القائمة

مؤسسة وارث الانبياءمجلة الاصلاح الحسيني
إغلاق
مفهوم الفتح في ضوء الآيات القرآنية والخطاب الحسيني

مفهوم الفتح في ضوء الآيات القرآنية والخطاب الحسيني

د. الشيخ عمّار الجويبراوي - دكتوراه في العلوم الإسلامية، عضو اللجنة العلمية في موسوعة كلمات الإمام الحسين(عليه السلام) في مؤسّسة وراث الأنبياء

 

مقدّمة

يُعدّ الفتح الحسيني الذي تجلّى في عرصة كربلاء من أجلّ مظاهر العظمة والشموخ في التاريخ الإسلامي، وما زاده مرور الأيام وتقادم السنين إلّا أليقاً وعطاءً وعمقاً، ولقد غاص المؤرِّخون وسبروا أعماق الوقائع التاريخية فتمكّنوا من كشف أسرارها وإزالة إبهامها حتّى بان لهم وهنها وضآلتها، لكنّهم عجزوا عن كشف أسرار ذلك الفتح الذي تحقّق في كربلاء، وبقوا حيارى في تيه أفكارهم وتصوراتهم، وأنّى لهم الإحاطة بفتح ليس هو من سنخ ما يأنسون به، ويتحرّون عنه من فتوحات الدنيا وزخارفها، فلا هو حكومة تُنال ولا هو مغانم تُحاز، وإنّما هو حقيقة تستحقر دونها الدنيا بلذاتها الفانية وشهواتها غير الباقية.

لذا؛ نرى من الضروري عند الحديث عن النهضة الحسينية وما ترتّب عليها من ظفر وفتح مُدَوٍّ، أن لا يجري ذلك ضمن سياق باقي الفتوحات والثورات التي حدثت في التاريخ الإسلامي؛ لأنّ ذلك سوف يستلّها من معناها الحقيقي ويسلبها ثوبها الإصلاحي السرمدي، الذي تخطّى حدود الزمان والمكان، ويؤطّرها بإطار الزمن الفاني حالها في ذلك حال باقي الفتوحات التي دُرِسَتْ معالمها وتلاشت آثارها؛ وعندها سوف يقال: إنّ ثورة الحسين(عليه السلام) عبارة عن ثورة حدثت في تاريخ كذا وانتهت في تاريخ كذا.

ولأجل الوقوف على معالم ذلك الفتح وسبر أغواره، يتوجّب علينا غض الطرف عن فتوحات الدنيا ومغانمها، والتوجّه إلى نهضات الأنبياء وفتوحاتهم؛ إذ إنّ الفتح الحسيني يمثِّل امتداداً لتلك النهضات الإصلاحية التي تعطّلت فيها عجلة الزمان وتجاوزت حدود المكان، فبقيت نبراساً تهتدي به الأُمم عبر القرون والأجيال.

وهذا ليس رأياً شخصياً أو استظهاراً لنصّ، بل هو إعلان وبيان من الفاتح نفسه، فقد قال: «إنّي لم أخرج أشراً، ولا بطراً، ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنّما خرجت أطلب الإصلاح في أُمّة جدّي محمد(صلى الله عليه واله)، أُريد آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي...»[1]. فالإصلاح في الرسالة الخاتمة هو الأساس الذي يستند إليه الفتح الحسيني في تحقيق أهدافه وتطلعاته.

ومن هذا المنطلق جاء بحثنا ليسلِّط الضوء على أقرب المعاني لمفهوم الفتح في الفكر الحسيني في ضوء كتاب الإمام الحسين(عليه السلام) إلى بني هاشم، وذلك من خلال مناقشة معانيه المحتملة.

المبحث الأول: التعريف بمفردة الفتح

قبل الخوض في معنى الفتح في الفكر الحسنيي، نرى من المناسب أن نتطرّق إلى معناه في اللغة والاصطلاح القرآني؛ لأنّ ذلك أمر ضروري لاستبعاد الكثير من عوامل الاختلاف ومسبباته الناجمة عادةً عن الفهم المتباين لتلك الألفاظ والمصطلحات.

أولاً: الفتح لغةً

الفتح في اللغة أصل صحيح يدلّ على خلاف الإغلاق، يُقال في الماديات: فتحت الباب ـ وغيره ـ فتحاً، وباب مفتوح: خلاف المردود والمقفل، وفتحت القناة فتحاً فجّرتها ليجري الماء فيسقي الزرع، ثمّ يحمل على هذا المعنى ـ المادي ـ سائر المعاني المعنوية، فيُقال: فتح على فلان إذا أقبلت عليه الدنيا، وفتح الحاكم بين الناس فتحاً قضى فهو فاتح وفتّاح مبالغة، وفتح السلطان البلاد: غلب عليها وتملّكها قهراً، وفتح الله على نبيِّه نصره. والفتح أيضاً إزالة الإغلاق والإشكال، وفتح المستغلق من العلوم، نحو قولك: فلان فتح من العلم باباً مغلقاً، وفتح القضية فتحاً: فصّل الأمر فيها وأزال الإغلاق عنها[2].

ثانياً: الفتح  اصطلاحاً

الفتح في الاصطلاح القرآني يشتمل على معان عدّة، نذكر بعضاً منها:

1ـ الفتح المادي، منه قوله تعالى في حقِّ أصحاب النار: (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا)[3]، أي: فتحت أبواب النار ليدخل الكفار. ومثله قوله تعالى في حقِّ أصحاب الجنّة: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا)[4]، أي: فُتحت أبواب الجنة ليدخل المتّقون.

2ـ القضاء والحكم، منه قوله تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا)[5]، قال الشيخ الطبرسي: «أي: قضينا لك بالنصر»[6]، ومنه قوله تعالى: (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ)[7]، قال الشيخ الطوسي: «أي: يحكم، والفتح الحكم، والفتّاح الحاكم بالحقّ لا بالظلم»[8]. وقال الفيض الكاشاني: «يحكم ويفصل بأن يُدخل المحقِّين الجنّة والمبطلين النار»[9].

3ـ النصر، منه قوله تعالى: (إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ)[10] أي: «إن تستنصروا فقد جاءكم النصر»[11]، و«الاستفتاح: طلب النصر»[12]. ومنه قوله تعالى: (فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ الله)[13]، «أي: نصر وتأييد وظفر وغنيمة»[14].

