المقدّمة

لم تكن بلاد الأندلس ـ على بُعد مسافة طريقها ـ بعيدةً عن فكر أهل البيت^، فمع أنّهم× كانوا يُدركون جيّداً أنّ الفتح لا يمكن أن يكون بالسيف، وأنّ فتح السيف في المنظور الإسلامي يُعتبر احتلالاً، وأنّه سوف يؤول إلى الاضمحلال مهما طال زمانه؛ إلّا أنّهم^ كانوا يرون أنّ الفتح ـ كما هو في المنظور القرآني ـ لا بدّ أن يكون فتحاً فكرياً وليس عسكرياً؛ لذلك كانوا يبعثون الرجال الأكفّاء ذهنياً إلى أصقاع الأرض، ومنها الأندلس؛ لنشر ثقافة الإسلام الأصيل. ومن هنا؛ كانت آثارهم^ واضحة في تلك البلاد، وهو ما شاهدناه على مرّ العصور والأزمان.

ومن تلك الآثار ظهور مراثي أهل البيت^ على وجه العموم، ومراثي الإمام الحسين× على وجه الخصوص؛ لما لها من تأثير كبير في نفوس الشيعة، ولعظم مظلوميّته× على النفس البشرية، ولذلك انبرى الكثير من الشعراء الأندلسيّين لرثائه× بمجموعة من القصائد التي خلّدوا بها.

ومن هنا؛ جاءت فكرة البحث، حيث تضمّن ثلاثة مباحث: المبحث الأوّل تكلّمنا فيه عن الرثاء في اللغة والاصطلاح، أمّا المبحث الثاني فقد خصّصنا الحديث فيه عن بدايات دخول التشيّع إلى بلاد الأندلس بعد أن انتقلت بذرته من المغرب، أمّا المبحث الثالث فكان الحديث فيه عن قصائد رثاء الإمام الحسين× عند أهل الأندلس؛ فكانت على قوّتها وازدهارها في زمن ملوك الطوائف، وخمدت قليلاً في زمن المرابطين، لتعود من جديد وتظهر بشكلها الحزين في زمن الموحّدين. كما تطرّقنا إلى كيفية إقامة مراسم العزاء ـ آنذاك ـ في تلك البلاد.

المبحث الأوّل: الرثاء لغةً واصطلاحاً

الرثاء: أحد فنون الشعر العربي البارزة، ويُعدّ من أصفى وأعمق أنواع الشعر العاطفي؛ لأنّه يُعبّر عن المشاعر التي يكنّها الشاعر في ذاته، بل إنّه يتمثّل بصدق التجربة وحرارة التعبير ودقّة التصوير، فكلّما كانت شخصية المرثي قوية ومعبّرة، كلّما كانت كلمات الرثاء ذات معنىً وأثر؛ لذلك ظهرت مراثي أهل البيت^ ـ وبالتحديد ـ في بلاد الأندلس.

الرثاء في اللغة: من «رثى فلان فلاناً يَرثيه رَثياً ومرثِيةً إذا بكاهُ بعد موته... فإن مدحَهُ بعد موتهِ قيل رثّاهُ يُرثيهِ ترثيةً. ورثيتُ الميتَ رثياً ورثاءً ومرثاةً ومرثيةً. ورثيتُهُ مدحتُهُ بعدَ الموت وبكيتُهُ. ورثوتُ الميتَ أيضاً بكيتُهُ وعدَّدتُ محاسنَهُ، وكذلك إذا نظمتُ فيه شعراً... ويقال: ما يرثي فلان لي، أي: ما يتوجّع ولا يُبالي... ورثى له: أي رقَّ له... »^{^[1]}.

أمّا الرثاء في الاصطلاح، فهو غرض من أغراض الشعر العربي عُرف منذ العصر الجاهلي، وهو تعداد وذكر لمناقب الميّت ومدح له بعد موته^{^[2]}، كما كان المديح ذكر وتعداد لمناقب الحي في حياته.

وينقسم الرثاء إلى ثلاثة ألوان، هي: الندب، والتأبين، والعزاء.

أمّا النَدب: فهو بكاء الميّت وتعداد حسناته^{^[3]}. ولم يمنع الإسلام البكاء على الميّت وندبه، وقد أقرّ ذلك الفعلَ الرسولُ الكريم محمّد‘ ولم ينهَ عنه. وفي المقابل قد نهى عن شقّ الجيوب وضرب الخدود؛ لأنّهما من عادات الجاهلية^{^[4]}.

