مقدّمة

يسعى هذا البحث لدراسة الأداء الأُسلوبي في ضوء المستوى التركيبي للأدعية الواردة في نصوص زيارة عاشوراء المقدّسة (المشهورة وغير المشهورة) التي زار بها الإمام الباقر× جدّه الإمام الحسين× والكشف عن معانيها في ضوء الأُسلوبية التركيبية.

ويُعدّ التركيب الركن الثاني في الدراسات الأُسلوبية، وهو يشمل دراسة الميدان اللغوي بمكوّناته: الحروف، والألفاظ، والعبارات، بعضها مع بعض. كما يُعدّ البناء التركيبي للنصّ الشعري ميداناً اختيارياً حقيقياً وتطبيقياً لفرضيّات المناهج اللغوية الحديثة بصورة واضحة ومباشرة للمتلقّي^{^[1]}.

لقد عُني النحو بالإعراب، وعمله بالمفردات والجمل، ولم يُعنَ بترتيب الألفاظ والدلالة معاً. أمّا علم التركيب فقد اهتمّ بدراسة الدلالات الواردة في الإطار السياقي؛ معتمداً على أبرز الخصائص اللغوية لتلك الدلالات^{^[2]}.

والملاحظ أنَّ الإمام× تعامل مع اللغة بألفاظها وتراكيبها بإبداع، وقد تميّز المنهج الأُسلوبي بالبحث عن اكتشاف أهمّ الخصائص التركيبية في النصّ الشريف (زيارة عاشوراء)، فقد وقف على الظواهر الأُسلوبية ذات البناء اللغوي الفنّي المتناسق في النصّ.

وقد تكون هناك إشارة إلى موضوع التركيب في الجملة، و«لا يدخل في هذا العلم افتراضات وأحاجٍ وألغازٍ، اللغةُ للإفصاح لا للتلهي، وما دام التركيب يبحث الجملة وعناصرها، فيكون مخطّطنا المنطقي لهذا العلم قائماً على الجملة...»^{^[3]}. ثمّ إنَّ مستوى التركيب لا يقف عند حدود تركيب الكلمات فحسب، وإنّما هو يتجاوز ذلك إلى طريقة تركيب الجمل في النصّ الواحد^{^[4]}.

وتقوم الأبحاث الأُسلوبية على دراسة بناء الجملة في النحو العربي تأويلاً، وتحليلاً، ووصفاً للبنية الدلالية الكاشفة عن البنية اللغوية للنصّ المراد دراسته، فتركيب النصّ يكون متماسكاً في ضوء كلمة أو جملة أو عبارة، والتحليل النحوي يعمد الى كشف أجزاء الجملة وعناصرها وتركيبها ووسائل الربط فيها^{^[5]}.

ويكشف لنا بناء الجملة في مجال دراسة النصّ أنّه كان يسبق النصّ في ضوء فرض قواعده في مجال اللغة عامّةً، ووجوده بالوعي اللغوي في ذهن منشئ النصّ خاصّةً، وعلى الرغم من أنّ الدراسة في هذا البحث جرت في إطار الأُسلوبية التركيبية، بيد أنّها حاولت الإفادة من بعض العناصر التي تتضافر مع التراكيب في الكشف عن دلالة اللفظة وتجلّياتها من ذلك النسق اللغوي والأُسلوبي للسياق، وداعية المقام ومقتضى الحال؛ إذ إنّ هذه التراكيب تتآزر في الكشف عن الدلالات المقصودة في الألفاظ.

وحاولت في هذا البحث تطبيق الأُسلوبية التركيبية على نصوص الدعاء التي وردت في زيارة عاشوراء، مستهلاً البحث بمقدّمة وتمهيد، ومن ثمّ لحقهما مبحثان وخاتمة، فتناولت في المبحث الأوّل الجملة الاسمية، وفي المبحث الثاني الجملة الفعلية، ومن ثمّ خلص البحث إلى أهمّ النتائج التي توصّلت إليها.

تمهيد في التركيب الجُمَلي

التركيب في اللغة: هو جعل الشيء بعضه فوق بعض «... وتراكب السحاب وتراكم: صار بعضه فوق بعض»^{^[6]}.

وفي الاصطلاح: هو أن تجتمع لفظتان أو أكثر في تركيب معيّن، فيُعطي ذلك التركيب معنىً جديداً غير معنى ألفاظه لو أُفردت كلّاً على حدةٍ؛ إذ ينشأ من ذلك التأليف^{^[7]}معانٍ دلالية وجمالية يتوخّاها المتكلّم، ويطلبها المتلقّي^{^[8]}.

إنّ إدراك اللغة بأغراضها وجمالها لا يتأتّى إلّا إذا اتّصلت كلّ لفظة بأُختها بأيّ نحو من أنحاء الاتّصال، وفي ضوء هذا الترابط تنتج المعاني والأفكار؛ لتُفصح عن مهارة المنشئ وبلاغته وقدرته على صياغة الكلم صياغة واعية وبصيرة تعبّر عمّا يجول في خاطره، وما يعتلج في صدره بشتّى فنون البلاغة.

وقد يتوهّم بعض أنّ إطلاق التركيب ووصفه بـ(الجُمَلي) من باب وصف الشيء بنفسه؛ إذ كلاهما بمعنىً واحد. ولإزالة هذا التوهّم لا بدّ من الوقوف على مفهومي الكلام والجملة ودلالتيهما، فنقول^{^[9]}:

انقسم النحويّون في بيان مفهومي الجملة والكلام على قسمين:

القسم الأوّل: ذهب إلى القول بالترادف بين المصطلحين، وهو ما عليه ابن جنّي (ت392هـ)، إذ يقول في خصائصه: «أمّا الكلام فكلّ لفظ مستقلّ بنفسه، مفيد لمعناه. وهو الذي يُسمّيه النحويّون الجُمَل»^{^[10]}. فلم يفرّق بين مفهومي الكلام والجملة.

وتابعه في ذلك الزمخشري (ت538هـ) في مفصّله بقوله: «والكلام هو المركّب من كلمتين أُسندت إحداهما إلى الأُخرى، وذلك لا يتأتّى إلّا في اسمين، كقولك: زيد أخوك، وبشر صاحبك. أو في فعل واسم، نحو قولك: ضرب زيدٌ، وانطلق بكرٌ. ويُسمّى الجملة»^{^[11]}. فكلّ لفظ مفيد فائدة يُحسن السكوت عليها يُسمّى كلاماً ويُسمّى جملةً.

القسم الثاني: ذهب إلى القول بالتغاير بين المصطلحين، وأنّهما ليسا بمترادفين، فشرط الكلام أن يكون مفيداً، ولا يُشترط ذلك في الجملة، فهي تركيب عامّ أفاد أم لم يفد. وممّن قال بذلك ابن هشام (ت761هـ)، فبعد ردّه على (الزمخشري) صاحب (المفصّل) الذي يرى بأنّ الجملة مرادفة للكلام، يقول: «والصواب أنّها أعمّ منه؛ إذ شرطه الإفادة بخلافها، ولهذا تسمعهم يقولون: جملة الشرط، جملة الجواب، جملة الصلة، وكلّ ذلك ليس مفيداً، فليس بكلام»^{^[12]}.

ويبدو أنّ إطلاق لفظ الجملة على الشرط والجواب والصلة إنّما هو إطلاق مجازي باعتبار ما كان؛ إذ إنّها كانت جُملاً قبل ذلك، فهي إذاً ليست جُمَلاً في الواقع^{^[13]}.

وتابع أبو بكر السيوطي (ت911هـ) ابنَ هشام بالقول بعمومية الجملة، فهي تشمل الكلام وغيره، يقول: «والجملة قيل: ترادف الكلام، والأصحّ أعمّ؛ لعدم شرط الإفادة»^{^[14]}.

لقد أوضحت الدراسات الحديثة والمعاصرة مفهوم الجملة، فهي تكاد تُجمع على أنّ الجملة لا بدّ أن تفيد معنىً ما؛ ليتحقّق بذلك غرض المتكلّم، وإلّا عُدّ الإتيان بها عبثاً^{^[15]}.

يقول الدكتور مهدي المخزومي: «الجملة هي الصورة اللفظية الصغرى للكلام المفيد... التي تنقل ما جال في ذهن المتكلّم إلى ذهن السامع». وقال أيضاً: «... والجملة في أقصر صورها هي أقلّ قدرٍ من الكلام يفيد السامع معنىً مستقلاً بنفسه»^{^[16]}.

