المقدّمة

تمرّ السنین علی مجتمعنا الإسلامي وما زال یحتاج إلی عملیّات تنمویة بنیویة علی مستوی الفکر؛ فما زالت العقول متعطّشة کالأرواح للاستزادة من تعالیم الدین الإسلامي الأصیل لمواجهة الفکر الغربي المنحرف، الذي یسعی لتخریب ما جاء به النبي الأکرم وأهل بیته الطیّبین الطاهرین صلوات الله وسلامه علیهم.

ومن أهمّ المناسبات الداعمة لمشروع تنمیة الفرد المسلم تلك المجالس العاشورائیة المبارکة، التي تحمل في مکتنزاتها أروع الدروس وأجمل الحکم والمواعظ؛ لتکون رسالة إلهیّة مقدّسة تُخاطب کلّ أفراد المجتمع تحت خیمة الإمام الحسین× اللاهوتیة المقدّسة.

وللمرأة دور هامّ في مضمار هذا التبلیغ الحسیني العاشورائي في مجالس النساء، وفي نقل المفاهیم الإسلامیة التربویة، متجلّیة بالمحاضرات التي تُلقیها المبلّغة الحسینیة وتنشرها.

إنّ مجالس ذکر مصیبة الإمام الحسین الشهید× مرکز تربوي ومنبر إلهي عظیم، تعتمده المبلّغة الحسینیة مبدأً قويّاً لتفعیل الحرکة العبادیة من أجل تغيير الأوضاع وجعل الواقع أفضل، بخلق رغبة وإيجاد محبّة في العنصر النسائي المشارك في مجالس عاشوراء المبارکة.

وقضیة سیّدنا أبي عبد الله الحسین× من القضایا الکبیرة التي تهمّ الجماهیر، وتبعث في النفس التساؤلات، فکانت الحاضن الرسمي لإیصال المفاهیم والمطالب الدینیة إلی عمود الأُسرة وهو الأُمّ. قال أمیر المؤمنین×: «... فبعث فیهم رسله، وأوتر إلیهم أنبیاءه؛ لیستأدوهم میثاق فطرته، ویذکّروهم منسي نعمته، ویحتجّوا علیهم بالتبلیغ، ویثیروا لهم دفائن العقول»^{^[1]}.

من هنا؛ جاء الاهتمام بالبحث عن دور التفقّه في الدین واکتسابه من قِبل تلك الشخصیة التبلیغیة التي تسعی لبناء نساء وفتیات أُمّتنا بواسطة القضیة الحسینیة، ومن خلال نقل الرسالة التي خرجت من أجلها السیّدة زینب× والهاشمیّات یوم عاشوراء، یوم تقریر المصیر.

وقد قمنا بتقسيم محتوى البحث علی الأفکار التالیة:

ضروره التفقّه في الدین لبناء المجتمع الإسلامي.

مكانة المرأة في المجتمع الإسلامي.

أدوات اکتساب العلوم الدینیة لإنجاح العملیة التبلیغیة.

الاندماج الوظیفي بین التفقّه في الدین والعملیة التبلیغیة.

انعکاس التفقّه في الدین علی شخصیة المبلّغة الحسینیة الناجحة.

إنّ هذا الترکیب العلمي الثقافي المکوّن من اکتساب العلوم الدینیة؛ بالإضافة إلى شخصیة المرأة کمربیة ومدرّسة في المجتمع الإنساني، وکعنصر تنموي بارز في التصدّي لوظیفة التبلیغ الحسیني؛ یجعل من الموضوع محلّ بحث لفهم شخصیة المبلّغة الحسینیة، وأهمّیة موقعیّتها ووظیفتها في حیاتنا، وأهمّها حلّ المشکلات الواقعة بین أفراد الأُمّة، وبثّ روح النشاط لدی العنصر النسائي، وتفعیل دور المرأة کمُربیة في تربية عناصر الأُسرة تربیةً حسینیةً تعتمد النهج الحسیني والمبادئ الزینبیة الإسلامیة.

فالمبلّغة الحسینیة التي تنشر ما یتعلق، بالقضیة الحسینیة في خطاباتها، إنّما تُرید بذلك ما أراده سیّد الشهداء× من إصلاح الأُمّة وتقویم الأفراد للوصول إلی الغایة الإلهیّة من الخلق، يقول تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)^{^[2]}، فکانت أُطروحة العبادة بشکلها الجدید متمثّلةً بجهاد المرأة العلمي في الدفاع عن مباني الإسلام الأصیل المعتدل، بعیدةً عن کلّ ما یشوّه صورة الدین الحقّ.

وباقتران فکر المرأة بالقضیة العاشورائیة، فقد أصبحت لدينا مدرسة متکاملة تستحقّ التقدیر والدعم بکلّ ما أمکن، وهذا المقال جزء یسیر من كثير ممّا تستحقّه المرأة المبلّغة.

إطلالة على معرفة معنى مصطلح التفقّه في الدين

الفقه لغةً هو: «العلم في الدين... وفقه يفقه فقهاً إذا فهم»^{^[3]}. وأيضاً هو: «العلم بالشيء والفهم له»^{^[4]}.

والفقه شرعاً هو: «العلم بالأحكام الشرعية العملية (الفروعية) من أدلّتها التفصيلية»^{^[5]}. فالتفقّه في الدین یعنی العلم بالدین وفهمه.

وتسعى الشخصیة الرسالیة للمبلّغة الحسینیة إلى تقدیم خطابات حسینية قائمة علی الفهم العميق لمفاهيم الدين، محاولة بذلك نشر تلك المفاهيم وإيصالها الى المجتمع. وبالإضافة إلی ذلك فهم مشکلات المجتمع وکیفیة سدّ الثغرات من خلال معرفة مواقع الخلل القائم في الفکر الحالي، وخصوصاً في فکر العنصر النسوي. ومن هنا؛ دعا الإسلام إلی تنمیة القوّة الفکریة للنساء من خلال طلب العلوم الدینیة من منابعها القویمة.

وما نراه من سعي حثيث للمبلّغة الحسینیة في طلب العلوم والمعارف الدینیة، إنّما ينبثق عن حسّها العمیق بضرورة تغییر واقع المجتمع ونقله لصورة أفضل تحاکي الدولة الإسلامیة التي صوّرها الخالق (جلّ وعلا) من خلال وصفه لأفرادها بالمتّقین المصلّین الواعظین.

وجاء قوله تعالی: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)^{^[6]}، تأيّيداً ملازماً لمـَن أراد نصرة دین الله تعالی بقوله وفعله وبتبلیغه. وهذه النصرة بالعزّة التي ینعم بها المبلّغ الحسينيي والمبلّغة الحسینیة من خلال إحساسهما براحة الضمیر في أداء الحقّ الإلهي بنشر الدین العزیز. قال تعالی في محکم کتابه العظیم: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)^{^[7]}.

إنّ المسلم الحقیقي في مواجهة الفساد والمفسدین یزداد إصراراً علی إنجاح مشروع الإسلام الإصلاحي، الذي یبدأ بطلب العلم النافع والوعي الرسالي لهذا المشروع؛ ولذلك أشار القرآن الکریم إلى ثبات المؤمنین في الساحة بالرغم من اجتماع المؤامرات علیهم من کلّ جهة، فقال تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)^{^[8]}.

