تمهيد

كان منهج أهل البيت(عليهم السلام) في التعامل مع القرآن الكريم وآياته منهجاً وسطياً معتدلاً بين منهجين متطرّفين، وهما: منهج الاقتصار على التأويل وهجران ظاهر القرآن، ومنهج التعامل مع القرآن بالحرفية والألفاظ، والابتعاد عن روحه التأويلية وحقائقه الغيبية. وهذا لا يعني أنّ أهل البيت(عليهم السلام) لهم مسلكهم الخاص وإيديولوجيتهم المتميِّزة، بل إنّهم أخذوا ذلك المنهج من القرآن الكريم، وصرّحوا مراراً أن حديثهم هو حديث جدِّهم عن جبرئيل، وأنّ منهجهم هو منهج رسول الله(صلى الله عليه واله) الذي قال عنه القرآن الكريم: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)[1]. ومن هنا؛ فإنّ روايات أهل البيت(عليهم السلام) في تأويل القرآن منسجمة تماماً مع آيات القرآن الكريم التي تناولت التأويل في موضوعاتها.

وكان للتأويل عند أهل البيت(عليهم السلام) أنماط وصور متعدّدة ظهرت من خلال تراثهم الروائي وطرق تأويلهم للنص القرآني. ومن تلك الصور نجد التأويل الرمزي الذي يعني أنّ اللفظ له دلالة رمزية على معناه، وذلك من قبيل ما ورد «عن زيد الشحّام عن أبي جعفر(عليه السلام)‏، في قول الله: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ)[2]‏، قال: قلت: ما طعامه؟ قال: علمه الذي يأخذه ممّن يأخذه»[3] .

وهناك التأويل الباطني الذي يعني أنّ بين اللفظ ومعناه علاقة باطنية عميقة لا يُدركها إلّا أصحاب الحقائق العليا كأهل البيت(عليهم السلام)، ومن ذلك ما ورد «عن يونس بن عبد الرحمن... قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن قول الله: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)‏[4]، قال: إنّ ظاهرها الحمد، وباطنها ولد الولد، والسابع منها القائم(عليه السلام)»[5].

ومنها ما كان التأويل هو الواقع العيني للمعنى والمتحقق بالخارج، أو ما يُعبّر عنه بالمصداق الخارجي. وقسم آخر من التأويل يُعبّر عن حقائق علوية سبقت هذه النشأة، كما في تأويل التين والزيتون، وغير ذلك من صور التأويل التي تفيد أنّ التأويل لم يكن في نسق واحد أو رتبة واحدة، بل إنّ التأويل وبمقدار صلته بالقرآن الكريم يُعبِّر عن مراتب للمعنى ودرجات للحقائق القرآنية. ومن خلال تأويل الآيات القرآنية ظهرت لنا حقائق تحمل في جوهرها مأساة كربلاء ومظلومية الإمام الحسين(عليه السلام)، فضلاً عن بيان مقاماته العليا ومنزلته الرفيعة عند الله تعالى. وسنتطرّق لبعض تلك الآيات القرآنية وما ورد عن أهل البيت(عليهم السلام) في تأويلها بالإمام الحسين(عليه السلام)،
مع الإشارة إلى ما يمكن بيانه في موضوع التأويل وقواعده بما يناسب المقام.

الآيات المؤوّلة في نهضة الإمام الحسين(عليه السلام)

الآية الأُولى:قال تعالى:(فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ)‏[6].

وردت في تأويل هذه الآية الكريمة روايات من الفريقين أشارت صراحة إلى أنّ السماء والأرض بكت على يحيى والحسين(عليهما السلام)، ومنها ما رواه الطبري في تفسيره، قال: «يقول تعالى ذكره: فما بكت على هؤلاء الذين غرّقهم الله في البحر، وهم فرعون وقومه، السماء والأرض، وقيل: إنّ بكاء السماء حمرة أطرافها... عن السديّ، قال: لما قُتل الحسين بن عليّ (رضوان الله عليهما) بكت السماء عليه، وبكاؤها حمرتها»[7].

وروى ابن عساكر بسنده المتصل «عن ابن سيرين، قال: لم تبكِ السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلّا على الحسين بن علي»[8].

وكذلك توجد في مصادرنا روايات كثيرة تصل إلى حدّ الاستفاضة أو الشهرة قد وردت بنفس المضمون، منها ما رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: «عن أبي عبد الله(عليه السلام) في قوله تعالى: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ)، قال: لم تبكِ السماء على أحد منذ قُتِل يحيى بن زكريا حتّى قُتِل الحسين(عليه السلام)، فبكت عليه»[9].

ورواية الفريقين للمضمون مع استفاضتها عندنا ترفع عنّا مؤونة البحث في السند. وأمّا عن جهتها الدلالية فربما يُقال: كيف لنا تصوّر بكاء السماء والأرض؟ وكيف للجمادات غير العاقلة أن يصدر منها هذا الشعور ـ كما في السماء ـ الذي يبدو أثره بالحمرة كما في الرواية؟ أو ما هي طبيعة البكاء بالنسبة للأرض؟

فنقول: إنّ ذلك يمكن تصوره بعدّة نقاط:

أوّلاً: إنّها وإن كانت جمادات فهي كذلك بحسب الاصطلاح العلمي، وهذا لا يعني خلوّها من الشعور بدرجة معتدّ بها لا يُدركها الجيولوجيون بطبيعة الحال، وإنّ سبب عدم إدراكنا لذلك لكونها غير مختارة في أفعالها، فهي ممتثلة لأوامر خالقها، مذعنة له، ولا تملك نصيباً من الاختيار على ما جُبِلت عليه. وما تغيُّر أحوال السماء والأرض ـ الذي يظهر لنا ونشعر به ـ إلّا لتلك النسبة من الإدراك الذي يجعلها طائعة لأوامر الحقّ تعالى.

والأدلّة الشرعية من القرآن والسنّة فيها الكثير الذي يشير صراحة إلى هذا المعنى، ومنها قوله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا)[10]، ومنها كذلك ما ورد عن رسول الله(صلى الله عليه واله) : «أُحد جبل يحبّنا ونحبّه»[11].

وإلى هذا المعنى أشار الآلوسي في تفسيره بقوله: «ومَن أثبت ـ كالصوفية ـ
للأجرام السماوية والأرضية وسائر الجمادات شعوراً لائقاً بحالها لم يحتج إلى اعتبار التمثيل، وأثبت بكاءً حقيقياً لها حسبما تقتضيه ذاتها ويليق بها، أو أوّله بالحزن أو نحوه وأثبته لها حسب ذلك أيضاً»[12].

