المقدّمة

الحمد لله الذي جلّت أسماؤه، وسمت أوصافه، الذي علّم الإنسان، وشرّف العربية بنزول القرآن، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على النبيّ الأمين، الذي فتح أبواب العلم والرحمة للعالمين، وعلى غصن دوحته، وأوّل مَن صدّق برسالته، وعلى الصدّيقة الزهراء البتول، وعلى الذرّية الطاهرة من ولدهم أجمعين.

أمّا بعد، فإنّ هذا البحث ـ الذي يتكوّن من قسمين ـ يسعى لدراسة الأداء الأُسلوبي في ضوء المستوى الصوتي للدعاء في زيارة عاشوراء (المشهورة وغير المشهورة)، التي زار بها الإمام الباقر(عليه السلام) جدّه الإمام الحسين(عليه السلام)، ممهَّداً بإطارٍ تنظيري يمثّل نقطة الانطلاق لرصد ذلك الأداء، وكيفية التعامل معه؛ وذلك إيماناً من الباحث بأنّ لكلّ نصّ بصمته الأُسلوبية في مستويات لغته، ولا سيمّا المستوى الصوتي؛ ذلك الذي يُعدّ أهمّ ما يميّز لغة المنشئ على الإطلاق.

فالدراسة الصوتية تكشف عن إسهام البنية الإيقاعية للكشف عن جماليات النصّ كلّه، فبنية النصّ اللُّغوي أو الأدبي بنية معقّدة، وكلّ عناصرها المكوّنة لها عناصر دالّة، فهي عبارة عن إشارات إلى مضمون معيّن.

تسعى الدراسة إلى اختبار صدق هذه المقولة بتطبيقها على الدعاء الذي ورد في زيارة عاشوراء، فقد حاولت جاهداً ـ في هذا البحث ـ تطبيق الأُسلوبية الصوتية لهذه النصوص من خلال بيان عناصر التوازي، والتلاؤم الصوتي، والجناس، والسجع، والتكرار، وغيرها، كما أنّ الدراسة تحاول الوصول إلى كيان معرفي للدراسات الصوتية قديمها وحديثها، وذلك عن طريق إقامة معيار للصوت بشتّى تشكيلاته (فرادى وجماعات)، رابطةً بعضَ مباحث الصوتيات بالإيقاع في مفهومه الكمّي؛ لتبيان قدرته على تخليق الدلالة النصّية في رحم النصّ، ناظرةً بعين الاعتبار إلى دور الخصائص الصوتية للحروف العربية، وقدرة هذه الخصائص على إنتاج الدلالة النصّية، متّكئةً على بعض آليّاتها الأُسلوبية، بوصفها ممارسة علمية تستعين في تحليلها للنصّ الأدبي بتقنيّات منهجية مستمدّة من علم البلاغة، وعلم الجمال، وعلم الدلالة، والبنيوية، والإحصاء، جامعةً كلّ ذلك في إطار تنظيري، وطرح تطبيقي؛ بغية الكشف عن إبداع الصوت في النصّ المراد دراسته.

إنّ المستوى الصوتي في لغة النصّ الأدبي أو اللُّغوي يمثّل بصمة أُسلوبية لها مكوّناتها وخصائصها المنغلقة على كلّ منشئٍ لنصّ معيَّن، والبحث في هذا المستوى يُعدّ في رأي الباحث أساساً لجميع المستويات المكوّنة لبناء النصّ الأدبي أو اللُّغوي؛ ذلك لأنّ اللغة أصوات، وهذه اللغة هي المادّة الخامّ لمنشئ النصّ، وبقدر تمكّن المنشئ منها، وتشكيله الفنّي لها، وتطويعها للتعبير عن رؤاه، تُقاس براعته في نشأة نصّ معيّن، فلا نُخطئ إذن إن قلنا: إنّ الزيارة هي مجموعة من الأصوات، وهذه الأصوات تختلف عن الأصوات المحيطة بنا في عالمنا المكتظّ بالصياح والضجيج، صوت يطرب له حتّى الذي لم ينل قسطاً من العلم والثقافة اللُّغوية، ويستطيع أن يميّزه عن بقيّة الكلام النثري بمجرّد سماعه.

التمهيد: (التعريف بالأُسلوبية الصوتية)

ارتبطت الأُسلوبية بالدراسات النقدية والبلاغية واللُّغوية والأدبية، وإنّ المتّفق عليه في تصنيف الأُسلوبية أنّها نصف موروث ونصف حداثة، والجمع بينهما يحصل في ضوء التنسيق في النظام اللُّغوي القائم على مبدأ التواصل والقبول^{^[1]}، ولكن لا بدّ من توضيح الفرق بين (الأُسلوب) و(الأُسلوبية).

الأُسلوب

يقول ابن منظور: «ويقال للسطر من النخيل: أُسلوب، وكلّ طريق ممتدّ فهو أُسلوب...»^{^[2]}، ويذكر ابن قتيبة (الأُسلوب) ليربطه بأداء المعنى، فيقول: «إنّما يعرف فضل القرآن مَن كثُر نظره، واتّسع علمه، وفهم مذاهب العرب وافتنانها في الأساليب، وممّا خصّ الله به لغتها دون جميع اللغات...»^{^[3]}.

أمّا عند الغرب فقد انبثقت تعريفات عدّة، وكانت الجدلية واضحة عند الأُسلوبيين الغربيين ومَن تابعهم، فقد كان من الصعب تحديد تعريف (الأُسلوب) بتعريف واحد، لتداخل كثير من المعاني حوله، ولكونه أيضاً لم يختصّ بمجال اللسانيات وحدها، بل استُعمل في مجالات أُخرى، كالفنّ والموسيقى والأدب والكتابة^{^[4]}.

ويعدّ (شارل بالي) المؤسّس الأوّل لعلم الأُسلوب، وإن استفاد كثيراً من (دي سوسير) في دراسته للتحليل النقدي، والمعروف بثنائية اللغة والكلام.

فالأُسلوب ( Style ) عند (بالي) هو استعمال اللغة، ويحصر مدلول الأُسلوب في تفجير الطاقة التعبيرية الكامنة في صميم اللغة بخروجها عن عالمها الافتراضي إلى حيّز الموجود اللُّغوي، فكأنّ اللغة مجموعة شحنات معزولة، والأُسلوب هو إدخال بعضها في تفاعل مع بعضها الآخر^{^[5]}.

وذكر (دي لوفر) الأُسلوب بأنّه: سلطان العبارة إذ تستبد بنا^{^[6]}، وفي السياق نفسه ظهرت آراء عدّة منها أنّ الأُسلوب هو: السلوك، أو المتحدِّث، أو الشيء الكامن، أو الفرد، أو اللغة...^{^[7]}.

كان للعرب جهود في متابعة الدراسات الأدبية والنقدية عند الغرب، وكانت لهم مؤشرات إيجابية في الإسهام في الدراسات الأُسلوبية المعاصرة، إذ عرّف أحمد الشايب (الأُسلوب) بأنّه «اختيار الألفاظ وتأليفها للتعبير بها عن المعاني؛ قصد الإيضاح والتأثير، أو الضرب من النظم والطريقة فيه»^{^[8]}. انطلق الشايب في دراسة الأُسلوب من مقولة (بوفون): (الشخص هو الأُسلوب) أو (الأُسلوب هو الشخص)^{^[9]}، ويرى المسدي أنّ الشايب يحلّل الظاهرة الأدبية إلى أصناف هي: العاطفة، الفكرة، والخيال^{^[10]}، وفي هذا الإطار أكّد الدكتور فايز الداية أنّ (الأُسلوب) هو الطريقة التي تدرس السمات اللغوية والتعبيرية المتفاعلة مع التخييل، وأبعاد التجربة في النوع الأدبي، وتقوم بتوظيف هذه التجربة وتحليلها ليتمّ توصيلها إلى المتلقّي^{^[11]}.

