المقدمة

يحتلُّ القرآن الكريم منزلة مهمة في البحوث الإسلامية؛ لما له من أثر في حياة الإنسانية، ولعل من أهم ما تناوله الباحثون والكتّاب هو القضايا ذات الجانب المتعلق باللغة التي نزل بها كتاب الله العزيز؛ لأنها تمس الدين الإسلامي بالصميم، حيث إنها مرتبطة بإعجاز الكتاب الحكيم.

وقضية المعرّب ـ والكلام الدخيل في اللغة العربية ـ من الأبحاث التي تتعلق بلغة القرآن مباشرة، وتتميز بأهمية بالغة في الوقت الراهن الذي يعيش فيه الإسلام هجمات متعددة من شتى الجوانب والجهات.

فنسعى في هذا البحث أن نقدّم رؤية عن هذا الموضوع، من خلال عرض معطيات علم اللغة والنظريات التي توصل إليها الباحثون حول هذا الموضوع، والغور في أبحاث علوم القرآن الدقيقة، والتي لها ارتباط في موضوعنا، ومن ثم دراسة موقف المستشرقين منه.

وسنبدأ البحث في مسألتنا هذه بحثاً جذرياً، يبدأ من نشوء اللغة العربية، وبحث موضوع المعرّب، وما يتعلق به في اللغة بشكل عام؛ لنحصل على نتيجة منطقية ذات أساس، ومن ثم نطرح الموضوع من جنبة قرآنية، ونمحِّص الآراء في هذا المجال، ومن بعد ذلك نبين ما للمستشرقين من رأي في هذا المقام.

اللغة العربية بين النشأة والتطور

إن تأريخ اللغة العربية مشوب بالغموض من حيث النشأة؛ وذلك تبعاً لتاريخ العرب الأقدم، حيث إنه لم يذكر عنه شيء بشكل صريح ومفصل، وأقدم ما يمکن أن يحصل عليه الباحث من أحوالهم هو ما يرجع إلی القرن الثامن والتاسع قبل الميلاد؛ وذلك عن طريق بعض النقوش التي اکتُشفت في بلاد اليمن، وهي مع ذلك لا تثري البحث، ولا تروي غليل الباحث عن حقائق الأمور؛ باعتبار أنها لا تطلعنا إلاَّ علی بعض أخبار أصحابها المعينييّن والسبأيين[1]، وإذا عرفنا أن اللغة هي: ألفاظ يعبر بها كل قوم عن أغراضهم[2] ـ كما ذكر بعض الباحثين ـ يتضح لنا سبب الغموض الذي يکتنف اللغة العربية من حيث التاريخ؛ حيث إن تعابير کل قوم هي لغتهم، فإذا لم يتضح لنا تاريخ القوم بشكل مفصل، فمن الطبيعي أن تاريخ لغتهم تبعاً لتاريخهم لا يكون واضحاً أيضاً.

وعلی هذا الأساس؛ يصح لنا القول:بأن هناك وجهات نظر مختلفة حول أصل نشوء اللغة العربية، فالبعض يری: أن هذه اللغة هي الأم لجميع اللغات، وأنها لغة النبي آدم عليه السلام التي تکلم بها في الجنة، فلما عصی ربه سلبها منه، وبعد التوبة أرجعها إليه.

ويذهب أولسهوزن إلى أن اللغة العربية هي أقدم اللغات الساميَّة.

ويری الأستاذ أحمد عثمان أن العبرانية، والسريانية، والکلدانية، ولهجات الآراميين کلها عربية...

ويمكننا القول ـ نتيجةً للاكتشافات الأثرية الحديثة ـ بأن کلمة ساميَّة هنا تعني: عربية[3].

ويری البعض: أن اللغة العربية هي لغة تجميعية من السريانية، والکلدانية، و... ولم تكن أصلاً للغة من اللغات، کما يُنسب إلی بعض المستشرقين.

وهکذا انحصر هذان الاتجاهان في المسألة بين الإفراط والتفريط؛ فتری البعض أوصل هذه اللغة إلی قمة التألق والرقي، بينما سلبها البعض الآخر أخصَّ خصائصها.

ومن بين هذا وذاك؛ تبرز النظرية المحايدة لتقول: إن اللغة العربية هی إحدی اللغات السامية، والتي ترجع إلی اللغة الجنوبية الغربية، وهي شعبة أساسية في اللغات السامية، وإن کانت ـ کغيرها من اللغات السامية ـ ترجع إلی الأصل الذي ترجع إليه جميع اللغات السامية، لکنها شکلت لنفسها استقلالية خاصة.

أقسام اللغة العربية

تنقسم اللغة العربية ـ انقساماً أولياً ـ إلی العربية الجنوبية، والعربية الشمالية، وقد تسمی اللغة العربية الجنوبية ب‍اليمنية القديمة أو القحطانية السبأية، ولهذه اللغة لهجات أربع: المعينية، السبأية، الحضرمية، القتبانية.

وأما العربية الشمالية، فهي تنقسم إلی قسمين: العربية البائدة، والعربية الباقية.

وتقسم لهجات العربية البائدة إلی أقسام، أهمها: الثمودية، الصفوية، اللحيانية.

وأما العربية الباقية، فهي العربية التي لا زلنا نستعملها، والتي وصلت إلينا عن طريق الشعر الجاهلي، والقرآن، والسُّنة النبوية المطهرة[4].

ويشوب نشوء هذه اللغة غموض من حيث الولادة؛ إذا ما أردنا دراستها دراسة مفصلة، ((وأقدم ما وصل إلينا منها هو الأدب الجاهلي، وهو في الواقع عبارة عن آثار أدبية تنسب إلى طبقة من شعراء العصر الجاهلي، وحکمائه وخطبائه، ولکنها لم تجمع، ولم تدوّن إلاَّ في القرون الأُولى من العصر الإسلامي))[5].

هذا، وقد کانت اللغة العربية في ذلك العصر المتاخم لنزول القرآن قد وصلت إلى أوجها، وتکاملت تکاملاً منقطع النظير؛ فصارت لغةً لا يرقی إليها الطير، ويشهد لذلك قضية المعلقات، ونزول القرآن الكريم ـ الذي هو معجزة الإسلام الخالدة ـ بهذه اللغة.

وهذا إن دل علی شيء، فإنما يدل علی الرقي الذي وصلت إليه هذه اللغة في مشوارها الطويل، حتی صارت بمکان من الاشتهار تقارن اشتهار السحر في عهد موسی عليه السلام ، والطب في عصر عيسى عليه السلام ؛ ولهذا نزل القرآن الكريم بهذه اللغة؛ ليتحدی أولئك الذين کانوا قد وصلوا أعلى الصرح من الناحية الأدبية والبلاغية، ولم تمضِ أيام حتی صاروا يتحدون بلغتهم عن‌ طريق الصادق الأمين.

ولم تکن اللغة العربية في بداياتها بهذه السعة التي وصلت إليها لاحقاً؛ باعتبار أنها کانت تلبي متطلبات فئة من البشر، الذين کانت حوائجهم قليلة تبعاً لزمانهم، وأما في القرون اللاحقة التي بدت إمکانياتهم وإبداعاتهم تتوالی، وبدت حاجاتهم ومتطلباتهم تتکاثر، وهکذا تنقلاتهم في مواطن متعددة، والالتقاء القبائلي فيما بينهم؛كل ذلك جعل هذه اللغة تحتاج إلی أن تکون بمستوی المسؤولية تجاه أهلها.

