مقدّمة

ما زالت عاشوراء (النهضة) تُلقي بثقلها الفكري والتاريخي على مسرح الأحداث التي عصفت بتاريخ البشرية على مرّ العصور والأزمنة؛ إذ نرى ثمّة اهتماماً بالغاً من قِبل الباحثين والدارسين ـ مسلمين أم غيرهم ـ بقراءتها وتحليلها بداعي الكشف عن منطلقاتها، والعوامل التي دفعت بقائدها(عليه السلام) إلى الامتناع عن مبايعة يزيد بن معاوية، والخروج على السلطة الأُموية بكلّ إصرار وعزيمة، حتّى أدّى ذلك إلى استشهاده(عليه السلام) في معركة الطفّ عام إحدى وستّين للهجرة.

وبمستوى الحديث عن تلك الدوافع والمنطلقات فإنّ مساحة البحث عن مخرجات هذه النهضة ومعطياتها على المدى القريب والبعيد قد أخذت حيّزاً واسعاً أيضاً في مجال الدراسات الحسينية، وفي ضوء تلك المخرجات يمكننا استشراف رؤية الإمام الحسين(عليه السلام) حين سلك طريق الشهادة كخيار استراتيجي موازٍ لطريق النزول على رغبة السلطة الحاكمة، القاضية بلزوم مبايعة يزيد بن معاوية.

ولعلّ الأسباب الداعية إلى قراءة النهضة الحسينية واهتمام الباحثين بها يمكننا النظر إليها من زوايا متعدّدة، تكمن في شخصية القائد المضحّي، ونوعية المشروع المضحّى من أجله، وطريقة إدارة النهضة وتوجيهها، فالنهضة الحسينية يمكن وصفها بأنّها حركة إصلاحية متكاملة، قامت على فلسفة فريدة من نوعها، تجلّت في معايير دينية، وشواخص إنسانية، وقيم أخلاقية، أجهضت المشروع المضاد الذي أراد أن يُغرق المجتمع في مستنقع رؤية أُموية جديدة، تأخذ مسارها في سياق التاريخ، وتتنامى جذورها على مرّ العصور، فجاءت النهضة الحسينية لتكشف النقاب عن وجه ذلك المشروع الخطير، حاملةً لواء الإصلاح بشتّى أبعاده؛ الأمر الذي أعقبه انتقالة نوعية في داخل المجتمع الإسلامي على مرّ العصور، جعله يتحسّس المشروع الحسيني فكراً وتعاطفاً، وينجذب نحو الحسين(عليه السلام) ومشروعه المبارك.

وممّا يلفت الانتباه لدى الباحث، أنّ قراءة النهضة الحسينية لم تكن بعدسة واحدة؛ إذ نرى بروز قراءات متنوّعة، تنطوي على عوامل مختلفة أدّت إلى حدوث هذا التنوّع والاختلاف، منها ما يتلاءم مع النصوص التاريخية والروائية التي تحدّثت عن الواقعة نفسها، ومنها ما يبتعد قليلاً عن ظواهر تلك الأحداث، وإن كانت بحدّ ذاتها قراءات جيّدة لا تحمل شائبة التطرّف والابتعاد عن الحدود الشرعية والعقلائية، ومنها قراءات مثّلت نوعاً من التطرّف الفكري الذي أنتجته النزعة الذاتية الحسّية في فهم النصوص الدينية والتاريخية، ومنها قراءات حملت طابعاً أُسطورياً (ميثولوجياً) أبعد النهضة الحسينية كثيراً عن منطلقاتها، وأفرغها من محتواها الحقيقي الذي سعى سيّد الشهداء(عليه السلام) إلى تحقيقه، ولو كلّف ذلك التماس طريق التضحية والشهادة.

ومن ذلك انبرت لنا رؤى متعدّدة بعضها تحكم بأنّ الإمام الحسين(عليه السلام) لم ينهض من أصل، وإنّما كان هدفه هو الدفاع عن نفسه فقط، بينما ذهبت رؤية أُخرى إلى أنّه(عليه السلام) كان يهدف إلى نهضة استشهادية يحرّك من خلالها إرادة الأُمّة التي نُزعت إرادتها في ظلّ الوجود الأُموي، في حين اعتقد بعض آخر أنّ نهضته(عليه السلام) كانت تكليفاً خاصّاً لا يعلم حقيقته إلّا الله، بينما آمن آخرون بأنّ حركته(عليه السلام) كانت تهدف إلى إقامة حكومة العدل الإلهي، ومال آخرون إلى أنّ سيّد الشهداء(عليه السلام) كان قاصداً الشهادة بعينها؛ لكي يصل إلى أقصى درجات الفناء في الله تعالى، وهناك رؤية أيضاً تؤمن بأنّ الإمام(عليه السلام) قد فدى نفسه من أجل التكفير عن ذنوب شيعته ومحبّيه.

ومن خلال هذا السرد المتقدّم تتجلّى لنا نظريات متنوّعة في تفسير النهضة الحسينية، ومن جملة هذه النظريات ما عرف في الأوساط العلمية بـ(نظرية الشهادة)، ولكن حقيقة الأمر أنّ نظرية الشهادة تنشطر بدورها إلى نظريات متعدّدة، هي: الشهادة التكليفية، والشهادة العرفانية، والشهادة السياسية، والشهادة الفدائية.

وهذه الدراسة التي بين أيدينا تهدف إلى عرض نظرية الشهادة الفدائية التي تُعرف اختصاراً بنظرية الفداء أو الكفّارة، تلك النظرية التي تمثّل مقاربة للنجاة تشبه إلى حدّ كبير ما نظّر له بولس الطرسوسي (5 ـ 67م)[1] في القرن الأوّل الميلادي، تلك الشخصية التي نجحت نوعاً ما في صناعة رؤية لاهوتية سار عليها من بعده أرباب المسيحية إلى يومنا هذا، وحاصل هذه الرؤية أنّ المسيح هو القربان المقدّس الذي تكمن في جسده ودمه قوّةٌ لخلاص الإنسان من تبعات الخطيئة الأُولى التي لاصقت البشرية، وأصبحت جزءاً من طبيعتها الإنسانية، ومن ذلك تتجلّى رحمة الإله بعباده أن ضحّى بالمسيح من أجل نجاة الإنسان وخلاصه الأبدي.

وتعريجاًً على النهضة الحسينية، ربّما نقرأ نصوصاً في مصادر متأخّرة تتّصل بالنهضة الحسينية يصوّر بعضٌ من خلالها أنّ ذهاب الإمام الحسين(عليه السلام) نحو الشهادة بكامل اختياره ما هو إلّا عملية فداء قام بها من أجل خلاص شيعته من العذاب الأُخروي؛ إذ لا يمكن أن يتحقّق ذلك العفو المجّاني عن المذنبين إلّا بتضحية نوعية تتناسب مع خطايا الإنسان تناسباً طردياً، شريطة أن يعيش الإنسان (الشيعي) ألماً يتمثّل بإقامة مظاهر الحزن والأسى التي تعبّر عن مدى تأثّر ذلك الإنسان وارتباطه واتحاده مع الإمام الفادي! وعليه، فقد أصبح الشيعة بعد تلك الواقعة الأليمة في خلاص من أمرهم، على الوتيرة نفسها التي شهدها أتباع المسيح بعد قصّة الصلب والقتل، من هنا يظهر التشابه القريب بين الحسين والمسيح(عليهما السلام)، ذلك القرب الذي يمثّله الفداء المزعوم.

وممّا ينبغي التنبيه عليه أنّ الأمانة العلمية تحتّم علينا عدم القطع بأنّ هذه النظرية التي تكلّم عنها بعض العلماء المنتمين إلى البيت الشيعي كانت نتيجة التأثّر والتفاعل مع تعاليم اللاهوت المسيحي لعقيدة الفداء، فإنّ هذا ممّا لم نلمس له تصريحاً أو تلويحاً في كلماتهم وأقوالهم. ولعلّ التشابه العميق بين الرؤيتين في أدبيات تصوير النظرية وعرضها ولّد طابعاً عامّاً في مجال البحث بأنّ هناك تأثّراً وتفاعلاً ملحوظين؛ الأمر الذي دفعنا لأنْ نخوض في حقيقة هذه النظرية في علم اللاهوت المسيحي وجذورها التاريخية.

نعم، هناك شبهة تعرض أمام الذهن، حاصلها: أنّ النظر بشكل دقيق إلى هذه الأبحاث يوصلنا إلى وجود نظريتين منفصلتين، إحداهما: عقيدة الفداء المسيحي، وثانيهما: نظرية الشهادة الفدائية الحسينية، فهما نظريتان لا تنضويان تحت سياق تاريخي واحد؛ إذ تولّدت كلّ نظرية منهما في حقبة تاريخيةٍ لها شرائطها الخاصّة، وأيديولوجيتها المعيّنة.

والحقّ، أنّ لحاظ هذه النظرية بشكل عام يمكّننا من جعلِ سياقٍ تاريخي لها، وذلك بتصوير معنى مشترك يتمثّل بوجود (ذات تفتدي بنفسها من أجل التكفير عن خطايا الآخرين)، وهذا المعنى متحقّق في كلتا الرؤيتين، حتّى وإن تمّ التغاضي عن ذكر مصاديق هذه الذات الفادية. وعليه؛ يمكن حلّ الشبهة المتقدّمة بلحاظ ذلك المعنى المشترك في الذهن.

وعلى أيّة حال، فإنّ الدراسة التي بين أيدينا تهدف إلى إعطاء صورة مجملة عن معالم هذه النظرية ـ بلحاظ المعنى المشترك ـ وجذورها الميثولوجية، ومكانتها في اللاهوت المسيحي، والحيّز الذي تشغله في فضاء الفكر الشيعي، ثمّ بيان الرؤية القرآنية في حقيقة الخلاص؛ ليتّضح للقارئ العزيز مدى انسجام هذه النظرية مع المقاربة القرآنية.

وبعبارة أُخرى: إنّ هذه الدراسة تمثّل قراءة نقدية بآليات وأدوات قرآنية، وإن كان البحث فيها يتّسع لأدوات معرفية أُخرى عسى أن نوفّق لطرحها في دراسات أُخرى إن شاء الله تعالى.

المطلب الأوّل: الإطار المفاهيمي

سنتحدّث في هذا المطلب عن مفهومين أساسيين قامت عليهما هذه الدراسة، وهما: مفهوم الخلاص، ومفهوم الفداء:

1ـ مفهوم الخلاص

الخلاص في اللغة: مصدر الفعل خَلَص، تقول: «خَلَص الشيء خُلُوصاً: إذا كان قد نشب، ثمّ نجا وسلم... والخلاص يكون مصدراً كالـخُلوص، للناجي، ويكون مصدراً للشيء الخالص»[2]. ويفهم من هذا المعنى اللغوي أنّ الخلاص يُستخدم للذوات وللأشياء.

