تمهيد[1]

من الأساليب الأساسية التي اتّخذها القرآن الكريم في بيان الحقائق، هو أُسلوب الإشارة والتلويح إلى الكبريات والأُمور الكلّية، دون الدخول في الجزئيات، أو التصريح بشكل مباشر بالموضوعات الخارجية، إلّا في موارد قليلة؛ وذلك لأنّ القرآن كتاب هداية وعبرة وتقنين ، أكثر ممّا هو كتاب تاريخي يُبيّن الحقائق السالفة، والمصاديق الخارجية، والشخصيات التي جرت عليها تلك الأحداث، بل يأخذ من كلّ قصّة عبرة يركّزها في أذهان المجتمعات البشرية لغايات واضحة ومعروفة؛ لذلك في كثير من الأحيان لا بدّ من جمع القرائن والأدلة لإثبات المصداق الخارجي، والمقصود الحقيقي من الآية القرآنية، وهذا أمر مهم في بابه، وله آثار عدّة، سنشير إلى بعضها عند التطرّق لأهمّية هذا البحث.

إنّ مسألة الذبيح في القرآن الكريم من المسائل المهمّة اللافتة للنظر؛ إذ إنّها شكّلت ظاهرة غريبة وفريدة من نوعها، فإنّ الدين الحق وملّة إبراهيم الخليل يحثّان على حفظ النفوس، وعدم سفك الدماء إلّا بالحق، هذا من جهة.

ومن جهة أُخرى يأتي الأمر الإلهي لإبراهيم الخليل بأن يذبح ابنه كفداء، فهو قتل لنفس بريئة بشكل فجيع، وهو (الذبح) من قِبل الأب الذي تتملّكه العواطف والرحمة والشفقة على الابن الشاب اليافع، ثمّ تبدّل الصورة، ويأتي ذبح آخر يصفه القرآن بالعظيم، ليحلّ محلّ إسماعيل الذبيح.

ومن هنا يأتي السؤال: هل هذا الذبح الموصوف في القرآن الكريم بأنّه عظيم، هو البديل عن النبيّ إسماعيل(عليه السلام) حقيقة، أو أنّ هذا مجرّد صورة، والذبح الواقعي أمر، أو شيء، أو شخص آخر، يستحق وصف العظمة القرآنية؟ هذا ما نريد أن نسلّط الضوء عليه بشكل مفصّل من خلال عرض الأدلة والشواهد والقرائن.

إنّ القرآن الكريم ذكر هذه القصّة وبيّن بعض جزئياتها من خلال مجموعة من الآيات، ثمّ أعقبت ذلك الروايات الكثيرة عن الرسول الأعظم(صلى الله عليه واله) وأهل بيته(عليهم السلام) في مصادر الفريقين، وقد شرحت تلك الروايات وعلّقت عليها؛ لبيان وتفصيل هذه المسألة.

فالبحث عن هذه المسألة له جهات عدّة: فتارةً يكون البحث عن أصل المسألة وتسلسلها وترتيب أحداثها، وأُخرى عن زمنها وموضعها في سلسلة أزمان النبيّ إبراهيم(عليه السلام)، وثالثةً عن المذبوح: هل هو إسماعيل(عليه السلام) أو إسحاق(عليه السلام)؟ ورابعةً عن أسباب وعلل هذا الفداء وآثاره، فكانت هناك أبحاث عدّة، وأُلّفت في ذلك بعض الكتب، وكان هناك اختلاف في مجموعة من جزئيات هذه المسألة على مستوى ترتيب الوقائع وأزمانها، وتحديد شخصياتها وما إلى ذلك.

ونحن في هذا البحث لا نريد أن نتطرّق إلى جميع ذلك، وإنّما نأخذ جهة من هذا البحث قلّما تمّ التطرّق إليها، حتّى أنّ مَن تطرّق إليها قد ذكرها بشكل مختصر، وهي مسألة أنّ الذبيح الذي هو إسماعيل(عليه السلام) قد فداه الله تعالى بذبح عظيم، فدفع الله الذبح عن نبيّه إسماعيل(عليه السلام)، وأنّ ذلك الذبح هو الإمام الحسين(عليه السلام)، مسترشدين برواية عن أهل البيت(عليهم السلام)، مع بعض البحوث التحليلية التي يمكن أن نستنتجها من ألفاظ الآيات المباركة نفسها.

الآيات القرآنية

قال تعالى في سورة الصافات: (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ)[2].

تُشير هذه الآيات إلى قصّة النبيّ إبراهيم(عليه السلام) مع ابنه إسماعيل(عليه السلام)، فقد رأى أنّه يذبحه بأمر من الله تعالى، فعرض ذلك على ابنه، فما كان من جوابه إلّا التأييد والتسليم والقبول، قصد النبيّ إبراهيم(عليه السلام) ذبح ابنه، واتّخذ جميع الإجراءات اللازمة للذبح، ولكن جاءه النداء الإلهي بأنّك ـ يا إبراهيم ـ قد صدّقت وأطعت وامتثلت للأمر الإلهي، فاستبدل الله تعالى إسماعيل(عليه السلام) بذبح، وهو خروف، أو وعل، أو شيء آخر حسب اختلاف المفسّرين، فوقع عليه الذبح الفعلي.

فرضية البحث

إنّ ما نريد أن نثبته في هذا البحث، هو أنّه توجد صورتان في هذه الواقعة، الأُولى: صورة ظاهرية، وهي ذبح تلك الذبيحة على يد النبيّ إبراهيم(عليه السلام)، وهذه الصورة هي الظاهرة التي لا نقاش فيها، والثانية: صورة واقعية حقيقية، وهي أنّ الذبح العظيم الذي كان فداء للنبيّ إسماعيل(عليه السلام) هو الإمام الحسين(عليه السلام)، بمعنى أنّ هناك ضرورة تقتضي أن يذبح النبيّ إبراهيم(عليه السلام) ابنه النبيّ إسماعيل(عليه السلام)، ولكنّ الله أبدل النبيّ إسماعيل(عليه السلام) بذبح عظيم، ولا بدّ أن يكون الفداء نبياً، أو بمنزلة النبيّ، أو أعلى مرتبة؛ لأنّ الأعلى يؤدّي دور الأدنى ولا عكس، وأنّ هذا الفداء العظيم هو الإمام الحسين(عليه السلام)، وهذا يعني أنّه لولا الإمام الحسين(عليه السلام) لكان لزاماً على النبيّ إبراهيم(عليه السلام) أن يذبح ابنه. فالبحث ـ إذاً ـ عن هذه الفرضية أو الدعوى وإمكان إثباتها، وبيان ما يترتّب عليها.

