مقدّمة

إنّ لعلم التأويل (القرآني) مكانة مهمّة في المعرفة الدينية، ويُعدّ ركناً أساسياً من أركان حقل علوم القرآن. كان في بداية نشأته مبثوثاً ومتفرّقاً في كتب المفسّرين، ثمّ استقلّ ـ فيما بعد ـ عن علم التفسير، فأصبح مورد اهتمام المختصّين في هذا الحقل على مستوى الدراسة والتحليل، حتّى أثروا المكتبات الإسلامية بالكثير من المعارف والموضوعات الدينية التي تفرّعت عنه، هذا على مستوى التأليف أو التدوين.

أمّا على مستوى كون التأويل أُسلوباً بيانياً للقرآن الكريم ومنهجاً مستقلّاً استمدّ شرعيته من القرآن الكريم نفسه في بيان حقائقه العلوية ومقاصده الإلهية، فقد تحقّق منذُ عصر الرسالة الإسلامية مع وجود النبي(صلى الله عليه واله)؛ ولكن مع حداثة عهد العرب بالمسائل الدينية المعمّقة وعدم توفّر الاستعداد واللياقة الذهنية أو الفكرية في تقبّل الحقائق العميقة والدقيقة، مضافاً إلى أولوية ترسيخ الإيمان بالرسالة الإسلامية الجديدة وما واجهته من مصاعب على مستويات عدّة في تلك المدّة، فقد بقيَ علم التأويل ومعه الكثير من العلوم القرآنية غير واضحة المعالم بالنسبة للمسلمين الأوائل حتّى فُجعوا برحيل النبي المصطفى(صلى الله عليه واله)، ثمّ الصراع على السلطة واجتهاد بعض الصحابة في رسم ملامح الدولة الإسلامية وطريقة الحكم، التي بدت متعثِّرة وبقيت كذلك؛ ممّا أثّر تأثيراً مباشراً في حياة المسلمين وطريقة التعامل مع القرآن الكريم وتحصيل معارفه.

وفي خِضمّ هذه التحدّيات نجد أنّ أهل البيت(عليهم السلام) كان لهم دور بارز في الحيلولة دون طمس معالم المعرفة الدينية وتأثّرها بالتجاذبات السياسية، فتركّز اهتمامهم ببيان حقائق القرآن الكريم وكشف أسراره على مستوى التفسير والتأويل، مع أنّ المفسّرين الأوائل لم يُفرِّقوا بين التأويل والتفسير وكانوا يعدّونهما لفظين مترادفين لمعنى واحد، وهو الكشف أو البيان والتوضيح، إلّا أنّ المتتبّع لروايات أهل البيت(عليهم السلام) يرى جليّاً التفريق بين التفسير والتأويل، فقد عُبِّر عن التفسير فيها بظهر القرآن المرتبط بظاهر اللفظ، وعن التأويل بالبطن، أي: المرتبط باللفظ والمعنى الظاهري بنحو خفيّ. ومن هذه الروايات ما ورد عن رسول الله(صلى الله عليه واله) أنّه قال: «وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكم وباطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له نجوم، وعلى نجومه نجوم...»[1].

ومنها ما ورد «عن فضيل بن يسار، قال: سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن هذه الرواية: ما من القرآن آية إلّا ولها ظهر وبطن. فقال: ظهره تنزيله، وبطنه تأويله...»[2].

والتعبير بالظهر في روايات أهل البيت(عليهم السلام) هو إشارة إلى ظاهر القرآن الكريم الذي يُعدّ موضوعاً لعلم التفسير، والتعبير بالبطن إشارة إلى باطن آياته الشريفة الذي هو موضوع علم التأويل.

ولذا نجد أنّ علماء التفسير وعلوم القرآن المتأخّرين قد فرّقوا بشكل واضح بين التفسير والتأويل ـ بالمعنى المتقدّم ـ اعتماداً على منهجية الرسول(صلى الله عليه واله) وأهل بيته(عليهم السلام) في كيفية الوصول إلى المفاهيم القرآنية وتصنيفها ضمن أيّ واحد من الحقلين أعلاه.

ومن ملامح المنهجية التأويلية عند أهل البيت(عليهم السلام) أنّها في مواطن وشواهد قرآنية عدّة، أولت قضية الإمام الحسين(عليه السلام) وثورته الخالدة وطبيعة العلاقة بينها وبين القرآن الكريم اهتماماً بالغاً، فقد كشفوا عنها وبيّنوها ليُصوّروا لنا عظمة هذه القضية من جهة، وارتباطها الوثيق برسالة الإسلام ـ وهي القرآن الكريم ـ من جهة أُخرى.

وفي هذا البحث سنتناول بعض الآيات القرآنية التي أُوّلت بالإمام الحسين(عليه السلام) بما توافر لدينا من روايات لأهل البيت(عليهم السلام)، وستكون هي الأساس في بيان الوجه التأويلي لتلك الآيات.

الآيات المؤوّلة في الإمام الحسين(عليه السلام)

الآية الأُولى: قال تعالى: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ)[3].

ورد في شأن هذه السورة تسميتها بسورة الحسين(عليه السلام)، قال الإمام الصادق(عليه السلام): «اقرؤوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم؛ فإنّها سورة الحسين بن علي، وارغبوا فيها رحمكم الله. فقال له أبو أسامة ـ وكان حاضراً المجلس ـ: كيف صارت هذه السورة للحسين خاصّة؟ فقال أَلا تسمع إلى قوله تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي)[4]؟ إنّما يعني الحسين بن علي(عليهما السلام)، فهو ذو النفس المطمئنة الراضية المرضية...»[5].

وورد عنه(عليه السلام) أيضاً: «إنّ المعني بها الحسين(عليه السلام)»[6].

وورد عنه(عليه السلام) كذلك في تأويل الآيات الأُولى من هذه السورة المباركة أنّه قال: «قوله(جل وعلى) (وَالْفَجْرِ)هو القائم(عليه السلام)، (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) الأئمّة(عليهم السلام) من الحسن إلى الحسن، (وَالشَّفْعِ)أمير المؤمنين وفاطمة(عليهما السلام)، (وَالْوَتْرِ) هو الله وحده لا شريك له، (وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ) هي دولة حبتر، فهي تسري إلى قيام القائم(عليه السلام)»[7].

ولعلّ تسمية سورة الفجر بسورة الإمام الحسين(عليه السلام) يعود لوجوه عدّة، نذكر منها:

أوّلاً: إنّ الإمام الحسين(عليه السلام) مشار إليه تأويلاً في الليالي العشر كما تقدّم في الرواية أعلاه، مضافاً إلى ما ورد في رواية أُخرى من أنّ مفردة الشفع في السورة ذاتها تُؤوَّل بالإمامين الحسن والحسين(عليهما السلام)، ومفردة الوتر تُؤوَّل بأمير المؤمنين(عليه السلام)[8].