ولا یخفی علینا قدرة المرأة في اكتساب العلوم والمعارف الدینیة، كما لا يخفى دورها في التربیة، فهي جدیرة بامتیاز في تبلیغ ما تعلّمته من أوامر إلهیة؛ لتکون آمرةً بالمعروف ناهیةً عن المنکر من خلال إلقائها للخطابات الحسینیة في مناسبة عاشوراء العظیمة.

وعندما تکتسب المبلّغة الحسینیة التي تُلّقي المحاضرات الدینیة أساساً اعتقادياً متيناً، فحينئذٍ ستکون قادرة علی خلق جيل من الأُمّهات يُسهمن بشكل أساسي في نصرة الدین من خلال تربیة أولادهنّ، وخلق أجواء دینیة في مساکنهنّ؛ فتنطلق بذلك شرایین أُمّتنا من شبابنا وشابّاتنا مفعمین بالحیاة الإسلامیة الکریمة، ورافعین رؤوسهم بافتخار واعتزاز، أقویاء لا تهزّهم الهجمات الغربیة بأفکارها، ولا تستطيع العبث بمصیر أُمّتنا، بل تُصبح کخیوط العنکبوت مهانة ذلیلة أمام تراثنا الذي استقیناه من مجالس سیّد الأحرار الحسین×.

فالانتقالة لذاك المجتمع الفاضل لا یتمّ إلّا بخطوة فکریة قویة معتمدة علی ثقة نفسیة وروحیة عالیة، وإیمان راسخ لا یتزعزع.

ولم يعدّ القول بأنّ دور المرأة منحصر بأعمال البیت وتربیة الأطفال وجعل حدودها منحصرةً بأعمال المنزل منسجماً مع الواقع دائماً، ففي بعض المجتمعات والأُسر تکون المرأة صامتة صمتاً ممیتاً لا رأي لها ولا دور حتی في تربیة أطفالها، وتُصبح السیطرة حينئذٍ للعالم الخارجي في نقل الأفکار والثقافة إلى الأطفال والشباب، فيوجد جيل متأثّر بالثقافة الغربیة وما تحتويه من أفكار تخریبیة تبثّها في المجتمع بواسطة الإعلام؛ وبذلك یُصبح شبابنا أُسراء ثقافتهم ومتبنّياتهم الفكرية، فينشرونها بین أفراد بیئتهم المحیطة بهم.

وهنا تکمن الخطورة عندما لا نجد للمرأة دوراً مؤثّراً في العملية التعليمية بصفتها معلّمة أو متعلّمة؛ لتستطیع إدراك الواقع المعاش ومواجهة الحرب الإعلامیة الغربیة، أو ما تُعرف اليوم بالحرب الباردة، و«الإعلام الباطل الیوم سلاح فتّاك بید أعداء الدین، وبید الدول المستکبرة، یشنون عن طریقه حرباً نفسیة ضدّ مَن یقف بوجههم. فهو أکثر نکایة و ضرراً من الحرب العسکریة؛ لأنّه یسلب من الناس هویّتهم وثقافتهم، ویتیسّر من خلاله بسط نفوذهم، وهذا ما نسمّیه الیوم بالغزو الثقافي»^{^[9]}.

وهنا تأتي المبلّغة الحسینیة لتقوم بمسؤولیة الکشف عن دور المرأة في مجالات الحیاة، من خلال إلقاء محاضراتها العلمیة الدینیة. قال رسول الله‘: «ألا كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيّته، فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيّته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم»^{^[10]}.

ولأنّ المرأة مسؤولة عن بیتها وأولادها، فهي محطّ للأنظار، ومحلّ لارتکاز المجتمع علیها؛ لتخرج من بیتها عناصر فاعلة في الحیاة تفخر بهم الأُمّة، وتبني الحضارة الإسلامیة بسلوکیّاتهم الإسلامیة الأصیلة النابعة عن سلوك ربّة المنزل وثقافتها المکتسبة.

ضرورة التفقّه في الدين لبناء المجتمع الإسلامي

قال رسول الله‘: «طلب العلم فریضة علی کلّ مسلم ومسلمة»^{^[11]}. وکلمة فریضة تدلّ علی وجوب اکتساب وتحصیل العلم، والمقصود بالعلم هنا هو علم الدین ولیس أيّ علم آخر؛ بل إنّ باقي العلوم تُعتبر من الثانویّات، وعلم الدین هو الأساس والرکیزة الأُولی لحیاة الإنسان؛ لأنّ الدین هو المنظّم لجوانب حیاة العبد؛ فهو ذو مدخلیة في جمیع حرکاته وسکناته وعلاقاته وروابطه.

والتنمیة الإلهیة للعبد لاحدود لها؛ فالله تعالی لم یخلق الإنسان ویترکه لما قد یُعطّل وظائفه ویبطل دوره الأساسي في تحقیق معنی العبودیة للخالق، بل أيّده بما یُشبع رغبته في الدنیا لیرتقي قمم العلم.

وأنزل الله} شریعته علی البشر کي یستفیدوا منها في کلّ مجالات حیاتهم، وتکون الأُسلوب الأمثل، والسیر المثالي لأحداث حیاتهم، ولنیل النتائج المرجوّة، وهي السعادة والنجاح والفلاح دنیاً وآخرةً.

ولمعرفة سُبل النجاح علینا معرفة سُبل اکتسابه بالعلم والمعرفة التي أمرنا خالقنا بها، ولیس کما نتصوّر نحن ذلك، فکثیرون ممّن ذهبوا إلی فکرة التمدّن وتقلید الغرب یظنّون أنّ العلوم الغربیة، أو العلوم الدنیویة هي جلّ ما یبتغیه الإنسان، وأنّه بواسطتها یحصد المکانة المرموقة والمقام العظیم بین أفراد مجتمعه، غافلين عن التغذیة الحقیقیة التي حدّدها لنا الخالق جلّ وعلا، والمتناسبة مع تکوین وجودنا وعناصره من روح وعقل وقلب وبدن، تلك التغذية التي نجدها في تعاليم الدین الإسلامي الذي جاء به خیر الأنبیاء، ومن بعده الأئمّة المعصومون^.

ولذا حثّ الأئمّة الأطهار^ علی ضرورة التفقّه في الدین کمرتکز متین وقوي لبناء شخصیة الإنسان المسلم، فعن أبي عبد الله×: «إذا أراد الله بعبد خیراً فقّهه في الدین»^{^[12]}. فالخیر ما تعلّمه الناس من التفقّه في الدین والاستزادة من معرفة الحقائق الدینیة؛ لما فیها من خیرات تعمّ الإنسانیة علی کافّة الأصعدة.

وعن الإمام زین العابدین×: «لو یعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج، إنّ الله تعالی أوحی إلی دانیال: إنّ أمقت عبادي إليّ الجاهل المستخفّ بحقّ أهل العلم، التارك للاقتداء بهم. وإنّ أحبّ عبادي إليّ التقي، الطالب للثواب الجزیل، اللازم التابع للحکماء، القابل عن الحکماء»^{^[13]}. فلفظة الناس جاءت لعامّة البشر، ولم تُخصّص بالعنصر الرجالي في المجتمع، بل تشمل کلا الجنسین من المرأة والرجل، فكلاهما معنيان للالتحاق بركب العلماء؛ ليتسلّحا بالعلم من أجل تعلیم الناس وتوعيتهم. فعن الإمام الصادق×: «مَن تعلّم العلم وعمل به وعلّم لله، دُعي في ملکوت السماوات عظیماً، فقیل: تعلّم لله، وعَمِل لله، وعلّم لله»^{^[14]}.