ثانياً: إنّ المراد من السماء والأرض ليس السماء والأرض المعهودتين لدينا، بل المراد منهما مَن يسكن السماء من الملائكة، ومَن يسكن الأرض من الناس، فهو تعبير بالكل والمراد هو الجزء، كما في آيات نزول الماء من السماء، فالماء حقيقة ينزل من السحاب، ولكون السحاب جزءاً من السماء صحّت هذه التسمية.

ثالثاً: وهو قريب من التصوّر الثاني؛ إذ قد يكون المراد من السماء هو عالم الملكوت الذي فيه الملائكة وأرواح الأموات من الأنبياء والمؤمنين، والمراد من الأرض عالم الناسوت من البشر وحتى الحيوانات والنباتات التي تتمتّع بشيء من الشعور، كما في قوله تعالى: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ)[13]، والمراد هو سؤال أهل القرية.

وأمّا لو قيل: إنّ الروايات فسّرت بكاء السماء بالحمرة وهذه الحمرة، لها قانون فيزيائي اكتشفه العلماء، فكيف نفسّره بأنّه بكاء على يحيى والحسين(عليهما السلام)؟

نقول: إنّنا سواء قلنا: إنّ حمرة السماء ليس المراد منها الحمرة المشرقية أو المغربية التي نشاهدها الآن كظاهرة طبيعية، بل لعلّها حمرة حصلت بعد مقتلهما وبقيت فترة من الزمن ثمّ تلاشت. أو نقول: إنّها نفس الحمرة الموجودة الآن، فالجواب يصلح لكلا الاحتمالين، وهو: إنّ القوانين الفيزيائية والطبيعية، وإن ظهر لنا تفسير لها ولطبيعة وجودها وتكوّنها كما في قانون المطر والجاذبية وانتقال الحرارة وغيرها، إلّا أنّ ذلك لا يمنع من القول: بأنّ هذه القوانين بحدِّ ذاتها خاضعة لقوانين أعلى منها، وقد عبّـر عنها العلماء بقوانين القوانين، كذلك فإنّ وجود تفسير لظاهرة معيّنة لا يعني أنّ هذه الظاهرة غير خاضعة لقوّة غيبية متصرِّفة بها وحاكمة عليها، فإنّ إثبات الشيء لا ينفي ما عداه؛ ولذلك فإنّ التعرّف عليها واكتشاف أسبابها لا يعني إطلاقاً أنّنا انتهينا إلى علّتها التامّة أو غاية العلل، قال السيّد محمد الصدر: «إنّنا تعبّدنا بما علّمنا به أئمتنا(عليهم السلام)، وهو أنّ الكون الخارجي محرَّك بأسباب خارجية وعلل موجودة، هي بالدرجة الأُولى الملائكة وهم (قوانين القوانين) حسب ما عبّر عنه السيّد أبو جعفر(قدس سره)، وفي المرتبة التي فوقهم أرواح المعصومين(عليهم السلام) وأنوارهم، فهم أبواب الله وأمناؤه»[14].

وصريح الروايات في بكاء السماء والأرض على يحيى وعلى الحسين(عليهما السلام) فيه دلالة على عظمتهما، وأنّ السماء وما فيها من ملائكة أو أرواح الأنبياء، إنّما تأثّرت لمظلوميتهما وطريقة قتلهما مع أنّهما كانا يحملان الخير الكثير للبشر، ومع ذلك واجها قتلاً ومظلومية ومأساة عظيمة سبّبت هذا الحزن العميق لأهل السماء والأرض، وهما بطبيعة الحال متشابهان في كثير من المزايا، إذ يُستفاد من الروايات أنّ هناك جهات مشتركة وأوجه تشابه بين يحيى بن زكريا والحسين بن علي(عليهما السلام) غير بكاء السماء والأرض عليهما، منها:

أوّلاً: الولادة

وكانت مدّة حملهما أقلّ من المعتاد، حيث وُلِد يحيى(عليه السلام) لستّة أشهر، كذلك الإمام الحسين(عليه السلام) وُلِد لستّة أشهر، حيث ورد «فوضعته لستّة أشهر، ولم يُسمع بمولود وُلِد لستّة أشهر إلّا الحسين ويحيى بن زكريا(عليهما السلام)»[15].

ثانياً: المظلومية

قُتِل الحسين(عليه السلام) مظلوماً، وكذلك يحيى(عليه السلام)، وهذا من الثوابت التاريخية، حيث إنّ قتلَ يحيى(عليه السلام) كان لقول كلمة الحقّ ورفضه للباطل بعد أن أراد الملك أن يتزوّج بربيبته وأفتى يحيى(عليه السلام) بعدم جواز ذلك، وكذلك الحسين(عليه السلام)، فإنّ كلمة الحقّ هي أساس نهضته وسبب مظلوميته بعد أن أراد يزيد أخذ البيعة من المسلمين، وهي بيعة باطلة غير قائمة على أُسس شرعية، فرفض الإمام الحسين(عليه السلام) ذلك.

ثالثاً: الشهادة

شهادة الحسين(عليه السلام) كشهادة يحيى(عليه السلام)؛ حيث قُتِل يحيى(عليه السلام) وقُطع رأسه ووضع في طشت أمام طاغية زمانه، وكذلك ذُبح الحسين(عليه السلام) وقُطع رأسه ووُضع في طشت أمام الطاغية عبيد الله بن زياد، ثمّ الطاغية يزيد.

وقد ورد في قتل يحيى(عليه السلام): «إنّ امرأة ملك بني إسرائيل كبرت وأرادت أن تُزوّج بنتها منه للملك، فاستشار الملك يحيى بن زكريا، فنهاه عن ذلك، فعرفت المرأة ذلك وزيّنت بنتها وبعثتها إلى الملك، فذهبت ولعبت بين يديه، فقال لها الملك: ما حاجتك؟ قالت: رأس يحيى بن زكريا. فقال الملك: يا بنية حاجة غير هذا. قالت: ما أُريد غيره. وكان الملك إذا كذب فيهم عُزِل عن ملكه، فخُيّر بين ملكه وبين قتل يحيى فقتله، ثمّ بعث برأسه إليها في طست من ذهب، فأمرت الأرض فأخذتها، وسلّط الله عليهم بخت نُصَّر»[16].

وروي عن الإمام السجّاد علي بن الحسين(عليه السلام) أنّه قال: «خرجنا مع الحسين(عليه السلام) فما نزل منزلاً ولا ارتحل منه إلّا ذكر يحيى بن زكريا وقتله، وقال يوماً: ومن هوان الدنيا على الله أنّ رأس يحيى بن زكريا(عليه السلام) أُهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل»[17].