أهمّية البحث

إنّ البحث عن هذه المسألة لا يعدّ ضمن الترف الفكري كما عليه مجموعة من البحوث والدراسات، وإنّما هناك ثمرات مهمّة وعملية لهذا البحث، تعكس ضرورته، ولزوم بحثه، واتخاذ موقف واضح منه، وتلك الأهمّية إمّا نابعة من البحث نفسه، أو ممّا يتركه من تأثير في مجالات البحوث الأُخرى، ويمكن أن نجمل أهمّية هذا البحث من خلال النقاط الآتية:

الأُولى: إثبات الدرجة الرفيعة للإمام الحسين(عليه السلام)

إنّ إثبات كون الذبح العظيم الذي فدى به الله تعالى النبيّ إسماعيل(عليه السلام) هو الإمام الحسين(عليه السلام)، يعدُّ فضيلة للإمام(عليه السلام)؛ وذلك لأنّه يعكس المنزلة العالية للإمام(عليه السلام) عند الله تعالى؛ إذ جعله الفداء العظيم للدين وأهداف السماء، كما سنبيّن ذلك.

نعم، أُشكل على هذا المطلب بأنّه لا يعدُّ فضيلة للإمام الحسين(عليه السلام)، بل يعدُّ تنقيصاً من مقامه(عليه السلام)؛ وذلك لأنّ الإمام(عليه السلام) أفضل من النبيّ إسماعيل(عليه السلام)، ولا يصح فداء الفاضل للمفضول.

وسنجيب عن هذا الإشكال في البحوث القادمة عند التطرّق إلى بعض الإشكالات الأُخرى.

الثانية: الجواب عن إشكال مطروح

هناك إشكال تمّ طرحه بشكل واسع في الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، ووصل الأمر فيه إلى التشنيع على الشيعة، من كونهم يؤوّلون ويفسّرون القرآن على خلاف ظاهره من دون أيّ دليل أو برهان أو حتّى شاهد أو قرينة[3].

من هنا لا بدّ من الجواب عن هذا الإشكال إمّا بالإثبات أو النفي العلمي، من خلال الدليل والبرهان.

الثالثة: التأثير في بعض الأبحاث الأُخرى

هناك مجموعة من البحوث تؤثّر فيها نتيجة هذا البحث بالنفي أو الإثبات.

منها: إذا ثبت أنّ الذبيح الحقيقي هو الإمام الحسين(عليه السلام)، فهذا يعني حتمية وقوع الذبح في كربلاء، وإلّا لما تحقّق الفداء، ويترتّب على ذلك البتّ في مسألة الهدف من نهضة كربلاء من أنّه(عليه السلام) خرج للشهادة أو الحكومة.

ومنها: علاقة كون الذبيح هو الإمام الحسين(عليه السلام) بمسألة أنّ الذي أُمر بذبحه هو النبيّ إسماعيل أو النبيّ إسحاق(عليهما السلام)؛ وذلك لأنّ أهم دليل في بحثنا هذا هو الرواية التي تثبت أنّ الذبيح هو النبيّ إسماعيل(عليه السلام).

ومنها: إذا كان الإمام الحسين(عليه السلام) هو الذبيح، فسيكون هناك معنى إضافي لقول الرسول(صلى الله عليه واله): «حسين منّي وأنا من حسين»[4]؛ لأنّه بفداء الحسين(عليه السلام) لإسماعيل(عليه السلام) بقي إسماعيل(عليه السلام) حيّاً، فجاء الرسول الأعظم(صلى الله عليه واله)، فيكون بقاء الرسول الأعظم(صلى الله عليه واله) مادياً ومعنوياً من الحسين(عليه السلام) بحفظ النبيّ إسماعيل(عليه السلام) وحفظ الرسالة.

الرابعة: الرابطة التكوينية

إنّ إثبات كون الذبيح هو الإمام الحسين(عليه السلام)، يدلّ على أنّ هناك رابطة تكوينية بين حلقات رسالة السماء، وأنّ الدين دين واحد ضحّى من أجله سائر الأنبياء والأوصياء(عليهم السلام).

الخامسة: كربلاء والقرآن

إثبات أنّ الذبيح هو الإمام الحسين(عليه السلام) يكون أحد الأدلة على وجود الإشارات القرآنية لواقعة كربلاء الأليمة.

فهذه مجموعة من النقاط التي تفرض كلّ واحدة منها ضرورة الخوض في هذا الموضوع، والبحث عنه، وإثبات نتائجه بالدليل والبرهان والبحث العلمي.

بيان الأدلّة

يمكن الاستدلال على مسألة أنّ الذبح العظيم ـ في واقع الأمر ـ هو الإمام الحسين(عليه السلام) من خلال دليلين: روائي وتحليلي:

الدليل الأوّل: الدليل الروائي

روى الصدوق في (الخصال)، قال: «حدّثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار(رضي الله عنه)، قال: حدّثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن الفضل ابن شاذان، قال: سمعت الرضا(عليه السلام) يقول: لمّا أمر الله)عز وجل) إبراهيم(عليه السلام) أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه، تمنّى إبراهيم(عليه السلام) أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده، وأنّه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه؛ ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعزّ ولده عليه بيده، فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، فأوحى الله(عز وجل) إليه: يا إبراهيم، مَن أحبّ خلقي إليك؟ فقال: يا رب، ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ من حبيبك محمد(صلى الله عليه واله)، فأوحى الله تعالى إليه: أفهو أحبّ إليك أم نفسك؟ قال: بل هو أحبّ إليّ من نفسي. قال: فولده أحبّ إليك أم ولدك؟ قال: بل ولده. قال: فذبح ولده ظلماً على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا ربّ، بل ذبح ولده ظلماً على أيدي أعدائه أوجع لقلبي. قال: يا إبراهيم، فإنّ طائفة تزعم أنّها من أُمّة محمد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلماً وعدواناً كما يُذبح الكبش، ويستوجبون بذلك سخطي. فجزع إبراهيم(عليه السلام) لذلك، وتوجّع قلبه، وأقبل يبكي، فأوحى الله(عز وجل) إليه: يا إبراهيم، قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل ـ لو ذبحته بيدك ـ بجزعك على الحسين وقتله، وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب؛ وذلك قول الله(عز وجل): (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)»[5].

سند الرواية

تعتبر هذه الرواية تامّة من جهة السند، فرجاله يمكن الاعتماد عليهم. وعدّه المجلسي الأوّل حسناً كالصحيح، فقال في (روضة المتقين): «ورُوي في الحسن كالصحيح...»[6].

وما وقع من الكلام والإشكال في اعتبار عبد الواحد بن محمد بن عبدوس، وعلي ابن محمد بن قتيبة، قد أجبنا عنه بما حاصله:

الأوّل: عبد الواحد بن محمد بن عبدوس

صحّح روايته الصدوق، قال في (العيون) ـ عند ذكره لروايتين مختلفتين في المتن ـ: «وحديث عبد الواحد بن محمد بن عبدوس(رضي الله عنه) عندي أصحّ، ولا قوة إلّا بالله»[7].