ويحدّها الدكتور أحمد عبد الستّار الجواري بقوله: «والجملة كما نعرف ألفاظ مركّبة تُعبِّر عن فكرة، وتُفصح عن معنى»^{^[17]}.

نستجلي ممّا تقدّم أُموراً:

الأمر الأوّل: ما نجده في كتاب سيبويه (ت180هـ) من أنّه لم يستعمل مصطلح الجملة، بل كان يعنيه بالتمثيل وبوصف التركيب والكلام دون تسميته، ممّا يدعونا للقول بأنّه كان يعتقد بمرادفة مفهوم الجملة للكلام، كقوله: «هذا باب المسند والمسند إليه»^{^[18]}. ويعلّق على ذلك بأنّهما ممّا لا يُستغنى عنهما في الكلام، ولا يجد المتكلّم منهما بُدّاً، ويمثّل لهما بالجملة الاسمية: (عبد الله أخوك)، وبالجملة الفعلية: (يذهب عبد الله)^{^[19]}.

الأمر الثاني: إنّ النحويّين القدماء كابن جنّي والزمخشري لم يفرّقوا بين المصطلحين، وزاوجوا بينهما، وقالوا بالترادف.

الأمر الثالث: إنّ بعض النحويّين كابن هشام والسيوطي قد فرّقوا بين المفهومين، فالكلام عندهم يُطلق على التركيب المفيد فائدةً يصحّ السكوت عليها، أمّا الجملة فتُطلق على التركيب أفاد أم لم يفد. وهو رأي وجيه، فكلّ كلامٍ جملة، وليس كلّ جملةٍ كلاماً.

الأمر الرابع: أغلب الدارسين المحدثين والمعاصرين أمثال الدكتور فاضل السامرائي، والدكتور مهدي المخزومي، والدكتور أحمد عبد الستّار الجواري، ذهبوا الى أنّ الجملة لا بدّ أن تفيد معنىً ما، وإلّا كان إطلاقها عبثيّاً.

وعلى العموم؛ فإنّ إطلاقنا مصطلح (التركيب الجُمَلي) يُشير إلى مفهوم الجملة المحقِّقة للفائدة، والجامعة لشرائط الإفهام والإيصال، فغاية المتكلّم هو إيصال المنفعة إلى ذهن المتلقّي، فيرتّب ألفاظه بحسب ما يُريد، بضمّ بعضها إلى بعض في تراكيب مفيدة.

هذا من جانب، ومن جانب آخر فإنّ التركيب الجُمَلي يُطلق على ما يقابل التركيب الأفرادي، وهو ما تركّب من كلمتين أو أكثر وأصبح لهيئته التركيبية سمة خاصّة يُعرف بها، وهو بهذا يبتعد عن التركيب غير المفيد من جهة الإسناد^{^[20]}، فالتركيب الأفرادي ما تكوّن من كلمتين ضُمَّت إحداهما إلى الأُخرى، فجُعلتا بمنزلة الكلمة الواحدة بإزاء حقيقة واحدة بعدما كانتا بإزاء حقيقتين، ولا يفيد هذا التركيب حتّى يُخبر عنه بكلمة أُخرى كالتركيب الإضافي مثل (عبد الله)، والمزجي كـ(حضرموت)، والإسنادي كـ(جاد الحقّ)^{^[21]}، ومثله التركيب العطفي والتركيب العددي... وهذه التراكيب لا تشكّل في بنيتها التركيبية وحدها جملةً مفيدةً في أغلب الأحيان.

لقد قسّمت الجملة العربية عدّة تقسيمات؛ لاعتبارات مختلفة، فبحسب النفي والإثبات قسّمت على (مثبتة، ومنفية)، وبحسب دلالاتها على (خبرية، وإنشائية)، وبحسب الكلمة المصدّرة بها على (فعلية، واسمية)^{^[22]}، وباعتبار آخر على (صغرى، وكبرى)^{^[23]}.

ويظهر أنّ هناك اتّجاهين رئيسين في أساس تقسيم الجملة:

الأوّل: اعتبار صدر الجملة، والمراد به (المسند، أو المسند إليه)، وعلى هذا قسّمت على اسمية وفعلية وظرفية^{^[24]}.

الثاني: اعتبار (المسند) والاعتداد به، وجعله مقياساً لتحديد نوع الجملة، فإذا دلّ المسند على التجدّد كانت الجملة فعليةً، وإن اتّصف بالثبات والدوام كانت اسميةً، وهذا رأي صائب فيما يبدو. وذهب إلى هذا الرأي بعض المحدثين العرب^{^[25]}، وبعض المستشرقين كالدكتور (فيشر)، إذ جعل الجملة في العربية ثلاثة أقسام^{^[26]}:

فعلية: وهي التي يكون فيها المسند فعلاً، نحو: (قام عبد الله)، (عبد الله قام)، عند مَن يرى من النحويّين بجواز تقديم الفاعل على فعله^{^[27]}.

اسمية: وهي التي يكون فيها المسند اسماً أو ضميراً، نحو: (محمد رسول الله).

ذات رابطة: وهي التي يكون فيها المسند جملةً فعلية أو اسمية مرتبطة بالمسند إليه بضمير رابط، نحو: (عبد الله قام أبوه).

والغريب في الأمر أنّه جعل الجملة المصدّرة بظرف أو جار ومجرور نوعاً قائماً برأسه، وكان الأَولَى به أن يوسّع دائرة الاسمية لتشمل ما ذكره.

هذا بالإضافة إلى أنّ القول بالجملة الظرفية فيه نظر وتأمّل^{^[28]}، وأنّ إدخالها ضمن الاسمية أو الفعلية أمر راجح، فإذا ما أُريد للجملة معنى الثبوت قُدّرت بالاسمية، وإذا أُريد بها معنى التجدّد والحدوث قُدّرت بالفعلية، وعلى هذا سار الكثير من النحويّين.

والجملة: لا تكون تامّة إلّا إذا استوفت ثلاثة أركان رئيسة، هي: المسند، والمسند إليه، والإسناد. ولا يتمّ المعنى المراد إلّا بوجودها^{^[29]}، ولا يكون المسند إليه باتّفاق النحويّين إلّا اسماً، أمّا المسند فيصحّ أن يكون اسماً وأن يكون فعلاً^{^[30]}، فإنّ كان كلّ من المسند والمسند إليه اسما أو بمنزلة الاسم فهي الجملة الاسمية، وإن كان المسند فعلاً أو ما هو بمنزلته فهي الجملة الفعلية.

وعلى هذا الأساس؛ فإنّ دراستنا للأُسلوب التركيبي للجملة في الدعاء الوارد في زيارة عاشوراء ستُعنى بدراسة الجملة الاسمية والفعلية وأنماطهما ودلالاتهما وخصائصهما الأُسلوبية والجمالية. وقد آثرت الابتداء بالجملة الاسمية؛ لأنّ المسند فيها يدلّ على الثبات والدوام، على العكس من الفعلية التي يدلّ فيها المسند على التغيّر والتبدل^{^[31]}.

المبحث الأوّل: الجملة الاسمية

وهي الجملة التي يدلّ فيها المسند على الدوام والثبوت^{^[32]}، أي أنّ المسند إليه يتّصف بالمسند اتّصافاً ثابتاً لا متغيّراً.

ويعتمد الدكتور أحمد الجواري ضابطة الزمن في بيان ماهيّتها، فإذا لم ينطوِ المسند أو الوصف على معنى الزمن فهي الجملة الاسمية، وإذا انطويا عليه كانت الجملة فعلية^{^[33]}.

ومن التراكيب الاسمية مجيء الدعاء في المقطع التالي من الزيارة الشريفة: «السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك يا بن البشير النذير وابن سيّد الوصيّين، السلام عليك يا بن فاطمة سيّدة نساء العالمين، السلام عليك يا خيرة الله وابن خيرته، السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره، السلام عليك أيّها الوتر الموتور، السلام عليك أيّها الإمام الهادي الزكي»^{^[34]}؛ إذ يظهر أثر السياق في صياغة هذه التراكيب الاسمية؛ فالدعاء في معرض الحديث عن إلقاء التحية والسلام على أمين الله تعالى وابن أمينه، وكلّه يقتضي الثبوت والدوام، وهذا لا يتأتّى إلّا بهذه التراكيب.

