تمهيد

إنّ منظومة المرويّات الصحيحة لأهل البيت (عليهم السلام) هي دائرة معارف كاملة، ترشد الإنسان إلى الطريق القويم في كلّ جوانب حياته؛ فهي الامتداد الطبيعي للقرآن الكريم، كتاب الله تعالى الذي (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)[1].

إنّ الزيارات الشريفة هي من ضمن هذه المنظومة الكاملة، وهي من أصحّ النصوص وأهمّها، ولعلّ الرواة كانوا يحافظون عليها أكثر من غيرها؛ لأنّها نصٌّ تعبّديٌّ يتعبّدون به في مشاهد المطهّرين؛ ولذلك يكتسب قدسية قد لا توجد في غيرها من الأحاديث.

ولأنّ القرآن الكريم نزل على الرسول الأعظم(صلى الله عليه واله) ، وتلقّته عترته الطاهرة(عليهم السلام) تلقّياً كاملاً؛ فالنصّ القرآني بمفرداته وأساليبه وآليّاته اللغوية كان مسيطراً وحاكماً على أُسلوب كلامهم، ويجري على لسانهم جرياً طبيعيّاً بصورة قد لا يشعر بها المتلقّي.

إنّ الاستعانة بالقرآن الكريم هو ما سُمّي في الاصطلاح بـ(الاقتباس)، وهذا البحث هو لإظهار هذا الفنّ اللغوي في زيارات الإمام الحسين(عليه السلام) المرويّة عن الإمام الصادق(عليه السلام) ، والوقوف على دوره الكبير في تعميق معاني تلك الزيارات.

مفهوم الاقتباس

يدلّ الجذر اللغوي لمفردة الاقتباس على ضوء النار، قال ابن فارس(ت395هـ): «القاف والباء والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على صفة من صفات النار، ثمّ يستعار من ذلك القبس شعلة النار... ويقولون: أقبسْتُ الرجلَ علماً، وقبسْتُهُ ناراً»^{^[2]}، وهذا القبس الناري أو القبس العلمي هو الذي يُفيد الآخِذُ منه بما يفتح له الطريق المظلم، مادّياً كان أو معنوياً؛ فالأصل في هذه المفردة «هو سَيَلانُ شيءٍ له نورٌ، وأكثر استعمالها في جهة المعنى»^{^[3]}؛ وبناءً على ما تقدّم فإنّ المعنى اللغوي لهذه المفردة يجتمع في معنيي الأخذ والاستفادة^{^[4]}.

أمّا اصطلاحاً؛ فقد وضع الفخر الرازي(ت606هـ)(الاقتباس) ضمن وجوه النظم وأقسامه، وعرّفه قائلاً: «هو أن تُدرِجَ كلمةً من القرآن أو آيةً في الكلام؛ تزييناً لنظامه، وتفخيماً لشأنه»^{^[5]}؛ فقد حدّه بالأخذ من القرآن بكلمة أو آية، وهو ما أورده صفي الدين الحلّي(ت752هـ)، والشريف الجرجاني(ت816هـ) أيضاً^{^[6]}، ولكنّه تميّز عنهما بأنّه علّل سبب الإتيان به للتزيين في نظم الكلام، والارتفاع والتفخيم لشأنه.

وقريب منه ما أورده الخطيب القزويني(ت739هـ) حين حدّه في الإيضاح، إلّا أنّه أضاف إليه فِقرةً غير موجودة في تعريف الرازي، فقال: «أن يُضمّنَ الكلامُ شيئاً من القرآن أو الحديث، لا على أنّه منه»^{^[7]}، فقد حدّد ألا يُشير المقتبِس إلى الكلام المقتبَس على أنّه من القرآن أو الحديث، بل يُدرجه ضمن كلامه، فإذا أشار إليه فهو ليس من باب الاقتباس، وقد ذكر هذا الأمر أيضاً الكفويّ(ت1094هـ)، وابن معصوم(ت1120هـ) ، وبعض المُحدثين^{^[8]}.

والباحث يميل إلى الرأي الأوّل الذي لم يُحدّد الإشارة من عدمها؛ فالمبدع أو الأديب ـ في الأحوال كلّها ـ قد أفاد من القرآن الكريم في نصّه؛ أشار إلى ذلك أو لم يُشر.

ويُقسّم الاقتباس على نوعين^{^[9]}:

1ـ اقتباس نصّي: يلتزم فيه المُنشئ بنصّ القرآن الكريم وتركيبه من دون أن يغيّر شيئاً منه.

2ـ اقتباس إشاري: لا يلتزم فيه المنشئ بنصّ القرآن الكريم بلفظه أو تركيبه، بل هو يفيد منه في بناء النصّ، ويقوم بتغيير بعض التراكيب أو الأبنية بما يتلاءم مع سياق نصّه، كأن يغيّر بين المخاطب والمتكلّم والغائب، أو يبدّل المضمر بالظاهر، أو الظاهر بالمضمر، أو غير ذلك، على ألا يؤدّي ذلك إلى تحريف معنى القرآن الكريم، أو الإتيان بمعنى يخالفه.

ومن المصطلحات القريبة لهذا المصطلح هو مصطلح(التضمين)، ولكنّه مخصوص بالشعر لا بالنثر^{^[10]}.

وظهر في العصر الحديث مصطلحٌ جديدٌ قد تكون له علاقة بالمصطلحين السابقين، وهو(التناصّ)، وهو من المصطلحات الحديثة التي تعني الإحالة إلى نصوص سابقة أو معاصرة من خلال قراءتها وتأويلها، ثمّ إعادة كتابتها بأُسلوب جديد^{^[11]}؛ فهو يكون في الجوهر لا في المظهر.

فالاقتباس والتضمين هو إحضار للنصّ بنفسه أو بتغيير بسيط فيه؛ أمّا التناصّ فهو وجود مضمون فكرة النصّ السابق في النصّ الجديد؛ ولهذا لا يمكن أن يكون هذا المصطلح بديلاً عن المصطلحين السابقين، بل هو «امتداد، واستمرار لهما»^{^[12]}؛ لاشتراكهما في بعض الصفات الجزئية لا كلّها.

وتكمن الغاية من الاقتباس في النصوص في تزيينها بالقرآن الكريم، الذي هو أسمى بلاغة لغوية في مختلف اللغات، وفي مختلف العصور، فإنّ «التعبير القرآنيّ تعبيرٌ فريدٌ في علوّه وسموّه، وأنّه أعلى كلام وأرفعه، وأنّه بهر العرب، فلم يستطيعوا مداناته والإتيان بمثله»^{^[13]}؛ ولذا فإنّ الاقتباس منه تفخيم لشأن النصّ الجديد بالإفادة من لغة القرآن الكريم.