رابعاً: فوران الدم والثأر له

عندما سقط دم يحيى(عليه السلام) على وجه الأرض أخذ يغلي ويفور، وكلّما أُلقي عليه التراب زاد ارتفاعاً، وبقي هكذا حتّى خرج بخت نُصَّر وقتل من بني إسرائيل سبعين ألفاً ثأراً ليحيى(عليه السلام)، فسكن الدم، وورد عن الإمام الحسين(عليه السلام): «يا ولدي يا علي، والله لا يسكن دمي حتّى يبعث المهديَّ اللهُ، فيقتل على دمي من المنافقين الكفرة الفسقة سبعين ألفاً»[18].

خامساً: التسمية

كلٌّ من الإمام الحسين ونبي الله يحيى(عليهما السلام) لم يسبقهما أحد في تسميتهما، فقد ورد «عن زرارة، عن عبد الخالق، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول‏ في قول الله(عز وجل): (لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا). فقال: الحسين لم يكن له من قبل سَمياً، ويحيى بن زكريا لم يكن له من قبل سَمياً، ولم تبكِ السماء إلّا عليهما أربعين صباحاً. قلت: فما كان بكاؤها؟ قال: كانت تطلع الشمس حمراء وتغيب حمراء، وكان قاتل الحسين(عليه السلام) ولد زنا، وقاتل يحيى بن زكريا ولد زنا»[19].

الآية الثانية: قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ الله أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً)[20].

تناولت الآية الكريمة أمرين إلهيين مختلفين في حقبتين مختلفتين، في الأُولى إلزام للمسلمين بالكفِّ عن القتال والتفرّغ للعبادة، والتزام مبدأ التقيّة أو العفو في حق الأعداء، وفي الحقبة الثانية كان الأمر بالقتال. ويرى المفسّرون أنّ الآية نزلت فيمَن كانوا في مكّة أو مَن هاجروا إلى المدينة وطلبوا القتال، وكان الرسول(صلى الله عليه واله) لم يؤمر بعد بالقتال، فلما كُتب عليهم القتال تردّد الكثير منهم خشيةً من قريش[21].

ومن الواضح أنّ هذا من أسباب النزول أو شأنه وكليهما لا يعني توقّف الآية على هذه الحادثة وعدم صلاحية انطباقها على حادثة غيرها في زمان آخر، بل غاية ما يدلّ عليه شأن النزول أنّه يصلح كقرينة لفهم الآية وتفسيرها وبيان المراد من مفرداتها، وأمّا صلاحيتها لكلّ زمان ومكان وانطباقها على حادثة أُخرى تحاكي ذلك الأمر الواقع فهو من المسلّمات عند عامّة المسلمين، وهذا هو أحد معاني التأويل التي أشارت إليها روايات كثيرة، منها: «عن فضيل بن يسار، قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن هذه الرواية: (ما من القرآن آية إلّا ولها ظهر وبطن)؟ فقال: ظهره تنزيله، وبطنه تأويله، منه ما قد مضى، ومنه ما لم يكن، يجري كما يجري الشمس والقمر، كلّما[22] جاء تأويل شيء منه يكون على الأموات كما يكون على الأحياء، قال الله: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)[23]، ونحن نعلمه»[24].

وعلى أساس ذلك وردت روايات أوّلت الحقبة الأُولى في الآية المباركة بزمان الإمام الحسن(عليه السلام)، ذلك الزمان الذي وقع فیه الصلح بینه(عليه السلام) وبین معاویة بن أبي سفيان، وكان ذلك سبباً في إثارة حفيظة بعض المؤمنين (المتسرِّعين) غير المدركين للمصلحة العليا، وأنّ الإمام إنّما يتّبع ما يُؤمر به ويعمل وفق مقتضيات المصلحة والحكمة الإلهية، حتّى أنّنا نرى بحسب ما نقل لنا التاريخ صعوبة المواقف التي واجهها الإمام السبط الزكي، وخاصّة من أتباعه المقرّبين، فهناك مَن خان العهد والتحق بمعاوية، كعبيد الله بن العباس الذي كان قائداً على رأس جيش الإمام الحسن(عليه السلام)، وهناك مَن وقف موقفاً سلبياً من الإمام وأصبح يهجوه بعبارات غير لائقة جهلاً وغفلة، ولكن الإمام الحسن الزكي ـ وهو ابن رسول الرحمة ومنقذ الأُمّة واجهه برحابة الصدر ودماثة الخلق وشفقة الحليم[25].

ولما كُتب القتال في زمن الإمام الحسين(عليه السلام) نرى أنّ الكثير من المسلمين قد تنكّروا وتخلّفوا عنه(عليه السلام)، إمّا رغبة في الدنيا أو خوفاً من يزيد وأتباعه ونسوا خشية الله تعالى وبدأوا يقدّمون الأعذار الواهية، غير مدركين أنّ متاع الدنيا قليل، وأنّ الدار الآخرة خير مقام وأحسن مأوى يأوي إليه المؤمنون الصالحون المطيعون لربِّهم.

وقد وردت في بيان هذا التأويل للآية عدّة روايات، منها: «عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: والله، للذي صنعه الحسن بن علي(عليهما السلام) كان خيراً لهذه الأُمّة ممّا طلعت عليه الشمس، والله، لقد نزلت هذه الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ)، إنّما هي طاعة الإمام، وطلبوا القتال (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ) مع الحسين(عليه السلام)، قالوا: (رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ)[26]، قالوا: ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخّرتنا إلى أجل قريب، نجب دعوتك ونتبع الرسل. أرادوا تأخير ذلك إلى القائم(عليه السلام)»[27].

وهذا التخلّف عن نصرة الإمام الحسين(عليه السلام) وعدم طاعته في القتال بعد أن كتبه الله تعالى على الأُمّة، ترك في تاريخ الأُمّة الإسلامية جرحاً لا يبرأ، وفوّت عليها فرصة عظيمة في إرساء دعائم الدولة الإسلامية العادلة، بل انعكس سلبياً عليها كما نرى في الأحداث التي وقعت بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام)؛ حيث حزم يزيد أمره في قتال أهل المدينة في وقعة الحرّة التي ذكرت لنا الروايات التاريخية أبشع الصور عن أحداثها، ثمّ زحف الجيش إلى مكّة ورمى الكعبة بالمنجنيق، وهذه الإساءة للمسلمين ومقدّساتهم وأرواحهم إنّما كانت نتيجة تخلّفهم عن طاعة أمر الله في الوقوف أمام الظلم وطلب الإصلاح في أُمّة رسول الله(صلى الله عليه واله)، ذلك الشعار الذي حمله الإمام الحسين(عليه السلام) عند خروجه ودعا به المسلمين إلى نصرته. فأصبحت الأُمّة بعد مقتل الحسين(عليه السلام) مصداقاً لقوله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)[28].

وربما قيل: إنّ هذا النوع من التأويل لا يخالف التفسير، فهما مصداقان لمعنى واحد، وبعبارة أُخرى: إنّ معنى الآية ثابت وأنّ المتغيّر إنّما هو المصداق والانطباق.

