المقدّمة

يُزار الإمام الحسين(عليه السلام) في مناسبات عديدة دينية توزّع على أشهر السنة، وربما في بعض الأشهر له زيارتان أو ثلاث مخصوصة، كما هو الحال في رجب وشعبان، وإذا أردنا أن نسير مع الشهور الهجرية من أوّلها لنعرف عدد تلك الزيارات، فنقول:

(1) زيارة عاشوراء، ويُزار بها في العاشر من المُحرَّم الذي هو يوم مصرعه(عليه السلام).

(2) زيارة الأربعين، ويُزار بها في العشرين من صفر، الذي هو يوم رجوع السبايا من الشام لزيارة قبره الشريف على ما هو المشهور.

(3) زيارة الأوّل من رجب.

(4) زيارة النصف من رجب.

(5) زيارة النصف من شعبان.

(6) زيارة ليالي القدر.

(7) زيارة العيدين (الفطر، والأضحى).

(8) زيارة عرفة، وهو اليوم التاسع من ذي الحجّة.

(9) زيارته(عليه السلام) ليلة الجمعة [1] .

تمهيد

يجدر بنا الإشارة إلى عدّة ملاحظات في هذا التمهيد، وهي:

الملاحظة الأُولى: إنّ بعض هذه الزيارات اندمجت في عنوان واحد، مثل زيارته(عليه السلام) ليالي القدر، يعني يُزار بها في ثلاث مناسبات باعتبار أنّ ليالي القدر ثلاثة، وأنَّ بعض هذه المناسبات مطلوبة الزيارة فيها ليلاً ونهاراً، كالعيدين، فتكون النتيجة أربع زيارات، وعليه؛ تتضاعف زيارته(عليه السلام) أكثر من العدد آنف الذكر، وبإضافة استحباب زيارته(عليه السلام) في كلِّ ليلة جمعة، فإنَّه يمكن القول: بأنَّه(عليه السلام) يُستحب زيارته في ما يقرب من السبعين مرّة في السنّة، فإذا لاحظنا استحباب زيارته في مطلق الأوقات فحدِّث ولا حرج.

الملاحظة الثانية: إنّ تحديد الزيارة في هذه المناسبات ـ بحسب الروايات ـ جاء على لسان أهل البيت(عليهم السلام)، كما سيأتي، ممَّا يُعطيها مشروعية، ويترتب على ذلك الأجر والثواب لفاعليها.

الملاحظة الثالثة: إنّ هناك مواسم ومناسبات يُزار بها الحسين(عليه السلام) لم يرد فيها نصّ، ولكنّ المؤمنين دأبوا على ذلك، كاليوم الثالث عشر من محرَّم الذي هو يوم دفن أجساد الشهداء، واليوم الثالث من شعبان الذي هو يوم ولادته(عليه السلام)؛ إذ لم يرد فيه نصّ صريح باستحباب الزيارة سوى الدعاء المعروف: «اللهمَّ إنِّي أسأل بحقِّ المولود في هذا اليوم الموعود بشهادته...»^{^[2]}، وغيرها، ممَّا يمكن أن يندرج في استحباب زيارته في مطلق الأوقات.

الملاحظة الرابعة: التأكيد على زيارته من بُعد لـمَن لا يتمكّن من زيارته عن قُرب وفي كلِّ يوم، كما جاء في الوسائل: «عن علقمة، عن أبي جعفر(عليه السلام) أنّه ذكر له ثواب زيارة الحسين(عليه السلام) في يوم عاشوراء، فقال له: فما لـمَن كان في بعيد البلاد وأقاصيه ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم؟ فقال: إذا كان كذلك برز إلى الصحراء أو صعد سطحاً مرتفعاً وأومأ إليه بالسلام، واجتهد في الدعاء على قاتله، وصلّى من بعد ركعتين، وليكن ذلك في صدر النهار من قبل أن تزول الشمس، ثمّ ذكر زيارة طويلة، ثمّ قال: وإن استطعت أن تزوره كلّ يوم ٍمن دارك بهذه الزيارة فافعل»^{^[3]}.

الملاحظة الخامسة:التأكيد على إحياء تلك المناسبات، من خلال ذكر الأجر الجزيل لزيارته(عليه السلام) بما قد يفوق التصوّر، وقد يَعدّه بعضٌ مبالغاً فيه، كما ورد في النص القائل: إنّ مَن زاره(عليه السلام) في الأوّل من رجب غُفر له البتّة^{^[4]}، أو كما ورد في زيارة عاشوراء، «عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: مَن زار الحسين(عليه السلام) في يوم عاشوراء من المُحرَّم حتّى يظلّ عنده باكياً لقي الله(عز وجل) يوم يلقاه بثواب ألفي حجّة، وألفي عُمرة، وألفي غزوة، وثواب كلِّ حجّة وعمرةٍ وغزوةٍ كثواب مَن حجَّ واعتمر وغزا مع رسول الله(صلى الله عليه واله)»^{^[5]}.

كلُّ هذه النصوص وغيرها كان لها الأثر الكبير في شدِّ المؤمنين إلى أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) والمواظبة على زيارته.

دوافع التأكيد على زيارة الإمام الحسين(عليه السلام)

قد يُسأل: ما هو الداعي لكلِّ هذا التأكيد على زيارة سيِّد الشهداء(عليه السلام)؟ وما هي فلسفة تكرار وتعدد زياراته(عليه السلام)؟ حتّى عُدِّت زيارته ظاهرة من ظواهر المجتمع ومعلماً من معالم الطائفة الشيعية، بل تُعدُّ بعضُ زياراته(عليه السلام) حدثاً عالمياً؛ إذ يقصده الناس من جميع الملل والنحل، ومن مختلف البلدان والأقطار، كما في زيارة الأربعين التي دخلت موسوعة (غينس للأرقام القياسية ـ Guinness World Records) كأكبر تجمع بشري في العالم.

وفي مقام الجواب نستطيع أن نقول: إنّ هناك مجموعة من الدوافع لكلِّ هذا التأكيد، نستطيع أن نجملها بأُمور عديدة:

الأمر الأوّل: دوافع أُخروية.

الأمر الثاني: دوافع عاطفية.

الأمر الثالث: دوافع تعبوية.

الأمر الرابع: دوافع معنوية.

الأمر الخامس: دوافع اجتماعية.

الأمر السادس: دوافع تربوية.

والآن سنفصِّل القول تحت هذه العناوين.