وأمّا التأبين: فـ«أبَّنَ الرجلَ تأبيناً وأَبَّله: مدَحه بَعد موتِه وبَكاهُ»^{^[5]}، وذكر فضائل الميّت من حلم، وكرم، وشجاعة، وفصاحة، وإغاثة ملهوف، وغيرها من الصفات. و«التأبين الثَّناءُ على الرَّجُلِ في الموتِ والحياة»^{^[6]}. إذاً؛ هو للميّت وللحي معاً.

وأمّا العزاء: فـ«الصَّبْرُ عن كلِّ ما فَقَدْت، وقيل: حُسْنُه... إنّه لعَزِيٌّ صَبُورٌ إذا كان حَسَنَ العَزاء على المصائب»^{^[7]}. فهو تأمّل فكري في حقيقة الحياة والموت، تأمّل ينطلق إلى آفاق فلسفية عميقة في معاني الوجود والعدم والخلود.

وكلّ تلك الأنواع قد ظهرت في الشعر الأندلسي، وتحديداً في الشعر الشيعي.

المبحث الثاني: دخول التشيّع إلى الأندلس

لا شكّ أنّ الأندلس من البلدان التي تأثّرت بفكر آل البيت^، فقد انتقل صدى كربلاء إلى تلك الديار مع الداخلين الأوائل إليها، وكان لهم الدور الكبير والسبق في نشر بذور التشيّع فيها، وكانوا على فريقين:

الأوّل: موسى بن نصير (فاتح الأندلس)، «وأصله من عين التمر»^{^[8]} القريبة من كربلاء، وكان معروفاً بولائه لآل البيت^^{^[9]}، وكان والده معروفاً بشجاعته وعدم مشاركته معاوية في حرب صفّين؛ لجهة أنّ الحقّ مع علي بن أبي طالب×^{^[10]}.

الثاني: رجالات التشيّع الذين انتقلوا إلى بلاد الأندلس هرباً من بطش الأُمويّين، ونشراً للدين الإسلامي الحقّ، وكان في مقدّمتهم حنش بن عبد الله الصنعاني (ت100هـ)، و«كان مع علي بن أبي طالب× بالكوفة، وقدم مصر بعد قتله (رحمة الله عليه)، وغزا المغرب مع رويفع بن ثابت، وغزا الأندلس مع موسى بن نصير، وله بها آثار. ويقال: إنّ جامع مدينة سرقسطة من ثغور الأندلس من بنائه»^{^[11]}.

كذلك أبناء أصحاب رسول الله‘، وأبناء أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب×، كأحفاد عمّار بن ياسر، وذرّية مالك الأشتر، وقيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، وهشام بن الحسين بن إبراهيم بن جعفر بن محمّد÷، فكوّن هؤلاء البذرة الأُولى في نشر التشيّع في أصقاع الأندلس.

أمّا ثقافياً؛ فيُذكر أنّ أوّل مَن أدخل الثقافة الشيعية إلى الأندلس هو محمّد بن عيسى القرطبي المعروف بالأعشى(ت٢٢١هـ)، فقد رحل في سنة (١٧٩هـ)، إذ ذهب إلى العراق مخالفاً زملاءه الأندلسيّين الذين كانوا في ذلك الوقت يتردّدون على المدينة للتفقّه على مالك بن أنس وتلاميذه، فكانت نتيجة دراسته في العراق أن نقل إلى الأندلس بعض كتب وكيع بن الجراح الذي كان من محدّثي الشيعة^{^[12]}، وقد عُرض عليه القضاء في الأندلس فرفض، وكان يذكر فضل الإمام علي بن أبي طالب× ويتّخذه قدوته في حياته ^{^[13]}.

وهكذا ألمّ الأندلسيّون بشيء عن الشيعة ومبادئهم وفرقهم وإن كان ذلك قليلاً مقارناً مع المشرق.

هذا من ناحية، ومن ناحية أُخرى فقد تدخّلت الدولة الأُموية في الأمر؛ إذ كان من مصلحة الحكومة الأُموية أن يُفهم التشيّع على أنّه مجموعة من الضلالات والبدع، لا تتّفق مع ما يجب أن يكون عليه المسلم الصحيح من سير بمقتضى السنّة، وابتعاد عن محدثات الأُمور.