وبناءً على ما تقدّم؛ تتّضح أهمّية الاقتباس، فهو شاهد على «السموّ بأساليب المقتبسين، ورفعة فنون قولهم؛ لأنّ المقتبس من القرآن الكريم الذي هو أعلى رتبة من البلاغة، والآخِذُ من أحاديث النبي الكريم [(صلى الله عليه واله) ] ـ وهو أفصح العرب ـ يزيد قدر ثمار قريحته، ويزيّنها بأجمل العبارات، وأبلغ الصياغات»^{^[14]}.

إنّ الاقتباس من القرآن الكريم يمنح النصّ جمالاً فنّياً، وبلاغة عالية؛ ويفتح الدلالات الموجودة في النصّ بالإفادة من دلالات اللفظ القرآني، فهو «يمنح النصّ الإبداعي بُعداً دلالياً لمساحةٍ أوسع، فهو استمدادٌ دلاليٌّ يرفد العملية الأدبية»^{^[15]}، وإنّ هذا البُعد الدلالي الواسع يتأتّى من خلال الدلالات القرآنية الموجودة في الآيات المباركة، فيرتقي النصّ إلى درجات فنية دلالية مكتسبة من القرآن الكريم.

ثمّ إنّ هذا الفنّ يؤكّد على أنّ المُنشئ متعمّق في النصّ القرآني بشكله وألفاظه وتراكيبه ودلالاته، ومن خلال هذا العمق الفكري في القرآن استطاع توظيف الألفاظ والآيات والدلالات القرآنية في تراكيب ودلالات جديدة في نصّه الإبداعي؛ ومن خلال هذا التبحّر في القرآن تكون ألفاظ القرآن الكريم هي الغالبة على أُسلوبه.

إنّ الاقتباس ـ إضافة إلى ما تقدّم ـ يوجّه النصّ الوجهة القرآنية التي يريدها الله تعالى، فيمنح النصّ قوّة أُسلوبية، ودلالةً قرآنية بلاغية منفتحة، تعطي النصّ أبعاداً أُخرى؛ ولمّا كانت نصوص الزيارات هي من جنس الدعاء، يقترب النصّ من الدلالة الإلهية التعبدية.

وبناءً على ما تقدّم؛ سنقوم بدراسة الاقتباس من القرآن الكريم في الزيارات في محورين رئيسين:

المحور الأوّل: الاقتباس القرآني المباشر

في هذا النوع من الاقتباس من الآيات المباركة في الزيارات المباركة يعمد الإمام الصادق(عليه السلام) إلى إدراج آية كاملة، أو جزء منها في نصّ الزيارة.

والهدف من هذا الأُسلوب من الاقتباس هو العودة بالنصّ إلى القرآن الكريم؛ ليكون القرآن هو الحاكم على النصّ بما له من قدسية ومكانة عقائدية ولغوية؛ فيكون هو النصّ الأساسي الذي يتعبّد به الزائر في مشهد من مشاهد الله تعالى على أرضه، فمن خلال المكان والزيارة المقروءة التي يُقتبس فيها من القرآن تتولّد الطاقة الدلالية للنصّ، وتمنحه آفاقاً جديدةً، يأخذ منها كلٌّ بحسبه، فيصير البناء القرآني شكلاً أدائياً شائعاً في عباراته^{^[16]}.

ومن هذا الاقتباس قوله(عليه السلام) : «وأشهد(أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ)^{^[17]}»^{^[18]}، فقد اقتبس الإمام(عليه السلام) الآية المباركة المؤكّدة لبيان شهادة الزائر الحقّة، فحين تكون الشهادة من القرآن تكتسب قيمة أكبر، وحين تكون الآية مؤكّدة بعدّة آليّات لغوية هي:(أنّ، ضمير الفصل، التعريف في الخبر) يكتسب النصّ قوّته الدلالية.

وفي بيان صفاته تعالى قال(عليه السلام) : «الحمد لله الذي لم(يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا)^{^[19]}»^{^[20]}، فقد نفى(عليه السلام) من خلال هذا الاقتباس كلّ ما يمكن أن يُنسَب له(عز وجل) ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً؛ ولذا كان مستحقّاً للحمد. وقد بيّن(عليه السلام) صفة الله تعالى من خلال الاسم الموصول(الذي)، فأراد أن يبيّن أنّ هذا الأمر معروفٌ عند الزائر، وهو يريد أن يحمده تعالى بما يعرفه منه، ويستيقن به، ويؤكّد هذا اليقين وروده في القرآن الكريم.

وفي مقام تأكيد الوعد الإلهي الذي هو حتمي الوقوع قال(عليه السلام) : «أَبْشِروا بِمَوْعِدِ الله الَّذي لا خُلْفَ لَه (إِنَّهُ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)^{^[21]}»^{^[22]}، فمن خلال الاقتباس حصل النصّ على دلالة واسعة هي أنّ هذا الوعد صادرٌ من الله تعالى في وقت معلوم؛ إذ ذَكَرَه في القرآن الكريم.

ولمّا كان الوعد الإلهي متحقّقاً لا ريب فيه، فإنّ الزائر ينتظره، ويعدّ له العدّة، قال(عليه السلام) : «وَنُصْرَتي لَكَ مُعَدَّةٌ (حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)^{^[23]} لِدينِهِ وَيَبْعَثَكُمْ»^{^[24]}، فوظّف(عليه السلام) الآية المباركة ضمن الزيارة ليزيد إيمان الزائر بالوعد الإلهي الذي يحكم الله تعالى به.

ومن ضمن الإيمان بالوعد الإلهي هو الإيمان بالبعث والنشر والحساب، قال(عليه السلام) : «وَأَنَّكَ باعِثُ مَنْ في الْقُبورِ، وَأَنَّكَ (جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ)^{^[25]}»^{^[26]}، فاقتبس(عليه السلام) من الآية المباركة ما يعضّد به نصّ الزيارة قوّةً ودلالةً.