الأمر الأوّل: الدوافع الأُخروية

والهدف منها ربط الإنسان بالنشأة الأُخرى، فإنّه ممّا لا ريب فيه أنّ الدنيا دار ممّر والآخرة دار الحيَوان والمقرُّ، كما ثبت في الكتاب العزيز وجملة من الأخبار^{^[6]}، فمن الحري بالإنسان أن يصبّ اهتمامه على آخرته، ومن هنا نجد الكتاب العزيز والسنّة المطهّرة يؤكّدان على أهمّية ذلك، ومن جملة التأكيدات الوقوف على القبور؛ وذلك لأنّ زيارة القبور بشكل عام فيها العِظة والعبرة، فإنّ الفرد إذا وقف على أيّ قبرٍ وتأمّل قليلاً بأنّ هذه هي النهاية الحتمية لكلِّ ذي نفس، كما قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ)^{^[7]}، فإنّه سوف يُعيد حساباته في علاقاته وفي دنياه وأُخراه، وهذا يؤدِّي إلى نفعه في عدم التجاوز على الآخرين وعلى حقوقهم؛ لأنّ ما بعد هذه الحياة موت، وقبر، وحساب، وثواب، وعقاب.. وكأنّ هذه الوقفة على القبر تُعطيه جرعة وعي، كما يروي حفص بن غياث النخعي، قال: سمعت موسى بن جعفر(عليهما السلام) عند قبر وهو يقول: «إنّ شيئاً هذا آخره لحقيق أن يُزهد في أوله، وإنّ شيئاً هذا أوّله لحقيق أن يُخاف آخره»^{^[8]}، يعني إذا كانت الدنيا نهايتها الموت فالزهد فيها أَوْلى، وإذا كانت الآخرة أوّلها الموت فالحذر ممَّا بعده أحجى.

ومن هنا؛ جاء الأمر من النبي(صلى الله عليه واله) بزيارة القبور، فقد رُوي عنه(صلى الله عليه واله) أنَّه قال: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها»^{^[9]}.

ولأجل حثِّ المسلمين على زيارة القبور وأخذ العِظة والعبرة منها كان النبي(صلى الله عليه واله) يزور قبور البقيع، ففي صحيح مسلم: «إنّ رسول الله(صلى الله عليه واله) أتى المقبرة، فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون»^{^[10]}.

وكانت فاطمة(عليها السلام) تزور قبور شهداء أُحد، فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «عاشت فاطمة(عليها السلام) بعد أبيها خمسة وسبعين يوماً لم تُرَ كاشرة ولا ضاحكة، تأتي قبور الشهداء في كلِّ جمعة مرّتين الإثنين والخميس»^{^[11]}.

وفي المستدرك «عن علي بن الحسين، عن أبيه: إنّ فاطمة بنت النبي(صلى الله عليه واله) كانت تزور قبر عمِّها حمزة كلّ جمعةٍ، فتصلِّي وتبكي عنده»^{^[12]}.

وبملاحظة هذه الأحاديث نجد أنّ في زيارة القبور تذكرة ورقّة للقلب، وعِظة وعِبرة، وهذا يكفي لأن يكون داعٍ معنوي للوقوف على القبور وزيارتها. ومن الطبيعي أنّ هذه الآثار تحصل في زيارة قبور الأفراد العاديين، وفي زيارة قبور العظماء، لكن هنا تكون الآثار أوضح وأوكد، فإنّ الفرد حينما يقف ـ مثلاً ـ على قبر رسول الله(صلى الله عليه واله)، ويتأمّل في هذا القبر الذي يضمّ خير الخلق، فإنّ ذلك سوف يترك في نفسه أثراً عميقاً يشدَّه بآخرته، وهكذا الحال بالنسبة لقبر سيِّد الأوصياء وسيِّد الشهداء(عليهما السلام)، وبقيِّة قبور أهل البيت(عليهم السلام).

هذا، بالإضافة إلى أنّ من حقِّ بعض الأموات أن تبقى العلاقة بهم مستدامة ولا تنقطع بموتهم، وقد حثّت الشريعة على زيارتهم والتواصل معهم، بل إنّ ترك زيارتهم يُعدُّ من الجفاء الممقوت، ومن أمثلة ذلك:

1ـ النبيّ الخاتم الأعظم(صلى الله عليه واله)، فقد ورد عنه(صلى الله عليه واله): «مَن أتى مكّة حاجّاً ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة، ومَن أتاني زائراً وجبت له شفاعتي، ومَن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنّة»^{^[13]}.

2ـ المعصومون(عليهم السلام) عموماً، فإنّ من حقِّهم علينا زيارة قبورهم، واستمرار التواصل معهم، بل عُدّت زيارة الحسين(عليه السلام) ـ خصوصاً ـ من حقوق رسول الله(صلى الله عليه واله) كما نسمع في الرواية عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنَّه قال: «لو أنّ أحدكم حجّ دهره، ثمّ لم يزر الحسين بن علي(عليهما السلام) لكان تاركاً حقّاً من حقوق رسول الله(صلى الله عليه واله)؛ لأنّ حقّ الحسين(عليه السلام) فريضة من الله واجبة على كلِّ مسلم»^{^[14]}.

3ـ الوالدان، فقد رُوي عن النبي(صلى الله عليه واله) أنّه قال: «... ووالديك فأطعهما وبرَّهما حيِّين كانا أو ميِّتين»^{^[15]}، وإنّ ممَّا لا ريب فيه أنّ زيارة قبريهما يُعدُّ من البرِّ بهما. وقد زار النبي(صلى الله عليه واله) قبر والدته(عليها السلام)، وورد عنه(صلى الله عليه واله): «قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فقد أُذن لمحمد في زيارة قبر أُمّه، فزوروها، فإنَّها تذكِّر الآخرة»^{^[16]}.

4ـ الإخوان وقبور المؤمنين عموماً، فقد ذكرت جملة من الروايات أنَّهم يأنسون بالزيارة ويستوحشون بتركها، فعن أبي عبد الله(عليه السلام) في زيارة القبور قال: «إنَّهم يأنسون بكم، فإذا غبتم عنهم استوحشوا»^{^[17]}.

و«عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: قلت له: المؤمن يعلم بمَن يزور قبره؟ قال: نعم، ولا يزال مستأنساً به ما دام عند قبره، فإذا قام وانصرف من قبره دخله من انصرافه عن قبره وحشة»^{^[18]}.