أمّا كون المعصومين ـ من الإمام الحسن السبط إلى الإمام الحسن العسكري(عليهم السلام) ـ ليالي، فهو تعبير مجازي لعهد إمامتهم للناس بعد أن تعرّضوا لشتّى أنواع الترهيب والقتل والسجون من قِبل طغاة عصرهم، ومضايقتهم بشكل تامّ عن أداء دورهم الحقيقي والإلهي كأئمّة هداة للناس، وهو نحو من التشبيه بالليل الذي لا يهتدي فيه أحد بسبب انعدام ضوء الشمس؛ إذ إنّ وجود الإمام وممارسته لدوره الفعلي بين الناس في التوجيه والإرشاد إنّما هو بمنزلة الشمس التي تُعطي مقوّمات الحياة للناس وتمدّهم بما يحتاجونه؛ ولهذا وصف القرآن الكريم النبي(صلى الله عليه واله) بالسراج المنير الذي يهتدي به الناس في قوله تعالى: (وَدَاعِيًا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا)[9]، فمع غيبة الإمام عن ممارسة دوره في الهداية، فسيكون عهده بمنزلة الليالي التي لا يهتدي بها السائر في الطريق؛ ولعلّ القرينة على هذا الوجه هو تأويل الفجر بالإمام القائم(عجل الله فرجه الشريف) في الرواية المتقدّمة؛ لأنّه (سلام الله عليه) سيكون له التمكين في الأرض والسلطان بأمر الله تعالى بخلاف آبائه العشرة، فقد عمدت دولة الباطل إلى التضييق عليهم وسلب حقِّهم الإلهي في الحكومة السياسية والتشريعية.

وقد يُراد من تشبيه الأئمّة بالليالي ما ذكره صاحب كتاب (تأويل الآيات): «وأمّا قوله: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) الأئمّة. إنّما كنّاهم عن الليالي مجازاً أيضاً، أي: أهل الليالي اللواتي هنّ ليالي القدر، كلّ ليلة منها (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)[10]»[11]، بمعنى أنّ الأئمّة(عليهم السلام) هم المعنيين بليلة القدر بعد رسول الله(صلى الله عليه واله)، وأنّ الملائكة تنزّل في هذه الليلة على الإمام المعصوم الذي يكون حجّة في زمانه، كما دلّت على ذلك بعض الروايات التي منها ما عن عبد الله بن سنان، قال: «سألته عن النصف من شعبان، فقال: ما عندي فيه شيء، ولكن إذا كانت ليلة تسع عشر من شهر رمضان قسّم فيها الأرزاق، وكتب فيها الآجال، وخرج فيها صكاك الحاج، واطّلع الله إلى عباده فغفر الله لهم، إلّا شارب الخمر، فإذا كانت ليلة ثلاثة وعشرين (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)[12]، ثمّ يُنهى ذلك ويُمضى. قال: قلت: إلى مَن؟ قال: إلى صاحبكم، ولولا ذلك لم يعلم»[13].

ويرد على هذا الوجه أنّ ليلة القدر لا تختصّ بالأئمّة العشرة المذكورين، بل شاملة لرسول الله(صلى الله عليه واله) أوّلاً ولسائر الأئمّة الاثني عشر ثانياً، فلا قرينة لاختصاص بعض منهم(عليهم السلام) بهذه الليلة المباركة.

ثانياً: تفسير الليالي العشر بالعشر الأُوَل من شهر محرّم الحرام، فقد ورد عند الفريقين تفسيرها بهذا المعنى، كما ورد تفسيرها عندهم أيضاً بالعشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة. ولا يخفى ارتباط العشر الأُوَل من المحرّم بالإمام الحسين(عليه السلام) حتّى أنّ العامّة قالوا: إنّ آخرها عاشوراء وهو يوم مقتل الإمام الحسين(عليه السلام) كما هو معلوم، قاله البغوي في تفسيره نقلاً عن ابن رباب: «وقال يمن بن رباب: هي العشر الأُوَل من المحرّم التي عاشِرُها يوم عاشوراء»[14].

ثالثاً: إنّ الإمام الحسين(عليه السلام) من مصاديق النفس المطمئنة كما دلّت على ذلك الرواية المتقدّمة، ولعمري: إنها مصاديق قلّ نظيرها وامتنعت عن أن ترتقي إليها الطبيعة البشرية.

هذا، وأنّ تأويل النفس المطمئنة بفاطمة(عليها السلام) أو أمير المؤمنين(عليه السلام) كما في روايات أُخرى، لا يمنع من أن يكون الإمام الحسين(عليه السلام) مصداقاً للنفس المطمئنة أيضاً، فهو من باب تعدد المصداق للمعنى التأويلي للآية؛ فكلّ نفوسهم(عليهم السلام) مطمئنة راضية مرضية عند ربّها؛ لأنّهم عباده الذين اصطفاهم وخصّهم بحمل الأمانة الإلهية وحفظ رسالة الدين.

فإذا قيل: إنّ هناك معاني تأويلية مشتركة بين الإمام الحسين(عليه السلام) وبين سائر الأئمّة، كتأويل الليالي العشر وتأويل الشفع وتأويل النفس المطمئنة بغيره(عليه السلام)، فكيف يمكن تصوّر انحصار تسمية هذه السورة به(عليه السلام).

وجواب ذلك: إنّ تأويل الليالي العشر بأنّها ليالي محرّم الحرام أمر خاصّ بالإمام الحسين(عليه السلام) دون سائر الأئمّة، وأنّ الليلة الأخيرة وهي عاشوراء هي ليلة مقتله ومظلوميّته الجسيمة؛ ومن هنا فالتسمية جرت بنحو التغليب، بمعنى أنّ هناك نحواً من الاشتراك بين الأئمّة(عليهم السلام) في تأويل بعض الآيات في هذه السورة، لكن الإمام الحسين(عليه السلام) له النصيب الأكبر من آياتها، فإنّ بعضها يختصّ تأويلها به وبمظلوميّته(عليه السلام).

رابعاً: تأويل الفجر بالقائم(عجل الله فرجه الشريف) كما صرّحت بذلك إحدى الروايات المتقدّمة، فإنّه على رغم التباعد الزمني بين الإمام الحسين(عليه السلام) وحفيده الإمام الحجّة(عجل الله فرجه الشريف)، إلّا أنّ العلاقة الوثيقة بينهما نابعة من كون أصل حركة الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف) وجوهرها إنّما هو ثورة سيّد الشهداء(عليه السلام)، كيف لا؟! ونحن نسمع ونقرأ أنّ شعار نهضته المباركة (يا لثارات الحسين)، وأنّه هو الموتور بأبيه، وأنّه هو ولي الدم، وأنّه صاحب السلطان الذي يقتل قتَلَة الحسين(عليه السلام)؛ ولأجل هذه العلاقة الوثيقة وبضميمة القرائن المتقدّمة كانت سورة الفجر معنية بالحسين(عليه السلام).

الآية الثانية: قال تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا)[15].

لكلّ آية من آيات القرآن الكريم ظاهر، وهو ما عليه مفردات الآية القرآنية من معانٍ، ترسم لنا من خلال هذه المعاني صورة متكاملة قد تكون معبِّرة عن حكم شرعي، أو إرشادي، أو معبّرة عن مسألة عقدية متعلّقة بأُصول الدين المعروفة، أو حادثة تاريخية كما هو الحال في القصص القرآني.

وهذه الآية الكريمة لها ظهور أوّلي مؤدّاه حكم شرعي تعلّق بمَن يُقتَل بغير حقّ، فإنّ الشارع المقدّس قد سلّط ولي الدم في قتل قاتل وليه قصاصاً؛ وهذا التسليط عبارة عن نحو انتصار لولي المقتول من قِبل المشرِّع الإسلامي، فلا يُلام ولا يؤاخذ بهذا القصاص.

وأمّا قوله تعالى: (فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ)فهو إشارة إلى رفض الاعتداء على الأبرياء، الذين ليس لهم علاقة بجريمة القتل، وهو أمر كان سائداً في عصر الجاهلية، وما زالت مجتمعاتنا تعاني منه، فحين يُقتل فرد من قبيلة معيّنة، فإنّها تقوم بهدر الكثير من الدماء البريئة من قبيلة القاتل[16].