الأشكال النمطية للجملة الاسمية في الدعاء

إنّ الجملة الاسمية في الدعاء الذي ورد في زيارة عاشوراء اتّخذت أنماطاً مختلفة بحسب مقتضيات المقام وحاجة المخاطب، وفيما يأتي نعرض أنماطها ودلالاتها المختلفة:

النمط الأوّل: المبتدأ معرفة والخبر نكرة

وهذا النمط هو الصورة الأساسية لبناء الجملة الاسمية، وهو الأصل الذي يتركّب منه الكلام، فالأصل في المبتدأ (المحكوم عليه) أن يأتي معرفة، والأصل في الخبر (الحكم) أن يكون نكرة؛ إذ الحكم على المجهول لا يفيد، ولأنّ ذكر المجهول في بداية الكلام يورث حيرة عند المتلقّي^{^[35]}.

إنّ النكتة البلاغية في إيراد الخبر نكرة هو لبيان أنّ المتلقّي عاري الذهن عن الحكم ولا يعلم عنه شيئاً، أو لبيان علوّ شأن المسند، أو انحطاطه وتحقيره، أو لأغراض بلاغية أُخرى^{^[36]}.

لقد جاءت أكثر فقرات الدعاء في زيارة عاشوراء وفق هذا النمط، فقد يأتي المبتدأ معرّفاً بالضمير، وذلك حينما يكون الحديث في مقام التكلّم أو الخطاب أو الغيبة، كما جاء في الزيارة الشريفة: «وأسأل الله} بحقّكم وبالشأن الذي جعل الله لكم، أن يعطيني بمصابي بكم أفضل ما أعطى مصاباً بمصيبة، إنّا لله وإنّا اليه راجعون، يا لها من مصيبة! ما أفجعها وأنكاها لقلوب المؤمنين والمسلمين، فإنّا لله وإنّا اليه راجعون»^{^[37]}.

فقد جاء الضمير (إنّا) مبتدأً في أربعة مواضع؛ اعترافاً من الداعي برجوعه إلى خالقه الذي خلقه فسوّاه فعدله، فمنه (جلّ ذكره) الأجر والثواب والعطاء لمـَن هو صابر محتسب المصائب، وما ألمّ به عند ربّه تعالى، ورغبةً منه في إجابته وقضاء حاجته؛ لحسن ظنّه بمولاه، فاستعمل الداعي أعرف المعارف وهو الضمير، وأخذ منه أعرف الضمائر وهو ضمير المتكلّمين (إنّا)؛ لتأكيد هذا اليقين وإظهاره لعجزه، ملحوقاً بالخبر (لله)، فصيغة الخبر شبه جملة تدلّ على الحدث، وذات متّصفة بذلك الحدث^{^[38]}.

وفي موضع آخر من الدعاء في الزيارة الشريفة: «اللّـهمّ وهذا يومٌ تُجدّد فيه النقمة، وتنزل فيه اللعنة على اللعين يزيد، وعلى آل يزيد، وعلى آل زياد، وعمر بن سعد، والشمر»^{^[39]}.

ولنتأمّل قليلاً في النصّ الشريف؛ إذ ورد المبتدأ (هذا) معرفة، وجاء اسم إشارة دالّاً على المخاطب (وهو الخالق تعالى)، فيرى الداعي صفة الغِنى لدى خالقه، في حين وجد في نفسه صفة الفقر والحاجة، فهو يسترحم ويستعطف، ويتوسّل مَن بيده ملكوت كلّ شيء أن ينتقم، بل يُجدّد نقمته على مَن ظلمه، ويُنزل نقمته على مَن قتل ذويه وأهله، فالداعي هنا قد قصد استعمال هذه الجملة الاسمية لإثارتها معنى الثبوت والدوام^{^[40]}.

ويبدو أنّ وجه تعريف الخبر في الجملة هو لإظهار الغنى المطلق لله تعالى، الذي هو خير مَن ينتقم من الظالمين والمفسدين الذين قتلوا خير مَن خلق الله بعد رسوله ووليه، ألا وهم يزيد بن معاوية ومَن لفّ لفّه، فيزيد هذا الزنيم شارب الخمور، معلن بالفسوق، مستبيح للمحارم، قاتل سيّد شباب أهل الجنّة×، هاتك حرمة أهل البيت^، مستحلّ المدينة المنوّرة، حارق الكعبة، قاتل الصحابة والقرّاء، وهاتك أعراض المسلمين. جاء في كتاب (الأغاني): «كان يزيد بن معاوية أوّل مَن سنّ الملاهي في الإسلام من الخلفاء، وآوى المغنّين، وأظهر الفتك وشرب الخمر، وكان ينادم عليها سرجون النصراني مولاه والأخطل، وكان يأتيه من المغنّين سائب خاثر فيُقيم عنده، فيخلع عليه»^{^[41]}.

النمط الثاني: المبتدأ معرفة والخبر معرفة

الأصل في المسند أن يكون نكرةً، وقد يُعدل إلى تعريفه لدواعٍ بلاغية كثيرة، منها: إفادة التعيين والاختصاص، أي إفادة المتلقّي حكماً معلوماً عنده على أمر معلوم له كذلك^{^[42]}، والغاية هي التعيين والاختصاص.

ولتوضيح ذلك نقول: لو أخذنا هذين المثالين: (محمدٌ منطلقٌ)، و(محمدٌ المنطلقُ)، فما هو الفرق بين الجملتين؟ إنّ الخبر في الجملة الأُولى جاء نكرةً، ومعنى ذلك أنّ المتلقّي لم يكن يعلم بانطلاق محمد؛ ولهذا جاء الإخبار بالنكرة. أمّا في الجملة الثانية فإنّ المتلقّي على علم ومعرفة بمحمد، وكان يعرف ماهية الانطلاق، وأنّ هناك انطلاقاً قد حصل، ولكن لم يعرف أنّه لمحمد أَم لعلي أَم لجعفر، فإذا أردنا أن نفيده قلنا: (محمد المنطلق).

والنكتة في ذلك أنّك تُثبت في الأوّل الذي هو قولك: (محمدٌ منطلقٌ) فعلاً لم يعلم السامع من أصله أنّه كان، وتثبت في الثاني الذي هو (محمدٌ المنطلق) فعلاً قد علم السامع أنّه كان، ولكنّه لم يعلمه لمحمد، فأفدته ذلك^{^[43]}.

وممّا جاء في الدعاء الوارد في زيارة عاشوراء: «اللّهمّ العن أبا سفيان ومعاوية ويزيد بن معاوية، عليهم منك اللعنة أبد الآبدين، وهذا يومٌ فرحت به آل زيادٍ وآل مروان بقتلهم الحسين (صلوات الله عليه)»^{^[44]}. فـ(هذا) اسم إشارة مبتدأ معرّف، وكذا الحال بالنسبة لخبره (يومٌ) وهو الذي تبرّكت به قتلة أبي عبد الله× ومَن ناصرهم وعاونهم، فكلمة (هذا) إشارة إلى اليوم الموجود الحاضر، والحمل من قبيل حمل الكلّي المقيّد على الفرد، كقولك: هذا رجلٌ عالمٌ.

والمعنى أنّ هذا اليوم الحاضر فرد من أفراد اليوم الكلّي الذي تبرّكت به بنو أُميّة وفرحت به آل زياد وإن تبرّكوا وفرحوا في كلّ سنة من سني ملكهم بيوم حاضر شخصي، إلّا أنّ ذلك لأجل تبرّكهم وفرحهم بيوم كلّي صادق على تلك الأفراد، وهو يوم عاشوراء، ويوم قتل الحسين×، فتبرّكهم وفرحهم حقيقةً وأصالةً إنّما هو بذلك اليوم الكلّي.