الأمر الثاني: الدوافع العاطفية

ويُراد منها تحويل الإيمان من فكر إلى إحساس؛ وذلك لأنّ الإنسان نتاج أمرين: الطين، والنفخة الإلهية، كما قال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ)^{^[19]}، ومن خلال هذه الطبيعة التكوينية فإنَّه يتأثر بالحسّ؛ وعلى هذا الأساس نلاحظ أنّ هناك مجموعة من العبادات أعطاها المشرِّع بُعداً حسيّاً، مثلاً رفض الشيطان ومحاربته، فقد عبَّر عن هذه الفكرة بجمع الحجَّاج للحصيات ورمي الجمار في الحجِّ، وكذلك خلع الثياب والغُسل ولبس ثوبي الإحرام، فإنّه تعبير عن خلع ثياب المعصية والتطهُّر من الذنوب ولبس ثياب الطاعة، وكذلك الهدي، فإنّه تعبير عن التضحية، وهكذا كما ورد في حديث الشبلي عن الإمام زين العابدين^{^[20]}.

ومن هنا؛ وبالمنطلق نفسه جاءت شعائر الحسين(عليه السلام)، من الزيارة، والمأتم، والدمعة، والصرخة، وغيرها من الشعائر التي حثّ عليها أهل البيت(عليهم السلام)، فإنّ فلسفة جميع هذه الصور الشعائرية واحدة، وهي: أن تنقل الحسين(عليه السلام) من صورة فكرية إلى صورة حسِّية، ففي الزيارة ـ مثلاً ـ عندما يقف الزائر على القبر الشريف فإنّه يعيش أجواء الحسين(عليه السلام)^{^[21]} وهو يخاطبه: «أشهد أنَّك قُتلت مظلوماً»^{^[22]}، «أشهد أنّ دمك قد سكن في الخلد»^{^[23]}، «أشهد لقد اقشعرت لدمائكم أظلّة العرش مع أظلّة الخلائق، وبكتكم السماء والأرض، وسكان الجنان، والبرّ، والبحر»^{^[24]}.

وهذا من الجوانب التي أكَّدها القرآن الكريم؛ إذ لا يمكن أن يكتفي الإنسان بأن يؤمن بالله تعالى من خلال الأدلّة العقلية، بل لا بدّ من إنزال هذا الإيمان إلى عالم القلب والروح، لا بدّ من الاندفاع نحو الله تعالى بالعاطفة والحبِّ، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)^{^[25]}، وقال عزَّ من قائل: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ الله أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ الله وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ)^{^[26]}.

الأمر الثالث: الدوافع التعبوية

تُعتبر العبادات الجماعية من أهمّ القنوات التي تشدُّ عُرى العلاقة بين أبناء الأُمَّة، وتزيل الفوارق والاحتقانات؛ لأنَّ اللقاء لا يدع مجالاً لأهل النفاق وأهل النميمة في أن يدقّوا إسفين الفرقة بين المؤمنين، ومن هنا كانت هناك جملة من العبادات التي تُؤدَّى بشكل جماعي، كالحجِّ، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصلاة الجماعة.. وغيرها، والزيارة هي واحدة من العبادات التي تحقّق هذه النتيجة، وتكرارها يزيد من توثيق العلاقة بين الإمام(عليه السلام) ومحبِّيه من جهة، وبين المؤمنين أنفسهم من جهة أُخرى.

والواقع يشهد بأنّ الكثير من العلاقات والصداقات نشأت من خلال هذه الزيارات التي تجمع المؤمنين من بلدان ومناطق مختلفة، فهدف الزيارة من هذه الناحية كهدف الحجِّ الذي هو عبادة، وبالوقت نفسه انفتاح على كلِّ المسلمين من شتّى أقطار الأرض.

هذا بالإضافة إلى أنّ بعض الزيارات ـ كالأربعينية ـ فيها الشيء الكثير من التعب والنَّصَب والعناء، والسهر، وتحمُّل البرد والحرّ، والإنفاق، وقطع الفيافي بالمشي لمسافات طويلة، وهذا فيه نوع من التدريب ـ لو صحَّ التعبير ـ على تحمُّل المشاق، وهو أمر ندبت إليه الشريعة، كما وصف ضرار بن ضمرة أميرَ المؤمنين(عليه السلام) بأنَّه: «يُعجبه من اللباس ما خشُن، ومن الطعام ما جشُب»^{^[27]}، وفي الحديث عن النبي(صلى الله عليه واله): «اخشوشنوا فإنَّ النعم لا تدوم»^{^[28]}.

الأمر الرابع: الدوافع المعنوية

إنّ مشاهد المعصومين(عليهم السلام) المشرّفة ومنها مرقد الإمام الحسين(عليه السلام) من مضان استجابة الدعاء، ونيل الشفاعة، فقد «رُوي أنّ الله عوّض الحسين(عليه السلام) من قتله أربع خصال: جعل الشفاء في تربته، وإجابة الدعاء تحت قبَّته، والأئمَّة من ذرّيته، وأن لا تُعدّ أيّام زائريه من أعمارهم»^{^[29]}. وهكذا بقيَّة مراقد أهل البيت(عليهم السلام)، قال الدميري: «... وكان الإمام الشافعي يقول: قبر موسى الكاظم الترياق المجرَّب»^{^[30]}، يعني في استجابة الدعاء. ومَن منَّا لا يطمح في نيل شفاعتهم(عليهم السلام)، وقضاء حوائجه بالتوسّل إلى الله تعالى بحقِّهم ومقامهم، وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ الله وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)^{^[31]}. فقد جاء في تفسير القمّي أنّ معنى الوسيلة: «تقرَّبوا إليه بالإمام»^{^[32]}. ونحن نعتقد أنَّ حُرمة ومقام الإمام وهو ميّت كحُرمته ومقامه وهو حيّ، وقد أكّدت الروايات هذا المعنى، فعن النبي(صلى الله عليه واله): «مَن زارني بعد وفاتي كان كمَن زارني في حياتي، وكنت له شهيداً وشافعاً يوم القيامة»^{^[33]}.

الأمر الخامس: الدوافع الاجتماعية

دأبت الأُمم والشعوب والمجتمعات على تخليد رموزها وقادتها وعظمائها، ببناء أضرحتهم، أو إحياء مناسباتهم، أو نصب التماثيل لهم، أو الوقوف على قبورهم، بل إنّ بعض الدول تُقيم لهم احتفالات رسمية، وتضع أكاليل الزهور على أضرحتهم، ولسنا بِدعاً من المجتمعات، إلّا فيما خالف الشرع.