وأمّا في الاصطلاح: فهو النجاة من العذاب الأُخروي، والفوز بنعيم الجنّة. وقد أخذ هذا المفهوم مجالاً واسعاً في التعاليم الدينية، وقد جاء في القرآن الكريم بألفاظ متنوّعة، يعطي كلّ واحد منها صفة معيّنة وعنواناً خاصّاً من عناوين الخلاص، كمصطلح النجاة[3]، والفوز[4]، والفلاح[5]، والغفران[6]، والتكفير[7]، والحياة الطيّبة[8]، وما شابه ذلك.

وقد شاع استخدام مصطلح الخلاص في علم اللاهوت المسيحي، وارتبط ارتباطاً وثيقاً بعقيدة الفداء التي اختُزل فيها هذا المفهوم، وصار من خلالها مصطلحاً لاهوتياً بامتياز، وقد جاء في تعريفه أنّه: التحرير من الشرّ، وذلك عن طريق بذل المسيح ـ الابن الوحيد على حدّ زعمهم ـ ليحرّر الإنسان من الشرّ، ذلك البذل الذي تحقّق على نحو الوجوب عبر آلام المسيح، وفي هذا تتجلّى محبّة الله الذي قدّم المسيح فداءً للإنسان، وهذه المحبّة للإنسان والعالم هي المحبّة الخلاصية [9].

فالخلاص ـ برؤية لاهوتية مسيحية ـ لا يأتي إلّا من المسيح[10]، وإنّ التبشير قائم على الدعوة للانضمام إلى هذه الدائرة، فالألم الحاصل للمسيح هو ألم بالوكالة[11]، فقد تحمّل خطايا الناس بالنيابة، وبآلامه أُزيلت الخطايا، فهو مَن يصنع عملية الفداء بآلامه وموته على الصليب[12]، وقد جاء في سفر أشعيا: «وهو مجروحٌ لأجل معاصينا، مسحوقٌ لأجل آثامنا... مِلنا كلّ واحدٍ إلى طريقه، والربّ وضَع عليه إثم جميعنا... وهو حَـمَل خطيّة كثيرين، وشَفَع في المذنبين»[13].

ولعلّ هناك رؤية سائدة ومشتركة في العالم المسيحي تمثّل نوع اتحاد بين المسيحيين فيما يخصّ الذات المخلّصة (عيسى)، إلّا أنّ هناك أيضاً جدلاً قائماً في كيفية تحقّق ذلك الخلاص، فقد تمّ طرح قراءات مختلفة لذلك، ولعلّ الانفصال القائم بين الكنائس المختلفة كان منشؤه ذلك الجدل الدائر الذي حدث نتيجة لمحاولة فهم الخلاص على أُسس عقلية فلسفية بمعزل عن (الكتاب المقدّس)، ثمّ محاولة إثباته عن طريق النصوص الدينية المسيحية المتمثّلة بالعهدين: القديم والجديد[14].

2ـ مفهوم الفداء

الفداء لغةً: مصدر الفعل فدى، وهو أن يُجعل شيء مكان شيء حمى له، تقول: فديته أفديه، كأنّك تحميه بنفسك أو بشيء يعوّض عنه[15]. ومنه يظهر عدم الفرق في العوض بين أن يكون مالاً أو ذاتاً خارجية.

وأمّا اصطلاحاً، فقد عرّفه الجرجاني بتعريفين: الأوّل: أن يترك الأمير الأسير الكافر، ويأخذ مالاً أو أسيراً مسلماً في مقابله. والثاني: البدل الذي يتخلّص به المكلّف عن مكروه توجّه إليه[16].

ويلاحظ على التعريف الأوّل أنّه بيان لبعض استعمالاته في الشرع، فقد ارتبط تداول مصطلح الفداء في مجال التشريع بمصاديق متعدّدة يجمعها عنوان مشترك، وهو البدل أو العوض، في مقابل الانفكاك عن شيء تقيّد به المكلّف، سواء كان هذا القيد أسراً أم علقة زوجية أم صوماً واجباً. وعليه؛ يُمسي تعريفه الثاني هو الأقرب إلى ذلك المعنى الجامع.

مفهوم الفداء في اللاهوت المسيحي

تحدّثنا فيما سبق أنّ الخلاص ـ في اللاهوت المسيحي ـ لا يتمّ إلّا بالمسيح، ونريد أنّ نبيّن هنا أنّ الخلاص يترتّب على عملية فدائية يقوم بها المسيح بتوجيه من الربّ! لا يتحقّق مفعولها إلّا بالصلب والقتل، وهي ما يُطلق عليها أيضاً عقيدة الكفّارة (Atonement)[17]؛ وقد نظّر لها في بدايات التاريخ المسيحي بولس الطرسوسي، وهي ـ كما يصوّرها بعض اللاهوتيين ـ عملية مصالحة وتقارب حدثت بين الإله والبشرية، منها استعاد الإنسان علاقته مع الله بعد أن سقط في وحل الخطيئة التي أحدثت انقطاعاً معه واغتراباً عنه، فأصبح الإنسان غير قادر على كسر هذا الطوق الذي صنعته الذنوب والآثام، فقد تلبّست الخطيئة به تلبساً وراثياً أو طبيعياً[18] ممتداً على مرّ العصور، ومنذ ذلك الحين فقدت البشرية «العلاقة المفتوحة مع الله»[19]، وإذا كان هناك من تحرير يُعيد النفس إلى ما كانت عليه قبل الخطيئة، فلا بدّ أن يأتي من الخارج ومن قوّة عليا، فاستعاد المسيح الرابطة القديمة التي كانت تربط الإنسان بمصدر الحكمة والمحبّة الإلهية.

وعليه؛ فإنّ صورة الإنسان وإن كانت تحمل إمكانية التشويه جرّاء الأعمال القبيحة التي يرتكبها الإنسان من خلال إطاعته الشيطان، إلّا أنّها تحمل أيضاً إمكانية وقابلية استرجاع تلك الصورة الناصعة قبل الخطيئة، «وهكذا بقيت الصورة المشوّهة تنتظر الفداء لتعود أفضل ممّا كانت»![20]، وفي هذا الشأن يصرّح بولس: «ولكنّ الكلّ من الله، الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح، وأعطانا خدمة المصالحة، أي: إنّ الله كان في المسيح مُصالحاً العالم لنفسه، غير حاسبٍ لهم خطاياهم، وواضعاً فينا كلمة المصالحة»[21]؛ «لأنّه هكذا أحبَّ الله العالَم، حتّى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كلّ مَن يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية»![22].

وهكذا توثقّت العلاقة من جديد بالمسيح الإنسان؛ ومنه دخلت المسيحية في صميم العمل الخلاصي، معلنةً عن جوهر عقيدة الفداء[23].

وخلاصة القول عندهم: أنّ عدالة الله تقتضي معاقبة المذنبين، إلّا أنّ رحمته تعالى توجب العفو والصفح عنهم، وهذا العفو لا يكون عدلاً إلّا بدفع الكفّارة عن الذنب، وهذه الكفّارة لا يمكن تحقّقها إلّا من خلال فداء المسيح. وعليه، يمكننا تعريف الفداء في علم اللاهوت المسيحي بأنّه: جعل المسيح كفّارة لخطايا البشر، ويوضّحه قول يوحنا في رسالته الأُولى: «وهو كفّارةٌ لخطايانا، ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كلّ العالَم أيضاً»[24].

وبشكل عام فإنّ هذا التصوير لعملية الفداء قد ساهم بشكل قاطع بإعطاء الإيمان المسيحي شكله المعروف؛ وعلى هذا الأساس يُعدّ الفداء والصليب محور التعاليم النصرانية وأساسها، ومن دونهما لا يمكننا تصوّر بناء متماسك لتلك التعاليم.

ثمّ إنّ هذا التصوير قد أحدث تطوّراً في العالم الغربي فيما يتّصل بحقيقة الخلاص وكيفية فهمه وبيان حدوده، ربما كان منشؤه هي العقلية الفلسفية التي عاشها الغرب لمدّة من الزمن؛ لأنّ التفكير والاتجاه العقلي أربك الكثير من التفاسير النصّية لعقيدة الفداء، وأحدث تطوراً نوعياً في فهم وإدراك هذه العقيدة الدينية، والسعي بعد
ذلك إلى استنطاق النصوص الدينية، وتسييرها بما يتلائم مع تلك التوجّهات، حتّى برز الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى تفسير عقلي ومنطقي، من قبيل: «هل الخلاص بالإيمان وحده، أم بالإيمان والعمل؟ إذا كان الخلاص قد أُكمل بالصليب فما هو معنى القيامة؟... نستطيع أن نجد عشرات من أمثال هذه الأسئلة، وإذا ما قلبنا كتب الآباء فلن نجد أنّهم قد تعرّضوا لإجابتها»[25]. نعم، في مقابل هذا الاتجاه العقلي هناك اتجاه نصّي بقي وفيّاً للنصوص المدرسية التقليدية التي ورثها من تعاليم الآباء المتقدّمين.

ومن ذلك تظهر عوامل ذلك التحوّل القائم في العقلية المسيحية تجاه علم اللاهوت، ذلك التحوّل الذي تمثّل بوجود مشكلة عجز عن حلّها هذا العلم الذي تكلّم بالنيابة عن الله تعالى والمسيح(عليه السلام)!

مفهوم الفداء في القرآن الكريم

قد ورد مصطلح الفداء في القرآن الكريم بصيغته الاسمية والفعلية في آيات متعدّدة، وباشتقاقات متنوّعة، من قبيل: (افْتَدَى، يَفْتَدُوا، افْتَدَوْا، افْتَدَتْ، يَفْتَدِي، تُفَادُوْهُم، فَدَيْنَاه، فِدْيَة، فِدَاء)، إلّا أنّ الحديث فيها على عمومه لا يتطابق مع معنى الفداء بصيغته المسيحية إطلاقاً، بل تندرج هذه الاشتقاقات تحت معنى عام وهو: البدل الذي يُجعل مقابل الانفكاك عن قيد أو مكروه، ومن مصاديقه:

1ـ عوض الأسر، ويكون بالمال أو العين، وتدلّ عليه الآيات الواردة في سياق الحديث عن الحرب والأسر، من قبيل قوله تعالى: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء)[26]، والمراد بشدّ الوثاق هو الأسر، وللمسلمين الخيار بعد تحقّقه طبقاً للمصلحة التي يراها ولي الأمر، إمّا المنّ عليهم بإطلاق سراحهم، وإمّا الفدية بدفع المال أو بإطلاق سراح أسرى من المسلمين عند الكفّار[27].

وقد ورد هذا المعنى أيضاً في قوله تعالى: (ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)[28]، والآية هنا في مقام تقريع بني إسرائيل على أفعالهم المتناقضة؛ إذ إنّهم يُخرجون بعض أبناء جلدتهم من ديارهم، وهو محرّم عليهم، ثمّ إذا ما وقعوا في الأسر يفادونهم، أي: يردّون أسرى العدى، ويسترجعون منهم مَن في أيديهم.