فنقول: إنّ من معاني التأويل هو الواقع الخارجي الحاكي عن معنى الآية، وبعبارة
أُخرى: فإنّ التأويل ليس بالضرورة أن يكون من الأُمور النظرية العقلية، بل يمكن أن يكون هو الواقع الخارجي العيني كما يقول السيّد الطباطبائي: «فالتأويل أمرٌ خارجي هو مرجع ومآل لأمر خارجي آخر، فتوصيف آيات الكتاب بكونها ذات تأويل من جهة حكايتها عن معان خارجية كما في الإخبار، أو تعلقها بأفعال أو أُمور خارجية كما في الإنشاء، لها تأويل، فالوصف وصف بحال متعلق الشيء لا بحال نفس الشيء»[29].

الآية الثالثة: قوله تعالى:( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)[30].

وهي الآية الأُولى من سورة التين المباركة، وتُعدّ من قصار السور القرآنية كما هو معروف، وذكر المفسّرون لتفسيرها أقوالاً كثيرة، وأبرز مَن فصّل في ذلك من علماء الجمهور هو الفخر الرازي، فذكر في تفسيره قولين: الأول هو تفسير ظاهري، والثاني تأويل باطني، وقد ذكر أنّ سبب تعدُّد الأقوال: «هو أنّ التين والزيتون ليسا من الأُمور الشريفة، فكيف يليق أن يقسم الله تعالى بهما؟ فلأجل هذا السؤال حصل فيه قولان، الأوّل: أنّ المراد من التين والزيتون هذان الشيئان المشهوران»[31]. ثمّ ذكر فوائد التين والزيتون وطبيعتها ومقارنتها مع بعض الفواكه مؤيّداً هذا التفسير بروايتين: واحدة عن النبي(صلى الله عليه واله) والأُخرى عن الإمام الرضا(عليه السلام)، وأبرز ما قاله في وصف التين ومقارنته مع بعض الفواكه هو أنّه نافع وطيّب من حيث الظاهر والباطن، كما وصف النبي(صلى الله عليه واله) بصفات شجرة التين من حيث اهتمامها بنفع الآخرين قبل نفسها[32].

أما القول الثاني الذي يرى إشكالاً في صحّة القسم بالتين والزيتون المعهودين، فقد ذهب إلى تأويل التين والزيتون بحمل اللفظ على غير معناه الظاهري؛ لقرينة عقلية منعت من الحمل على الظاهر، وهذا هو أحد معاني التأويل، فمع وجود القرينة المانعة من الحمل على الظاهر يكون تأويل اللفظ بحمله على غير ظاهره، وقد ورد هذا المعنى من التأويل في كلمات بعض اللغويين[33].

وممّا ذكروه في معنى التين والزيتون هو أنّهما جبلان مقدّسان ينبت فيهما التين والزيتون، وقيل: إنّهما مسجدان: مسجد دمشق، ومسجد بيت المقدس. إلى غير ذلك من التأويلات التي عرضها الرازي في تفسيره[34].

وأمّا الزيتون فهو في مصاف التين في الوصف على ما بيّنه الرازي كذلك، فهي شجرة مباركة كما أنّها إدام من وجه، ودواء من وجه على حد وصفه، وقال أيضاً: «وقيل: مَن أخذ ورق الزيتون في المنام استمسك بالعروة الوثقى»[35]. وهذا المعنى من التأويل وارد أيضاً ؛ لأنّ المنام الصادق بحاجة إلى تأويل كما في رؤيا يوسف للشمس والقمر والكواكب، فرؤية الشمس والقمر لا تعني رؤية الشمس والقمر المعهودين حقيقة، بل أُوّلت بوالديه، كما أنّ رؤية الكواكب أُوّلت بإخوته، وأشار القرآن بشكل واضح إلى هذا المعنى: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ....)[36].

وقد أشارت روايات أهل البيت(عليهم السلام) إلى هذا النوع من التأويل فقد ورد «عن محمد
ابن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن قول الله تعالى: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)[37]، قال: التين الحسن، والزيتون الحسين»[38]. والرواية من تفسير فرات الكوفي، وقد ذكر في تفسيره أربعة طرق إلى رواية الصيرفي عن الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام) وقد اشتركت بالمضمون مع اختلاف يسير باللفظ، وحتّى مع جهالة حال فرات الكوفي وعدم ذكره في كتب الرجاليين إلّا أنّ رواية المتقدّمين من علمائنا عن تفسيره كوالد الشيخ الصدوق، ورواية الشيخ الصدوق عنه بواسطة، واعتماد الأقدمين ـ كالشيخ الحاكم أبو القاسم الحسكاني في (شواهد التنزيل) ـ على تفسيره وروايتهم عنه، كلُّ ذلك يصلح أن يكون قرينة على اعتبار ما فيه من روايات بالجملة.

يقول السيّد الخوئي(قدس سره) في ترجمة فرات بن إبراهيم: «ابن فرات الكوفي، صاحب التفسير المعروف، المقصور على الروايات عن الأئمة الهداة(عليهم السلام)... ويروي التفسير عن فرات، والد الشيخ الصدوق، وهو أبو الحسن علي بن الحسين بن بابويه المتوفي سنة (329)، وأمّا الشيخ الصدوق، فيروي في كتبه عنه كثيراً، إمّا بواسطة والده، أو بواسطة شيخه الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي»[39].

ومع ذلك فإنّ الروايات التي وردت بهذا المضمون لم ينفرد بها ابن فرات الكوفي في تفسيره، بل روى غيره بهذا المضمون، كما في كتاب (تأويل الآيات الظاهرة) للسيّد شرف الدين علي الحسيني، و(كنز جامع الفوائد) لعلم بن سيف بن منصور الحلّي، ونقل الشيخ المجلسي في (البحار) ثلاث روايات من كتبهما، اثنان منها عن ابن دراج وأبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله(عليه السلام)، والثالثة عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام).

وكيف كان، فإنّ مجموع الروايات واختلاف الطرق يكون باعثاً على الاطمئنان بصدور المضمون وتأويل التين والزيتون بالإمامين الحسن والحسين(عليهما السلام).

ومع أنّ القمّي في تفسيره يرى أنّ التين والزيتون هما رسول الله وأمير المؤمنين
صلوات الله عليهما، إلّا أنّ هذا التفسير لا يعارض ما تقدّم؛ لإمكان تعدُّد مصاديق الآية تفسيراً وتأويلاً، أو أنّ الراجح ما تقدّم في تأويلها بالإمامين الحسن والحسين(عليهما السلام)؛ لأنّه تأويل ورد مروياً وباستفاضة عن أئمة أهل البيت(عليهم السلام)، كما أنّ من أهمّ قواعد التأويل عندنا أن يكون مؤيّداً بما ورد عن أئمة الهدى(عليهم السلام)؛ لأنّهم الراسخون في العلم الذين يعلمون تأويله.