فطلب المرأة لعلوم فيها رضا الله تعالی وتعلّمها وتعليمها لباقي النسوة، هو من الطاعة العظیمة المرجوّة والمترقّبة من قبلها، كما أنّ النتائج المترتّبة على ذلك يعود نفعها بدايةً على المرأة المبلّغة نفسها، ثمّ على أُسرتها، ومن بعد ذلك على مجتمعها.

إذاً؛ فنشاط المبلّغات الحسینیّات في إلقاء المحاضرات الدینیة والتبلیغ، يكون من خلال التفقّه في الدين والوعي المکتسب من مدرسة النبي الأکرم‘ وأهل بیته الطیّبین الطاهرین^.

مكانة المرأة في المجتمع الإسلامي

اعتبر الإسلام المرأة حجر الأساس في التربیة والتأسیس للأُسرة المؤمنة، ونبّه علی ضرورة تثقیفها تثقیفاً دینیّاً؛ لیکون العشّ الأُسري في مأمن من مفاتن الدنیا وزینتها، وبالتالي تکون الأُمّة الإسلامیة محصّنة ومصانة.

تقول الشاعرة الأدیبة علیة الجعار: ^{^[15]}

یا سائلاً عنّي وعن آبائیا

أو لیس أصلي کالحقیقة زاهیا

إنّي ابنة الإسلام أکرم والد

حسبي من الدنیا به نسباً لیا

في الجاهلیة کنت کمّاً مهملاً

وأُنوثتي عارٌ تسیر ورائیا

فرفعت کفّي للسماء لعلّها

تحنو وتشرق بالضياءِ سمائیا

حتّی أضاء الکونَ نورُ محمد

صلّی الإلهُ علیه نوراً هادیا

فتشبّعت روحي به وبدینه

وتحطّمت في ظله أغلالیا

وأعزّني الإسلام مرتفعاً به

رأسي وأرسی في الحیاة مکانیا

وعرفت رشدي في هدی أحکامه

أصبحت أعرف ما عليّ وما لیا⁽¹⁾

وللمرأة دور كبير في صنع مجتمع صالح، فالرجال الصالحون هم من نتاج تربیة الأُمّهات اللاتي تمتّعن بصفات الأُسوة الحسنة، واقتدين بمَن سجّل التاریخ أسماءهن في سجل الشجاعة والکرامة، فكُنَّ نموذجاً صالحاً یُقتبس منه الصلاح والرشاد والهدایة المرجوّة؛ لذلك كانت تربیة هؤلاء النساء عبارة عن نماذج مصغّرة لتربية أُولائك النسوة اللاتي قدّمن للإنسانیة مفاهیم الإباء والنضال بکلّ ما أُوتین من قوّة، ومن أهمّ تلك القوی هي القوّة الفکریة والإیمانیة والعقائدیة.

ومن أُولئك النسوة: «فاطمة الكبرى بنت الإمام الحسين×... وجلالة هذه العلوية المخدّرة وعظم شأنها أوضح من أن یحتاج إلی بیان وإقامة دليل وبرهان، فهي عالمة محدّثة مجاهدة، ترکت أثراً لا يُمحى في التاریخ الإسلامي، وإلیها وإلی غیرها من بنات أمیر المؤمنین× یرجع الفضل في نجاح ثورة الحسین× ونهضته الدامیة»^{^[16]}.

و«الحقیقة تقول: إنّ العالم رجل وامرأة، لکلّ منهما مسؤولیة تُضاهي في أهمّیتها مسؤولیة الآخر؛ واختلافهما في التکوین الفیزیولوجي لأداء دورهما في هذا الکون هو نعمة، ولیس منّا مَن ینسی أبداً تأثیر الأُمّ في جنینها وطفلها ذکراً کان أم أُنثی... فلو کانت أقلّ قدرة وکفاءة وذکاءً و إمکانیة لما استطاعت أن تُعطیه وتربّیه وتُکسبه الکثیر من المهارات اللغویة والسلوکیة التي تُعتبر مفاتیح لبنائه إنساناً»^{^[17]}.

فالمرأة شعاع الحیاة، ونبض المجتمع، والطاقة العجیبة التي ما إن تشتعل حتی یتغیّر کلّ ما حولها، وإن خمدت فإنّ الظلام سیحلّ بالمحیط. كما أنّ البیئة الداعمة للمرأة إنّما تدعم استمراریّتها لتضمن لها النجاح والتفوّق في کلّ المجالات.

ومن هنا؛ فإنّ المبلّغة الحسینیة لا تکتفي بالدور التربوي الأُسري؛ وإنّما تعمّ فائدتها بشکل مباشر المجتمع الإسلامي، وتُصبح شخصیة قیادیة فکریة تأخذ بالعقول لبحر الفهم والإدراك تحت أُطر تربویة اجتماعیة صاغتها القضیة العاشورائیة بصورة مجالس حسینیة مبارکة.

وانطلاقاً من قول النبي‘: «لا خیر في العیش إلّا لرجلین: عالم مطاع، ومستمع واعٍ»^{^[18]}؛ ومن هنا لا بدّ أن یعرف أبناء الأُمّة قیاداتها الدينية؛ لأنّها مأمورة باتّباعها بعد التعرّف علی کفاءتها العلمیة ومؤهّلاتها القيادية. وإنّ القیادة الرسالیة التي تتحلّی بها المبلّغة الحسینیة لا تقلّ قیمة عن أيّ دور قیادي آخر في حیاتنا، فهي تُربّي وتعلِّم وتثقِّف وتبني وتکشف ما غاب عن أعین نسوتنا وفتیاتنا، وتزیح الستار المصنوع بأیدي غربیة.

وما أکثر الشخصیّات النسویة في تاریخ الإسلام اللاتي غیّرن مجری الحیاة بفکرهنّ الزاخر وبالحکمة والفهم، وبدّلن تلك الصورة التقلیدیة عن کون المرأة ضعیفة لا صوت لها، وأنّ الدور الوظیفي کلّه بید الرجل، وأنّ حدود عملها البیت وتربیة الأطفال، وکأنّها في منأی عن المجتمع.

ومن تلك النماذج اللامعة في تاریخ الإسلام مولاتنا السیّدة الزهراء، والسیّدة زینب’، حیث کانت خطبهما الجبروتیة مزلزلة لعروش الطغاة؛ بغیة تغییر واقع المجتمع، فقد أثارتا دفائن العقول بعبارات صاغتاها من وحي العلم الإلهي، وكيف لا تكونا كذلك وهما مَن تربّتا في بیت النبوّة؟!