وكمثال بسيط على ذلك: رياضة الماراثون التي تُقام تخليداً لأحد المقاتلين اليونانيين (فيديبيدس)، الذي جرى مسافة قدرها (40) كيلو متراً من ماراثون إلى أثينا؛ ليحمل إلى أهلها نبأ انتصارهم على خصومهم، وبعد أن أخبرهم بالموضوع مات من التعب والإرهاق. ثمّ دخلت هذه الرياضة عالم الأولمبياد واعتبرت رياضة رسمية عالمية، وكان السباق يبدأ من جسر قرية ماراثون إلى أثينا وهي المسافة نفسها التي قطعها (فيديبيدس)^{^[34]}.

فماذا فعل هذا الرجل لأُمَّته غير أنَّه حمل لهم نبأ النصر، وهل يُقاس هذا الفعل البسيط بما قدَّمه سيِّد الشهداء(عليه السلام) من البذل والعطاء والتضحيات الجسام؛ من أجل عِزَّة الأُمَّة وكرامتها وحياتها، فلماذا يُعاب علينا إن مشينا كيلومترات عديدة تخليداً لذكراه(عليه السلام)، وإحياء لأمره، والتزاماً بما رفعه من قيم قدَّم في سبيلها دمه الطّاهر. هذا بغضّ النظر عمَّا ورد في استحباب زيارته(عليه السلام) سيراً على الأقدام، فقد جاء في الخبر عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة، قال: «قال أبو عبد الله(عليه السلام): يا حسين، مَن خرج من منزله يُريد زيارة قبر الحسين بن علي(عليهما السلام) إن كان ماشياً كتب الله له بكلِّ خطوةٍ حسنةٍ ومحا عنه سيئة، حتّى إذا صار في الحائر كتبه الله من المفلحين المنجحين، حتّى إذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين، حتّى إذا أراد الانصراف أتاه ملك فقال: إنَّ رسول الله(صلى الله عليه واله) يُقرؤك السلام، ويقول لك: استأنف العمل، فقد غُفر لك ما مضى»^{^[35]}.

وبغضّ النظر عن أنَّ هذه الممارسات تنسجم مع سيرة المجتمعات وهي سيرة فطرية، فإنَّها أُمور ندبت إليها الشريعة، كما ورد عن أمير المؤمنين(عليه السلام) في حديث الأربعمائة: «إنَّ الله تبارك وتعالى اطّلع إلى الأرض فاختارنا، واختار لنا شيعة، ينصروننا ويفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا، أولئك منَّا وإلينا...»^{^[36]}.

الأمر السادس: الدوافع التربوية

من أهمّ الدوافع التي تدعو إلى التأكيد على الزيارة هي الآثار التربوية المترتبة على زيارته(عليه السلام) وذلك، من ناحيتين:

الناحية الأُولى

إنّ نصوص زياراته(عليه السلام) فيها تعريف للزائر على جملة من المعارف الدينية من العقائد، والأحكام، والأخلاق، والقِيم النبيلة، والأفكار العالية المعاني، التي سعى الأئمَّة(عليهم السلام) إلى تضمينها في نصوص الزيارات، ولا يمكننا الوقوف على جميع تلك القِيم والمعاني في هذه المقالة المختصرة؛ لكثرة النصوص الواردة في زياراته(عليه السلام) المطلقة والمخصوصة، وغزارة المعاني المتضمّنة لها، ولكن ذلك لا يعفينا من ذكر بعض الومضات، وذلك ضمن ثلاث نقاط:

النقطة الأُولى: إنّ زيارة وارث ـ مثلاً ـ مفتتحة بدعاء يَعترف فيه الزائر بأنّ الله تعالى هو خير وأكرم مقصود، ويدعو بفكاك رقبته من النار، ثمَّ يُثني بالحمد والثناء والشكر لله تعالى، فيقول: «الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنَّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رُسل ربِّنا بالحقِّ»^{^[37]}.

ولا ينتهي العجب ممَّن يزعم أنّ زيارة الحسين(عليه السلام) أو الأئمّة الطاهرين(عليهم السلام) هي مظهر من مظاهر الشرك! ليت شعري أين هو الشرك وهذه ألفاظ الزيارة جلية بالتوحيد والدعوة إلى عبادة الله تعالى والارتباط به؟!

النقطة الثانية: في أيِّ صراعٍ بين الحقِّ والباطل، وفي أيِّ مقطعٍ من الزمن، لا بدَّ من التضحية من أجل القِيم العليا التي يريدها الله تعالى، ولهذا كان من الطبيعي أن تتّصف النهضة الحسينية بالجهد والعناء، ويتحمَّل أبطالها التعب والنَّصَب، والتضحية في سبيل الله بالغالي والنفيس، ولقد كانت هذه التضحيات على غرار تضحيات الأنبياء في مواجهة طغاة زمانهم، فقد عانوا من التشريد والتقتيل والسجون على ما حدَّث به التاريخ والكتاب العزيز.

فالإمام الحسين(عليه السلام) قد قدَّم كلَّ تلك التضحيات الجسام، وأرخص دمه الطاهر لا لشيء سوى نيل مرضاة الله تعالى؛ ومن هنا أصبح ثأر الله كما نقرأ في زيارة وارث: «السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوتر الموتور...»^{^[38]}. فإنّ الثأر في اللغة هو الدم، فإذا قيل: إنّ لزيد عند عمرو ثأراً، يعني أنَّه يطلبه دماً بسبب قتله لأحد أقربائه. فكيف أصبح الحسين(عليه السلام) ثأر الله تعالى، والله (عز وجل) لا قرابة بينه وبين أحد؟

وجوابه: لأنَّه(عليه السلام) انتفض من أجل الله تعالى، ومن أجل إحياء دينه، لا من أجل مطامع دنيوية، ولا مكاسب شخصية، فكانت النتيجة أنّ الله تعالى قد تكفَّل بالمطالبة بدمه الطاهر، وقد ادَّخر (عز وجل) لذلك الثأر الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف)، كما يقول ابن العرندس:

فليس لأخـــذ الثار إلّا خليفة

يكون لكسر الدين من عدله جبر

وأمّا (الوتر) فهو العدد الذي لم يشفع، أو هو الفرد الذي لا نظير ولا شبيه ولا ندَّ له، وبهذا الاعتبار يمكن فهم العبارة على أنحاء عديدة، منها: أنَّه(عليه السلام) لا نظير له في الكمال والمقام في الدنيا، فهو إمام ابن إمام أخو إمام وأبو الأئمَّة(عليهم السلام)، وهو شهيد وابن شهيد وأبو الشهداء، وجدّه الرسول(صلى الله عليه واله) وأُمَّه البتول(عليها السلام) وجدَّته خديجة(عليها السلام)، وهذه الخصال لم تجتمع في شخص آخر. ومنها: أنَّه(عليه السلام) لا نظير له في حجم الرزايا والمصاعب التي أَلمَّت به. ومنها: أنَّه لا نظير له في مكانته الأُخروية التي يغبطه عليها النبيِّون والصدِّيقون والشهداء والصالحون.