وقال أيضاً في كتاب (الهداية): «وتصديق ذلك: ما حدّثنا به عبد الواحد بن محمد ابن عبدوس العطّار، قال: حدّثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن الفضل بن شاذان...»[8].

كما أنّه روى عنه، بقوله: «وروى عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري(رضي الله عنه)، عن علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال :قلت للرضا(عليه السلام): يابن رسول الله، قد رُوي لنا عن آبائك(عليهم السلام) فيمَن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه، ثلاث كفارات، ورُوي عنهم(عليهم السلام) أيضاً كفارة واحدة، فبأي الخبرين نأخذ؟ فقال: بهما جميعاً، متى جامع الرجل حراماً أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات: عتق رقبة، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكيناً، وقضاء ذلك اليوم، وإن كان نكح حلالاً أو أفطر على حلال، فعليه كفارة واحدة، وقضاء ذلك اليوم وإن كان ناسياً فلا شيء عليه»[9].

وقد صحّح هذه الرواية واعتبرها جملة من الأعلام، منهم:

المحقّق الحلّي، كما يظهر من كلامه في (المعتبر)، فقد حملها على الاستحباب ولم يناقش في سندها[10].

العلّامة الحلّي، قال: «روى ابن بابويه في حديث صحيح عن الرضا(عليه السلام)، أنّه سئل يابن رسول الله، قد رُوي لنا عن آبائك(عليهم السلام) فيمَن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه، ثلاث كفّارات...»[11].

ولا يضرّ قول العلّامة في كتابه (مختلف الشيعة) عند ذكره لهذه الرواية: «في طريق هذه الرواية عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيشابوري، ولا يحضرني الآن حاله، فإن كان ثقة فالرواية صحيحة يتعيّن العمل بها»[12]؛ لأنّ حالة الحضور تقدّم على حالة غير الحضور.

والحر العاملي كما في كتابه (هداية الأُمّة إلى أحكام الأئمّة)، على ما يظهر منه[13]. وغيرهم من الفقهاء.

وهناك قرائن عدّة على اعتباره، منها: كثرة نقل الصدوق عنه، وترضّيه الكثير عليه، وكثرة رواياته في الكتب الأربعة؛ ولأجل ذلك قد اعتبر روايته مجموعة من الرجاليين فضلاً عن غيرهم، منهم: محمد باقر البهبهاني في تعليقته على منهج المقال[14]، والمازندراني في (منتهى المقال)[15]، والسيّد علي البروجردي في (طرائف المقال)[16]، وغيرهم، هذا ويمكن عدّه من المعاريف الذين لم يطعن فيهم أحد، وهو قرينة على الاعتبار.

نعم، قال السيّد الخوئي: «أقول: كلام الصدوق لا يدلّ على توثيق عبد الواحد، بل ولا على حسنه، فإنّ تصحيح الصدوق خبره غايته أنّه يدلّ على حجّيته عنده؛ لأصالة العدالة التي بنى عليها غير واحد، وأمّا التوثيق أو المدح فلا يستفاد من كلامه. ومن ذلك يظهر أنّ تصحيح العلّامة في التحرير رواية عبد الواحد بن محمد بن عبدوس الواردة في لزوم كفارة الجمع على مَن أفطر في شهر رمضان على حرام، لا يترتب عليه أثر، فالرجل مجهول الحال والله العالم»[17].

وكلام السيّد الخوئي هذا مبتنٍ على مبناه الخاص في مسألة أصالة العدالة، وتعميمه على القدماء، وقد خالفه في ذلك الكثير من العلماء.

الثاني: علي بن محمد بن قتيبة

قد فصّلت الكلام عنه في كتاب زيد بن علي(عليه السلام)، وقد أثبت وثاقته، ودفعت الإشكالات التي أوردها السيّد الخوئي على وجوه توثيقه، نحيل القارئ على ذلك البحث مراعاة للاختصار[18].

دلالة الرواية

يمكن الاستدلال بالرواية من خلال الفقرة: «فأوحى الله(عز وجل) إليه: يا إبراهيم، قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل ـ لو ذبحته بيدك ـ بجزعك على الحسين وقتله، وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب؛ وذلك قول الله)عز وجل): (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)».

وجه الاستدلال

في هذه الفقرة توجد حالة استبدال بالفداء، فقد بدّل الله تعالى جزع إبراهيم(عليه السلام) على ابنه بجزعه على الحسين(عليه السلام)، أي: إنّ إبراهيم(عليه السلام) لا بدّ أن يجزع، وهذا الجزع الذي كان لا بدّ أن يكون على ابنه إسماعيل(عليه السلام) تبدّل بالجزع على الإمام الحسين(عليه السلام)، فيكون جزع النبيّ إبراهيم(عليه السلام) أشدّ، وثوابه عليه أعظم، وعلو درجته أرفع، ثمّ طبّق الإمام الرضا(عليه السلام) الآية القرآنية على هذا التبديل.

ويمكن أن نستدلّ على المطلوب أيضاً بأنّه لا يمكن أن يكون ذبح الكبش، أو الوعل، رافعاً لدرجة النبيّ إبراهيم(عليه السلام)، فإنّ درجته(عليه السلام) ترتفع بمقدار شدّة جزعه، فإذا لم نقل: بأنّ المذبوح أعظم، وبتبعه يكون الجزع أعظم لا ترتفع الدرجة، بل لا توجد درجة أصلاً؛ لأنّ ذبح ما من حقّه الذبح لا يؤثّر في رفع الدرجات، فيبقى الأجر على أصل القبول بذبح الابن، وهذا حاصل مَن أوّل قبول النبيّ إبراهيم(عليه السلام) بذلك.

النتيجة: يوجد استبدالان في المقام

الأوّل: استبدال حقيقي ظاهري، وهو الذبح الذي ذبحه إبراهيم(عليه السلام) في وقت تلك الحادثة، وهذا هو المستفاد من ظاهر الآيات المباركة.

الثاني: استبدال حقيقي باطني، وهو استبدال النبيّ إسماعيل(عليه السلام) بالإمام الحسين(عليه السلام)، وهذا هو المستفاد الحقيقي من الرواية الشريفة، وهو ما يظهر من كلام الشيخ الصدوق في الخصال أيضاً [19]، فالرواية تامّة من جهة السند والدلالة.