وقد حارب الأُمويّون التشيّع فكرياً، فجنّدوا لذلك الكتّاب من أجل طمس الحقيقة الشيعية، لكنّ رجالات التشيّع كانوا لهم بالمرصاد في كلّ موضع، ولا سيمّا في شرق الأندلس الذي كان علامة فارقة في التشيّع الأندلسي، فكان من أُولئك الرجال القاضي المنذر بن سعيد، فقد كان من أهل النباهة والعلم، وكان شيعياً مخلصاً للإمام علي×.

ويؤيّد ذلك الحادثة التي ذكرها ابن الأبّار الشيعي الأندلسي، فقد نقل: «عن أبي عبيد القاسم بن خلف الجبيري الطرطوشي، قال: نزل القاضي منذر بن سعيد على أبي بطرطوشة... فأنزله في بيته الذي كان يسكنه، فكان إذا تفرّغ نظر في كتب أبي، فمرّ على يديه كتاب فيه أُرجوزة ابن عبد ربّه يذكر فيها الخلفاء ويجعل معاوية رابعهم، ولم يذكر عليّاً فيهم، ثمّ وصل ذلك بذكر الخلفاء من بني مروان إلى عبد الرحمن بن محمد، فلمّا رأى ذلك منذر غضب، وسبّ ابن عبد ربّه، وكتب في حاشية الكتاب:^{^[14]}

أو ما عليٌّ لا رَرِحت⁽¹⁾ ملعّناً		يا ابن الخبيثة عندكم بإمام
ربّ الكساء وخير آل محمدٍ		داني الولاء مقدَّم الإسلام

قال أبو عبيد: والأبيات بخطّه في حاشية كتاب أبي إلى الساعة. وكانت ولاية منذر للثغور مع الإشراف على العمّال بها، والنظر في المختلّفين من بلاد الإفرنج إليها سنة ثلاثين وثلاثمائة»^{^[15]}.

وهذا يؤكّد على أنّ التشيّع لم يكن دخيلاً على المجتمع الأندلسي، بل كان متغلغلاً في أوساطه بالرغم من محاربة السلطات له.

ويبدو أنّ يوم عاشوراء كان له وقع كبير في بلاد الأندلس، إلى الحدّ الذي جعل الحكّام الأُمويّين يحاربون إحياء مناسبته، ويضيّقون على أتباع أهل البيت^ في ذلك، فكان الأندلسيّون يُقيمون المجالس احتفالاً بذلك اليوم الحزين، وهو ما يظهر من الأبيات التي ينشدها عبد الملك بن حبيب (ت238هـ) ـ كبير فقهاء قرطبة في أيّام عبد الرحمن الأوسط ـ والتي يُخاطب بها الأمير الأُموي، حيث يقول فيها:^{^[16]}

لا تنس لا يُنسك الرحمن عاشورا		واذكره لا زلت في التاريخ مذكورا
قال النبي صلاة الله تشمله		قولاً وجدنا عليه الحقّ والنورا
فيمَن يوسّع في إنفاق موسمه		ألّا يزال بذاك العام ميسورا⁽¹⁾

ونحن نعلم مدى المضايقات التي كان يتعرّض لها أتباع أهل البيت× في المشرق، فهي ذاتها حصلت لهم في المغرب؛ بحيث إنّ أغلب أتباع أهل البيت^ كانوا لا يُظهرون ذلك التشيّع خوفاً على أنفسهم، ومنهم محمد بن حيّون، فقد ذكر ابن الفرضي ـ عندما ترجم له ـ أنّه لم يكن يذهب بمذهب مالك، وأنّه كان يُتّهم بالتشيّع لشيءٍ كان يظهر منه في معاوية بن أبي سفيان^{^[17]}.

المبحث الثالث: تقاليد أهل الأندلس في ذكرى استشهاد الإمام الحسين × ورثاؤهم له

إنّ النياحة على الإمام الحسين× وإقامة شعائر الحزن والأسى عليه، قد تداولها المسلمون في الأندلس منذ أن وطئت أقدامهم أرضها، وبقيت هذه التقاليد في تلك البلاد الإسلامية النائية إلى ما شاء الله من الزمن، وهي إن دلّت على شيء فإنّما تدلّ على تغلغل المذهب الشيعي في بعض طبقات الشعب في المغرب والأندلس، وعلى شدّة تعلّقهم بالحسين الشهيد×، وقيامهم بمراسم النوح عليه في ذكراه الأليمة؛ إذ كانت الأندلس خلال عهد الفتح والولاة (92هـ ـ 138هـ) مشغولة بالفتوحات، ولم يكن فيها تسلّط مذهبي أو سياسي، وبالتالي كان من الممكن أن يُمارس صاحب أيّة عقيدة نشر عقيدته وإظهارها دون أيّ ضغوط كما حدث في العهود التالية.