فالأُسلوب تتوفّر فيه ثلاث صفات: الوضوح لقصد الإفهام، القوّة لقصد التأثير، والجمال^{^[12]}، ولا ريب في أنّ لكلّ مؤلّف مجموعة من الاختيارات الخاصّة به هي التي تكوّن سمات أُسلوبه التعبيري الذي يجعله مختلفاً عن الآخرين^{^[13]}، فالإشارة واضحة إلى كون الأُسلوب الأصيل يكون خاصّاً غير مسبوق ولا ملحوق، ويوصف بأنّه معياري^{^[14]}.

الأُسلوبية

ظهرت الأُسلوبية على أنّها منهج نقدي يسعى إلى تحليل التركيب اللُّغوي للنصوص الأدبية، وكان ظهور الأُسلوبية في بدايات القرن العشرين، وهي نتاج تطوّر الدراسات اللُّغوية والأدبية، وقد عرّف منذر عياشي الأُسلوبية بأنّها: علم يدرس اللغة ضمن الخطاب، وله مستويات، والتراث العربي عرف الظاهرة ودرسها ضمن البلاغة العربية^{^[15]}، فالأُسلوبية هي التي تحدّد مفهوم الأصالة والمعاصرة، بحيث لا يكون التعصّب للقديم، ولا الانغلاق أمام الجديد^{^[16]}.

الفرق بين الأُسلوب والأُسلوبية

الأُسلوب يظهر في السلوك أو الفرد أو اللغة^{^[17]}، أمّا الأُسلوبية فتظهر في الأفعال والممارسات التي يعتمدها الأديب أو الكاتب منذ إشراقها في الذهن، فهي تُعبِّر عن الأعمال الوجدانية والأفعال اللُّغوية^{^[18]}، كما أنّ عمل الأُسلوب يختلف عن الأُسلوبية، فالأُسلوب يربط ظواهر متعدّدة، أمّا الأُسلوبية فهي مشتركة بين مجموعة من النصوص؛ ممّا يؤدّي إلى عدّ الأُسلوب نظاماً له شكله المتماسك^{^[19]} .

إنّ المتّفق عليه أنّ المنهج الأُسلوبي في النصوص الأدبية وغير الأدبية يتّـكئ على ثلاثة مفاهيم هي: الاختيار والتوزيع والاتساع^{^[20]}، فالاختيار ( Choice ) أو الانتقاء ( Selection )هو أن يقوم مؤلِّف النصّ عند وضع مقتضيات التعبير الفنّي باختيار سمات لُغوية محدّدة من بين فائض كبير من الصور التعبيرية المتاحة، وغايتها التنسيق والتنظيم في التعبير عن مواقف معينة^{^[21]}.

أمّا التوزيع فهو أن يختار المنشئ العبارة وينقلها في أماكن مقصودة بين عناصر اللغة. والاتّساع يتجلّى في إيضاح قدرة تعبير المنشئ ومعاني هذا التعبير والعمل على تطويرها. فالاتّساع في المستويات التعبيرية من حيث الألفاظ والتراكيب والدلالات يكون بحسب ما يناسب مضمون العمل الأدبي، وفي منظور الدراسات الأُسلوبية عندما تريد الارتقاء إلى مستوى الأدبية لا بدّ من أن تتعامل مع محوري اللغة والجمال^{^[22]}.

مستويات المنهج الأُسلوبي

الذي يكشف عمل (المنهج الأُسلوبي) هو مجال علم اللغة، فقد عُدّت اللغة نقطة البدء الأساسية في منهجية الدراسات الأُسلوبية، ونظراً لكونها صادرة من سلسلة (مستويات) تقوم بعرض وتوضيح أفكار وأساليب الكتّاب والأُدباء، فقد جاء كلّ مستوى يحمل جملة من الأُمور، ليقدِّم عرضاً كاملاً للمنهجية الأُسلوبية، ومن أبرز المستويات هي:

1 ـ المستوى الصوتي: يبحث بالظواهر الصوتية وكلّ ما يتعلّق بها كالإيقاع والموسيقى وغيرها ممّا يتعلّق بالنصّ الأدبي.

2 ـ المستوى التركيبي: يهتمّ في الظواهر التركيبية للجمل، كالتقديم والتأخير، والحذف والذكر وغيرها.

3 ـ المستوى الدلالي: ويتضمّن دراسة المعنى الذي يظهر في الأشكال التعبيرية المميزة والمستعملة في النصّ الشعري.

وما يهمّنا من هذه المستويات المستوى الصوتي الذي يُعرّف بأنّه: علم ينتمي إلى الفونولوجيا^{^[23]} ( Phonology ) ، »ويدرس من العناصر الصوتية في لغة الإنسان تلك التي تحمل الوظيفتين: الانفعالية والندائية... وهذه العناصر الصوتية مثل: طريقة التلفّظ، وموضع النطق، والنبرة، وحدّة الصوت، تسمح للسامع أن يكوّن فكرةً عن المتكلّم بغضّ النظر عن معنى الكلام الذي يقوله، كأصله الاجتماعي ومنشأه الجغرافي، أو عمره، أو درجة ثقافته، أو جنسه« ^{^[24]}.

إنّ هذه العناصر الصوتية التي تتجلّى في لغة المتكلّم، والتي تأخذ شكلاً أدائياً ثابتاً، تمثّل بصمةً أُسلوبية تميّز كلّ شخصٍ عن آخر، فنحن قد نستدلّ على الأشخاص دون أن نراهم، وذلك في ضوء نبرات أصواتهم المميّزة التي نعرفها عنهم، في ضوء شدّة الصوت وحدّته، أو ما إلى ذلك من عناصر صوتية^{^[25]}.

إنّ الأُسلوبية الصوتية ترصد بما لها من آليّاتٍ إحصائية وغيرها مدى براعة منشئ النصّ في استعمال الطاقة اللُّغوية، وقدرته على توظيف هذه الطاقة توظيفاً فنّياً مشكّلاً لرؤاه وعالمه، إنّ المنشئ المبدع بصفة عامّة «بمثابة المهندس البارع، يكون حظّه من البراعة بمقدار استغلاله لكلّ الإمكانات في تشييد بنائه»^{^[26]}، وفي نطاق الأُسلوبية الصوتية يكون المنشئ بمثابة مهندس الصوت الذي يعمل قدر طاقته على إخراج النصّ بأبهى صورةٍ مستفيداً من طاقته الإبداعية، وما يتولّد عنه من إيقاعٍ كمّي ونبري ونغمي يختلف من نصّ لآخر، كما أنّه يتّكئ على الطاقة الإيحائية الكامنة في صوت الراوي الذي تتخلّق فيه الدلالة الفنّية للنصّ بجوار ما يتكرّر من فونيمات لها خواصّ ميكانيكية وخصائص معنوية مختلفة^{^[27]}، كما أنّه يستطيع حسب براعته أن يستثمر الطاقة الكامنة في عنصر التكرار النمطي، وما يقدّمه من توازٍ صوتي بمسافتيه: القريبة والبعيدة، وبأنماطه على مستويات ثلاثة: الحرف، والكلمة، والجملة، فضلاً عن أُمور أُخرى: كالجناس، والسجع، والتوازي الإيقاعي .

تسعى الأُسلوبية الصوتية إلى رصد ما يخصّ جميع عناصر الهندسة الصوتية الشعرية سالفة الذكر، وبعبارة أُخرى: إنّها في سعي دائم لاستنطاق نصّ المنشئ، أو استنطاق ما هو مكتوب صوتاً^{^[28]} في ضوء أبهىٰ عناصر تكوين المستوى الصوتي، مع مراعاة عدم فصل هذا المستوى عن مستويات النصّ الأُخرى.