وقد ورد معنى النصر أيضاً في خصوص فتح مكّة، ويدلّ عليه قوله تعالى:(فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) [15]، والمراد بـ (الفتح) هنا: فتح مكّة[16]. ومنه قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ)[17]، قال الطبري: «كان قتالان، أحدُهما أفْضلُ من الآخر، وكانت نفقتان إحداهما أفضل من الأُخرى، كانت النفقة والقتال من قبل الفَتحِ ـ فَتْحِ مَكّةَ ـ أفضل من النفقة والقتال بعد ذلك»[18].

إزالة الإغلاق والإشكال، والموانع التي تقف في طريق الرسالة الخاتمة، ويدلّ عليه قوله تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا)[19].

قال العلّامة المصطفوي في صدد تعليقه على الآية المتقدِّمة: المراد بالفتح هنا؛ «الفتح المطلق في مسير الرسالة وإجراء وظائف النبوّة وإبلاغ الأحكام الإلهية، برفع الموانع المادّية والمعنوية وكشف المغلقات وإزالةُ الأسداد، ثمّ التقوية والنصر. فالمغفرة وإتمام النعمة والهداية والنصر من لوازم الفتح وآثاره»[20].

فمن خلال التتبّع في مساقات لفظ الفتح في القرآن الكريم يتّضح بأنّه جاء على معنيين أساسيين: الأوّل؛ الفتح المادي، الذي يُعتبر الأصل لمعنى الفتح لغة، والثاني؛ الفتح المعنوي، وأكثر ما اقترن لفظ الفتح بالمعنى الأخير.

تجدر الإشارة إلى أنّ المعنى الأخير هو الذي يهمّنا في هذا البحث، والذي من خلاله يمكننا استجلاء معنى الفتح في الفكر الحسيني كما سيتّضح لاحقاً.

المبحث الثاني: محتملات مفهوم الفتح في خطاب الإمام الحسين(عليه السلام)

المحتمل الأوّل: النصر المادي

يتحقق النصر المادي بأنّ يغلب أحد طرفي الصراع على الطرف الآخر بقتل مجموعة وأَسر أُخرى، وحيازة مغانم، ومثاله ما حدث في غزوة بدر، فقد قتل المسلمون سبعين من المشركين وأسّروا مثلهم[21]، وحازوا غنائم كثيرة، وقد تحدّث القرآن الكريم عن هذا النصر: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ الله)[22]، وكذلك بيّن الكيفية التي تحقق بها هذا النصر: (...فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا)[23].
ويتوقف تحقق الأهداف في هذا النوع من الصراع على الغلبة الظاهرة.

وبهذا يظهر البُعد فيما ذهب إليه العلّامة المجلسي(رحمه الله) من أنّ المراد بالفتح عدم بلوغ ما يتمنّاه المرء من فتوح الدنيا والتمتّع بها[24]؛ إذ كيف يستقيم الحديث عن فتوح دنيوية ومغانم، والقائد قد ذُبِح وقُتِل أهلُ بيته وأصحابه وسُبيت عيالُه، هذا من جهة، ومن جهة أُخرى أنّ الحسين(عليه السلام) نفسه نفى هذا النوع من النصر في أكثر من مناسبة؛ منها قوله(عليه السلام) عند خروجه من المدينة: «أما بعدُ، فإنّ مَن لحق بي استُشهد»[25]، وقوله(عليه السلام) في حوار له مع أُمّ سلمة: «يا أمّاه والله، إنّي لمقتول، وإنّي لا أفرّ من القدر المقدور، والقضاء المحتوم، والأمر الواجب من الله تعالى»[26]، وقوله(عليه السلام): «وأيم الله، لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتّى يقضوا فيَّ حاجتهم، ووالله ليعتدُنَّ عليّ كما اعتدت اليهود في السبت»[27]، وقوله(عليه السلام): «والله، لا يدعوني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي»[28]، وقوله(عليه السلام): «أعلم علماً أنّ من هناك مصرعي، وهناك مصارع أصحابي، لا ينجو منهم إلّا ولدي علي(عليه السلام)»[29]، فالحسين(عليه السلام) كان واضحاً في هذا المعنى، فلم يتحدّث عن نصر ومغانم، وصارح أصحابه في أكثر من مناسبة أنّه مقتول لا محالة وأنّ كربلاء هي مثواه الأخير.

إذاً، فما هي العلاقة بين الفتح والنصر المادي؟

الجواب: إنّ الفتح أوسع مفهوماً من النصر المادي وإن أُطلق على النصر المادي في اللغة فتحاً، فالفتح كما قال البلخي: «يكون في القتال وبالصلح، وبإقامة الحجج»[30].

وقد خلط بعض الصحابة بين مفهوم الفتح والنصر المادي، فاعتقد أنّهما مترادفان وأنّه ما من فتح إلّا وهو مقرون بنصر مادي ومغانم؛ لذا نجد أنّهم تعجّبوا عندما عبّر القرآن الكريم عن صلح الحديبية بالفتح في قوله تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا)[31]، فقال عمر بن الخطاب: «أَفَتحٌ هو يا رسول الله؟ قال: نعم، والذي نفسي بيده، إنّه لفتح»[32].

فالفتح في المنظور القرآني يعني تحقق الأهداف المبتغاة بغض النظر عن تحقق النصـر والغلبة الظاهريين. قال الزهري: «ما كان في الإسلام فتح أعظم من صلح الحديبية؛ وذلك أنّ المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فتمكّن الإسلام في قلوبهم، وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير، وكثر بهم سواد الإسلام»[33]، وقال البراء بن عازب في السياق نفسه: «تعدّون أنتم الفتحَ فتح مكّة، وقد كان فتح مكّة فتحاً، ونحن نعدّ الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية»[34].

من خلال ما تقدّم يمكننا القول: إنّ مفهوم الفتح في الفكر الحسيني لا يعني النصر المادي والمغانم، بل هو أسمى غايةً وأرفع درجةً، ولا توجد نسبة للمفاضلة بينهما، وهذا ما أشار إليه زهير بن القين عندما تحدّث لأصحابه قائلاً: «مَن أحبّ منكم أن يتبعني وإلّا فإنّه آخر العهد، إنّي سأحدِّثكم حديثاً غزونا بلنجر[35]، ففتح الله علينا وأصبنا غنائم، فقال لنا سلمان الباهلي[36]: أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من المغانم؟ فقلنا: نعم. فقال لنا: إذا أدركتم شباب آل محمد فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معهم بما أصبتم من الغنائم»[37].