وفي بداية بعض الزيارات يبدأ الزائر بآية مباركة وردت في القرآن الكريم على لسان الخالدين الذين نزع الله تعالى ما في صدورهم من غلٍّ؛ قال(عليه السلام) : «(الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ) ^{^[27]}»^{^[28]}، كأنّ الزائر حين يستفتح زيارته بهذه الآية المباركة يريد أن يكون من الخالدين في الجنّة، ويريد أن ينزع الغلّ من صدره، ويطهّر نفسه من كلّ آفة وعاهة، فيكون زكيّ النفس، طاهر السريرة، وحينئذٍ يكون مهيّأً لتلقّي ما في الزيارة من معارف، ويستعدّ نفسياً لقبولها والعمل بها.

وفي بيان قدرة الله تعالى على كلّ شيء يقتبس الإمام الصادق(عليه السلام) آية مباركة في سبعة موارد من الزيارات، وهي قوله تعالى:(إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)^{^[29]}، وهذه الموارد هي:

«وَحَبِّبْ إِلَيَّ شَهادَتَهُمْ وَمَشاهِدَهُمْ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ،(إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)»^{^[30]}.

«اللَّهُمَّ، الْعَنِ الْجِبْتَ وَالطّاغوتَ وَالْفَراعِنَةَ(إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)»^{^[31]}.

«حَتّى تورِدَني مَوارِدَهُمْ، وَتُصْدِرَني مَصادِرَهُمْ،(إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)»^{^[32]}.

«وَإِنْ كُنْتَ عَلَيَّ ساخِطاً فَتُبْ عَلَيَّ،(إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)»^{^[33]}.

«اللَّهُمَّ، ابْعَثْهُ مَقاماً مَحْموداً،(إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)»^{^[34]}.

«وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً،(إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)»^{^[35]}.

«اللَّهُمَّ، اجْعَلْهُ لي شاهِداً يَوْمَ حاجَتي وَفَقْري وَفاقَتي إِلَيْكَ يا رَبَّ الْعالَمينَ،(إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)»^{^[36]}.

فالإمام(عليه السلام) اقتبس الآية المباركة في هذه الموارد كلّها، لبيان قدرة الله تعالى في الأحوال كلّها.

وفيما يخصُّ المزور(الإمام الحسين(عليه السلام) ) فقد كان(عليه السلام) يورد بعض صفاته من خلال القرآن الكريم؛ لكي يُثبت هذه الصفات، ولكي يربط المزور بالقرآن الكريم، وربطه بالقرآن يعني ربطه بالخطّ الإلهي الذي لا ريب فيه، قال(عليه السلام) : «وَدَعَوْتَ (إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) ^{^[37]}»^{^[38]}، فبيّن أخلاقية الدعوة القرآنية الموجودة في المزور.

وفي وصف أنصار الإمام الحسين(عليه السلام) ، قال الإمام الصادق(عليه السلام) : «السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أَهْلَ الْقُبورِ مِنْ أَهْلِ دِيارِ الْمؤْمِنينَ، السَّلامُ (عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)^{^[39]} »^{^[40]}، فقد سلّم عليهم بسلام الملائكة على المؤمنين؛ ليُثبت لهم مقاماً عالياً كبيراً.

وفي نصٍّ ثانٍ بيّن(عليه السلام) موقعهم في الجنان بقوله: «أَسْأَلُ اللهَ أنْ يُرِيَنيكُمْ عَلى الْحوْضِ وَفي الْجِنانِ مَعَ الأَنْبِياءِ وَالْمرْسَلينَ (وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا)^{^[41]}»^{^[42]}، فقد منحهم(عليه السلام) بهذا الاقتباس منزلة الذين أنعم الله تعالى عليهم نفسها.

وفيما يريد أن يحصل عليه الزائر قال(عليه السلام) : «آمَنّا بِالله وَبِالرَّسولِ، وَبِما جِئْتَ بِهِ، وَدَلَلْتَ عَلَيْهِ،(وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)^{^[43]}»^{^[44]}، فاقتبس(عليه السلام) الآية المباركة التي جاءت على لسان الحواريّين للدلالة على الانتساب إلى هذا الخطّ المبارك، ولبيان أنّ الزائر يسير على هدى هذه الثُلّة المؤمنة(أنصار الله).

ويلجأ المنشئ (عليه السلام) إلى آية الاسترجاع: (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)^{^[45]}؛ وذلك في مواقف معيّنة، وهذه الآية ترد في الأماكن الّتي تحلّ بها مصيبة كبيرة، فيُلجأ فيها إلى الله تعالى لجوءاً كاملاً، وذلك لما تشتمل عليه من التأكيد بـ(إنّ) ولمرّتين؛ وقد عمد إليها الإمام الصادق (عليه السلام) لبيان عظم الفجيعة، التي ينبغي للزائر أن يرجع إلى الله تعالى فيها، ويستلهم منه الصبر على ذلك، مضافاً إلى أنّه(عليه السلام) أراد أن يُعبّر عن الأُسلوب الصحيح للتعامل مع المصيبة؛ ولأجل جميع ذلك قال(عليه السلام) : «السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ الله،(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)»^{^[46]}.

وفي زيارة ثانية يذكر(عليه السلام) أنّ الزائر لا بدّ أن ينكبّ على القبر، ويردّد هذه الآية^{^[47]}، وفي نهاية إحدى الزيارات المباركة ينهيها (عليه السلام) بقوله: «(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِالله الْعَلِيِّ الْعَظيمِ»^{^[48]}، فبيّنت هذه الآية عِظم المصاب، وهول الفجيعة، بما لا يستطيع معه الإنسان أن يفعل شيئاً إلّا الرجوع الكامل إلى الله تعالى؛ ليستلهم منه القوّة الإيمانية.

وفي مقام الرحمة للوالدين يلجأ الإمام الصادق (عليه السلام) إلى الدعاء القرآني للوالدين، قائلاً: «اللَّهُمَّ، اغْفِرْ لي وَلِوالِدي، (وَارْحَمْهُما كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)^{^[49]}»^{^[50]}؛ فإنّ الدعاء القرآني له خاصيّة مميّزة، وقد يكون ضمان الإجابة معه أكثر.

أمّا في مقام بيان ما يخصّ الظالمين فقد قال (عليه السلام) : «وَاحْشُرْهُما وَأَشْياعَهُما وَأَتْباعَهُما (يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا)^{^[51]} »^{^[52]}، وقال(عليه السلام) في نصّ آخر: «الْحمْدُ للهِ الَّذي جَعَلَ النّارَ مَثْواهُمْ، وَبِئْسَ وِرْدُ الْوارِدينَ،(وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ)^{^[53]}»^{^[54]}، وقال (عليه السلام) في نصّ ثالث: «ويَوْمَ يَقولُ أَهْلُ الضَّلالَةِ: (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ)^{^[55]}»^{^[56]}.