من هنا تبرز مرونة هذه اللغة وعراقتها؛ فبدت الألفاظ والتراکيب فيها تتسع، وهکذا أخذت تتوسع شيئاً فشيئاً تحت إشراف أهلها.

وکان للاستقرار في حياة العرب ـ والأسباب المتقدمة ـ الأثر البالغ في ظهور اللغة العربية کلغة تشتمل علی الشعر ولغة الکتابة، ومستعدة لأن تتقولب بقوالب وقواعد خاصة.

وبعد المسيرة التي سلکتها اللغة العربية في تطورها، وصلت إلی مرتبة عالية من الکمال سيطرت عليه اللهجة القرشية؛ تبعاً لما تحويه من عصارة لأفضل لهجات العرب التي کانت تتوافد إلی الحج، فلقد کان العرب يأتون إلى الحج، وقريش يسمعون ما ‌يتکلم به العرب من اللغات، فما استحسنوه تکلَّموا به؛ فصاروا أفصح العرب، وخلت لغتهم من مستبشع اللغات ومستقبح الألفاظ[6].

فضلاً عن أن لهجة قريش باعتراف من جميع القبائل ـ وبطواعية واختيار من مختلف لهجاتها ـ کانت أغزرها مادة، وأرقّها أسلوباً، وأغناها ثروةً، وأقدرها علی التعبير الجميل الدقيق الأنيق في أفانين القول المختلفة[7].

ويقول ابن جني: ((فقد ارتفعت قريش في الفصاحة عن عنعنة تميم، وکشکشة ربيعة، وکسکسة هوازن، وتضجُّع قيس و...)) [8].

التبادل بين اللغات

لا شك ولا ريب فی وجود علاقات متبادلة فيما بين اللغات، تتمثَّل بإقراض بعض اللغات البعض الآخر، واقتراضها منها بعض الکلمات. وهذه الظاهرة ـ أو السنة اللغوية ـ هي ظاهرة وسنة شملت جميع اللغات علی الإطلاق، إلاَّ أن ميزان ومقدار التأثر يختلف من لغة إلی أخری.

يقول الدکتور صبحي الصالح: ((إن تبادل التأثر والتأثير بين اللغات قانون اجتماعي إنساني، وإن اقتراض بعض اللغات من بعضٍ ظاهرة إنسانية أقام عليها فقهاء اللغة المحدثون أدلة لا تحصى))[9].

ويقول الدکتور إبراهيم أنيس: ((إذا احتکَّت لغة بأخری، أثرت کل منهما علی صاحبتها؛ حتی ذهب بعض علماء اللغة ـ بناءً علی هذه الحقيقة ـ إلی أنه لا توجد لغة غير مختلطة))[10].

وعلی هذا الأساس؛ يتبين لنا أن هذا القانون العام لا تُستثنی منه لغة دون أخری، أياً کانت هذه اللغة، غير أن هذا التأثير، إنما يکون عادةً وفق دواع ٍ، أو مقتضيات، کما لو فرض أن إحدی اللغتين کانت مجاورة للغة الأخری، أو إحدی اللغتين کانت تختص بأمور حضارية تفتقر إليها اللغة، أو اللغات الأخری، وهکذا...

وحال اللغة العربية كحال بقية اللغات من هذه الناحية، غير أنها تتميز بصفة الإقراض أکثر من الاقتراض، وهذا إن دل علی شيء، فإنما يدل علی المرونة التي تحملها؛ مما يعينها على البقاء خالدةً علی مر العصور.

يقول صبحي الصالح ـ في تتمة کلامه السابق ـ : ((العربية في هذا المضمار ليست بدعاً من اللغات الإنسانية؛ فهي جميعاً تتبادل التأثر والتأثير، وهي جميعاً تقرض غيرها وتقترض منه، متی تجاورت أو اتَّصل بعضها ببعضٍ علی أي وجه، وبأي سبب، ولأي غاية))[11].

فمسألة التأثر والتأثير في اللغة العربيةـ کبقية اللغات ـ سنة سارية المفعول، ولا يوجد أي ضير ولا مشكلة في ذلك.

وما يتحتم علينا أن نتنبَّه له، هو أن الألفاظ الدخيلة التی تقتبسها لغة ما من لغة أخری، قد ينالها کثير من التحريف في أصواتها ودلالاتها، وطريقة نطقها؛ فتبتعد في جميع النواحي عن صورتها القديمة، و((ليست هذه الظاهرة مقصورة علی الاقتباس الناشئ من الصراع بين لغتين، کُتب لإحداهما النصر، بل هي ظاهرة عامَّة تتحقَّق في جميع الحالات، التي يحدث فيها انتقال مفردة من لغة إلى أخرى))[12].

والذي يجده الباحث واضحاً أن اللغة العربية سلکت منهجاً خاصاً بها في قضية تحويلها للکلمات غير العربية إلی اللغة العربية ((وإن العربية لتفترق عن غيرها من اللغات، ببراعتها في تمثلها للکلام الأجنبي، عن طريق صوغه علی أوزانها، وإنزاله علی أحكامها، وجعله جزءاً لا يتجزَّأ من عناصر التعبير...))[13].

ولم يکن العرب يقترضون أي لفظة بصورة عشوائية، بل ((کانوا في اقتراضهم لتلك الألفاظ يعمدون في أغلب الحالات إلی تلك التي تعبر عن أمور غير مألوفة في شبه الجزيرة، من أزهار وطيور، وخمور وأدوات منزلية، وغير ذلك من كلمات تتطلَّبها مظاهر الحضارة، والمدنية لدی الأمم العريقة التي کانت تتاخم الحدود العربية، کالفُرس واليونان، أي: إن استعارتهم في مثل هذه الحالات کانت استعارة ضرورة، وحاجة ملحة، علی أنهم ـ في القليل من الأحيان ـ قد اقتبسوا بعض تلك الألفاظ الأجنبية التي لها نظائر في لغتهم في المعنی والدلالة؛ إما لإعجابهم بأصحاب هذه الألفاظ، والشعور بأنهم أرقی ثقافة وحضارة، أو للدعابة والتفکُّه، والعجيب في هذه اللغة ـ لغة القرآن الکريم ـ أنها أقرضت بقية اللغات مجموعات من الکلمات أکثر بکثير من الألفاظ التي استوردتها من بقية اللغات![14].

نظرة إلى مفهوم المعرب وتاريخه وتعريفه اصطلاحاً

يتَّضح المعنی بعد مراجعة کلمات اللغويين؛ حينما يعرفون المعرّب، ومقارنة ذلك بالتعريف الاصطلاحي.

قال الجوهري: ((وتعريب الاسم الأعجمي: أن تتفوه به العرب علی منهاجها، تقول: عربّته العرب وأعربته أيضاً))[15].

وقال السيوطي: ((هو ما استعملته العرب من الألفاظ الموضوعة لمعانٍ في غير لغتها[16].

وأفضل التعريفات المذكورة في المقام ما دوَّنه بعض المعاصرين بقوله: ((نقل الکلمة الأجنبية ومعناها إلی اللغة العربية کما هي، دون تغيير فيها، أو مع إجراء تغيير تعديل عليها؛ لينسجم نطقها مع النظامين الصوتي والصرفي للغة العربية؛ لتتفق مع الذوق العام، وليتيسَّر الاشتقاق منها))[17].