إنّ قبائل البربر في شمال إفريقيا والأندلس كانت محلاًّ خصباً للتشيّع؛ لأنّها كانت متأثّرة ببعض الثقافات الشيعية، ولذلك كانت تنشد التخلّص من السلطات الأُموية التي مارست معها العصبية القبلية والقومية، ممّا دفعها إلى المعارضة والثورة على الواقع السيّئ، لذلك تردّد ـ ولأوّل مرّة ـ صدى التشيّع في الأندلس بين صفوف البربر؛ فكانت هذه المناطق البربرية ميداناً لجميع الثورات الشيعية في الأندلس.

فضلاً عن ذلك؛ فقد أصبحت بعض المنازل تُسمّى باسم الهاشميّين؛ إذ سُمّيت منازلهم في مدينة بلبلة بمنازل الهاشمي؛ نسبة إلى هاشم بن الحسين بن إبراهيم بن الإمام جعفر الصادق×^{^[18]}.

ويرى ابن خلدون أنّ التشيّع الموروث لأولاد إدريس خلّد هذه الدولة إلى الأبد في نفوس المغاربة والبربر عامّة، وسرعان ما انتقلت دولتهم إلى الأندلس لتزيل دولة بني أُمية وتخلفها^{^[19]}.

إذاً؛ نلاحظ بأنّ المذهب الشيعي يمرض ولا يموت؛ فإنّه يكون ساكناً عندما يصبح تحت ضغط السلطات، لكنّه ما أن يجد الفرصة المؤاتية حتى ينفض غبار الدهر ويظهر معدنه الأصيل، وهو ما رأيناه في زمن ملوك الطوائف، فقد وصفت تلك المدّة من تاريخ الأندلس بأنّها من أحلك الظروف على المجتمع الأندلسي، لكنّها كانت تمثّل بارقة أمل ليعود التشيّع من جديد، ويؤسّس دولة بني حمود الشيعية سنة (407هـ)، وذلك في عاصمة الأُمويّين قرطبة.

القحطاني الأندلسي

ومن هنا؛ فقد ظهر في تلك البلاد الكثير من الشعراء الذين رثوا الإمام الحسين×؛ حيث كانت الفرصة مؤاتية لإعلان الحداد علىه× في تلك الأصقاع البعيدة عن قبره. كما كان للرثاء ـ آنذاك ـ عنوانان: الأوّل هو التقرّب إلى الحبيب المصطفى‘ وإلى بضعته الزهراء’، والآخر هو إعلان الحزن والنياحة والبكاء على الحسين×؛ إذ قُتل مظلوماً شهيداً؛ فتظهر بذلك ظلامته، وينكشف زيف الجانب الآخر، ودعوى أنّ الحسين× وأهل بيته وأصحابه خوارج، وأنّهم ليسوا من العرب؛ وذلك من أجل طمس الحقيقة، وفي ذلك يقول الشاعر القحطاني الأندلسي(ت378هـ):^{^[20]}

ويل لمـَن قتل الحسين فإنّه		قد باء من مولاه بالخسران
لسنا نكفّر مسلماً بكبيرة		فالله ذو عفو وذو غفران⁽¹⁾

وهنا يبدأ الشاعر أبايته بكلمة (ويل)، وهو يناغم بذلك بعض الآيات القرآنية التي تتوعّد الكفّار والفاسقين بالويل، وهي تعني العذاب والهلاك، وقيل: الويل هو وادٍ في جهنّم^{^[21]}.

ابن هاني

أمّا شاعر الأندلس الكبير ابن هاني، فقد كان لكربلاء والحسين× والطفّ عنوان خاصّ ومكان بارز في قلبه وأشعاره، فكثيراً ما كان يرثي الحسين× بشعره، ومن ذلك قوله: ^{^[22]}

فلا حملتْ فرسان حرب جيادها		إذا لم تزُرهم من كميتٍ وأَدهمِ
ولا عَذُبَ الماء القُراح لشارب		وفي الأرض مروانية غيرُ أيّمِ
ألا إنّ يوماً هاشمياً أظلّهم		يطير فراش الهامِ عن كلّ مجثمِ
كيوم يزيد والسبايا طريدة		على كلّ موّار الملاطِ عَثَمثَمِ
وقد غَصّت البيداءُ بالعيسِ فوقَها		كرائمُ أبناءِ النبيِّ المكرَّمِ⁽³⁾