وللوقوف على تلك الخطب النورانية نورد هنا نموذجاً من خطب السیّدة زینب’، التي ما زالت أصداؤها إلی یومنا الحالي ترسم إشراقات حسینیة لمستقبل الأُمّة في الدفاع عن نهج الحقّ المحمدي، فقد جاء في إحدى خطبها’ ما نصّه: «... ولئن جرّت عليَّ الدواهي مخاطبتك، إنّي لاستصغر قدرك، واستعظم تقریعك، واستکثر توبیخك، لکنّ العیون عبری والصدور حرّی، ألا فالعجب کلّ العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشیطان الطلقاء... فالحمد لله ربّ العالمین، الذي ختم لأوّلنا بالسعادة والمغفرة، ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن یُکمل لهم الثواب ویوجب لهم المزید، ویُحسن علینا الخلافة، إنّه رحیم ودود، وحسبنا الله ونعم الوکیل»^{^[19]}.

فهي بهذا الخطاب البطولي، وبهذا الثبات والشجاعة، کشفت مأساة کربلاء، وأظهرتها للأجيال بأروع وأدقّ صورة، من النضال، والإباء، والشجاعة، والإیمان، والترفّع، إلی جانب قوّة بیانها وقوّة حجّتها، وقد روّعت بخطبها في الکوفة والشام النفوس، وشهد لها التاریخ بسحر البیان، فهي الحوراء الهاشمیة التي نطقت کنطق أبيها وأُمّها، بل کانت الزهرة المحمدیة التي یفوح عطر الولایة من فیها أینما حلّت وأینما کانت.

ومن الإضاءات الزینبیة نستلهم الشخصیة الرسالیة للمرأة المبلّغة، وکیفیة تکوین هذه الشخصیة من الناحیة العلمیة والنفسیة تحت أُطر إیمانیة متینة. وهکذا یُرید الباري جلّ وعلا أن تکون المرأة ذات موقعیة غیر مهمّشة، وصامدة صمود الأبطال، وشامخة لا تهزّها العواصف، تدافع عن دینها ومبادئها ومعتقداتها؛ لتحافظ علی نهج الأنبیاء والأولیاء في تحقیق العبودیة الحقّة.

أدوات اكتساب العلوم الدينية لإنجاح عمل المبلّغة الحسينيّة

من الضروري معرفة طرق اکتساب العلوم والمعارف الإلهیة لکلّ مبلّغة حسینیة؛ کي تحصد أهمّ ما یفید المجتمع، وتسعی لمعرفة المشکلات التي یواجهها المجتمع بوجه عامّ، والعقبات التي تقف في وجه المرأة المسلمة في یومنا الحالي.

فمشکلات الیوم تختلف عن مشکلات الأمس، وطرق العلاج الیوم تختلف عن طرق العلاج بالأمس، لکنّ المبادئ واحدة، وكذلك الأهداف والغایات، والتطوّر الذي نعیشه في وقتنا الحالي یستدعي منّا العمل کمبلّغات حسینیات أن نتّبع العلوم بالطرق الحدیثة، والاستفادة ممّا في أیدینا من أجهزة ذکیة لتسخیرها في سبیل الدین ونشر علوم أهل البیت^، ولمواجهة مشکلة العصر التي هي الحرب الثقافیة الإعلامیة (الحرب الباردة) الموجّهة ضدّ مختلف طبقات المجتمع، بدءاً من فلذة أکبادنا إلی ربیع أُمّتنا شبابنا وحتّى کبارنا. قال تعالی: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ)^{^[20]}، وهذا الإعداد یستلزم تسخير کلّ ما ينفع في هذا الطریق العظیم، طریق توعیة المسلمین.

ومن أهمّ طرق اکتساب العلوم الدینیة:

الالتحاق بالمؤسّسات التعلیمیة التثقیفیة الدینیة، مثل: الجامعات، والحوزات، والمدارس الدینیة.

قراءة الکتب بشکلیها الإلکتروني والورقي.

متابعة البرامج التوعویة.

التسجیل في ورشات العمل التبلیغي التي تزوّد المبلّغة الحسینیة بأسالیب التبلیغ وأشکاله وکیفیته، والاستفادة من خبرات الأساتذة المختصّين في العملية التبليغية، وتجارب المبلّغین الناجحین في مسيرتهم التبليغية، واقتباس الشخصیة الرسالیة منهم.

الاستفادة من برامج التواصل الاجتماعي في المجال التبليغي وهي كثيرة جدّاً ـ
لإنشاء مجموعات يتواصل أفرادها فيما بينهم، ويتباحثون في فنون التبلیغ، وينشرون کلّ ما یتعلّق بموضوع التبلیغ الحسیني البنّاء.

ارتیاد دورات ناشطة في مجال التبلیغ الإعلامي الإلکتروني.

حضور المجالس الحسینیة المبارکة، التي تُعتبر بحدّ ذاتها مدرسة تثقیفیة ومحلا لفهم القضایا الإسلامیة، وذلك من خلال اجتماع المؤمنات کروح واحدة جمعتهن محبّة أهل البیت×، وبالتالي فإنّ تقبّل القضایا الدینیة یکون أبلغ من خلال المشارکة الجماعیة، خصوصاً وأنّ الحضور في المجالس الحسینیة هو حضور روحي وعاطفي نابع عن رغبة قویة واندفاع بارز، مرفقاً بشوق وحنین لسماع قصّة الحسین الشهید×، وهذا من الدوافع المثیرة للتعلّم والاستفادة.

ومن هنا؛ كان أهل البيت^ يُقيمون هذه المجالس ويحثّون شيعتهم على إقامتها أيضاً، فقد ذُكر أنّ الإمام الصادق× كان إذا دخل المحرّم یعقد مجالس ذکر مصیبة جدّه الحسین×، ویدعو الشعراء لرثائه والبکاء علیه، كما كان× يدعو لزوّار قبر جدّه الحسين×، یقول معاویة بن وهب: «استأذنت على أبي عبد الله×، فقيل لي: ادخل. فدخلت فوجدته في مصلّاه، فجلست حتّى قضى صلاته، فسمعته وهو يناجي ربّه وهو يقول: يا مَن خصّنا بالكرامة، وخصّنا بالوصية، ووعدنا الشفاعة، وأعطانا علم ما مضى وما بقي، وجعل أفئدةً من الناس تهوى إلينا، اغفر لي ولإخواني ولزوّار قبر أبي الحسين (صلوات الله عليه)»^{^[21]}.

الاندماج الوظيفي بين التفقّه في الدين والعملية التبليغية

نظرة في المبنى والطريقة والهدف

إنّ النظرة الأُولی لموضوع التفقّه في الدین وموضوع العملیة التبلیغیة، تجعلنا نلحظ العدید من المشترکات بینهما في المبنی والأساس والطریقة والغاية والهدف، فالتفقّه في الدین والعملیة التبلیغیة وجهین لعملة واحدة بالنسبة للمبلّغة الحسینیة، فکلّ منهما لا ینفك عن الآخر، والاتّصال بینهما یشکّل اتّصالاً بین النظریة والتطبیق؛ فالتفقّه في الدین یؤخذ بقالب أخذ النظریّات، والعملیة التبلیغیة هي القالب العملي الذي تنطبق علیه نظریّات المعارف الإلهیة. وكذلك یمکن اعتبار العملیة التبلیغیة من دون مبالغة الجسر الأساس لنقل تلك المعارف الإلهیة للمخاطبین والحاضرین والطالبین للدرب السلیم من أجل بناء مستقبل قویم.