ويرى بعض المفسّرين أنّ النهي عن الإسراف قد يكون موجّهاً للقاتل أيضاً كونه رادعاً له عن الإقدام على فعل القتل من البداية؛ وذلك لأنّ الآية جعلت المقتول منصوراً إمّا بوليّه أو بالحاكم الشرعي إن لم يكن لدمه ولي[17].

هذا، وقد قرأ ابن عامر، وحمزة الزيّات، والكسائي: (فلا تُسرف) بالتاء[18]؛ ولهذا ذهب بعض المفسّرين إلى أنّها معنية بالقاتل الأوّل، بينما يرى آخرون ومنهم الشيخ الطوسي(رحمه الله) أنّها تحتمل الوجهين كذلك[19].

أمّا الجهة التأويلية لهذه الآية فقد ورد عن أهل البيت(عليهم السلام) تأويلها بالإمام الحسين(عليه السلام)، وأنّه هو المقتول ظلماً، وأنّ ولي دمه الذي يقتل به ويثأر له هو القائم من آل محمد(عليهم السلام). ومن هذه الروايات ما عن جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام): «في قول الله(جل وعلى): (وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا) ، قال [(عليه السلام)]: نزلت في قتل الحسين(عليه السلام)»[20].

ومنها أيضاً ما ورد عن أبي عبد الله(عليه السلام)، في جوابه عمّن سأله عن «قول الله(جل وعلى): (وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ)، قال [(عليه السلام)]: نزلت في الحسين(عليه السلام)، لو قتل وليّه أهل الأرض به ما كان مُسرفاً، ووليه القائم(عليه السلام)»[21].

والروايات في هذا المورد كثيرة قد تصل إلى حدّ الاستفاضة وبمجموعها قرينة على القطع بصدور مضمونها عن المعصومين(عليهم السلام)؛ ولهذا لا نتجشّم عناء البحث عن صحّة إسنادها ما دمنا نقطع بذلك.

ويبقى الكلام في دلالاتها ومضامينها، وهنا سنبيِّن عدّة نقاط تتعلّق بهذا الشأن:

النقطة الأُولى: الحديث في هذه النقطة هو عبارة عن مقدّمة ضرورية لسائر النقاط الأُخرى، مفادها: أنّ المعنى الظاهري للآية لا بدّ أن يرتبط بشكل أو بآخر بالمعنى التأويلي لها، شريطة أَلّا يكون هذا الارتباط مؤدّياً إلى إسقاط تمام المعاني الظاهرية للآية على المعنى التأويلي لها. ومثال ذلك (الجعل)، فالجعل في ظاهر الآية تشريعي، بمعنى أنّ الله تعالى حكم وشرّع لولي الدم سلطاناً بقتل القاتل، وهذا النوع من الجعل قد يتخلّف ولا يتحقّق، والوجدان شاهد على ذلك، فنرى الكثير من الدماء البريئة
لم يتحقّق القصاص العادل لها من القتلة، والشواهد على ذلك كثيرة. أمّا بناءً على تأويل هذه الآية بالإمام الحسين(عليه السلام)، وأنّ ولي دمه هو الإمام المهدي المنتظر(عجل الله فرجه الشريف)، فإنّ الجعل يكون حينها تكوينياً، لا يتخلّف وسيتحقّق هنا في دار الدنيا؛ وعليه فإنّ الارتباط بين المعنى الظاهري والتأويلي للآية لا تعني رفع اليد عن حيثيّات المعنى التأويلي الأُخرى التي لم تُبيّن في المعنى الظاهري.

هذا، وتوجد قرائن عدّة على تكوينية الجعل نذكر منها:

أوّلاً: إنّ الروايات التي أوَّلت المقتول ظلماً بالإمام الحسين(عليه السلام) صرّحت بأنّ ولي الدم هو الإمام صاحب الزمان(عجل الله فرجه الشريف)، الذي يكون أمره ونصرته ونجاح ثورته أمراً تكوينياً لا يتخلّف؛ لأنّه من الميعاد والله لا يخلف الميعاد. وفي هذا الصدد ورد عن أبي جعفر أنّه قال: «هل يبدو لله في المحتوم؟ قال: نعم. قلنا له: فنخاف أن يبدو لله في القائم. فقال: إنّ القائم من الميعاد، والله لا يخلف الميعاد»[22].

ثانياً: لقد صرّحت الروايات الكثيرة عن النبي(صلى الله عليه واله) وأهل بيته(عليهم السلام) بأنّه موعود بالنصر وبتحقّق النجاح لنهضته المباركة، منها ما عن محمد بن مسلم الثقفي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر(عليهما السلام) يقول: «القائم منّا منصور بالرعب، مؤيَّد بالنصر، تُطوى له الأرض، وتظهر له الكنوز...»[23].

ثالثاً: إنّ الله تعالى يُصلح أمره في ليلة، قال رسول الله(صلى الله عليه واله): «المهدي منّا أهل البيت، يُصلح الله له أمره في ليلة»[24]. وما نفهمه من هذا الحديث هو أنّ الله(جل وعلى) يُهيِّئ الأسباب التكوينية لقيامه(عليه السلام)، وهذا من شؤون الأمر أو الجعل التكويني الذي يكون أمره بيده سبحانه وتعالى.

النقطة الثانية: إنّ النهي ـ بحسب ما نفهمه من ظاهر الآية ـ هو عبارة عن نهي تشريعي سواء كان متعلّقه وليّ الدم بأن لا يقتل إلّا القاتل، أم كان هو القاتل بأن يرتدع عن هذا الفعل؛ لأنّه موعود بالقصاص منه.

أمّا من الناحية التأويلية ـ وكما بيّنا ـ فإنّنا لا نلتزم حرفياً بالدلالة الظاهرية للآية الشريفة، بل نتعدّى إلى القول: بأنّ (لا) ليست ناهية تأويلاً، وإنّما هي نافية ومعناها نفي الإسراف بقتل قتلة الإمام الحسين(عليه السلام) مهما كان عدد المقتولين بدمه. ويمكن أن نُقيم أدلّة عدّة على هذا المعنى منها:

أوّلاً: ما تقدّم في رواية الإمام الصادق(عليه السلام): «لو قتل وليّه أهل الأرض به ما كان مُسرفاً»، فنفهم من قوله تعالى: (فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ)نفي الإسراف، وليس النهي عنه؛ لأنّ الرواية صريحة في أنّ القائم(عجل الله فرجه الشريف) لو قتل أهل الأرض بالحسين(عليه السلام) ما كان مُسرفاً.

ثانياً: إنّ الآية بناءً على هذا المعنى التأويلي بصدد بيان المفاضلة بين الناس والإمام(عليه السلام)، وأنّه(عليه السلام) أعظم وأعلى منزلة عند الله تعالى من أهل الأرض جميعهم، وهذا ثابت في بحوث علم الكلام من أنّهم(عليهم السلام) لا يُقاس بهم أحد، بل كلّ ما في الأرض وغير الأرض من بشر وشجر وحجر ومدر وغير ذلك إنّما هو مخلوق لأجلهم، ومن ذلك ما ورد عن رسول الله(صلى الله عليه واله): «قال: لـمّا خلق الله تعالى آدم أبا البشر ونفخ فيه من روحه، التفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح سجّداً وركّعاً. قال آدم: هل خلقت أحداً من طين قبلي؟! قال: لا يا آدم. قال: فمَن هؤلاء الخمسة الأشباح الذين أراهم في هيئتي وصورتي؟ قال: هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي، لولاهم ما خلقت الجنّة والنار، ولا العرش ولا الكرسي، ولا السماء ولا الأرض، ولا الملائكة ولا الإنس ولا الجن»[25].