وأمَّا (الموتور) فهو المفجوع الذي قُتل أحباؤه، وأيُّ فجيعةٍ أعظم من فجيعته(عليه السلام)، فقد قُتل أبناؤه وإخوته وبنو إخوته وبنو عمومته وأصحابه وجميع أهل بيته، ثمّ ترك عياله بين خيل ورجال ونار، ثمَّ ذُبح كما يُذبح الكبش عطشاناً.

النقطة الثالثة: نقرأ في زيارة وارث أيضاً: «أشهد أنَّك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وأطعت الله ورسوله حتّى أتاك اليقين»^{^[39]}. وفي هذا المقطع أُمور:

منها: أنَّه شهادة للإمام الحسين(عليه السلام) بإقامة الدين؛ لأنَّ الصلاة عمود الدين وإقامتها إقامته.

ومنها: أنَّ الشهادة له(عليه السلام) بإيتاء الزكاة هي شهادة له(عليه السلام) برعاية الفقراء والمساكين؛ لأنَّ من أهمّ مواردها هذين الصنفين، كما قال تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ الله وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ الله وَالله عَلِيمٌ حَكِيمٌ)^{^[40]}.

ومنها: إنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من أهمّ الوظائف التي تحفظ القيم واستقامة المجتمع، فهاتان الوظيفتان بمنزلة الرئة التي تتنفس منها سائر الفرائض، فإذا ضاعا ضاع كلُّ شيء، وهلك الجميع، كما ورد في خطبة لأمير المؤمنين(عليه السلام) أنَّه قال: «أمَّا بعدُ، فإنّه إنّما هلك مَن كان قبلكم حيث ما عملوا من المعاصي، ولم ينههم الربّانيون والأحبار عن ذلك، وإنَّهم لـمّا تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربَّانيون والأحبار عن ذلك، نزلت بهم العقوبات، فامروا بالمعروف وانهوا عن المنكر واعلموا أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يقرّبا أجلاً، ولم يقطعا رزقاً»^{^[41]}.

فعندما يقف الزائر وهو يرتِّل هذه العبارة فإنّه يشهد للإمام بأنَّه من أئمَّة الحقِّ والهدى الذين لم يداهنوا ولم يجاملوا على حساب الحقِّ، ولم تأخذهم في الله لومة لائم. كما أنَّ في ذلك تلقين غير مباشر للزائر نفسه بأن يكون من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر؛ إذ لا معنى لأن يقف أمام الحسين(عليه السلام) ويقرُّ بأنَّه إمامه ومقتداه ولا يتأسّى به.

الناحية الثانية

إنَّ الوقوف على القبر الشريف يُجلي الدروس العظيمة التي جسَّدتها معركة الطفّ، وما أكثرها، والتي تُجلي جمال الموقف، كما عبَّرت العقيلة زينب(عليها السلام) حين سألها الطاغية ابن مرجانة: «كيف رأيتِ صنع الله بأهل بيتك؟ قالت: ما رأيت إلّا جميلاً»^{^[42]}.

وكأنَّها(عليها السلام) أرادت أن تقول: إنّ لهذه الواقعة وجهان: وجه بشع، وهو الاستهتار بالقيم، والجريمة، والوحشية، وقتل الأطفال، وسبي النساء.. وهو الوجه الذي يمثِّله معسكر الأعداء.

والوجه الآخر، هو الوجه الجميل الذي مثَّله الحسين وأهل بيته(عليهم السلام) بما قدَّموه من تضحيات ومعانٍ سامية، وهي ترى هذا الوجه الذي هو موضع فخر واعتزاز؛ لأنَّه تجلّت فيه الكثير من الدروس والعبر، ومنها:

أولاً: تقديم المصلحة العامَّة على المصلحة الخاصّة، حتّى لو استوجب ذلك التضحية بالنفس والمال والولد، فإنّ المقدّسات وكيان الأُمَّة والمجتمع لا يمكن أن تُحفظ إذا كان كلُّ فردٍ من أفراد المجتمع لا يفكِّر إلّا بمصلحته الخاصّة، هذا مع ملاحظة أنّ هذه التضحية ليست بالسهلة، والشخص المضحِّي ليس بالشخص العادي، فهو سنام الدين، وركن الإيمان، وقائد المسيرة، ومع ذلك كان يرى أنّ التضحية بنفسه الطاهرة من أجل المصلحة العُليا هي الأهمُّ، وعلى هذا الأساس قامت فريضة الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والفرائض المالية كالخمس والزكاة؛ لأنَّها نوع من التضحية بالمصلحة الخاصّة من أجل المصلحة العامّة.

ثانياً: يُعلِّمنا الإمام الحسين(عليه السلام) ـ بترك الحجِّ والخروج يوم التروية وبينه وبين الوقوف بعرفة يوم واحد ـ بأنّ فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أهمُّ بكثير من فريضة الحجِّ، وأنَّه لا قيمة للحجِّ والمجتمع منحرف والمنكرات متفشِّية، فلا قيمة لمجموعة حُصيات يُرمى بها رمز الشيطان والشيطان يحكم، ولا قيمة لكبش يُضحَّى به في الحجِّ مع عدم الاستعداد للتضحية بالنفس، ولا قيمة لخلع الملابس ولبس ثوبي الإحرام من دون خلع ثوب المعصية ولبس ثوب الطاعة، ولا قيمة للطواف حول البيت والمرء يتمحور حول الأنا والنفس الأمّارة بالسوء وشهواتها، ولا قيمة للسعي بين الصفا والمروة دون السعي لإصلاح ما أفسده الظالمون والفاسدون، فإنّ جميع هذه الشعائر وغيرها لها أبعاد باطنية ـ كما في حديث الشبلي^{^[43]} ـ ينبغي أن تنعكس على سلوك الحاجِّ.