بعد ذكر التعريفات المتقدمة ـ ومعرفة معنی المعرّب ـ يحسن بنا أن ندخل في موجز تاريخي للمسألة، فنقول:

تمثَّلث اللغة العربية في صمودها ـ وحفاظها علی نفسها ـ جبلاً أصمَّ لو قورنت ببقية اللغات؛ ذلك أن السنة العامة في اللغات البشرية هي التأثر والتأثير من سائر اللغات، ولو نظرنا‌ إلی لغة العرب لرأينا أنها کانت کالأم المعطاءة التي أثَّرت باللغات الأخری، مع حفاظها علی توازنها، وأصالتها في وقت غاب ذلك عن کثير من اللغات، فکانت هذه اللغة الأصيلة المستفيد الأقل من غيرها من اللغات، لکنها المصدر الأوفر لغيرها، فهي حاولت أن تغذي نفسها بنفسها، في حين نری بقية اللغات ـ طبقاً للسنَّة المشار إليها ـ قد تأثرت بغيرها کثيراً إلی حدٍ داهم أصالتها؛ ولهذا يری بعض المهتمِّين بشأن اللغة العربية أن هذه اللغة هي الأم التي ترجع إليها جميع اللغات؛ باعتبارها أثرت في الجميع ولم تتأثر إلاَّ بشکل يسير، ويضيع هذا اليسير لو أخذنا بنظر الاعتبار مرونة اللغة العربية في طريقتها الخاصة في استقبال المفردات التي تأتيها من خارج نطاقها.

هذا، وللمعرّب تاريخ قديم، يرتبط قدمه بالزمن الذي عاش فيه العرب بداية الانفتاح علی غيرهم واستقبالهم لهم، ومنذ أن بدأ احتکاك العرب بغيرهم ـ في التاريخ الذي يسبق العصر الجاهلي، مروراً برحلتي الشتاء والصيف منذ الزمن القديم ـ بدأ التقاط الکلمات غير العربية والتي کانت ـ کما تقدم في الأعم الأغلب ـ تمثل معاني لأشياء مادية بحتة، قد لا تکون موجودة في العربية، أو غير معروفة فيها، فمثلاً: نجد في شعر الأعشی نماذج من تلك الکلمات، فيقول في أحد أبياته الشعرية:

لنا جلسات عندها وبنفسج وسيسنبر والمرزجوش منمناً

فقد استعمل الشاعر هنا أربعة من الألفاظ الأعجمية لأنواع من الأزهار.

ولم يکن ذلك التأثر بشکل واسع ومفتوح في ذلك العصر إلاَّ بقدر محدود، قد تجبرهم عليه المنافع التجارية، أو التبادل الحضاري.

وأما بعد الإسلام، فنری أن باب التأثر والتأثير قد انفتح علی مصراعيه، فعندما انتشر الإسلام في ربوع العالم انتشرت اللغة العربية، وبدأت تحتك باللغات بشکل أوسع بکثير عن سابقه، ثم دخل في الإسلام غير العرب، فألقت العربية بظلالها علی هؤلاء؛ باعتبارها لغة النصوص الإسلامية؛ فحاولوا أن يهضموها؛ ليتسنی لهم فهم الشريعة، لکن بقيت لغتهم الأصيلة تداخلهم في بعض الأحيان، فتدخل نفسها بين ألفاظ العرب، وهکذا دخلت کلمات أعجمية في اللغة العربية، ولم يقتصر هذا الدخول للمعرّبات علی ذلك الوقت، بل لا زال مستمراً إلی هذا الوقت.

وعلی هذا الأساس؛ يمکن أن نقسم الألفاظ التي دخلت العربية إلی ثلاثة أنواع:

النوع الأول: المعرّب، وهو اللفظ الذي دخل اللغة العربية واستعمله الفصحاء في ذلك العصر.

وهذا النوع يُصطلح علی الألفاظ التي استخدمها عرب البدو من جزيرة العرب إلی أواسط القرن الرابع الهجري، وعرب الأمصار إلی نهاية القرن الثاني الهجري، ويسمَّى هذا العصر بعصر الاحتجاج[18].

ومن هذا القبيل الألفاظ التي دخلت اللغة العربية، واستخدمت في الشعر العربي والحديث الشريف والسنَّة النبوية المطهرة.

النوع الثاني: المولَّد، وهو اللفظ الذي استعمله العرب الذين ولدوا بعد عصر الاحتجاج من الألفاظ الأعجمية، التي لم يعرّبها فصحاء العرب، مثل: ترجم الرسالة، أو بيَّض الکتابة[19].

النوع الثالث: العامِّي أو المُحدَث، وهو اللفظ الذی أدخله المعرِّبون، أو الذين ولدوا بعد عصر المولَّد.

ويری الدکتور أبو سکين أن التمييز بين المولَّد والمحدث عسير جداً؛ لعدم الاتفاق علی العصر الفاصل بين عصر المولدين والمحدثين؛ بالإضافة إلى عدم معرفة الوقت الذي ظهرت فيه اللفظة المولدة، أو المحدثة بالتحديد[20].

أنواع التعريب وأسبابه

من الضروري أن نتعرّف علی أنواع المعرّب، والنوعية التي کان بواسطتها ينقل العرب الکلمة من لغتها الأصلية إلی اللغة العربية، وما هي الأسباب التي دعت وأفرزت ظاهرة التعريب.

أما أنواع التعريب، فکما يقول أبو حيان ثلاثة أقسام:

1ـ قسم غيّرته العرب وألحقته بکلامها، فحکم أبنيته ـ في اعتبار الأصل والزوائد والوزن ـ حکم أبنية الأسماء العربية الوضع، نحو: درهم، بهرج.

2ـ قسم غيّرته ولم تلحقه بأبنية کلامها، فلا يعتبر فيه ما يعتبر في القسم الذي قبله، نحو: آجر.

3ـ قسم ترکوه من دون تغيير، فما لم يلحقوه بأبنية کلامهم لم يعد منها، وما ألحقوه بها عُدّ منها، ومثال الأول: خراسان، فإنه لا يثبت به فعلان، ومثال الثاني: خزم، ألحق بسلم، وکرکم بقمقم[21].

وأما الألفاظ المعرّبة، فتختلف نوعيتها؛ لأنها علی ثلاثة أنحاء:

النحو الأول: الألفاظ التي لا مرادف لها في اللغة العربية، وقد استعملها العرب للدلالة علی معنی غير معروف في الأجواء العربية العامة، مثل: اللوز.

النحو الثاني: ما كان له مرادف عربي لا يساويه في الجرس ولا الاستساغة، ولا في الاستعمال، مثل: التوت.

النحو الثالث: ما كان له مرادف عربي مساوٍ له في السهولة والجرس، مثل الخربز والبطيخ، جاء في حديث أنس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الخربز والرطب[22]، وهو البطيخ بالفارسية.

هذه هي أهم أنواع التعريب تقريباً.

أسباب استعمال المعرَّب

بقي لنا أن نقف وقفة علی الأسباب التي دعت إلی التعريب، وما هي أسباب ظهور ظاهرة التعريب في اللغة العربية، وإليك بعضها:

السبب الأول: ما يمکن أن نصطلح عليه بالسبب الطبيعي، أعني الظاهرة العامة في جميع اللغات، باعتبار أن اللغات جميعاً يتأثر بعضها ببعض، وليس ذلك معيباً علی أي لغة، بل ((إن تأثر أي لغة بأخری هو إغناء لها، ولثقافة أبنائها، وليس مأخذاً عليهم إلاَّ في حالة واحدة، حين تذوب لغتهم وتضمر وتستعار بدلاً منها لغة آخرين))[23].