ولكن قد يقال: لِمَ يؤاخَذ أهل الأرض جميعهم بمقتل الإمام الحسين(عليه السلام)، ونحن نعلم أنّ قتلته هم مَن خرج عليه من أهل الكوفة والشاميين وغيرهم، الذين كانوا السبب المباشر في قتله ومظلوميّته.

فنقول في مقام الردّ: إنّ الرواية لا تُريد هذا المعنى بنحو الحقيقة، وإنّما هو نوع من أنواع المبالغة المعروفة في علم البديع، والذي يسمّى بالتبليغ، وهو أن يصرف المتكلّم كلامه عمّا يطابق المألوف ويوجّهه إلى ما لا يطابقه شرط أن يكون وقوع ما يقوله ممكناً عقلاً وعادةً.

ولو تنزّلنا عن هذا المعنى وقلنا بأنّ الأصل هو الحقيقة ولا بدّ من وجود قرينة صارفة عن الحمل على الحقيقة، فنقول: إنّ كلّ فرد في كلّ زمان ومكان تقع على عاتقه مسؤولية تحقيق العدالة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى طريق الحقّ والاستقامة ومنع الظلم والجور بما أمكنه، وهذا الأمر راسخ في فطرة الإنسان ولا يختلف عليه اثنان، هذا من جهة. ومن جهة أُخرى فإنّ السكوت عن الظلم والجور وإعانة الظلمة والطواغيت سيؤدّي بالنتيجة إلى إشاعة الظلم والجور في المجتمع الإنساني، وهذا الأمر ممّا لا ريب فيه، وبما أنّ مقتل الإمام الحسين(عليه السلام) قضية إنسانية قبل أن تتوشّح بوشاح الدين والانتماء، فإنّها بطبيعة الحال نتيجة اجتماعية كانت لها مقدّمات يتحمّلها كلّ فرد من أفراد النوع الإنساني، ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في وصول المجتمع الإنساني إلى هذا المستوى من الظلم وتسلّط الطواغيت، أمثال: بني أُمية وغيرهم، ذلك الظلم الذي أدّى إلى وقوع هذه الفاجعة الأليمة في كربلاء، والتي أضحت المثال الأبرز في المظلومية والمأساة.

وإذا أضفنا إلى هذا الأمر فهماً أعمق لقتل الإمام(عليه السلام) في رمضاء كربلاء، وتجاوزنا المفهوم المعروف والمعهود له (التصفية الجسدية)، يمكننا أن نقف على معنى أوسع من ذلك، يتمثّل في أنّ قتله(عليه السلام) هو عبارة عن قتل أهدافه وقضيّته التي خرج من أجلها وضحّى بالغالي والنفيس من أجل تحقيقها، وهي تحقيق العدالة والصلاح في المجتمع الإنساني، وإشاعة كلّ القيم الرحيمة والمبادئ السامية التي تمثّلت بالدين الإسلامي. وعليه؛ فالحسين(عليه السلام) ليس ذلك الجسد الذي أضحى صريعاً على رمضاء كربلاء مقتولاً مظلوماً وحسب، بل هو(عليه السلام) روح ومبادئ وقيم ما زالت تُصارع الباطل، قد أشعل جذوتها بدمه وما زال شاهراً سيفه يقارع الظلم بروحه وصوته وكلماته التي ما زالت بيننا.

وبناءً على ما تقدّم؛ فكلّ مَن رضي بقتله فهو شريك في الجريمة التي وقعت يوم عاشوراء، وكلّ مَن يقف أمام تحقّق مبادئ ثورته فهو شريك في ذلك أيضاً، فقد ورد عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله(صلى الله عليه واله) أنّه قال: «مَن أحبّ قوماً حُشر معهم، ومَن أحبّ عمل القوم أُشرك في عملهم»[26].

ومضافاً إلى ما تقدّم من جواب، يمكن أن نقدِّم أُطروحة أُخرى وهي أنّ عهد الإمام القائم(عليه السلام) ليس كعهدنا، وأيامه ليست كإيامنا، ونظامه ليس كنظامنا، ومن تلك القوانين التي لم نعهدها وسوف تتحقّق في عهد قيام دولته المباركة هو قانون الرجعة الذي نصّت عليه روايات أهل البيت(عليهم السلام)، فيرجع مَن مُحض الإيمان محضاً ومَن مُحض الكفر محضاً، ولا شكّ في أنّ قتلة الإمام الحسين(عليه السلام) هم ممّن مُحضوا الكفر محضاً من أوّلهم إلى آخرهم، وسيكون القتل موجّه إلى هؤلاء، وهم كثيرون بطبيعة الحال. هذا، وأنّ الأدلّة على الرجعة كثيرة، منها ما ورد عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام): «أوّل مَن تنشقّ الأرض عنه ويرجع إلى الدنيا الحسين بن علي(عليهما السلام)، وأنّ الرجعة ليست بعامّة، وهي خاصّة، لا يرجع إلّا مَن مُحض الإيمان محضاً أو مُحض الشرك محضاً»[27].

الآية الثالثة: قال تعالى: (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)[28].

وفيما يتعلّق بهذه الآية الكريمة نرى أنّ بعض العلماء وخاصّة مَن كتبوا عن الثورة الحسينية قد تناولوها بشيء من التحليل، اعتماداً على الرواية التي وردت في كتاب (الخصال) ونفسها في كتاب (عيون أخبار الرضا)، اللذين هما من مؤلّفات الشيخ الصدوق(رحمه الله)، والتي تُبيّن الرابطة بين هذه الآية وبين الإمام الحسين(عليه السلام)، فقد قال: «حدّثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطّار (رضي الله عنه)، قال: حدّثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن الفضل بن شاذان، قال: سمعت الرضا(عليه السلام) يقول: لمّا أمر الله(جل وعلى) إبراهيم(عليه السلام) أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه، تمنّى إبراهيم(عليه السلام) أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل(عليه السلام) بيده، وأنّه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه؛ ليرجع إلى قلبه ما يرجع قلب الوالد الذي يذبح أعزّ ولده بيده، فيستحقّ بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، فأوحى الله(جل وعلى) إليه: يا إبراهيم، مَن أحبّ خلقي إليك؟ فقال: يا ربّ، ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ من حبيبك محمد(صلى الله عليه واله). فأوحى الله تعالى إليه: يا إبراهيم، أفهو أحبّ إليك أم نفسك؟ قال: بل هو أحبّ إليّ من نفسي. قال: فولده أحبّ إليك أم ولدك؟ قال: بل ولده. قال: فذبحُ ولدِه ظلماً على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا ربّ، بل ذبحُ ولدِه ظلماً على أيدي أعدائه أوجع لقلبي. قال: يا إبراهيم، فإنّ طائفة تزعم أنّها من أُمّة محمد [(صلى الله عليه واله)] ستقتل الحسين [(عليه السلام)] ابنه من بعده ظلماً وعدواناً كما يُذبح الكبش، ويستوجبون بذلك سخطي. فجزع إبراهيم(عليه السلام) لذلك وتوجّع قلبه وأقبل يبكي، فأوحى الله(جل وعلى) إليه: يا إبراهيم، قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل ـ لو ذبحته بيدك ـ بجزعك على الحسين [(عليه السلام)] وقتله، وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، وذلك قول الله(جل وعلى): (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)...»[29].