فزهير بن القين يُخبر عن فتح مُدَوٍّ يغيِّر مجرى التاريخ، ويكون أعظم من كلّ مغانم الدنيا وحطامها الفاني، وأنّ أبطال هذا الفتح هم شباب آل محمد وعلى رأسهم سيِّد شباب أهل الجنّة، مشيراً بذلك إلى الفتح الحسيني الذي سيتحقق في عرصة كربلاء.

المحتمل الثاني: الشهادة في سبيل الله

تُعدّ الشّهادة في سبيل الله من أنفس القربات وأبهظها ثمناً؛ إذ يقدِّم فيها المؤمن نفسه التي تُعتبر أثمن جوهرة تنطوي عليها جوانحه على الإطلاق، تقرّباً لمولاه، ودفاعاً عن دينه، وترسيخاً لمبادئه وقِيَمه. ومن هنا كان العوض الذي جعله الباري(جل وعلى) بإزائها عظيماً، فقد جعل ميراثها حياة أبدية لا صخب فيها ولا نصب، قال تعالى: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)[38].

والشهيد محفوف بإجلال الله تعالى وتشريفه في مقام الآخرة، فأيّ تشريف أعظم من أن يكون الإنسان قريناً لأحباء الله وأصفيائه الذين اصطفاهم وفضّلهم على عامّة خلقه، قال تعالى: (وَمَن يُطِعِ الله وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ  وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا)[39].

ثمّ إنّ الآية الكريمة جعلت من مرافقة الشهيد وصحبته، مكافأة لـمَن عمل بما أمره الله ورسوله، وانتهى عمّا نهاه الله عنه ورسوله، في إيماءة لطيفة إلى مقام الشهيد ومنزلته السامية[40].

قال السعدي: «... وإذا أردت أن تعرف مقدار الصفقة، فاُنظر إلى المشتري مَن هو؟ هو الله جلّ جلاله، وإلى العوض، وهو أكبر الأعواض وأجلّها، جنات النعيم، وإلى الثمن المبذول فيها، وهو النفس والمال، الذي هو أحبّ الأشياء للإنسان. وإلى مَن جرى على يديه عقد هذا التبايع، وهو أشرف الرسل، وبأيّ كتاب رقم، وهي كتب الله الكبار المنزلة على أفضل الخلق»[41].

وأمّا فيما يخصّ السنّة النبوية فإنّها لم تألُ جهداً ولم تدّخر وسعاً في بيان مقام الشهادة ومنزلتها، فقد وصفتها بأروع الأوصاف وأبلغها، نكتفي في المقام بحديث عن النبي(صلى الله عليه واله) حيث عبّر عنها بالبرّ الذي ما فوقه برّ عندما قال: «فوق كلّ ذي برٍّ برّ، حتّى يُقتل الرجل في سبيل الله، فإذا قُتل في سبيل الله فليس فوقه برّ»[42]. فالشهادة إذاً، درجة عظيمة لا يلقاها إلّا مَن حباه الله بوافر لطف، واختصّه بمزيد عناية.

إلّا أنّنا مع تسليمنا بما تقدّم من عظيم مقام الشهادة ومكانتها ومنزلة الشهيد ورفعتها، لا يمكننا أن نفسِّر مفهوم الفتح في كلام الإمام(عليه السلام) بالشهادة؛ وذلك لأمرين:

الأول: إنّ الشهادة في سبيل الله بما هي شهادة لا توصف بكونها نصراً أو فتحاً، وإنّما تعدّ سبباً من أسباب النصر والفتح، وواضح من كلام الإمام الحسين(عليه السلام) ـ حينما قال: «مَن لحق بي استُشهد، ومَن لم يلحق بي لم يدرك الفتح»[43] ـ أنّ الفتح مرتبة أعلى من الشهادة، ولا يتحقق إلّا بعد نيلها، وحينئذٍ تكون الشهادة سبباً وطريقاً لذلك الفتح، لا أنّها الفتح نفسه، كما سيتضح لاحقاً.

المحتمل الثالث: المراتب المعنوية وكشف الحجب

أشار القرآن الكريم إلى ثلاث مراتب معنوية يمكن للإنسان أن ينالها من خلال السير في طريق المجاهَدات والرياضات الشاقّة، والإعراض عن الدنيا الفانية وزخارفها غير الباقية، واقتلاع جذور الشهوات ومفارقة الرسوم والعادات، وتتمثّل تلك المراتب[44] بما يلي:

1ـ علم اليقين، وهو اعتقاد ثابت جازم مطابق للواقع[45]، ومثاله اليقين بوجود النار من مشاهدة الدخان. ويدلّ عليه قوله تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[46].

2ـ عين اليقين، وهو مشاهدة المطلوب ورؤيته بعين البصيرة والباطن، وهو أقوى في الوضوح والجلاء من المشاهدة بالبصر، وإلى هذه المرتبة أشار أمير المؤمنين(عليه السلام) حينما سُئل: هل رأيت ربّك حين عبدته؟ فقال: «ما كنت أعبد ربّاً لم أره»[47]، ومثاله اليقين بوجود النار عند رؤيتها عياناً. وقد أشار القرآن الكريم إلى تلك المرتبة في سياق الحديث عن جهنم:(ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ)[48].

3ـ حقّ اليقين، وهو أن تحصل وحدة معنوية وربط حقيقي بين العاقل والمعقول، فيرى العاقل ذاته رشحة من المعقول ومرتبطاً به غير منفك عنه، ويشاهد دائماً ببصيرته الباطنة فيضان الأنوار والآثار منه إليه، ومثاله اليقين بوجود النار بالدخول فيها من غير احتراق. ويدلّ عليها قوله تعالى: (وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ)[49]، وقوله تعالى:(وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ)[50].

وقد ضرب بعض العلماء لتلك المراتب الثلاثة مثالاً؛ فقال: «إذا قال لك مَن تجزم بصدقه: عندي عسل أريد أن أُطعمك منه. فصدقته، كان ذلك علم يقين، فإذا أحضره بين يديك صار ذلك عين اليقين، فإذا ذقته صار ذلك حقّ اليقين»[51].

