المقدّمة

لقد أخذت النهضة الحسينية جانباً كبيراً من اهتمام الكتّاب والباحثين في قضايا العصر، سواء على الساحة العربية أم العالمية، فهناك الكثير من الأسرار والمزايا التي ما زالت مخفية لحدّ الآن في هذه النهضة المعطاء التي قام بها الإمام الحسين×، فهم يحاولون الكشف عن بعض هذه الأسرار، والوصول إلى بعض حقائقها؛ فالقضية الحسينية لها أبعاد متجدّدة، كل بُعد يتناول بحدّ ذاته قضية مهمّة؛ ويعود السبب في ذلك إلى ما انطوت عليه النهضة المباركة لسيّد الشهداء× من قيم رسالية عالية، وإلى التضحية العظيمة التي قدّمها هذا الإمام العظيم×.

وفي هذا البحث نودّ تسليط الضوء على جانب مهمّ من أهدف نهضة عاشوراء، وهو النهوض بحقّ الأمن الإنساني، من بين مجموعة حقوق الإنسان التي سعى إلى تضييعها الظلم والطغيان، الذي كان متفشياً آنذاك من قِبل يزيد، ومن قَبله معاوية (عليهما لعائن الله)، ومقارنة ما يتحصّل لدينا من معطيات مع ما أقرّته منظّمة الأُمم المتّحدة من قوانين ومقرّرات في هذا الصدد.

المحوّر الأول: الإطار المفاهيمي

أوّلاً: حقوق الإنسان

الحقوق لغةً: «الحقّ: خلاف الباطل. والحقّ: واحد الحقوق. والحقّة أخصّ منه، يُقال: هذه حقّتي، أي: حقّي. والحقّة أيضاً: حقيقة الأمر»^{^[1]}. «والحقّ من أسماء الله تعالى، أو من صفاته، وضدّ الباطل... وواحد الحقوق»^{^[2]}.

وأمّا حقوق الإنسان اصطلاحاً فقد تمّ تعريفها بأنّها: «الحقوق الواجبة له بوصفه إنساناً، وتلزم له في حياته لزوماً معتاداً؛ ليعيش في مجتمع حرّ مستقلّ، بعيداً عن الاستبداد والظلم والتدخّل في شؤون الفرد الخاصّة»^{^[3]}.

ثانياً: عاشوراء

عاشوراء لغةً: «اليوم العاشر من المحرّم»^{^[4]}.

وعاشوراء هو اليوم الذي استُشهد فيه الإمام الحسين× وأهل بيته وأصحابه، وأُسّرت نساؤهم وأطفالهم على يد جلاوزة يزيد بأمر منه في معركة الطفّ في كربلاء.

ثالثاً: الأُمم المتّحدة

الأُمم المتّحدة: هي «منظّمة عالمية تضمّ في عضويّتها جميع دول العالم المستقلّة تقريباً. تأسّست منظّمة الأُمم المتّحدة في 24أكتوبر 1945 في مدينة سان فرانسيسكو، كاليفورنيا الأمريكية»^{^[5]}.

المحور الثاني: حقوق الإنسان في ظلّ الشريعة الإسلامية

لقد أقرّت الشريعة الإسلامية حقوق الإنسان منذ أكثر من 1400عام، وشرّعت له التشريعات التي أكّدت فيها أنّ الناس متساوون فيجميع الحقوق، دون أن يكون بينهم فرق في العرق، أو النسب، أو اللون، أو الغنى والفقر، مبينة أنّ مرجعهم إلى نفس واحدة؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)^{^[6]}.

هذا؛ وأنّ نظرة الإسلام إلى المساواة هي أبعد وأوسع أُفقاً ممّا ذهبت إليه جميع الشرائع التي حكمت الأرض، فالناس جميعاً خلقُ الله الواحد تعالى، والإنسانُ أكرم مخلوق عنده}، فلا مبرّر لانتهاك حقوقه حينئذٍ^{^[7]}.

والواقع أنّ السبب الجوهري لاهتمام الشريعة السماوية بحقوق الإنسان هو أنّ هذا المخلوق كان وما زال محلّاً لاعتداءات صارخة على حقوقه وحرّياته، فقد ابتدأت حياة البشر بأبشع جريمة ضدّ جنسه، وهي جريمة قتل قابيل أخاه هابيل^{^[8]}. وبعد ذلك توالت الاعتداءات والانتهاكات، فجاءت الشريعة الإلهية لتضع حدّاً لكلِّ جريمة وانتهاك، بتنصيص القوانين الوضعية لها، ومبينة أنّ الجميع متساوون في الثواب والعقاب.

يقول الفيلسوف الإيرلندي (جورج برناردشو) عن الإسلام في حديث طويل له: «الإسلام يوحِّد أهل العقيدة المشتركة، دون أن يجعل أيّ فرق بينهم بسبب أوطانهم، وألوانهم، وأجناسهم، وهو المبدأ الذي لم يعرف عنه الروم السابقون، ولا عند الأُوربيّين والأمريكيّين الحاضرين»^{^[9]}.

لقد أعطت الشريعة الإسلامية للإنسان الكثير من الحقوق التي تضمن له العيش الكريم، من قبيل الحقّ في الحياة بأمان، والكرامة، والحرّية... إلى غير ذلك من الحقوق الكثيرة. ولكن إذا ما تتبّعنا أهمّية كلّ حقّ وتأثيره على الإنسان، سنجد أنّ أهمّ هذه الحقوق هو الأمن الإنساني، وهذا الحقّ يفتقر إليه الكثير من البشر.

المحور الثالث: حقوق الإنسان في ظلّ منظمة الأُمم المتّحدة

أكّدت المنظّمة العامّة للأُمم المتّحدة منذ تأسيسها في عام (1945م) على تشريع حقوق الإنسان كأحد البنود لميثاقها التأسيسي؛ باعتبارها المنظّمة التي تُعنى بالشعوب المنتمية إليها، بعد أن كان الإنسان حتّى مطلع القرن العشرين بعيداً عن القوانين الدولية التي تُحافظ على حقوقه كإنسان.

وقد أكّدت في ديباجة ميثاقها: «... إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الفرد وقيمته، وبالحقوق المتساوية للرجال والنساء، والأُمم كبيرها وصغيرها»^{^[10]}.