الإشكالات على الاستدلال

توجد بعض الإشكالات على الاستدلال لا بدّ من دفعها حتّى يتمّ الاستدلال:

الإشكال الأوّل: عدم التناسب بين المفدى والمفدى له

إنّ الإمام الحسين(عليه السلام) أفضل من النبيّ إسماعيل(عليه السلام)، وعليه فلا يكون الفاضل فداء للمفضول، قال القزويني: «والرواية مع تسليم سلامة سندها غير واضحة الدلالة، بل هي من المتشابهات، مع أنّها على تقدير الدلالة مطروحة؛ لقضائها على انحطاط رتبة الحسين(عليه السلام)، وهو خلاف المذهب»[20].

وقد أشار صاحب البحار إلى هذا الإشكال وأجاب عنه[21]، وكذلك البحراني في العوالم[22].

جواب الإشكال الأول

يمكن الجواب بأُمور:

الأمر الأوّل: إنّ الرواية تنصّ على أنّ هناك مقاماً عالياً لا يناله النبيّ إبراهيم(عليه السلام) بذبح ابنه إسماعيل(عليه السلام)، بل لا بدّ من ذبح أعظم من النبيّ إسماعيل(عليه السلام)، حتّى ينال مرتبة أعلى، فهذا من أدلّة أعلائية رتبة الإمام الحسين(عليه السلام) لا العكس.

الأمر الثاني: بناءً على التسليم بأنّ المُبدل أفضل من البدل، نقول: لولا الفداء بالإمام الحسين(عليه السلام) لذبح النبيّ إسماعيل(عليه السلام)، وهذا معناه عدم وجود ذريته، ومنهم الرسول الأعظم(صلى الله عليه واله)، وأئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، ومنهم الإمام الحسين(عليه السلام)، فالأفضلية بين الإمام الحسين(عليه السلام) وحده من جهة، وبين الإمام الحسين(عليه السلام) وجميع ذرية النبيّ إسماعيل(عليه السلام) من جهة أُخرى، والثاني أفضل قطعاً.

قال صاحب البحار: «وأُجيب: بأنّ الحسين(عليه السلام) لمّا كان من أولاد إسماعيل، فلو كان ذُبح إسماعيل لم يوجد نبينا وكذا سائر الأئمّة وسائر الأنبياء(عليهم السلام) من ولد إسماعيل(عليه السلام)، فإذا عوّض من ذبح إسماعيل بذبح واحد من أسباطه وأولاده وهو الحسين(عليه السلام)، فكأنّه عوّض عن ذبح الكلّ، وعدم وجودهم بالكلّية بذبح واحد من الأجزاء بخصوصه، ولا شكّ في أنّ مرتبة كلّ السلسة أعظم وأجلّ من مرتبة الجزء بخصوصه»[23].

الأمر الثالث: أنّ فداء إسماعيل(عليه السلام) كان من أجل غاية معيّنة ، وليس أمراً جزافياً، والغاية هي حفظ الدين الكامل، والدين الكامل هو الشريعة الإسلامية التي جاء بها الرسول الأعظم(صلى الله عليه واله) فيما بعد، ففداء الحسين(عليه السلام) لأجل هذا الأمر العظيم الذي كانت بدايته في ذلك الزمان، لا لأجل النبيّ إسماعيل(عليه السلام) فقط، ولكن هذا الجواب يتوقّف على إثبات أنّ علّة الذبح هو حفظ الدين الخاتم، وهذا ما سنتطرّق إلى بحثه في الدليل الثاني.

فإن قلت: إنّ هذا لازمه أن يكون الإمام الحسين(عليه السلام) فداءً لذلك الهدف، وليس للنبيّ إسماعيل(عليه السلام)، وهذا خلاف صريح الآية التي قالت: (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) أي: النبيّ إسماعيل(عليه السلام)، وكذا يستلزم أن يكون الفداء استخدم في غير معناه الحقيقي الذي هو بين الفاضل والمفضول.

قلت: إنّ الفداء استُخدم في معناه الحقيقي؛ إذ إنّ ذلك الهدف الذي ضحّى من أجله الإمام الحسين(عليه السلام) وجميع الأنبياء والمرسلين هو أعظم، وكذا ظاهر الآية باقٍ على حاله ولا يلزم الإشكال؛ وذلك ببيان: أنّ النبيّ إسماعيل(عليه السلام) كان فداء لذلك الهدف العظيم أو الدين الكامل، والإمام الحسين(عليه السلام) فداء للنبيّ إسماعيل(عليه السلام) لا بعنوانه الشخصي الخاص، بل بعنوان أنّه فداء لذلك الأمر العظيم، فالإمام الحسين(عليه السلام) فداء للنبيّ إسماعيل(عليه السلام) بذلك اللحاظ.

الإشكال الثاني: إشكال سندي

وهذا الإشكال يستفاد من عبارة القزويني المتقدّمة أيضاً، فقد قال: «والرواية مع تسليم سلامة سندها...».

الجواب: قد أثبتنا سلامة سندها بشكل مفصّل فيما تقدّم.

الإشكال الثالث: إشكال دلالي

وهو مستفاد من عبارة القزويني المتقدّمة أيضاً، لأنّه قال: «والرواية... غير واضحة الدلالة، بل هي من المتشابهات».

الجواب: قد ذكرنا وجه الاستدلال فيما تقدّم.

الإشكال الرابع: كان الفداء جزعاً بجزع، لا الإمام الحسين(عليه السلام) بالنبيّ إسماعيل(عليه السلام)

قال صاحب البحار: «ليس في الخبر أنّه فدى إسماعيل بالحسين، بل فيه أنّه فدى جزع إبراهيم على إسماعيل بجزعه على الحسين(عليه السلام)، وظاهر أنّ الفداء على هذا ليس على معناه، بل المراد التعويض، ولمّا كان أسفه على ما فات منه من ثواب الجزع على ابنه، عوّضه الله بما هو أجل وأشرف وأكثر ثواباً، وهو الجزع على الحسين(عليه السلام)»[24].

والمعنى: أنّ النبيّ إبراهيم(عليه السلام) أحبّ أن يجزع على ذبح ابنه في سبيل الله حتّى ينال الدرجات الرفيعة، وبعد أن استبدل الله تعالى النبيّ إسماعيل(عليه السلام) بذلك الذبح، تمنّى النبيّ إبراهيم(عليه السلام) أن يكون قد ذبح ابنه؛ إذ إنّه لولا الذبح لما جزع، ولا يصل إلى تلك الدرجات، فجاء الإخبار الإلهي أنّه سوف يُذبح الحسين(عليه السلام)، عندها جزع النبيّ إبراهيم(عليه السلام)، ثمّ أخبره الله تعالى أنّ هذا الجزع أعظم من جزعك على ابنك لو ذُبح، وعليه فالمسألة أجنبية عمّا نحن فيه، فالإخبار عن ذبح الحسين(عليه السلام) لا يعني الاستبدال وإن استلزم الجزع الأعظم.