السبب الثاني: إن ظاهرة التطوُّر والتوسع في الفکر البشري، أجبرت الإنسان علی انفتاحه علی کثير من الأشياء، ومن هذا القبيل ظاهرة التعريب؛ فإنها کانت متأثرة بتطور البشر، بمعنی أننا لو رجعنا إلی العربية الأصيلة؛ لوجدناها تشکل واقع أمة عاشته في الزمن الغابر، ومن الواضح أن هذه الأمة لم يکن يومها مثل أمسها، فاستجدت لديهم مفاهيم ومتطلبات جديدة لم تکن موجودة سابقاً؛ مما حدا بهؤلاء أن يبحثوا عن أسماء لهذه المستجدات؛ فلذلك احتاجوا إلی ألفاظ لما استجد، فإن کان ذلك من إبداعاتهم، اصطلحوا عليه اسماً خاصاً، وإن لم يکن کذلك، وإنما کان مستفاداً من غيرهم ـ طبقاً للتلاقح الحضاري ـ وبما أنه لا بد من وضع اسم خاص له، فينقلون الاسم من السابق الذي کان في اللغة الأصلية لذلك الشيء، وهذا يعني أن هناك حاجة ملحة قد دعت إلی التعريب.

السبب الثالث: صعوبة استخدام اللفظ العربي، كأن يصعب ـ في بعض الأحيان ـ النطق باللفظ العربي، في حين يکون اللفظ المقابل أبسط منه ـ وبمرور الزمان تکون هذه الصعوبة عاملاً مساعداً في اندثار اللفظ العربي الأصيل، وقلة استعماله ـ فيستخدم مکانه اللفظ البسيط مَنْ کان غير عربي الأصل.

السبب الرابع: إن من مرونة الفرد العربي ـ وصفاء قريحته ـ أنه کان يأخذ اللفظ من اللغة غير العربية مع وجود البديل في لغته؛ وإنما يقوم بذلك تظرفاً وتلطفاً[24].

السبب الخامس: إعجاب الأمم بعضها ببعض، فقد تقتبس هذه الأمة بعض الکلمات التي تستخدمها تلك الأمة؛ إعجاباً بها وافتخاراً في أن يستخدم کلماتها، كما يقول الدکتور محمد السيد بکر: ((فتقتبس منها ـ أي أمة من أمة أخری ـ بعض ألفاظ لغتها؛ إحساساً منها بتفوقها علی لغتها، فقد اقتبس الأتراك والفرس ألفاظاً کثيرة من العربية؛ إعجاباً بها وبأبنائها[25].

هذه الأسباب وغيرها؛ کانت هي الداعي لدخول الألفاظ من لغة إلی لغة أخری بشکل عام، والعربية بشکل خاص، وقد أشرنا سابقاً إلی أن اللغة العربية قد أثّرث في کثير من اللغات الأخری ـ إن لم نقل: کلها ـ بشکل واسع وکبير، في حين نرى العکس من ذلك تماماً من جهة تأثرها من بقية اللغات؛ إذ کانت الألفاظ التي استقرضتها من تلك اللغات قليلة؛ إذا ما قيست بالألفاظ التي صدّرتها لبقية اللغات.

ضوابط الألفاظ المعرّبة

بعد أن صارت قضية التعريب في اللغة العربية أمراً واقعاً لا مفر منه، توجهت الأنظار إلی محاولة إعطاء ضوابط علی أساسها تعرف الکلمة الأعجمية من غيرها، ومن أهم هذه العلامات ما يلي :

1ـ مخالفة الکلمة للأوزان العربية المعروفة، مثل: إبراهيم، آمين، جبريل.

2 ـ إذا کانت فاء الکلمة نوناً وعينها راءً، مثل: نرجس، نرد.

3 ـ انتهاء الکلمة بحرف دال، تأتي بعدها زاي، مثل : منهدز، الهنداز.

4 ـ اجتماع الصاد والجيم في کلمة واحدة، مثل: الصولجان، الجص، الصنج.

5 ـ أن تشتمل الکلمة علی الجيم والقاف، مثل: المنجنيق، الجوسق.

6 ـ أن تکون الکلمة رباعية، أو خماسية مجردة من حروف الذلاقة م، ر، ب، ن، ف، ل، مثل: جوسق، عقجش، جظائج.

7 ـ اجتماع الجيم والطاء في کلمة واحدة، مثل: الطاجن، والطيجن[26].

8 ـ بناء الکلمة من: باء، وسين، وتاء، فإذا جاء ذلك في کلمة ما، فهي دخيلة[27].

9 ـ شهادة أئمة اللغة المعتد بقولهم علی کون هذه اللفظة دخيلة، أو غير دخيلة[28].

10ـ فقدان الأصل الذي اشتُق من اللفظ في لغة العرب[29].

ظاهرة التعريب في القرآن الكريم

تأريخ المسألة

لم نجد ـ في حدود مراجعتنا وقراءتنا حول الموضوع ـ أن هناك نزاعاً في أن اللغة العربية هل اشتملت علی غيرها من اللغات في زمان ما قبل نزول القرآن أم لم تشتمل؟ بل هناك إغفال لهذا الأمر في الكتب والدراسات التي تطرقت لهذا الموضوع.

وبعبارة أخری: إن هذا السؤال والبحث لو أردنا أن نبحث عن جذوره، فسنجد أنه قد تکوّن في زمن متأخر عن نزول القرآن، ولم نرَ أن هناك خلافاً واقعاً بين العرب أنفسهم في أن اللغة العربية هل اشتملت علی الکلمات الأعجمية أم لا؟

وعلی هذا الأساس؛ فإن هنا مداليل عديدة لهذه المسألة؛ لأننا نتساءل عن السبب في ظهور هذه المسألة، فإذا کان العرب أنفسهم ـ وهم أرباب اللغة وأصحابها، ولا يوجد أحد أعرف منهم بها ـ لم يطرحوا سؤالاً كهذا، فما هو سبب تغافلهم عن ذلك؟ ولِمَ کانت الکلمات ذات الأصل غير العربي مع إجراء التغييرات ـ کما تقدم ـ متلقاة عندهم من دون أي نزاع يذکر؟

إذن؛ فلا بد أن يکون هناك داع دعا لظهور هذه المسألة في القرآن الکريم!

والسبب في تصوِّرنا هو: أن في العصر الذي قارب نزول القرآن بفترة قليلة، وبعد هذه الفترة دخلت الأمم من غير العرب في الإسلام بشكل ملحوظ وواضح، ومن الطبيعي أن زوال الخلفيات التي کان عليها الإنسان قبل دخوله الإسلام ـ أو بمجرد دخوله الإسلام ـ ليس أمراً سهلاً، كما أنه ليس عقلائياً أن يتوقع زوال ذلك منه بسرعة مثالية؛ ولهذا بقيت کثير من الأمور عالقة في أذهانهم بعد دخولهم الإسلام، بل ظهر بعضها على تصرفاتهم وسلوكياتهم، غير أن کثيراً منها حصل زواله شيئاً فشيئاً.

نعم، هذا الأمر قد لا يصدق علی أفرادٍ هم بمستوی عالٍ من معرفة الله تعالی، ومعرفة نبيه الأکرم صلى الله عليه وآله.