ويُعتبر ميثاق الأُمم المتّحدة بمثابة المعاهدة الدولية التي من خلالها يتمّ تنظيم العلاقات بين الدول، و يتمّ أيضاً التعاون الدولي في المجالات كافّة، وهو الذي يُحدّد أهدافها وصلاحيّتها ونظام أجهزتها الرئيسية^{^[11]}.

ونظراً للحاجة الكبيرة للاعتراف بحقوق الإنسان في الساحة العالمية، أصدرت الجمعية العامّة للأُمم المتّحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من كانون الأوّل من عام (1948م)، وقد تضمّن هذا الإعلان ثلاثين مادّةً حول حقوق الإنسان وحرّياته الأساسية^{^[12]}.

وقد جاء هذا الإعلان لكي يتمّ التعريف والإشهار بهذه الحقوق أمام المجتمع العالمي؛ لكي يتمّ الدفاع عنها من قبلهم، وذلك بالوسائل القانونية المتاحة لهم، بعد الاعتراف العالمي بهذه الحقوق.

إنّ ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو حصيلة لما أسّسه فلاسفة ومفكّرو الغرب بعد أن كان الإنسان في فلسفة الغرب فاقداً للقيمة والاعتبار، وعندما تُذكر مكانة الإنسان الممتازة في البلاد الإسلامية، يُقابل هذا القول بالسخرية والاحتقار من أغلب الفلسفات الغربية؛ بسبب هبوط الإنسان في النظرة الغربية إلى مستوى الماكنة التي لا تُحرّكها سوى المصالح الاقتصادية^{^[13]}.

وقد اعتُبر هذا الإعلان وثيقةً عالميةً تسعى بصدق إلى تغطية الحقل الكامل لحقوق الإنسان، وذلك من خلال الاتّفاقيات الدولية التي تُعقد تحت رعاية الأُمم المتّحدة، وتهدف إلى تكريس هذه الاتّفاقيات بالاعتراف الدولي بوجود حرّيات وحقوق أساسية للإنسان.

كما تهدف إلى تنظيم هذه الحرّيات والحقوق عبر إنشائها نظام الرقابة الدولي لضمان احترام الدول لأحكامها^{^[14]} وإن كانت الآلية من ناحية التنفيذ غير واضحة؛ بسبب وجود فريقين، أحدهما يُريد استخدام المنظمة من أجل التقدّم بحقوق الإنسان متخطّياً كلّ الحدود والقيود، والآخر يُريد الالتزام بالمصالح والسيادة القومية^{^[15]}.

وحقوق الإنسان التي أقرّتها الأُمم المتّحدة متعدّدة، فمنها حقوق مدنية، ومنها اقتصادية، ومنها سياسية، وأهم الحقوق المدنية والسياسية بصورة عامّة الحقُّ في الأمن الإنساني، ونلاحظ ذلك الحقّ في المادّة الثالثة التي أشار إليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي: «لكلّ فرد الحقّ في الحرّية، وفي الأمان على شخصه، ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسّفاً...»^{^[16]}.

المحور الرابع: الأمن الإنساني ومكانته في الإسلام وقوانين الأُمم المتّحدة

أوّلاً: تعريف الأمن الإنساني وبيان أهمّيته

الأمن في اللغة معناه سكون القلب واطمئنانه بعدم وجود مكروه، أو بتوقّع عدمه. قال الراغب الأصفهاني: و«أصل الأمْن: طمأنينة النفس وزوال الخوف، والأمْنُ والأمانَةُ والأمانُ في الأصل مصادر»^{^[17]}.

أمّا الأمن الإنساني في الاصطلاح: فهو «الحالة التي يسود فيها الشعور بالطمأنينة والهدوء والاستقرار، والبعد عن القلق والاضطراب»^{^[18]}. وهو معنى لا يختلف عن المعنى اللغوي من حيث الطمأنينة والاستقرار وزوال الخوف.

هذا؛ وإنّ للإنسان حقوقاً كثيرة، كالحقّ في الحياة، والعيش بكرامة، والحرّية، وغير ذلك من الحقوق، لكن إذا ما تمّت المقارنة بين هذه الحقوق سنجد أنّ أهمّها هو الحقّ في الأمن الإنساني؛ لأنّ الإنسان إذا تمتّع بهذا الحقّ سيأمن على نفسه، وينعم بالاطمئنان والراحة.

ثانياً: الأمن الإنساني في الإسلام

الأمن الإنساني مهمّة مقدّسة سعت لها جميع الأديان والرسالات السماوية، فقد كانت موضع اهتمام الأنبياء، ومن بعدهم الأوصياء والصالحين؛ لأنّ الشريعة الإلهية قد نصّت في جميع كتبها المنزلة على الأنبياء وبالأخصّ الشريعة الإسلامية على الأمن الإنساني كعامل أساسي للفرد في احتياجاته كإنسان، بالإضافة إلى احتياجاته إلى العوامل الأُخرى من الغذاء، والاطمئنان، وتوفّر سبل العيش من المال وغيره، التي يُطلق عليها بالموارد الاقتصادية، وقد جمعها القرآن الكريم في آية واحدة من خلال قوله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)^{^[19]}.

وقد عُدّ القرآن الكريم من أهمّ وأقدم الوثائق المدوّنة لحقوق الإنسان، قياساً لمدوّنات حقوق الإنسان في الغرب، فقد بدأت المرحلة الأُولى لكتابة حقوق الإنسان في الإسلام بجمع الآيات في الأعوام الأُولى من نزول القرآن^{^[20]}.

ثالثاً: الأمن الإنساني في لائحة قوانين الأُمم المتّحدة

إنّ المعني الأوّل بالأمن الإنساني وفق قوانين الأُمم المتّحدة في وقتنا الحاضر باعتباره حقّاً من حقوق الإنسان، هو منظّمة الأُمم المتّحدة، التي سعت أن تضع التعريف الصحيح له بعد استخلاصه من جميع التعاريف التي وردت له، فقد عرّفه كوفي عنان الأمين العامّ السابق للمنظّمة: «الأمن الإنساني في معناه الشامل يعني ما هو أبعد من غياب العنف المسلّح، فهو يشتمل على حقوق الإنسان، والحكم الرشيد، والحقّ في الحصول على فرص التعليم والرعاية الصحّية، والتأكّد من كلّ فرد لديه الفرصة والقدرة على بلوغ احتياجاته الخاصّة.