ولعلّ هذه الرواية هي الوحيدة التي أوَّلت آية الفداء أو الذبح العظيم بالإمام الحسين(عليه السلام).

ويقع الكلام في هذه الرواية من جهتين:

الجهة الأُولى: السند

من الواضح أنّ الشيخ الصدوق(رحمه الله) يروي هذه الرواية عن عبد الواحد بن محمد ابن عبدوس، وهو من مشايخ الصدوق الذين ترضّى عليهم في أكثر من موضع، وخاصّة في كتابه (عيون أخبار الرضا(عليه السلام))وفي مشيخته، لكنّ السيّد الخوئي(قدس سره) يرى أنّ الترضّي منه(رحمه الله) لا يلزم منه وثاقة مَن يروي عنه، فقد قال ما نصّه: «كلام الصدوق(قدس سره) لا يدلّ على توثيق عبد الواحد، بل ولا على حسنه، فإنّ تصحيح الصدوق خبره غايته أنّه يدلّ على حجّيته عنده لأصالة العدالة التي بنى عليها غير واحد، وأمّا التوثيق أو المدح فلا يستفاد من كلامه... فالرجل مجهول الحال، والله العالم»[30].

إلّا أنّ الشيخ الإيرواني ناقش هذا الرأي أو المبنى الرجالي للسيّد الخوئي(قدس سره)، وفرّق بين الترضّي العامّ والترضّي الخاصّ، فقد قال: «وكان [أي: السيّد الخوئي] يستشهد بقول الإمام الصادق(صلى الله عليه واله) (اللهمّ ارحم تلك الوجوه التي تقلّبت على قبر أبي عبد الله). وهل هذا يدلّ على أنّ كلّ هؤلاء ثقاة وأعاظم؟! كلّا: فطلب الرحمة والمغفرة ليس فيه دلالة على ذلك، [وهنا يناقش الشيخ الإيرواني هذا الكلام فيقول:] إنّ الترضّي الخاصّ هو الذي فيه دلالة، أمّا الترضّي العامّ (اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات) فهو ليس فيه دلالة عرفية، فمَن يريد أن يدّعي ذلك فهو يدّعيه في الترضّي أو الترحّم عن الشخص الخاصّ»[31].

وعلى أيّة حال، يبقى الترضّي هو العمدة في وثاقة أو صلاح حال ابن عبدوس؛ إذ نرى أحياناً أنّ الشيخ الصدوق قد يترك شيخه دون ترضّي، بل وأحياناً أُخرى قد يُصرِّح بفساد عقيدته في موضع آخر كما في أحمد بن الحسين الضبي، فقد قال عنه: «وما لقيت أنصب منه، وبلغ من نصبه أنّه كان يقول: اللهمّ صلِّ على محمد فرداً»[32].

ويرى الشيخ الإيرواني أنّ فساد العقيدة لا يصلح أن يكون شاهداً على عدم الوثاقة، فكيف بحال مَن ترضّى عليه الشيخ الصدوق(رحمه الله) في مواضع كثيرة وأكثر النقل عنه، وخاصّة في كتاب (عيون أخبار الرضا(عليه السلام))، فهذه شواهد مع بعضها قد تصلح كقرينة على وثاقته أو حسن حاله. يقول المحسني: «إذا ترحّم واحد من الأجلّاء العلماء على أحدٍ، أو ترضّى عن أحدٍ، لا في مورد وموردين، بل في موارد كثيرة، يكشف ذلك عن حسنه، فنعتمد على رواياته»[33].

أمّا علي بن محمد بن قتيبة فقد ذكره السيّد الخوئي(قدس سره) في معجمه، وذكر عدّة نقاط دلّت على وثاقته أو فضله وحسنه، لكنّه ردّها جميعاً، وقال بعدم وثاقته، وأنّه مجهول الحال، وعبارته في المقام هي: «أقول: وقع الخلاف في اعتبار علي بن محمد القتيبي وعدمه، فقيل باعتباره، واستُدلّ على ذلك بوجوه:

الأوّل: اعتماد الكشي عليه حيث إنّه يروي عنه كثيراً.

ويرد عليه ما يأتي عن النجاشي في ترجمته [أي: الكشي] من أنّه يروي عن الضعفاء كثيراً.

الثاني: حُكم العلّامة بصحّة روايته.

وجوابه: أنّ ذلك منه مبني على أصالة العدالة التي لا نقول بها، ومرّ ذلك مراراً.

الثالث: حُكم الشيخ [أي: الطوسي] عليه بأنّه فاضل، فهو مدح يدخل الرجل به في الحسان.

والجواب: أنّ الفضل لا يُعدّ مدحاً في الراوي بما هو راوٍ، وإنّما هو مدح للرجل في نفسه باعتبار اتّصافه بالكمالات والعلوم، فما عن المدارك من أنّ علي بن محمد بن قتيبة غير موثّق ولا ممدوح مدحاً يُعتدّ به، هو الصحيح، والله العالم»[34].

ولكن مع مدح الشيخ الطوسي(رحمه الله) لابن قتيبة وكونه روى هذه الرواية عن الفضل بن شاذان وليس عن ضعيف، ومصاحبته للفضل بن شاذان وروايته لكتبه كما ذكر ذلك النجاشي(رحمه الله) في قوله: «علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري (النيسابوري) ـ عليه اعتمد أبو عمرو الكشي في كتاب الرجال ـ أبو الحسن، صاحب الفضل بن شاذان، وراوية كتبه»[35]. وكذلك ما ذهب إليه الوحيد البهبهاني(رحمه الله) في فوائده من أنّ كثرة الاعتماد قرينة على الوثاقة أو الاعتبار، فقد قال ما نصّه: «اعتماد شيخ على شخص وهو إمارة الاعتماد عليه كما هو ظاهر، ويظهر من (النجاشي والخلاصة) في علي بن محمد ابن قتيبة، فإذا كان جمع منهم اعتمدوا عليه فهو في مرتبة معتدّ بها من الاعتماد، وربما يُشير إلى الوثاقة»[36]. فهذه القرائن تصلح لتصحيح أو اعتبار رواية ابن قتيبة.

كما أنّ هذا كلّه بناءً على مسلك الوثاقة، أمّا على جعلنا الوثوق مسلكاً لقبول الروايات، فهناك قرينة تدعو للاطمئنان بصدور الرواية عن المعصوم(عليه السلام)، وهي أنّ ابن قتيبة كان يروي عن كتب الفضل بن شاذان، والتي بلغ عددها (180) كتاباً، وهذا يعني احتمال أنّ الرواية مروية من كتب الفضل بن شاذان بالإجازة وليست سماعاً، والأخير قد رواها بغير واسطة عن الإمام الرضا(عليه السلام)، والذي يُقوّي هذا الاحتمال هو ما نراه في متن هذه الرواية من التعبير بلفظ (حدّثنا) في رواية الصدوق عن ابن عبدوس، وكذلك في رواية ابن عبدوس عن ابن قتيبة، بينما لا نجد ذلك في رواية ابن قتيبة عن الفضل بن شاذان وإنّما وجدنا بلفظ (عن)، بمعنى أنّه لم يتحمّل الرواية عن الفضل بن شاذان سماعاً وإنّما تحمّلها بإجازة رواية الكتب؛ وبما أنّ كتب ابن شاذان معلومة في زمانه، فنحتمل صحّتها والاطمئنان بصدورها من هذه الجهة، حتّى مع جهالة حال ابن قتيبة.