وعلی هذا الأساس؛ فمن القريب جداً أن يبقی قسم کبير من أولئك الذين دخلوا دين الله تعالی متمسکين ببعض الأمور التي کانت من طبائعهم، وخلفياتهم السابقة، وقد يدافعون عنها في بعض الأحيان ـ فيما لو کانت غير مخالفة للشريعة ـ بل في بعض الأحيان يحاولون أن يجدوا لها مخرجاً شرعياً من أجل تبريرها، وإثبات قدسيتها؛ لأجل الحفاظ عليها ولتخليدها؛ لذا فإن تلك الأمم غير العربية ـ والتي دخلت الإسلام ـ کان لها بادئ بدء نوع تعلق بتأريخها، فهي تحاول ـ وبشکل قد لا يکون إرادياً ـ الالتزام بتلك المسبقات؛ لهذا السبب کان لهم نوع تعلق بلغتهم، وحيث إنهم بعد أن أصبحوا مسلمين رأوا أن المصدر الأول في الإسلام هو القرآن؛ حاولوا أن يجدوا مرتعاً للغاتهم من أجل تخليدها، أو لرفع شأنها ولو بشکل غير إرادي؛ لهذا أثيرت هذه المسألة، وتوسع الكلام حولها، وذاع صيتها.

ويمکن أن نجد لهذه الفکرة نظيراً في الأحاديث الشريفة؛ حيث وقع بحث بينهم في أن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله هل تکلم بغير العربية أم لا؟ وقد جاء هذا البحث علی خلفية حديث ورد عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله أنه تکلم بالفارسية، فذهب البعض إلی أن هذا الحديث موضوع، وأن الفرس هم الذين وضعوه.

ومن جانب آخر، نری أن هذا الخلاف إنما اشتدت حدته في عصر متأخر عن نزول القرآن الکريم، ومجرد نظرة عابرة إلی أحوال العلماء نری هذا الأمر واضحاً في کلمات مَن تطرق لهذه المسألة، بالإضافة إلی أننا نری أن البحث منصبّ علی القرآن الکريم، ولم يکن منصباً علی غيره من المتون العربية؛ وهذا يعني أن الخلاف کان في الفترة التي تلت عصر نزول الآيات القرآنية.

نعم، هذا الخلاف نجمت عنه عدة انعکاسات علی اللغة العربية، فأخذوا يبحثون عن نظائرها في أشعار العرب المتقدمة، فصار خلافاً متأخراً عن أمور متقدمة.

هذا، ولا يوجد خلاف في عربية القرآن، وأنه {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}[30]، کما أنه لا يوجد خلاف في أن سبکه، وأسلوبه، وطريقة تراکيبه عربية محضة.

ويتفق الجميع علی أن هناك کلمات غير عربية ترجع إلی کونها أسماء أعلام غير عربية کإسرائيل. قال القرطبي: ((لا خلاف بين الأئمة أنه ليس في القرآن کلام مرکب علی أساليب غير العرب، وأن فيه أسماءً وأعلاماً لمَن لسانه غير لسان العرب، کإسرائيل، وجبرئيل، وعمران، ونوح، ولوط))[31].

أقوال العلماء حول وقوع المعرّب في القرآن الكريم

اختلفت الأقوال في هذه المسألة إلی عدَّة اتجاهات:‌

الاتجاه الأول: وهو الاتجاه الذي ينکر وقوع الأعجمي في القرآن بشدة، ويعظّم القول علی مَن يذهب إلی ذلك، ونسب الزرکشي هذا القول إلی جمهور العلماء[32]،كما نسبه السيوطي إلی أکثر العلماء[33].

وقد تبنَّى هذا القول كل من: الإمام الشافعي؛ حيث يقول في رسالته: ((وقد تکلم في العلم مَن لو أمسک عن بعض ما تکلم فيه منه، لکان الإمساك أولی به، وأقرب من السلامة له، فقال منهم قائل: إن في القرآن عربياً وأعجمياً، والقرآن يدل علی أن ليس من کتاب الله شيء إلاَّ بلسان العرب...))[34]، والطبري، وابن فارس...

وهذا الاتجاه وإن أنکر وقوع الأعجمي في القرآن، لکن تفاصيل ذلك تختلف فيما بينهم علی قولين:

القول الأول: إن لغة العرب من السعة والشمول بحد، بحيث يعجز عن الإلمام بتمام تفاصيلها غير نبي، کما يقول الشافعي.

وعلی هذا الأساس؛ فمَن قال بوقوع الکلمات غير العربية في القرآن باعتبار استعمال غير العرب لها بعد أن کانت في أصل اللغة العربية.

قال القاضي أبو المعالي: إنما وجدت هذه في کلام العرب؛ لأنها أوسع اللغات وأکثرها ألفاظاً، ويجوز أن يکون العرب قد سبقها غيرهم إلی هذه الألفاظ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله مبعوث إلی کافة الخلق، قال تعالی: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ}[35].

ففي الواقع أن الکلمات التي ادعيت إنما هي عربية الأصل، وقد اتفق ورودها في تلك اللغات الأخری.

وهذا قريب من مذهب الطبري؛ حيث يقول: ((وإنما قال بعضهم: حرف کذا بلسان الحبشة معناه کذا، وحرف کذا بلسان العجم معناه کذا، ولم نستنکر أن يکون من الکلام ما يتفق فيه ألفاظ جميع أجناس الاسم المختلفة الألسن بمعنی واحد، فکيف بجنسين منها؟ کما وجدنا اتفاق کثير منه فيما قد علمناه من الألسن المختلفة، وذلك کالدرهم والدينار، والدواة والقلم والقرطاس وغير ذلك، مما يُتعِب إحصاؤه ويُمَل تعداده؛ کرهنا إطالة الکتاب بذکره، مما اتفقت فيه الفارسية والعربية باللفظ والمعنی، ولعل ذلك کذلك في سائر الألسن التي نجهل منطقها ولا نعرف کلامها))[36].

القول الثاني: الذي يظهر منه نفي العجمة بصورة مطلقة، من دون ذکر وجه لتخريج الألفاظ التي ادعيت أنها غير عربية؛ ولعل ذلك يدل علی عربية الألفاظ هذه.

قال أبو عبيدة: ((إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فمَن زعم أنه فيه غير العربية فقد أعظم القول، ومَن زعم أن کذاباً بالنبطية فقد أکبر القول))[37].

ويظهر ذلك أيضاً من کلام الشافعي المتقدم.

الاتجاه الثاني: الذي يری وقوع الکلمات الأعجمية في ‌القرآن، ولا يوجد أي إشکال في ذلك؛ لأنها کلمات استعملتها العرب وتکلمت بها، قال ابن عطية: ((بل کان للعرب العاربة ـ التي نزل القرآن بلغتهم ـ بعض مخالطةٍ لسائر الألسن بتجارات، وبرحلتي قريش، وسفر مسافرين، کسفر أبي عمرو إلی الشام... وکسفر الأعشی إلی الحيرة، مع کونه حجة في اللغة، فعلقت العرب بهذا کله ألفاظاً أعجمية، غيرت بعضها بالنقص من حروفها، وجرت في تخفيف ثقل العجمة، واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها، حتی جرت مجری العربي الفصيح، ووقع بها البيان؛ وعلی هذا نزل بها القرآن))[38].

الاتجاه الثالث: وهو الاتجاه الذي يری تصديق کلا الاتجاهين السابقين، کما يذهب لذلك أبو عبيد وجملة من الذين اتبعوه علی ذلك؛ حيث يقول: ((الصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعاً؛ وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية، کما قال الفقهاء، إلاَّ أنها سقطت إلی العرب فعربتها بألسنتها، وحولتها عن ألفاظ العجم إلی ألفاظها؛ فصارت عربية، ثم نزل القرآن، وقد اختلطت هذه الحروف بکلام العرب، فمَن قال: إنها عربية. فهو صادق، ومَن قال: أعجمية. فصادق))[39].