وكلّ خطوة في هذا الاتّجاه هي أيضاً خطوة نحو تقليل الفقر، وتحقيق النموّ الاقتصادي، ومنع النزاعات، فتحقيق التحرّر من الحاجة، والتحرّر من الخوف، وحرّية الأجيال القادمة في أن ترث بيئة طبيعية وصحّية، هذه هي الأركان المترابطة لتحقيق الأمن الإنساني، ومن ثمّ الأمن القومي»^{^[21]}.

رابعاً: الأمن الإنساني ما بين الإسلام والأُمم المتّحدة

من الوهلة الأُولى لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بدأ المختصّون في هذا المجال والعاملون فيه سعيهم الحثيث لتجسيد هذا الأمر على ساحة الواقع، ولكن بالرغم من كلّ الجهود التي بُذلت؛ فإنّه يُلاحظ أنّ أبسط حقوق الإنسان وأهمّها وهو الحقّ في الأمن الإنساني ما زال مجمّداً في كثير من دول العالم، التي هي بأمسّ الحاجة لتطبيق هذا الحقّ، وكذا سائر الحقوق الأُخرى.

والسبب في ذلك يعود لرؤية كثير من الباحثين المهتمّين بالتنظيم الدولي بصورة عامّة، وقوانين منظّمة الأُمم المتّحدة بصورة خاصّة، بأنّ منظومة ومؤسّسات الأُمم المتّحدة تتطلّب كثيراً من الإصلاحات الإدارية والمالية والسياسية، وكذلك إصلاحات في نظام التصويت لها، والتمثيل الجغرافي، واختبارات الرقابة، وغيرها^{^[22]}.

ومن المفترض أنّ عمل الأُمم المتّحدة يكمن في إصلاح ما قام بتخريبه الحكّام والشعوب، بل حتّى الأفراد، من خلال وضع القوانين الإصلاحية وتفعيلها على مستوى الجميع، ولكنّ الملاحظ على ساحة الأحداث عدم تحقّق هذا الأمر؛ لأنّ الأُمم المتّحدة هي نفسها بحاجة إلى إصلاحات؛ لأنّها تعاني من مشكلات تحول دون النهوض بمستوى التفعيل التامّ لقوانينها، بالإضافة إلى هيمنة الدول الكبرى على قراراتها، التي بدورها حدّت من نطاق عملها، وأيضاً مواكبتها لسلطات تلك الدول، ممّا أدّى إلى فقدان مصداقيّتها في العالم.

ولكن إذا نظرنا إلى تعاليم الدين الإسلامي المنزلة قَبل أكثر من ألف وأربعمئة عام، سنجد أنّ تعاليمه نصّت على قوانين حقوق الإنسان، وفعّلتها في المجتمعات، وشرّعت العقوبات على مَن يخالف هذه القوانين، وأكّدت أنّ الشخص ما دام متمسّكاً بدينه، فحقّه مصان ومحفوظ، وهذا ما أكّده الإمام علي× بقوله: «مفارقة الدين مفارقة الأمن»^{^[23]}.

إنّ الذي قام بتفعيل حقوق الإنسان بعد تشريعها هو الرسول الأعظم| ومن بعده الأئمّة^، ولكلّ منهم (صلوات الله عليهم) دورٌ خاصّ في النهوض بهذه الحقوق، فنجد أنّ الإمام الحسين× كان له دور كبير في تفعيل هذا الدور، فسعى إلى تحقيقه في الأُمّة باتّباع جميع السبل والطرق التي يتمّ من خلالها الحفاظ على الحقوق الإنسانية، حتّى استلزم الأمر التضحية العظيمة التي بذلها في واقعة الطفّ الخالدة.

المحور الخامس: موقف نهضة عاشوراء من تداعي الأمن الإنساني في ظلّ حكومة بني أُمية

توطئة

أقرّت الجمعية العامّة للأُمم المتّحدة في قراراها المرقّم (64/291) حول الأمن الإنساني في الفقرة (17) بأنّه: «يرمي الأمن البشري إلى كفالة الأشخاص وسبل عيشهم؛ تصدّياً للتهديدات القائمة والناشئة، وهي تهديدات واسعة الانتشار وشاملة لعدّة مجالات»^{^[24]}.

وهذا القرار الذي نصّت عليه الأُمم المتّحدة يؤكّد أنّ من حقّ الإنسان الدفاع عن نفسه وعن كرامته في ظلّ التهديدات القائمة، بل إنّه يكون مكفولاً أيضاً، وعلى هذا لا يحقّ لأحد أن يدينه على ذلك.

ومن هنا؛ يتّضح أنّ خروج الإمام الحسين× على الطاغية يزيد كان في ظلّ تحقيق حقوق الإنسان وأمنه، التي أقرّها الله سبحانه وشرّعتها التعاليم الإسلامية، والتي أقرّتها أيضاً الأُمم المتّحدة بعد أكثر من (1400عام) في قوانين ومعاهدات دولية لم يصل مستوى التطبيق فيها إلى الطموح الإنساني، علاوةً على أنّ الدول القائمة على ذلك لم تكن بمستوى من الالتزام بمعايير الحياد والموضوعية والمهنية في تنفيذ القوانين والالتزامات الدولية.

أوّلاً: أسباب نهضة عاشوراء

هناك أسباب عديدة أدّت إلى خروج الإمام الحسين× وقيامه بالنهضة على الطاغية يزيد في معركة الطفّ الخالدة، ومنها:

الحفاظ على صورة الإسلام ومبادئه، ورفض الصورة التي رسمها له يزيد وبنو أُمية المنتمون للإسلام شكلاً لا واقعاً، فقد كان يزيد طاغوتاً آثماً وجائراً، يفعل المحرّمات والمنكرات، ويشوّه الدين ومفاهيمه، وقد ألحقت حكومته بالإسلام أذىً كبيراً؛ لذلك فإنّ حركة الإمام الحسين× كانت لإزالة هذا الواقع وقلعه^{^[25]}.