جواب الإشكال الرابع

أوّلاً: إنّ الجزع متعلّق بما يجزع عليه، فهو معلول لذبح إسماعيل(عليه السلام)، وتغيّره عند النبيّ إبراهيم(عليه السلام) إنّما هو بتبع تغيّر المتفجّع عليه، وعليه فلا معنى لتغيّر تفجّع بتفجّع بدون النظر إلى تغيّر المتفجّع عليه، فالفداء بين الإمام الحسين(عليه السلام) والنبيّ إسماعيل(عليه السلام)، وبتبع ذلك يكون تبدل جزع بجزع، خصوصاً أنّ متعلّق الجزع الأُول لم يتحقّق وهو ما يؤكّد عملية التبديل.

ثانياً: إنّ جعل الموضوعية للجزع خلاف الظاهر؛ لذلك اضطر صاحب الإشكال إلى اللجوء إلى التقدير، فقال: «فالآية تحتمل وجهين: الأوّل أن يقدّر مضاف، أي: فديناه بجزع مذبوح عظيم الشأن، والثاني: أن يكون الباء سببية، أي: فديناه بسبب مذبوح عظيم بأن جزع عليه، وعلى التقديرين لا بدّ من تقدير مضاف، أو تجوّز إسناد في قوله: (وَفَدَيْنَاهُ)»[25]، والتقدير خلاف الظاهر، ولا يذهب إليه إلّا عند الضرورة.

ثالثاً: إنّ الرواية عن الإمام الرضا(عليه السلام) قد فسّرت الآية بذلك، فقد قالت: «يا إبراهيم، قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل ـ لو ذبحته بيدك ـ بجزعك على الحسين وقتله، وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب؛ وذلك قول الله)عز وجل):
(وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)». ومن الواضح أنّ الذي استُبدل ـ وهو الضمير في فديناه ـ هو النبيّ إسماعيل(عليه السلام) لا جزع النبيّ إبراهيم(عليه السلام).

الإشكال الخامس: شهادة الإمام الحسين(عليه السلام) ثابتة بمعزل عن قضية النبيّ إسماعيل(عليه السلام)

قال سيّد فاخر الموسوي: «والحاصل أنّ شهادة الحسين(عليه السلام) كان أمراً مقرّراً، ولم يكن لرفع قتل إسماعيل»[26].

ويمكن أن يُستشهد لذلك بأنّ تمام الأنبياء(عليهم السلام) قد بكوا وجزعوا لمصاب الحسين(عليه السلام)، من النبيّ آدم(عليه السلام) إلى الخاتم(صلى الله عليه واله)، وهذا يدلّ على أسبقية تقرّر الشهادة الحسينية على التضحية الإسماعيلية.

جواب الإشكال الخامس

غاية ما يُثبته الإشكال هو الأسبقية، ولا يمكن القطع بعدم الارتباط بين شهادة الإمام الحسين(عليه السلام) ومسألة الفداء للنبيّ إسماعيل(عليه السلام)، فيمكن أن تكون شهادة الإمام الحسين(عليه السلام) متقرّرة سابقاً، ومرتبطة بمسألة الفداء، وبما أنّ المسألة ترتبط بالعلم والتقرّر، فلا مدخلية للحدوث والتحقّق.

نعم، يمكن أن يكون الفداء أحد الأسباب للشهادة الحسينية، لا السبب المنحصر، فهذا الإشكال حتّى يكون تاماً، لا بدّ أن يثبت عدم الارتباط بدليل وبرهان، وهو ما لم يتضح منه.

الإشكال السادس: رواية واحدة لا تكفي لإثبات المطلوب

إن قلت: إنّ هذا المعنى المهم ـ وخصوصاً أنّه خلاف ظاهر القرآن ـ لا بدّ أن يكون عليه تأكيد من أهل البيت(عليه السلام)، ولا يُكتفى فيه برواية واحدة.

جواب الإشكال السادس

أوّلاً: إنّ الرواية إذا تمّ سندها فهي حجّة، وعليها العمل، خصوصاً أنّها لا تخالف ظاهر القرآن، وإنّما تعطي معنىً من بطون القرآن.

ثانياً: مَن راجع التفاسير سوف يجد مئات الموارد من هذا القبيل، بل أكثر، وهو معمول به، ولا إشكال فيه عند العلماء وأصحاب الفن.

ثالثاً: إنّ ما يحتاج إلى أكثر من رواية حتّى يثبت أُمور لها خصوصيات مشخّصة كعموم البلوى، أو الأهمّية القصوى في العقائد الأساسية وما شاكل، والمورد ليس من هذا القبيل.

الإشكال السابع: الخبر الواحد لا يخصّص القرآن

إن قلت: إنّ المعنى الظاهري من القرآن والمدعوم بروايات كثيرة خلاف مضمون هذا الخبر، فلا يمكن أن نحمل المعنى القرآني عليه.

جواب الإشكال السابع

ما فعلناه ليس تخصيصاً للقرآن الكريم، ولا للروايات الأُخرى المفسّرة، ولا يوجد تعارض أصلاً، ولا عموم ولا خصوص، ولا مطلق ولا مقيّد، وإنّما هذه الرواية تثبت معنى من معاني الآية الباطنية، ولا توجد رواية واحدة تنفي هذا المعنى حتّى تتعارض مع هذه الرواية.

الإشكال الثامن: ظاهر الآية فورية الفداء

إن قلت: إنّ ظاهر الآية هو فورية الفداء، مع أنّه توجد فاصلة زمنية كبيرة جداً بين الفدائين حسب المدّعى.

جواب الإشكال الثامن

إنّ الفداء الظاهري كان فورياً، وأمّا الواقعي فلا يحدّه الزمان.

الدليل الثاني: الدليل التحليلي

وهنا مجموعة من المقدّمات لا بدّ من طرحها، ومع تماميتها يتمّ هذا الدليل:

المقدّمة الأُولى: بيان علّة الذبح

إنّ الأفعال الإلهية لا تكون جزافاً واعتباطاً، وإنّما تكون دائماً وفق المصالح والمفاسد، وكلّما كان الأمر مهماً فإنّه يدلّ على الغاية المهمّة منه، فإذا كان الأمر ذبح نبيّ على يد أبيه، فحتماً أنّ الأمر بالغ الأهمّية، فإذا كان الحال هذه، فلا يعقل أن يفي كبش بالغرض المطلوب، وعليه فلا بدّ أن يكون الفداء في واقع الأمر غير الكبش المذبوح.