ثم إنّ يوم قتل الحسين× حقيقةً وإن كان يوماً واحداً شخصيّاً لا كلّياً، وهو العاشر من المحرّم من سنة إحدى وستّين من الهجرة، وهذا لا يقبل التعدّد والتجدّد في كلّ سنة، إلّا أنّ بناء العرف وعادتهم ودأبهم وديدنهم جرى على أنّه متى ما حدثت حادثة عظيمة محبوبة أو مكروهة في يوم من أيّام السنة، فإنّهم ينزّلون ذلك اليوم في السنوات اللاحقة منزلته، ويجرون عليه الأحكام، فيقولون: هذا يوم مولد النبي‘، وهذا يوم بعثه، وهذا يوم وفاته، فيقيمون مراسم ذلك اليوم من التهنئة والتعزية. وكذا يقولون: هذا يوم مولد السلطان، وهذا يوم جلوسه، و... إلى غير ذلك من الحوادث الواقعة، وقد جرى الشرع على ذلك^{^[45]}.

النمط الثالث: المبتدأ معرفة والخبر جملة

إنّ المتكلّم قد يأتي بالمسند جملةً؛ وذلك إذا اقتضاه المقام وسياق الحال، مقيّداً بأحد الأزمنة الثلاثة في إفادة معنى التجدّد في الحدث^{^[46]}. ولم أجد بالتتبّع والاستقراء هذا النوع في الدعاء الذي ورد في زيارة عاشوراء.

النمط الرابع: المبتدأ معرفة والخبر شبه جملة

لقد أشار النحويّون إلى أنّ الخبر عند وروده شبه جملة يكون متعلّقاً إمّا بفعل، وإمّا اسم بحسب قصد المتكلّم ومقتضى السياق، فإن أراد الثبوت والدوام قُدّر اسماً، وإن أراد التجدّد والحدوث قُدّر فعلاً^{^[47]}.

وقد جاء هذا النمط من التراكيب في الدعاء العاشورائي، وهو يحمل في الأغلب صفة الثبوت والدوام، فالمعاني التي تضمّنها الدعاء تُعبّر عن حالة الاتّصاف الدائمة والمترسّخة (أي: اتّصاف المسند بالمسند إليه على وجه الثبوت)، ونلحظ ذلك في المقطع التالي: «اللّهمّ لك الحمد حمدَ الشاكرين لك على مصابهم، الحمد لله على عظيم رزيّتي، اللّهمّ ارزقني شفاعة الحسين يوم الورود، وثبّت لي قدم صدقٍ عندك مع الحسين، وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين×»^{^[48]}. فالحمد والشكر والثناء مستقرّ وثابت لله تعالى لا يُشاركه على وجه الكمال فيها غيره، وهنا إضافة في قمّة الروعة والجمال، وهي إضافة الحمد للشكر، فلم يقل: (اللّهمّ لك الحمد حمد الحامدين)، وإنّما قال: «حمدَ الشاكرين»، والغرض منه الجمع بين الحمد والشكر على مصابهم، فكأنّه قال: (لك الحمد على مصابهم حمداً معه شكر). إذاً؛ قضى ما عليه من حمد الشاكرين أنّه حمد معه شكر.

وكلمة (على) متعلّقة بالحمد والشكر من باب التنازع؛ لأنّ مدخولها نعمة، وتعدية الحمد إلى النعمة بـ(على) شائع وكثير في العربية. وأمّا تعدية الشكر بـ(على) إلى كلّ من المنعِم والنعمة فيكون بأحد أُمور ثلاثة: بنفسه، وبالباء، وباللام^{^[49]}. وعـن النبي‘ أنّه دخل على الأنصار فقال: «أمؤمنون أنتم؟ فسكتوا. فقال رجل: نعم، يا رسول الله. فقال: وما علامة إيمانكـم؟ قالوا: نشكر على الرخاء، ونصبر على البلاء، ونرضى بالقضاء. فقال: مؤمنون وربّ الكعبة»^{^[50]}.

وفي ضوء هذه الرواية الشريفة يتبيّن للقارئ أنّ متعلّق الشكر لا بدّ أن يكـون نعمةً للشاكر؛ إذ لا معنى للشكر على نعمة للغير، وأمّا متعلّق الحمد فأعمّ من ذلك عـلى ما قالوا.

ثمّ إنّ كون مصابهم نعمة إنّما هو باعتبار تحمّله والصبر عليه؛ إذ تحمّل المصائب والصبر عليها من أفاضل نعم الله تعالى^{^[51]}. فالحمد والشكر والثناء من قِبل الإمام المعصوم× مستقرّ وثابت لله تعالى في كلّ زمان ومكان، وفي كلّ الأحول، وهذا ما بيّنته الجملة الاسمية التي تدلّ على الثبوت والاستقرار كما ألمعت في تعريفها.

وجاء أيضاً في الدعاء العاشورائي: «السلام عليك يابن رسول الله، السلام عليك يابن البشير النذير وابن سيّد الوصيّين، السلام عليك يابن فاطمة سيّدة نساء العالمين، السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا خيرة الله وابن خيرته، السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره، السلام عليك أيّها الوتر الموتور، السلام عليك أيّها الإمام الهادي الزكي، وعلى أرواح حلّت بفنائك وأقامت في جوارك ووفدت مع زوّارك، السلام عليك منّي ما بقيت وبقي الليل والنهار»^{^[52]}.

فالسلام في الزيارة الشريفة يجده القارئ متصدّراً في أوّل ما يبدأ بزيارة الإمام الحسين×، وإن دلّ هذا على شيء فإنّه يدلّ على تعظيم وتكريم الطرف المقابل، وقد سار الإسلام على هذا النهج، بل وطلب إعادة التحية بأحسن منها كما في قوله تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا)^{^[53]}، وهذا هو من تعظيم التكريم.

وقد انفرد الإسلام بتحية خاصّة به تمثّلت بـ(السلام عليكم)؛ لقوله تعالى: (فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً)^{^[54]}، وقوله تعالى: (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ)^{^[55]}، فالسلام لغةً جاء بمعنى السلامة، وأيضاً التسليم^{^[56]}، والسلام كما هو معلوم هو اسم من أسماء الله تعالى، ويعني أنّ الله سبحانه وتعالى يحفظ خلقه من جميع الشرور والبلايا.

فبداية الزيارة الشريفة بالجملة الاسمية التي بدأت بالمبتدأ المعرفة لها دلالة على أنّ الذي يرمي إلى زيارة المولى× لا بدّ أن يكون مسلّماً له في السرّاء والضرّاء، فضلاً عن الدعاء له، وهذا الأمر لا بدّ أن يكون ثابتاً مستقرّاً في نفس الداعي، وظاهراً عليه.

المبحث الثاني: الجملة الفعلية

لقد أوضحنا فيما سبق أنّ تحديد نوع الجملة يعتمد على الإسناد، فإن كان المسنَد فيها فعلاً سُمّيت الجملة فعلية وإن كان المتقدّم اسماً، وإن كان المسنَد فيها اسماً سُمّيت اسمية. وهذا التحديد لمفهوم نوع الجملة يبدو أنّه أكثر واقعية من (الربط بين نوع الجملة، ونوع الكلمة المتصدّرة)؛ وذلك لانطباق الصفات الضرورية اللازمة لسلامة تحديد النوعين، وهي^{^[57]}:

وحدة النسق في التقسيم.

الاتّساق بين عناصر كلّ قسم.

تقابل الأقسام وعدم تقابلها فيما بينها.

التكامل بين الأقسام في التعبير عن الواقع اللغوي.

إنّ مفهوم الجملة الفعلية قائم على الفعل الذي هو «كلمة تدلّ على معنىً في نفسها، وهي مقترنة بأحد الأزمنة الثلاثة»^{^[58]}.

وهذا التعريف هو ما سار عليه الكثير من النحويّين، وخالفهم في ذلك بعض المحدثين، يقول الدكتور علي أبو المكارم ردّاً على التعريف المذكور: «والتحليل اللغوي لهذا الذي يوشك أن يكون من المسلّمات النحوية لا يُسلم إلى الشكّ فيها فحسب، بل ينتهي إلى تقرير مخالفتها للواقع اللغوي»^{^[59]}.

ويُدلّل على ما يذهب إليه بعدّة شواهد فيها الكثير من الصواب لا يسع المجال لبسطها، ويذهب إلى ما يذهب إليه ابن مالك في بيانه للفعل بذكر علاماته لا حدّه. وعلى العموم؛ فإنّنا لا نحبّ أن نخوض في أكثر من ذلك.