وهذا الاتجاه وإن کان يقرب من الاتجاه الثاني في محتواه، لکنه يفترق عنه في المنهجية والتعديل.

عرض أدلة الأقوال ومناقشتها

استدل المنکرون لوقوع غير العربي في القرآن ـ وهم أصحاب الاتجاه الأول ـ بعدة أدلة، نذکر منها:

أولاً: لا إشکال في أن القرآن نزل باللغة العربية {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا...}[40]، فلو قلنا بوقوع غير العربي فيه، لكان منافياً للقول بنزوله بالعربية، ونفس القرآن ينفي العجمة عن القرآن الکريم {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا...}[41]؛ فيدل ذلك علی عدم وجود غير العربي فيه.

ثانياً: إن القرآن هو المعجزة، والشاهد على نبوة النبي الأکرم صلى الله عليه وآله، فلوکان قد اشتمل علی غير العربي فما هي الفائدة في ذلك التحدي؟! وهل يصح أن يُتحدی في کلماتٍ هي من غير لغة المتحدي؟![42].

وقد استدل المثبتون لمدعاهم بأدلة، منها:

أولاً: يتفق النحاة علی وقوع الألفاظ الأعجمية ـ والتي هي أسماء الأعلام ـ في القرآن، وهذا دليل علی وقوع الألفاظ الأعجمية في القرآن، فإذا جاز وقوع الأعلام فيه، فأي مانع من وقوع الأجناس؟!

ثانياً: ما رواه الطبري بسنده إلی ابن ميسرة، قال: في القرآن من کل لسان... وروی مثله عن سعيد بن جبير ووهب بن منبه[43].

كما أن أصحاب هذا الاتجاه أبطلوا الدليل الأول الذي ذكره النافون لوقوع المعرب بقولهم: ((إن وقوع بعض الألفاظ لا يضر بعربية القرآن، کما أن اللفظة العربية لا تخرج القصيدة الفارسية عن الأعجمية))[44].

وأما قوله تعالی: {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}[45]، بأن المعنی من السياق: أكلام أعجمي ومخاطب عربي؟![46].

ثالثاً: إن ((النبي مرسل إلی کل أمة، وقد قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ}^{^[47]}، فلا بد وأن يکون في الکتاب المبعوث به من لسان کل قوم، وإن کان أصله بلغة قومه هو))[48].

وقد ذکر أصحاب هذا الاتجاه فوائد للقول بالوقوع:

منها: أن الوقوع دليل علی شمول القرآن لعلوم الأولين والآخرين، ونبأ لکل شيء؛ فلا بد أن تقع فيه الإشارة إلی أنواع اللغات والألسن؛ لتتم إحاطته بکل شيء[49]، فاختير لذلك أفضل اللغات لتستعمل في القرآن.

ومنها: أن ذلك هو الموافق للفصاحة؛ لأن الحث علی فعل الخيرات، والترغيب نحوها، إنما يقتضي التعبير بالألفاظ التي تعبر عن أفضل الأشياء وأحسنها، وبما أن بعض الأشياء ـ کالإستبرق ـ لا يوجد لها نظير في العربية؛ فالتعبير بها يجب علی کل متکلم، ولا توجد فصاحة أبلغ من ذلك[50].

وأما الاتجاه الثالث، فهو جمع بين الاتجاهين الأولين، ومحاولة للموافقة بينهما.

والتحقيق يقتضي أن نقول: إنه لا إشکال، ولا شبهة في أن إمكان وقوع الکلام الأعجمي في القرآن الکريم من ناحية عقلية، ولا يوجد أي محذور في ذلك عقلاً.

إلا أنه يبقی السؤال من ناحية الوقوع، فهل وقع فعلاً معرّب في ‌القرآن؟ لا بد من التحري الدقيق في انتخاب الجواب عن هذا السؤال، ويمکن أن نجيب عنه جواباً عاماً يرتبط بالمعرّب في‌ اللغة العربية بشکلها العام، فإنا قد عرفنا ـ في تاريخ المعرّب ومعناه ـ أن ذلك ممکن، بل واقع في اللغة العربية، لکن يجب الالتفات إلی ما نوّهنا إليه سابقاً، من أن هذا المعرّب تجرد وانسلخ عن صبغته في اللغة القديمة، التي کان ينتمي إليها، فلم يبقَ شيء من لغته القديمة يجعله ينتمي إليها.

وعلی هذا الأساس؛ فاللفظ بعد التعريب وبعد التغييرات التي تُجرى عليه عربي، ولا إشکال في عربيته، بعد أن يکون موافقاً للأبنية العربية المعروفة.

ومن خلال هذا الجواب العام؛ يمکن أن نجيب عن السؤال الذي طرحناه فيما يخص القرآن؛ فإنه بعد أن عرفنا أن القرآن نزل باللغة العربية، وقد احتوی علی أفضل خصائصها، وأن من خصائصها ـ کما عرفنا سابقاً ـ أنها فيها القابلية لأن تحوّل اللفظ الأعجمي إلی لفظ عربي محض، ويکون من أجزائها، فلو استعمل القرآن هکذا ألفاظاً في خطاباته، فلا يصح لأحد أن يقول: إن القرآن نزل بلغات غير عربية؛ لأن تلك اللفظة ـ أو الألفاظ ـ صارت عربية وتمحضت فيها، فکيف يصح أن يقال عنها: بأنها غير عربية؟!

نعم، لا يتنافی ذلك مع وجود بعض العلامات التی يعرف بها ذلك اللفظ؛ ليُميَّز عن اللفظ العربي الأصيل، وإن کانت هذه العلامات استقرائية، وقد يشذ عنها بعض الموارد.

ومحصل الکلام: أن المعرّب واقع في القرآن الکريم، ولکن بعد کونه منسلخاً عن لغته الأصليّة، وليس من الصحيح أن نقول عنه: بأنه لفظ فارسي، أو حبشي، أو ما شابه ذلک.

هذا من حيث الجواب عن أصل السؤال المتقدم الذي کان يقول: هل أن المعرّب قد وقع في القرآن؟

تبقی هناك تفاصيل في كمية الکلمات المستعملة في القرآن، فإننا قد عرفنا سابقاً أن الألفاظ التي انسلخت عن عجمتها، وتحوَّلت إلی ألفاظ عربية ـ غالباً ما ـ کانت لأسماء غير موجودة في الجوِّ العربي، وهذا مما يجب الالتفات إليه في بحث الألفاظ المعرّبة في القرآن الکريم، ومن جانب آخر يجب أن نأخذ کلام الطبري ومَن قارب قوله بعين الاعتبار؛ إذ إن قسماً من الکلمات التي ادعي أنها غير عربية کانت من باب التطابق وتوارد اللغات.

وحينئذٍ؛ يبقی مقدار قليل من تلك الألفاظ التي ادعي تعريبها، ونفس هذه الألفاظ القليلة يجب توقّي الحيطة والحذر في التعامل معها؛ لأن من المحتمل أن تکون مجرد کلام ادعائي، کما في کثير من الکلمات التي ادعی السيوطي أنها معربة، فتراه يعبِّر عن بعضها ‍‌بـ نقل عن کذا بأنها من لغة کذا. وهذا يحتاج إلی عرض اللفظ المدعی تعربيه وثبوت النسبة، ومطابقته مع الکلام العربي.