وبناءً على ما تقدّم يتّضح أنّ الاحتمال الثالث لمفهوم الفتح يذهب إلى أنّ المراد به: نيل المراتب المعنوية ـ التي تقدّمت ـ وكشف الحجب، ونحن في المقام لا يوجد لدينا أدنى شكّ أو شبهة؛ بل نحن على يقين من أنّ أصحاب الحسين(عليه السلام) نالوا من مراتب الكمال أعلاها، وحازوا من درجات القرب أدناها، فقد أخبرهم إمامهم وسيّدهم بمنازلهم ومقاماتهم، فجعلوا ينظرون إلى مواضعهم ومنازلهم من الجنّة، وهو يخبرهم: بأنّ هذا منزلك يا فلان، وهذا قصرك يا فلان، وهذه درجتك يا فلان[52]، وعن الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «إنّهم كُشف لهم الغطاء حتّى رأوا منازلهم من الجنّة»[53].

ولسنا بصدد تقييم هؤلاء العظماء، وما عسانا أن نقول في أناس قال عنهم إمامهم الذي لا ينطق عن الهوى: «اللهمّ، إنّي لا أعرف أهل بيت أبرّ ولا أزكى ولا أطهر من أهل بيتي، ولا أصحاباً هم خير من أصحابي»[54]، فلا كلام لدينا من هذه الناحية، إنّما الكلام في تفسير مفهوم الفتح بتلك المقامات المعنوية والمراتب المعرفية؛ فقد ترد عليه أُمور عدّة:

الأول: إنّ المعنى اللغوي لا يساعد على ذلك اللون من التفسير.

الثاني: إنّ تفسير الفتح بالمقامات المعنوية والحالات الروحية؛ يستلزم اختزال ذلك الفتح العظيم الذي هو في حقيقته امتداد للفتح الذي تحقّق على يد النبي الأكرم(صلى الله عليه واله)، والذي من خلاله تداعت أركان الشرك والضلال، فانتقلت الأُمّة على أعتابه من الكفر إلى الإيمان ومن الضلال إلى الهدى.

الثالث: إنّ هذا التفسير لا يتلاءم مع شعار الإصلاح العظيم الذي رفعه الحسين(عليه السلام)، والذي سعى من خلاله إلى إجراء إصلاحات في المنظومة الرسالية التي اعتراها الكثير من الزيف والتزوير.

الرابع: لم يقل أحد: بأنّ هذه المقامات المعنوية هي من مختصّات أصحاب الحسين(عليه السلام)؛ لكي يتسنّى لنا أن نفسّر مفهوم الفتح بها، فباب السلوك والترقّي مفتوح للجميع على حدٍّ سواء، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ)[55]، وقال أمير المؤمنين(عليه السلام): «إلهي، كيف تطرد مسكيناً التجأ إليك من الذنوب هارباً... أم كيف تردّ ظمآناً ورد على حياضك شارباً، كلا، وحياضك مترعة في ضنك المحول، وبابك مفتوح للطلب والوغول»[56].

المبحث الثالث: المعنى الحقيقي للفتح (الإصلاح في الرسالة الخاتمة وإعادتها إلى سابق عهدها)

قبل الخوض في غمار المعنى الحقيقي للفتح في الفكر الحسيني والوقوف على ما يحمل في طياته من معان؛ يتحتّم علينا بيان مداليل بعض الألفاظ الواردة في كلام الإمام الحسين(عليه السلام)، «أما بعدُ، فإنّ مَن لحق بي استُشهد، ومَن لم يلحق بي لم يُدرك الفتح، والسلام»[57].

أوّلاً: الشهادة، عندما تحدّث الإمام الحسين(عليه السلام) عن الشهادة جاء بها بلفظ الماضي مع أنّها لم تتحقق بعد؛ ليدلّ على أنّ الشهادة متحققة الوقوع ولا يوجد أدنى شك في ذلك، وهذا أُسلوب بلاغي يُستعمل فيه الزمن الماضي للدلالة على المستقبل، وقد استُعمل هذا الأُسلوب كثيراً في القرآن، كما في قـوله تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا)[58].

فقد جاء الإخبار عن الفتح بلفظ الماضي مع أنّه لم يقع بعدُ؛ لأنّ المراد بالفتح هنا فتح مكّة، ونزول الآية حين رجع النبي(صلى الله عليه واله) من الحديبية قبل عام الفتح ـ فتح مكّة ـ وذلك «على عادة ربّ العزّة سبحانه في أخباره؛ لأنّها في تحققها وتيقّنها بمنزلة الكائنة الموجودة، وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علوّ شأن المخبِر ما لا يخفى»[59].

ومن هذا الأُسلوب أيضاً قوله تعالى: (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا)[60]، وقوله تعالى: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا)[61]، فإنّ دكّ الأرض وتزلزلها لا يكون إلّا يوم القيامة، وهو غيب مستقبل، والهدف من ذلك تنبيه العقول للتفكّر في هذا الأمر العظيم، والاستعداد له من خلال التزوّد بصالح الأعمال.

وقد استعمل الإمام الحسين(عليه السلام) هذا الأُسلوب لاستثارة النفوس وتهيئتها لتحمّل أعباء الشهادة بتوطين النفس على القتل.

ثانياً: الفتح، عندما تحدّث الإمام الحسين(عليه السلام) عن إدراك الفتح جاء به بلفظ المضارع المسبوق بأداة الشرط (مَنْ) الصارفة له من الحال إلى الاستقبال[62]؛ ليدلّ على أنّ الفتح مرتبة رفيعة تتحقق بعد نيل الشهادة، وما الشهادة إلّا طريق لذلك الفتح، وفي هذا الكلام دلالة واضحة على أنّ الفتح هدف والشهادة وسيلة لتحقيق ذلك الهدف.