الأشكال النمطية للجملة الفعلية في الدعاء الذي ورد في زيارة عاشوراء

إنّ الفعل في الجملة الفعلية قد يرد لازماً، وقد يرد متعدّياً، هذا من جانب. وقد يرد مبنيّاً للمعلوم، وقد يرد مبنيّاً للمجهول، من جانب آخر. فعلى هذا تتركّب لدينا الأنماط الآتية للجملة الفعلية في الدعاء الذي ورد في زيارة عاشوراء^{^[60]}:

النمط الأوّل: الفعل اللازم والفاعل

الفعل اللازم: ويسمّى القاصر، ويسمّى غير المتعدّي أو المتعدّي بحرف الجرّ، وهو الذي يكتفي بالفاعل فقط، أو هو الذي يُعبّر به عن معنىً قائم بالفاعل لا يتجاوزه إلى غيره. ويُستدلّ عليه بمجرّد وزنه تارةً، وبمعناه تارةً أُخرى^{^[61]}. ويتّخذ هذا النمط أشكالاً مختلفة:

فتارةً يُسند إلى الضمير البارز كما في الدعاء الذي ورد في زيارة عاشوراء: «برئت إلى الله وإليكم منهم، ومن أشياعهم وأتباعهم وأوليائهم»^{^[62]}. حيث أُسند الفعل إلى الضمير المتكلّم المفرد (التاء) في الفعل (برئ)، ولعلّه يُراد بالبراءة مطلق الخلوّ من محبّة أعداء أهل البيت^؛ فإنّ مع محبّتهم لا تتمّ الولاية، کما في المروي عن المولى أمير المؤمنين×: «صديق عدوي داخل في عداوتي»^{^[63]}.

وجاء في قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)^{^[64]}، أي البراء من محبّتهم مجاوزاً عنهم إلى محبّة الله ومحبّتکم، فالمتأمّل في قوله تعالى: (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)^{^[65]}، يجد الابتداء الغاية، أي هذه الآية براءة صدرت من الله تعالى.

وتارةً أُخرى يُسند إلى الضمير المستتر كما في: «اللّهمّ اجعلني عندك وجيهاً بالحسين× في الدنيا والآخرة، يا أبا عبد الله، إنّي أتقرّب إلى الله وإلى رسوله وإلى أمير المؤمنين وإلى فاطمة وإلى الحسن وإليك بموالاتك، وبالبراءة ممّن قاتلك ونصب لك الحرب، وبالبراءة ممّن أسّس أساس الظلم والجور عليكم»^{^[66]}. فالفعل اللازم هو (أتقرّب)، وتقدير الضمير المستتر هنا (أنا)، وهذا الضمير راجع إلى الشخص الذي يزور أو يدعو بهذه النصوص الشريفة (زيارة عاشوراء).

والمراد من القرب في المقطع الشريف هو القرب المعنوي لا القرب المكاني، وهذا القرب إنّما يحصل بملازمة الطاعات ومجانبة المعاصي، والتخلّق بأخلاق الله سبحانه وتعالى، فإذا قام الإنسان بهذه الأُمور فإنّه سوف يتجاوز حالة الإيمان القشري إلى الإيمان الحقيقي.

كما يُستفاد من هذه الفقرة أنّه لا يحصل التقرّب إلى الله تعالى، وإلى مَن أُمرنا بالتمسّك بهم وهم: رسوله الكريم|، وأمير المؤمنين، وفاطمة الزهراء، والحسن والحسين^ إلّا بمولاة الإمام الحسين×.

وتارةً ثالثة يُسند إلى الفاعل (اسم ظاهر) ولكن بتعديته بحرف الجرّ، كما في: «اللّهمّ إنّ هذا يومٌ تبرّكت به بنو أُمية، وابن آكلة الأكباد اللعين ابن اللعين على لسانك ولسان نبيّك صلّى الله عليه وآله في كلّ موطنٍ وموقفٍ وقف فيه نبيّك|»^{^[67]}. فالفعل (تبرّك) قد تعدّى بواسطة حرف الجرّ توسّعاً في الفعل وإجراءً له مجرى الأفعال المتعدّية^{^[68]}؛ كلّ ذلك توسعةً في استعمال التراكيب المختلفة؛ ممّا أضفى حيوية عليها.

النمط الثاني: الفعل المتعدّي والفاعل والمفعول

الفعل المتعدّي: هو ما يصل إلى فاعله بغير حرف الجرّ، أو هو الذي يصلح أن يُصاغ منه اسم مفعول تامّ، أي: يستغني عن حرف الجرّ. ويسمّى (المجاوز)؛ لمجاوزته الفاعل إلى المفعول، ويسمّى (الواقع)؛ لوقوعه على المفعول^{^[69]}.

لقد ورد هذا النمط في الدعاء الذي ورد في زيارة عاشوراء الشريفة بعدّة صورٍ:

الفعل + الفاعل (ظاهر) + المفعول: نحو ما ورد في: «لعن الله أُمّةً أسّست أساس الظلم والجور عليكم أهل البيت، ولعن الله أُمّةً دفعتكم عن مقامكم، وأزالتكم عن مراتبكم التي رتّبكم الله فيها، ولعن الله أُمّةً قتلتكم، ولعن الله الممهّدين لهم بالتمكين من قتالكم»^{^[70]}.

فهذا التعدّد من الأفعال اللازمة في جملٍ بسيطة قد أفاض سرعةً في الإيقاع يُنبئ عن سرعة في الحدث، فضلاً عمّا تُفضيه من دلالة نصّية تتمثّل في كيفيّة الدفع عن المقام الذي جعله الله تعالى لهم^، وإزالتهم عن مرتبتهم التي قرّرها تعالى لهم، وقد «بلغ الله بهم أشرف محلّ المکرمين، وأعلى منازل المقرّبين، وأرفع درجات المرسلين؛ إذ لا يلحقه لاحق، ولا يفوقه فائق، ولا يسبقه سابق، ولا يطمع في إدراکه طامع»^{^[71]}.

فالعقل السليم يحکم ويُدرك بأنّ کلّ مَن نَصَب العداءَ وأعلن الحرب والقتل للنبي الأعظم‘، وأهل بيته^ يستحقّ اللعنة والعداء والبراءة منه، وإذا لم يحکم العقل بهذا الحکم فهو مشکوك فيه.

الفعل + الفاعل (مستتر) + المفعول: كما في: «وأسألُ الله الذي أكرم يا مَواليَّ مقامكم، وشرّف منزلتكم وشأنكم، أن يُكرمني بولايتكم ومحبّتكم والائتمام بكم، وبالبراءة من أعدائكم، وأسأل الله البرّ الرحيم أن يرزقني مودّتكم، وأن يوفّقني للطلب بثاركم مع الإمام المنتظر الهادي من آل محمد، وأن يجعلني معكم في الدنيا والآخرة، وأن يُبلّغني المقام المحمود لكم عند الله، وأسأل الله} بحقّكم، وبالشأن الذي جعل الله لكم، أن يُعطيني بمصابي بكم أفضل ما أعطى مصاباً بمصيبة»^{^[72]}.

فقد حذف الفاعل، وهو الداعي الذي يدعو في هذه الزيارة الشريفة (أنا) من الفعل (أسأل)؛ لأنّه معلومٌ، فضلاً عن ذلك؛ فإنّ الحذف هنا أفصح من الذكر؛ فإنّ تكرار ذكر الفاعل هنا فيه إخلال بالفصاحة، وسماجة في القول.

الفعل + الفاعل (ضمير تاء الفاعل) + المفعول: كما في: «وافتح لهم وعليهم وعلى كلّ مَن رضي بذلك لعناتك التي لعنتَ بها كلّ ظالم، وكلّ غاصب، وكلّ جاحد، وكلّ كافر، وكلّ مشرك، وكلّ شيطان رجيم، وكلّ جبّار عنيد»^{^[73]}.

فالفعل (لعنتَ) اتّصلت به التاء المفتوحة، وهي تاء الفاعل (المخاطب المذكّر، وهو لفظ الجلالة (الله) جلّ ذكره)، والمفعول به (كلّ)، فأتى بجملٍ متتالية وعلى نفس الصورة، ممّا جعلها تركيباً متّصلاً ملتحماً، يوحي بقصدية المتكلّم في إنزال اللعنة على كلّ مَن رضي بقتل الحسين وأهل بيته^، وعلى كلّ ظالم، وكلّ غاصب، وكلّ جاحد، وكلّ كافر، وكلّ مشرك، وكلّ شيطان رجيم، وكلّ جبّار عنيد.