2ـ الكفّارة (بالاصطلاح الفقهي)، من قبيل: كفّارة الصوم، كما في قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) [29]، وكفارة الحلق في الحجّ للمضطر، كما في قوله تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)[30].

3ـ بدل الخلع، يقول تعالى: (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ)[31]، ومعنى الآية: أنّ لا جناح على الزوجين فيما بذلت المرأة من المال في قبال الخلع[32]، وهذا النوع من الفداء داخل أيضاً في حقل الدراسات الفقهية.

4ـ عوض عن ذبح إسماعيل(عليه السلام)، قال تعالى: (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) [33]، وقد ورد في بعض الأخبار أنّ الفداء في هذه الآية هو دم الحسين(عليه السلام)[34]، وقد ذُكر في تأويله أنّ الحسين(عليه السلام) في عالم أصلاب آبائه الطاهرين قد قبل الشهادة، وكونه فداء لجدّه إسماعيل(عليه السلام)؛ لبقاء نور جدّه محمد المصطفى(صلى الله عليه واله)، وأبيه علي المرتضى(عليه السلام)، وأُمّه فاطمة الزهراء(عليها السلام)، وأخيه الحسن المجتبى(عليه السلام)، وأولاده الطاهرين(عليهم السلام)؛ فعلى هذا كلّما بلغنا من الله(جل وعلى) من النعم الظاهرية والفيوضات الإلهية والبركات المعنوية هو من الحسين(عليه السلام)؛ لأنّه(عليه السلام) هو العلّة الغائية لبقاء الدين من جهة حفظ صاحبه في عالم الأصلاب تارةً، وقبوله في حياته تلك المصائب العظام تارة أُخرى[35].

وعلى فرض ثبوت هذا المعنى، فلا يُتوهّم أنّ هذا التفسير من قبيل القول بنظرية الفداء محلّ البحث، فإنّ هذه التفدية التي جاءت على لسان الخبر تتعلّق بوجود شخص إسماعيل(عليه السلام) وبقائه، وليس متعلّقها الخطيئة حتّى يكون هذا الفداء كفّارة عن تلك الخطيئة.

5ـ البدل عن العقاب الأُخروي: فقد وردت آيات متعدّدة تنفي تحقّق الفداء في سياق الحديث عن يوم الحساب، كقول تعالى: (فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)[36].

المطلب الثاني: الجذور الميثولوجية لنظرية الفداء

لكلّ ظاهرة فكرية سياق تاريخي تولّده عناصر متعدّدة، ومؤثرات متنوّعة، تدخل جميعها في إيجاد تلك الظاهرة، وتكوينها، وتطويرها، والحديث عن نظرية الفداء يأخذنا إلى البحث عن سياقها التاريخي الذي نشأت فيه، وتبلورت من خلاله، حتّى أخذت صورتها النهائية في علم اللاهوت المسيحي.

ولعلّ التصوّر القائم عن عقيدة الفداء ـ أو الكفّارة ـ أنّها عقيدة منبعثة من رحم النصوص الدينية المسيحية، غير أنّ تتبّع النصوص المعنيّة بتاريخ الأديان يرشدنا إلى أنّ الفداء كانت له جذور تمتدّ في أعماق الوثنية والعادات اليونانية والإغريقية، وغيرها من الأقوام السابقة، وأنّ السياق التاريخي لعقيدة الفداء قد حمل مؤثّرات ميثولوجية وأُسطورية مهّدت الأرضية لبلورة هذه العقيدة على أنّها عقيدة مسيحية إنجيلية.

ولقد نُقل أنّ أوّل مَن درس هذه الجذور في العالَم الغربي هو الكاتب والمؤرّخ الفرنسي (إرنست رينان)، وقد واجهت أعماله حينها معارضة شديدة، فقد كان علم تاريخ الأديان في بداية نشوئه[37]، وقد ذكر بعض الباحثين أنّ علماء الغرب قد توصّلوا ـ بعد التنقيب والفحص والموازنة ـ إلى أنّ العقائد من قبيل التجسّد والفداء وغيرهما، قد بُنيت على أُسس وثنية قديمة[38]، وقد بيّن بعض علماء التاريخ والآثار في أُوروبا أنّ عقيدة الفداء هي عقيدة وثنية محضة، سرت إلى النصوص المسيحية عن طريق الوثنيين أنفسهم، وقد نقل بعض المفسّرين كلاماً عن (دوان) يصوّر فيه أنّ الخلاص بواسطة تقديم أحد الآلهة ذبيحة فداء عن الخطيئة قديم العهد جدّاً، يعود إلى الهنود الوثنيين وغيرهم[39]، وقد سرد صوراً من تلك الأساطير العجيبة![40]، وقد نُقل أيضاً أنّ ديانة (متراس) الأُسطورية قد توغّلت في عقيدة الخلاص، وهي ديانة فارسية الأصل، وقد نزحت إلى روما، وانتشرت في بلاد الرومان، ومن جملة أُصولها أنّ (مثرا) كان وسيطاً بين الله والبشر، وأنّه مات ليخلّص البشر من خطاياهم[41].

وفي هذا المضمار يقول (ولسون): «وقد يكون أيضاً أنّ قناعات بولس هذه تعزّزت بسبب الممارسات السائدة في العالم الروماني الإغريقي في عصره، فهو قد نشأ وعاش في عالم يعجّ بالآلهة الإغريقية من الطراز الذي يصادفه المرء في ملحمة هومر... فلا بدّ أنّ بولس في طرسوس كان يشاهد سنوياً ـ ومنذ نعومة أظفاره ـ الجموع الهستيرية التوّاقة لغسيل خطاياها، وهي تهتف لمخلّصها نصف الإله هراكليس، حاملة تمثاله الضخم عبر شوارع المدينة، وأنّ بولس بعدما نشأ وترعرع في هذا الوسط الوثني اكتسب من القناعة والأمل أنّه يمكن للبشر بكلّ ما فيهم من آثام أن يغسلوا خطاياهم بدم مخلّص ما، تماماً كما اعتقد الوثنيون في طرسوس»[42]. ويقول (ول ديورانت): «ولعلّه تذكّر السنّة اليهودية والوثنية، سنّة التضحية الفدائية للتكفير عن خطايا الناس»[43].

ومنه يظهر أنّ الأجواء الفكرية في ذلك العصر كانت مؤاتية للحركة التبشيرية نحو الفداء، وأنّ الفكرة مستساغة ومعقولة جدّاً في أذهان سكّان تلك البلاد، «وهكذا نجح بولس في تحويل أساطير الإغريق إلى نظريات لاهوتية»[44].

وممّا يدلّ على إعجاز القرآن الكريم إيحاؤه إلى تلك الجذور الوثنية التي استندت إليها ظاهرة الفداء؛ وهي حقيقة كشف عنها النصّ القرآني قبل أكثر
من ألف وأربعمائة سنة، وذلك في سياق الحديث عن عقيدة اليهود والنصارى في
عزير والمسيح، فيقول تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ الله وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ الله ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ ...)[45]، والمضاهاة: مشاكلة الشيء الشيء[46]، فقوله تعالى: (يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ...) يُنبئ عن أنّ قولهم هذا يشاكل قول الذين سبقوهم من الأُمم الكافرة، وهم الوثنيون[47].

ثمّ إنّ هذه المشاكلة ـ في الحقيقة ـ هي مشاكلة من حيث الصورة والهيئة؛ إذ يشترك هؤلاء مع الذين سبقوهم من الوثنيين بجعل وصف رفيع للفادي، ليتحقّق مفهوم التناسب بين منصبه وبين عظم جرائم المفدّى، الأمر الذي كشف بطلانه القرآن الكريم صريحاً، كما في قوله تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ الله وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ)[48].

وعلى هذا الأساس؛ فإنّ عقيدة الفداء لا يتأتّى فهمها ـ كلّ الفهم ـ ما لم نعرف جذورها الوثنية، فقد أخذت الوثنية قسطاً وافراً منها، وعلينا أن نقبل بواقع هذا التأثير، ومنه يصحّ القول: بأنّ هذه التعاليم قد وضعت المؤمنين بها على طريق الميثولوجيات القديمة.

المطلب الثالث: حيّز النظرية في فضاء الفكر الشيعي

قد عرفنا ممّا سبق كيف تبلورت هذه النظرية في التعاليم المسيحية لتصبح من أهمّ الأُصول التي قامت عليها منذ زمن بولس وحتّى يومنا هذا، وعندما نتكلّم عن نظرية بهذا المستوى من التصوير الممزوج بنكهة أُسطورية، يقع السؤال الآتي: يا ترى ما هي حقيقة القول: بأنّ عقيدة الفداء قد سرى مفعولها إلى الفكر الشيعي مع فارق يسير يتجلّى في كون الفادي لدى الشيعة هو الحسين(عليه السلام)؟ وعلى فرض صحّة هذه الدعوى فما هي المساحة التي تشغلها هذه النظرية في فضاء الفكر الشيعي؟ وبعبارة أُخرى: هل يوجد حقيقة من الشيعة مَن يؤمن بأنّ دم الحسين(عليه السلام) وشهادته تُعدّ كفّارة لذنوب شيعته؟

في صدد الإجابة عن هذه التساؤلات نقول: إنّ الفكر الشيعي يتمثّل بمجموعة من العناصر المستوحاة من النصوص الدينية المعتبرة، والأحكام العقلية القطعية، وما اجتمعت عليه الطائفة أو اشتُهر بينهم، وما خرج عن هذا الإطار وخالف ذلك المنهج العام فهو لا يعدو كونه رأياً خاصّاً قابلاً للبحث والنقاش حتّى يأخذ مكانه بين تلك العناصر الأصيلة، أو يبقى رأياً غريباً لا يصحّ جعله عنصراً من عناصر مجموعة القضايا الدينية لدى الشيعة الإمامية.

ومن خلال مطالعة بعض النصوص المتعلّقة بالنهضة الحسينية، وكتب المقاتل المتأخّرة، يمكن أن نلمس للقراءة الميثولوجية لعاشوراء حضوراً في الساحة الفكرية بعد القرن الحادي عشر الهجري، وهي رؤية لا تكاد تشغل حيّزاً معتدّاً به في فضاء الفكر المدرسي الشيعي، وقد برزت في بعض كلمات مجموعة محدّدة من العلماء كان أبرزهم الشيخ النراقي في كتابه (محرق القلوب)[49].

وتوثيقاً لهذه الدعوى نقرأ ما صرّح به السيّد أحمد المستنبط (1325ـ1400هـ) في نهاية الباب الخامس من كتابه (القطرة) ما نصّه: «وقد ورد أنّ شهادته(عليه السلام) كانت عوضاً عن ذنوب شيعته، ووقاية لهم من النار»[50]؛ الأمر الذي يؤكّد أنّ هذه العقيدة قد أمست واحدة من النظريات التي طُرحت في الأوساط الفكرية على بساط البحث عند الحديث عن فلسفة النهضة الحسينية وأهدافها.