الاشتراك في المبنى

فمبنى التفقّه في الدین معرفة الله جلّ وعلا والسعي لنیل مرضاته، وتکوین بنیة عقائدیة متینة لشخصیة المسلم والمسلمة، وكذلك هو المبنى في العملية التبليغية.

كما نستطیع القول بأنّ المنطلق والهدف لکلّ من التفقّه في الدین والعملیة التبلیغیة واحد؛ وذلك أنّ انطلاق العملیة التبلیغیة والتفقّه في الدین یکون من معرفة الله تعالی ومبادیء العقیدة، ومعرفة أسباب اتّباع الدین واتّخاذه درباً صحیحاً للسلوك الإنساني، كما أنّ العملیة التبلیغیة تنطلق أیضاً من معرفة الله جلّ وعلا والنبوّة والإمامة وغیرها من المعتقدات التي هي في الحقیقة هدف بالإضافة لکونها مبنیً.

فالهدف من التفقّه في الدین والعملیة التبلیغیة هو عبادة الله تعالی ومعرفته حقّ المعرفة، وتحویل المعرفة لتطبیق عملي ساري المفعول من الدنیا إلی الآخرة، وهذا ما نُسمّیه بالحرکة التکاملیة للشخصیة الإسلامیة المقتدیة بمَن سبقها من الأنبیاء والأولیاء والصالحین.

وهذه الحرکة الجوهریة الإیمانیة نتاج اندماج وظیفي بین التفقّه في الدین والعملیة التبلیغیة، فالتفقّه في الدین سلاح المبلّغة الحسینیة وهي في مقام التبلیغ، حیث لا یخفی علینا دورها في تزويد المخاطبين بمختلف المعلومات العلمية والمعارف الدينية، وبالتالي فهي في الواقع محطّ تساؤل دائم؛ لذا يجب عليها التفقّه في الدین وجعله مسلکاً هامّاً وضروریاً لتفعیل العملیة التبلیغیة، فمن دون کسب المعلومات الدینیة في مختلف المجالات تكون العملیة التبلیغیة ضعیفة ومنحصرة في مجالات محدّدة، وغیر شاملة لمقتضیات المجتمع.

إذاً؛ أساس العملیة التبلیغیة هو التفقّه في الدین بصورة شاملة.

الاشتراك في الأدوات العلمية

لمعرفة کلّ من التفقّه في الدین والعملیة التبلیغیة لا بدّ من النظر في المضامین والأدوات العلمیة المستفادة منها، لتحقیق أهداف المبلّغة الحسینیة في العملیة التبلیغیة والوصول للنجاح المطلوب من موقعها کمبلّغة رسالیة.

والأدوات العلمیة هي:

القرآن الکریم: فکتاب الله جلّ وعلا المصدر الأساسي لکلّ قول وعمل یُراد بهما تغییر الشخصیة لتُصبح ذات سمة إسلامیة تنطلق في الحیاة وفق دستور إلهي لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه، ودعامة قویة لهدایة الطالبین للعشق الإلهي، فلا یمکن تصوّر أي عمل تبلیغي دون تصوّر مدخلیة الآیات القرآنیة في موضوعاته وتفرّعاته، ودون إيجاد حلول للمشکلات الاجتماعیة والأخلاقیة والتربویة التي یُعانیها أفراد المجتمع.

السنّة النبویّة الشریفة وسیرة أهل البیت^: فسیرة النبي الأعظم وأهل بیته الطیّبین^ وتاریخهم وتقریراتهم وإمضاءاتهم تُعتبر مادّة ضروریة للتمسّك بها لنیل المعارف الدینیة، والاستزادة منها للارتقاء بالعملیة التبلیغیة. قال رسول الله‘: «يوشك أن يأتي رسول ربّي فأُجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أوّلهما كتاب الله؛ فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به... وأهل بيتي؛ أُذكّركم الله في أهل بيتي، أُذكّركم الله في أهل بيتي، أُذكّركم الله في أهل بيتي»^{^[22]}.

ومن البدیهي أنّ مَن یربط فکره وروحه وسیرته ویقرنها بالعظماء، فسینال من العظمة ما یبهر ویدهش؛ ذلك أنّ العظمة الإلهیة بلطف الباري جلّ وعلا ساریة في أولیائه، وکذلك فیمَن اتّبعهم وسار علی نهجهم، فالعظمة هنا هي النجاح والتوفیق الحاصل للمبلّغة الحسینیة التي قرنت فکرها وإدراکها بأهل البیت^.

محاضرات الأساتذة من أهل الخبرة والمعرفة: قال رسول الله‘: «مَن استقبل العلماء فقد استقبلني، ومَن زار العلماء فقد زارني، ومَن جالس العلماء فقد جالسني، ومَن جالسني فکأنّما جالس ربّي»^{^[23]}.

الدراسة العلمیة الحوزویة والأکادیمیة للعلوم الدینیة: قال الله في کتابه العزیز: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)^{^[24]}.

مطالعة الکتب الدینیة والحدیثة منها، خصوصاً التي تُعنی بالتربیة الدینیة وغیرها: فعن الإمام الباقر×: «تذاکر العلم ساعة خیر من قیام لیلة»^{^[25]}.

ومن المشترکات أيضاً بین التفقّه في الدین والعملیة التبلیغیة أنّ کليهما نتاج الثقافة الدینیة للمبلّغة الحسینیة، وثمرة خطوات وسعي للعالمة، فالشخصیة التي تتمیّز بها المبلّغة الحسینیة هي أنّها کالشجرة المثمرة أینما حلّت أتت أُکلها، وأعطت علمها، ونفعت المشاركات في مجلسها؛ لتکون زهرة ینبثق عبیرها في أرکان المجتمع؛ باعتبار أنّ کلّ امرأة هي رکن لهذا المجتمع، وهذا بفضل الإسلام ومبادئه وسمو آدابه، فقد استطاع أن یجعل المرأة المسلمة قدوة مثالیة لبناء الأُمم في رجاحة العقل وسمو الإیمان وکرم الأخلاق، ورفع منزلتها الاجتماعیة.

الاشتراك في الأهداف والغايات

إنّ الغایات التي تسعی إلیها المبلّغة الحسینیة هي نفسها الغایات المطلوبة في العملیة التبلیغیة، وهذه الغايات على أقسام، فمنها: غایات فردیة، واجتماعية، وتربویة، وأخلاقیة، وعبادیة، وعقائدیة، وسیاسیة، ونهضویة، وثوریة. ومنها: غایات تُخاطب المرأة بحدّ ذاتها دون الرجل، كما في خطابها للأُمّ، وخطابها للبنت، وخطابها للمرأة بکافّة أدوارها التي تؤدّيها وتُمارسها في الحیاة.

فغایات التفقّه في الدین والعملیة التبلیغیة هي الارتقاء بمستوی الأفراد المتعلّمین والحاضرین في مجالس العلم ومجالس ذکر الإمام الحسین×، وبناء کلّ نفس من خلال دعم العقول بالعلم والمعرفة، وتکوین شخصیّات إسلامیة معتمدة علی الهویة الإسلامیة، بعیداً عن تلك الثقافات التي یصدرها المغرضون والغربیّون وأصحاب الفکر المنحرف، قال تعالی: (...وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)^{^[26]}.