أمّا الفضل بن شاذان فقد ورد في حقّه كثير من عبارات المدح، منها ما عن المعصوم كالإمام الحسن العسكري(عليه السلام): «أغبط أهل خراسان لمكان الفضل بن شاذان وكونه بين أظهرهم»[37]، ومنها ما قاله النجاشي في حقّه: «أحد أصحابنا الفقهاء والمتكلّمين، وله جلالة في هذه الطائفة، وهو في قدره أشهر من أن نصفه»[38]؛ وبالتالي فهو غني عن البحث في وثاقته (رضوان الله عليه).

الجهة الثانية: المتن

وفي هذه الجهة من البحث فقد جرى حديث من قِبل الأعلام في بيان حقيقة الفداء في الآية الشريفة، وكيف يكون هو الإمام الحسين(عليه السلام) بناءً على الرواية المتقدّمة، مع العلم أنّه(عليه السلام) أعلى منزلةً ومقاماً من إسماعيل(عليه السلام).

وقد ذكر الشيخ المجلسي(رحمه الله) في كتابه (بحار الأنوار) الإشكال المتقدّم وجوابه معاً، وحاصل ما أفاده في الجواب هو أنّ الفداء إنّما كان ابتداءً عن إسماعيل(عليه السلام)، ولكنّه امتدّ إلى جميع سلسلة نسبه(عليه السلام) وصولاً إلى النبي(صلى الله عليه واله) وأهل بيته(عليهم السلام) وانتهاءً بالإمام الحسين(عليه السلام)؛ وعليه «فإذا عوّض من ذبح إسماعيل بذبح واحد من أسباطه وأولاده وهو الحسين(عليه السلام)، فكأنّه عوّض عن ذبح الكلّ وعدم وجودهم بالكلّية بذبح واحد من الأجزاء بخصوصه، ولا شكّ في أنّ مرتبة كلّ السلسلة أعظم وأجلّ من مرتبة الجزء بخصوصه»[39].

إلّا أنّ الشيخ المجلسي(رحمه الله) بعد ذلك لم يقبل هذا الإشكال أساساً، وذهب إلى أنّ الفداء حصل بجزع إبراهيم(عليه السلام) وليس بالإمام الحسين من أجل ولده إسماعيل وسلسلة الآباء، فقال: «وأقول: ليس في الخبر أنّه فدى إسماعيل بالحسين، بل فيه أنّه فدى جزع إبراهيم على إسماعيل، بجزعه على الحسين(عليه السلام)، وظاهر أنّ الفداء على هذا ليس على معناه، بل المراد التعويض، ولمّا كان أسفه على ما فات منه من ثواب الجزع على ابنه، عوّضه الله بما هو أجل وأشرف وأكثر ثواباً، وهو الجزع على الحسين(عليه السلام)»[40].

وهنا يرى المجلسي(رحمه الله) أنّ الآية ـ مورد البحث ـ بناءً على هذا الوجه «تحتمل وجهين: الأوّل: أن يُقدّر مضاف، أي: فديناه بجزع مذبوح عظيم الشأن. والثاني: أن يكون الباء سببية، أي: فديناه بسبب مذبوح عظيم بأن جزع عليه»[41].

وذكر التستري في (الخصائص الحسينية) ما نصّه: «(وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) فقد ورد أنّ الذبح العظيم هو الحسين(عليه السلام)، ولا يلزم منه كون مرتبة المفدّى أعظم، بل المعنى وفديناه بما فديناه بسبب الذبح العظيم الذي يخرج من صلبه، أو المعنى أنّه تبدّل فداؤه لربّه بفداء آخر أعظم؛ وحصلت هذه المرتبة العظمى من جعل النفس فداءً في سبيل الله للحسين(عليه السلام)»[42].

وفيه: إنّ الخبر المتقدّم عن الإمام الرضا(عليه السلام) ليس فيه دلالة واضحة على أنّ الذبح العظيم هو الإمام الحسين(عليه السلام)، على الرغم من استظهار ذلك من قبل البحراني في (العوالم)، والمجلسي في (البحار)، والتستري في (الخصائص) ـ بحسب ما يبدو من عبائرهم ـ؛ إذ يظهر منهم (رحمهم الله) أنّ فداء إسماعيل(عليه السلام) كان بسبب الذبح العظيم الذي هو الحسين(عليه السلام). نعم، قد اختلف عنهم البحراني الذي افترض أنّ الإمام الحسين(عليه السلام) كان فداءً لسلسلة الآباء التي ابتدأت بإسماعيل والتي يكون هو(عليه السلام) جزءاً منها.

وربما قيل: إنّ سياق الآيات فيه ظهور على أنّ المُفدى عنه هو إسماعيل(عليه السلام)؛ وعليه فكيف يكون الحسين هو المُفدى؟

وجوابه: إنّ المُفدى عنه في الآية ليس بالضرورة هو إسماعيل، فإنّه وإن كان ظاهراً من السياق ـ المتقدّم ـ إلى حدّ ما، إلّا أنّ ذلك لا يمنع من ظهور آخر، وهو أنّ المُفدى عنه مسكوت عنه، واكتفت الآية بوجود الضمير في (وفديناه)، ويدعم هذا القول أنّ الذبح لإسماعيل(عليه السلام) لو حصل لكان إسماعيل نفسه الذبيح والفداء لذلك الشيء المضمر، وهو قد يكون بيت الله الذي رفع إبراهيم(عليه السلام) قواعده، أو دين الله تعالى؛ وعلى هذا لا يكون الإمام الحسين(عليه السلام) فداءً لإسماعيل(عليه السلام)، بل هو فداء الدين الحنيف لله تعالى الذي يُعدّ البيت أوّل رمز أُقيم له. فهذه التضحية والفداء يجب أن تكون عظيمة؛ لأنّها متعلّقة بدين الله تعالى، وهو أمر جلل وعظيم، لا يليق به إلّا دم زكي وعظيم كدم الحسين(عليه السلام).

إشكال وجوابه

تقرير الإشكال: إنّ الروايات متضافرة على أنّ الفداء كان بكبش، وأنّ المُفدى عنه بذلك الكبش هو إسماعيل(عليه السلام)، فكيف لنا تأويل وحمل الفداء على الإمام الحسين(عليه السلام)؟

والجواب عنه يكون بعدّة نقاط:

الأُولى: إنّ حمل الفداء على الإمام الحسين(عليه السلام) من قبيل التأويل وليس التفسير، فالفداء كتفسير ظاهر هو الكبش والمُفدى هو إسماعيل(عليه السلام)، وهذا موجود في روايات الفريقين التي وصلت حدّ الاستفاضة إن لم نقل: إنّها متواترة.

أمّا تأويلاً، فالفداء هو الإمام الحسين(عليه السلام) والمُفدى عنه هو دين الله تعالى. وممّن أشار إلى هذا المعنى التستري(رحمه الله) في ذيل قوله المتقدّم، وكذلك السيّد محمد الصدر(رحمه الله) في قوله: «وهو لم يفدِ إسماعيل الذبيح (سلام الله عليه)، كما هو ظاهر السياق، بل وقع السياق في سبيل الله وفي طريق توحيد الله وطاعته»[43].