القضاء على الضلال والانحراف الفقهي والعقائدي الذي خلّفه معاوية إرثاً لابنه الفاسد يزيد، وذلك بعد أن أفرغ الإسلام من محتواه وحرّف مبادئه وقتل روحه، فجاء دور يزيد ليُعلن النهاية العملية والظاهرية للدين الخاتم^{^[26]}.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك من خلال ممارسة الإمام الحسين× دوره كإمام مفترض الطاعة، له وظيفة مجعولة من قِبل الله سبحانه، وهذا ما بيّنه× بشكل جلي لا يشوبه شكّ من خلال قوله×: «إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي رسول الله|، أُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي رسول الله وأبي علي»^{^[27]}.

رفض الإمام الحسين× الخضوع والاستسلام للباطل وحكومته، فالإمام× حينما أراد تأسيس دولة إسلامية كان يهدف منها أن تكون وسيلة لترسيخ الإيمان، وتربية النفوس في قلوب المسلمين، وتوظيفهم من أجل الدفاع عن الحقّ والعدالة، وأيضاً التصدّي لقوى الظلم والانحراف وعدم التسليم والاستسلام^{^[28]}.

إطلاق صوت الحقّ والحرّية الذي ظلّ مكبوتاً طوال الفترة التي تولّى السلطة فيها معاوية ومن بعده ابنه الفاسق يزيد، وهذا من الأُمور المهمّة التي قام من أجلها الإمام الحسين× بنهضته المباركة، فالحرّية تعني تحرير إرادة الأُمّة، وإرادة الفرد، وفتح منافذ النور والوعي التي سُدَّت في وجهه^{^[29]}.

إعطاء درس للأُمّة الإسلامية برفض الظلم والطغيان، والتصدّي للحكومات الفاسدة ومطالبتها بالحقوق الإنسانية التي شرّعها الله تعالى.

كلّ هذه الأسباب وغيرها دعت الإمام الحسين× إلى الخروج على الطاغية يزيد، فقد كان ذلك من ضمن حقوقه كإنسان وواجباته كإمام؛ وعليه فإنّ خروجه× مشرّع من قِبل الله سبحانه. وفي الوقت نفسه؛ فإنّ هذا الحقّ مقرّر في قوانين الأُمم المتّحدة بعد أربعة عشر قرناً.

لقد أوشكت الحكومة الجائرة التي يتزعّمها يزيد أن تمحي الإسلام، وتضيع جهود النبي محمد| المضنية، وكذلك جهود المسلمين ودماء الشهداء، وتُلقيها في زاوية النسيان. كما أنّها عملت كلّ ما من شأنه أن يضيّع كلّ ذلك سدىً^{^[30]}.

ومن ضمن الحقوق الإنسانية التي سلبتها السلطة الجائرة عن الإمام الحسين× وأهل بيته وأصحابه حقُّ الحرّية الشخصية، فقد حاول يزيد بسبب تسلّطه وتجبّره
حدّها ومنعهم منها، وهو مخالف لما شرّعته الشرائع السماوية الأرضية من كون الإنسان حرّاً في غدوه ورواحه.

وهذه الحقوق وفق القوانين التي تضمن الحرّيات لا يُمنع منها أحد، إلّا إذا أجاز القانون المنع منها، وذلك في حدود المصلحة العامّة^{^[31]}.

ثانياً: موقف الإمام الحسين× من تداعي الأمن الإنساني في فترة إمامته

لقد بدأت أوّل مراحل تداعي الأمن الإنساني في يوم السقيفة واغتصاب الخلافة من الإمام علي×، ولكن ما أن عاد الحقّ إلى نصابه بتولّي أمير المؤمنين زمام خلافة رسول الله| بعد مقتل الخليفة الثالث، حتّى عاد إلى الساحة الأمن الإنساني من جديد، فقام بتثبيت ركائزه، وتقوية دعائمه، فاستعاد الناس ثقتهم بالخليفة، وبدأ التفعيل الحقيقي لحقوق الإنسان، وخاصّة حقّ الأمن الإنساني.

ولكن سرعان ما عادت حالة تداعي الأمن الإنساني من جديد بعد استشهاد الإمام علي× وانتقال الإمامة إلى ابنه الإمام الحسن المجتبى× المنصوص عليه من قِبل الله سبحانه؛ وهذه التداعي كان سببه معاوية الذي اغتصب الخلافة من الإمام الحسن×، فسادت الفوضى، وانهار النظام داخل كيان الأُمّة الإسلامية.

فبعد أن تواجد الكثير من المحبّين لأمير المؤمنين×، من الذين أعلنوا ولاءهم لولده الحسن×، سعى معاوية بشتّى الوسائل الخبيثة والحيل إلى طلب الصلح من الإمام الحسن×، وبالفعل تمّ الصلح بعد موافقة الإمام عليه من أجل حقن دماء المسلمين، ولكنّ هذا الصلح كان مشروطاً بعدّة شروط، من أهمّها انتقال الخلافة بعد موت معاوية إلى الإمام الحسن×، وإن لم يكن على قيد الحياة فإلى أخيه الإمام الحسين×، ووافق معاوية على ذلك.

وما أن تمّ الصلح واستولى معاوية على الحكم حتّى بدأ بنكث شروط الصلح واحداً تلو الآخر، وتهديم كلّ ما بناه الإسلام على يد رسوله الأعظم| وخليفته علي ومن بعده الحسن÷، وجاء دور ابنه المتجاهر بالفسق يزيد لكي يتزعّم الأُمّة بالقوّة من دون أن يكون لها أقلّ اختيار، مع كلّ معالنته بالفجور والتهتّك واستباحته الحرام^{^[32]}.

وبعد كلّ هذا، جاء دور الإمام الحسين× بعد استشهاد أخيه الإمام الحسن×، لكي يقاوم ويحارب من أجل الحقّ وحرمته هكذا حاكم، وهي من الحرمات التي لا يجوز تجاوزها؛ فإنّ الله جعل للحقّ حرمة، وفي نفس الوقت للظلم حرمة لا يجوز السكوت عنها، ولهذا إذا مات المؤمن المظلوم من دون أن يدافع عن نفسه ويواجه الظالم، أوقفته الملائكة موقف الحساب؛ لأنّ سكوته عن الظلم وخضوعه للظالم هو بمنزلة الظلم لنفسه^{^[33]}.