فالعلماء هم سلاح الحقّ المتفاني في سبیل إحیاء الروح الإنسانیة، وجعل روح المرأة المبلّغة الحسینیة روحاً نضالیة مغوارة لا تخشی مواجهة الثقافات التخریبیة؛ طالما هي مع الله ومع دین الله، ومع أهل ذکر الله، ومَع مَن عشقوا الله جلّ وعلا.

ومن هنا؛ كانت المبلّغة الحسينية عنصراً فاعلاً في التوعية الدينية ومواجهة الثقافات
المنحرفة، قال في کتابه العزیز: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)^{^[27]}.

ومن الغایات الاجتماعیة للتفقّه في الدین والعملیة التبلیغیة ما يلي:

حلّ المشکلات الأُسریة والتربویة والأخلاقیة.

بناء مجتمع متکامل بأفراد سویّین حاملین رایة الحقّ، هویّتهم الدین الإسلامي.

سدّ الثغرات التي یوجدها الغرب عن طریق إعلامهم المضلّل.

تکوین أواصر إیمانیة متینة بین أفراد المجتمع، ونشر مفهوم الأخوّة الإیمانیة، لإبعاد إحساس الوحدة والغربة، فعندما تتواجد المبلِّغة في مجتمع وتسعی لجعل المسلمات أخواتٍ في الدین، وتقویة روابط المحبّة الإیمانیة فیما بینهن، فمن الطبیعي ستکون هناك راحة نفسیة للمرأة متجلّیة في کلّ أدوارها التربویة والزوجیة، وعلی کلّ الأصعدة.

التلاقي بین المؤمنین یعزّز الوحدة والانسجام فيما بینهم، ويزيد من الطاقة الإیمانیة لديهم.

أمّا الغایات السیاسیة للتفقّه في الدین والعملیة التبلیغیة، فيمكن الإشارة إليها في نقطتين:

إقامة دولة عادلة بقیادات حاکمة عادلة، تعتمد علی المبادئ الدینیة، ویکون الإسلام نهجها المبارك وحصنها المنیع، قال تعالی: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)^{^[28]}. فالعدالة غایة واضحة من إقامة الحدود الدینیة، وهي تارةً تكون مع أنفسنا، وأُخرى مع المجتمع والمحیط، وثالثة تكون العدالة في أداء حقوقنا تجاه خالقنا تعالی.

والمبلّغة الحسینیة في عملیة تبلیغها بناء علی تفقّهها الدیني ووعیها لغایات الدین والتبلیغ الحسیني تهدف إلى نشر مفهوم العدالة في المجتمع، خاصّةً وأنّ القیام الحسیني المبارك کان لإعادة إحیاء الدین، وجعل الأُمور في نصابها الشرعي وضمن الموازين الإلهية.

فلو وقفت کلّ امرأة عند حدود العمل بالبیت ولم توسّع من أُفقها الفکري، فسیکون العنصر النسوي أسیر الجهل ومکالب الغوایة، وتقع الأُمّة مواقع التهلکة وسوء العاقبة. وعليه؛ فأيّة أُمّة إذا ما أرادت النصر والرفعة فما لها إلّا الرجوع إلى عقول الأُمّهات، تلك العقول التي صنعت الشهداء، مقتدية بأُمّ المصائب الصابرة العظیمة العالمة الفقیهة السیّدة زینب’.

الحيلولة دون تدخّل القوی الغربیة في ثقافتنا وهویّتنا، ومنعهم من العبث بعقولنا؛ کي لا یصلوا إلی غایاتهم السیاسیة في مدّ نفوذهم وبسط سیطرتهم، فالغربيّون ينطلقون من رؤیة تسعى إلى توسعة جغرافیة بلادهم من خلال رسمهم لخریطة استعماریة تحتلّ العقول وتسيطر عليها، تمهيداً لخطوة أُخرى وهي احتلال الأرض، فیسلبون الألباب قبل التراب. وهنا يأتي دور المبلّغة للحيلولة دون تلك المخطّطات من خلال توعية المجتمع، قال الإمام علي×: «لا تترکوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر؛ فیولّی علیکم شرارکم، ثمّ تدعون فلا یُستجاب لکم»^{^[29]}.

والتفقّه في الدین والعملیة التبلیغیة أبواب تفتح البصیرة للمرأة المسلمة لتکشف المخطّطات الاستعماریة التي تُرید تخریب کلّ أُسرة مؤمنة، فالغرب يسعى من خلال تشویه صورة المرأة وإبعادها عن إنسانیّتها إلى جعلها سلعة تجاریة وتمثالاً یرتدي أحدث صرخات الموضة، وکأنّها لوحة صامتة لا دور لها في الحياة. أمّا الإسلام فقد «رفع من شأن المرأة، وساوی بینها وبین الرجل في أکثر الأحکام، فهي مأمورة مثله بالإیمان والطاعة، ومساویة له في جزاء الآخرة. ولها حقّ التعبیر، تنصح وتأمر بالمعروف، وتنهی عن المنکر، وتدعو إلی الله. ولها حقّ الحیاة الکریمة، لا یُعتدی علیها ولا تُظلم، ولها حقّ التعلیم، بل یجب أن تتعلّم ما تحتاجه في دینها»^{^[30]}.

هذه بعض الغايات التي تهدف المرأة المبلّغة إلى تحقيقها من خلال عملها التبليغي، وهناك الكثير من الغایات الأُخرى التي لا تُعدّ ولا تُحصی، سواء الغايات النفسیة، أم الاقتصادیة، أم الاجتماعیة، أم غير ذلك.

الأهداف من التفقّه في الدين والعملية التبليغية

الهدف الأساسي من التفقّه في الدين والعملية التبليغية هو: معرفة الله تعالی المتمثّلة بالعقائد النظریة في مسألة التفقّه في الدین، وبالأعمال العبادیة المتمثّلة بالتوجیهات والإرشادات المنبثقة عن العملیة التبلیغیة.

ومن علامات التفقّه في الدين خشية الله تعالى، قال: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)^{^[31]}، فالخشیة من علامات التفقّه في الدين ومعرفة الله جلّ وعلا. وفي العملیة التبلیغیة تتجلّی بوارق معرفة الباري تعالى من خلال خشیته بالعلم الذي تُزوَّد به المشاركات في مجالس ذکر الإمام الحسین×.

فالمسیر في الحیاة، والحرکة التي نتحرّکها نحو الکمال، والوصول لأوج المعرفة وانطلاقها وکیفیّتها ونهایتها، تُحدّدها معرفتنا لقیمة التفقّه في الدین والعملیة التبلیغیة، ودورهما في بلورة الحرکة الإنسانیة وفق دائرة الدین الإسلامي وما خرج عنها، یکون خللاً وباعثاً للقلق، وعلاج الخلل والانحراف نجده في العملیة التبلیغیة المبتنیة علی التفقّه في الدین.