وقد أجرى السيّد شرف الدين مقاربة لطيفة بين صفات الإمامين الحسن والحسين(عليهما السلام) من جهة، والتين والزيتون من جهة أُخرى، وبالتالي يكون هذا التعبير القرآني بنحو الكناية عنهما(عليهما السلام)، قال: «أمّا قوله: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)[40] الحسن والحسين(عليهما السلام)، إنّما كنّى بهما عنهما لأنّ التين فاكهة خالصة من شوائب التنغيص، ولأنّه سبحانه جعل الواحدة على مقدار اللقمة، وفي ذلك نِعَم جمّ على عباده... وأمّا الزيتون: وهو الذي يخرج منه الزيت، قال الله تعالى: (يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ)[41]، وفيه منافع كثيرة في الدنيا. وأمّا الحسن والحسين(عليهما السلام) فمنافعهما لا تُحصى كثرة في الدين والدنيا، والأمر في ذلك واضح لا يحتاج إلى بيان»[42].

وهذا الارتباط إنّما هو من جهة الوصف، وهو أشبه بالكناية التي يُقصد بها لازم الكلام وليس الكلام نفسه.

ويمكن أن يكون هناك وجه آخر ليس من قبيل الكناية بل هو ارتباط حقيقي غيبي، وبعبارة أُخرى: إنّ المراد بالتين والزيتون هما الواقعيان وليس المعهودين من الفاكهة، وهما ما كانا من عالم الجنّة وثمارها، نظير ما ورد عن الزهراء(عليها السلام) من أنّها خُلقت في هذا العالم من أصل غيبي، وهي تفاحة جاء بها جبرئيل إلى رسول الله(صلى الله عليه واله)، حيث روي: «عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، ما لك إذا أقبلتْ فاطمة جعلتَ لسانك في فيها كأنّك تريد أن تلعقها عسلاً؟ قال: إنّه أُسري بي إلى السماء أدخلني جبرئيل الجنة، فناولني تفاحة فأكلتها، فصارت نطفة في ظهري، فلمّا نزلت من السماء واقعت خديجة، ففاطمة من تلك النطفة، فكلّما اشتقت إلى تلك التفاحة قبلتها»[43].

فالتين والزيتون تأويلاً هو الحقيقة الواقعية لهما، وهما الحسن والحسين(عليهما السلام) في نشأتهما في عالم الجنّة. أو قل: إنّ هناك حقيقة واقعية غيبية للزيتون (لفظاً ومعنى)، فاللفظ هو العبارة، والمعنى هو تلك الثمرة التي لها وجودها العيني الخارجي، فكلاهما معاً له حقيقة عُليا واقعية هي تأويل للفظ ومعناه على حدّ سواء. ولعل هذا هو مذهب السيّد الطباطبائي في التأويل، قال: «إنّ الحقّ في تفسير التأويل أنّه الحقيقة الواقعية التي تستند إليها البيانات القرآنية من حكم أو موعظة أو حكمة، وأنّه موجود لجميع الآيات القرآنية محكمها ومتشابهها، وأنّه ليس من قبيل المفاهيم المدلول عليها بالألفاظ، بل هي من الأُمور العينية المتعالية من أن يحيط بها شبكات الألفاظ، وإنّما قيّدها الله سبحانه بقيد الألفاظ لتقريبها من أذهاننا بعض التقريب»[44].

ومع ذلك ينبغي الإشارة إلى أنّ التأويل قد يكون كذلك هو الحقيقة العينية الخارجية (المصداق المتحقّق في الخارج) وهذا لا يتعارض مع ما ذهب إليه السيّد الطباطبائي؛ لأنّنا نعلم أنّ التأويل هو بطن الآية وأنّ البطن له بطن وهكذا، حيث ورد في تفسير العياشي: «عن جابر قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن شيء في تفسير القرآن فأجابني، ثمّ سألته ثانية فأجابني بجواب آخر، فقلت: جُعلت فداك، كنتَ أجبت في هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم؟ فقال(عليه السلام) لي: يا جابر، إنّ للقرآن بطناً، وللبطن ظهراً، يا جابر، وليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، إنّ الآية لتكون أُولها في شيء وآخرها في شيء، وهو كلام متّصل يتصرّف على وجوه»[45]. وهذا يعني أنّ التأويل له مراتب، وأنّ فوق كلّ حقيقة حقيقة أُخرى حاكمة عليها.

وربما يقال: إنّ التين والزيتون مختلفان بالحقيقة، وأنّهما من شجرتين مختلفتين وإن كانا متشابهين بالصفات، فكيف لنا أن نقول: إنّ الحسن والحسين من شجرتين مختلفتين، وهما من شجرة واحدة وهي شجرة النبوّة؟

فنقول: إنّ ذلك إنّما يكون على قياس ما في هذا العالم وهذه النشأة، وهو صحيح، لكن الكلام في التأويل إنّما هو عن شجرتين من عالم مختلف تماماً، له قوانينه وحقيقته الخاصة وإن استُخدمت تعبيرات لفظية متشابهة، ففي تلك النشأة قد تكون الشجرة واحدة وثمارها مختلفة كما في الرواية التي وصفت شجرة آدم، حيث ورد «عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: قلت للرضا(عليه السلام): يابن رسول الله، أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحواء ما كانت، فقد اختلف الناس فيها، فمنهم مَن يروي أنّها الحنطة، ومنهم مَن يروي أنّها العنب، ومنهم مَن يروي أنّها شجرة الحسد؟ فقال(عليه السلام): كلّ ذلك حقّ. قلت: فما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟ فقال: يا أبا الصلت، إنّ شجرة الجنّة تحمل أنواعاً، فكانت شجرة الحنطة وفيها عنب، وليست كشجرة الدنيا»[46].

الآية الرابعة: قوله تعالى: ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا )[47].

ذهب أغلب المفسّرين إلى أنّ فساد بني إسرائيل في الأرض كان في قتلهم الأنبياء وأذيّتهم وتغيير التوراة وعدم العمل بها، وانحصرت أقوالهم عن المقتولين في زكريا ويحيى، ومنهم مَن أضاف قصدهم لقتل عيسى وحبس أرميا النبي وجرحه بعد أن وعظهم وبشّرهم بالنبي الخاتم(صلى الله عليه واله) [48].