وهنا قد ترد إشكالات عدّة:

الإشكال الأوّل: علّة الذبح علو الدرجة

ورد في بعض كتب التفاسير أنّ علّة الذبح هي رفع مقام النبيّ إبراهيم(عليه السلام)، وهو أمر تحقّق بوضع السكين على رقبة ابنه، وعزمه جداً على الذبح، وبعد أن تحقّق المطلوب فدى الله تعالى النبيّ بالكبش.

جواب الإشكال الأوّل

إنّ رفع الدرجات متفرّع ومعلول للرضا بالذبح، لا أنّ الذبح معلول له؛ لذلك لا بدّ من وجود علّة أُخرى للذبح، والشاهد على هذا ما ذُكر في الرواية المتقدّمة؛ إذ إنّ ابراهيم تمنّى أن يكون قد ذبح ابنه بالفعل؛ لأنّه سيصل إلى مرتبة أعلى، فالمرتبة أمر ومتفاوت الدرجات، ولا يمكن أن تكون هي العلّة، بل هي أمر معلول ثانوي في المقام.

فإن قلت: يمكن أن يكون رفع درجة النبيّ إبراهيم(عليه السلام) علّة غائية في المقام، والعلّة الغائية متقدّمة من جهة الصورة، ومتأخرة من جهة المادة، فمن جهة تقدمها تكون سابقة على الذبح.

قلت: بغض النظر عن مسألة ما هو المتقدّم وما هو المتأخر، فإنّ من المستبعد أن يتمّ لمجرد رفع درجة النبيّ ذبح الابن وقتله، وعليه فلا بدّ أن يكون الذبح لأمر آخر، والرضا بذلك الذبح هو الذي يرفع الدرجات، شأنه شأن جميع الابتلاءات التي مرّ بها الأنبياء والأئمّة والأولياء(عليهم السلام).

الإشكال الثاني: علّة الذبح النذر

«ورُوي أنّ إبراهيم(عليه السلام) كان نَذَرَ إن رزقه الله ولداً ذكراً أن يجعله ذبيحاً لله، فأمر بالوفاء به»[27].

جواب الإشكال الثاني

إنّ هذا المدّعى غير ثابت روائياً.

النتيجة: لا بدّ أن يكون الأمر الذي فدى الله تعالى له أحد أنبيائه أمراً في غاية الأهمّية.

المقدّمة الثانية: بيان معنى عظمة الذبح (بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)

وصفت الآية المباركة الذبح الذي هو فداء لإسماعيل(عليه السلام) بأنّه عظيم، وقد اتّفق جميع المفسّرين من مختلف المذاهب والطوائف على أنّ الكبش أو الوعل الذي ذُبح ـ بما هو كبش، أو وعل ـ لا يصح أن يتّصف بالعظمة، من هنا اتّجه الجميع إلى ذكر وجه لوصفه بالعظمة، وقد قيلت وجوه عدّة:

منها: أنّه كان يرعى في الجنّة أربعين خريفاً.

ومنها: أنّه القربان الذي تقبّله الله تعالى من هابيل.

ومنها: أنّه عظيم؛ لأنّه كان فداء لنبيّ.

ومنها: أنّه عظيم؛ لأنّه صار سنّة أيّام الحج على مرّ العصور[28].

جاء في تفسير الأمثل: «ما المراد بالذبح العظيم؟ هل أنّه يقصد منه الجانب الجسمي والظاهري؟ أو لأنّه كان فداءً عن إسماعيل؟ أو لأنّه كان لله وفي سبيل الله؟ أو لأنّ هذه الأضحية بعثها الله تعالى إلى إبراهيم؟ المفسّرون قالوا الكثير بشأنها، ولكن لا يوجد أيّ مانع يحول دون جمع كلّ ما هو مقصود أعلاه. وإحدى دلائل عظمة هذا الذبح، هو اتّساع نطاق هذه العملية سنة بعد سنة بمرور الزمن، وحالياً يذبح في كلّ عام أكثر من مليون أُضحية تيمّناً بذلك الذبح العظيم، وإحياءً لذلك العمل العظيم»[29].

وهذه الوجوه جميعها من تحليل وتأويل المفسّرين، ولم نجد رواية واحدة تنسب للرسول الأعظم(صلى الله عليه واله) وأهل البيت(عليهم السلام)، لا عند الخاصّة ولا العامّة. حتى الوجه الأخير الذي ذكر في تفسير الأمثل، فهو إن تمّ فهو عظمة لعملية الذبح لا المذبوح كما هو واضح، كما أنّ أهل اللغة قالوا: إنّ عظيم بمعنى الشريف أو الكبير، وعلى كليهما لا يتمّ المعنى، فلو قلنا: فديناه بذبح شريف، وكان القصد هو الكبش، يكون المعنى خروفاً شريفاً، ولو وضعنا معنى كبير، وقلنا: خروف كبير، فلا يصل المعنى المقصود الذي تعطيه لفظة العظمة أيضاً.

العظمة في القرآن

تكرّر لفظ العظمة في آيات عدّة في القرآن الكريم، بعضها أُطلق على الأُمور الجيّدة والإيجابية، وبعضها أُطلق على الأُمور السيّئة والسلبية، وفي الجميع تعطي معنى خارج المألوف، وأكبر وأكثر وأخطر وأهمّ من المعتاد:

النوع الأوّل: الله تعالى، فضل الله، اسم الله، الأجر، الفوز، المُلك، العرش، القرآن، طود البحر، عرش بلقيس، النبأ (القرآن)، الذبح، خُلق النبي(صلى الله عليه واله).

النوع الثاني: العذاب، البلاء، الميل عن الحق، الشرك، الافتراء، الظلم، البهتان، السحر، الخزي، الكيد، قول الشرك، الكرب، زلزلة الساعة، القول بغير علم، نكاح أزواج الرسول(صلى الله عليه واله)، الحنث.

هذه مجموعة من الأُمور التي وصفها القرآن الكريم بالعظمة، وبمجرد أن تقرأ الآيات المرتبطة بهذه المعاني يتجلّى معنى العظمة بشكل واضح، وهنا يأتي السؤال: لو أدرجنا الذبح بمعنى الخروف أو الوعل مع الموارد التي ذكرها القرآن
الكريم ـ خصوصاً الموارد من النوع الأوّل ـ فهل ينسجم المعنى للقارئ؟

ويمكن توجيه أكثر من إشكال على هذه المقدّمة:

الإشكال الأوّل: إن قلت: إنّ بعض الروايات أعطت هذا الذبح مجموعة من الخصوصيات غير موجودة في غيره، كما نقل الصدوق ذلك في رواية[30]، ويكفي منها أنّه نزل من الجنّة، وهذا يعتبر خارج المألوف، وعليه فيصح وصفه بالعظمة.

قلت: إنّ هذه المسألة استظهارية من الآيات والروايات، فمَن لا يستظهر صحّة وصف الخروف بالعظمة يمكن أن تتمّ عنده هذه المقدّمة.