وتماشياً مع الأمانة العلمية نحاول أن ندرج بإيجاز بعض كلمات العلماء التي تدلّ أو توحي إلى القول بهذه النظرية:

1ـ الشيخ مهدي النراقي (1128-1209هـ)

ذكر الشيخ النراقي في مقدّمة كتابه (محرق القلوب)[51] كلاماً يوحي إلى اعتقاده بنظرية الفداء، فقد ذكر ما ترجمته[52]: «بما أنّ الإمام الحسين(عليه السلام) كان طالباً لأعلى مراتب السعادة، وطالباً للمجاهدة والرياضة في سبيل الله، فله القابلية أن يرفع الترسّبات وآثار السيئات عن جميع النفوس المتّحدة معه، أي: نفوس شيعته ومحبّيه، وأن يكون ذلك سبباً للوصول إلى الشفاعة الكبرى التي تقتضي استخلاص جميع المحبّين والموالين. وبما أنّ أعظم المجاهدات وأصعب الرياضات تؤدّي إلى أعظم الدرجات، ومقتضى ذلك هو الموت في سبيل الله من أجل إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل (وهو الشهادة بعينها)؛ لذا رضي بالشهادة لتكون له هذه المرتبة، ومن دون الشهادة لا يتأتّى له الوصول إلى تلك المرتبة؛ لأنّ رفع كدورات معاصي الأُمّة وشفاعته موقوف على حزنه وتألّمه»[53].

ثمّ أكّد في ختام مقدّمة كتابه على مسألة التناسب الطردي بين الألم والخلاص الذي قامت عليه نظريته في الغفران، فقال ما ترجمته: «حتّى يعلم المحبّون وشيعة أهل البيت أنّه كلّما كان تألّمهم وحزنهم على مصيبة أهل بيت رسول الله(عليهم السلام) أكثر، وكان بكاؤهم والنياحة على محنتهم أكثر، كان اتحادهم مع سيّد الشهداء أوثق، ووصولهم إلى الشفاعة العظمى أقرب»[54].

ولتأكيد البعد الغفراني في فلسفة النهضة الحسينية ذكر الشيخ النراقي قبل ذلك في مقدّمة كتابه حديثاً ذكر أنّه قد رُوي بسند معتبر عن الإمام الصادق(عليه السلام)، حاصله: أنّ الله تعالى عوّض الحسين(عليه السلام) من قتله بأربع خصال: كون الإمامة في ذرّيته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء تحت قبّته، وعدم احتساب أيّام زيارته من أعمار زوّاره[55]، وقد ذكر الشيخ النراقي في تفسير الفقرة الأخيرة من الحديث ما ترجمته: «أي: إنّ حفظة الأعمال في تلك الأيام لا يكتبون معاصي أُولئك الزوّار»[56].

والذي يساعد عليه ظاهر اللفظ أنّ عمر زائر الحسين(عليه السلام) يزيده الله سبحانه بقدر أيام زيارته، ولا قرينة تدلّ على إرادة المعنى الذي ذكره النراقي، بل إنّ الدليل العقلي والشرعي قائم على خلافه، وقد ذكر الحرّ العاملي أنّ هذا المعنى ـ عدم احتساب المعاصي ـ محمول على المجاز، والحقيقة هي المقدّمة مع الإمكان، وذكر تفصيلاً عن معنى الزيادة في العمر لا يسع المقام لذكره[57].

2ـ الملا عبد الرحيم الإصفهاني (كان حياً سنة 1286هـ)

وقد نُسب له اعتقاده بهذه النظرية أيضاً، فقد ذكر عند شرحه لهذه العبارة من زيارة الأربعين: «أشهد أنّك من دعائم الدين، وأركان المسلمين، ومَعقِل المؤمنين»[58] أنّ الإمام الحسين(عليه السلام) هو عاقلة المؤمنين، وفسّر كلمة (معقل) بالعاقلة التي تعني في الاصطلاح الفقهي: أهل القاتل الذين يتحمّلون الدية عنه في مورد القتل غير المتعمّد[59]، والنتيجة التي توصّل إليها الملا الإصفهاني هي أنّ الإمام الحسين(عليه السلام) قد رضي في عالم الذرّ بالشهادة هو وأبناؤه، وأَسْر أهله وعياله؛ من أجل أن يُغفر لشيعته ومحبّيه، فكأنّه(عليه السلام) حمل على عاتقه أخطاء جميع المخطئين من المؤمنين والمحبّين[60].

3ـ الميرزا محمد باقر شريف الطباطبائي (1239-1319 هـ)

وقد نُقل عنه في كتابه (أسرار شهادة آل الله) ما مضمونه: من المعلوم أنّ الإمام(عليه السلام)
مستجاب الدعوة، فلو أراد(عليه السلام) أن يلعن أعداءه كي ينزل العذاب عليهم قبل أن يصلوا إليه ـ كقوم عاد وثمود ـ لدعا الله بذلك، حتّى يُهلكهم عن بكرة أبيهم، إلّا أنّه أراد أن يُقتل لكي يجزع عليه المؤمنون من الأوّلين والآخرين، ويبكوه وينحبوا عليه.. حتّى يكون بكاؤهم وحزنهم كفّارة لذنوبهم، وهذا البكاء والحزن لا يتأتّى من دون شهادة إنسانٍ كالإمام الحسين(عليه السلام). وعليه؛ فإنّ شهادة ذلك الإنسان العظيم تُعدّ كفّارة لجميع المذنبين[61].

4 ـ الشيخ حبيب اللّه الكاشاني (1262 ـ 1340هـ)

ذكر الملا الكاشاني في المجلس الأوّل من كتابه (تذكرة الشهداء) مشهداً صوّر من خلاله كيفيةَ أخذِ ميثاق الفداء من الإمام الحسين(عليه السلام) في عالم الذرّ، وأنّ الإمام الحسين(عليه السلام) هو وحده تقبّل أن يتحمّل كلّ مقدّمات الفداء من أجل تحقّق الغفران، فيما توقّفت عن تقبّل ذلك جميعُ الخلائق، بعد أن نادى بهم منادي الحقّ ثلاث مرّات، «فلم يُجب أحدٌ إلّا صاحب القبا المطرّز بالدما، في صحرا كربلا، الإمام أبي عبد الله(عليه السلام)، فقال: يا إلهي، أنا أحمل هذا العبء، وأُنجز هذا العمل، أي: إنّي أُقدِّم في سبيلك الروح والمال والعيال والأولاد، وأتحمّل كلّ المحن والبلاء، وأفتدي هؤلاء المذنبين، فلا يدخلوا جهنّم... فأخذ ربّ الأرباب ميثاقاً منه، وكتب الميثاق في صحيفة... ثمّ نادى منادي الحقّ: يا معاشر الخلق... هذا الحسين بن علي اشتراكم منّي بنفسه وماله وولده وعياله، فأحبّوه وأعزّوه»[62].

ثمّ ختم مجلسه الأوّل بكلام جاء فيه: «وبالجملة، إنّ واقعة صحراء كربلاء كانت تفصيلاً لما خطّه قلم القدرة الإلهية في صحيفة الميثاق الربانية في عالم الذرّ، وختمها جميع الأنبياء والأولياء، وجعل الله جميع أُولئك شهوداً على أنّ أوّل قطرة من دم نحر الحسين إذا أُريقت على الأرض غفر الله بها ذنوب شيعته»[63].

هذه أقوال العلماء الذين تدلّ كلماتهم على كون عاشوراء مشروعاً من أجل التكفير والغفران، فالنهضة الحسينية ـ حسبما تقدّم ـ هي عبارة عن عملية فدائية تأطّرت بحدود معيّنة تفرض على الفادي نمطاً خاصّاً من الفعل يتناسب طرديّاً مع ثقل خطايا البشر الذين يربطهم مع الفادي نوع اتّحاد، وذلك من خلال تفاعلهم مع آلامه ومقتله، فكما أنّ الإمام الحسين(عليه السلام) كان هادفاً إلى الوصول إلى مرتبة عليا تمكّنه من أن يستخلص شيعته ومواليه من آثار المعاصي والسيئات، ولا يتأتّى له ذلك إلّا بآلامه ومقتله، كذلك كان لزاماً على شيعته أن يقابلوا ذلك الألم بالألم؛ ليتحقّق جانب الاتحاد بشكل أوثق، ويكون طريقهم للنجاة هو الأقرب.

نظرية الفداء والمخيال الشعبي

إنّ المخيال الشعبي لدى الشيعة عن نهضة عاشوراء لا ينفك عمّا رسمه الفكر الشيعي من كون عاشوراء مشروعاً لأجل الإصلاح، وهو ما ينبغي أن يكون كذلك. نعم، ربّما نسمع بعض الخطابات التي تصدر من منابع مؤثّرة نوعاً ما ـ بحكم ما تملكه من تمظهرٍ علمي ـ تصوّر للمتلقّي أنّ عاشوراء هي مشروع من أجل الغفران.

وجرّاء ذلك تأثّرت بعض الشرائح الاجتماعية بذلك تأثّراً بالغاً، ومن جملتهم بعض الشعراء، ممّا انعكس على نشاطهم الأدبي، إذ شاركوا في تسويق هذه الفكرة على نطاق المجتمع الحسيني من حيث لا يشعرون؛ الأمر الذي حدا ببعض المستشرقين ومَن تأثّر بهم من الكتّاب المسلمين إلى إسقاط هذه النظرية على الفكر الشيعي، وتمريرها على أنّها عقيدة أساسية عند الشيعة، تتجلّى معالمها بشكل أوضح من خلال طقوسهم الدينية وشعائرهم الحسينية، ومن ذلك ما قاله المستشرق الألماني المعاصر (هاينس هالم): «في شعائر جلد الذات يرتبط التكفير عن الذنب والاستعداد لتحمّل الألم ارتباطاً وثيقاً من بعضهما البعض، وهما يشكّلان النواة الحقيقية للتديّن الشيعي، فالشيعي الخاطئ يستحقّ الموت، والموت وحده قادر على تحريره من خطيئته»[64].

ويؤكّد أحد الكتّاب المعاصرين هذه الفكرة عند بيانه لهدف التعزية، ولكنّه يتوسّع كثيراً في حدود الغفران، ليقول: «فالهدف منها ـ إذاً ـ هو إقامة احتفالية مأسوية؛ لاستعادة ذكرى الحسين في كربلاء وآله معه، وكذلك كلّ ما لحقه من أئمّة، وذلك للتأكيد على قيمة الحسين وآله في الوجدان الاجتماعي، فالحسين يتعدّى كونه قتيل كربلاء، حفيد النبي، إلى كونه متحمّلاً ذنب البشر، فهو بمقتله أو بموافقته على قتله تحمّل ذنب العالم أجمع»[65].