فهو يدعو بالهلاك إذا لم يُهاجَم بنو مروان وتُباد رجالهم، كما يُذكّر بكربلاء ومقتل الحسين×، ويصوّر نقل السبايا على الإبل، ويتوسّع في وصف المأساة التي وقعت على أُسرة الرسول‘، ويرى أنّه لا حرمة ولا ستر بعد هتك حرمة وستر آل بيت الرسول‘، فيقول:^{^[23]}

فما في حريمٍ بعدها من تحرّج		ولا هتك سترٍ بعدها بمحرّمِ
فإنْ يتخرّم خير سبطي محمدٍ		فإنّ وليّ الثار لم يتخرَّمِ⁽¹⁾

وبذلك يصوّر ابن هاني بشاعة ما ارتكبه الأُمويّون من مجازر بحقّ الحسين وأهل بيته^ يوم كربلاء، فينقم عليهم لذلك.

ابن عبدون

أمّا ابن عبدون الذي عاش في ظلّ بني الأفطس الذين حكموا مدينة بطليوس، فقد كان فيها من أهمّ الشعراء الذين لم ينفكّوا عن ذكر الإمام علي والإمام الحسين÷، ومن أبياته التي رثاهما÷ فيها قوله:^{^[24]}

وأجْزَرَت سيف أشْقاها أبَا حسنٍ		وأمْكَنَتْ من حُسين راحَتَي شَمرِ
وليتَها إذ فَدَت عمراً بخَارِجَةٍ		فَدت عَلياً بمَن شاءَت من البَشرِ
وفي ابن هِند وفي ابن المصطفى حَسَنٍ		أتت بمُذْهِلة الألبابِ والفِكَرِ
فبعضُها قائلٌ ما اغتاله أحدٌ		وبعضُها ساكتٌ لم يُؤْت من حَصَرِ
وأرَدْت ابنَ زيادٍ بالحُسين فلم		يَبُؤْ بِشِسْعٍ له قد طاحَ أو ظُفرِ⁽²⁾

ومثلما وجدنا الحسين× ملهِماً للأُمم والشعوب في المشرق، كذلك هو في المغرب، فكانت تلك الأبيات من ضمن رائية رائعة سطّر حروفها ابن عبدون بعد سقوط مدن الأندلس بيد النصارى، فكان يشحذ هِمم الناس بروح وحماسة الإمام الحسين×.

ابن دراج القسطلي

كذلك من الشعراء الذين رثوا أهل البيت^ في هذه المدّة هو ابن دراج القسطلي (ت421هـ)، فإنّه بالرغم ممّا قيل فيه وما قُدح في تشيّعه، إلّا أنّه كان أحد الشعراء الذين أثبتوا حقّ أهل البيت^، وتمسّكوا بولايتهم، وتوسّلوا بشفاعتهم، وله الكثير من القصائد في ذلك، منها قصيدته اللّامية الطويلة التي سمّاها ابن بسّام بـ: (الهاشميّات الغرّ)^{^[25]}.

فقد أنشد في الإمام الحسين× أبياتاً وصفت بأنّها خير ما أنتجه الأدب الشيعي في الأندلس؛ لما تتمتّع به من أُسلوب حزين، فهي تمثّل نواة القصائد والمراثي الحسينية الحزينة، حتى انتشرت في وقتها انتشاراً واسعاً، واهتمّ بها حفّاظ الشعر ورواته، وأفردوها بالدراسة والحفظ^{^[26]}. فكان الشاعر المذكور يقول في رثاء الإمام الحسين× وأهل بيته الأطهار:^{^[27]}

ووالدكم خاتم الأنبياء		لكم منه مجد حفي كفيل
تلذّ بحملكم عاتقاه		على حمله كلّ عبء ثقيل
ورَحبٌ على ضمّكم صدره		إذا ضاق صدر أبٍ عن سليل
ويطرقه الوحي وهناً وأنتم		ضجيعاه بين يدي جبرئيل⁽³⁾

قال ابن بسّام في وصف هذه القصيدة: «وهذه القصيدة له طويلة، وهي من الهاشميّات الغرّ، بناها من المسك والدرّ، لا من الجصّ والآجر، لا بل خلّدها حديثاً على الدهر، وسرّ بها مطالع النجوم الزهر، لو قرعت سمع دعبل بن علي الخزاعي، والكميت بن زيد الأسدي، لأمسكا عن القول، وبرئا إليها من القوّة والحول، بل لو رآها السيّد الحميري، وكثير الخزاعي، لأقاماها بيّنة على الدعوى، ولتلقّياها بشارةً على زعمهما بخروج الخيل من رضوى؛ وقد أثبت أكثرها إعلاناً بجلالة قدرها، واستحساناً لعجزها وصدرها»^{^[28]}.