إنّ اقتباس هذه الآيات المباركة في بيان وجوه العذاب للظالمين يدلّ على شدّة العذاب عليهم، فإنّ الصورة القرآنية شديدةٌ على الكافرين، تزيد في الفظاعة عليهم؛ ولهذا وظّف الإمام الصادق(عليه السلام) النصّ القرآني المبارك في الزيارات.

المحور الثاني: الاقتباس غير المباشر

يكون هذا الاقتباس في الزيارات على نوعين:

النوع الأوّل: اقتباس التركيب القرآني

في هذا النوع يعمد الإمام الصادق(عليه السلام) إلى توظيف تركيب قرآني يقتبسه في الزيارة؛ ليفيد منه في دلالتها، ولا يقتبس(عليه السلام) النصّ نفسه، بل يغيّر فيه تغييرات بسيطة بما يتلاءم مع السياق الموجود، ولكنّه يبقى محافظاً على الفكرة القرآنية الموجودة في النصّ المقتبس.

وبالنتيجة يتداخل التركيب القرآني غير المباشر في الزيارة، ويمنحها طاقةً دلاليةً كامنةً لإنتاج دلالةٍ ما، ولكلّ متلقٍّ مستوى في مقدار استخراج هذه الدلالة، والإفادة منها، فهذا الأُسلوب هو من أوجه إظهار طاقة النصّ^{^[57]}.

هذا، وإنّ التراكيب القرآنية التي وظّفها الإمام(عليه السلام) في الزيارات على صنفين: تراكيب تامّة، وتراكيب ناقصة(لا تُشكّل جملاً تامّة المعنى).

الصنف الأوّل: اقتباس التركيب القرآني التامّ

ومن هذا الصنف قوله(عليه السلام) في ذكر الله تعالى: «وَالْحمْدُ للهِ كثيراً، وَسُبْحانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصيلاً»^{^[58]}، وقد اقتبسها من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)^{^[59]}؛ وغاية هذا الاقتباس هي جعل الزائر من المؤمنين به تعالى، فالخطاب موجّه لهم، وهذا الذكر الكثير في الأوقات كلّها ممّا يُشعر الإنسان بكون الله تعالى قريباً منه، فلا يخاف شيئاً في الوجود بعد ذلك.

ومنه قوله(عليه السلام) في الانقطاع إلى الله تعالى: «إِنّا إِلَيْكَ راغِبونَ»^{^[60]}؛ وهو مستمدٌّ من آيتين مباركتين، هما: قوله تعالى: (إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ)^{^[61]}، وقوله: (إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ)^{^[62]}، وهو بهذا الاقتباس منح نصّ الزيارة دلالة مفادها ضرورة اللجوء إلى الله تعالى ضمن الجماعة المؤمنة، وأكّد ذلك عن طريق أداة التوكيد(إنّ)، وعن طريق «تقديم المجرور لإفادة القصر، أي: إلى الله راغبون لا إلى غيره»^{^[63]}.

أمّا فيما يخصّ المزور، فقد قال(عليه السلام) في الزيارة: «اللَّهُمَّ، ابْعَثْهُ مَقاماً مَحْموداً»^{^[64]}، وقد اقتبس هذا المعنى من قوله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا)^{^[65]}، والزيارة بربطها مع الآية المباركة المقتبس منها صارت لها دلالة على أنّ المزور كان ممّن لا يترك نافلة الليل، وهو(عليه السلام) ممّن ينالون هذا المقام المحمود ببركة وفضل من الله تعالى عليهم، وهذا المقام هو مقام الشفاعة^{^[66]}؛ إذ إنّ المزور يصل إلى درجة عالية يوم القيامة يشفع فيها للمؤمنين، وهذه الشفاعة قد تكون لزائريه أيضاً، فهم قد زاروه لأجل أن يتقرّبوا إلى الله تعالى بزيارته وحبّه، وإعلان الولاء له، والبراءة من عدوّه.

ومن موارد الاقتباس الأُخرى في هذا الصدد قوله(عليه السلام) : «أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ الله(عز وجل) مَا أُمِرْتَ بِه، ولَمْ تَخْشَ أَحَداً غَيْرَهُ»^{^[67]}، فإنّه اقتباس من قوله تعالى: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا)^{^[68]}، وقد دلّ هذا على أنّ المزور حمل الصفة القرآنية التي وصف الله تعالى بها أنبياءه ورسله في كتابه.

ومنها أيضاً قوله(عليه السلام) : «وَتَلَوْتَ الكِتابَ حَقَّ تِلاوَتِهِ»^{^[69]}، فهو اقتباس من قوله تعالى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ)^{^[70]}، فالإمام الحسين(عليه السلام) بتلاوته الكتاب حقّ تلاوته كان من المؤمنين به حقّاً بدلالة تكملة الآية؛ إذ إنّ مَن يتلوه حقّ تلاوته هو المؤمن الحقيقي به، الحامل له عن وعي وبصيرة وهدى، وقد حصرت الآية المباركة التالين له حقّ تلاوته بالمؤمنين، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ هؤلاء ليسوا هم الذين يقرؤونه فقط، بل هم القارئون لحروفه، المطبّقون لأحكامه، قال ابن مسعود: «والّذي نفسي بيده إنَّ حقَّ تلاوته أن يحلّ حلاله، ويحرّم حرامه، ويقرأه كما أنزله الله، ولا يحرّف الكلم عن مواضعه، ولا يتأوّل منه شيئاً على غير تأويله»^{^[71]}.

وهذا المفهوم مأخوذ من الجذر اللغوي لمفردة(التلاوة)، قال ابن فارس(ت395هـ): «التّاء واللام والواو أصلٌ واحدٌ، وهو الاتّباع»^{^[72]}، وبهذا دلّ على أنّ المزور(عليه السلام) هو من المتّبعين اتّباعاً كاملاً لمنهج القرآن الكريم، ولم يحد عنه قيد أنملة، وهذا هو تذكير وتنبيه للزائر على أن يسير على خطّ المزور، وأن يهتدي بهداه، وأن يتحوّل بعد زيارته إلى أفضل ممّا كان عليه قبل الزيارة، ومع كلّ زيارة يزداد هدىً، وبصيرةً، واقتداءً بنهج المزور.