الإشكال الثاني: إن قلت: إنّ جعل وصف العظمة لغير الخروف أو الوعل خلاف الظاهر، وخلاف صريح مجموعة من الروايات عند الفريقين التي نصّت على أنّ العظمة لهذا الذبح الذي هو الخروف الذي نزل من الجنّة وله عدّة خصوصيات، والذي تم ذبحه بالفعل في تلك الحادثة.

قلت: نحن لا ننكر أنّ العظمة أُسندت إلى الذبح الذي هو الخروف أو الوعل، ولكن نقول: إنّ العظمة أُسندت إليه لا بعنوانه، وإنّما لمحلّه، وللإشارة والرمزية التي يحملها، والتي تحكي ذلك الذبح الحقيقي.

المقدّمة الثالثة: ربط القضية بالإمام الحسين(عليه السلام)

يمكن أن نطبّق المقدّمتين السابقتين على الإمام الحسين(عليه السلام) من خلال جهتين: إحداهما معنوية، والأُخرى لفظية.

الجهة المعنوية

لا توجد شخصية أعظم من شخصية الإمام الحسين(عليه السلام) تعرّضت لمسألة الذبح
بمعناه الحقيقي، وحفظ من خلالها الدين الخاتم، ففي واقعة كربلاء نجد الأمر المضحّى من أجله أمراً في غاية الأهمّية، وهو دين الله الخاتم الذي ضحّى من أجله الأنبياء والصالحون(عليهم السلام)، كما نجد الفداء في غاية الأهمّية، وهو الإمام الحسين(عليه السلام)، فيكون الذبح العظيم هو الذي وقع عليه الذبح الحقيقي، والذي كان فداءً حقيقياً هو الذي يصحّ وصفه بالذبح العظيم.

الجهة اللفظية

إنّ الإمام الحسين(عليه السلام) عُرف بلقب الذبيح، واشتُهر به، وقد وقع عليه الذبح بالفعل، وأمّا مثل النبيّ إسماعيل(عليه السلام) وعبد الله، فهما وإن سُمّيا بالذبيحين إلّا أنّها تسمية مجازية؛ إذ إنّهما لم يذبحا.

إذاً؛ فالذبح حقيقي، وهو من أجل الدين الخاتم، ولذا صحّ وصفه بالعظمة.

النتيجة

من خلال ما تقدّم يمكن القول: إنّ المقصود الحقيقي من قوله تعالى: (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) هو الإمام الحسين(عليه السلام)؛ وذلك من خلال دليلين: الدليل الروائي، والدليل التحليلي، وكانت هناك مجموعة من الإشكالات على كلا الدليلين وقد أجبنا عنها مفصّلاً.

وإنّ المسألة ممكنة على أقلّ تقدير، ولا يوجد أيّ مانع عقلي أو شرعي من أن يكون الذبح العظيم هو الإمام الحسين(عليه السلام)، والمسألة تتبع الدليل، فمَن تمّ عنده أحد الدليلين المتقدّمين، فقد تمّت حجّته وصحّ قوله، ومَن لم يتمّ عنده أحد الدليلين، فغاية الأمر تكون المسألة غير ثابتة عنده، ولا يحقّ له التشهير، أو التسقيط، أو الاتّهام للطرف الآخر.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1. أحكام القرآن، أحمد بن علي الرازي الجصاص، ضبط نصّه وخرّج آياته: عبد السلام محمد علي شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1415هـ/1994م.

2. الاستبصار فيما اختُلف من الأخبار، محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق وتعليق: السيّد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلامية، طهران ـ إيران، الطبعة الرابعة،1363هـ. ش.

3. الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ناصر مكارم الشيرازي، طبعة جديدة منقّحة مع إضافات.

4. الانتصار أهم مناظرات الشيعة في شبكات الإنترنت، علي الكوراني العاملي، الطبعة الأُولى، بيروت ـ لبنان، 1421ه‍ /2000م.

5. بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، نشر مؤسسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية المصحّحة، 1403ه‍/1983م.

6. التبيان في تفسير القرآن، محمد بن الحسن الطوسي، قدّم له: الشيخ اغا بزرك الطهراني، تصحيح: أحمد حبيب العاملي، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان.

7. التجلّي الأعظم، فاخر الموسوي، الطبعة الأُولى، قم المقدّسة ـ إيران، 1421هـ.

8. تحرير الأحكام، الحسن بن يوسف المعروف بـ(العلّامة الحلّي)، تحقيق: الشيخ إبراهيم البهادري، مؤسسة الإمام الصادق(عليه السلام)، الطبعة الأُولى، 1420هـ.

9. تعليقة على معالم الأُصول، علي الموسوي القزويني، تحقيق: السيّد علي العلوي القزويني، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المقدّسة ، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1422ه‍.

10. تعليقة على منهج المقال، محمد باقر البهبهاني.

11. تفسير الثوري، سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي (ت161هـ)، تحقيق: لجنة من العلماء، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1403هـ.

12. تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن أبي حاتم): عبد الرحمن بن محمد بن إدريس المشهور بابن أبي حاتم الرازي (ت327هـ)، تحقيق: أسعد محمد الطبيب، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.

13. تفسير القرآن، عبد الرزاق الصنعاني (211هـ)، تحقيق: الدكتور مصطفى مسلم محمد، مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، الرياض ـ المملكة العربية السعودية، الطبعة الأُولى، 1410هـ/1989م.

14. تفسير روض الجنان وروح الجنان، الحسين بن علي الخزاعي (من أعلام القرن السادس الهجري)، المشهور بأبي الفتوح الرازي، تحقيق: د. محمد جعفر ياحقّي/ د. محمد مهدي ناصح، آستان قدس رضوي، 1371هـ . ش.

15. تفسير مجاهد، مجاهد بن جبر التابعي المكّي المخزومي (ت104هـ)، تحقيق: عبد الرحمن الطاهر بن محمد السورتي، مجمع البحوث الإسلامية ـ إسلام آباد.

16. تفسير مقاتل، مقاتل بن سليمان (ت150هـ)، تحقيق: أحمد فريد، دار الكتب العلمية، لبنان ـ بيروت، الطبعة الأُولى، 1424هـ/2003م.

17. تهذيب الأحكام، محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق وتعليق: السيّد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلامية، طهران ـ إيران، الطبعة الثالثة، 1364هـ. ش.

18. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، محمد بن جرير الطبري (ت310هـ)، تحقيق: الشيخ خليل الميس/ ضبط وتوثيق وتخريج: صدقي جميل العطار، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1415هـ/1995م.

19. جامع الجوامع، الفضل بن الحسن الطبرسي (من أعلام القرن السادس الهجري)، تحقيق وطبع ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدّسة، قم ـ
إيران، الطبعة الثانية، 1423هـ.