وخلاصة الأمر: أنّ ما تسعى إليه الأُسلوبية الصوتية بوصفها منهجاً لتحليل الخطاب الشعري هو دراسة إبداع الصوت في النصّ الأدبي أو اللُّغوي، وقياس قدرة هذا الصوت على تخليق الدلالة داخل النصّ.

المبحث الأوّل: التلاؤم الصوتي

يعرّف بأنّه «حُسن الكلام في السمع، وسهولته في اللفظ، ووقع المعنى في القلب»^{^[29]}، ويتمّ هذا بعيداً عن وجود التنافر في الأصوات أو القرب الشديد، الذي يجعل من اتحاد الأصوات ذا طبيعة متفاوتة في البناء الصوتي للكلمة، أو مجموعة من الكلمات داخل النصّ الأدبي.

وهذا يعني أنّ التلاؤم بين أصوات المفردة داخل النصّ الأدبي يشكّل أساساً مهماً في البناء الصوتي للغة ذلك النصّ، ولمّا كانت مفردات زيارة عاشوراء تنماز بالتلاؤم بين الأصوات المكوّنة لها، ولا وجود للتنافر بين أصواتها، سواء أكان على مستوى اللفظة الواحدة أم على مستوى التركيب، فإنّ هذا التلاؤم ينسحب على مستوى العبارات أيضاً، فتعديل الأصوات في تأليف المفردة يعني تعديل الأصوات في تأليف العبارة المكوّنة من مفردات مختلفة؛ لذلك لا نجد مثلاً الانتقال المفاجئ بين الأصوات الشديدة المتقاربة المخارج في الزيارة الشريفة، ذلك الانتقال الذي يؤدّي إلى التنافر وعدم الانسيابية في الجرس الموسيقي، بل على العكس من ذلك نلاحظ جمالية الانسجام والتوازن الموسيقي بين الأصوات بكلّ وضوح في داخلها^{^[30]} .

والذي يستقصي زيارة عاشوراء لا يكاد يجد لفظةً تشذّ عن مبدأ التلاؤم، ولا شكّ في أنّ مَن قالها ـ وهو الإمام الباقر(عليه السلام) ـ لا ينطق عن الهوى، ولا ينطق إلّا بألفاظٍ من وحي القرآن، فعذوبة ألفاظها وجمال جرس كلماتها مستقاة من عذوبة ألفاظ القرآن الكريم وجماله.

ومن أمثلة ذلك ما جاء في الزيارة الشريفة: «اللّهمّ العنهم، والعن مَن رضي بقولهم وفعلهم، من أوّل وآخر، لعناً كثيراً، واصلهم حرّ نارك، وأسكنهم جهنّم وساءت مصيراً، وأوجب عليهم وعلى كلّ مَن شايعهم وبايعهم وتابعهم وساعدهم ورضي بفعلهم، وافتح لهم وعليهم وعلى كلّ مَن رضي بذلك لعناتك التي لعنت بها كلّ ظالم، وكلّ غاصب، وكلّ جاحد، وكلّ كافر، وكلّ مشرك، وكلّ شيطان رجيم، وكلّ جبّار عنيد»^{^[31]}.

نلاحظ سهولة الألفاظ غير المتكلّفة، والطاقات التعبيرية التي أضافتها هذه الألفاظ ـ سواء على المستوى الصوتي أو الدلالي ـ من مفاهيم عميقة تتصل بلعن الظالمين من الأوّلين والآخرين، وممّا أضاف جمالاً آخر إيقاعية المقاطع وتناسبها، فلو تأمّلنا في هذا النصّ لوجدنا أنّ مخارج أصوات الكلمات متباعدة بعضها عن بعضها الآخر، ولا نجد فيها الوحشي والعامي المتداول، ولا نجد صعوبة في نطق أيّ كلمة داخل النصّ، بل كانت الألفاظ خفيفة في النطق، وواضحة في المعنى؛ وهذا ممّا يزيد الكلام حسناً، ورونقاً وجمالاً .

أـ التلاؤم الصوتي على مستوى المفردة

إنّ التلاؤم بين أصوات المفردة داخل النصّ الأدبي يُشكّل أساساً مهمّاً في البناء الصوتي للغة النصّ الأدبي، وينضوي هذا التلاؤم على عبارة النصّ وأصواتها بصورة متكاملة، وتأتي هذه «الأُمور مجتمعة من التعديل الصوتي بين الأصوات المكوّنة لألفاظ العبارة، وعدم التنافر فيما بينها؛ حتّى لا يكون هناك اضطراب في النسق التركيبي لهذه الألفاظ المتلائمة»^{^[32]}.

فالأصوات داخل المفردة الواحدة إذا كانت متنافرة فيما بينها، فإنّ هذا التنافر يؤدّي إلى الثقل في نطق تلك المفردة، على أنّ سبب هذا التنافر هو^{^[33]}:

1ـ إذا كانت مخارج أصوات المفردة متقاربة أو متلاصقة، كأصوات الصفير (السين، والصاد، والزاي)، أو الأصوات الشجرية كـ(الشين، والياء، والجيم)، وغيرها من الأصوات المتلاصقة أو المتقاربة في مخرجها.

2ـ البعد الفاحش في مخارج الأصوات، فالتنافر يكون من (البعد الشديد، أو القرب الشديد)، فعلى سبيل التمثيل كلمة (الهعخع) عندما سئل إعرابي عن ناقته فقال: «تركتها ترعى الهعخع»^{^[34]}، فالتنافر في هذه اللفظة واضح؛ فمخارج أصواتها (الهاء، والخاء، والعين) متلاصقة؛ إذ إنّ جميعها من مخرجٍ واحدٍ وهو الحلق^{^[35]}، وهذا التقارب في المخرج سبَّب تنافراً ما بين الأصوات؛ ممّا أدّى إلى ثقل النطق بها، فيُستقبح لفظها في النغم والإيقاع^{^[36]}، وهذا يعني أنّ مخارج الأصوات لا بدّ أن تكون متباعدة فيما بينها^{^[37]}، فلا لبس لمخارج الأصوات، ولا إهمال لمخرج من مخارج الصوت.

وهذه الخاصّية تكون بشكل واضح في زيارة عاشوراء الشريفة، فأصوات ألفاظها سهلة، بعيدة عن التنافر، محبّبة إلى النفوس، تهزّ عند سماعها القلوب، وتستثير الشعور؛ لتلاؤم أصواتها وتتابعها على نسبٍ معيّنة بين مخارج الحروف المختلفة، ومن الأمثلة على ذلك ما جاء في الزيارة الشريفة: «والعن اللّهمّ الذين نهبوا ماله، وسلبوا حريمه»^{^[38]}.

فعند التأمّل قليلاً في استعمال لفظة (سلبوا)، وما أثارته من تلاؤم صوتي في جرس حروفها، وتباعد في مخارج حروفها، انتهاءً بصوت (السين) الهامس، ودلالته على الهدوء والسكينة والطمأنينة، فإنّها تختلف أشدّ الاختلاف لو استبدلناها بلفظة (انتزعوا) التي هي من معناها، فالسمة الجمالية بارزة في استعمال هذه اللفظة دون تلك.

إنّ جمالية أيّ نصّ أدبي لا بدّ أن يُحرز فيها الانسجام بين الأصوات داخل بنية الكلمة؛ إذ إنّها تشكّل بنيتها الأساسية، فمن انتظام الأصوات داخل الألفاظ والتراكيب، وتناسبها بأبعاد دقيقة، وانسجامها مع أحاسيس النفس ومشاعرها، يتكوّن العمل الفنّي.