ومنها كذلك قوله(عليه السلام) : «صَلّى اللهُ عَلَيْكَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِكَ وَعِتْرَةِ آبائِكَ الأَخْيارِ الأَبْرارِ، الَّذينَ أَذْهَبَ اللهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهيراً»^{^[73]}؛ فهو اقتباس من قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)^{^[74]}، وقد أكّد(عليه السلام) الطهارة الإلهية لهم من خلال اقتباس هذا التركيب القرآني، وتغيير بعض ألفاظه بما يتناسب مع النصّ.

وأمّا في مقام التّأكيد على حياتهم المباركة بعد شهادتهم فقد جاء في الزيارة: «وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَمَنْ قُتِلَ مَعَكَ شُهداءُ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّكَ تُرْزَقونَ»^{^[75]}، وهو توظيفٌ للآية المباركة: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)^{^[76]}، ودلّ هذا الاقتباس على أنّهم ممّن قُتلوا في سبيل الله، وضمنوا الحياة الدائمة، والرزق الوافر عند الله تعالى؛ إذ يُغمرون برحمته الواسعة وفيضه المتواصل.

وبشأن السلام على المزور في كلّ أوقات حياته المباركة، قال(عليه السلام) : «السَّلامُ عَلَيْكَ يَوْمَ وُلِدْتَ، وَيَوْمَ تَموتُ، وَيَوْمَ تُبْعَثُ حَيّاً»^{^[77]}، وقد اقتبسها من قوله تعالى على لسان عيسى(عليه السلام) : (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا)^{^[78]}، وهذا الاقتباس يعكس أنّ الرسالات السماوية كلّها واحدة حتّى في ألفاظها، فعيسى المسيح(عليه السلام) يردّد هذه الكلمات، وجعفر بن محمد الصادق(عليهما السلام) يردّدها بحقّ جدّه؛ وهو السلام الإلهي نفسه.

وممّا جاء في وصف المزور(عليه السلام) ـ مضافاً إلى ما تقدّم ـ قول الإمام الصادق(عليه السلام) : «أَشْهَدُ أَنَّكَ أَمَرْتَ بِالْقِسْطِ»^{^[79]}، حيث أثبت(عليه السلام) أنّ جدّه الحسين(عليه السلام) من الآمرين بالقسط، وبقتله ومَن معه على يد الظالمين انطبقت عليهم إحدى الآيات المباركة، وقد اقتبس منها المنشئ هذه الصفة، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُولَـئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ)^{^[80]}.

إنّ هذا الاقتباس مع توظيف السياق القرآني الوارد فيه يدلّ على شكل عذاب مَن يقتل الآمرين بالقسط، فالآية جمعتهم في حكم واحدٍ مع الكافرين بآيات الله تعالى، ثمّ جعلت مصيرهم العذاب الأليم؛ لأنّهم حبطت أعمالهم في الدّنيا والآخرة؛ والنتيجة نفسها يصل إليها بالنسبة إلى مَن قام بقتل الإمام الحسين(عليه السلام) ، وكذلك كلّ مَن سار على نهج قاتله في قتل الآمرين بالقسط.

ومن دعاء الزائر لنفسه ولـمَن معه من المؤمنين، ورد في الزيارة: «اللَّهُمَّ، اجْعَلْنا مِمَّنْ يَتَّبِعُ النّورَ الَّذي أُنْزِلَ مَعَهُمْ»^{^[81]}، وهو اقتباس من قوله تعالى: (فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)^{^[82]}، فاتّباع النور النازل مع الإمام(عليه السلام) يؤدّي إلى الفلاح، وهذا ما يُريده الزائر، وهو أن يكون من المفلحين، وهذا الفلاح يكبر حين يكون متّبعاً للنور الإلهي المتمثّل في المزور.

ومن هذا الباب ما ورد في لعن الذين يبدّلون نعمة الله تعالى، قال(عليه السلام) : «اللَّهُمَّ، الْعَنِ الَّذينَ بَدَّلوا نِعْمَتَكَ»^{^[83]}، وقد أفاده من الآية المباركة: (وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)^{^[84]}، فقد اقتبس هذا التركيب لكي يُثبت اللعن أكثر، فإنّ تكملة الآية المباركة أثبتت شدّة عقاب الله تعالى لـمَن يبدّل نعمته(عز وجل) بعد أن يعرفها.

وأمّا بشأن ماهية هذه النعمة فقد قال الزمخشري(ت538هـ): «و(نِعْمَةَ الله)آياته، وهي أجلُّ نعمة من الله؛ لأنّها أسباب الهدى والنجاة من الضلالة، وتبديلهم إيّاها: أنَّ الله أظهرها لتكون أسباب هُداهم، فجعلوها أسباب ضلالتهم»^{^[85]}؛ ومن المعلوم أنّه ليس هناك نعمة أكبر من المزور وأهل بيته الأطهار(عليهم السلام) ، الذين جاء الله تعالى بهم هدايةً لبني الإنسان، ورحمةً بهم، ومع هذه النعمة والمنّة الإلهية لبني الإنسان هناك مَن كفر بها ، وقتل الإمامَ الحسين(عليه السلام) وأهل بيته وصحبه، فاستحقّ اللّعن، واستحقّ العقاب الشديد.

الصنف الثاني: اقتباس التركيب القرآني الناقص

وممّا ورد في الزيارات من هذا الصنف قوله(عليه السلام) في صفة النبي(صلى الله عليه واله) : «مَلْعونونَ عَلى لِسانِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ»^{^[86]}، فإنّه اقتبس التركيب الوصفي النبي الأُمّي من قوله تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ) ^{^[87]}؛ وذلك لربط الزائر بالوصف القرآني للنبي(صلى الله عليه واله) الذي يعني أُممية النبي(صلى الله عليه واله) ، وليس اختصاصه بالإسلام فقط، بل هو في التوراة والإنجيل، وهذا اللعن الصادر على لسانه يصدر عنه وهو نبيٌّ من الله تعالى، منصوص عليه في القرآن والتوراة والإنجيل، وليس مختصّاً بطائفة معيّنة، فهو نبيٌّ في كلّ الأُمم، وهذا يدلّ على توسيع دائرة اللعن بسعة رسالة الله تعالى على وجه الأرض، وليس اختصاصها بجهة واحدة.