ولكي يتّضح معنى الفتح أكثر لا بدّ أن نُشير إلى مسألة هامّة، وهي أنّ الأُمّة الإسلامية دخلت مرحلة حساسة وبالغة الخطورة في زمن بني أُميّة، أَلا وهي مرحلة احتضار إن لم نقل: إنها موت العقائد والمبادئ والقيم، «فلا خبر جاء ولا وحي نزل»[63] على حدّ تعبير يزيد، هذه المقولة قد ورثها الأحفاد عن الأجداد، فراحوا يتغنون بها ويتوسعون في مضامينها، فقد تلقّاها يزيد عن جدّه أبي سفيان القائل: «يا بني عبد مناف، تلقّفوها تلقُّف الكرة، فما هناك جنّة ولا نار» [64].

وقد تحدّث الإمام الحسين(عليه السلام) عن هذا المنعطف الخطير، وحذّر منه في أكثر من مناسبة، نذكر منها:

كتابه إلى رؤوس الأخماس بالبصرة والأشراف: «أما بعدُ، فإنّ الله اصطفى محمداً(صلى الله عليه واله) على خلقه، وأكرمه بنبوّته، واختاره لرسالته، ثمّ قبضه الله إليه وقد نصح لعباده، وبلغ ما أُرسل به(صلى الله عليه واله)، وكنّا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته وأحقّ الناس بمقامه في الناس، فاستأثر علينا قومنا بذلك، فرضينا وكرهنا الفرقة، وأحببنا العافية، ونحن نعلم أنّا أحقّ بذلك الحقّ المستحقّ علينا ممَّن تولاه، وقد أحسنوا وأصلحوا، وتحرّوا الحقّ، فرحمهم الله، وغفر لنا ولهم. وقد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب، وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيِّه(صلى الله عليه واله)، فإنّ السنّة قد أُميتت، وإنّ البدعة قد أُحييت، وإن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد، والسلام عليكم ورحمة الله»[65].

أحد بياناته(عليه السلام) في كربلاء ـ أمام جيش الحرّ بن يزيد الرياحي ـ: «أيّها الناس، إنّ رسول الله(صلى الله عليه واله) قال: مَنْ رأى سلطاناً جائراً مُستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مُخالفاً لسنّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يُغيِّر عليه بفعلٍ ولا قولٍ، كان حقّاً على الله أن يُدخله مُدخله، ألا وإنّ هؤلاء [يشيرُ إلى بني أُميّة وأتباعِهم] قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله، وحرّموا حلاله، وأنا أحقّ من غيري»[66].

فمن خلال البيانات المتقدمة، بيّن الإمام الحسين(عليه السلام) أنّ الموانع التي وضعها الأُمويون لصدّ الناس عن الدين الإسلامي والحول دون تحقيق الرسالة أهدافها في هداية الناس، تتمثّل في: إماتة السنّة، وإحياء البدعة، وإظهار الفساد، وتعطيل الحدود، والاستئثار بالفيء، وتحليل الحرام، وتحريم الحلال، وهي عين الموانع والحواجز التي حاربها النبي الأكرم(صلى الله عليه واله) في بداية الدعوة الإسلامية، وسعى إلى إزالتها طوال وجوده المبارك، إلى أن مكّنه الله(جل وعلى) من ذلك في غزوةٍ عبّر عنها القرآن الكريم (فتحاً) مع أنّه لم يحدث فيها قتال وإراقة دماء، أَلا وهي غزوة فتح مكّة التي تمثّل أُمّ فتوحاته(صلى الله عليه واله) في حياته، والنصر الباهر الذي انهدم به بنيان الشرك في جزيرة العرب وتداعت أركانه، والذي يمثِّل المصداق الأبرز لتلك الموانع والحواجز[67].

وبهذا يتّضح أنّ لمفهوم الفتح في المنظور القرآني معنى يتّسع ليشمل رفع الموانع المادّية والمعنوية، وكشف المغلقات، وإزالة السدود التي تقف في مسير الرسالة[68]، وبالتالي دخول الناس في دين الله أفواجاً، الذي يمثِّل الهدف الأساس من بعث الأنبياء والرسل، وهذا بالضبط ما يعنيه مفهوم الفتح في الفكر الحسيني، لا أنّه حيازة مغنم أو نيل شهادة، وهذا ما أفصح عنه الإمام الحسين(عليه السلام) بقوله: «إنّي لم أخرج أشراً، ولا بطراً، ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنّما خرجت أطلب الإصلاح في أُمّة جدي...»[69].

فالفتح في المنظور الحسيني، هو تجريد الرسالة من كلّ ما ألصقه بها بنو أُميّة من بدع وضلالات، وإعادتها إلى سيرتها الأُولى، وسابق عهدها، خالصة نقية، وتعبيد الطريق أمامها لتشقّ طريقها إلى القلوب والنفوس.

وأخيراً، إذا أردنا أن نقف على حقيقة ذلك الفتح، فلنستذكر ما قاله الإمام السجاد(عليه السلام) عندما لقيه إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله، وقال له: «يا علي بن الحسين، مَن غلب؟... فقال له علي بن الحسين: إذا أردت أن تعلم مَن غلب، ودخل وقت الصلاة، فأذّن ثمّ أقم»[70].

إنّ ذلك الرجل كان يعتقد بأنّ الغلبة إنّما تتحقق بحطام يُغنم وأُسارى تُساق، فبيّن له الإمام(عليه السلام) أنّ الحديث ليس حديث نصر ومغانم، إنّما الحديث عن فتح مُدَوٍّ تمثّل ببقاء الرسالة وخلودها؛ لأنّ إخفاء الرسالة وطمس معالمها كان الشغل الشاغل لبني أُميّة، وهذا ما أفصح عنه المطرف بن المغيرة بن شعبة حينما قال: «دخلت مع أبي على معاوية، فكان أبي يأتيه فيتحدّث معه، ثمّ ينصرف إليّ فيذكر معاوية وعقله، ويعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلةٍ فأمسك عن العشاء، ورأيته مُغتمّاً، فانتظرته ساعةً، وظننت أنّه لأمرٍ حدث فينا، فقلت: ما لي أراك مُغتمّاً مُنذ اللّيلة؟ فقال: يا بُنيّ جئت من أكفر النّاس وأخبثهم. قلت: وما ذاك؟ قال: قلت له ـ وقد خلوت به ـ: إنّك قد بلغت سنّاً يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عدلاً، وبسطت خيراً فإنّك قد كبرت، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم، فوصلت أرحامهم، فو الله ما عندهم اليوم شيء تخافه، وإنّ ذلك ممّا يبقى لك ذكره، وثوابه؟ فقال: هيهات هيهات! أيّ ذكرٍ أرجو بقاءه؟! ملك أخو تيمٍ فعدل وفعل ما فعل، فما عدا أن هلك، حتّى هلك ذكره إلّا أن يقول قائل: أبو بكرٍ.