أمّا ابن الأثير فيذهب في ذلك مذهباً آخر في تحليله لطبيعة التنافر في أصوات اللفظة المفردة؛ إذ يعلّل سبب التنافر ويرجعه إلى الذائقة السمعية التي تأبى ذلك ولا تستسيغه، «فإذا استحسنت لفظاً أو استقبحته، وجِد ما تستحسنه متباعد المخارج، وما تستقبحه متقارب المخارج، واستحسانها واستقباحها إنّما هو قبل اعتبار المخارج لا بعده»^{^[39]}؛ وذلك «لأنّ الألفاظ داخلة في حيّز الأصوات، فالذي يستلذّه السمع منها ويميل إليه هو الحسن، والذي يكرهه وينفر عنه هو القبيح»^{^[40]}.

فنرى ابن الأثير لا يخرج عن دائرة ما ذهب إليه الجمهور في تعليل سبب التنافر في أصوات اللفظة، إلّا أنّه يرى أنّ هذا السبب متأخّر، والذائقة والالتذاذ السمعي متقدّم عليه، فعلى ذلك لو استساغت الذائقة واستحسنت لفظةً، ووجِدت بعد ذلك أنّها متقاربة المخارج، فبماذا يُحكم عليها؟

يذهب ابن الأثير إلى الحكم بفصاحتها؛ وذلك لحسنها ، والتذاذ السمع بها، ومثال ذلك: لو أخذنا لفظة (جيش)، أو (شجي)، وأصواتها متقاربة المخارج «من وسط اللّسان بينه وبين الحنك، وتسمّى ثلاثتها الشجرية^{^[41]}»^{^[42]}، ومع هذا التقارب نلاحظ أنّها حسنة رائقة محمودة^{^[43]}.

إنّ التلاؤم والانسجام في أصوات اللفظة المفردة لا يقتصر على التباعد في المخارج فحسب، بل يتعدّاه إلى طبيعة نوع الحركات وترتيبها التي هي «أبعاض حروف المدّ واللين... وهي الفتحة والكسرة والضمّة»^{^[44]}، فهي توفّر نغمة إيقاعية في غاية الجمال، تخفّف من ثقل بعض الأصوات في اللفظة، بل تؤدّي إلى إضفاء خاصّية انسجامية على تلك الأصوات، وتحسين بنائها المؤلَّف من أصوات متقاربة المخارج، فنلاحظ في بعض المقاطع من الزيارة الشريفة جمال استعمال الألفاظ، وبلاغة الكلام، فقد تلاءمت أصواتها، فكأنّها نسيج متكامل تامّ الأجزاء، محكم البناء، فحوت الأصوات المتنوّعة بين الجهر والهمس، والمتباعدة في مخارجها، ممّا أكسبها جرساً رفيعاً، وجعلها رائقة في الذوق، وأبعدها من أن تكون نابية أو متنافرة في السمع.

ب ـ التلاؤم الصوتي على مستوى التركيب

يُعدّ التلاؤم الصوتي ركناً مهماً في بناء التشكيل الحاصل بين الحروف في الألفاظ والعبارات، لما له من دور في التناسق والتأليف فيما بينها، ويتمّ ذلك بعيداً عن التنافر والاختلاف في المخرج؛ لذا يشكّل التلاؤم بين الألفاظ في النسق التركيبي للعبارة ضرباً من الانسجام الصوتي يضفي على النصّ نمطاً موسيقياً غاية في الجمال والعذوبة، وهذا يعني أنّ التلاؤم الصوتي يعتمد اعتماداً كبيراً على التباعد غير الفاحش أو التقارب في مخارج أصوات اللفظة، ولمّا كان التركيب الجملي يتكوّن من كلماتٍ عدّة، فلا بدّ أن تكون هذه الكلمات متناسقة، ومتجانسة في مخارج أصواتها، حتّى تكون تركيباً متلائماً ومتجانساً محكماً رصيناً، فإذا كانت الكلمات مجتمعة فيما بينها ومتقاربة في مخرجها، فإنّ هذا يؤدّي إلى ثقل في السمع والكلام، فعلى سبيل التمثيل قول الشاعر^{^[45]}:

وقبرُ حربٍ بمكانٍ قفر

وليس قربَ قبرِ حربٍ قبرُ

إنّ تكرار لفظة (قبر)، ومجيء لفظتي (قبر) و(قفر)، وما بينهما من تقارب في المخارج، كلّ ذلك أدّى إلى ثقل الجرس الموسيقي، وتنافر الأصوات فيما بينهما، وعدم انسجامها^{^[46]}.

ومن أمثلة التلاؤم الصوتي على مستوى التركيب ما جاء في زيارة عاشوراء: «اللّهمّ وضعِّف غضبك وسخطك وعذابك ونقمتك على أوّل ظالم ظلم أهل بيت نبيّك، اللّهمّ والعن جميع الظالمين لهم، وانتقم منهم، إنّك ذو نقمة من المجرمين، اللّهمّ والعن أوّل ظالم ظلم آل بيت محمّد، والعن أرواحهم وديارهم وقبورهم، والعن اللّهمّ العصابة التي نازلت الحسين بن بنت نبيّك، وحاربته، وقتلت أصحابه وأنصاره وأعوانه وأولياءه وشيعته ومحبّيه وأهل بيته وذرّيته»^{^[47]}.

نلاحظ في هذا النصّ تكرّر صوت (الميم) خمس وعشرين مرّة، وتكرّر صوت (الواو) ستّ وعشرين مرّة، فعدّ بعضهم ذلك من مواطن التنافر الصوتي في الجملة؛ إذ عدّوا أنّ التلاؤم الصوتي يعتمد فيما يعتمد عليه على الابتعاد عن تكرير الحروف في وحدات العبارة^{^[48]}، إلّا أنّنا لا نجد استثقالاً ولا فحشاً في هذا النصّ؛ ويبدو أنّ مرجع ذلك إلى توظيف نصّ الزيارة الشريفة لهذا التكرار توظيفاً أبعده عن شبح التنافر، وإحداث جرسٍ موسيقي عالٍ نتيجة لصدى صوت (الميم) المرتفع، ووضوحه في السمع، وقوّته النغمية التي تناسب مقام اللعن، والانتقام، والتهديد، والوعيد، فضلاً عن تكرار صوت (الواو) ستّاً وعشرين مرّة، وهو صوت يخرج من أعماق الجوف، يوحي بالغيظ والشدّة والحرقة التي تخرج مع الزفرات الملتهبة، فنكاد نتلمّس ونستشعر حرارة الآهات المنبعثة من أعماق القلب، لتنبئ عن عظم الألم والرزية التي ألمّت بأهل البيت(عليهم السلام)، ومعاناتهم لذلك الموقف، فضلاً عن ذلك فقد أضافت ألفاظ النصّ بتوافقها الوزني والإيقاعي جرساً موسيقياً يشدّ المتلقّين .

لقد أضاف التلاؤم الصوتي على مستوى التركيب في زيارة عاشوراء عنصراً إيقاعياً تستشعر به النفس، وتتفاعل معه؛ ذلك أنّ الكلمة بما تحمل في تأليفها من صدى ووقعٍ حسن، وبما لها من رهافة ودقّة تأليف، وانسجام بين الأصوات، وبعدٍ عن التنافر، وتقارب في المخارج، تشكّل بمجملها إيقاعاً هامساً يجتذب الأسماع، وتطرب له الآذان، وتميل إليه النفوس^{^[49]}.

المبحث الثاني: التوازي الإيقاعي

التوازي لغةً:جاء في لسان العرب: «وزي: وزى الشيء يزي: اجتمع وتقبّض»^{^[50]}، وفي المعجم الوسيط: «وازاه: قابله وواجهه. توازى الشيئان: وازى أحدهما الآخر»^{^[51]}.