الفعل + الفاعل (ضمير واو الجماعة) + المفعول: كما في: «اللّهمّ ارزقني شفاعة الحسين يوم الورود، وثبّت لي قدم صدقٍ عندك مع الحسين، وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين×»^{^[74]}.

فالفعل (بذل) اتّصل به الضمير (واو الجماعة)، الذي يعود على أصحاب الإمام الحسين×. و(البذل)، يعني: الإعطاء^{^[75]}. و(المهجة): الدم المجتمع في داخل قلب الإنسان^{^[76]}. و(دون)، أي: أمام^{^[77]}.

الفعل + الفاعل (ضمير مستتر) + المفعول (ضمير): كما في: «لعن الله أُمّةً أسّست أساس الظلم والجور عليكم أهل البيت، ولعن الله أُمّةً دفعتكم عن مقامكم، وأزالتكم عن مراتبكم التي رتّبكم الله فيها، ولعن الله أُمّةً قتلتكم، ولعن الله الممهّدين لهم بالتمكين من قتالكم»^{^[78]}.

فجاءت الأفعال (دفعتكم، وأزالتكم، وقتلتكم) مستندةً إلى الضمير المستتر (هي)، عائد على الأُمّة التي قاتلت، وبايعت، وشايعت، وأسّست أساس الظلم والجور على أهل البيت^، والمفعول (ضمير الكاف) عائد على الإمام الحسين× وأهل بيته^ وأصحابه.

والمراد من الدفع عن مراتبهم هو إخراجهم عن مقامهم الإلهي الذي أمر تعالى به، والمراد منه الحكومة والرئاسة الظاهرية للبلاد والعباد، التي لا بدّ أن تُعطى للإنسان الشريف والنزيه الذي لا يقصد بها إلّا الوصول إلى رضوان الله عـزّ ذكره، من خلال تطبيق أحكامه الشرعية بين عباده.

وليس المراد بالدفع إخراجهم عن مقام حقيقة الإمامة؛ إذ لا يمكن أن تُغتصب أو تُؤخذ من قبل الأعداء والكفّار، فهي ثابتة لهم^ سواء حكموا أم لم يحكموا.

الفعل + الفاعل (ضمير متّصل) + شبه جملة + المفعول: كما في: «اللّـهمّ فصلِّ على محمد وآل محمد، وارزقني شفاعة الحسين× يوم الورود والمقام المشهود والحوض المورود، واجعل لي قدم صدق عندك مع الحسين، وأصحاب الحسين× الذين واسوه بأنفسهم وبذلوا دونه مهجهم، وجاهدوا معه أعداءك ابتغاء مرضاتك ورجاءك، وتصديقاً بوعدك وخوفاً من وعيدك، إنّك لطيفٌ لما تشاء، يا أرحم الراحمين»^{^[79]}.

فجاء الفعل (جاهد)، والفاعل ضمير متّصل، وهو (واو الجماعة)، وقد فصل بينه وبين المفعول (أعداءك) شبه الجملة (معه).

الخاتمة ونتائج البحث

بعد أن استنشقنا عبق الزيارة، ورفلنا بعطر خمائل الإمامة، ونهلنا من غديرها العذب الفرات، وسرنا في جنان كلماتها النورانية، وصلت بنا الخُطا إلى نهاية المطاف، وآن لنا أن نقتطف الثمار لنسطّرها بكلماتٍ توجز كلام ما أفضناه، وتُجمل حديث ما ابتدأناه، فأقول:

يُعدّ الدعاء في زيارة عاشوراء ثروة علمية وفكرية؛ لما تضمّنه من مضامين عميقة في مجال فلسفة الدين وعلل شرائع الأحكام، ومبادئ الإمامة، وفلسفة التعاليم الأخلاقية، والفكر السياسي الإسلامي.

أوضح البحث أنّ المشتقّات التي ذُكرت في الدعاء تحمل مفاهيم الثبوت والاستقرار، ولكن بنسب متفاوتة كلّ بحسب موقعه، والغرض الذي استُعمل من أجله، مع الالتفات إلى مراعاة انسجام هذه الصيغ مع المدلولات العامّة؛ فضلاً عن حضورها في الجملة الواحدة.

أفاد تعبير الدعاء من دلالة التراكيب المختلفة على الحدوث والثبوت والمبالغة والمفاضلة في الكشف عن حقيقة مخبّأة داخل أروقة الزيارة الشريفة، وتقديم دروس تهذيبية وتربوية للإنسان تُقوّم اعتقاداته وتسمو به إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة.

بيّنت الدراسة أنّ لبعض التراكيب المختلفة دوراً كبيراً في الجانب النفسي للمتلقّي، ولا سيّما في إضفاء دلالتي الترغيب والترهيب، والإفادة منهما بوصفهما وسائل لغوية من شأنها أن تُرغّب المتلقّي في بعض المفهومات، وترهبه وتحذّره في أُخرى.

تُظهر فقرات الدعاء في الزيارة الشريفة مدى التأثّر الواضح بأساليب القرآن المختلفة (التقارب والتشابه في البنى التعبيرية والتركيبية)، يرجع ذلك إلى الفهم الدقيق من قِبل الإمام× للقرآن الكريم، وذوبانه الروحي فيه، فهو× ربيب الرسالة المحمّدية.

في ضوء دراستنا للتركيب الجُمَلي في أروقة الزيارة الشريفة نلاحظ البناء الرصين الذي حقّق تماسك النصّ وتلاحمه، ووحدة البناء ودقّة المعنى، وقوّة التراكيب ومتانتها؛ وكلّ ذلك يُظهر براعة أُسلوب الخطيب ومتانته، وقوّة منطقه.

تميّز الدعاء بفصاحة الألفاظ وجزالتها، ودقّة عمقها الدلالي، وجمالية انتقائه للألفاظ ووضعها في موضعها.

لقد مثّل الدعاء في زيارة عاشوراء انعكاساً للواقع الإنساني الذي عاشته الأُمّة حينذاك، فيُعدّ وثيقة تاريخية لمن أراد استجلاء صورة كُنه تلك الفترة، وبما أنّ المجتمع كان منغمساً في أهواء مضلّلة، تتجاذبه صراعات كونية أزلية بين قوى الخير والشرّ، والحقّ والباطل، فقد كثر الاستعمال للثنائيّات الضدّية بصورة جلية.

هذه أهمّ النتائج التي توصّل إليها البحث والباحث، عرضتها بإيجاز شديد، والحمد لله على جميل نعمائه ومنتهى لطائفه، والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخيرته من الخلق، وصفيّه محمد المصطفى نبيّه‘ وعلى الكرام البررة من أهل بيته^.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1ـ أساليب المعاني في القرآن، السيّد جعفر السيّد باقر الحسيني، مؤسّسة بوستان كتاب، إيران، الطبعة الثانية، 1430هـ.

2ـ إعراب الجُمل وأشباه الجُمل، د. فخر الدين قباوة، دار القلم العربي، حلب ـ سوريا، الطبعة الخامسة، 1409هـ/1989م.

3ـ الأغاني، علي بن الحسين المعروف بأبي الفرج الأصفهاني (ت356هـ)، دار إحياء التراث العربي.

4ـ الإيضاح في شرح المفصّل، الشيخ أبو عمرو عثمان بن عمر المعروف بابن الحاجب النحوي (ت646هـ)، تحقيق د. موسى بناي العليلي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، بغداد ـ العراق، د.ت.

5ـ بحوث نحوية في الجملة العربية، د. عبد الخالق زغير عدل، رند للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق ـ سوريا، الطبعة الأُولى، 2011م.

6ـ بلاغة التراكيب دراسة في علم المعاني، د. توفيق الفيل، مكتبة الآداب، القاهرة ـ
مصر، د.ت.

7ـ بناء الجملة في رسائل النبي‘ دراسة نحوية (أُطروحة دكتوراه)، صالح بن حمد بن محمد الفراج، جامعة أُمّ القرى، كلّية اللغة العربية، 1423هـ.

8ـ البنية الأُسلوبية في التراكيب النحوية (أُطروحة دكتوراه)، مهدي حمد مصطفى عبد الله آل سيّد علي العاني، جامعة بغداد ـ العراق، كلّية الآداب، 1424هـ/2003م.