وتعقيباً على هذا، فإنّ فكرة الفداء ـ كما ذكرنا سابقاً ـ لا تعدو كونها فكرة محدودة جدّاً على نطاق الفكر الشيعي المدرسي، ويقابلها نظريات معروفة ومشهورة تطرّقت إليها بعض الدراسات الخاصّة بفلسفة النهضة، وقد برزت في كلمات كبار علماء الشيعة ومفكّريهم.

ومنه يتوجّه النقد العلمي إلى هؤلاء المستشرقين ومَن حذا حذوهم بأنّ عباراتهم لا تعدو كونها إسقاطات فكرية لقراءات انتقائية، أرادوا من خلالها صياغة عقيدة الفداء وبلورتها على أنّها عقيدة أساسية في الفكر الشيعي، الأمر الذي يخالف الموضوعية والأمانة العلمية التي ينبغي للباحث التحلّي بها، فإنّ الإنصاف العلمي يقتضي عند دراسة أيّ ظاهرة دينية أن تؤخذ بنظر الاعتبار ظواهر دينية دخلانية أُخرى، لها مساس مباشر أو غير مباشرة بالظاهرة محلّ البحث، فالدين عبارة عن منظومة متكاملة من المعارف الإلهية الوحيانية، ولا يصحّ على الإطلاق أن نفسّر ظاهرة معيَّنة بمعزل عن ظواهر أُخرى ذات صلة، خصوصاً إذا كان البحث يتّصل بأُمّهات المسائل الدينية وأُصولها، الأمر الذي يمثّل حالةً من التوازن المعرفي في منظومة الأحكام الدينية، التي لا يمكن الاستغناء عنها في فهم النصوص الدينية.

والذي ينبغي التنبيه عليه أنّ رجحان الحزن والبكاء والتألّم على سيّد الشهداء(عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه، ممّا لا شكّ في ثبوته على لسان النصوص الروائية، فإنّ إقامة الشعائر الحسينية الثابتة شرعاً ـ ومن جملتها الحزن والبكاء والزيارة وغيرها ـ هي جزء من منظومة القضايا الدينية، ولا يمكن أن تنفكّ عنها في فضاء الفكر المدرسي الشيعي، إلّا أنّ ذلك لا يبرّر القول بنظرية الفداء ومقولة الألم الخلاصي في الإسلام، وذلك بلحاظ كون هذه الشعائر لا تقتصر حقيقتها والحكمة من تشريعها على مجرّد الألم بما هو كذلك، وإنّما تتعدّى حدود ذلك لتعبّر عن حركة مستمرة ونهضة دائمة يقودها مجتمع الحسين(عليه السلام) للتعبير عن تمسّكه بأدبيات النهضة الرافضة لكلّ مظاهر الظلم والفساد والانحراف.

وعليه؛ فإنّ ما ذُكر من أحاديث عن أهل البيت(عليهم السلام) تؤكّد على مرغوبية البكاء والحزن على سيّد الشهداء(عليه السلام) لا ينسف ما جاءنا عنهم من الأحكام الشرعية والمعايير الأخلاقية والأُسس العقدية، التي لا بدّ أن يلتزم بها المكلّف لينال بذلك سعادة الدنيا والآخرة، فالبكاء والحزن وإقامة الشعائر كلّها داخلة ضمن منظومة دينية متماسكة، لا ينفي بعضها البعض الآخر في طريق تكامل الإنسان وسموّه وخلاصه الأبدي.

ومن هذا المنطلق، يمكننا القول: إنّ هذه النظرية قد وقع الخلط فيها بين أهداف النهضة وبين آثارها، كما أنّ حوادث النهضة ووقائعها وكلمات قائدها(عليه السلام) ترشدنا إلى أنّ النهضة لم تخرج عن سياق الدعوة إلى الإصلاح، وتقويم الانحراف، وإحقاق الحقّ، وإبطال الباطل، وإقامة العدل، ومقارعة الظلم، وغيرها من المبادئ الدينية والإنسانية، كلّ ذلك بعيداً عن فضاء الميثولوجيات الغريبة التي تنزّهت منها مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)، فها هو الحسين(عليه السلام) ينطق بكلمات وصف من خلالها الواقع المرير الذي كان يعيشه مجتمع الدولة أبّان حركته المباركة قائلاً: «وإنّ الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت، وأدبر معروفها، واستمرّت جداً، فلم يبقَ منها إلّا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، أَلا ترون أنّ الحقّ لا يُعمل به، وأنّ الباطل لا يُتناهى عنه»[66].

وبعبارة أُخرى: من المؤكّد أنّ هناك مراسم حسينية قد نشأت في حاضنة النصوص الدينية، إلّا أنّ تفسيرها وبيان فلسفتها قد اعتمد ـ أحياناً ـ على أساس أُسطوري ميثولوجي أبعدها عن حقيقتها الدينية، يختلف ذلك التفسير تمام الاختلاف عن الصورة التي رسم معالمها النصّ الديني والتاريخي؛ الأمر الذي أدخل بدوره عناصر غريبة في دائرة (المقدّس) لا تضفي على النهضة وشعائرها رونقاً وبهاء ملحوظاً؛ وبذلك ينبغي العمل على إخراجها وتفكيكها بآليات فكرية ومعرفية، ليبقى ذلك المقدّس مشعّاً بنوره على مدى الأزمنة والعصور، وما هو دخيل في ذلك يحجب ذلك السطوع، ويكدّر صفوته، ويكون عائقاً أحياناً عن ظهوره بشكله الواقعي.

وبعد كلّ هذا العرض الذي حاولنا من خلاله بيان هذه النظرية في فضاءات متعدّدة، نتحوّل إلى البحث النقدي الذي سنقتصر فيه على الأدوات القرآنية، وسيكون نصيب هذا القسم بيان القاعدة القرآنية الأساسية في الخلاص، رجاء أن نكمل البحث في القسم اللاحق إن شاء الله تعالى.

المطلب الرابع: القاعدة القرآنية الأساسية في الخلاص

إنّ الكلام عن القاعدة الأساسية للخلاص في القرآن الكريم يدفعنا إلى الحديث عن موضوعين أساسيين:

أوّلاً: الخلاص حاصل الفعل الإنساني

قد نظّر القرآن الكريم بشكل جليّ لا يحتمل معه الشك والترديد لإثبات النظرية الإسلامية في الخلاص، فقد زخرت آياته الكريمة بمفاهيم من قبيل: النجاة، الفوز، الفلاح، التكفير والغفران، وإذا أمعنّا النظر في الآيات القرآنية الكريمة نصل إلى نتيجة مفادها أنّ الخلاص الأُخروي هو حاصل الفعل الإنساني، ولا وجود لما يُسمّى بعقيدة الفداء أو الكفّارة، ومنه تتجلّى القاعدة القرآنية الأساسية ـ فيما
يتّصل بالخلاص ـ في أنّ النفس الإنسانية رهينة العمل والكسب، يقول تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)[67]، (كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ)[68]، (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) [69]، (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) [70].

وما يعمّق هذه القاعدة الأساسية النفيُّ الوارد في كثير من الآيات القرآنية لجميع الوسائط والأسباب التي تعارف عليها الناس في قضاء حوائجهم، ودفع الضرر عنهم في الحياة الدنيا، ومنها: الفدية، والقرابة، والمصادقة، وغيرها، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ)[71]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ) [72]، (يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ) [73]، (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ) [74].

وقد جاء في تفسير علي بن إبراهيم القمّي: «قال الصادق(عليه السلام): لا يتقدّم يوم القيامة أحد إلّا بالأعمال؛ والدليل على ذلك قول رسول الله(صلى الله عليه واله): يا أيّها الناس، إنّ العربية ليست بأب وجد، وإنّما هو لسان ناطق، فمن تكلّم به فهو عربي، أَلا إنّكم ولْد آدم، وآدم من تراب، والله، لعبد حبشي حين أطاع الله خيرٌ من سيّد قرشي عصى الله، وإنّ أكرمكم عند الله أتقاكم؛ والدليل على ذلك قوله(جل وعلى): (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ * فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) ، يعني: بالأعمال الحسنة، (فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ)، قال: من الأعمال الحسنة، (فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ)»[75].

وحاصل ذلك أنّ الإنسان يجيء وحده يوم القيامة وهو أعزل من كلّ شيء إلّا العمل الصالح، ولا فاعلية تُذكر لأيّ سبب من الأسباب إلّا ما خرج بدليل قطعي، كما في مورد الشفاعة، فإنّ ظاهر نفي الشفاعة مطلقاً في طائفة من الآيات لا ينافي ثبوتها في الجملة بالنسبة إلى المؤمنين؛ إذ يقول تعالى: (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى)[76].

كما أنّ التحقيق يرشدنا إلى وقوع الاختلاف بين الفداء والشفاعة على مستوى المفهوم، وما يؤيّد ذلك الاختلاف عطف أحد المفهومين على الآخر في آيات متعدّدة، كما في قوله تعالى: (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ)[77]، وقد فُسّر العدل بالفدية، أي: من قبل أن يأتي يوم لا فداء تفدون به نفوسكم من عذاب الله[78]، والشفاعة هي الواسطة في المؤاخذة على ما سيأتيتقريره في القسم الثاني من هذه الدراسة.

وعند مطالعتنا لبعض الأسفار نرى أنّ هناك موقفاً يوازي بكلّ وضوح ما نُظِّر إليه من كون الخلاص لا يأتي إلّا من الفداء، وهذا الموقف يتجلّى في كون التبرير لا يكون إلّا بالعمل، وهذا ما يدفعنا كذلك إلى وضع علامة استفهام على القول: بأنّ الفداء أصل إنجيلي بامتياز! فقد ورد في رسالة يعقوب قوله: «ما المنفعة يا إخوتي إن قال أحد: إنّ له إيماناً، ولكن ليس له أعمال، هل يقدِر الإيمان أن يُخلِّصه؟... ولكن هل تريد أن تعلم أيّها الإنسان الباطل أنّ الإيمان بدون أعمال ميّت؟! أَلم يتبرّر إبراهيم أبونا بالأعمال...؟! وبالأعمال أُكمل الإيمان... ترَون إذاً أنّه بالأعمال يتبرّر الإنسان لا بالإيمان وحده... لأنّه كما أنّ الجسد بدون روح ميّت، هكذا الإيمان أيضاً بدون أعمال ميّت»[79].

وممّا تقدّم يتجلّى لنا أنّ العقاب والثواب في الرؤية القرآنية يدور مدار الفعل الإنساني، وذلك بلحاظ كون حقيقة النفس الإنسانية قائمة على قوى متعدّدة: عقلية، وشهوية، وغضبية، والبعد العملي في حياة الإنسان يمثّل في حدّ ذاته نتيجة تلك القوى وانفعالاتها، فإذا كانت القوّة العاقلة «هي مبدأ الفكر والتمييز والشوق إلى النظر في الحقائق والتأمّل في الدقائق»[80]، والقوّة الغضبية «هي مبدأ الغضب والجرأة لدفع المضار والإقدام على الأهوال»[81]، والقوّة الشهوية «هي مبدأ طلب الشهوة واللذات من المآكل والمشارب والمناكح، وسائر الملاذ البدنية، والشهوات الحسّية»[82]، فكلّ ذلك يعدّ منطلقاً لتشكيل معتقدات الفرد وأفعاله وسلوكياته وتكوين شخصيّته في إطار أيديولوجي وثقافي معيّن.