الثانية: إنّ الروايات وإن أطلقت لفظ الكبش على ما فُدي به إسماعيل(عليه السلام)، إلّا أنّه يمكن أن تُطلق هذه المفردة على غير المعنى المعروف؛ لأنّه ورد في كتب اللغة أنّ «كَبْشُ القومِ: رئيسُهم وسيِّدُهم، وقيل: كَبْش القومِ حامِيتُهم والمنظورُ إليه فيهم ـ أَدخل الهاء في حامية للمبالغة ـ وكَبْشُ الكتيبةِ: قائدُها»[44].

وقد أطلقت غير واحدة من الروايات هذا العنوان على الرجل الذي يُقتل بغير حقّ، أو الرجل المهمّ الذي له منزلة وقيادة بين قومه، ومنها عن الإمام الرضا(عليه السلام): «إنّ من علامات الفرج حدثاً يكون بين المسجدين، ويُقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشاً من العرب»[45].

وإلى هذا المعنى أشار الشاعر بقوله:

عباس كبش كتيبتي وكنانتي وسري قومي بل أعزّ حصوني[46]

ومنها أيضاً ما ورد عن الإمام الرضا(عليه السلام) في روايته لابن شبيب بتشبيه مقتل الإمام الحسين(عليه السلام) بذبح الكبش، فقد قال(عليه السلام): «يا بن شبيب، إن كنت باكياً لشيء فابكِ للحسين بن علي بن أبي طالب؛ فإنّه ذُبح كما يُذبح الكبش...»[47]. فهي تشبيه للرجل الذي يُقتل ظلماً دون اعتبار لإنسانيّته وبشريّته، فضلاً عمّن كان في مقام الحسين(عليه السلام) وقرابته من رسول الله(صلى الله عليه واله)، إضافة إلى ما نزل في شأنه وشأن أبيه وأُمّه وأخيه من الآيات القرآنية الواضحة والجلية، المبيّنة لفضلهم ومنزلتهم عند الله تعالى: كآية التطهير، والمباهلة، وآية ذوي القربى. وكذلك أقوال رسول الله(صلى الله عليه واله) فيه وفي هؤلاء المعصومين(عليهم السلام)، التي كانت تحدث أمام أنظار المسلمين ومسامعهم نهاراً جهاراً.

نتيجة البحث

نستخلص ممّا تقدّم النتائج الآتية:

1ـ إنّ المتتبّع للمنهج التأويلي لأهل البيت(عليهم السلام) يرى جلياً ودون أدنى شكّ أنّهم يحملون القرآن في صدورهم، ويعلمون بظاهره وباطنه ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه و... وما تعدّد الأساليب في منهجهم التفسيري أو التأويلي إلّا لأنّهم يعلمونه بجميع أبعاده، ويُثبتون للأُمّة ـ من خلال ذلك ـ بأنّهم(عليهم السلام) أهله، وغيرهم مهما حاول في سبر أغواره واقتفاء أثره من دون الاستعانة بهم(عليهم السلام) فدونه خرط القتاد.

2ـ قد تجلّت لنا في هذا البحث الصورة التي رسمها أهل البيت(عليهم السلام) للعلاقة بين الإمام الحسين(عليه السلام) والقرآن الكريم، مبيّنين في هذا الصدد الكثير من الآيات القرآنية التي تصدق ظاهراً أحياناً وباطناً أحياناً أُخرى على الإمام الحسين(عليه السلام)، وليس ذلك بغريب، فالقرآن مع الحسين والحسين مع القرآن لم يفارقه حتّى بعد استشهاده وتعليق رأسه الشريف على الرمح، فقد نُقل أنّه كان يُرتّل ـ وهو في تلك الحالة ـ قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا)[48].

3ـ من خلال ملاحظتنا للآيات القرآنية المتقدّمة نرى أنّ القرآن قد أشار إلى قضية الإمام الحسين(عليه السلام) في أكثر من مناسبة تفسيراً وتأويلاً، وهذه الإشارات والبيانات تعطينا حافزاً ودافعاً إلى أن نتعلّق بالحسين(عليه السلام) أكثر وأكثر، وأن ندعو الأُمّة الإسلاميّة بكلّ طوائفها ومللها ومذاهبها إلى التمسّك بالحسين(عليه السلام) منهجاً وسيرةً وقلباً ووجداناً؛ لأنّها إن كانت مع الحسين فهي مع القرآن ومع ما يُريده القرآن، وإن كانت بعيدة عن الحسين(عليه السلام) كانت بعيدة عن القرآن وعمّا يُريده القرآن.

4ـ من خلال البحث ظهر لنا جلياً علاقة الماضي بالحاضر والمستقبل، تلك العلاقة التي بين الإمام الحسين والقائم(عليهما السلام)، وبينهما وبين القرآن. وكأنّ القرآن الكريم جمع بين الحسين(عليه السلام) وكربلاء من جهة، وبين القائم(عجل الله فرجه الشريف) ودولة العدل الإلهي من جهة أُخرى. وهذا هو النصر العظيم الذي وعد الله به رسله وأنبياءه(عليهم السلام) ورسوله المصطفى(صلى الله عليه واله) وأهل بيته(عليهم السلام)، والذي سيكون لدم الحسين(عليه السلام) وثورته في قيام هذه الدولة الدور الأبرز والمكانة العظمى؛ لأنّها المظلومية التي لم تعهد البشرية مثيلاً لها على مرّ العصور، وهو صوت الحقّ المطلق الذي أسمع الخافقين، وكشف أنّ الدين الإلهي عزيز، وأنّه يستحقّ منّا كلّ شيء؛ لأنّه أمل الإنسانية ودستورها الذي سيحملها إلى السعادة الأبدية. تلك كانت صرخة الإمام الحسين(عليه السلام) التي ما زالت في وجدان كلّ مؤمن ومسلم.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1. أدب الطف أو شعراء الحسين(عليه السلام) (من القرن الأول الهجري حتى القرن الرابع عشر)، جواد شبّر، دار المرتضى.

2. الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، محمد بن محمد بن النعمان العكبري المعروف بالشيخ المفيد (ت413هـ)، تحقيق مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام) لتحقيق التراث، دار المفيد للطباعة والنشر، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1993م.

3. أضواء على ثورة الإمام الحسين(عليه السلام)، السيّد محمد محمد صادق الصدر (ت1419هـ)، تحقيق: الشيخ كاظم العبادي، هيئة تراث السيّد الشهيد الصدر، دار مكتبة البصائر، بيروت ـ لبنان، 1431هـ/2010م.

4. الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ناصر مكارم الشيرازي، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)، قمّ المشرّفة، الطبعة الأُولى، 1421هـ.

5. بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي (ت1111هـ)، تحقيق محمد باقر البهبودي، نشر مؤسّسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية المصحّحة، 1403هـ/1983م.

6. بحوث في علم الرجال، محمد آصف المحسني (ت1440هـ)، مركز المصطفى العالمي للترجمة والنشر، قمّ المشرّفة، الطبعة الخامسة، 1432هـ.

7. بصائر الدرجات الكبرى، محمد بن الحسن الصفّار (ت290هـ)، تقديم وتعليق وتصحيح: الحاج ميرزا محسن (كوجه باغي)، منشورات الأعلمي، طهران، 1404هـ/1362ش.

8. تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة، السيّد شرف الدين الحسيني الأسترآبادي (ت965هـ)، تحقيق ونشر: مدرسة الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف)، قمّ المشرّفة، الطبعة الأُولى، 1407هـ/1366ش.