ثالثاً: نتعلّم من الإمام الحسين(عليه السلام) أنّ قيمة الحياة في أن يعيش الإنسان حرَّاً، وأمَّا العيش مع الظالمين فهو أشبه بالسجن، فيكون الموت أحجى؛ لأنّ الإنسان يُدرك به الـمُنى بلقاء ربٍّ كريمٍ، كما ورد عنه(عليه السلام): «أَلا ترون إلى الحقِّ لا يُعمل به، وإلى الباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقَّاً، فإنِّي لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلّا برماً»^{^[44]} أي: ضيقاً وكبتاً.

رابعاً: نتعلَّم من الإمام الحسين(عليه السلام) كيف نحافظ على التكاليف الإلهية في أحرج المواقف وأصعبها؛ إذ نسمع أبا ثمامة الصيداوي يقول للحسين(عليه السلام): «يا أبا عبد الله، نفسي لنفسك الفداء، هؤلاء اقتربوا منك ولا والله لا تُقتل حتّى أُقتل دونك، وأُحبُّ أن ألقى الله ربِّي وقد صلَّيت هذه الصلاة. فرفع الحسين(عليه السلام) رأسه إلى السماء وقال: ذكرتَ الصلاة جعلك الله من المصلِّين الذاكرين، نعم، هذا أوّل وقتها. ثمَّ قال: سلوهم أن يكفُّوا عنَّا حتّى نصلِّي...»^{^[45]}، ثمَّ شمَّر عن ساعديه للصلاة بأصحابه والسهام تنزل عليهم كرشق المطر.

خامساً: نتعلَّم من الحسين(عليه السلام) درساً في الغيرة والحمية على الأهل والعيال؛ إذ نسمع من المؤرّخين أنَّه(عليه السلام) بعد أن أصابه العطش حمل(عليه السلام) نحو الفرات على عمرو بن الحجاج ـ وكان في أربعة آلاف ـ فكشفهم عن الماء، وأقحم الفرس الماء، فلمَّا مدَّ الحسين(عليه السلام) يده ليشرب ناداه رجل: أتلتذّ بالماء وقد هُتكت حرمُك؟! فرمى الماء ولم يشرب، وقصد الخيمة^{^[46]}.

وكان بإمكانه(عليه السلام) أن يشرب، فالمسألة لا تتعدّى سوى بضع ثوان، ولكنَّ غيرته أبت أن يسمع ذلك النداء ويشرب، ولئلّا يُسجِّل التاريخ أنَّه شغله شرب الماء عن عياله وحريمه.

سادساً: نتعلّم من الحسين(عليه السلام) درساً في الشجاعة والعنفوان، مع كثرة المصائب والصعوبات والضغوطات والتعب والنَّصَب، فلقد كانت الرزايا تنهمر عليه يوم العاشر كما ينحدر السيل من أعالي الجبال إلى السفوح والوديان، وكان(عليه السلام) يواجهها بشجاعة وبسالة ورباطة جأش، وقد شهد له بذلك الأعداء قبل الأصدقاء، «قال عبد الله بن عمّار بن عبد يغوث: ما رأيت مكثوراً قطُّ قد قُتل ولده وأهل بيته أربط جاشاً منه، وإنْ كانت الرجال لتشدُّ عليه فيشدُّ عليها بسيفه فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا شدَّ فيها السبع، وكانوا ثلاثين ألفاً، فيحمل عليهم فينهزمون كأنَّهم الجراد المنتشر»^{^[47]}.

سابعاً: نتعلَّم من الحسين(عليه السلام) درساً في الرحمة والشفقة والرأفة بمَن حوله، وهذا له شواهد عديدة، منها: موقفه(عليه السلام) مساء اليوم التاسع من الـمُحرَّم مع أُخته العقيلة زينب(عليها السلام) عندما سمعته ينشد هذه الأبيات:

يا دهر أفٍّ لك من خليل		كم لك بالإشراق والأصيل
من طالب وصاحب قتيل		والدهر لا يقنع بالبديل
وكلُّ حيٍّ سالك سبيل		ما أقرب الوعد من الرحيل

وإنّـما الأمـر إلى الجليـل

فقالت(عليها السلام): «هذا كلام مَن أيقن بالقتل، وا ثكلاه! ليت الموت أعدمني الحياة، اليوم ماتت أُمِّي فاطمة، وأبي عليّ، وأخي الحسن، يا خليفة الماضين وثمال الباقين. فقال(عليه السلام): يا أُختاه، لا يذهبنَّ حلمك الشيطان، تعزَّي بعزاء الله، فإنَّ أهل السماوات والأرض يموتون، وكلَّ شيء هالك إلّا وجهه»^{^[48]}.

ومنها: موقفه مع ابنته سكينة، فقد رُوي أنَّه(عليه السلام) «ودَّع النساء وكانت سكينة تصيح فضمَّها إلى صدره وقال:^{^[49]}

سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي		منك البكاء إذا الحِمام دهاني
لا تحرقي قلبي بدمعك حسرةً		ما دام منِّي الروح في جثماني
وإذا قُتلت فأنتِ أَوْلى بالذي		تأتينه يا خيرة النسوان»⁽¹⁾.

ثامناً: نتعلَّم من الحسين(عليه السلام) درساً في الصلابة والثبات على الموقف؛ إذ خطب في صبيحة العاشر من الـمُحرّم، فقال فيما قال: «أَلا وإنَّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: السلَّة والذلَّة وهيهات منَّا الذلَّة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت، وحجور طهرت، ونفوس أبيَّة، وأُنوف حميَّة، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، أَلا وإنَّي زاحف بهذه الأُسرة مع قلَّة العدد وكثرة العدو وخذلة الناصر»^{^[50]}.

تاسعاً: نتعلَّم من الحسين (عليه السلام) عدم إرادة سفك الدماء وإزهاق الأنفس، وعدم البدء بالقتال، وأنَّ الذي اضطَّره للقتال هو العدو، فكان فعله(عليه السلام) دفاعاً عن النفس والأهل، وخير شاهد على ذلك منعه(عليه السلام) لمسلم بن عوسجه من أن يرمي شمر بن ذي لجوشن بسهمٍ، فقال(عليه السلام) لمسلم: «لا ترمهْ، فإنِّي أكره أن أبدأهم بقتال»^{^[51]}.