التوازي اصطلاحاً: لم يُتّفق على تعريف موحّد للتوازي، بل عُرِّف بتعريفات عدة، منها: أنّه عبارة عن تماثل المباني أو المعاني أو تعادلها في سطور متطابقة الكلمات، أو العبارات القائمة على الازدواج الفنّي ، والتي ترتبط ببعضها، وتسمّى عندئذٍ بالمتطابقة، أو المتعادلة، أو المتوازية، سواء في الشعر أو النثر، ولا سيّما النثر المقفّى، أو النثر الفنّي^{^[52]}.

في حين عرّفه الدكتور محمّد مفتاح بأنّه: «تنمية لنواةٍ معنوية سلبية أو إيجابية بإركامٍ قسري أو اختياري لعناصر صوتية، ومعجمية، وتركيبية، ومعنوية، وتداولية، ضماناً لانسجام الرسالة»^{^[53]}.

قد أكّد الدكتور مفتاح على أهمّية وجود النواة بوصفها المادّة الأساسية التي تتشكّل منها بُنى التوازي المختلفة، ليتسنّى للباحث دراستها على المستويات كافة (الصوتية والتركيبية والتداولية)، وفي ضوء ما تقدّم تظهر أهمّية التوازي بالنسبة للنصّ الشعري أو النثري، وإذا يمّمنا أبصارنا نحو زيارة عاشوراء الشريفة، لوجدنا أنّ ظاهرة التوازي من الظواهر البارزة فيها؛ إذ تُعدّ ظاهرة مهيمنة وبارزة لها، تخلق تصوّراً مسبقاً لدى المتلقّي بتماثل مع ما يتلقاه لاحقاً؛ ممّا أكسبها سمة جمالية واضحة، فتقابُل الأجزاء المتساوية في الحجم والشكل يُعدّ من علامات الجمال^{^[54]}، فالتوازي يحقّق إيقاعاً تكرارياً في النصوص، ويتّسم هذا الإيقاع بالتجانس الصوتي، والترتيب المنظم للكلمات المكوّنة للجمل المتوازنة^{^[55]}.

فممّا ورد في الزيارة حاملاً لظاهرة التوازي الإيقاعي: «لعن الله أُمّة أسّست أساس الظلم والجور عليكم أهل البيت، ولعن الله أُمّة دفعتكم عن مقامكم، وأزالتكم عن مراتبكم التي رتّبكم الله فيها، ولعن الله أُمّة قتلتكم، ولعن الله الممهّدين لهم بالتمكين من قتالكم، برئت إلى الله وإليكم منهم ومن أشياعهم وأتباعهم وأوليائهم... يا أبا عبد الله، إنّي سلم لِـمَن سالمكم، وحرب لِـمَن حاربكم إلى يوم القيامة، ولعن الله آل زيادٍ وآل مروان، ولعن الله بني أُمية قاطبة، ولعن الله ابن مرجانة، ولعن الله عمر بن سعد، ولعن الله شمراً، ولعن الله أُمّة أسرجت وألجمت وتنقّبت لقتالك»^{^[56]}.

لقد برزت جمالية التوازي ـ «وهو أن تتبادل الكلمات مواقعها، راسمة صورة جديدة، هي من ألفاظ الصورة الأُولى التي سبقتها»^{^[57]}ـ في هذا المقطع من الزيارة الشريفة في مجيء الكلمات متلاحمة تلاحماً مستحسناً، لا معيباً ولا مستهجناً، متّكئاً على فواصل متوازنة أو مطرّفة، فحقّق إيقاعاً داخلياً تطرب إليه النفوس، ويحرّك الأذهان، وإنّ إمعان النظر في هذه البنى المتوازية يُظهر لنا آلية اشتغال التوازي فيها؛ إذ توازت عشر جملٍ توازياً تركبياً تاماً على النحو الآتي: لعن (الله أُمّة أسّست أساس)، (لعن الله أُمّة دفعتكم)، (لعن الله أُمّة قتلتكم)، (لعن الله أُمّة أسرجت)، (لعن الله آل زياد)، (لعن الله بني أُمية قاطبةً)، (لعن الله ابن مرجانة)، (لعن الله عمر بن سعد)، (لعن الله شمراً)، (لعن الله الممهّدين لهم).

فقد تشكّلت الجمل الأربع الأُولى كالآتي: (فعل ماضٍ+ فاعل ظاهر( لفظ الجلالة: الله) + مفعول به +فعل ماضٍ +فاعل ضمير متصل + مفعول به ضمير متصل)، فيلحظ في ضوء هذا التشكيل أنّ هذه الجمل قد منحت طاقةً صوتيةً في نسق متوازن استطاع الإمام(عليه السلام) في ضوئه أن يوصل الموضوع بطريقة هادئة موسيقية تشدّ المتلقّين، وتحرّك مشاعرهم وأذهانهم، وتشعرهم بالجمالية الصوتية؛ إذ انتظم الكلام بنهاياتٍ مسجوعة بصوت (الميم) بصداه الموسيقي العالي، وترنيمته البارزة، وتنغيمه الواضح الجلي؛ ممّا أفاض على المقطع جرساً إيقاعياً يجذب النفوس ويستهويها.

إنّ الاعتدال في فقرات المقطع والتوازن بين مفرداته أنتج جرساً موسيقياً متناغماً، وشكلاً صوتياً متجانساً، زاد من حيوية اللغة، وفضلاً عن التوازي في التركيب فإنّ هذه الجمل تعمل المعاني والدلالات المتشابهة والمتقاربة بعضها مع بعضها الآخر، تصبّ في بوتقةٍ واحدة، وهي إظهار وضوح الموقف وأهمّية الحدث في لعن مَن رضي بظلم الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته، وأصحابه من الأوّلين والآخرين والخلائق أجمعين إلى قيام يوم الدين، ومَن أسّس هذا الظلم، ومَن قاتل وبايع وشايع.

أمّا الجمل الأربع الثانية فقد تشكّلت كالآتي: (فعل ماضٍ + فاعل ظاهر (لفظ الجلالة: الله) + مفعول به + مضاف إليه). ولهذا فإنّ التوازي خصيصة لا تخفى على أُولي الألباب، كما لا تخفى عليهم عبقرية المنشئ في تلاحم النصّ وتماسكه، فهذا الأُسلوب استقاه الإمام(عليه السلام) من رحيق القرآن، وبلاغة جدّه المصطفى محمّد(صلى الله عليه واله)، وفصاحة أبيه أمير المؤمنين علي(عليه السلام) وخطابه وبيانه، فضلاً عن أنّ هذا الأُسلوب لا تخفى فائدته في إعمال فكر المتلقّين وجذب انتباههم، فيشتاق المتلقّي إلى ردّ كلّ فقرة إلى أُختها.

أمّا الجملتان الأخيرتان، فقد تشكّلت كالآتي: (فعل ماضٍ + فاعل ظاهر (لفظ الجلالة: الله عز وجل) + مفعول به)، فإنّ أوّل ما يلحظ في هذا المقطع دقّة اختيار الألفاظ ودلالاتها في السياق ضمن نسق لغوي قائم على التوازي بين الجمل، وهذا التوازي بدوره أكسب النصّ إيقاعاً موسيقياً عذباً، فضلاً عن النهايات الموسيقية المتمثّلة في السجعات في نهاية كلّ جملة متوازية، والتطابق في البناء النحوي، كلّ ذلك قد رسم إيقاعاً وجرساً موسيقياً يدخل القلوب، وتميل إليه النفوس؛ إذ بطبعها تميل إلى الأصوات المنتظمة والمنسقة.