20. الخصال، محمد بن علي الصدوق، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدّسة، قم ـ إيران، 1403هـ. ق/ 1362هـ. ش.

21. روضة المتقين، محمد تقي المجلسي، تحقيق: السيّد حسين الموسوي الكرماني، والشيخ علي پناه الإشتهاردي، بنياد فرهنك إسلامي (مؤسسة الثقافة الإسلامية)، حاج محمد حسين كوشانپور.

22. زبدة التفاسير، فتح الله بن شكر الله الكاشاني (ت988هـ)، مؤسسة المعارف الإسلامية، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1423هـ.

23. زيد بن علي، رافد التميمي، مركز الأبحاث العقائدية، قم المقدّسة ـ إيران، 1429هـ.

24. طرائف المقال، علي أصغر البروجردي، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، نشر مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي العامّة، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1410هـ.

25. العوالم، الإمام الحسين(عليه السلام)، عبد الله البحراني، تحقيق ونشر: مدرسة الإمام المهدي(عليه السلام)، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الأُولى المحقّقة، 1407هـ. ق/1365هـ. ش.

26. عيون أخبار الرضا(عليه السلام)، محمد بن علي الصدوق، صحّحه وقدّم له وعلّق عليه: العلّامة الشيخ حسين الأعلمي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1404ه‍ /1984م.

27. كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، مؤسسة نشر الفقاهة، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

28. مجمع البيان، الفضل بن الحسن الطبرسي (من أعلام القرن السادس الهجري)، دار العلوم للطباعة والنشر، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1426هـ/2015م.

29. مختلف الشيعة، الحسن بن يوسف المعروف بـ(العلّامة الحلّي)، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدّسة، قم ـ إيران، الطبعة الثانية،1413هـ.

30. معاني الأخبار، محمد بن علي الصدوق، تحقيق وتصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدّسة، قم ـ إيران، 1379/ 1338ش.

31. معجم رجال الحديث، أبو القاسم الخوئي، الطبعة الخامسة طبعة منقّحة ومزيدة، 1413ه‍/1992م.

32. المعتبر، جعفر بن الحسن المعروف بـ(المحقّق الحلّي)، تحقيق وتصحيح: عدّة من الأفاضل، إشراف: ناصر مكارم الشيرازي، مؤسسة سيّد الشهداء(عليه السلام)، 1364هـ.

33. مَن لا يحضره الفقيه، محمد بن علي الصدوق، تحقيق وتصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدّسة، قم ـ إيران، الطبعة الثانية.

34. منتهى المقال، محمد بن إسماعيل المازندراني، تحقيق: مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، مؤسسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1416هـ.

35. هداية الأُمّة إلى أحكام الأئمّة، محمد بن الحسن الحر العاملي، تحقيق: قسم الحديث في مجمع البحوث الإسلامية، مجمع البحوث الإسلامية، مشهد ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1412هـ.

36. الهداية، محمد بن علي الصدوق، تحقيق: مؤسسة الإمام الهادي(عليه السلام)، مؤسسة الإمام الهادي(عليه السلام)، الطبعة الأُولى، 1418هـ.

[1] إنّ هذا البحث عبارة عن ندوة علمية ألقيت في مؤسسة وارث الأنبياء/قم المقدسة.

[2] الصافات: آية101ـ 109.

[3] اُنظر: العاملي، علي الكوراني، الانتصار: ج3، ص500.

[4] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص116.

[5] الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ص58ـ59.واُنظر: الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا(عليه السلام): ج1، ص187.

[6] المجلسي، محمد تقي، روضة المتقين: ج12، ص233.

[7] الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا(عليه السلام): ج2، ص135.

[8] الصدوق، محمد بن علي، الهداية: ص147.

[9] الصدوق، محمد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه: ج3، ص378.واُنظر: الصدوق، محمد بن علي، معاني الأخبار: ص389.وأيضاً: الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار: ج2، ص97.وأيضاً: الطوسي، محمد ابن الحسن، تهذيب الأحكام: ج4، ص209.

[10] اُنظر: المحقق الحلّي، جعفر بن الحسن، المعتبر: ج2، ص668.

[11] العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، تحرير الأحكام: ج4، ص373.

[12] العلّامة الحلّي، الحسن بن يوسف، مختلف الشيعة: ج3، ص448.

[13] اُنظر: الحر العاملي، محمد بن الحسن، هداية الأُمّة إلى أحكام الأئمّة: ج4، ص196.

[14] اُنظر: البهبهاني، محمد باقر، تعليقة على منهج المقال: ص160.

[15] اُنظر: المازندراني، محمد بن إسماعيل، منتهى المقال: ج4، ص275.

[16] اُنظر: البروجردي، علي أصغر، طرائف المقال: ج1، ص174.

[17] الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج12، ص42.

[18] اُنظر: التميمي، رافد، زيد بن علي: ص204.

[19] اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ص58.

[20] القزويني، علي الموسـوي، تعليقة على معالم الأُصول: ج4، ص458.

[21] اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص226.

[22] اُنظر: البحراني، عبد الله، العوالم، الإمام الحسين(عليه السلام): ص106.

[23] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص226.

[24] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص226.

[25] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص226.

[26] الموسوي، فاخر، التجلّي الأعظم: ص441.

[27] الجصاص، أحمد بن علي، أحكام القرآن: ج3، ص495.

[28] المصادر التي ذكرت هذه الوجوه في المقام كثيرة جداً، سواء في الكتب الروائية أم التفسيرية، أو حتى بعض الكتب الفقهية، اُنظر على سبيل المثال من التفاسير التي ذكرت آيات الذبح وفسّرتها:

1ـ الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن.

2ـ الطبرسي، الفضل بن الحسن، جامع الجوامع.

3ـ الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان.

4ـ أبو الفتوح الرازي، حسين بن علي، روض الجنان.

5ـ الكاشاني، فتح الله بن شكر الله، زبدة التفاسير.

6ـ المكي المخزومي، مجاهد بن جبر، تفسير مجاهد.

7ـ ابن سليمان، مقاتل، تفسير مقاتل.

8ـ الثوري، سفيان بن سعيد، تفسير الثوري.

9ـ الصنعاني، عبد الرزاق، تفسير القرآن.

10ـ الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآن.

11ـ ابن أبي حاتم الرازي، عبد الرحمن بن محمد، تفسير القرآن العظيم.وغيرها من المصادر.

[29] الشيرازي، ناصر مكارم، تفسير الأمثل: ج14، ص370.

[30] اُنظر: الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ص56، وغيره من المصادر.

الذبيح في القرآن الكريم (وفديناه بذبح عظيم)