ومن هنا جاءت التعاليم الدينية بشكل عام قائمة على هدف أساسي، وهو تنظيم حياة الإنسان، وتعديل قوى النفس، وتقويم أفعالها؛ كي لا يغلب بعضها على بعض، فيقهره أو يبطله جرّاء تلك الغلبة، يقول تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) [83]. فمن خلال العدل والقسط يأخذ المجتمع طريقه نحو الكمال والفضيلة، فالفضيلة البشرية هي تعديل قوى النفس الإنسانية، والسيطرة عليها، وتسييرها بين طرفي الإفراط والتفريط.

ثانياً: نفي مقولة )تحمّل الذنب بالنيابة)

يتجلّى العدل والحكمة الإلهية في النصّ القرآني بنفي تحميل الذنب على شخص بالنيابة عن الآخر، كما في قوله تعالى: (وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[84]، وقوله تعالى: (مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[85]، أي: لا تحمل آثمة إثم أُخرى، وقوله تعالى: (وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى)[86]، أي: وإن تدع مثقلة بالآثام غيرها لتحمل عنها بعض الإثم لا يُحمل عنها شيئاً من آثامها، وإن كان أقرب الناس إليها، ولو تحمّلته لم يُقبل تحمّلها؛ لما فيه من مجانبة العدل، ومنافاته له[87].

ثمّ إنّ تأكيد القرآن الكريم هذه القاعدة ينبئ بوجود عقيدة ما قد توغّلت بشكل ملحوظ في عقول بعض الأقوام، أو أوشكت أن تكون كذلك، توحي إلى الاعتقاد الساذج بأنّ الخطيئة يمكن تحميلها أو تحمّلها، وقد نُقل أنّ الكفّار قالوا للنبي(صلى الله عليه واله): اتبعنا، وعلينا وزرك إن كان خطأ، فأنزل الله الآية (قُلْ أَغَيْرَ الله أَبْغِى رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا..) [88]، وقد تأصّلت هذه العقيدة بشكل مدرسي عند المجبّرة في اعتقادهم أنّ الأبناء يؤخذون بذنوب آبائهم![89]، وفي كلّ ما تقدّم من الآيات دلالة على فساد قولهم هذا.

ثمّ إنّ هذه القاعدة ـ نفي تحمّل الذنب بالنيابة ـ قد تجذّرت في الديانات السابقة أيضاً، ولم تقتصر على الرؤية الإسلامية وحسب، وهذا ما أنبأ به القرآن الكريم، يقـول تعالى: (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[90].

ولعلّ هناك مَن ينقض هذا البحث بإيراد شبهة مفادها: إذا كانت القاعدة الأساسية في القرآن تستدعي نفي تحمّل الذنب بالوكالة، فما بالكم بأنّ هناك مَن يحمل فوق ذنوبه ذنوب غيره من الناس، كما يقول تعالى: (لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ) [91]؟

والجواب عن ذلك: أنّ هذا التحميل ليس بخارج عمّا تمّ الحديث عنه آنفاً، وذلك بلحاظ أنّ هذه الفئة من الناس ـ وهم المضلِّون ـ كانوا سبباً في انحراف هؤلاء التابعين، وفي واقع الأمر أنّهم يتحمّلون الذنب مركّباً، ذنباً على إضلالهم الآخرين، وذنباً على ما ترتّب من آثار ذلك الانحراف، ففي الحقيقة أنّ التابع لسنّة سيئة لم يفعل السيئة وحده، بل فعلها هو وفعلها المتبوع كذلك، فالمعصية معصيتان في واقع الأمر، ونتيجة ذلك محصَّلة من كون الفعل قد وصل إلى مرحلة من التأثيم تستدعي حصول هذه المؤاخذة، فهي من قبيل مَن أعان ظالماً على ظلمه، فهو شريك له في معصيته.

ومن ذلك قوله تعالى: (قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـكِن لاَّ تَعْلَمُونَ) [92]، فأثبت لكلّ من المتبوعين وتابعيهم الضعف من العذاب، أمّا المتبوعون فلضلالهم وإضلالهم، وأمّا التابعون فلضلالهم وإقامتهم أمر متبوعيهم بالتبعية[93].

ولعلّ هناك مَن يوجّه هذا البحث بالقول: بأنّ هؤلاء المضلّين خارجون عن هذه القاعدة تخصيصاً، ولكن الصحيح ـ عند التأمّل قليلاً ـ أنّ هؤلاء وأمثالهم من مصاديق القاعدة القرآنية الأساسية، ولا وجه للقول بخروجهم عن حكمها بالاستثناء والتخصيص كما تمّ بيانه.

ثمّ إنّ هذا الحكم ليس بغريب عن أجواء الممارسات العقلائية والعرفية في المجتمعات الإنسانية بشكل عام، فإنّ سيرة العقلاء جارية على التشديد في بعض الأعمال الجنائية، وذلك بمؤاخذة المفسدين بجميع ما يترتّب على عملهم من المفاسد والأضرار، سواء الاجتماعية منها أم غيرها، فبحسب الاعتبار العقلي فإنّ صاحب السنّة السيئة يؤاخذ بما يتناسب تناسباً طردياً مع فعله هذا؛ لذلك فهو يؤاخذ عليها كما يؤاخذ الفاعلون بها بشكل مباشر، فكلّ ذلك يُعدّ تنبيهاً اجتماعياً يستسيغه العقل الذي يتحرّك في فضاء الحكمة الإلهية.

خاتمة

في خاتمة هذا القسم من المناسب أن نبرّز بعض الأُمور المتّصلة بهذه الدراسة:

أوّلاً: من خلال ما تقدّم يمكن القول: إنّ الخطيئة إذا ما أحدثت حاجزاً روحياً ومعنوياً يفصل الإنسان عن الله تعالى، فهو نفسه ـ أي: الإنسان ـ قادر على أن يرفعه، بعدما كان هذا الحاجز من صناعته هو بالذات، وهذا يخالف ما تمّ تأسيسه في نظرية الفداء من كون الخطيئة حاجزاً استطاع الإنسان أن يقيمه، لكنّه لم يستطع أن يتغلّب عليه، فلا محيص من ذلك إلّا التبرير بواسطة فداء من نوع ثقيل. وعليه؛ فالتبرير ـ على هذه العقيدة ـ لم يُنظر إليه إطلاقاً من كونه فعلاً بشريّاً تهذيبياً.

ثانياً: أنّ نظرية الفداء بمفهومه الميثولوجي تعدّ محفِّزاً خطيراً لتنامي ظاهرة العصيان، وصناعة الإغراء والتجرّي، وإنتاج الجمود الفكري، وترسيخ الخمول الأخلاقي والعزوف الديني في مجتمعاتنا البشرية، فالفداء لا طريق له للمصالحة بين الخالق والمخلوق! إذ كيف يـتأتّى لنا أن نتصوّر مفهوماً إيجابياً لتلك المصالحة في ظل عملية الفداء؟! فإنّ الابتعاد عن التعاليم الوحيانية وانهيار المعايير القيمية، وانزلاق البشرية في وحل المادية الحسّية، لمؤشّر خطير ينبئ بفشل التنظير الفكري الذي قام على أُسس انحسرت في ضوئها مبادئ العقل والفطرة الإنسانية.

ثالثاً: إذا أمعنا النظر في التصوير القانوني لنظرية الفداء، نرى أنّ الخطيئة مشكلة ملحّة تتصل بالخالق، وليست هي مشكلة الإنسان! ولعلّ هذا التصوير يعكس وجود صراعٍ بين العدل والرحمة، فالعدل يدفع إلى تفعيل جانب المساءلة والعقوبة، والرحمة تدفع نحو الغفران والنجاة؛ وعليه أصبح الفداء طريقاً للمصالحة بين عدل الله ورحمته كما تصوّره هذه النظرية.

إلّا أنّ القرآن الكريم قد أعطى تصويراً متقناً لهذه المعادلة، وهو أنّ الرحمة الإلهية لا تتحقّق بمعزل عن العدل الإلهي، أي: في الوقت الذي تتجلّى فيه الرحمة الإلهية بكونها تسع كلّ شيء: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) [94]، يبرز لنا مفهوم العدل الإلهي تمام البروز (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ) [95]، وهذا يدفع إلى القول: بأنّ الرحمة الإلهية كذلك لا تنفكّ عن العمل والإيمان وذلك بتذييل الآية الأُولى بقوله تعالى: (فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ)[96]، وقوله(جل وعلى): (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ)[97].

إنّ الرحمة الإلهية ـ بنظرة قرآنية ـ فيض إلهي على عباده، وهذا متوقِّف على انتفاء المانع من تحقّقها يوم الحساب، ومن أعظم موانع الخلاص هي الذنوب والمعاصي، من دون استدراكها بتوبة نصوح.

رابعاً: أنّ النظرية الفدائية لعاشوراء تصيّر لنا المشروع الحسيني على أنّه مشروع للخلاص على الطريقة الميثولوجية للأُمم السابقة، الأمر الذي يتصادم مع مشروع الخلاص الذي تعكسه النصوص الدينية، وعلى رأسها النصّ القرآني، ذلك المشروع القائم على أساس العمل الصالح، (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)[98].

خامساً: أنّ هذه الدراسة ـ في حقيقتها ـ رسالة لـمَن يريد أن يسوّق هذه النظرية في أجواء الفكر الشيعي، ذلك الفكر الذي حمل القيم الإسلامية العليا والمبادئ السامية، كيف يمكنه أن يستقبل تلك النظرية الغريبة في ظلّ تلك الترسانة الكبيرة من التعاليم والقوانين الشرعية التي تتناقض مع رؤية الكفّارة بمفهومها الميثولوجي المعقّد؟! فذلك التفسير الذي آمن به العقل المسيحي تعبّداً بعد أن صعب تفسيره على أساسٍ منطقي وفلسفي، كيف له أن يصمد أمام تلك المعارف الدينية والأُسس العقلية؟! ثمّ إنّ الاعتماد على جملة من النصوص ـ وظواهر اجتماعية سِيء فهمها ـ من دون دراسة علمية شاملة أوقع بعض الباحثين في منحدر القراءات الانتقائية، حتّى أودى به الأمر أن ينسب ما توصّل إليه بآليات لا نتّفق معه عليها إلى كون الفداء عقيدة أساسية عند الشيعة الإمامية، تنعكس بشكل جليّ في إقامة شعائرهم الدينية.