وجاء في نصّ آخر من الزيارة الشريفة: «أن يجعلني معكم في الدنيا والآخرة، وأن يثبّت لي عندكم قدم صدقٍ في الدنيا والآخرة، وأسأله أن يبلّغني المقام المحمود لكم عند الله، وأن يرزقني طلب ثاري مع إمام هدىً ظاهرٍ ناطقٍ بالحقّ منكم، وأسأل الله بحقّكم وبالشأن الذي لكم عنده أن يعطيني بمصابي بكم أفضل ما يعطي مصاباً بمصيبته، مصيبةً ما أعظمها وأعظم رزيّتها في الإسلام، وفي جميع السماوات والأرض»^{^[58]}.

ففي هذا المقطع توازت خمس جملٍ في سياقٍ متتابع ومتّصل ومتناسق تركيبياً ودلالياً كما يأتي: (أن يجعلني معكم)، (أن يثبّت لي عندكم)، (أن يبلّغني المقام)، (أن يرزقني طلب)، (أن يعطيني بمصابي)، وعبر آلية اشتغال واحدة تمظهرت عبر (أداة النصّب: أن) + الفعل المضارع المنصوب بأداة النصّب + المفعول به)، وأوّل ما يلحظ في هذا المقطع تكريس مجموعة من الألفاظ التي تحمل دلالات معنوية استمدّت جمالها من المقابلة، والموازنة، والإيقاع الموسيقي الناشئ من مجموع تلك الإيقاعات ضمن الوحدات اللغوية الخمس، فأدّى الإيقاع دوراً تنظيمياً للّغة، يُبرز تدفّق الشحنات الخطابية للنصّ ودلالاتها، فضلاً عن جمالياتها^{^[59]}.

ومَن يتأمّل في هذا النصّ من الخطبة يجد أنّ الكلمات داخل النصّ جاءت بشكل متلاحم تلاحماً مستحسناً، لا معيباً ولا مستهجناً، فهذا التلاحم حقّق إيقاعاً داخلياً يحرّك الأذهان، وتطرب إليه النفوس، ولعلّ التوازي الإيقاعي الذي حصل في هذا المقطع منح طاقةً صوتية في نسق متوازن استطاع في ضوئه الإمام(عليه السلام) أن يوصل الفكرة المراد إيصالها بطريقة هادئة وجميلة ومتوازنة تشدّ المتلقّين، وتحرّك أذهانهم وأحاسيسهم.

إنّ للألفاظ قيمة ودلالة بلاغية غير دلالاتها المعجمية، فكذلك الحال في الإيقاع، فإنّ «للإيقاع الصوتي المؤثر دلالات بلاغية لا تقلّ في أهمّيتها عن دلالة الألفاظ، وتزيد أهمّية الإيقاع الصوتي إذا تطابقت دلالاتها مع دلالة الألفاظ»^{^[60]}.

وفي ضوء ما تقدّم لا يخفى عن ذي لبّ ما لمنشئ نصّ الزيارة الشريفة من عبقرية في إنشاء النصّ من حيث تلاحم الكلمات داخل النصّ، وكما لا يخفى أنّ فائدة هذا الأُسلوب هو جذب انتباه المتلقِّين، وجعلهم متشوّقين إلى ما بعده من كلام، حتّى يصل الخطاب إلى أسماع المتلقّين وأذهانهم ومشاعرهم بأتمّ صورة وأحسنها وأفضلها وأكملها.

الخاتمة ونتائج البحث

بعد أن استنشقنا عبق الزيارة، ورفلنا بعطر خمائل الإمامة، ونهلنا من غديرها العذب الفرات، وسرنا في جنان كلماتها النورانية، وصلت بنا الخطى إلى نهاية المطاف، وآن لنا أن نقتطف الثمار لنسطّرها بكلماتٍ توجز كلام ما أفضناه، وتُجمّل حديث ما ابتدأناه، فأقول:

1ـ يُعدّ الدعاء في زيارة عاشوراء ثروة علمية وفكرية؛ لما تضمّنه من مضامين عميقة في مجال فلسفة الدين وعلل شرائع الأحكام، ومبادئ الإمامة، وفلسفة التعاليم الأخلاقية، والفكر السياسي الإسلامي.

2ـ أظهرت الدراسة أنّ الإمام(عليه السلام) استعمل عدداً من التقنيات الصوتية، كالتوازي والسجع، فقد حقّق التوازي تجانساً صوتياً، وإيقاعاً تكرارياً، كما حقّق السجع إيقاعاً موحّداً خالياً من التكلّف، متّسماً بالسلاسة والتتابع الصوتي والتناغم الإيقاعي، وأظهرت الدراسة أيضاً أنّ الإمام(عليه السلام) وظّف أنواعاً من السجع، منها السجع المتوازي، والسجع المطرّف، فضلاً عن استعماله(عليه السلام) لنسق التصريع الذي كان فيه الكثير من التناسق الإيقاعي المؤثّر، وهذا ما نجده إن شاء الله تعالى في القسم الثاني من البحث.

3ـ نلاحظ في الزيارة الشريفة تنوّع الإيقاع شدّةً وضعفاً من جهة، وسرعةً وبطئاً من جهة أُخرى بحسب السياق الذي يرد فيه، فتظهر قوّة الإيقاع وشدّته وسرعته عند تصويرها.

4ـ في ضوء دراستنا لأبرز مكوّنات الإيقاع نلاحظ أنّها جاءت صورةً مؤثّرة لما في نفس المخاطب وشعوره.

5ـ في ضوء دراسة الباحث لنصوص الدعاء في زيارة عاشوراء نلاحظ البناء الرصين الذي تحقّق في ضوء تماسك النصّ وتلاحمه، ووحدة البناء، ودقّة المعنى، وقوّة التراكيب ومتانتها، كلّ ذلك يظهر براعة أُسلوب منشئ النصّ ومتانته، وقوّة منطقه.

وأملي كلّه أن يكون هذا الجهد مؤهلاً للالتحاق بمسيرة البحث الأكاديمي، ليُضيء إضاءةً بسيطة في ميدانه، ويفيد باحثاً أو طالب علم، والله من وراء القصد، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

المصادر والمراجع

أوّلاً: الكتب

1. أساس البلاغة، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر بن أحمد الزمخشري (ت538هـ)، تحقيق: محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1419هـ/1998م.

2. الأُسلوب.. دراسة بلاغية تحليلية لأُصول الأساليب الأدبية، د. أحمد الشايب، مكتبة النهضة المصرية، الطبعة الثالثة، 1952م.

3. الأُسلوب..دراسة لغوية إحصائية، د. سعد مصلوح، عالم الكتب، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1416هـ/1992م.

4. أُسلوبية الانزياح في شعر المعلّقات، عبد الله خضر حمد، عالم الكتب الحديث، إربد ـ الأردن، الطبعة الأُولى، 2013م.

5. الأُسلوبية الدلالية في الأدب العربي (النظرية والتطبيق)، د. فايز الداية، دار التكوين للطباعة والنشر، دمشق، الطبعة الأُولى، 2016 م.

6. الأُسلوبية والأُسلوب: د. عبد السلام المسدي، الدار العربية للكتاب، الطبعة الثالثة، 1988م.

7. الأُسلوبية وتحليل الخطاب، د. منذر عياشي، مركز الإنماء الحضاري، دار المحبة، دمشق، 1429هـ/2009 م.

8. الأُسلوبية (الرؤية والتطبيق)، د. يوسف أبو العدوس، عمان، دار المسيرة، للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 1430هـ/2010م.

9. الأُسلوبية، بيير جيرو، ترجمة: منذر عياشي، مركز الإنماء الحضاري للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، 1994م.

10. إعجاز القرآن، أبو بكر محمد بن الطيّب الباقلاني (ت402هـ)، تحقيق: السيد أحمد صقر، دار المعارف، مصر، د.ت.

11. أنوار الربيع في أنواع البديع، السيد علي صدر الدين بن معصوم المدني (ت1120هـ)، تحقيق: شاكر هادي شكر، مطبعة النعمان، النجف الأشرف، 1389هـ/1969م.