ثمّ ذكرت الآيات وعدين إلهيين حتميين في سياق القضاء الإلهي على بني إسرائيل، وكانت لتفسير هذين الوعدين أقوال عند المفسّرين، رجّح صاحب الميزان منها ما ذكره بقوله: «والذي يظهر من تاريخ اليهود أنّ المبعوث أوّلاً لتخريب بيت المقدس هو بخت نُصَّر وبقي خراباً سبعين سنة، والمبعوث ثانياً هو قيصر الروم اسبيانوس سيَّر إليهم وزيره طوطوز فخرّب البيت وأذلّ القوم قبل الميلاد بقرن تقريباً. وليس من البعيد أن يكون الحادثتان هما المرادتان في الآيات، فإنّ الحوادث الأُخرى لم تفنِ جمعهم، ولم تذهب بملكهم واستقلالهم بالمرّة»[49].

ومن الروايات ـ عندنا ـ التي أوّلت هذه الآيات القرآنية ما ورد «عن صالح ابن سهل، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في قول الله(عز وجل): ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ)[50]، قال: قتل أمير المؤمنين(عليه السلام) وطعن الحسن بن علي(عليهما السلام)، (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا )[51]، قتل الحسين بن علي(عليهما السلام)، ( فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا)[52]، قال: إذا جاء نصر الحسين(عليه السلام)، (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ)[53]، قوماً يبعثهم الله قبل قيام القائم(عليه السلام)، لا يدعون وتراً لآل محمد إلّا أحرقوه، (وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً ) [54]»[55].

وروى الكليني بسنده عن أبي عبد الله(عليه السلام) نفس الرواية مع زيادة لا يسع المقام لذكرها[56].

وما تقدّم في تفسير الآيات القرآنية يبيّن لنا صورة إجمالية عنها، حيث يُعتبر مقدمة تمهيدية للدخول في عالمها التأويلي؛ لأنّ الفارق الأساسي بين التنزيل والتأويل هو التباعد الزمني، والقصد من التنزيل هو سبب نزول الآية أو موضوعها الظاهر أو المتبادر من دلالتها اللفظية، أمّا التأويل هنا فهو الجري الذي صرّحت به روايات أهل البيت(عليهم السلام) المتقدمة، وأنّ القرآن يجري بالناس مجرى الشمس والقمر. وبعبارة أُخرى: إنّ ما جرى على بني إسرائيل يمكن أن يجري على غيرهم، وأنّ ما يجري على غيرهم سيكون مصداقاً وتطبيقاً للآية القرآنية، وسيكون موضوعاً لتأويلها.

والظاهر من الروايات أنّها أوّلت الفساد مرّتين بقتل أمير المؤمنين والإمام الحسن(عليهما السلام)، وأوّلت العلو الكبير بمقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، وهذه الخصوصية بالمظلومية، وأنّها أصبحت (عُلُوًّا كَبِيرًا)إما من جهة شدّة المظلومية والمأساة التي جرت على الإمام الحسين(عليه السلام)، وأنّها أعظم ممّا جرى على الإمام أمير المؤمنين والإمام الحسن(عليهما السلام)، أو من جهة أنّ الأُمّة تمادت في الظلم، فمع أنّهم قتلوا أمير المؤمنين(عليه السلام) ثمّ قتلوا الحسن(عليه السلام) لم ينتهوا، بل زادوا بطغيانهم إلى أن قتلوا الإمام الحسين(عليه السلام).

وربما قيل: كيف نجمع بين ما جرى في بني إسرائيل وما جرى في أُمّة الإسلام؟ وهل الإسلام كأُمّة يصدق عليه أن يكون كبني إسرائيل؟

والجواب يمكن أن يكون بعدة نقاط:

الأُولى: إنّنا قدّمنا أنّ حمل بني إسرائيل على أُمّة الإسلام من قبيل التأويل، والتأويل يتعامل أحياناً مع الألفاظ برمزيتها لا بحقيقتها، فالأُمّة الإسلامية هي الأُمّة التي احتضنت النبوّة السماوية وذرّيتها كما احتضنت بنو إسرائيل النبوات سابقاً، وكما أنّ السُّنن جرت في بني إسرائيل بهذا التصوير القرآني فهي تجري بنفس الوتيرة في الأُمّة الإسلامية، وإلى هذا المعنى يشير الحديث النبوي المشهور: «ليحملن شرار هذه الأُمّة على سنن الذين خلوا من قبلهم أهل الكتاب حذو القذّة بالقذّة»[57].

الثانية: إنّ التأويل ينظر غالباً إلى الحدث والفعل وليس إلى العناوين، فإن تشابهت الأحداث ـ وإن كان هناك فارق ـ تكون بالجملة مصداقاً وتطبيقاً للآية، وهذا أحد معاني التأويل، وهو أنّ مَن ينطبق عليه مضمون الآية ودلالتها يكون موضوعاً لها من الناحية التأويلية. أو هو من قبيل: (إياك أعني واسمعي يا جارة)، كما دلّت على ذلك الروايات، منها: «عن عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: نزل القرآن بإياك أعني واسمعي يا جارة»[58].

الثالثة: إنّنا نعلم أنّ القرآن وبشكل عام إنّما تعرّض لأحوال الأُمم السابقة من قبيل ضرب المثل وأنّها عبرة للمؤمنين، وبالتالي فإنّ السُّنن التاريخية التي جرت على الأُمم السابقة تجري على غيرها طبقاً لقانون السُّنن الكونية، فإذا كان تفسير الآية ظاهراً في بني إسرائيل، فإنّ هذا يجري على كلّ أُمّة بعدها أو التي تعاصرها على حدّ سواء، وإنّما كان الكلام عن بني إسرائيل من باب المثل. وفي هذا المعنى روايات كثيرة، منها: «ما رواه محمد بن العباس(رحمه الله)، عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمد السياري، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في قوله عزّ وجل: ( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا )[59]، قال: هذا مثل ضربه الله لفاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه واله)»[60]، مع ملاحظة أنّ ذكر مريم(عليها السلام) لا ينحصر بكونه مثلاً لفاطمة(عليها السلام)، بل يمكن تحقيق أهداف أُخرى من ذكرها قصدها الله(عز وجل) في حكمته اللامتناهية بطبيعة الحال؛ ولذلك نجد أنّ الرواية المتقدمة لم تأتِ بلفظ يدلّ على الحصر من قبيل (إنّما).