9. التبيان في تفسير القرآن، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، تقديم الشيخ آغا بزرك الطهراني، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان.

10. تفسير البغوي (معالم التنزيل في تفسير القرآن)، الحسين بن مسعود البغوي (ت516هـ)، تحقيق: مجموعة من العلماء، دار طيبة للنشر والتوزيع، 1409هـ.

11. تفسير العيّاشي، محمد بن مسعود العيّاشي (ت320هـ)، تحقيق وطبع ونشر: مؤسّسة البعثة، قسم الدراسات الإسلامية، طهران، الطبعة الأُولى، 1421هـ.

12. تفسير القمّي، علي بن إبراهيم القمّي (ت نحو 329هـ)، تحقيق وتعليق وتقديم: السيّد طيّب الموسوي الجزائري، مؤسّسة دار الكتاب للطباعة والنشر، قمّ المشرّفة، الطبعة الثالثة، 1404هـ.

13. الخصائص الحسينية، جعفر التستري (ت1303هـ)، انتشارات الشريف الرضي، قمّ المشرّفة، الطبعة الأُولى، 1416هـ.

14. رجال النجاشي (فهرست أسماء مصنّفي الشيعة)، أحمد بن علي النجاشي الكوفي (ت450هـ)، تحقيق: السيّد موسى الزنجاني، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، قمّ المشرّفة، 1416هـ.

15. العوالم (الإمام الحسين(عليه السلام))، الشيخ عبد الله البحراني (ت1130هـ)، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي(عجل الله فرجه الشريف)، الطبعة الأُولى، 1407هـ/1365ش.

16. عيون أخبار الرضا(عليه السلام)، محمد بن علي بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق (ت381هـ)، تصحيح وتعليق: حسين الأعلمي، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، 1404هـ/1984م.

17. الغدير، عبد الحسين بن أحمد الأميني (ت1390هـ)، دار الكتاب العربي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الرابعة، 1397هـ/1977م.

18. الغيبة، محمد بن إبراهيم النعماني (ت نحو360هـ)، تحقيق: فارس حسّون كريم، منشورات أنوار الهدى، قمّ المشرّفة، الطبعة الأُولى، 1422هـ.

19. الفوائد الرجالية، محمد باقر بن محمد أكمل الإصفهاني المعروف بالوحيد البهبهاني (ت1205هـ).

20. الكافي، محمد بن يعقوب الكليني (ت329هـ)، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفّاري، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الثانية، 1389هـ.ق/1348ش.

21. الكشف والبيان عن تفسير القرآن (تفسير الثعلبي)، أبو إسحاق أحمد الثعلبي (ت427هـ)، تحقيق: الإمام أبي محمد بن عاشور، مراجعة وتدقيق: الأستاذ نظير الساعدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1422هـ/2002م.

22. كمال الدين وتمام النعمة، محمد بن علي بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق (ت381هـ)، صحّحه وعلّق عليه: علي أكبر الغفّاري، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، قمّ المشرّفة ـ إيران، 1405هـ.

23. لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور (ت711هـ)، دار صادر، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثالثة، 1414هـ.

24. مختصر البصائر، عزّ الدين الحسن بن سليمان الحلّي (ت830 هـ)، تحقيق مشتاق المظفّر، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، قمّ المشرّفة، الطبعة الأُولى، 1321هـ.

25. معجم رجال الحديث، السيّد أبو القاسم الخوئي (ت1413هـ)، تحقيق: مجموعة من العلماء، مؤسّسة الإمام الخوئي الإسلامية، النجف الأشرف.

26. وسائل الشيعة، محمد بن الحسن الحرّ العاملي (ت1104هـ)، تحقيق: مؤسّسة آل البيت(عليه السلام) لتحقيق التراث، قمّ المشرّفة، الطبعة الثانية، 1414هـ.

المواقع الإلكترونية

27. http://www.eshia.ir/feqh/archive/text/iravani/feqh/37/ 380121.

[1] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص599.

[2] الصفّار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات: ص216.

[3] الفجر: آية1ـ5.

[4] الفجر: آية27ـ30.

[5] الأسترآبادي النجفي، علي، تأويل الآيات: ج2، ص796.

[6] المصدر السابق.

[7] المصدر السابق: ص792.

[8] اُنظر: القمّي، علي بن إبراهيم، تفسير القمّي: ج2، ص419.

[9] الأحزاب: آية46.

[10] الفجر: آية3 ـ 5.

[11] الأسترآبادي النجفي، علي، تأويل الآيات: ج2، ص793.

[12] الدخان: آية4.

[13] الصفّار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات: ص240.

[14] البغوي، الحسين بن مسعود، تفسير البغوي: ج8، ص412.

[15] الإسراء: آية33.

[16] اُنظر: الشيرازي، ناصر مكارم، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: ج8، ص468.

[17] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن: ج6، ص467.

[18] اُنظر: الثعلبي، أحمد، الكشف والبيان عن تفسير القرآن (تفسير الثعلبي): ج6، ص97.

[19] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن: ج6، ص474ـ475.

[20] الأسترآبادي النجفي، علي، تأويل الآيات: ج1، ص279ـ280.

[21] المصدر السابق: ص280.

[22] النعماني، محمد بن إبراهيم، الغيبة: ج1، ص313.

[23] الصدوق، محمد بن علي، كمال الدين وتمام النعمة: ص331.

[24] المصدر السابق.

[25] الأميني، عبد الحسين، الغدير في الكتاب والسنّة والأدب: ج2، ص300.

[26] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج65، ص131.

[27] الحلّي، الحسن بن سليمان، مختصر بصائر الدرجات: ص123.

[28] الصافات: آية107.

[29] الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ص58ـ 59. واُنظر: الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا(عليه السلام): ج1، ص187ـ 188.

[30] الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج12، ص42.

[31] الإيرواني، باقر، بحث الفقه (البحث الخارج للأُستاذ الشيخ باقر الأيرواني)، 21 محرّم لسنة 1438هـ، على الموقع: http://www.eshia.ir/feqh/archive/text/iravani/feqh/

[32] الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا(عليه السلام): ج2، ص312.

[33] المحسني، محمد آصف، بحوث في علم الرجال: ص96.

[34] الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث: ج13، ص171ـ172.

[35] النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص259.

[36] الوحيد البهبهاني، محمد باقر، الفوائد الرجالية: ص50.

[37] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج27، ص101.

[38] النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي: ص307.

[39] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص226. البحراني، عبد الله، العوالم ـ الإمام الحسين(عليه السلام): ص107.

[40] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص226ـ227.

[41] المصدر السابق: ص227.

[42] التستري، جعفر، الخصائص الحسينية: ص273ـ274.

[43] الصدر، محمد، أضواء على ثورة الإمام الحسين(عليه السلام): ص101.

[44] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج6، ص338.

[45] المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد: ج2، ص375ـ376.

[46] البيت من قصيدة طويلة للشيخ حسن قفطان(رحمه الله)، اُنظر: شبّر، جواد، أدب الطف أو شعراء الحسين(عليه السلام): ج7، ص 113.

[47] البحراني، عبد الله، العوالم ـ الإمام الحسين(عليه السلام): ص539.

[48] الكهف: آية9.

الآيات المؤوّلة بالإمام الحسين(عليه السلام).. دراسة وتحليل (القسم الأوّل)