وبناءً علی ذلك؛ فإن کل کلمة أجري عليها تمام ما قلناه ستکون معرّبة، غير أنه ليس من الصحيح أن نسمي هذه الألفاظ بأنها فارسية أو...؛ فإنه لا فائدة في ذلك بعد کونها جردت من حالتها السابقة.

أما الأدلة التي ذکرت للاتجاهين الأولين، فکأن أصحابها لم يلتفتوا إلی هذه النکتة المهمة، وهي أن اللفظ بعد تعريبه يکون عربياً؛ وذلك نتيجة لاختلاف الترکيب الظاهري والصوتي للفظ الذي تضفيه العربية عليه، فمن العجبيب أن يستدل أصحاب القول الأول علی نفي المعرّب بعربية القرآن!

نعم، إذا كان مقصودهم نفي الألفاظ الأعجمية المحضة، کما هو ليس ببعيد؛ لما يظهر من استدلالهم المتقدم، بل إن الذي يظهر من استدلال أصحاب الاتجاه الثاني هو کذلك أيضاً، أي: إنهم يستدلون علی إثبات اللفظ الأعجمي، وإلا فلا معنی لأنْ يستدل بوجود الأسماء الأعجمية للأعلام في القرآن؛ لوجود أسماء الأجناس غير العربية.

وحينئذٍ؛ فالاتجاه الثاني مرفوض جملة وتفصيلاً.

غير أن کلام ابن عطية المتقدم في القول الثاني يرشدنا إلی أن الخلاف إنما هو في المعرّب، لا في الأعجمي المحض، وبقرينة مقابلة الاتجاه الثاني للاتجاه الأول نستکشف أن محل النزاع هو المعرّب لا الأعجمي المحض، کما يشهد له أصحاب الاتجاه الثالث.

وحينئذٍ؛ يرد إشکال عام علی الاتجاهين الأولين: بأن الأدلة التي ذکرت ـ سواء في جانب الإثبات أو النفي ـ لا تتعلق بالمعرّب لا من قريب ولا من بعيد؛ لأن استدلال الاتجاه الأول بعربية القرآن ليس بصحيح؛ وذلك لأن اللفظ المعرّب بعد جريان التعديل، واستعمال العرب له لا يکون خارجاً عن النطاق العربي، وکذلك مسألة التحدّي.

وأما دليل الاتجاه الثاني، فکأنه ناقش بما سلم به الاتجاه الأول واستدل عليه؛ ولذلك يرد عليه ما ورد علی الأول.

ومن العجيب أن يستدل بعض أصحاب الاتجاه الثاني بالحديث المنسوب للتابعي؛ فإن ذلك ليس تفسيراً ولا حکماً! فکيف أخذ به بعد کون حاله حال بقية العلماء؟! فيمکن قبول قوله إذا استند إلى دليل معتبر، أو رفضه إن لم يکن کذلك.

ثم إن أصحاب القول الثاني استدلوا بأسماء الأعلام، وقد عرفت أنها خارجة عن محل النزاع، كما أنه قد استدل بلسان القوم.

لکن يمکن أن يرد عليه: أن المقصود من لسان القوم هو الأفق الفکري، أو اللغة الخاصة لقوم النبي، ولا منافاة بين ذلك وبين کون رسالته عالمية؛ إذ يمکن أن يکون أنزل بلسان قوم الرسول، إلاَّ أنه مبعوث للعالم والبشرية جمعاء.

كما أنه ذُکِر أيضاً أن وقوع الکلمات الأعجمية لها فوائد، ومنها عالمية القرآن واحتواؤه لعلوم الأولين والآخرين.

وبطلانه غير خفي علی مَن تأمل!!

المستشرقون وقضية المعرّب

لم يقف المستشرقون من قضية المعرّب في اللغة والقرآن موقف المتفرج، بل نحا المنصفون منهم منحى البحث الإسلامي للمسألة، وبحثها بهدوء وشفافية، في حين تصيّد قسم آخر منهم بالماء العكر، وربطوا الموضوع بمسائل متعددة تخدم مبتغاهم ومآربهم في البحوث القرآنية، وما يريدون الوصول إليه.

ولعل أهم ما وظفوا له قضية المعرّب في كتاب الله تعالى، هو موضوع اقتباس القرآن بعض الألفاظ من اليهودية والنصرانية؛ وبالتالي تأثر القرآن بكتب اليهود والنصارى، وربط ذلك بالشبهة التي أثاروها حول تأثر القرآن بالكتب السابقة واقتباسه منها.

فمثلاً: ادعى المستشرق الألماني برجشتراسر: أن الكلمات الآرامية المعرّبة كثيرة لا تكاد تحصى، وتختلف منابعها، فبينها يهودية... ومنها نصرانية...[51].

وهذا الأمر أصبح مدعاة لبعض المستشرقين لأن يجدوا طريقة تناسب مناهجهم لفهم النص القرآني، ومن هؤلاء المستشرق كريستوف لوكسنبرغ ؛ حيث ذهب إلى تخطئة المنهج المتبع في فهم الكلمات الغامضة في القرآن المجيد، ويرى أن اللغة السريانية كانت لغةً فعّالةً في الشرق العربي في زمن نشوء القرآن، وقد أثر السريان في تطوير اللغة العربية الكتابية؛ بما أنجزوه من ترجمات من السريانية واليونانية إلى العربية، وترجع إلى الآرامية بطابعها المسيحي بعد الميلاد، وباتت اللغة الرسمية إلى جانب العربية في العصر الأموي، حتى عهد عبد الملك بن مروان؛ مما يبيّن الاتصال الوثيق الرابط بين العربية والسريانية حتى عصر ما بعد الفتوحات.

من هنا؛ انطلق هذا المستشرق الألماني ليقول: إن اللسان الذي نزل به القرآن يختلف عن العربية التي وضع أسسها مجموعة من النحويين الأعاجم والعرب، فيدعي تأسيس قواعد للغة تسبق تدوين القواعد اللغوية والنحوية.

ويتلخص منهجه في نقاط:

أولاً: الاعتماد في توضيح المعنى على تفسير الطبري؛ لما له من الأهمية في فهم النص.

ثانياً: إن لم ينفع ذلك في فهم النص، عَمَدَ إلى قراءته قراءة سريانية.

ثالثاً: إن لم ينفع ذلك حاول تغيير نقاط حروف الكلمة من أجل قراءته قراءة سريانية.

رابعاً: إن لم يفلح، حاول تغيير حروف الكلمة التي ربّما وضعت؛ لعدم إلمام المحقق العربي بمفهوم نصّ القرآن في قراءته العربية.

خامساً: إذا فشلت جميع هذه المحاولات، وكان التعبير ـ كتابة وقراءة ـ عربياً لا شك فيه، دون أن يعطي معنى مناسباً للنص؛ لجأ حينذاك إلى محاولة قصوى تكمن في ترجمة التعبير العربي إلى السريانية؛ وذلك لاقتباس مفهوم هذا التعبير من معانٍ مرادفة في اللغة السريانية^{^[52]}.

ويفاجأ الباحث ـ بل يصاب بحيرة ـ حينما يرى قسماً منهم يطلقون أحكاماً عامة على الألفاظ العربية، فينسبونها إلى اللغات الأخرى من دون أدنى روية وتحقيق، ليصل الأمر إلى نسبة الكلمات العربية الأصل إلى غيرها من اللغات.