وبين تفسير الآيات وتأويلها يتنقّح عندنا إشكال مفاده: أنّ الآيات تتحدّث عن فساد بني إسرائيل الأول، وما حدث بعده من سبي وهو وعد الأُولى، ثمّ توبتهم ورجوعهم إلى الله وعمّا كانوا عليه، فحصل لهم الردّ والنفير وهو الكرّة. وبعدها حصل الفساد الثاني فجاء وعد الآخرة. أمّا الروايات فإنّها تحدّثت عن فسادين وعلوّ كبير بشكل متتابع، وهما قتل أمير المؤمنين والحسن والحسين(عليهم السلام)، وهي أحداث وقعت بتسلسل زمني لم يتخللها حدث مغاير لها، ثمّ يحدث وعد أُولاهما وهو ظهور رجال قبل قيام القائم(عليه السلام) لا يتركون قاتلاً لآل محمد إلّا قتلوه. ثمّ الكرّة: ( ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ) ، والروايات صريحة على أنّ الحسين(عليه السلام) أوّل مَن يرجع إلى الدنيا بعد قيام القائم(عليه السلام)، كما أنّ الروايات ساكتة عن بيان وعد الآخرة من الناحية التأويلية، إلّا القمي في تفسيره، فقد ذكر أنّ وعد الآخرة هو خروج القائم(عليه السلام) وأصحابه، وكأنّ تسلسل الأحداث الإسلامية يختلف عن تسلسل الأحداث في بني إسرائيل، فكيف لنا أن نجمع بين تفسيرها وتأويلها بهذا التباين في الترتيب؟

فنقول في مقام الجواب: إنّ منشأ هذا التباين يعود إلى قرينة السياق الذي يجعل الأحداث مترتّبة بهذا الترتيب، لكن السؤال هنا: هل السياق قرينة على المراد وله الأثر في فهم النص في التأويل كما هو الحال في التفسير؟

والجواب عن ذلك يأتي من خلال تعريف التأويل أو بيان إحدى خصائصه، حيث إنّ تأويل النصّ غير الدلالة الظاهرية له، وإلّا لأصبح تفسيراً، وبما أنّ السياق يعتمد على ظواهر ألفاظ النصّ والتتابع بينها مع مراعاة الوحدة الموضوعية التي تكشفها تلك الظواهر، فهذا ما لا نلتزم به في التأويل لأنّه يتعدى ظاهر النصّ.

وهذا لا يعني أنّ التأويل يقطع علاقته بالمعنى الظاهري مطلقاً، بل يبقى محافظاً على ارتباطه به، ولكنّه لا يلتزم بلوازمه، كما لو قلنا: بأنّ (الْكَرَّةَ) في الآية محلّ البحث تعني الرجعة حسب المعنى الظاهري والباطني، ولكن لوازم معناها الظاهري وخصائصها تختلف عن لوازمها وخصائصها تأويلاً، فالكرة ظاهراً تتضمّن معنى تغيير الحال أو العودة إلى الحالة السابقة من الناحية المادّية والنفسية، وهذا ما حدث لبني إسرائيل، أمّا تأويلاً فهي تتضمّن حياة جديدة ونشأة جديدة غيبية، وهذا ما يحدث للإمام الحسين(عليه السلام) وصحبه وغيرهم من المؤمنين، فهي كرّة ورجعة للمؤمنين ليعيشوا طور الاستخلاف في الأرض، قال تعالى: ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)[61]، وقد ورد أنّ من الذين يمنّ الله عليهم بالكرّة سلمان المحمدي كما في الحديث النبوي: «يا سلمان، إنّك مُدركه، ومَن كان مثلك، ومَن تولّاه بحقيقة المعرفة. قال سلمان: فشكرت الله كثيراً، ثمّ قلت: يا رسول الله، وإنّي مؤجَّل إلى عهده؟ قال: فقرأ قوله تعالى: ( فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا )»[62].

وربما لهذه العلّة وغيرها كان التأويل من الخطورة بمكان في أن يسبر غواره ويقتحم خطبه مَن لا عهد له بالذوق العرفاني وتهذيب النفس؛ ولذا اعتمدت الإمامية على ما ورد عن أهل البيت(عليهم السلام) في هذا المجال.

الخاتمة

نعرض فيها مجموعة من النتائج التي توصّل إليها البحث، وهي:

1ـ إنّ القرآن الكريم دلّ في جوهره وحقيقته التأويلية على مبدأ الإمامة التي انحصرت بالعترة من آل محمد(عليهم السلام)، وعبّر عنهم بما يناسب ظهور مقامهم ومنزلتهم وبيان حقائقهم وأحقّيتهم، مع احتفاظه بمبدأ أنّ الحكمة لا يستحقّها إلّا أهلها. وهذا المبدأ سار عليه أهل البيت(عليهم السلام)، فلم يُطلعوا أحداً على هذه الحقائق العليا إلّا المستحقّـين من أتباعهم، وكان المنهج التأويلي أحد الطرق لتحقيق هذا الغرض.

2ـ إنّ القرآن الكريم وما تضمّنه من حقائق تأويلية عن الإمام الحسين(عليه السلام) ومظلوميته، يكون قد حافظ على هذه المظلومية من الاندراس والتغييب؛ لأنّ القرآن الكريم محفوظ في ضمير الأُمّة الإسلامية، وهو بذلك يحفظ لنا تلك الملحمة الحسينية الخالدة.

3 ـ إنّ تأويل بعض الآيات القرآنية بالإمام الحسين(عليه السلام) ومظلوميته يوحي بأنّ هذه المظلومية وهذه القضية يجب أن تعيش في ضمير الأُمّة الإسلامية كما يعيش القرآن الكريم، فكما أنّ القرآن الكريم عامل مهمّ وأساسي في هداية الناس كذلك قضية الإمام الحسين(عليه السلام).

4ـ إنّ الاعتماد على (المنهج التأويلي) في بيان مظلومية الإمام الحسين(عليه السلام) وبيان حقيقته ومقامه ومنزلته، يوحي للأُمّة بأنّ الأقدر على فتح أبواب القرآن ومعارفه والنهل من حقائقه هم أهل البيت(عليه السلام) الذين تفرّعوا من نسل الحسين(عليه السلام) على وجه الخصوص.

5ـ إنّ القرآن الكريم قد أثار قضية الإمام الحسين(عليه السلام) ومظلوميته لتحريك مشاعر الأُمّة وعواطفها، واعتبر هذه القضية من أهمّ قضايا الأُمّة التي تحرِّك الضمير، وتؤدِّي غرض الهداية والتمسّك بالدين والتضحية من أجله ومن أجل مبادئه، فما تضمّنته الآيات القرآنية من معانٍ دلّت على الإمام الحسين(عليه السلام) يشير إلى أنّها قضية قرآنية إلهية، وعلى الأُمّة أن تلتزم بمبادئها ومنهجها.

6ـ من خلال تتبّع روايات أهل البيت(عليهم السلام) في تأويل القرآن الكريم يظهر لنا جليّاً تحقّق قول النبي(صلى الله عليه واله) في أنّهما لن يفترقا، فلا فراق بينهما من جهة أنّهم(عليهم السلام) العالمون بتأويله والقادرون على سبر أغواره دون غيرهم، ومن جهة أنّهم المقصودون في آيات كثيرة من القرآن الكريم وخاصة الآيات التي أُوِّلت بالإمام الحسين(عليه السلام)، وهذا جدير بحفظ العلاقة بينهم وبين القرآن الكريم.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

اختيار معرفة الرجال، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، تصحيح وتعليق: ميرداماد الأسترآبادي، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، قم، 1404هـ.