سادساً: بعد أن كانت القوانين الإلهية تمثّل في حدّ ذاتها طريقاً نحو استقامة النوع الإنساني والسير به نحو الكمال، فإنّ تشريع العقوبة على مخالفة الإلزامات وفعل المحضورات لا يعني أنّ طريق العود إلى الله قد أُغلق بالمخالفة على نحو الإطلاق، فإنّ الرحمة الإلهية اقتضت جواز الرجوع والانضمام إلى دائرة الخلاص بواسطة عوامل أُخرى، سيأتي بحثها في القسم الثاني، ولا يمكننا الخروج عن دائرة النصوص الدينية والأحكام العقلية بإضافة وسائل أُخرى وتسويقها في مجال البحث وجعلها مصداقاً من مصاديق الرحمة الإلهية في الوقت الذي تتصادم فيه مع كثير من المبادئ والأُصول الدينية.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1. أديان العالم، هوستن سميث، تعريب: سعد رستم، دار الجسور الثقافية، حلب، الطبعة الثالثة، 1428هـ/2007م.

2. أسرار شهادة آل الله (صلوات الله عليهم)، محمد باقر الشريف طباطبائي، الناشر: بينا، مشهد، الطبعة الثانية، 1403هـ.

3. الأُصول الوثنية للمسيحية.. الحلقة الرابعة من سلسلة (من أجل الحقيقة)، أندريه نايتون وآخرون، ترجمة: سميرة عزمي الزين، منشورات: المعهد الدولي للدراسات الإنسانية.

4. إعلام الورى بأعلام الهدى، الفضل بن الحسن الطبرسي (ت548هـ)، تحقيق: مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام) لإحياء التراث، قم المقدّسة، الطبعة الأُولى، 1417هـ.‍

5. الألم الخلاصي (رسالة البابا يوحنا بولس الثاني الرسولية إلى أساقفة الكنيسة الكاثوليكية
جمعاء وكهنتها وعائلاتها الرهبانية ومؤمنيها في المعنى المسيحي للآلام البشرية)، أُعطي
في روما بتاريخ 11/2/1984م.

6. الأمالي، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية، مؤسّسة البعثة للطباعة والنشر والتوزيع، دار الثقافة، قم، الطبعة الأُولى، 1414هـ.‍

7. بشارة المصطفى(صلى الله عليه واله) لشيعة المرتضى(عليه السلام)، عماد الدين محمد بن أبي القاسم الطبري (ت525هـ)، تحقيق: جواد القيومي الإصفهاني، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة، الطبعة الأُولى، 1420هـ.

8. تاريخ الأُمم والملوك، محمد بن جرير الطبري (ت310هـ)، راجعه وصحّحه وضبطه: نخبة من العلماء، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان.

9. تاريخ مدينة دمشق، علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي المعروف بابن عساكر (ت571هـ)، دراسة وتحقيق: علي شيري، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1415هـ/1995م.

10. التبيان في تفسير القرآن، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، تحقيق وتصحيح: أحمد حبيب قصير العاملي، الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الأُولى، 1409هـ.

11. تذكرة الشهداء، حبيب الله الشريف الكاشاني (ت1340هـ)، ترجمة وتحقيق: السيّد علي جمال أشرف، الناشر: مؤسّسة مدين، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1426هـ/2006م.

12. التعريفات، علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني (ت816 هـ)، ضبطه وصحّحه: جماعة من العلماء، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1403 هـ/1983 م.

13. تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، محمد رشيد بن علي رضا (ت1354هـ)، الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1990م.

14. تفسير القمّي، علي بن إبراهيم القمي (ت نحو329هـ)، منشورات مكتبة الهدى، صحّحه وعلّق عليه وقدم له: السيّد طيّب الموسوي الجزائري، مطبعة النجف، 1387هـ.

15. التفسير الكبير (تفسير الرازي)، فخر الدين محمد بن عمر الرازي (ت606هـ)، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1401هـ/1981م.

16. تهذيب الأحكام، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، حقّقه وعلّق عليه: السيّد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الثالثة، 1364ش.

17. جامع البيان في تأويل آي القرآن، محمد بن جرير الطبري (ت310هـ)، تقديم: الشيخ خليل الميس، ضبط وتوثيق وتخريج: صدقي جميل العطار، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، 1415هـ/1995م.

18. الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، يوسف البحراني (ت1186هـ)، حقّقه وعلّق عليه: محمد تقي الإيرواني، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

19. الخلاف، محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة، 1407هـ.

20. رسالة الفادي (رسالة جامعة للبابا يوحنا بولس الثاني في الصلاحية الدائمة للدعوة الإرسالية)، أُعطي في روما بتاريخ 7/12/1990م.

21. الرؤية الأرثوذكسية للإنسان (الأنثروبولوجيا الصوفية)، عدنان طرابلسي، منشورات: النور، بيروت ـ لبنان، 1989م

22. الشيعة، هاينس هالم، ترجمة: محمود كبيبو، شركة الورّاق للنشر المحدودة، بغداد، الطبعة الأُولى، 2011م.

23. عاشورا شناسي (پژوهشی در باره هدف امام حسین)، محمد اسفندياري، الناشر: ني، طهران، الطبعة الأُولى، 1393هـ.ش.

24. العقائد الوثنية في الديانة النصرانية، محمد بن طاهر التنيّر البيروتي، تحقيق: د. محمد عبد الله الشرقاوي، دار الصحوة للنشر، القاهرة.

25. عيون أخبار الرضا، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت381هـ)، صحّحه وقدّم له وعلّق عليه: الشيخ حسين الأعلمي، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1404هـ/1984م.

26. الفوائد الطوسية، محمد بن الحسن العاملي (ت1104هـ )، علّق عليه وصحّحه: السيّد مهدي اللازوردي، والشيخ محمد درودي، قم، 1403هـ.

27. قصّة الإنسان حول الخطيئة والخلاص، الأب متى المسكين (ت2006م)، مطبعة دير القديس أنبا مقار ـ وادي النطرون، القاهرة، الطبعة الأُولى، 1985م.

28. قصّة الحضارة، ول وايريل ديورانت (ت1981م)، المجلّد الحادي عشر، ترجمة: محمد بدران، الناشر: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ـ دار الجيل للطبع والنشر والتوزيع.

29. القطرة من بحار مناقب النبي والعترة، أحمد المستنبط (ت1400هـ)، انتشارات ذوي القربى، الطبعة الأُولى، 1424هـ/1382هـ.ش.

30. كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه القمّي (ت368هـ)، تحقيق: الشيخ جواد القيومي (لجنة التحقيق)، الناشر: مؤسّسة نشر الفقاهة، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

31. كتاب الخصال، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت381هـ)، صحّحه وعلّق عليه: علي أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية، قم المقدّسة، 1403هـ/1362هـ.ش.

32. كتاب العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175هـ)، تحقيق: د. مهدي المخزومي، د. إبراهيم السامرائي، الناشر: مؤسّسة دار الهجرة، الطبعة الثانية، 1410هـ.

33. كربلاء بين الأُسطورة والتاريخ (دراسة في الوعي الشعبي الإيراني)، أحمد لاشين، رؤية للنشر والتوزيع، الطبعة الأُولى، 2009م.

34. مجمع البيان في تفسير القرآن، الفضل بن الحسن الطبرسي (ت548هـ)، تحقيق وتعليق: لجنة من العلماء والمحقّقين الاختصاصيين، تقديم: السيّد محسن الأمين العاملي، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1415هـ/1995م.

35. محرق القلوب: غم هاى جانسوز در تاريخ ومصيبت هاى أهل بيت(عليهم السلام) (فارسي)، محمد مهدي بن أبي ذر النراقي (ت1209هـ)، برعاية: علي نظري منفرد، انتشارات سرور، قم، الطبعة الأُولى، 1388هـ.ش.

36. محمد في التوراة والإنجيل والقرآن، إبراهيم خليل أحمد، دار المنار، 1409هـ/1989م.

37. المزار، محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (ت413هـ)، تحقيق: السيّد محمد باقر الأبطحي، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1414هـ/1993م.

38. المسيحية (سلسلة مقارنة الأديان)، د. أحمد شلبي، الناشر: مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، الطبعة العاشرة، 1998م.

39. المسيحية والإسلام والاستشراق، محمد فاروق فارس الزين، دار الفكر، دمشق ـ سورية، الطبعة الثانية، 1422هـ/2002م.

40. المعجم الكبير، سليمان بن أحمد الطبراني (ت360 هـ)، حقّقه وخرّج أحاديثه: حمدي عبد المجيد السلفي، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثانية مزيدة ومنقّحة، 1404هـ/1984م.

41. معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس (ت395هـ)، تحقيق وضبط: عبد السلام محمد هارون، مركز النشر: مكتب الإعلام الإسلامي، 1404هـ.

42. الميزان في تفسير القرآن، محمد حسين الطباطبائي (ت1402هـ)، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.

المجلات

43. الخلاص بين الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس، رودلف يني، مجلّة الرسالة، تصدرها جمعية الدراسات القبطية، نيوجرزي ـ أمريكا، السنة العاشرة، العدد7، سبتمبر1991م.

المواقع الإلكترونية

44. إنجيل يوحنا، https://st-takla.org/ ، موقع الأنبا تكلا هيمانوت القبطي الأرثوذكسي.

45. الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس، https://st-takla.org/ ، موقع الأنبا تكلا هيمانوت القبطي الأرثوذكسي.

46. رسالة يعقوب، https://st-takla.org/ ، موقع الأنبا تكلا هيمانوت القبطي الأرثوذكسي.

47. رسالة يوحنّا الأُولى، https://st-takla.org/ ، موقع الأنبا تكلا هيمانوت القبطي الأرثوذكسي.

48. سفر أشعياء، https://st-takla.org/ ، موقع الأنبا تكلا هيمانوت القبطي الأرثوذكسي.

49. سفر أعمال الرسل، https://st-takla.org/ ، موقع الأنبا تكلا هيمانوت القبطي الأرثوذكسي.

[1] المعروف أنّ بولس بدأ حياته الدينية والاجتماعية على شريعة اليهود، وكان من جملة الذين ناهضوا المسيحية التي ظهرت في فلسطين بكلّ قوّة، حتّى استمرّ في مشروعه هذا إلى أن تحوّل من مضطهد للمسيحية إلى مبشّر لها من الطراز الأوّل! وذلك في أجواء يشوبها نوع من الشكّ والترديد. للاطلاع على قصّة تحوّل بولس من اليهودية إلى المسيحية اُنظر: سفر أعمال الرسل: 9/1ـ 8.

[2] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، كتاب العين: ج4، ص186.

[3] اُنظر: مريم: آية71ـ72.

[4] اُنظر: البروج: آية11.

[5] اُنظر: الحج: آية77.

[6] اُنظر: آل عمران: آية136.

[7] اُنظر: التغابن: آية9.

[8] اُنظر: النحل: آية97.

[9] اُنظر: بولس الثاني، البابا يوحنا، الألم الخلاصي: الفقرة14، ص24ـ25.