9ـ تاج العروس من جواهر القاموس، السيّد محمد مرتضى الحسيني الزبيدي (ت1205هـ)، تحقيق: مجموعة من المحقّقين، مؤسّسة الكويت للتقدّم العلمي، الكويت، الطبعة الأُولى، 1421هـ/2000م.

10ـ تطوّر دراسة الجملة العربية بين النحويّين والأُصوليّين، د. صالح الضامن، مطبعة النجف الأشرف، النجف ـ العراق، الطبعة الثالثة، 1429هـ.

11ـ التلخيص في علوم البلاغة، جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني الخطيب (ت739هـ)، ضبطه وشرحه: عبد الرحمن البرقوقي، دار الفكر العربي، القاهرة ـ مصر، د.ت.

12ـ الجملة الاسمية، د. علي أبو المكارم، مؤسّسة المختار للنشر والتوزيع، القاهرة ـ
مصر، الطبعة الأُولى، 1428هـ/2007م.

13ـ الجملة العربية تأليفها وأقسامها، د. فاضل صالح السامرائي، دار الفكر ناشرون وموزعون، الطبعة الثالثة، 1430هـ/2009م.

14ـ الجملة العربية دراسة في مفهومها وتقسيماتها النحوية، حسين منصور الشيخ، المؤسّسة العربية للدراسات والنشر، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 2009م.

15ـ الجملة العربية والمعنى، د. فاضل صالح السامرائي، دار الفكر ناشرون وموزعون، عمّان ـ الأردن، الطبعة الثانية، 1430هـ/2009م.

16ـ الجملة الفعلية، د. علي أبو المكارم، مؤسّسة المختار للنشر والتوزيع، القاهرة ـ مصر، الطبعة الأُولى، 1428هـ/2007م.

17ـ الجملة في القرآن الكريم دراسة أُسلوبية دلالية (أُطروحة دكتوراه)، عدنان خالد فاضل المرابحي، جامعة البصرة، كلّية الآداب، 1426هـ/2005م.

18ـ جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، السيّد أحمد الهاشمي، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1418هـ/1998م.

19ـ حاشية الصبّان على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك، محمد بن علي الصبّان الشافعي (ت1206هـ) تحقيق: د. عبد الحميد هنداوي، المكتبة العصرية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1425هـ/2004م.

20ـ الخصائص، أبو الفتح عثمان بن جنّي (ت392هـ)، تحقيق: محمد علي النجّار، المكتبة العلمية، لبنان، د.ت.

21ـ دلائل الإعجاز، الشيخ أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني النحوي (ت471هـ)، قرأه وعلّق عليه: محمود محمد شاكر، مكتبة الخانجي، القاهرة ـ مصر، د.ت.

22ـ شذا العرف في فنّ الصرف، أحمد الحملاوي، منشورات المحبّين للطباعة والنشر، إيران، الطبعة الأُولى، 1430هـ.

23ـ شرح ابن عقيل، بهاء الدين عبد الله بن عقيل العقيلي الهمداني المصري (ت769هـ)، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، انتشارات ناصر خسرو، قم ـ إيران، الطبعة السابعة، 1424هـ.

24ـ شرح ألفية ابن مالك، أبو عبد الله بدر الدين محمد بن محمد بن مالك المعروف بابن الناظم (ت686هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1424هـ/2003م.

25ـ شرح الكافية الشافية، جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني، تحقيق وتقديم: د. عبد المنعم أحمد هريدي، دار المأمون للتراث، المملكة العربية السعودية، د.ت.

26ـ شرح المفصّل، موفّق الدين يعيش بن علي بن يعيش النحوي (ت643هـ)، إدارة الطباعة المنيرية، مصر، د.ت.

27ـ شرح زيارة عاشوراء، الفاضل المازندراني المولى عبد الرسول النوري الفيروزكوهي (ت1325هـ)، تحقيق: السيّد حسن الموسوي، مكتبة فدك لأحياء التراث، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 2009م.

28ـ شرح زيارة عاشوراء، الملا حبيب الله الشريف الكاشاني (ت1340هـ)، تحقيق: نزار الحسن، دار جلال الدين باقري، قم ـ إيران، الطبعة الثالثة، 2011م.

29ـ فقه اللغة وأسرار العربية، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي (ت430هـ)، ضبطه وعلّق حواشيه وقدّم له ووضع فهارسه: د. ياسين الأيوبي، المكتبة العصرية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1420هـ/2000م.

30ـ في النحو العربي قواعد وتطبيق، د. مهدي مخزومي، مكتبة ومطبعة مصطفى الحلبي وأولاده، مصر، الطبعة الأُولى، 1386هـ/1966م.

31ـ في النحو العربي نقد وتوجيه، د. مهدي مخزومي، دار الرائد العربي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1406هـ/1986م.

32ـ في جمالية الكلمة.. دراسة جمالية بلاغية نقدية، د. حسين جمعة، اتّحاد الكتّاب العرب، دمشق ـ سوريا، د.ط، 2002م.

33ـ كامل الزيارات، جعفر بن محمد القمّي المعروف بابن قولويه (ت368هـ)، تحقيق ونشر: مؤسّسة نشر الفقاهة، د.ط، د.ت.

34ـ الكتاب (كتاب سيبويه)، أبو بشير عمرو بن عثمان قنبر المعروف بـ(سيبويه) (ت180هـ)، تحقيق: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة ـ مصر، الطبعة الرابعة، 1425هـ/2004م.

35ـ لسان العرب، محمد بن مكرم بن على الإفريقي المعروف بابن منظور (ت711هـ)، أدب الحوزة، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1405هـ.

36ـ مدخل إلى دراسة الجملة العربية، د. محمود أحمد نحلة، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت ـ لبنان، د.ط، 1408هـ/1988م.

37ـ مسكّن الفؤاد عند فقد الأحبّة والأولاد، زين الدين بن علي بن أحمد الجبعي العاملي الشهيد الثاني (ت965هـ)، تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1407هـ.

38ـ مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري المصري (ت761هـ)، خرّج آياته وعلّق عليه: أبو عبد الله علي عاشور الجنوبي، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 1428هـ/2008م.

39ـ مفاتيح الجنان، الشيخ عبّاس القمّي (ت1359هـ)، دار القارئ، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1442هـ/2020م.

40ـ مفهوم الجملة عند سيبويه، د. حسن عبد الغني جواد الأسدي، دار الكتب العلمية، بيروتـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1428هـ/2007م.

41ـ مواقف النفري.. دراسة في التراكيب ودلالاتها، علي موسى الكعبي، دار ومكتبة البصائر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 2011م.

42ـ نحو التيسير، د. أحمد عبد الستّار الجواري، المؤسّسة العربية للدراسات والنشر، بيروت ـ لبنان، د.ط، 2006م.

43ـ النظام النحوي في القرآن الكريم، د. عبد الوهاب حسن حمد، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمّان ـ الأردن، الطبعة الأُولى، 1431هـ/2010م.

44ـ نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة، الشيخ محمد باقر المحمودي، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان.

^45ـهمع الهوامع في شرح جمع الجوامع، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت911هـ)، تحقيق: أحمد شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1418هـ/1998م.

[1] اُنظر: مجيد مطشر، المناهج اللسانية وتطبيقاتها في تحليل النصّ الشعري وتحليل النقد: ص221. (رسالة دكتوراه).

[2] اُنظر: توفيق الزيدي، أثر اللسانيّات في النقد العربي الحديث: ص73.

[3][3] د. أنيس فريحة، في اللغة العربية وبعض مشكلاتها: ص75.

[4] د. أحمد محمد ويس، ثنائية الشعر والنثر في الفكر النقدي: ص145.

[5] اُنظر: د. محمد حماسة عبد اللطيف، النحو والدلالة: ص209، وما بعدها.

[6] الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس: ج2، ص532.

[7] إنّ «التأليف أخصّ من التركيب؛ إذ هو تركيب وزيادة، وهي وقوع الأُلفة بين الجزءين [المُسند والمسند إليه]». الصبّان، محمد بن علي، حاشية الصبّان على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك: ج1، ص33.

[8] اُنظر: الكعبي، علي موسى، مواقف النفري دراسة في التراكيب ودلالاتها: ص87.