وممّا يؤكّد ذلك ما رواه الإمام الحسين× عن جدّه رسول الله|، حين خطب في كتيبة الحرّ بن يزيد التميمي بمنطقة البيضة قائلاً: «مَن رأى سلطاناً جائراً مستحلّاً لحرام الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنّة رسول الله |، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول، كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله»^{^[34]}.

ثالثاً: أهداف نهضة عاشوراء

إنّ من أهمّ الأهداف التي ثار الإمام الحسين× من أجلها في يوم عاشوراء، هو تفعيل حقوق الأُمّة الإسلامية التي جمّدها حكّام الجور والفساد، وأهمّ هذه الحقوق الحقّ في الأمن الإنساني، وقد حُدِّد ذلك من خلال أمرين، هما:

توجيه الأنظار نحو الإمام× بأنّه خليفة الله على الناس بعد الرسول|، وأنّه× امتداد للنصّ التشريعي، ومن مسؤوليّاته تحقيق الأمن الإنساني.

إنّ تحقيق هذا الأمن لا يمكن أن يكون بيد أيّ حاكم أو خليفة، وإنّما يتحقّق من خلال السلطة التي يتولّاها الخليفة المنصوص عليه من الله}.

وعليه؛ فنهضة الإمام الحسين× على الطاغية يزيد باعتباره ممثّلاً للحكم الأُموي كانت من أجل المسلمين الذين جوّعهم وصرف أموالهم في الملذّات والبذح على شعراء الضمائر، والذي قمع أيضاً حركات التحرير، ومزّق الوحدة الإسلامية بزرع العداوة والبغضاء بين المسلمين^{^[35]}.

المحور السادس: مفهوم الأمن الإنساني وقيمه الأساسية بين قرارات الأُمم المتّحدة وبين ما جرى في نهضة عاشوراء

أوّلاً: مفهوم الأمن الإنساني وأهداف نهضة عاشوراء

جاء في قرار الجمعية العامّة للأُمم المتّحدة في نطاق مفهوم الأمن البشري، الفقرة الثالثة والعشرين: «يتميّز مفهوم الأمن البشري عن مسؤولية الحماية وتطبيقها، ففي حين أنّ الأمن البشري يأتي استجابة لأوجه انعدام الأمن متعدّدة الأبعاد التي يواجهها البشر، تُركّز مسؤولية الحماية على السكّان من حالات معيّنة من الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والتطهير العرقي، والجرائم ضدّ الإنسانية»^{^[36]}.

إنّ أهمّ النتائج التي نستطيع أن نستخلصها من تحديد مفهوم الأمن البشري وفق قرارات الأُمم المتّحدة ما يلي:

إنّ مسؤولية الحماية في حالة انعدام الأمن البشري في موارد خاصّة يقع على عاتق السكّان.

الحماية الملقاة على عاتق السكّان تأتي في حالات الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والجرائم ضدّ الإنسانية.

وعند الرجوع إلى أسباب النهضة التي قام بها الإمام الحسين× على الطاغية يزيد وأعوانه، كان منها انعدام الأمن البشري؛ بسبب التطهير العرقي ضدّ الموالين لأهل البيت^، والجرائم الإنسانية التي تُرتكب في حقّهم، وغير ذلك.

فالمعروف ارتكاب يزيد (لعنه الله) أبشع الجرائم ضدّ شيعة أهل البيت^، وأبرزها جريمته في يوم عاشوراء على أرض كربلاء، عندما أمر أتباعه بقتل الإمام الحسين× وكلّ مَن معه من الموالين الذين ساروا على طريقه؛ ولهذا نرى أنّه قد تمّ استبعاد وتهجير الموالين للإمام الحسين× قبل وصوله للعراق؛ للحيلولة دون تقديمهم الدعم والإسناد لنهضته المباركة.

ومن ناحية أُخرى، نجد أنّ الإمام الحسين× هو الذي تولّى حماية الموالين له، وهو الذي عرض على أصحابه الحلّ من بيعته حفاظاً على حياتهم.

ومن هذا يتبيّن أنّ نهضة سيّد الشهداء× مطابقة للموازين الدولية في ظلّ المفهوم العامّ للأمن الإنساني للجمعية العامّة للأُمم المتّحدة.

وفي الوقت نفسه يُعتبر يزيد وأعوانه مجرمي حرب بحسب القوانين الدولية للأُمم المتّحدة؛ لارتكابه جريمة الإبادة الجماعية في يوم عاشوراء في معركة الطفّ، وقد اعتبرت الإبادة الجماعية جريمةً في ظلّ القانون الدولي بحسب الديباجة لبيان الجمعية العامّة لعام 1946م^{^[37]}.

ثانياً: توافر نهضة عاشوراء على القيم الأساسية للأمن الإنساني

لقد جاء في قرار الجمعية (64/291) في أحد بنودها الواردة في الفقرة السادسة عشرة ما يلي: «عند التصدّي لأوجه انعدام الأمن المعقّدة والمتعدّدة الأبعاد التي يواجهها البشر اليوم في هذا العالم المترابط، أقرّ رؤساء الدول والحكومات في فقرة (143) من الوثيقة الختامية لمؤتمر القمّة العالمي لعام (2005م) بـ(حقّ الشعوب في العيش في حرّية وكرامة، بمنأىً عن الفقر واليأس، وأن تُتاح لهم الفرصة متساوية للتمتّع بجميع حقوقهم، وتنمية إمكاناتهم البشرية على أكمل وجه)»^{^[38]}^.

وأهمّ نتيجتين نستخلصهما من هذه الفقرة هما:

حقّ الشعوب في أن تدافع عن نفسها وتتصدّى لكلِّ مَن يُحاول سلب الأمن عنها.

حقّ الشعوب في أن تعيش بحرّية وكرامة، ولها الحقّ في الدفاع عنهما.

