطة)، عمر بن الحسن بن دِحيّة الكلبي، نسخة مكتبة المخطوطات ـ الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة 2ـ4534، وهي الآن من مقتنيات مؤسّسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية، قسم التحقيق.

16.عمدة القاري، محمد بن أحمد العيني، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

17.فتح الباري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية.

18.قلائد الجمان، أبو البركات المبارك بن الشعار، تحقيق: كامل سلمان الجبوري، دار الكتل العلمية، بيروت، الطبعة الأُولى، 2005م.

19.كشف الظنون، حاجي خليفة، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

20.مجموع الفتاوى، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، طبعه الشيخ عبدالرحمن بن قاسم.

21.المذهب الظاهري ببلاد الغرب الإسلامي وتأثيراته (من القرن الثاني هجري إلى السابع هجري)، دقداق مخطار.

22.المطرب من أشعار أهل المغرب، عمر بن الحسن بن دِحيّة الكلبي، تحقيق: إبراهيم الإيباري وزملائه، 1993م.

23.معجم المؤلفين، عمر كحالة، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

24.النبراس في تاريخ خلفاء بني العباس، عمر بن الحسن بن دِحيّة الكلبي، تحقيق: عباس العزاوي، المعارف، بغداد، 1365هـ.

25.نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، أحمد بن محمد المقري، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت.

26.نهاية السؤول في خصائص الرسول، عمر بن الحسن بن دِحيّة الكلبي، تحقيق: عبد الله عبد القادر، مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، 1416هـ.

27.وفيات الأعيان، أحمد بن محمد بن خلكان، تحقيق: إحسان عباس، دار الثقافة، لبنان.

[1] ومن تلك المصنفات أيضاً كتاب (التبصرة) لإبن الجوزي (ت597هـ)، حيث تطرق فيه إلى مقتل الحسين (عليه السلام) في الجزء الثاني في الطبقة الثانية التي تشتمل على فضائل أيام السنة ولياليها. أنظر: ابن الجوزي، عبد الرحمن، التبصرة: ج2، ص12-19.

XE "1:1"

[2] البلنسي بفتح الباء الموحدة واللام وسكون النون وبعدها سين مهملة، هذه النسبة إلى بلنسية، وهي مدينة في شرق الأندلس. ابن خلكان، أحمد بن محمد، وفيات الأعيان: ج3، ص450.

[3] اُنظر: المصدر السابق: ج3، ص448ـ449.

[4] اُنظر: السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، بغية الوعاة في طبقات اللغويّين والنّحاة: ج2، ص218.

[5] اُنظر: التلمساني، أحمد بن محمد، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: ج٢، ص 99.

[6] اُنظر: الزرقاني، محمد بن عبد الباقي، شرح المواهب اللدنية: ج١، ص150.

[7] اُنظر: الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء: ج٢٢، ص ٣٨٩.

[8] اُنظر: الزركلي، خير الدين، الأعلام: ج5، ص44.

[9] المصدر السابق.

[10] أبو عبد الله بن عسكر وأبو بكر بن خميس، أعلام مالقة: ص323.

[11] ابن خلكان، أحمد بن محمد، وفيات الأعيان: ج3، ص450.

[12] اُنظر: ابن النجار البغدادي، محمد بن محمود، ذيل تاريخ بغداد: ج5، ص40ـ41. الذهبي، محمد ابن أحمد، تذكرة الحفاظ: ج4، ص1420.

[13] ابن النجار البغدادي، محمد بن محمود، ذيل تاريخ بغداد: ج5، ص41.

[14] الفقي، عصام الدين عبد الرؤوف، تاريخ المغرب والأندلس: ص231ـ232.

[15] دقداق مخطار، المذهب الظاهري ببلاد الغرب الإسلامي وتأثيراته (من القرن الثاني هجري إلى السابع هجري): ص6.

[16] المصدر السابق.

[17] اُنظر: ابن خلكان، أحمد بن محمد، وفيات الأعيان: ج3، ص450.

[18] اُنظر: أبو البركات، المبارك بن الشعار، قلائد الجمان: ج4، ص194.

[19] اُنظر: المصدر السابق: ج4، ص196.

[20] اُنظر: ابن دِحيّة الكلبي، عمر بن الحسن، المطرب من أشعار أهل المغرب: ص223.