فمثلا: نجد نولدكه يسرف في عد الكلمات الدخيلة إسرافا واضحاً؛ حتى عد الفعلقرأ غير عربي الأصل[53]، ويرى تلميذه شوالي أن أمي، ودين، وملة كلمات غير عربية أيضاً[54]، ويرى برجشتراسر أن كلمة سكينة، والفرقان كلمات آرامية[55].

إن ما تقدم في هذا المقال يغنينا عن الرد على هذه الأوهام، لكننا لمزيد من الفائدة نقول: إن منهجاً عشوائياً كهذا ـ لا يخضع لميزان علمي ـ لا يمكن قبوله إطلاقاً؛ فإن المعرّب في لغة العرب له منهجه الخاص وآلياته الواضحة، ولا يمكن أن يكون وجود كلمة في لغة، ومجرد التشابه دليلاً على كون الكلمة من لغة أخرى.

ثم إنه على فرض وجود الكلمة في كتب الديانات الأخرى، فهذا لا يعني الاقتباس؛ باعتبار أن الأمر يرجع إلى اللغة لا إلى الكتب.

إننا نعتقد أن قضية الحكم على مفردة بكونها من كذا لغة تحتاج إلى دقة فائقة، فكيف يمكن أن نقتنع بمجرد احتمالات، وأحكام ارتجالية؟!

ولا بد أن نؤكد أن الألفاظ المعرّبة ذات نطاق محدود كما مر، ولا تضر بفصاحة القرآن.

نعم؛ بناءً على العشوائية الاستشراقية ينفتح الباب على مصراعيه.

نتائج البحث

أولاً: تميزت اللغة العربية بتأريخ قديم، وقد حوت أفضل الخصائص اللغوية، كما أنها مرت بمراحل تطورية وصلت أوجها في عصر النزول.

ثانياً: إن جميع اللغات يحكمها قانون التبادل العام، ولم تشذ اللغة العربية عن هذا الأمر، غير أن اللفظ حينما يتحول من لغة إلى أخرى يفقد جل ـ أو كل ـ خصائصه اللغوية السابقة، وقد تميزت اللغة العربية بمرونتها الخاصة في تقبُّل الألفاظ وتحويلها إلى ذخيرتها.

ثالثاً: بدأ التبادل في اللغة العربية منذ زمن قديم، يرجع إلى الوقت الذي عاش فيه العرب الانفتاح والتبادل التجاري قبل نزول القران الكريم، غير أن ذلك كان بشكل محدود، وبعد الإسلام انفتح الباب على مصراعيه.

رابعاً: إن التعريب، ونقل الألفاظ من لغة إلى أخرى له ضوابط وأسباب، كما أنه على أنواع.

خامساً: اختلف العلماء في وقوع الكلمات غير العربية: بين قائل بالنفي، وبين قائل بالإثبات، وبين مَن ذهب إلى التفصيل، ولكلٍ دليله الخاص، وقد مر التدقيق والمناقشة في محله، وخلصنا إلى القول بوقوع ذلك، مع تفصيل مرّ ذكره.

سادساً: لا يمكن إطلاق الأحكام على الألفاظ القرآنية بأنها من لغة كذا، ما لم يتم إجراء بحث دقيق لكل مفردة، مع عرض تأريخها بشكل مفصّل.

سابعاً: تناول بعض المستشرقين المسألة في بحث مفصل، فيما نرى أن بعضهم لم يدرسها بحيادية، فحاول توظيفها لمصالح خاصة، بالإضافة إلى ضعف المنهجية المتبعة في عرض المسألة.

[1] اُنظر: حنا الفاخوري، تاريخ الأدب العربي: ص12ـ 13.

[2] الرافعي، مصطفى صادق، تاريخ آداب العرب: ج1، ص56.

[3] أحمد عثمان، في الشعر الجاهلي: ص74.

[4] صبحي الصالح، دراسات في فقه اللغة: ص47، إلى نهاية الفصل الثاني، مع تصرُّف.

[5] علي عبد الواحد، فقه اللغة: ص86.

[6] اُنظر: السيوطي، المزهّر في علوم العربية: ص175.

[7] صبحي الصالح، دراسات في فقه اللغة، فصل خصائص لهجة قريش: ص67.

[8] ابن جنّي، الخصائص: ج2، ص11.

[9] صبحي الصالح، دراسات في فقه اللغة: ص315. واُنظر: د. إبراهيم أنيس، من أسرار اللغة: ص179.

[10] المصدر نفسه.

[11] دراسات في فقه اللغه، مصدر سابق.

[12] علي عبد الواحد، علم اللغة: ص236.

[13] صبحي الصالح، دراسات في فقه اللغة: ص314.

[14] إبراهيم أنيس، من أسرار اللغة: ص124.

[15] الجوهري، صحاح اللغة: ج1، ص456.

[16] السيوطي، المزهر في علوم العربية: ج1، ص211.

[17] محمد السعيد بکر، من قضايا فقه العربية: ص136.

[18] علي عبد الواحد، فقه اللغة: ص199.

[19] المصدر نفسه، د. أبو سکين، فقه اللغة: ص46 بتصرُّف.

[20] د. أبو سکين، فقه اللغة: ص46.

[21] السيوطي، المزهَّر في علوم العربية: ج1، ص212.

[22] السهمي، حمزة بن يوسف، تاريخ جرجان: ص393.

[23] المعجم المفصل في المعرب والدخيل: ص5.

[24] د. عبد الله العزازي، محاضرات في فقه اللغة العربية: ص43.

[25] من قضايا فقه العربية: ص141.

[26] صبحي الصالح، دراسات في فقه اللغة: ص323 فما بعد.

[27] الجواليقي، المعرّب: ص60.

[28] صبحي الصالح، دراسات في فقه اللغة: ص324.

[29] المصدر نفسه.

[30] الشعراء: 195.

[31] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ج1، ص68.

[32] اُنظر: الزرکشي، البرهان: ج1، ص201، النوع السابع عشر.

[33] اُنظر: السيوطي، الإتقان: ص205. النوع الثامن والثلاثون.

[34] الشافعي، الرسالة: ص41 ـ 42.

[35] الزرکشي، البرهان: ج1، ص203.

[36] الطبري، جامع البيان: ج1، ص15.

[37] السيوطي، الإتقان، النوع الثامن و الثلاثون: ص205.

[38] ابن عطية، المحرر الوجيز: ج1، ص51،

[39] الزرکشي، البرهان، ج 1 ص 203.

[40] يوسف: 2.

[41] فصلت: 44.

[42] يراجع في تفاصيل ذلك: البرهان النوع الثامن عشر.

[43] السيوطي، الإتقان النوع الثامن والثلاثون.

[44] المصدر نفسه.

[45] فصلت: 44.

[46] اُنظر: السيوطي، الإتقان النوع الثامن والثلاثون.

[47] إبراهيم: 4.

[48] السيوطي، الإتقان النوع الثامن والثلاثون.

[49] اُنظر: المصدر نفسه.

[50] اُنظر: المصدر نفسه.

[51] اُنظر: برجشتراسر، التطور النحوي للغة العربية: ص220.

[52] أخذنا هذه الأفكار من مقال منشور عن الكتاب على الشبكة العنكبوتية ضمن موقع الأقباط: ص2.

[53] نولدكه، تاريخ القران: ج1، ص30 فما بعد.

[54] المصدر نفسه: ص14،19.

[55] برجشتراسر،التطور النحوي للغة العربية: ص225.

المعرّب في القرآن (دراسة نظرية بين معطيات علم اللغة وعلوم القرآن)