[10] اُنظر: بولس الثاني، البابا يوحنا، رسالة الفادي: الفقرة 55.

[11] اُنظر: بولس الثاني، البابا يوحنا، الألم الخلاصي: الفقرة17، ص33.

[12] يعتقد النصارى أنّ عملية الفداء لا يمكنها أن تتحقّق إلّا بتضحية من العيار الثقيل؛ ذلك لأنّ نطاق الخطيئة البشرية واسع جداً، فهو بحاجة إلى فداء عظيم، ولا يمكن تصوّر ذلك الفادي العظيم إلّا بالمسيح(عليه السلام)، ومنشأ اعتقادهم هذا أنّ المسيح هو (ابن الله!) ـ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ـ وأنّ تفدية الابن لَيُستَحَقُّ معها غفرانُ الخطايا والآثام التي ارتكبتها البشرية في تاريخ حياتها على الأرض.

[13] سفر أشعياء: 53/5و6و12.

[14] اُنظر: يني، رودلف، الخلاص بين الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس، مجلّة الرسالة: العدد7.

[15] اُنظر: ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج4، ص483.

[16] اُنظر: الجرجاني، علي بن محمد، التعريفات: ج1، ص165.

[17] اُنظر: سميث، هوستن، أديان العالم: ص433.

[18] «لعلّنا نجد أنّ المدرسة الأرثوذكسية أكثر حذراً في مسألة الوراثة؛ إذ إنّ الخطيئة الأُولى ـ على حدّ تعبيرهم ـ لا يمكن النظر إليها كمورثة (gene) للذنب تنتقل بالتزاوج، كما يوحي المفهوم الأوغسطيني، وإنّما الموروث هو الطبيعة البشرية؛ إذ كلّ إنسان ورث تلك الطبيعة من والديه، تلك الطبيعة التي سقطت في وحل الخطيئة، بعد أن صارت الصورة الإلهية في الإنسان مشوّهة جرّاء ما ارتكبه من عصيان بكامل إرادته وحرّيته، فكلّ البشرية تشارك في نتائج الخطيئة الأُولى ضمنياً، وإن لم تشارك في ذات الخطئية الشخصية، فسقوط آدم وحوّاء إلى الأرض لا يعني سقوط شخصين من الجنس البشري، بل سقوط البشرية جمعاء؛ لأنّهما الجنس البشري، فبخطيئة واحدة مات الكثيرون، ولكن لم يموتوا عقوبة على خطيئة لم يقترفوها، بل صاروا مالكين لطبيعة ساقطة». اُنظر: طرابلسي، عدنان، الرؤية الأرثوذكسية للإنسان (الأنثروبولوجيا الصوفية): ص156ـ157.

[19] المسكين، متّى، قصّة الإنسان حول الخطيئة والخلاص: ص13.

[20] المصدر السابق.

[21] كورنثوس(2): 5/18ـ 19.

[22] إنجيل يوحنا: 3/16.

[23] اُنظر: بولس الثاني، البابا يوحنا، الألم الخلاصي: الفقرة 14، ص24.

[24] رسالة يوحنّا الأُولى: 2/2. لا يخفى على المتتبع أنّ نصوص العهد الجديد قد اختلفت في تحديد دائرة الخلاص وحدوده، فتارة تصرّح بأنّ الخلاص ينطبق على المؤمنين بالمسيح، وتارة تصرّح بعمومه وشموله للعالم أجمع.

[25] يني، رودلف، الخلاص بين الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس، مجلّة الرسالة: العدد7.

[26] محمد: آية4.

[27] اُنظر: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج18، ص225. الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان: ج26، ص53. الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان: ج9، ص163.

[28] البقرة: آية85.

[29] البقرة: آية184. وهناك بحث فقهي في تشخيص الذين يطيقونه، وهو خارج عن محلّ البحث.

[30] البقرة: آية196.

[31] البقرة: آية229.

[32] اُنظر: الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان: ج2، ص105.

[33] الصافات: آية107.

[34] روى الشيخ الصدوق حديثاً طويلاً جاء فيه: «فأوحى الله} إليه... يا إبراهيم، فإنّ طائفة تزعم أنّها من أُمّة محمد(صلى الله عليه واله) ستقتل الحسين(عليه السلام) ابنه من بعده ظلماً وعدواناً كما يُذبح الكبش؛ فيستوجبون بذلك سخطي، فجزع إبراهيم(عليه السلام) لذلك، وتوجّع قلبه، وأقبل يبكى، فأوحى الله} إليه: يا إبراهيم، قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين(عليه السلام) وقتله، وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب». الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ص59. الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا(عليه السلام): ج1، ص187.

[35] اُنظر: المستنبط، أحمد، القطرة من بحار مناقب النبي والعترة: ج1، ص307.

[36] الحديد: آية15.

[37] اُنظر: نايتون، أندريه، الأُصول الوثنية للمسيحية: ص15.

[38] اُنظر: التنيّر البيروتي، محمد بن طاهر، العقائد الوثنية في الديانة النصرانية: ص25 (مقدّمة المحقّق).

[39] اُنظر: محمد رشيد رضا، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار): ج6، ص27ـ 28.

[40] للاطلاع على تقاليد الأقوام السابقة فيما يتّصل بذبح الفداء عن الخطيئة اُنظر: التنيّر البيروتي، محمد ابن طاهر، العقائد الوثنية في الديانة النصرانية: ص74ـ82.

[41] اُنظر: شلبي، أحمد، مقارنة الأديان المسيحية: ص181ـ182.

[42] الزين، محمد فاروق، المسيحية والإسلام والاستشراق: ص137ـ 138. نقلاً عن:122.Wilson PMA p.26. واُنظر: ديورانت، ول، قصّة الحضارة: ج11، ص263ـ265. واُنظر: خليل، إبراهيم، محمد في التوارة والإنجيل والقرآن: ص95ـ97.

[43] ديورانت، ول، قصّة الحضارة: ج11، ص264.

[44] الزين، محمد فاروق، المسيحية والإسلام والاستشراق: ص138.

[45] التوبة: آية30.

[46] اُنظر: الفراهيدي، الخليل بن أحمد، كتاب العين: ج4، ص70.

[47] اُنظر: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج9، ص244.

[48] النساء: آية157.

[49] لعلّ الذي يبرّز اسم الشيخ النراقي عند الحديث عن هذه النظرية هو مكانته العلمية، فقد اشتُهر عنه مؤلّفات عديدة في الفقه، والأُصول، والأخلاق، وغيرها، وترجمته الذاتية والعلمية ترشد إلى كونه كذلك، الأمر الذي دفع ببعض المحقّقين إلى التشكيك بنسبة كتاب (محرق القلوب) إليه، وقد احتمل بعض آخر أنّه ألّف كتابه هذا في بداية تحصيله العلمي.

[50] المستنبط، أحمد، القطرة من بحار مناقب النبي والعترة: ج1، ص312.

[51] كتاب ألّفه باللغة الفارسية في تاريخ ومصائب أهل البيت(عليهم السلام).

[52] ترجمة الباحث.

[53] النراقي، محمد مهدي، محرق القلوب: ص30 ـ31.

[54] المصدر السابق: ص31.

[55] يظهر أنّ الشيخ النراقي قد ذكر هذا الحديث بالمضمون، وقد ورد الحديث في (أمالي الشيخ الطوسي: ص317) مسنداً عن محمد بن مسلم بهذه الألفاظ، قال: «سمعت أبا جعفر وجعفر ابن محمد(عليهما السلام) يقولان: إنّ الله تعالى عوّض الحسين(عليه السلام) من قتله أن جعل الإمامة في ذريته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء عند قبره، ولا تُعدّ أيام زائريه جائياً وراجعاً من عمره»، ورواه مرسلاً الشيخ الطبري في (بشارة المصطفى: ص327)، وكذلك الشيخ الطبرسي في (إعلام الورى: ج1، ص431)، وقد ورد بمضمون الفقرة الأخيرة من الحديث ما رواه ابن قولويه في (كامل الزيارات: ص260) عن الإمام الصادق(عليه السلام) قوله: «إنّ أيام زائري الحسين(عليه السلام) لا تُحسب من أعمارهم، ولا تُعدّ من آجالهم»، ورواه الشيخ الطوسي في (التهذيب: ج6، ص43) هكذا: «إنّ أيام زائري الحسين بن علي(عليهما السلام) لا تُعدّ من آجالهم»، ومثله الشيخ المفيد في كتابه (المزار: ص32).

[56] النراقي، محمد مهدي، محرق القلوب: ص27.

[57] اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، الفوائد الطوسية: ص460ـ463.

[58] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص789.

[59] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، الخلاف: ج5، ص269.

[60] اُنظر: اسفنديار، محمد، عاشورا شناسي (فارسي): ص78ـ80.

[61] اُنظر: المصدر السابق: ص77. نقلاً عن شريف طباطبائي، محمد باقر، أسرار شهادة آل الله (صلوات الله عليهم): ص133ـ134.

[62] الكاشاني، حبيب الله، تذكرة الشهداء: ج1، ص16ـ17. علماً أنّ الملا الكاشاني لم يسند ما نقله من قصّة عالم الذرّ إلى مصدر بعينه.

[63] المصدر السابق: ص24.

[64] هالم، هاينس، الشيعة: ص79.

[65] لاشين، أحمد، كربلاء بين الأُسطورة والتاريخ: ص310.

[66] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج4، ص305. واُنظر: الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج3، ص114ـ115. وأيضاً: ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج14، ص217.

[67] المدّثر: آية38.

[68] الطور: آية21.

[69] النجم: آية39.

[70] النجم: آية31.

[71] البقرة: آية254.

[72] البقرة: آية48.

[73] الدخان: آية41.

[74] المؤمنون: آية101.

[75] القمّي، علي بن إبراهيم، تفسير القمّي: ج2، ص94.

[76] الأنبياء: آية28.

[77] البقرة: آية48.

[78] اُنظر: الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير: ج6، ص221. وأيضاً: الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن: ج6، ص296.

[79] رسالة يعقوب: 2/14ـ26.

[80] البحراني، يوسف، الحدائق الناظرة: ج10، ص13.

[81] المصدر السابق.

[82] المصدر السابق.

[83] الحديد: آية25.

[84] الأنعام: آية164.

[85] الإسراء: آية15.

[86] فاطر: آية18.

[87] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن: ج8، ص422.

[88] اُنظر: المصدر السابق: ج4، ص337.

[89] اُنظر: الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان: ج1، ص478.

[90] النجم: آية36ـ 38.

[91] النحل: آية25.

[92] الأعراف: آية38.

[93] اُنظر: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج2، ص178.

[94] الإعراف: آية156.

[95] إبراهيم: آية42.

[96] الأعراف: آية156.

[97] الجاثية: آية30.

[98] النجم: آية31.

عاشوراء وحقيقة الخلاص مقاربة قرآنية نقدية لنظرية الفداء (القسم الأول)