ومنها أيضاً قوله(عليه السلام) في وصف المزور: «لَمْ تَأْخُذْكَ في الله لَوْمَةُ لائِمٍ»^{^[88]}، فهو(عليه السلام) قد اقتبس التركيب(لومة لائم) من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ)^{^[89]}؛ وقد وظّفه لبيان وصف المزور(عليه السلام) بما يتناسب مع السياق القرآني الذي ورد فيه الحديث عمّن يتّصف بهذه الصفة، فبالمطابقة بينهما تتبيّن صفة المزور، وهي أنّ الله تعالى يُحبّه، وهو يُحبّ الله تعالى، ذليل على المؤمنين، عزيزٌ على الكافرين، مجاهدٌ في سبيل الله، ولا يخاف لوم أحد.

ومنها كذلك قوله(عليه السلام) في زيارة الشهداء من أهل بيت الإمام الحسين(عليه السلام) وصحبه: «وَرَضوا بِالْمقامِ في دار السَّلامِ»^{^[90]}، فإنّ تركيب(دار السلام) قد اقتبسه(عليه السلام) من قوله تعالى: (وَهَـذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ * لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)^{^[91]}، وقد أكّد(عليه السلام) من خلال توظيفه لهذا التركيب على الوصف القرآني للجنّة بأنّها(دار السلام) التي يحصل عليها المذّكّرون الذين ساروا على صراط الله المستقيم، وأنّ الشهداء المشار إليهم هم السائرون على صراط الله تعالى، المذّكّرون، المؤمنون بحقيقة الربوبية.

النوع الثاني: اقتباس اللفظ القرآني

يعمد الإمام الصادق(عليه السلام) في هذا النوع من الاقتباس إلى المفردة القرآنية، ويوظّفها في الزيارة؛ ليعطي النصّ دلالةً أقوى، وذلك بالإفادة من سياق الآية المباركة، ومن دلالة المفردة فيها.

ومن استعمال المفردة القرآنية في الزيارات قوله(عليه السلام) في وصفه لله تعالى: «خالِقِ الْخلْقِ، فَلَمْ يَعْزُبْ عَنْهُ شَيْءٌ»^{^[92]}، فقد استعمل الفعل(يعزب) الوارد في القرآن الكريم في موردين، هما: قوله تعالى: (وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)^{^[93]}، وقوله: (لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)^{^[94]}؛ إنّ الجذر اللغوي(عزب): «يدلُّ على تباعد وتنحٍّ... وكلّ شيءٍ يفوتك حتّى لا تقدر عليه فقد عزب عنك»^{^[95]}؛ وبناءً على هذا فما نفهمه من الآيتين الشريفتين هو أنّ هناك أمر بعيد لا يكاد يُعرف ويُعلم لبُعده، إلّا أنّه لم يفت الله(عز وجل) وذلك لقدرته على الإحاطة بالخفايا مهما صغرت؛ وبتوظيف الإمام(عليه السلام) لهذه المفردة أعطى النصّ هذا المعنى القرآني الذي يوقف الزائر على مقدار الرقابة الإلهية له، فيعمد إلى تصحيح فعله.

ومن هذا الباب أيضاً وصفه(عليه السلام) للمزور عند السلام عليه بأنّه وارث لبعض الأنبياء(عليهم السلام) الذين يملكون صفات مميّزة، قائلاً: «السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ إِبْراهيمَ خَليلِ الله، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ موسى كَليمِ الله، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ عيسى روحِ الله»^{^[96]}، فقد أورد صفات الأنبياء كما هي في القرآن الكريم، ففي وصف إبراهيم(عليه السلام) بخليل الله قال تعالى: (وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً)^{^[97]}، وفي وصف موسى(عليه السلام) بكليم الله قال(عز وجل) : (وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)^{^[98]}، وفي وصف عيسى(عليه السلام) بروح الله قال سبحانه: (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ) ^{^[99]}.

إنّ هذه الأوصاف الواردة في الزيارة تُعطي النصّ قوّةً ودلالةً على الثبوت، وذلك حين يرتبط الزائر بالمزور ارتباطاً مبدئياً متصلاً بخطّ الرسالات الإلهية، مارّاً بالأنبياء عن طريق صفاتهم الإلهية المذكورة في القرآن الكريم، وهذا له دلالةٌ كبرى على أحقّية المزور بالزيارة؛ لأنّه الامتداد الطبيعي الرسالي، والوارث الحقيقي لخطّ الدعوة إلى الله تعالى.

ومنه كذلك قوله(عليه السلام) : «وَأَشْهَدُ أَنَّ دَعْوَتَكَ حَقٌّ، وَكُلَّ داعٍ مَنْصوبٍ غَيْرَكَ فَهُوَ باطِلٌ مَدْحوضٌ»^{^[100]}، فوصفُ الباطل بـ(المدحوض) هو اقتباس من قوله تعالى: (وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ) ^{^[101]}، وقوله تعالى: (وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ) ^{^[102]}، إنّ الدَّحض يعني: الزَّلق^{^[103]}، وقد وُصِفَ الباطلُ بهذا الوصف لأنّه لا يثبت بوجه الحقّ في أيّ درجة، بل هو زَلِقٌ يهوي بصاحبه بسرعة، «بحيث يكون منتهياً إلى الزوال، كالحجّة المنتهية إلى البطلان»^{^[104]}، وبهذا الوصف تكون الدعوة التي سار عليها الإمام الحسين(عليه السلام) في حياته كلّها لحين استشهاده هي دعوة حقّة لا تقف بوجهها شبهة، وإن حاولت شبهة أن تقف بوجهها فهي من الضعف بمكان، حتّى كأنّها زَلِقَةٌ لا ثباتَ لها.

ومن استعمال الألفاظ القرآنية ـ في المقام ـ قوله(عليه السلام) في وصف المحاربين للإمام الحسين(عليه السلام) : «وَقَدْ أَمْهَلْتَ الَّذينَ اجْتَرَؤوا عَلَيْكَ وَعَلى رَسولِكَ وَحَبيبِكَ، فَأَسْكَنْتَهُمْ أَرْضَكَ، وَغَذَوْتَهُمْ بِنِعْمَتِكَ، إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغوهُ، وَوَقْتٍ هُمْ صائِرونَ إِلَيْهِ، لِيَسْتَكْمِلوا الْعَمَلَ الَّذي قَدَّرْتَ، وَالأَجَلَ الَّذي أَجَّلْتَ، لِتُخَلِّدَهُمْ في مَحَطٍّ وَوِثاقٍ، وَنارٍ وَحَميمٍ وَغَسّاقٍ، وَالضّـَريعِ وَالإِحْراقِ، وَالأَغْلالِ وَالأَوْثاقِ، وَغِسْلينَ وَزَقّومٍ وَصَديدٍ، مَعَ طولِ الْمقامِ في أَيّامِ لَظى، وَفي سَقَرٍ، الَّتي لا تُبْقي وَلا تَذَرُ، وَفي الْحميمِ وَالْجحيمِ»^{^[105]}، فإنّ هذه الصفات التي وصف بها ما يحصل عليه المجرمون كلّها مأخوذة من القرآن الكريم.