فالتفقّه في الدين هو زاد الرحلة التي تعیشها المبلّغة الحسینیة في توجیه المجتمع، وکلّما استزادت من المعرفة الإلهیة استطاعت جذب القلوب للهدف الإلهي المنشود، وکانت الید الأمینة التي تأخذ بأیدي أخواتها نحو فهم الحقیقة الإنسانیة وحقیقة تواجدنا، بمعنى أنّه يمكنها الإجابة على الأسئلة التي تُطرح على الساحة المعاصرة، من قبيل: من أین أتینا؟ ولماذا أتینا إلی هذه الحیاة؟ وما هو الهدف من وجودنا؟ وما هي ماهیة رحلتنا؟

فإنّه بالإمكان التزوّد بالمعرفة من خلال الطرق والوسائل والأسالیب التي نتّبعها في سفرنا نحو العشق الإلهي الذي نستلهمه من صفحات قصّة مولانا سیّد الشهداء الإمام الحسین×.

«فما أحوج کلّ عالم إلی التحقیق في قیمة المعرفة وأدواتها؛ لیدرك حدودها، ویعي أُطرها، فلا یحجز نفسه عن علم وکمال، ولا یسوقها إلی مهلکة وضیاع»^{^[32]}.

وعن النبي الأکرم‘: «مَن جاءه الموت وهو یطلب العلم لیحیي به الإسلام، کان بینه وبین الأنبیاء درجة واحدة في الجنّة»^{^[33]}.

فالهدف واضح من التفقّه في الدین والعملیة التبلیغیة، وهو جعل الإسلام حیّاً في النفوس قبل أن ينعكس على الواقع الخارجي، فالتغییر لا بدّ أن یبدأ بأنفسنا قبل كلّ شيء. قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)^{^[34]}.

ومن هنا؛ فقد قامت المرأة المبلّغة بأدوار كبيرة من أجل عملية التغيير، وذلك من خلال ما اكتسبته في مجال التفقّه في الدین، مضافاً إلى ما تمتلكه من ثقافة حسينية أغنت تلك الأدوار بالعلم والمعرفة؛ لتکون أکثر تأثیراً في المجتمع، وتکون ذات هالة حسینیة مبارکة محفوفة بالقیم الإسلامیة ذات السمة الحسینیة.

من هنا؛ نستطیع القول بأنّ للتفقّه في الدین بالنسبة للمبلّغة الحسینیة أهدافاً متعدّدة، منها أهداف دنیویة ذات رؤیة قریبة المدی، ومنها أهداف أُخرویة، وهي كما يلي:

الأهداف الدنيوية للتفقّه في الدين بالنسبة للمبلّغة الحسينيّة

تغییر الواقع المعاش علی کافّة الأصعدة، وجعل المرأة المسلمة عنصراً أساسيّاً وفاعلاً في الحیاة؛ لتکون الأیّام المقبلة للأجیال أفضل من أمسنا ويومنا، ولنقوم بصناعة مستقبل مهدوي مشرق، مدعّم بأُسس إیمانیة حسینیة تسوده قیم نهضة عاشوراء المبارکة.

سدّ مواطن الخلل في الثقافة الإسلامیة للأُسرة انطلاقاً من تدعیم فکر الأُمّ؛ ولذلك ننصح الأُمّهات المؤمنات وعلی الرغم من المسؤولیّات الملقاة علیهنّ من تربیةٍ وترتیب أُمور المنزل الحضور في مجالس الإمام الحسین×؛ لتکون للمبلّغة الحسینیة آذان صاغية إلی ما لدیها من علم لتغییر النفوس والأفکار.

العطاء الفکري والثوري للمجتمع من خلال التبلیغ الحسیني، وهذا العطاء المتمثّل بذکر سیّد الشهداء× لهو من ذکر الله تعالی، ومن نور علم الله جلّ وعلا إلى عباده، فيُضيء القلوب التي أعمتها الحجب المادّیة في حاضرنا المظلم؛ بسبب ما تشنّه القوی الاستکباریة علی البلاد الإسلامیة من حملات ترویجیة لسلعهم وصناعاتهم بكافّة أشكالها التي يبثّون من خلالها ثقافاتهم المنحرفة، والتي يتلقّاها المخاطب، ولا سيّما المرأة المسلمة التي تتابع وسائل الإعلام الغربیة وشبکات التواصل الاجتماعیة، وتحاول تقليد فتیاتهم ونسائهم ظنّاً منها بأنّ ما تقوم به من التمدّن المطلوب، وأنّها إن خالفت ذلك فستکون منبوذةً في مجتمعها.

وهنا یأتي دور المبلّغة الحسینیة المتغذّیة بعلوم الدین لتوضّح للمرأة المسلمة الواقع، وتکشف عن الأعین ذلك الستار الغربي المصطنع والمتشعّب في الأُسر.

زرع حبّ الدین وحبّ الله تعالی وحبّ أهل البیت^ في قلوب النساء المؤمنات؛ لینتشر هذا الحبّ بين أفراد المجتمع، فأساس الرغبة في التدین واتّباع الدین ونشر المفاهیم الإسلامیة هو الحبّ لله الخالق جلّ وعلا. قال رسول الله‘: «حبّبوا الله إلی عباده یحبّکم الله»^{^[35]}.

الأهداف الأُخروية من التفقّه في الدين بالنسبة للمبلّغة الحسينية

وهنا نكتفي بذكر أهمّ هدف من الأهداف الأُخروية من التفقّه في الدين، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر، وهو من العبادة لله تعالی، بل من أفضل العبادات، فقد روي عن الإمام الباقر×: «إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر سبیل الأنبیاء، ومنهاج الصلحاء، فریضة عظیمة بها تُقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحلّ المکاسب، وتُردّ المظالم، وتعمر الأرض، ویُنتصف من الأعداء، ویستقیم الأمر»^{^[36]}.

فبعد اکتساب المبلّغة الحسينية للعلوم الدينية يأتي دور نشر هذه العلوم في المجتمع من خلال فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ وذلك من أجل فتح آفاق المعرفة الإلهیة في الأذهان، وترمیم ما أُصبن به نسوة مجتمعنا الإسلامي من هجمات فکریة غربية.

وها هي عبادة المبلغة الحسینیة متجسّدةً بأداء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي بذلك تُعطي معنىً آخر للعبادة في ظلّ رایة القضیة العاشورائیة والعشق الحسیني.

نتائج البحث

تُعتبر المرأة حجر أساس في رفع شأن أُمّة الإسلام، وهي التي تجعل القیم الإسلامیة قید الحرکة في المجتمع في شتّی مجالات الحیاة، وبها ترتفع مقامات أفراد الأُمّة، وإن تسلّحت بعلوم المعرفة الدینیة ونشرتها کانت خلیفة الله تعالى في الأرض.

التفقّه في الدین عامل أساسي في إنجاح دور المرأة المبلّغة الحسینیة، فهي في واقع الحال تسعی لصناعة التغییر، وتبذل قصاری جهدها لإیصال ما لدیها من علوم لکافّة المشاركات في مجلس ذکر الحسین الشهید×.

إنّ تحصیل علوم الدین هو من الضروریّات لمـَن تُرید اتّباع نهج التبلیغ للرسالة الإلهیة ونشرها بکافّة الطرق المتوفّرة.

إنّ الجهاد الذي نراه من قبل المبلّغات الحسینیّات في نشر الثقافة الدینیة إنّما هو لمحاربة الغزو الثقافي الغربي، ومنع امتداد جغرافیة الغرب.