12. الإيقاع في الشعر العربي، عبد الرحمن آلوجي، دار الحصاد للنشر التوزيع، دمشق، الطبعة الأُولى، 1989م.

13. البديع.. تأصيل وتجديد، د. منير سلطان، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1986م.

14. البديع في ضوء أساليب القرآن، د. عبد الفتاح لاشين، دار الفكر العربي، القاهرة، 1419هـ/1999م.

15. البديع والتوازي، د.عبد الواحد حسن الشيخ، مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية، الطبعة الأُولى، 1419هـ/1999م.

16. بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة، عبد المتعال الصعيدي، مكتبة الآداب، القاهرة، طبعة نهاية القرن، 1420هـ/1999م.

17. البلاغة العربية.. تأصيل وتجديد، د. مصطفى الصاوي الجويني، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1985م.

18. البلاغة والأُسلوبية.. نحو نموذج سيميائي لتحليل النص، هنريش بليث، ترجمة وتعليق: د. محمد العمري، إفريقيا الشرق ـ المغرب، 1999م.

19. البلاغة والأُسلوبية، د. محمد عبد المطلب، الشركة المصرية العالمية للنشر، لونجمان، الطبعة الثالثة، 1994م.

20. البنى الأُسلوبية.. دراسة (أُنشودة المطر) للسياب: د. حسن ناظم، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأُولى، 2002م.

21. تأويل مشكل القرآن، أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت276هـ)، تحقيق: إبراهيم شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت ــ لبنان، 2007م .

22. تحليل الخطاب الشعري، د. محمد مفتاح، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأُولى، 1985م.

23. التشكيل الصوتي في اللغة العربية، د. سلمان حسن العاني، ترجمة: ياسر الملاح، النادي الثقافي الأدبي، جدّة ـ السعودية، الطبعة الأُولى، 1983م.

24. التناسب البياني في القرآن (دراسة في النظم المعنوي والصوتي)، أحمد محمد أبو زيد، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء ـ المغرب، الطبعة الأُولى، 1992م.

25. خصائص الأُسلوب في شعر النقائض الأُموية، د. أحمد عبد العزيز باز، تقديم: أ.د. صلاح رزق، مكتبة الآداب، القاهرة، الطبعة الأُولى، 1439 هـ/2018م.

26. سرّ صناعة الإعراب، عثمان بن جني (ت392هـ )، تحقيق: حسن هنداوي، دار القلم، دمشق، الطبعة الأُولى، 1405هـ/1985م.

27. شرح المختصر على تلخيص المفتاح للخطيب القزويني، سعد الدين التفتازاني، منشورات إسماعيليان، قم ـ إيران، الطبعة السادسة، 1431هـ.

28. شعر الطبيعة في عصر الموحدين..دراسة أُسلوبية، د. محمد عبد الله عباس الشال، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، الطبعة الأُولى، 2018 م.

29. صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، أحمد بن علي القلقشندي (ت821هـ)، تحقيق: د. يوسف علي طويل، دار الفكر، دمشق، الطبعة الأُولى، 1987م.

30. علم الأصوات، د. كمال بشر، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة ـ مصر.

31. العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175هـ)، تحقيق: د. مهدي المخزومي، ود. إبراهيم السامرائي، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1408هـ/1988م.

32. في اللغة ومناهج التحليل، د. سامي علي جبار، جيكور للطباعة والنشر، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 2017م.

33. في جماليات الكلمة (دراسة جمالية بلاغية نقدية)، د. حسين جمعة، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق ـ سوريا، الطبعة الأُولى، 2002م.

34. قراءات أُسلوبية في الشعر الحديث، د. محمد عبد المطلب، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، الطبعة الأُولى، 1995م.

35. كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه القمّي (ت367هـ)، تحقيق: نشر الفقاهة.

36. لسان العرب، جمال الدين أبو عبد الله محمد بن مكرم بن منظور (ت711هـ)، تحقيق: ياسر سلمان أبو شادي، ومجدي فتحي السيد، المكتبة التوقيفية، مصر.

37. اللغة الشاعرة، عباس محمود العقاد، منشورات المكتبة العصرية، بيروت ـ لبنان.

38. المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، ضياء الدين نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الموصلي المعروف بـ(ابن الأثير) (ت637هـ)، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، بيروت ـ لبنان، 1995م.

39. المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها (في الجرس اللفظي)، د. عبد الله الطيب، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الثانية، 1970م.

40. المزهر في علوم اللغة، جلال الدين السيوطي، تحقيق: جاد المولى أبو الفضل البجاوي، مطبعة الحلبي.

41. المستويات الجمالية في نهج البلاغة، نوفل أبو رغيف، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، الطبعة الأُولى، 2008م.

42. المعجم الوسيط، إبراهيم مصطفى وآخرون، مجمع اللغة العربية، القاهرة، دار الدعوة.

43. مفاتيح الجنان، الشيخ عباس القمّي، دار القارئ، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1442هـ/2020م.

44. الميزان في تفسير القرآن، السيد محمد حسين الطباطبائي، مؤسّسة الأعلمي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1417هـ/1997م.

45. نحو نظرية أُسلوبية لسانية، فيلي ساندريس، ترجمة: د. خالد محمود جمعة، المطبعة العلمية، دمشق ـ سوريا، الطبعة الأُولى، 1422هـ/2003م.

46. النكت في إعجاز القرآن، علي بن عيسى بن علي بن عبد الله، أبو الحسن الرماني المعتزلي (ت384هـ)، تحقيق: محمد خلف الله، ومحمد زغلول سلام، دار المعارف بمصر.

47. وشي الربيع بألوان البديع في ضوء الأساليب العربية، د. عائشة حسين فريد، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2000م.

ثانياً: الأطاريح والرّسائل الجامعية

1. الأداء الأُسلوبي في المستوىٰ الصوتي في أغاني مهيار الدمشقي لأدونيس، رسالة ماجستير، كلية الآداب، قسم اللغة العربية، جامعة القادسية، إشراف الأُستاذ الدكتور محمد رضا البياتي، 2001م.

2. الإيقاع أنماطه ودلالاته في لغة القرآن الكريم (دراسة أُسلوبية دلالية)، (رسالة ماجستير)، عبد الواحد زيارة إسكندر المنصوري، جامعة البصرة، كلية الآداب، 1416هـ/1995م.

3. البناء الأُسلوبي في أدعية الأئمة المعصومين(عليهم السلام)، (رسالة ماجستير)، أحمد محمود أحمد، جامعة البصرة، كلية الآداب، 1432هـ/2010م.

4. البناء الصوتي في السور المكية، (رسالة ماجستير)، إبراهيم صبر محمد راضي الإزيرجاوي، جامعة البصرة، كلية التربية، 1424هـ/2003م.

5. اللعن والملعونون.. دراسة قرآنية، محمد أحمد الزيات، أُطروحة دكتوراه، جامعة النجاح في نابلس، 2008م.

ثالثاً: البحوث

1. الأُسلوبية، عدنان بن ذريل، مجلة الفكر العربي، العدد25، السنة4، 1982م.

2. البنية الصوتية في شعر بدر شاكر السياب (قصيدة مدينة السندباد نموذجاً)، بحث: د. هدى صحناوي، مجلة جامعة دمشق للآداب والعلوم الإنسانية، المجلد 17، العدد الأوّل، 2001م.

3. التكرار في التماسك النصّي .. مقاربة معجمية تطبيقية في ضوء مقالات خالد المنيف، د. نوال بنت إبراهيم الحلوة، مجلة جامعة أُمّ القرى لعلوم اللغات وآدابها، العدد 8، 1433هـ/2012م.

4. التلاؤم الصوتي وأثره في القرآن الكریم، جاسم غالي رومي، مجلة الكلية الإسلامية الجامعة، النجف الأشرف، العدد16.