قال تعالى في صفات المجرمين في آيات مختلفة: 24(فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ)^{^[106]}،(هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ)^{^[107]}،(لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ)^{^[108]}،(وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا) ^{^[109]}،(وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ)^{^[110]}،(لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ)^{^[111]}،(مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ)^{^[112]}،(كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى)^{^[113]}،(سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ)^{^[114]}.

إنّ الإمام الصادق(عليه السلام) وظّف هذه المفردات القرآنية في الزيارة، وبيّن ما سيُصيب المتجرّئين على الله تعالى وعلى رسوله(صلى الله عليه واله) وعلى أهل بيت رسوله(عليهم السلام) من عذاب أليم، ومجيء جميع الصفات المتقدّمة في سياق واحد يزيد في فظاعة العذاب على هؤلاء المجرمين.

وبناءً على ما تقدّم؛ فإنّ الاستعانة بالمفردة القرآنية أدّى إلى توسيع دائرة الضوء الدلالي^{^[115]} في الزيارات؛ إذ إنّها قد اكتسبت الدلالة الواسعة العميقة من خلال السياق القرآني، علاوة على السياق الخاصّ بكلّ واحدة منها.

ومن خلال النظر إلى جميع موارد الاقتباس المتقدّمة وغيرها من نصوص الزيارات والمرويّات الأُخرى للأئمّة الطاهرين(عليهم السلام) ، يتّضح مدى تعمّقهم في القرآن الكريم، حتّى غدا من ضمن كلامهم؛ ويتّضح أيضاً وحدة منهجهم في ذلك، سواء أكانوا زائرين أم مزورين، فهم السائرون على نهج القرآن الكريم، ولن يحيدوا عنه بمقدار أنملة، وإن أدّى ذلك إلى ما أدّى.

نسأل الله تعالى أن نكون من السائرين على نهج القرآن الكريم وعِدله(أهل البيت(عليهم السلام) )، وأن نكون ممّن يعي القرآن وعي رسالة إلهية يُراد منها التطبيق على المعمورة لإصلاحها والنهوض بها.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1. الاقتباس من القرآن الكريم في الشعر العربي، عبد الهادي الفكيكي، دار النمير للنشر والتوزيع، دمشق ـ سورية، الطبعة الأُولى، 1996م.

2. الاقتباس والتضمين في نهج البلاغة، كاظم عبد فريح المولى الموسوي.

3. أنوار الربيع في أنواع البديع، علي صدر الدين بن معصوم المدني(ت1120هـ)، حقّقه وترجم لشعرائه: شاكر هادي شكر، مطبعة النعمان، النجف الأشرف ـ العراق، الطبعة الأُولى، 1388هـ/1968م.

4. الإيضاح في علوم البلاغة، محمد بن عبد الرحمن المعروف بالخطيب القزويني(ت739هـ)، شرح وتعليق وتنقيح: محمد عبد المنعم الخفاجي، الشركة العالمية للكتاب، بيروت ـ لبنان، 1989م.

5. البلاغة والتطبيق، أحمد مطلوب، وكامل حسن البصير، مطابع بيروت الحديثة، الطبعة الثانية، 1431هـ/ 2010م.

6. التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن عاشور(ت1393هـ)، مؤسّسة التاريخ، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى.

7. التحقيق في كلمات القرآن الكريم، حسن المصطفوي، مركز نشر آثار العلامة المصطفوي، القاهرة ـ لندن، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثالثة، 1430هـ/2009م.

8. التعبير القرآني، فاضل صالح السامرائي، دار البشائر، الأُردن.

9. التعريفات، الشريف علي بن محمد الجرجاني الحنفي(ت816هـ)، ضبط نصوصه وعلّق عليه: محمد علي أبو العبّاس، دار الطلائع، القاهرة، الطبعة الأُولى، 2013م.

10. التفسير الكبير(مفاتيح الغيب)، محمد بن عمر الفخر الرازي(ت606هـ)، الطبعة الثالثة.

11. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، محمد بن جرير الطبري(ت310هـ)، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، هجر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة ـ مصر، 1422هـ/2001م.

12. شرح الكافية البديعية، صفي الدين الحلّي(ت752هـ)، قدّمه للشرح وحقّقه وعلّق عليه: رشيد عبد الرحمن العبيدي، مركز البحوث والدراسات الإسلامية، بغداد ـ العراق، الطبعة الأُولى، 1425هـ/2004م.

13. الكافي، محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي(ت329هـ)، تحقيق: قسم إحياء التراث، مركز بحوث دار الحديث، قم، الطبعة الثالثة، 1434هـ.

14. كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه القمّي(ت368 هـ)، تحقيق: جواد القيّومي، مؤسّسة نشر الفقاهة.

15. كتاب العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي(ت175هـ)، تحقيق: مهدي المخزومي، وإبراهيم السامرائي، دار الرشيد للنشر، بغداد، 1980م.

16. الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، محمود بن عمر الزمخشري(ت538هـ)، دار الكتاب العربي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثالثة، 1407هـ.

17. الكلّيات(معجم في المصطلحات والفروق اللغوية)، أيّوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي(ت1094هـ)، تحقيق: عدنان درويش، ومحمد المصري، منشورات ذوي القربى، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1433هـ.

18. المزار الكبير، محمد بن جعفر المشهدي(ت610هـ)، تحقيق: جواد القيومي الإصفهاني، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم، الطبعة الأُولى، 1419هـ.

19. مصباح المتهجّد، محمد بن الحسن الطوسي(ت460هـ)، مؤسّسة فقه الشيعة، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1411هـ/1991م.

20. معجم المصطلحات البلاغية وتطوّرها، أحمد مطلوب، مطبعة المجمع العلمي العراقي، 1403هـ/1983م.

21. المعجم المفصّل في اللغة والأدب، إميل بديع يعقوب، وميشال عاصي، نشر ناب مصطفوي، الطبعة الأُولى، 1432هـ.

22. معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس بن زكريّا(ت395هـ)، تحقيق وضبط: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، 1399هـ/1979م.

23. نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز، محمّد بن عمر بن الحسين الرازي المعروف بالفخر الرازي(ت606هـ)، تحقيق: نصر الله حاجي مفتي أوغلى، دار صادر، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1424هـ/2004م.

[1] فصّلت: آية42.

[2] ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج5، ص48.

[3] المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج9، ص199.

[4] اُنظر: مطلوب، أحمد، معجم المصطلحات البلاغية وتطوّرها: ج1، ص270. المولى الموسوي، كاظم عبد فريح، الاقتباس والتضمين في نهج البلاغة: ص14.

[5] الفخر الرازي، محمد بن عمر، نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز: ص173.

[6] اُنظر: الحلّي، صفي الدين، شرح الكافية البديعية: ص279. الجرجاني، علي بن محمد، التعريفات: ص40.

[7] القزويني، محمد بن عبد الرحمن، الإيضاح في علوم البلاغة: ص575.

[8] اُنظر: الكفوي، أيوب بن موسى، الكلّيات: ص129. المدني، علي صدر الدين، أنوار الربيع في أنواع البديع: ج2، ص217. الفكيكي، عبد الهادي، الاقتباس من القرآن الكريم في الشعر العربي: ص12.

[9] اُنظر: الفكيكي، عبد الهادي، الاقتباس من القرآن الكريم في الشعر العربي: ص13ـ14.

[10] اُنظر: مطلوب، أحمد، معجم المصطلحات البلاغية وتطوّرها: ج2، ص262ـ263. يعقوب، إميل بديع، وعاصي، ميشال، المعجم المفصّل في اللغة والأدب: ج1، ص426.

[11] اُنظر: المولى الموسوي، كاظم عبد فريح، الاقتباس والتضمين في نهج البلاغة: ص21ـ22.

[12] المصدر السابق: ص25.

[13] السامرائي، فاضل صالح، التعبير القرآني: ص9.

[14] مطلوب، أحمد، والبصير، حسن، البلاغة والتطبيق: ص443.

[15] المولى الموسوي، كاظم عبد فريح، الاقتباس والتضمين في نهج البلاغة: ص13.

[16] اُنظر: المولى الموسوي، كاظم عبد فريح، الاقتباس والتضمين في نهج البلاغة: ص31.

[17] النور: آية25.

[18] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج9، ص304.

[19] الفرقان: آية2.

[20] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص361.

[21] آل عمران: آية9. الرعد: آية31.

[22] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج9، ص305.

[23] يونس: آية109.

[24] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص388.

[25] آل عمران: آية9.

[26] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص400.

[27] الأعراف: آية43.

[28] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص400. الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص719. المشهدي، محمد بن جعفر، المزار الكبير: ص429.

[29] آل عمران: آية26. التحريم: آية8.

[30] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص406.

[31] المصدر السابق: ص408.

[32] المصدر السابق: ص410.

[33] المصدر السابق: ص424.

[34] المصدر السابق: ص439.

[35] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص718.

[36] المشهدي، محمد بن جعفر، المزار الكبير: ص428.

[37] النحل: آية125.

[38] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج9، ص304. ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص383، وص525.

[39] الرعد: آية24.

[40] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص420.

[41] النساء: آية69.

[42] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص422.

[43] آل عمران: آية53.

[44] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج9، ص306.

[45] البقرة: آية156.

[46] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص402.

[47] اُنظر: المشهدي، محمد بن جعفر، المزار الكبير: ص431.

[48] المصدر السابق: ص434.

[49] الإسراء: آية24.

[50] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص424.

[51] الإسراء: آية97.

[52] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص526.

[53] هود: آية98.

[54] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج9، ص313.

[55] الشعراء: آية100ـ101.

[56] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص412.

[57] اُنظر: المولى الموسوي، كاظم عبد فريح، الاقتباس والتضمين في نهج البلاغة: ص69.

[58] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص719.

[59] الأحزاب: آية41ـ42.

[60] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص718.

[61] التوبة: آية59.

[62] القلم: آية32.

[63] ابن عاشور، محمد الطاهر، تفسير التحرير والتنوير: ج10، ص127.

[64] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج9، ص306.

[65] الإسراء: آية79.

[66] اُنظر: الزمخشري، محمود بن عمر، الكشّاف: ج2، ص687. الفخر الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير (مفاتيح الغيب): ج21، ص31.

[67] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج9، ص302.

[68] الأحزاب: آية39.

[69] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج9، ص304.

[70] البقرة: آية121.

[71] الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان: ج1، ص520.

[72] ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج1، ص351.

[73] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج9، ص304.

[74] الأحزاب: آية33.

[75] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص383.

[76] آل عمران: آية169.

[77] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص391.

[78] مريم: آية33.

[79] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص360.

[80] آل عمران: آية21ـ22.

[81] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص405.

[82] الأعراف: آية157.

[83] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج9، ص303.

[84] البقرة: آية211.

[85] الزمخشري، محمود بن عمر، الكشّاف: ج1، ص254.

[86] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج9، ص303. ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص391، وص407. المشهدي، محمد بن جعفر، المزار الكبير: ص415.

[87] الأعراف: آية157.

[88] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص406.

[89] المائدة: آية54.

[90] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص421.

[91] الأنعام: آية126ـ127.

[92] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص386، وص398.

[93] يونس: آية61.

[94] سبأ: آية3.

[95] ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج4، ص310ـ311.

[96] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص375.

[97] النساء: آية125.

[98] النساء: آية164.

[99] النساء: آية171.

[100] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج9، ص304.

[101] الكهف: آية56.

[102] غافر: آية5.

[103] اُنظر: الفراهيدي، الخليل بن أحمد، كتاب العين: ج3، ص101.

[104] المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج3، ص198.

[105] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص418.

[106] الفجر: آية25ـ 26.

[107] ص: آية57.

[108] الغاشية: آية6.

[109] سبأ: آية33.

[110] الحاقّة: آية36.

[111] الواقعة: آية52.

[112] إبراهيم: آية16.

[113] المعارج: آية15ـ 16.

[114] المدّثر: آية26ـ 28.

[115] اُنظر: المولى الموسوي، كاظم عبد فريح، الاقتباس والتضمين في نهج البلاغة: ص36.

الاقتباس القرآني في زيارات الإمام الحسين(عليه السلام)