إنّ شخصية المرأة الرسالیة الناجحة تكون واضحة المعالم من خلال تتویج نجاحاتها بتطبیقات عملیة تتجلّی في حیاتها، وحیاة المحیطین بها، وحیاة مَن تأثّر بمحاضراتها في عملها التبليغي.

الإیمان بالقضیة الحسینیة هو ركن أساسي من أرکان نجاح العملیة التبلیغیة للمبلّغة الحسینیة.

تأثّر المبلّغة الحسینیة بشخصیّات نساء مؤمنات سجّلن في التاریخ الإنساني بصمة إیمانیة في درب إحیاء الحقّ، والاقتداء بهنّ، یُعتبر من رکائز المکوّن العلمي والمذخور المعرفي لمـَن تُرید تسجیل دورها کمبلّغة حسینیة ناجحة في سجّل خدمة القضية الحسينية.

الاندماج الوظیفي بین التفقّه في الدین والتبلیغ الحسیني اندماج واضح من خلال الرؤیة الدقیقة للغایات والمنطلقات والأهداف، ویبقی علی المبلّغة اتّباع ذلك النهج الذي سقته کلمات وعبرات زینبیة بنفحات فاطمیة ما زالت أصداؤها تهزّ کلّ مَن یقرأها.

وفي نهاية المطاف لا یسعنا إلّا أن نقول: بورکت أُمّة حوت نساءً سرت في عروقها محبّة الإله الخالق، ومجدّت درب الدین والتدیّن، وعرفت بأنّ الحقّ باب تدخله النساء فيصبحن ببرکته ملکات وأمیرات، لا أسیرات فکر غربي أو مجال محدّد يُقیّدهنّ ويبعدهنّ عن درّ المعالي، وأداء دورهنّ الرسالي في المجتمع، فطوبى لأرض استقرّت فیها مفاهیم الدین الإلهي بفضل وبرکات عاشوراء الحسین الشهید (صلوات الله علیه).

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

الكتب

1ـ أعلام النساء المؤمنات، محمد الحسّون، نشر: دار الأُسوة للطباعة والنشر، طهران ـ إيران، الطبعة الثانية، 1421هـ.

2ـ بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي (ت1111هـ)، الناشر: مؤسّسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1403هـ/1983م.

3ـ التبلیغ مناهجه وأسالیبه، جعفر البجاري، منشورات جامعة المصطفى العالمية، قم ـ إيران، الطبعة الثالثة، 1430هـ.

4ـ صحيح مسلم، مسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوري (ت261هـ)، الناشر: دار الفكر، بيروت ـ لبنان.

5ـ العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175هـ)، تحقيق: الدكتور مهدي المخزومي، الدكتور إبراهيم السامرائي، الناشر: مؤسّسة دار الهجرة، الطبعة الثانية، 1409هـ.

6ـ كنز العمّال، علي بن حسام الدين المعروف بالمتّقي الهندي (ت975هـ)، تحقيق: الشيخ بكري حياني، الناشر: مؤسّسة الرسالة، بيروت ـ لبنان، 1409هـ/1989م.

7ـ الکافي، محمد بن يعقوب الکلیني (ت329هـ)، تحقيق: علي أكبر الغفاري، الناشر: دار الكتب الإسلامية، طهران ـ إيران، الطبعة الخامسة، 1363ش.

8ـ لسان العرب، محمد بن مكرم الإفريقي المعروف بابن منظور (ت711هـ)، الناشر: نشر أدب الحوزة، قم المقدّسة ـ إيران، 1405هـ/1984م.

9ـ اللهوف في قتلی الطفوف، علي بن موسی الحسیني المعروف بابن طاووس (ت664هـ)، الناشر: أنوار الهدى، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

10ـ المرآة في القرآن والسنّة، ساجد شریف عطیة، تحقيق: مركز فاعلون للتحقيق والدراسات والبحوث العامّة.

11ـ معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية، محمود عبد الرحمن، دار الفضيلة للنشر والتوزيع والتصدير، القاهرة ـ مصر.

12ـ ميزان الحكمة، محمد الريشهري (ت2022م)، تحقيق ونشر: دار الحديث، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الأُولى.

13ـ نظریة المعرفة، جعفر السبحاني، نشر: الدار الإسلامية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1441هـ/1990.

14ـ نهج البلاغة، خطب الإمام علي×، تحقيق: الشيخ محمد عبدّه، الناشر: دار الذخائر، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1412هـ.

15ـ وسائل الشيعة، محمد بن الحسن العاملي (ت1104هـ)، تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الثانية، 1414هـ.

المجلات والبحوث

1ـ مجلّة المرأة وتحولّات عصر جدید، مقالة (الفعل الشعبي وأثره في المقاومة)، دار الفکر، دمشق ـ سوريا، سنة2002م.

2ـ مجلّة المرأة وتحولّات عصر جدید، مقالة (الفکر النسوي العربي ومفاهیم الجندر)، رغداء الأحمد.

[1] نهج البلاغة، خطب الإمام علي× (الخطبة الأُولى): ج1، ص23.

[2] الذاريات: الآية 56.

[3][3] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، كتاب العين، ج3، ص370.

[4] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، ج13، ص523.

[5] محمود عبد الرحمن، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية، ج2، ص535.

[6] غافر: الآيتان 51ـ52.

[7] النحل: الآية 97.

[8] آل عمران: الآية 173.

[9] البجاري، جعفر، التبلیغ مناهجه وأسالیبه: ص20.

[10] الري شهري، محمد، میزان الحکمة: ج2، ص1212.

[11] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج1، ص177.

[12] الکلیني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج1، ص32.

[13] المصدر السابق: ج1، ص35.

[14] المصدر السابق.

[15] مجلّة المرأة وتحوّلات عصر جدید، سنة 2002م، مقال (الفعل الشعبي وأثره في المقاومة): ص127ـ 128.

[16] الحسّون، محمد، أعلام النساء المؤمنات: ج1، ص579.

[17] مجلّة المرأة وتحوّلات عصر جدید، رغداء الأحمد، مقال (الفکر النسوي العربي ومفاهیم الجندر): ص516ـ517.

[18] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج74، ص168.

[19] ابن طاووس، علي بن موسی، اللهوف في قتلی الطفوف: ص108.

[20] الأنفال: الآية60.

[21] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص411ـ412.

[22] النيسابوري، مسلم، صحیح مسلم: ج7، ص123.

[23] الريشهري، محمد، میزان الحکمة: ج10، ص2085.

[24] فاطر: الآية 28.

[25] المتّقي الهندي، علي، كنز العمّال: ج10، ص170.

[26] المائدة: الآية32.

[27] آل عمران: الآية104.

[28] الحديد: الآية25.

[29] خطب الإمام أمير المؤمنين×، نهج البلاغة: ج3، ص77.

[30] ساجد شریف عطیة، المرأة في القرآن والسنّة: ص230.

[31] فاطر: الآية 28.

[32] السبحاني، الشيخ جعفر، نظریة المعرفة: ص6.

[33] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج1، ص184.

[34] الرعد: الآية11.

[35] المتّقي الهندي، علي، كنز العمال: ج15، ص777.

[36] الکلیني، محمد بن يعقوب، الکافي: ج5، ص55ـ56.

التفقّه في الدين و دوره في إنجاح عمل المبلِّغة الحسينية