وكلتا النتيجتين قد توفّرتا في النهضة الحسينية؛ فالإمام الحسين× عندما كان ينظر إلى فسق يزيد وطغيانه، ونقضه للمواثيق، وإعلانه الفساد والإفساد، أيقن× بأنّ الله تعالى يأمره بالخروج على يزيد، والوقوف بوجهه، ورفع راية الإسلام، وولاية أهل البيت^^{^[39]}.

ولهذا أصبح الإمام الحسين× هو القوّة الجاذبة التي يعرج إليها الصادقون في ارتقائهم ووصولهم للفضيلة؛ لأنّ روحه تجتذبهم بشذاها الفوّاح، وتلفتهم دماؤه النبوية الطاهرة^{^[40]}.

يقول الكاتب الأديب أنطوان بارا: «إنّ الثورة التي فجّرها الحسين بن علي عليه وعلى أبيه أفضل السلام في أعماق الصدور المؤمنة والضمائر الحرّة، هي حكاية الحرّية الموؤدة بسكين الظلم في كلّ زمان ومكان وجد بهما حاكم ظالم غشوم، لا يقيم وزناً لحرّية إنسان، ولا يصون عهداً لقضية بشرية، وهي قضية الأحرار تحت أيّ لواء انضووا، وخلف أيّة عقيدة ساروا»^{^[41]}.

ثالثاً: صيانة الأمن الإنساني من منظار قرارات الأُمم المتّحدة ونهضة عاشوراء

لقد جاء في المادّة (55) في ميثاق الأُمم المتّحدة: تُلزم المادّة (55) الأُمم المتّحدة أن تشيع في العالم احترام حقوق الإنسان والحرّيات الأساسية للجميع.

وتنصّ المادّة (56): على الدول الأعضاء أن يقوموا منفردين أو مشتركين بما يجب عليهم من عمل، بالتعاون مع المنظّمة لإدراك المقاصد المنصوص عليها في المادّة (55)^{^[42]}.

وعند النظر إلى هاتين المادّتين (55) و(56) اللتين أقرّتهما الأُمم المتّحدة في ميثاقها، سنجد أنّ هاتين المادّتين قد أقرّهما الإمام الحسين× في مبادئه التي قام من أجلها بنهضته المباركة ضدّ أوجه الظلم والطغيان، وقد صرّح بذلك عندما قال: «وإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي|»^{^[43]}.

فالإمام الحسين× أقرّ هذه الموادّ وطبّقها على صعيد نهضته الخالدة، التي نصّت على احترام حقوق الإنسان والحرّيات الأُخرى، مع قصد إشاعتها لا على صعيد العرب فحسب، وإنّما على صعيد العالم أجمع.

وهذا ما يلمسه كلّ مَن تتبّع خروج الإمام الحسين× ونهضته المباركة، وما رافقها من حوادث، فهو× طالما أكّد تطبيق هذه الحقوق على صعيد الواقع مع الثلّة القليلة التي خرجت معه من أهله وأصحابه، الذين أصبحوا مجتمعين ومشتركين معاً لتحقيق هذا الأمر وإن كان ذلك يتطلّب منهم التضحية بحياتهم.

الخاتمة

نودّ في خاتمة بحثنا أن نوقف القارئ الكريم على مجموعة من النتائج الرئيسة التي خلصنا إليها من مجموع ما تطرّقنا إليه من محاور، وهي:

لقد أقرّت الشريعة الإسلامية حقوق الإنسان وأكّدت عليها منذ أكثر من أربعة عشر قرناً.

يُعدّ ما قامت به الجمعية العامّة للأُمم المتّحدة بإعلانها العامّ لحقوق الإنسان، مجرّد ترديد وإعادة لما أتى به النبي محمد| ضمن شريعته السمحاء المنزلة من قِبل الله تعالى.

يوجد اتّحاد في المبادئ والمفاهيم لحقوق الإنسان بين التشريع الإسلامي والقانون الدولي الموضوع لتلك الحقوق، والاختلاف يكمن في المصادر التي أقرّت الحقوق.

الشريعة الإسلامية قد وضعت القوانين التي تحمي حقوق الإنسان وتلزم العمل بها، ولم تكتفِ بذلك، بل سنّت العقوبات الدنيوية والأُخروية لمـَن يخالفها، بينما المنظّمات الدولية وضعت القوانين وسنّت العقوبات على المخالفين لها، ولكنّها اقتصرت على عقوبات دنيوية مؤقتة، وليست هي كالعقوبات الإلهية.

إنّ إقرار الشريعة الخاتمة لحقوق الإنسان لم يكن نتيجة ضغوطات تعرّضت لها، أو بغية مصلحة وأهواء دنيوية، بل جاء الإقرار لحماية البشر أنفسهم، بخلاف القوانين الوضعية البشرية.

عندما سنّ الدين الإسلامي حقوق الإنسان جعل عليها عاملينَ، وهم النبي| وأهل بيته^، يقومون بتجسيد هذه الحقوق على أرض الواقع وحمايتها، بخلاف الجمعيات والمنظّمات الدولية؛ فأكثر ما تقوم به هو مجرّد إطلاق الشعارات والتنديدات، ولا يوجد لها تطبيق في الواقع.

إنّ خروج الإمام الحسين× ضدّ يزيد الطاغية كان مشروعاً؛ وذلك لأنّ خروجه في نطاق القوانين التي أقرّها الله سبحانه، وموافقاً لما أقرّته المنظّمات العالمية لحقوق الإنسان.

إنّ لخروج الإمام الحسين× أسباباً عديدة، منها الدفاع عن بيضة الإسلام التي حاول يزيد محو معالمها؛ باعتبار أنّ هناك مقامين إلهيين للإمام الحسين×، مقام التشريع من خلال منصبه كإمام نصّبه الله على عباده، ومقام التنفيذ في العمل والتبليغ.

وفي الختام وبعد إتمام البحث والاطّلاع على الكثير من المصادر المختصّة في مجال حقوق الإنسان والأمن الإنساني، نجد أنّ نهضة الإمام الحسين× منبثقة من القوانين التي أقرّتها الشريعة الإسلامية، ومطابقة للقوانين الدولية التي أقرّتها الجمعية العامة للأُمم المتّحدة بعد قرون طويلة، فخروجه × للدفاع عن بيضة الإسلام، وللدفاع عن حقوق الإنسان مشرّع وقانوني.