[9] للوقوف على التطوّر التاريخي لمفهوم الجملة عند النحويّين، اُنظر: الأسدي، د. حسن عبد الغني جواد، مفهوم الجملة عند سيبويه: ص25ـ 28. د. عبد الخالق زغير عدل، بحوث نحوية في الجملة العربية: ص13ـ 17. الكعبي، علي موسى، مواقف النفري دراسة في التراكيب ودلالاتها: ص87 ـ 89. الفراج، صالح بن حمد بن محمد، بناء الجملة في رسائل النبي‘: ص18 وما بعدها.

[10] ابن جنّي، عثمان، الخصائص: ج1، ص17.

[11] ابن يعيش، يعيش بن علي بن يعيش، شرح المفصّل: ج1، ص18.

[12] ابن هشام الأنصاري، عبد الله بن يوسف، مغني اللبيب: ج2، ص36.

[13] اُنظر: الضامن، صالح، تطوّر دراسة الجملة العربية بين النحويّين والأُصوليّين: ص75.

[14] السيوطي، جلال الدين، همع الهوامع في شرح جمع الجوامع: ج1، ص49.

[15] اُنظر: السامرائي، فاضل صالح، الجملة العربية والمعنى: ص7.

[16] المخزومي، مهدي، في النحو العربي.. نقد وتوجيه: ص31 وص33.

[17] الجواري، أحمد عبد الستّار، نحو التيسير: ص123.

[18] سيبويه، عمرو بن عثمان، الكتاب: ج1، ص23.

[19] اُنظر: المصدر السابق.

[20] اُنظر: آل سيّد علي العاني، مهدي، البنية الأُسلوبية في التراكيب النحوية (أُطروحة دكتوراه): ص21.

[21] اُنظر: ابن يعيش، يعيش بن علي بن يعيش، شرح المفصّل: ج1، ص20.

[22] أضاف ابن هشام قسماً ثالثاً، وهي الجملة الظرفية، وهي المصدّرة بظرف أو جار ومجرور. اُنظر: ابن هشام الأنصاري، عبد الله بن يوسف، مغني اللبيب: ج2، ص37. د. حسين جمعة، في جمالية الكلمة: ص59. وزاد الزمخشري قسماً رابعاً هي الجملة الشرطية، واعتُرض عليه بأنّها من قبيل الجملة الفعلية، وهو ما عليه الجمهور. اُنظر: ابن هشام الأنصاري، عبد الله بن يوسف، مغني اللبيب: ج2، ص37. السامرائي، د. فاضل، الجملة العربية تأليفها وأقسامها: ص160. ويبدو أنّ أكثر النحويّين قد أرجعهما إلى الاسمية أو الفعلية بعدّة وجوه. اُنظر: قباوة، د.فخر الدين، إعراب الجمل وأشباه الجمل: ص19ـ 24.

[23] اُنظر: الشيخ، حسين منصور، الجملة العربية دراسة في مفهومها وتقسيماتها النحوية: ص49. المرابحي، عدنان، الجملة في القرآن الكريم دراسة أُسلوبية دلالية (أُطروحة دكتوراه): ص8.

[24] اُنظر: ابن هشام الأنصاري، عبد الله بن يوسف، مغني اللبيب: ج2، ص37.

[25] اُنظر: المخزومي، د. مهدي، في النحو العربي (نقد وتوجيه): ص40. السامرائي، د. فاضل، الجملة العربية تأليفها وأقسامها: ص158. وغيرهما.

[26] اُنظر: نحلة، د. محمود أحمد، مدخل إلى دراسة الجملة العربية: ص90.

[27] اُنظر: ابن الحاجب، عثمان بن عمر، الإيضاح في شرح المفصّل: ج1، ص159.

[28] اُنظر: السامرائي، د. فاضل، الجملة العربية تأليفها وأقسامها: ص160.

[29] اُنظر: د. عبد الوهاب حسن حمد، النظام النحوي في القرآن الكريم: ص62.

[30] اُنظر: السامرائي، د. فاضل، الجملة العربية تأليفها وأقسامها: ص13.

[31] ذهب بعضهم إلى وصف الجملة الاسمية بالدوام والثبوت، وإلى وصف الفعلية بالحدوث والتغيّر، وهذا من باب التجوّز، وإلّا فالوصف واقع على الاسم أو الفعل؛ فهما ما يوصف بالثبات أو التغيّر لا الجملة. اُنظر: السامرائي، د. فاضل، الجملة العربية تأليفها وأقسامها: ص162.

[32] اُنظر: المخزومي، مهدي، في النحو العربي.. نقد وتوجيه: ص42. د. حسين جمعة، في جمالية الكلمة: ص59.

[33] اُنظر: الجواري، أحمد عبد الستّار، نحو التيسير: ص123.

[34] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص468.

[35] اُنظر: ابن عقيل، عبد لله، شرح ابن عقيل: ج1، ص216.

[36] اُنظر: الفيل، د. توفيق، بلاغة التراكيب دراسة في علم المعاني: ص150. الهاشمي، السيّد أحمد، جواهر البلاغة: ص98.

[37] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص468.

[38] اُنظر: ابن الناظم، محمد بن محمد بن مالك، شرح ألفية ابن مالك: ص160.

[39] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص469.

[40] اُنظر: حملاوي، أحمد، شذا العرف في فنّ الصرف: ص56.

[41] الأصفهاني، أبو الفرج، الأغاني: ج17، ص192.

[42] اُنظر: الحسيني، السيّد جعفر السيّد باقر، أساليب المعاني في القرآن: ص295.

[43] اُنظر: الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز: ص178 بتصرّف في المثال.

[44] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص331.

[45] اُنظر: الفاضل المازندراني، المولى عبد الرسول، شرح زيارة عاشوراء: ص246.

[46] اُنظر: الخطيب القزويني، محمد بن عبد الرحمن، التلخيص في علوم البلاغة: ص107.

[47] اُنظر: ابن عقيل، عبد الله، شرح ابن عقيل: ج1، ص211.

[48] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص332.

[49] اُنظر: ابن هشام الأنصاري، عبد الله بن يوسف، مغني اللبيب: ج1، ص287. الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج1، ص367.

[50] العاملي (الشهيد الثاني)، زين الدين بن علي، مسكّن الفؤاد عند فقد الأحبّة والأولاد: ص48.

[51] اُنظر: الفاضل المازندراني، المولى عبد الرسول، شرح زيارة عاشوراء: ص156.

[52] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص468.

[53] النساء: الآية86.

[54] النور: الآية61.

[55] الأحزاب: الآية44.

[56] اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج12، ص210.

[57] اُنظر: د. علي أبو المكارم، الجملة الفعلية: ص34.

[58] المصدر السابق: ص41.

[59] المصدر السابق.

[60] قد ذكرنا الأنماط الخاصّة بالجملة الفعلية البسيطة المثبتة، تاركين التوسّع في الأنماط الأُخرى وتراكيبها إلى المبحث الآخر (ظواهر تركيبية).

[61] اُنظر: الطائي الجيّاني، محمد بن عبد الله بن مالك، شرح الكافية الشافية: ج1، ص630. المخزومي، د. مهدي، في النحو العربي (قواعد وتطبيق): ص100.

[62] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص468.

[63] المحمودي، محمد باقر، نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة: ج٧، ص٤١٤.

[64] المائدة: الآية51.

[65] التوبة: الآية1.

[66] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص469.

[67] المصدر السابق.

[68] اُنظر: ابن الناظم، محمد بن محمد بن مالك، شرح ألفية ابن مالك: ص96.

[69] اُنظر: الطائي الجيّاني، محمد بن عبد الله بن مالك، شرح الكافية الشافية: ج2، ص629.

[70] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص330.

[71] الشريف الكاشاني، الملّا حبيب الله، شرح زيارة عاشوراء: ص59.

[72] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص469.

[73] المصدر السابق.

[74] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص332.

[75] اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج١٠، ص٣٩٦.

[76] اُنظر: الثعالبي، عبد الملك بن محمد، فقه اللغة وأسرار العربية: ص156.

[77] اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج12، ص210.

[78] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص329.

[79] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص470.

الدعاء في زيارة عاشوراء قراءة في ضوء الأُسلوبية التركيبية القسم الأوّل