ثمّ ملك أخو عديّ، فاجتهد وشمّر عشر سنين، فما عدا أن هلك حتّى هلك ذكره، إلّا أن يقول قائل: عمر.

وإنّ ابن أبي كبشة ليُصاح به كلّ يومٍ خمس مرّاتٍ: أشهد أنّ محمّداً رسول الله، فأيّ عملٍ يبقى؟! وأيّ ذكرٍ يدوم بعد هذا؟! لا أباً لك؟ لا والله إلّا دفناً دفناً»[71].

وخلاصة ما تقدّم: إنّ الحرب التي دارت رحاها بين بني أُميّة من جهة وبين الرسالة وصاحبها من جهة أُخرى، حرب ضروس لا هوادة فيها، وما أوقدت لتنطفئ في يوم من الأيام لولا أنّ الحسين(عليه السلام) أطفأها بدمه الزاكي، الذي جعله الله(جل وعلى) سبباً للفتح، وإعادة الرسالة إلى صفائها وسابق عهدها خالصة نقية من كلّ ما ألصقه بها بنو أُميّة من بدع وافتراءات؛ لتشقّ طريقها إلى نفوس الناس وضمائرهم وتتمكّن من قلوبهم.

نتيجة البحث

بعد أن أتممنا البحث في مفهوم الفتح في الفكر الحسيني ومناقشة محتملاته؛ توصّلنا إلى النتائج الآتية:

أوّلاً: إنّ مفهوم الفتح في الفكر الحسيني لا يعني النصر المادي والمغانم؛ وإنّما هو مفهوم عابر لحدود المادة، وغير خاضع لقوانينها، ومعناه تحقق الأهداف المبتغاة بغض النظر عن النصر والغلبة الظاهريين.

ثانياً: إنّ الشهادة في سبيل الله بما هي شهادة لا توصف بكونها نصراً أو فتحاً، وإنّما تعدّ سبباً من أسباب النصر والفتح، فالفتح مرتبة أعلى من الشهادة، ولا يتحقق إلّا بعد نيلها، وحينئذٍ تكون الشهادة سبباً وطريقاً لذلك الفتح لا أنّها الفتح نفسه.

ثالثاً: إنّ مفهوم الفتح في الفكر الحسيني لا يعني المقامات المعنوية والمراتب المعرفية؛ لأنّ ذلك يستلزم تحجيم مفهوم الفتح، ولا يلبِّي تطلّعات الإمام الحسين(عليه السلام) من وراء طرح ذلك المفهوم العظيم.

رابعاً: إنّ مفهوم الفتح في الفكر الحسيني مفهوم عام، يعني تجريد الرسالة من كلّ ما طرأ عليها من بدع وضلالات أُمويّة وإعادتها إلى سيرتها الأُولى، وذلك من خلال آليات عدّة، أهمها:

1ـ محاربة البدع والضلالات التي سعى بنو أُميّة إلى إيجادها؛ بغية تعطيل الرسالة والحؤول دون تحقيق أهدافها في هداية الناس وإرشادهم إلى طريق الحقّ.

2ـ الوقوف بوجه الظلم من خلال مواجهة الظالمين وكشف نواياهم الشريرة، وفضح أهدافهم الدنيئة ومخططاتهم المشبوهة لهدم أركان الدين الإسلامي.

3ـ كشف المقاييس المغلوطة التي سعى الأُمويون من خلالها إلى استعباد الأُمّة والجثوم على صدرها، من خلال تسويق أنفسهم على أنّهم خلفاء لرسول الله(صلى الله عليه واله) وأنّ طاعتهم من طاعته(صلى الله عليه واله) وإن أخذوا المال وجلدوا الظهر، فجاء الخطاب الحسيني يصدح في الآفاق وينفذ في الضمائر: «أيّها الناس، إنّ رسول الله(صلى الله عليه واله) قال: مَن رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنّة رسول الله(صلى الله عليه واله)، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيِّر عليه بفعل ولا قول، كان حقّاً على الله أن يُدخله مدخله»[72].

4ـ كشف القناع عن نهج الملوكية الذي تمرست عليه بنو أُميّة والذين كانوا يتستّرون بلباس الإسلام زيفاً ونفاقاً.

 

 


 

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1.   الأخبار الموفقيات، الزبير بن بكار بن عبد الله القرشي الأسدي المكي (ت٢٥٦هـ)، تحقيق: سامي مكي العاني، منشورات: عالم الكتب، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، ١٤١٦هـ/١٩٩٦م.

2.   الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي الشيخ المفيد (ت413هـ)، تحقيق: مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام) لتحقيق التراث، منشورات: دار المفيد، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1414هـ/1993م.

3.   أساس البلاغة، أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري (ت538هـ)، منشورات: دار الشعب، القاهرة ـ مصر، 1960م.

4.   الأمالي، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية ـ مؤسّسة البعثة، منشورات: دار الثقافة، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1414هـ.

5.   الأمالي، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (الصدوق) (ت381هـ)، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية ـ مؤسّسة البعثة، منشورات: مركز الطباعة والنشر في مؤسّسة البعثة، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

6.   بحار الأنوار، الشيخ محمد باقر المجلسي (ت1111هـ)، منشورات: مؤسّسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1403هـ/1983م.

7.   تاريخ الأُمم والملوك، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي أبو جعفر الطبري (ت310هـ)، منشورات: دار التراث، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، ١٣٨٧هـ.

8.   تاريخ مدينة دمشق، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله المعروف بابن عساكر (ت571هـ)، تحقيق: علي شيري، منشورات: دار الفكر، بيروت ـ لبنان، 1415هـ.

9.   التبيان في أقسام القرآن، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين بن قيم الجوزية (ت٧٥١هـ)، تحقيق: محمد حامد الفقي، منشورات: دار المعرفة، بيروت ـ لبنان.

10.                     التبيان في تفسير القرآن، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، تحقيق وتصحيح: أحمد حبيب قصير العاملي، منشورات: مكتب الإعلام الإسلامي، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1409هـ.