[21] اُنظر: ابن دِحيّة الكلبي، عمر بن الحسن، نهاية السؤول في خصائص الرسول: ص503.

[22] شريفة، محمد، تراجم مغربية: ص80.

[23] اُنظر: ابن دِحيّة الكلبي، عمر بن الحسن، النبراس في تاريخ خلفاء بني العباس: ص124.

[24] اُنظر: المراكشي، محمد بن محمد، الذيل والتكملة لكتاب الصلة: ج8، ص219.

[25] اُنظر: ابن الملقن، عمر بن علي، البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير: ج1، ص386.

[26] اُنظر: المقري، أحمد بن محمد، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: ج2، ص104.

[27] حاجي خليفة، مصطفى بن عبد الله، كشف الظنون: ج2، ص1161.

[28] اُنظر: كحالة، عمر، معجم المؤلفين: ج7، ص281.

[29] ابن دِحيّة الكلبي، عمر بن الحسن، العلم المشهور في فضائل الأيام والشهور (مخطوطة)، نسخة مكتبة المخطوطات ـ الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة 2ـ4534، وهي الآن من مقتنيات مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية، قسم التحقيق: الصفحة الأخيرة.

[30] المصدر السابق: ص1.

[31] المصدر السابق: ص94.

[32] اُنظر: ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، مجموع الفتاوى: ج27، ص480

[33] اُنظر: ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، رأس الحسين: ص197.

[34] اُنظر: الزيلعي، جمال الدين، تخريج الأحاديث والآثار: ج3، ص135.

[35] اُنظر: ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، فتح الباري،: ج2، ص316.

[36] اُنظر: العيني، محمد بن أحمد، عمدة القاري: ج5، ص286.

[37] فقـد أُقيمت ثلاثة بحوث على هذه المخطوطة لنيل شهادة الماجستير في جامعة الملك سعود دراسة وتحقيقاً.

[38] اُنظر: ابن دِحيّة الكلبي، عمر بن الحسن، الآيات البيّنات: ص129.

[39] ابن دِحيّة الكلبي، عمر بن الحسن، العلم المشهور في فضائل الأيام والشهور (مخطوطة): ص28ـ29.

[40] المصدر السابق: ص30.

[41] المصدر السابق.

[42] المصدر السابق.

[43] هكذا في المخطوطة.

[44] ابن دِحيّة الكلبي، عمر بن الحسن، العلم المشهور في فضائل الأيام والشهور (مخطوطة): ص29.

[45] المصدر السابق.

[46] المصدر السابق: ص28.

[47] المصدر السابق: ص 29.

[48] المصدر السابق: ص29.

[49] المصدر السابق.

[50] المصدر السابق.

[51] المصدر السابق.

[52] اُنظر: المصدر السابق.

[53] المصدر السابق: ص30.

[54] المصدر السابق.

[55] المصدر السابق.

[56] المصدر السابق: ص31.

[57] المصدر السابق.

[58] المصدر السابق: ص30 ـ 31.

[59] المصدر السابق: ص 31 ـ 32.

[60] المصدر السابق.

[61] المصدر السابق: ص31.

[62] المصدر السابق: ص32.

[63] المصدر السابق.

[64] ابن تيمية، أحمد بن عبد الحلّيم، مجموع الفتاوى: ج27، ص480.

[65] ابن تيمية، أحمد بن عبد الحلّيم، رأس الحسين ×: ص197.

[66] ابن تيمية، أحمد بن عبد الحلّيم، مجموع الفتاوى: ج4، ص509.

[67] ابن دِحيّة الكلبي، عمر بن الحسن، العلم المشهور في فضائل الأيام والشهور (مخطوطة): ص32.

[68] المصدر السابق: ص33.

[69] المصدر السابق.

[70] المصدر السابق: ص34.

[71] المصدر السابق.

[72] المصدر السابق: ص36.

[73] المصدر السابق.

[74] المصدر السابق.

[75] المصدر السابق: ص36.

[76] المصدر السابق: ص36 ـ 37.

[77] المصدر السابق: ص37.

[78] المصدر السابق.

[79] المصدر السابق: ص37 ـ 38.

عاشوراء في مخطوطة (العلم المشهور في فضائل الأيّام والشهور) - عرض وتحليل