5. الخصائص الأُسلوبية في خطبة السيدة الزهراء(عليها السلام)، د. طلال خليفة سلمان، موسوعة الموسم، أكاديمية الكوفة في هولندا، العدد109، المجلد2، السنة 27، 1436هـ/2015م.

6. الدعاء عند السيّدة الزهراء(عليها السلام)، أ. م. د. خليل خلف بشير، ومصطفى إبراهيم عاجل، مجلة جامعة ذي قار العلمية، المجلد 10، العدد 2، 2015م.

7. ظواهر أُسلوبية في شعر ابن دريد، د. أمين يوسف عودة، مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق، مج86، ج3، 2011م.

[1] اُنظر: د. سامي علي جبار، في اللغة ومناهج التحليل: ص14.

[2] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج1، ص473، مادّة: (سلب). واُنظر: الزمخشري، محمود بن عمر، أساس البلاغة: ص304، مادّة: (سلب).

[3] ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، تأويل مشكل القرآن: ص12. الشال، محمد عبد الله عباس، شعر الطبيعة في عصر الموحدين: ص40.

[4] اُنظر: هنريش بليث، البلاغة والأُسلوبية: ص51.

[5] اُنظر: المسدي، د. عبد السلام، الأُسلوبية والأُسلوب: ص89. وأيضاً: عدنان بن ذريل، الأُسلوبية، مجلة الفكر العربي: العدد 25: ص255.

[6] اُنظر: المسـدي، د. عبد السلام، الأُسلوبية والأُسلوب: ص83.

[7] اُنظر: فيلي ساندريس، نحو نظرية أُسلوب: ص26.

[8] الشـايب، أحمد، الأُسلوب (دراسة بلاغية تحليلية لأُصول الأساليب الأدبية): ص36.

[9] اُنظر: محمد عبد المطلب، البلاغة والأُسلوبية: ص120

[10] اُنظر: المسدي، عبد السلام، الأُسلوبية والأُسلوب: ص110.

[11] اُنظر: الداية، فايز، الأُسلوبية الأدبية في الأدب العربي: ص17.

[12] اُنظر: محمد عبد المطلب، البلاغة والأُسلوبية: ص116.

[13] اُنظر: سعد مصلوح، الأُسلوب (دراسة لغوية إحصائية): ص23.

[14] اُنظر: فيلي ساندريس، نحو نظرية أُسلوب لسانية: ص124. أبو العدوس يوسف، الأُسلوب (الرؤية والتطبيق): ص48.

[15] اُنظر: منذر عيـاشي، الأُسلوبية وتحليل الخطاب: ص27.

[16] اُنظر: محمد عبد المطلب، البلاغة والأُسلوبية: ص3.

[17] اُنظر: فيلي ساندريس، نحو نظرية أُسلوبية: ص26.

[18] اُنظر: فيل ساندريس، نحو نظرية أُسلوبية: ص124. أبو العدوس، يوسف، الأُسلوبية (الرؤية والتطبيق): ص33.

[19] اُنظر: حسن ناظم، البنى الأُسلوبية (دراسة في أنشودة المطر للسياب): ص21.

[20] اُنظر: سامي علي جبار، في اللغة ومناهج التحليل: ص20.

[21] اُنظر: فيلي ساندريس، نحو نظرية أُسلوبية لسانية: ص125. وأيضاً: أمين يوسف عودة، ظواهر أُسلوبية في شعر ابن دريد، مجلة مجمع اللغة العربية: مج 86، ج3، ص800.

[22] اُنظر: باز، أحمد عبد العزيز، خصائص الأُسلوب في شعر النقائض الأُموية: ص13.

[23] هو علم النُّظُم الصوتية أو علم الصوتيات الوظيفي(Phonology)، اُنظر: مبارك، مبارك، معجم المصطلحات الألسنية: ص22.

[24] ميشال عاصي، أميل بديع يعقوب، المعجم المفصل في اللغة والأدب: ص623.

[25] اُنظر: بييـر جيرو، الأُسلوبية: ص73.

[26] أحمد طه حسين، المعجم الشعري عند حافظ إبراهيم: ص29.

[27] اُنظر: هنريش بليث، البلاغة والأُسلوبية: ص51.

[28] اُنظر: حساني، عادل نذير، الأداء الأُسلوبي في المستوى الصوتي في أغاني مهيار الدمشقي لأدونيس: ص11.

[29] الباقلاني، محمد بن الطيب، إعجاز القرآن: ص270.

[30] اُنظر: المنصوري، عبد الواحد، سحر النصّ (قراءة في بنية الإيقاع القرآني): ص160.

[31] القمّي، عباس، مفاتيح الجنان: ص469.

[32] رومي، جاسم غالي، التلاؤم الصوتي وأثره في القرآن الكریم، مجلة الكلية الإسلامية الجامعة: العدد، 16، ج1، ص2.

[33] أبو الحسن الرماني، علي بن عيسى، النكت في إعجاز القرآن: ص95.

[34] السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، المزهر: ج1، ص147.

[35] اُنظر: الفراهيدي، الخليل بن أحمد، كتاب العين: ج1، ص52.

[36] اُنظر: حسين جمعة، في جمالية الكلمة: ص34.

[37] اُنظر: العقاد، عباس محمود، اللغة الشاعرة: ص35.

[38] القمّي، عباس، مفاتيح الجنان: ص469.

[39] ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر: ج1، ص159.

[40] المصدر السابق: ص81.

[41] سمّيت بالشجرية لأنّ مبدأها من شجْر الفم. اُنظر: الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج1، ص58.

[42] ابن الأثير، نصر الله بن محمد، المثل السائر: ج1، ص159.

[43] اُنظر: المصدر السابق.

[44] ابن جني، عثمان، سرّ صناعة الإعراب: ج1، ص17.

[45] نُسب هذا البيت إلى الجن ، وإلى ذلك ذهب القلقشندي. اُنظر: القلقشندي، أحمد بن علي، صبح الأعشى في صناعة الإنشاء: ج2، ص292.

[46] اُنظر: المنصوري، د. عبد الواحد، سحر النصّ (قراءة في بنية الإيقاع القرآني): ص138.

[47] القمّي، عباس، مفاتيح الجنان: ص469.

[48] اُنظر: الإزيرجاوي، إبراهيم صبر محمد راضي، البناء الصوتي في السور المكية (رسالة ماجستير): ص56.

[49] اُنظر: آلوجي، عبد الرحمن، الإيقاع في الشعر العربي: ص74.

[50] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج15، ص391، مادّة (وزى).

[51] إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط: ص103، مادّة (وزى).

[52] اُنظر: الشيخ، عبد الواحد حسن، البديع والتوازي: ص8.

[53] محمد مفتاح، تحليل الخطاب الشعري (استراتيجية التناص): ص٢5.

[54] اُنظر: أبو زيد، أحمد محمد، التناسب البياني في القرآن: ص129.

[55] اُنظر: الكبيسي، طراد، جماليات النثر الفنّي: ص23.

[56] ابن قولويه القمّي، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص328ـ329.

[57] أبو رغيف، نوفل، المستويات الجمالية في نهج البلاغة: ص75

[58] ابن قولويه القمّي، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص330.

[59] اُنظر: طلال خليفة سلمان، الخصائص الأُسلوبية في خطبة السيدة الزهراء: ص610.

[60] صحناوي، هدى، البنية الصوتية في شعر بدر شاكر السياب قصيدة مدينة السندباد نموذجاً، مجلة جامعة دمشق للآداب والعلوم الإنسانية: المجلد 17، العدد الأوّل، ص55.

الدعاء في زيارة عاشوراء - قراءة في ضـوء الأُسلوبية الصوتية - القسم الأوّل