11.                     التحقيق في كلمات القرآن الكريم، الشيخ حسن المصطفوي، منشورات: مؤسّسة الطباعة والنشر، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، طهران ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

12.                     التفسير الأصفى، المولى محمد محسن المعروف بالفيض الكاشاني (ت1091هـ)، تحقيق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية، منشورات: مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1418هـ.

13.                     التفسير البسيط، أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي النيسابوري (ت٤٦٨هـ)، حُقق في رسالة دكتوراه بجامعة الإمام محمد بن سعود، منشورات: عمادة البحث العلمي، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الأُولى، ١٤٣٠هـ.

14.                     تفسير السعدي، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (ت١٣٧٦هـ)، تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، منشورات: مؤسّسة الرسالة، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، ١٤٢٠هـ/٢٠٠٠م.

15.                     تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (ت774هـ)، منشورات: دار المعرفة، بيروت ـ لبنان، 1412هـ/1992م.

16.                     الثاقب في المناقب، أبو جعفر محمد بن علي الطوسي المعروف بابن حمزة (ت560هـ)، تحقيق: نبيل رضا علوان، منشورات: مؤسّسة أنصاريان، قم ـ إيران، الطبعة الثانية، 1412هـ.

17.                     جامع البيان عن تأويل آي القرآن، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي أبو جعفر الطبري (ت310هـ)، تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، منشورات: دار هجر، القاهرة ـ مصر، الطبعة الأُولى، ١٤٢٢هـ/٢٠٠١م.

18.                     جامع السعادات، المولى محمد مهدي النراقي (ت1209هـ)، تحقيق: السيّد محمد كلانتر، منشورات: دار النعمان للطباعة والنشر، النجف الأشرف.

19.                     الخرائج والجرائح، قطب الدين الراوندي (ت573هـ)، تحقيق: مؤسّسة الإمام المهدي(عليه السلام) وإشراف السيّد محمد باقر الموحد الأبطحي، منشورات: مؤسّسة الإمام المهدي، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1409هـ.

20.                     دلائل الإمامة، محمد بن جرير الطبري (ت ق4)، تحقيق: مؤسّسة الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف)، منشورات: مؤسّسة الإمام المهدي(عليه السلام)، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1410هـ.

21.                     الرياض النضرة في مناقب العشرة، أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد محب الدين الطبري (ت694هـ)، منشورات: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية.

22.                     الشافي في الإمامة، علي بن الحسين الشريف المرتضى (ت436هـ)، منشورات: مؤسّسة إسماعيليان، قم ـ إيران، الطبعة الثانية، 1410هـ.

23.                     شرح نهج البلاغة، عز الدين أبو حامد عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين ابن أبي الحديد (ت656هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، منشورات: دار إحياء الكتب العربية ـ عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة ـ مصر، الطبعة الأُولى، 1378هـ/1959م.

24.                     الطبقات الكبرى (متمم الصحابة)، أبو عبد الله محمد بن سعد (ت230هـ)، تحقيق: محمد بن صامل السلمي، منشورات: مكتبة الصديق، الطائف ـ المملكة العربية السعودية، الطبعة الأُولى، ١٤١٤هـ/١٩٩٣م.

25.                     علل الشرائع، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (الصدوق) (ت381هـ)، تحقيق: السيّد محمد صادق بحر العلوم، منشورات: المكتبة الحيدرية ومطبعتها، النجف الأشرف، 1385هـ/1966م.

26.                     فتح القدير، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني (ت١٢٥٠هـ)، منشورات عالم الكتب.

27.                     الكافي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني (ت329هـ)، تحقيق: علي أكبر الغفاري، منشورات: دار الكتب الإسلامية، طهران ـ إيران، الطبعة الرابعة، 1365هـ.ش.

28.                     كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه (ت367هـ)، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، لجنة التحقيق، منشورات: مؤسّسة النشر الإسلامي، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

29.                     الكامل في التاريخ، أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (ت٦٣٠هـ)، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، منشورات: دار الكتاب العربي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، ١٤١٧هـ/١٩٩٧م.

30.                     الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد الزمخشري جار الله (ت٥٣٨هـ)، منشورات: دار الكتاب العربي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثالثة، ١٤٠٧هـ.

31.                     مجاز القرآن، معمر بن المثنى التيمي (ت209هـ)، تحقيق: محمد فواد سزگين، منشورات: دار الفكر، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1390هـ/1970م.

32.                     مجمع البيان في تفسير القرآن، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت548هـ)، تحقيق: لجنة من العلماء والمحققين، منشورات: مؤسّسة الأعلمي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1415هـ/1995م.

33.                     المصباح المنير، أحمد بن محمد المقري الفيومي (ت770هـ)، منشورات: دار الفكر، بيروت ـ لبنان.

34.                     معجم البلدان، ياقوت بن عبد الله الحموي (ت626هـ)، منشورات: دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان، 1399هـ/1979م.

35.                     معجم مقاييس اللغة، أبو الحسين أحمد بن فارس (ت395هـ)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، منشورات: مكتب الإعلام الإسلامي، قم ـ إيران، 1404هـ.

36.                     معرفة الصحابة، أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق الإصبهاني (ت٤٣٠هـ)، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي، منشورات: دار الوطن للنشر، الرياض ـ المملكة العربية السعودية، الطبعة الأُولى، ١٤١٩هـ/١٩٩٨م.

37.                     المفردات في غريب القرآن، أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الإصفهاني (ت502هـ)، تحقيق: صفوان عدنان الداودي، منشورات: دار القلم ـ الدار الشامية، دمشق، الطبعة الأُولى، 1412هـ.

38.                     مقتل الحسين(عليه السلام)، أبو المؤيد الموفق محمد بن أحمد المكي الخوارزمي (ت568هـ)، تحقيق: الشيخ محمد السماوي، منشورات: دار أنوار الهدى، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1418هـ.

39.                     مقتل الحسين(عليه السلام)، لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الأزدي (ت157هـ)، تحقيق: حسين الغفاري، منشورات: المطبعة العلمية، قم ـ إيران.