عاشراً: ونتعلَّم من الحسين(عليه السلام) الثورة على السلطان الجائر، فهو(عليه السلام) أوَّل مَن فتح باب الثورة على السلطان الجائر، وفي هذا المجال نسمع الطبري يروي في تاريخه أنَّ الحسين(عليه السلام) لمَّا التقى بالحرِّ وأصحابه خطب فيهم قائلاً: «أيَّها الناس، إنَّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلَّم قال: مَن رأى سلطاناً جائراً مُستحلاً لـحُرم الله، ناكثاً لعهد الله، مُخالفاً لسنّة رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلَّم، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيِّر عليه بفعلٍ ولا قولٍ، كان حقّاً على الله أن يُدخله مدخله. أَلا وإنَّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطَّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلُّوا حرام الله، وحرَّموا حلاله، وأنا أحقُّ مَن غيَّر»^{^[52]}.

هذه عشرة كاملة من الدروس والعِبر التي يستفيدها الزائر من الوقوف على قبر الإمام الحسين(عليه السلام)، ولو أردنا أن نستفيض بالحديث لزدنا على ذلك، ولطال بنا المقام.

فلأجل كلِّ هذه النقاط المضيئة والدروس والعِبر المزبورة كان الأئمَّة(عليهم السلام) يحثُّون على زيارة أبي عبد الله الحسين(عليه السلام)، ويعلِّمون شيعتهم ما يقولون وما يفعلون في الزيارة، بل ويزورون بأنفسهم تلك البقعة المقدّسة.

التكرار وأثره في النفس

بقي هنا شيء لا بدَّ من الوقوف عليه ولو مختصراً، وهو موضوع التكرار، فقد يقول قائل: أَلا يكفي أن يُزار الحسين(عليه السلام) في السنَّة مرّةً أو في العمر مرّةً كالحجّ؟ فلماذا تخصّص زيارات عديدة في مناسبات عديدة؟ بل لماذا كلُّ ليلة جمعة وفي مطلق الأوقات؟

وفي مقام الجواب نقول:

أولاً: لا شكَّ في أنَّ الحجَّ وإن كان الواجب منه مرّةً واحدةً في العمر، إلّا أنَّ استحباب التكرار غير محدود، بل ورد التعبير بـ(الإدمان) عليه في بعض الروايات، كما في الخبر عن أبي عبد الله(عليه السلام): «... وما رأيت شيئاً أسرع غنى، ولا أنفى للفقر من إدمان حجِّ هذا البيت»^{^[53]}. كما أنّ العُمرة غير مختصَّة ببعض الشهور، بل هي مستحبة في مختلف الأوقات وفي الليل والنهار.

ثانياً: إنّ هناك الكثير من الأُمور التي لا يكتفى بها من أجل ترسيخها في الضمائر والأذهان بالمرّة الواحدة، ومن ذلك ـ مثلاً ـ تقديس عَلم البلاد، فإنَّه يُرفع هذا العلم أُسبوعياً أمام أنظار الطلبة ليتركّز في أذهانهم وفي ضمائرهم حبّه واحترامه وتقديسه، وكذلك النشيد الوطني يُعتبر شيئاً مقدَّساً في جميع أقطار الأرض، ويُتلى هذا النشيد في مختلف المحافل والمناسبات، ويُعتبر عدم الوقوف والإنصات أثناء تلاوته مخالفة يعاقب عليها القانون في بعض البلدان، كلُّ ذلك من أجل غرس حبِّ الوطن في قلوب الناس.

يقول الجاحظ: «وجملة القول في الترداد: أنَّه ليس فيه حدّ ينتهي إليه ولا يؤتى إلى وصفه، وإنّما ذلك على قدر المستمعين له، ومَن يحضره من العوام والخواص، وقد رأينا الله(عز وجل) ردّد ذكر قصّة موسى، وهود، وهارون، وشعيب، وإبراهيم، ولوط، وعاد، وثمود، وكذلك ذكر الجنَّة والنار، وأُمور كثيرة؛ لأنَّه خاطب جميع الأُمم من العرب وأصناف العجم، وأكثرهم غبي غافل، أو معاند مشغول الفكر، ساهي القلب»^{^[54]}.

وفي هذا المجال يقال: إنّ الطالب ـ مثلاً ـ إذا قال: إنّ هذه المواد والدروس صعبة ولا يمكنني النجاح في هذا الامتحان، فقد حكم على نفسه بالفشل، في حين أنَّه لو كرَّر وردَّد على قلبه وذهنه باستمرار بأنّه سيجتاز الامتحان بجدارة وسهولة، فهذا التلقين سيُعطيه شحنة واندفاع نحو المثابرة والقراءة، وسيجتاز الامتحان حتّى لو كان صعباً بالفعل؛ وذلك لأنّ العقل الباطن سيُحفِّزه نحو تحقيق الهدف، وهكذا في كلِّ المجالات.

وكذلك الهدف من الزيارة هو غرس المعاني العليا والقيم النبيلة والعقائد الحقّة المذكورة في نصّ الزيارة، بالإضافة إلى الوقوف على الدروس والأخلاق التي جسَّدها الإمام(عليه السلام)، والتي تقدّم ذكرها، وهذا لا يتمُّ بزيارةٍ واحدةٍ، أو تلاوةٍ واحدةٍ لنصِّ الزيارة، بل لا بدَّ من التكرار حتّى تتجذَّر تلك القيم في الزائر نفسه، فتصنع منه إنساناً ذا قيم ومبادئ، فكلُّ زيارةٍ في الحقيقة تُضيف شيئاً للزائر غير الزيارة السابقة، مَثَله في ذلك مثل الفحم الذي تتردَّد عليه المروحة، فإنَّها كلَّما استمرّت بإرسال الهواء إليه ازداد توهّجاً حتّى يتحوّل إلى جمر بعد أن كان فحماً.

وفي هذا المجال ينبغي للزائر أن يلاحظ نفسه، ويتساءل: هل أنَّه تغيَّر أو لا؟ وهل أضافت له الزيارة شيئاً أو لا؟ فإن كان قد تغيَّر باتجاه قِيم الزيارة ومبادئ المزور فليحمد الله تعالى، وإلّا فليراجع حساباته.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1. الأخلاق الحسينية، جعفر البياتي، أنوار الهدى، مطبعة مهر، الطبعة الأُولى، 1418هـ.

2. إرشاد القلوب، الحسن بن محمد الديلمي، انتشارات الشريف الرضي، مطبعة أمير، قم المشرّفة ـ إيران، الطبعة الثانية، 1415هـ/1374ش.

3. إقبال الأعمال، علي بن موسى بن جعفر ابن طاووس (ت664هـ)، تحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، مكتب الإعلام الإسلامي، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1416هـ.

4. تاريخ الأُمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، مراجعة وتصحيح وضبط: نُخبة من العلماء الأجلّاء، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان.