الإرشاد، محمد بن محمد العكبري المشهور بالمفيد (ت413هـ)، تحقيق: مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لتحقيق التراث، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1414هـ/1993م.

بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي (ت1111هـ)، تحقيق: محمد باقر البهبودي، مؤسسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية المصحّحة، 1403هـ/1983م.

البرهان في تفسير القرآن، السيّد هاشم البحراني (ت1107هـ)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، 1427هـ.

بصائر الدرجات، محمد بن الحسن الصفار (ت290هـ)، تقديم وتعليق وتصحيح: الحاج ميرزا محسن، منشورات الأعلمي، طهران، 1404هـ.

تاريخ دمشق، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر (ت571هـ)، تحقيق: عمرو بن غرامة، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1419هـ/1998م.

تأويل الآيات (تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة)، السيّد شرف الدين الحسيني استرآبادي (ت965هـ)، تحقيق ونشر: مدرسة الامام المهدي(عجل الله فرجه الشريف)، قم المشرّفة، الطبعة الأُولى، 1407هـ.

تفسير العياشي، أبو النضر محمد بن مسعود العياشي (ت320 هـ)، تحقيق وطبع ونشر: مؤسسة البعثة /قسم الدراسات الإسلامية، طهران، الطبعة الأُولى، 1421 هـ.

تفسير فرات الكوفي، فرات بن إبراهيم الكوفي (ت352هـ)، تحقيق: محمد كاظم، طهران، الطبعة الأُولى، 1410هـ/1990م.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن (تفسير الطبري)، محمد بن جرير الطبري (ت310هـ)، تحقيق: الشيخ خليل الميس، ضبط وتوثيق وتخريج: صدقي جميل العطار، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1415هـ/1995م.

روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (ت1270هـ)، تحقيق: علي عبد الباري، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1415هـ.

شذرات من فلسفة تاريخ الحسين(عليه السلام)، السيّد محمد الصدر (ت1419هـ)، هيأة تراث السيّد الشهيد الصدر، النجف الأشرف، 1430 هـ/ 2009م.

عيون أخبار الرضا، محمد بن علي بن بابويه المعروف بالصدوق (ت381هـ)، تصحيح وتعليق: الشيخ حسين الأعلمي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، 1404 هـ/1984م.

الكافي، محمد بن يعقوب الكليني (ت329هـ)، تصحيح وتعليق: علي أكبر غفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الثانية، 1389هـ.

كامل الزيارات، جعفر بن محمد المعروف بابن قولويه (ت368هـ)، تحقيق: عبد الحسين الأميني، دار المرتضوية، النجف الأشرف، الطبعة الأُولى، 1397هـ.

لسان العرب، محمد بن مكرم بن علي بن منظور (ت711هـ)، دار صادر، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1414هـ.

مسند أحمد، أحمد بن محمد بن حنبل (ت241هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، عادل مرشد وآخرون، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأُولى، 1421هـ/2001م.

المعجم الأوسط، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت360هـ)، تحقيق: طارق ابن عوض الله بن محمد وعبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين، القاهرة، 1415هـ/1995م.

معجم رجال الحديث، السيّد أبو القاسم الخوئي (ت1413هـ)، تحقيق: مجموعة من العلماء، مؤسسة الإمام الخوئي الإسلامية، النجف الأشرف.

مفاتيح الغيب، أبو عبد الله محمد بن عمر التيمي الرازي (ت604هـ)، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1401هـ/1981م.

الميزان في تفسير القرآن، محمد حسين الطباطبائي (ت1402هـ)، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

ينابيع المودة لذوي القربى، سليمان بن إبراهيم القندوزي (ت1294هـ)، تحقيق: سيّد علي جمال أشرف الحسيني، دار الأسوة للطباعة والنشر، الطبعة الأُولى، 1416هـ.

[1] النجم: آية 3ـ4.

[2] عبس: آية24.

[3] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج2، ص96.

[4] الحجر: آية87.

[5] العياشي، محمد بن مسعود، تفسير العياشي: ج2، ص438.

[6] الدخان: آية29.

[7] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج22، ص33.

[8] ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق: ج14، ص225.

[9] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص182.

[10] الأحزاب: آية72.

[11] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الأوسط: ج2، ص255.

[12] الآلوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني: ج13، ص123.

[13] يوسف: آية82.

[14] الصدر، محمد، شذرات من فلسفة تاريخ الحسين(عليه السلام): ص195.

[15] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج23، ص272.

[16] المصدر السابق: ج45، ص299.

[17] المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص132.

[18] المصدر السابق.

[19] الحسيني، شرف الدين، تأويل الآيات الظاهرة: ج1، ص302.

[20] النساء: آية77.

[21] اُنظر: الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج8، ص549.

[22] في المصدر ورد (كما).

[23] آل عمران: آية7.

[24] الصفّار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات: ص216.

[25] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال: ج1، ص327ـ 329.

[26] النساء: آية77.

[27] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج8، ص330.

[28] الشورى: آية30.

[29] الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج3، ص28.

[30] التين: آية1.

[31] الفخر الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب: ج32، ص8.

[32] اُنظر: المصدر السابق: ص8ـ9.

[33] اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج11، ص32.

[34] الفخر الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب: ج32، ص8.

[35] المصدر السابق: ص9.

[36] يوسف: آية100.

[37] التين: آية1.

[38] الكوفي، فرات، تفسير فرات الكوفي: ص578.

[39] الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج14، ص271ـ272.

[40] التين: آية1.

[41] النور: آية35.

[42] الحسيني، شرف الدين، تأويل الآيات الظاهرة: ج2، ص815.

[43] القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع المودة: ج2، ص131.

[44] الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج3، ص49.

[45] العياشي، محمد بن مسعود، تفسير العياشي: ج1، ص12.

[46] الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا(عليه السلام): ج1، ص274.

[47] الإسراء: آية 4ـ7.

[48] اُنظر: الآلوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني: ج8، ص17.

[49] الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج13، ص26.

[50] الإسراء: آية4.

[51] الإسراء: آية4.

[52] الإسراء: آية5.

[53] الإسراء: آية5.

[54] الإسراء: آية5.

[55] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص133ـ134.

[56] اُنظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج8، ص206.

[57] ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد: ج4، ص125.

[58] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص631.

[59] التحريم: آية12.

[60] الحسيني، شرف الدين، تأويل الآيات الظاهرة: ج2، ص701.

[61] القصص: آية5.

[62] البحراني، هاشم، تفسير البرهان: ج4، ص253.

الآيات المؤوّلة بالإمام الحسين(عليه السلام) دراسة وتحليل (القسم الثاني)