40.                     مناقب آل أبي طالب، مشير الدين أبي عبد الله محمد بن علي بن شهر آشوب (ت588هـ)، تحقيق: لجنة من أساتذة النجف الأشرف، منشورات: المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، 1376هـ/1956م.

41.                     المنطق، محمد رضا المظفر (ت1383هـ)، منشورات: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم ـ إيران.

42.                     الميزان في تفسير القرآن، السيّد محمد حسين الطباطبائي (ت1402هـ)، منشورات: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم ـ إيران.

المجلات

43.                     مجلة الدراسات اللغوية، مجلة فصلية محكمة لنشر الأبحاث التي تعنى بدراسة النحو والصرف واللغويات والعروض، منشورات: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، المملكة العربية السعودية، مجلد14، العدد3، 2012م.

 



[1] الخوارزمي، الموفق محمد بن أحمد، مقتل الحسين(عليه السلام): ج1، ص273. اُنظر: ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص241.

 

[2] اُنظر: ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج4، ص469. الزمخشري، محمود بن عمر، أساس البلاغة: ص695ـ 696. الراغب الإصفهاني، الحسين بن محمد، المفردات في غريب القرآن: ص621. الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير: ج2، ص461.

 

[3] الزمر: آية71.

 

[4] الزمر: آية 73.

 

[5] الفتح: آية1.

 

[6] الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن: ج9، ص182.

 

[7] سبأ: آية26.

 

[8] الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن: ج8، ص395.

 

[9] الفيض الكاشاني، محمد محسن، التفسير الأصفى: ج2، ص1014.

 

[10] الأنفال: آية19.

 

[11] التيمي، معمر بن المثنى، مجاز القرآن: ج1، ص245.

 

[12]  الشوكاني، محمد بن علي، فتح القدير: ج2، ص296.

 

[13] النساء: آية141.

 

[14] ابن كثير، إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم: ج1، ص580.

 

[15] المائدة: آية52.

 

[16] اُنظر: الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن: ج3، ص356.

 

[17] الحديد: آية10.

 

[18] الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان في تأويل آي القرآن: ج22، ص393.

 

[19] الفتح: آية1ـ2.

 

[20] المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج9، ص16.

 

[21] اُنظر: الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن: ج4، ص493ـ494.

 

[22] آل عمران: آية123.

 

[23] الأحزاب: آية26.

 

[24] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج42، ص81.

 

[25] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص157.

 

[26] ابن حمزة، محمد بن علي، الثاقب في المناقب: ص331.

 

[27] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص385. ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ: ج3، ص148.

 

[28] ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات(متمم الصحابة): ج1، ص434. ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص216.

 

[29] الطبري، محمد بن جرير، دلائل الإمامة: ص107.

 

[30] الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن: ج9، ص312.

 

[31] الفتح: آية1.

 

[32] الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن: ج9، ص184. أبو نعيم الإصبهاني، أحمد بن عبد الله، معرفة الصحابة: ج5، ص2544، رقم 6154.

 

[33] الواحدي النيسابوري، علي بن أحمد، التفسير البسيط: ج20، ص280.

 

[34] الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ج22، ص202.

 

[35] بَلَنْجَر (بفتحتين وسكون النون وجيم مفتوحة وراء) مدينة ببلاد الخَزَر، قريبة من البحر الأسود. الحموي، ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان: ج1، ص489.

 

[36] هذا هو المثبت عند أبي مخنف والطبري، والصحيح الفارسي.

 

[37] أبو مخنف، لوط بن يحيى، مقتل الحسين(عليه السلام): ص74ـ75. الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج4، ص299. اُنظر: المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص73.

 

[38] آل عمران: آية169.

 

[39] النساء: آية69.

 

[40] اُنظر: ابن كثير، إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم: ج1، ص534.

 

[41] السعدي، عبد الرحمن بن ناصر، تفسير السعدي: ص352.

 

[42] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص348.

 

[43] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص157.

 

[44] اُنظر: النراقي، محمد مهدي، جامع السعادات: ج1، ص128.

 

[45] المظفر، محمد رضا، المنطق: ص17. وذكروا تعريفاً آخر لليقين هو: «العلم المستقرّ في القلب لثبوته من سبب متعيّن له بحيث لا يقبل الانهدام، من يقن الماء في الحوض إذا استقرّ ودام». وهذا هو الأنسب لما نحن فيه. المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج14، ص263.

 

[46] الحجر: آية99.

 

[47] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص138.

 

[48] التكاثر: آية7.

 

[49] الواقعة: آية94ـ95.

 

[50] الحاقة: آية50ـ51.

 

[51] ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر، التبيان في أقسام القرآن: ص193.

 

[52] اُنظر: الراوندي، قطب الدين، الخرائج والجرائح: ج2، ص847.

 

[53] الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع: ج1، ص229.

 

[54] الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص 219.

 

[55] الانشقاق: آية6.

 

[56] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج91، ص244.

 

[57] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص157.

 

[58] الفتح: آية1.

 

[59] الزمخشري، محمود بن عمرو، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل: ج4، ص332.

 

[60] الفجر: آية21.

 

[61] الزلزلة: آية1.

 

[62] الفعل المضارع إذا خلا من القرائن لم يُحمل إلّا على الحال، إلّا أنّه توجد حالات يتعيّن فيها زمنه في الاستقبال؛ منها اقترانه بأحد أدوات الشرط ما عدا )لو) الامتناعية أو(لو) المصدرية. اُنظر: مجلة الدراسات اللغوية: مجلد14، العدد3، ص176.

 

[63] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج8، ص188.

 

[64] المصدر السابق: ج10، ص58.

 

[65] المصدر السابق: ج5، ص357.

 

[66] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج8، ص403. ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ: ج3، ص159.

 

[67] اُنظر: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج20، ص376.

 

[68] اُنظر: الراغب الإصفهاني، الحسين بن محمد، المفردات في غريب القرآن: ص370. المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم: ج9، ص16.

 

[69] الخوارزمي، الموفق محمد بن أحمد، مقتل الإمام الحسين(عليه السلام): ج1، ص273. ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص241.

 

[70] الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص677.

 

[71] الأسدي، الزبير بن بكار، الأخبار الموفقيات: ص219.

 

[72] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج4، ص304.