فقد جاءت نهضة سيّد الشهداء× لكي تنهض بواقع الإنسان، وتبني دولةً ترعى الإنسان بما له من الحقوق والواجبات.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم

1ـ (700) سؤال وجواب عقائدي، مرتضى الحسيني الميلاني، مؤسّسة السيّدة المعصومة’، الطبعة الأُولى، 1432هـ/2011م.

2ـ الاتّفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، لينا الطبال، المؤسّسة الحديثة للكتاب، طرابلس ـ لبنان، 2010م.

3ـ الارتداد وحقوق الإنسان، ليث الحيدري، دار الغدير، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1424هـ/2004م.

4ـ آليّات مكافحة الإرهاب وأثرها على حقوق الإنسان، شذى عبودي عبّاس البازي، دار الفراهيدي، بغداد ـ العراق، الطبعة الأُولى، 2014م.

5ـ الإمام علي× صوت العدالة الإنسانية، جورج جرداق (ت 2014م)، تحقيق: حسن حميد السنيد، مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت^، الطبعة الأُولى، 1424م.

6ـ الأُمم المتّحدة والتنظيم الدولي المعاصر بين المثالية والواقعية، سيّد أبو ضيف أحمد، دار النهضة العربية، الطبعة الأُولى، 2016م.

7ـ الأُمم المتّحدة وحقوق الإنسان، الأُمم المتّحدة، مكتب الإعلام العامّ، نيويورك ـ أمريكا، ، 1978م.

8ـ الأُمم المتّحدة، ويكيبيديا الموسوعة الحرّة، https://ar.wikipedia.org.

9ـ الأمن الإنساني المفهوم والتطبيق في الواقع العربي والدولي، خديجة عرفة محمد أمين، جامعة نايف للعلوم الأمنية، الرياض ـ السعودية، الطبعة الأُولى،1430هـ/2009م.

10ـ الأمن الإنساني في خلافة الإمام الحسن، نبيل الحسني، مؤسّسة علوم نهج البلاغة، كربلاء ـ العراق، الطبعة الأُولى، 2016م.

11ـ الأمن الفكري والعقائدي مفاهيمه وخصائصه وكيفية تحقيقه، أحمد بن علي المجدوب، المركز العربي للدراسات الأمنية بالرياض، الرياض ـ السعودية، 1408هـ.

12ـ أهداف نهضة سيّد الشهداء في كلمات الفقهاء، عبد الرزاق النداوي، دار القارىء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1431هـ/2010م.

13ـ الحسين في الفكر المسيحي، أنطوان بارا، مكتبة فدك، قم ـ إيران، الطبعة الثانية، 1426هـ/2005م.

14ـ حقوق الإنسان أنواعها طرق حمايتها في القوانين المحلية والدولية، نخبة من أساتذة وخبراء القانون، المكتب العربي الحديث، الإسكندرية ـ مصر، 2008م.

15ـ حقوق الإنسان بين الامتثال والإكراه في منظمة الأُمم المتّحدة، صلاح عبد الرحمن الحديثي، سلافه طارق الشعلان، 1428هـ/2008م.

16ـ حقوق الإنسان بين حلف الفضول وميثاق الأُمم المتّحدة، محمد حسن كمال الدين، دار المحجّة البيضاء.

17ـ حقوق الإنسان عند أهل بيت النبوّة والفكر المعاصر، أحمد حسين يعقوب، دار الهدى، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1428هـ.

18ـ حقوق الإنسان في القرآن والسنّة وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية، محمد أحمد الصالح، الرياض ـ السعودية، الطبعة الأُولى، 1423هـ.

19ـ حقوق الإنسان، فايز محمد حسين محمد، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية ـ
مصر، 2016م.

20ـ الحقوق الإنسانية بين الإسلام والمجتمع المدني، مصطفى محقّق داماد، دار الهادي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1421هـ/2001م.

21ـ الحياة السياسية لأئمّة أهل البيت^، معهد الإمام الخميني للدراسات الإسلامية، كربلاء المقدّسة ـ العراق، الطبعة الأُولى.

22ـ الدمعة الساكبة (بحوث في البكاء والمأتم الحسيني)، محمد جمعة بادي، كربلاء المقدّسة ـ العراق، الطبعة الأُولى، 1426هـ.

23ـ الديمقراطية والإسلام والتجربة العراقية، جواد شحاتة، مؤسّسة بيت الطيب، النجف الأشرف ـ العراق، الطبعة الثانية، 1432هـ/2011م.

24ـ الشهب اللوامع، كاظم عليوي الخضري، دار الضياء، النجف الأشرف ـ العراق، الطبعة الثانية، 1428هـ/2008م.

25ـ الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، أبو نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهري
(ت 393هـ)، تحقيق: أحمد عبد الغفور العطار، دار العلم للملايين، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1407هـ/1987م.

26ـ فلسفة نهضة الحسين، حسن السيّد علي القبانجي، تحقيق: مؤسّسة إحياء التراث الشيعي، النجف الأشرف ـ العراق، الطبعة الأُولى، 1437هـ.

27ـ في رحاب القرآن، محمد مهدي الآصفي (ت 1436هـ)، المشرق للثقافة والنشر، النجف الأشرف ـ العراق، الطبعة الرابعة،1430هـ/2009م.

28ـ القاموس المحيط، محمد بن يعقوب الفيروزآبادي الشيرازي.

29ـ المباني الفقهية للمقاومة (مقاومة الحكومات الظالمة)، مؤسّسة أنوار الرسول الأعظم، إيران، الطبعة الأُولى، 1434هـ/2013م.

30ـ مسند الإمام علي×، حسن علي القبانجي، تحقيق: طاهر السلامي، منشورات مؤسّسة الأعلمي، الطبعة الأُولى، 2000م.

31ـ المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة ـ مصر، الطبعة الخامسة،2011م.

32ـ مفردات ألفاظ القرآن، الحسين بن محمد الراغب الأصفهاني (ت425هـ)، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، طليعة النور، قم ـ إيران، الطبعة الثانية، 1427هـ.

33ـ المنظّمات الدولية وحقوق الإنسان، علي مكرد محمد العواضي، مكتبة مركز الصادق، صنعاء ـ اليمن، 2005م.