5. تفسير القمّي، علي بن إبراهيم القمّي، تصحيح وتعليق وتقديم: السيّد طيب الموسوي الجزائري، مؤسّسة دار الكتاب للطباعة والنشر، قم المشرّفة ـ إيران، الطبعة الثالثة، 1404هـ.

6. جامع أحاديث الشيعة، آية الله السيّد حسين البروجردي، المطبعة العلمية، قم المشرّفة ـ إيران.

7. الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، محمد الريشهري، دار الحديث، المطبعة: دار الحديث، الطبعة الأُولى.

8. حياة الحيوان الكبرى، كمال الدين محمد بن موسى بن عيسى الدميري، دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، 1424هـ.

9. الخصال، محمد بن علي بن الحسين الصدوق، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة، 1379هـ/1338ش.

10. خوارق اللاشعور، علي الوردي، الطبعة الثانية، لندن، 1996م.

11. سنن أبي داوود، سليمان بن الأشعث السجستاني، تحقيق وتعليق: سعيد محمد اللحام، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأُولى، 1410هـ/1990م.

12. سنن الترمذي، محمد بن عيسى بن سورة بن موسى السلمي الترمذي، تحقيق وتصحيح: عبد الرحمن محمد عثمان، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1403هـ/1983م.

13. صحيح مسلم، مسلم بن الحجّاج النيسابوري، دار الفكر، بيروت ـ لبنان.

14. عوالي اللئالي، ابن أبي جمهور الإحسائي، تقديم: السيّد شهاب الدين النجفي المرعشي، تحقيق: الحاج آقا مجتبى العراقي، المطبعة: سيّد الشهداء، قم المشرّفة ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1403هـ/1983م.

15. فضل زيارة الحسين(عليه السلام)، محمد بن علي بن الحسن العلوي الشجري، إعداد: السيّد أحمد الحسيني، واهتمام: السيّد محمود المرعشي، مكتبة آية الله المرعشي العامّة، المطبعة: الخيّام، قم المشرّفة ـ إيران، 1403هـ.

16. الكافي، محمد بن يعقوب الكليني، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران ـ إيران، الطبعة الثالثة، 1367ش.

17. كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه (ت367هـ)، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، مؤسّسة نشر الفقاهة، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

18. لواعج الأشجان، السيّد محسن الأمين العاملي، منشورات مكتبة بصيرتي، قم المشرّفة ـ إيران، الطبعة، 1331هـ.

19. مثير الأحزان، نجم الدين جعفر بن محمد المعروف بابن نما الحلّي، المطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف، 1369هـ/1950م.

20. المستدرك، الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد النيسابوري، إشراف: يوسف عبد الرحمن المرعشلي.

21. مسند أحمد، الإمام أحمد بن حنبل، دار صادر، بيروت ـ لبنان.

22. مفاتيح الجنان، الشيخ عباس القمّي، مكتبة العزيزي، قم المشرّفة ـ إيران، الطبعة الثالثة، 1385ش/2006م.

23. نهج البلاغة، خطب الإمام علي، شرح: الشيخ محمد عبده، دار الذخائر، قم المشرّفة ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1412هـ/1370ش.

24. وسائل الشيعة، محمد بن الحسن المعروف بالحرّ العاملي، تحقيق: مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث بقم المشرّفة، الطبعة الثانية، 1414هـ.

المواقع الإلكترونية

25. الفلسفة الروحية لزيارة الحسين، بحث لآية الله السيّد منير الخباز على موقعه في الشبكة العنكبوتية: www.alraimedia.com.

[1] اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص479.

[2] القمّي، عباس، مفاتيح الجنان: ص270.

[3] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص495.

[4] اُنظر: الشجري، محمد بن علي، فضل زيارة الحسين: ص76.

[5] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص477.

[6] عن أمير المؤمنين(عليه السلام) :«أيّها الناس إنّما الدنيا دار مجاز، والآخرة دار قرار، فخذوا من ممَّركم لمقرّكم». نهج البلاغة، خطب الإمام علي، شرح محمد عبده: ج2، ص183.

[7] آل عمران: آية185.

[8] الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ص343.

[9] النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج3، ص65. واُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص170.

[10] النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج1، ص150.

[11] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص228.

[12] الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك: ج1، ص377.

[13] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص548.

[14] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص238.

[15] المصدر السابق: ج2، ص158.

[16] الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي: ج2، ص259.

[17] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص228.

[18] المصدر السابق.

[19] ص: آية71 ـ 72.

[20] اُنظر: البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة: ج10، ص370.

[21] اُنظر: الخباز، منير، بحث بعنوان الفلسفة الروحية لزيارة الحسين، على موقعه في الشبكة العنكبوتية: (https://www.almoneer.org).

[22] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: 406.

[23] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4،ص576.

[24] ابن طاووس، علي بن موسى، إقبال الأعمال: ج3، ص342.

[25] المائدة: آية54.

[26] البقرة: آية165.

[27] الديلمي، الحسن بن محمد، إرشاد القلوب:ج2، ص218.

[28] السجستاني، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داوود: ج2، ص281، الهامش.

[29] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص537.

[30] الدميري، محمد بن موسى، حياة الحيوان الكبرى: ج1، ص189.

[31] المائدة: آية35.

[32] القمّي، علي بن إبراهيم، تفسير القمّي: ج1، ص168.

[33] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص45.

[34] اُنظر: الشبكة العنكبوتية، ويكيبيديا، مادّة (ماراثون).

[35] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص253.

[36] الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ص635.

[37] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص719.

[38] المصدر السابق: ص721.

[39] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص720.

[40] التوبة: آية60.

[41] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج5، ص57.

[42] ابن نما الحلّي، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص71.

[43] اُنظر: الريشهري، محمد، الحجُّ والعمرة في الكتاب والسنّة: ص260.

[44] ابن نما الحلّي، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص31.

[45] الأمين، محسن، لواعج الأشجان: ص155.

[46] اُنظر: البياتي، جعفر، الأخلاق الحسينية: ص255.

[47] ابن نما الحلّي، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص54.

[48] المصدر السابق: ص35.

[49] ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص257.

[50] ابن نما الحلّي، جعفر بن محمد، مثير الأحزان: ص40.

[51] الأمين، محسن، لواعج الأشجان: ص123.

[52] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك:ج4، ص304.

[53] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج1، ص27.

[54] الجاحظ، عمرو بن بحر، البيان والتبيين: ص70.

فلسفة التأكيد على زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) في المناسبات الدينية