34ـ موسوعة كلمات الإمام الحسين×، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم×، دار المعروف للطباعة والنشر، الطبعة الثانية، 1416هـ/1995م.

35ـ النهضة الحسينية دراسة وتحليل، علي الحسيني الفرجي، مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت^، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الثانية، 1431هـ.

36ـ النهضة الحسينية وحفظ المبادئ الدينية، رافد التميمي، العتبة الحسينية المقدّسة، مركز الدراسات التخصّصية في النهضة الحسينية، مجلّة الإصلاح الحسيني، العدد الرابع، السنة الأُولى، 1434هـ/2013م.

37ـ نهضة عاشوراء في كلام الإمام الخميني، الإمام روح الله الموسوي الخميني
(ت 1409هـ)، مؤسّسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، طهران ـ إيران، الطبعة الثانية، 1437هـ/2006م.

38ـ وقائع ملتقى الطفّ الثقافي الأوّل، كلّية الآداب، الجامعة المستنصرية، بغداد ـ العراق، 1431هـ/2010م.

[1] الجوهري، إسماعيل بن حمّاد، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: ج4، ص1460.

[2] الفيروز آبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط: ج3، ص221.

[3] الصالح، محمد أحمد، حقوق الإنسان في القرآن والسنّة وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية: ص18.

[4][4] مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط: مادة عاشوراء.

[5] بوابة الأُمم المتّحدة، ويكيبيديا، الموسوعة الحرّة: .https://ar.wikipedia.org

[6] النساء: الآية1.

[7] اُنظر: أحمد حسين يعقوب، حقوق الإنسان عند أهل بيت النبوّة والفكر المعاصر: ص242.

[8] اُنظر: نخبة من أساتذة وخبراء القانون، حقوق الإنسان.. أنواعها.. طرق حمايتها في القوانين المحلّية والدولية: ص23.

[9] محمد حسن كمال الدين، حقوق الإنسان بين حلف الفضول وميثاق الأُمم المتّحدة: ص66.

[10] فايز محمد، حقوق الإنسان: ص28.

[11] اُنظر: لينا الطبال، الاتّفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان: ص17.

[12] اُنظر: جواد شحاته، الديمقراطية والإسلام والتجربة العراقية: ص58.

[13] اُنظر: الحيدري، ليث ، الارتداد وحقوق الإنسان: ص76.

[14] اُنظر: العواضي، علي مكرد محمد، المنظّمات الدولية وحقوق الإنسان: ص298.

[15] اُنظر: الحديثي، صلاح عبد الرحمن، والشعلان، سلافه طارق ، حقوق الإنسان بين الامتثال والإكراه في منظّمة الأُمم المتّحدة: ص45.

[16] البازي، شذى عبودي عبّاس، آليّات مكافحة الإرهاب وأثرها على حقوق الإنسان: ص125.

[17] الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد، مفردات ألفاظ القرآن: ص90.

[18] المجدوب، أحمد علي، الأمن الفكري والعقائدي مفاهيمه وخصائصه وكيفية تحقيقه: ص53.

[19] النحل: الآية112.

[20] اُنظر: مصطفى محقّق داماد، الحقوق الإنسانية بين الإسلام والمجتمع المدني: ص107ـ 108.

[21] أمين، خديجة عرفة محمد، الأمن الإنساني المفهوم والتطبيق في الواقع العربي والدولي: ص35.

[22] اُنظر: سيّد أبو ضيف، أحمد، الأُمم المتّحدة والتنظيم الدولي المعاصر بين المثالية والواقعية: ص407.

[23] القبانجي، حسن علي، مسند الإمام علي×: ج1، ص17.

[24] الحسني، نبيل، الأمن الإنساني في خلافة الإمام الحسن×: ص133.

[25] اُنظر: النداوي، عبد الرزاق، أهداف نهضة سيّد الشهداء في كلمات الفقهاء: ص146.

[26] اُنظر: التميمي، رافد، النهضة الحسينية وحفظ المبادئ الدينية، مجلّة الإصلاح الحسيني: العدد الرابع، ص109.

[27] الخضري، كاظم عليوي ، الشهب اللوامع: ص125.

[28] اُنظر: الحسيني الفرحي، علي، النهضة الحسينية دراسة وتحليل: ص274.

[29] اُنظر: الحسيني الميلاني، مرتضى، 700 سؤال وجواب عقائدي: ص270.

[30] اُنظر: الإمام الخميني، روح الله، نهضة عاشوراء في كلام الإمام الخميني: ص37.

[31] اُنظر: جرداق، جورج، الإمام علي× صوت العدالة الإنسانية: ص236.

[32] اُنظر: القبانجي، حسن السيّد علي، فلسفة نهضة الحسين: ص56.

[33] اُنظر: الآصفي، محمد مهدي، في رحاب القرآن: ص205.

[34] لجنة الحديث في معهد باقر العلوم، موسوعة كلمات الإمام الحسين×: ص438.

[35] اُنظر: معهد الإمام الخميني للدراسات الإسلامية، الحياة السياسية لأئمّة أهل البيت^: ص115.

[36] الحسني، نبيل، الأمن الإنساني في خلافة الإمام الحسن×: ص114.

[37] اُنظر: الأُمم المتّحدة، الأُمم المتّحدة وحقوق الإنسان: ص87.

[38] الحسني، نبيل، الأمن الإنساني في خلافة الإمام الحسن: ص133.

[39] اُنظر: ملتقى الطفّ الثقافي الأوّل، وقائع ملتقى الطفّ الثقافي الأوّل: ص135.

[40] اُنظر: بادي، محمد جمعة، الدمعة الساكبة: ص60.

[41] أنطوان بارا، الحسين في الفكر المسيحي: ص21.

[42] اُنظر: الحديثي، صلاح عبد الرحمن، والشعلان، سلافه طارق ، حقوق الإنسان بين الامتثال والإكراه في منظّمة الأُمم المتّحدة: ص43ـ44.

[43] لجنة الحديث في معهد باقر العلوم×، موسوعة كلمات الإمام الحسين×: ص354.

حقّ الأمن الإنساني بين أحداث نهضة عاشوراء ولائحة حقوق الإنسان في الأُمم المتّحدة دراسة مقارنة