وكذلك وصف الشاعر ما جرى على أهل الحسين× من ويلات وآهات في كربلاء في أبيات كان منها:^{^[29]}

تهاوَتْ بهم مصعـقات الرواعِـ		ـدِ في مدجِناتِ الضحى والأصيلِ
بوارقُ ظَلماء ظُلمٍ تُبيحُ		دُمىً من حِمىً أو دماً من قتيلِ
فأذهلَ مرضعةً عن رضيع		وأنسى الحمائمَ ذكرَ الهديلِ⁽²⁾

صورة التشيّع في الشعر الأندلسي

ومن الملاحظ أنّ شعر الرثاء الحسيني في الأندلس ـ ولا سيّما في هذه المدّة ـ كان يمثّل صورة حقيقة صادقة للتشيّع الأندلسي، إذا ما علمنا بأنّ حكّام تلك الفترة الزمنية لم يكونوا ليفرضوا التشيّع على سكّان تلك المناطق، لذلك يمكن القول بأنّ الشاعر الأندلسي قد تخيّل ما مرّ من مآسٍ على أهل البيت× بعد أن قرأها أو سمع عنها، فظهر بمظهر حزين وكأنّه قد عاشها، لذلك أطلق العنان واسعاً لخياله وإن لم تكن صورة الخيال كما هي في الواقع، إلّا أنّها مثّلت جزءاً من الحقيقة؛ خصوصاً إذا ما علمنا أنّها كانت صادقة وبعيدة عن التكسّب، فالمرثي هو أسمى وأعلى من كلّ مكسب مادّي، ممّا يُثبت صدق إحساس الشاعر، وحتى عندما يطمع بالشفاعة في دار الآخرة، فهو دليل على شدّة معتقده وإخلاصه.

كما أنّه يمكن أن يُلمس في أشعارهم الرثائية شيئاً من القوّة واللوعة، فكانت تلك اللوعة تمثّل ما في قلوب الشيعة في الأندلس من حرقة وألم على قتل الإمام الحسين× في الطفّ. ولم يكن هذا فقط، بل تأثّر شعراء الأندلس بما وصل إليهم من دواوين شعراء الشيعة المشارقة في ذلك الوقت، مثل الشريف الرضي ومهيار الديلمي.

لم يكن الشعر الشيعي ظاهراً في زمن المرابطين؛ وذلك بسبب نزعتهم الدينية؛ إذ لم يكونوا من الموالين لأهل البيت^، لكن انفتحت آفاقه واسعةً بعد أن دخلت دولة الموحّدين إلى بلاد الأندلس؛ وذلك لأنّه كان وثيق الصلة بنشأة الدولة الموحّدية التي قامت على المبادئ الشيعية، ومنها نظرية المهدي المنتظر والإمامة، بالإضافة إلى الأفكار الشيعية التي كانت متأصّلة في المهدي بن تومرت مؤسّس دولة الموحّدين^{^[30]}.

لذلك أصبح رواج المذهب الشيعي واضحاً في ظلّ هذه الدولة، فلم يكن الشعر وحده هو الذي ظهر فيها، وإنّما ظهر أيضاً الكثير من المؤلّفات العلمية التي تناولت أخبار الإمام الحسين× بشكل خاصّ، وآل بيت النبوّة بشكل عامّ، لكن ـ وللأسف ـ فُقِد بعضها، فقد ألّف ابن الأبّار البلنسي كتابين، كان أوّلهمها يحمل عنوان (درر السمط في أخبار السبط)، وقد ظهر أثر هذا الكتاب في مؤلّفات أهل الأندلس، لكنّهم كانوا يتحاشون النقل عنه في بعض الأحيان؛ لأنّه كان يحمل صبغة شيعية، وهو ما بيّنه المقري قائلاً: «... وهو كتاب غاية في بابه، ولم أُورد منه غير ما ذكرته؛ لأنّ في الباقي ما تُشمّ منه رائحة التشيّع»^{^[31]}.

وقد عُدّ هذا الكتاب وثيقة قيّمة في تاريخ الأدب الشيعي الأندلسي؛ لما وفق فيه ابن الأبّار من إظهار مأساة الإمام الحسين× وأهل بيته الأطهار، فقد تتبّع مراحلها من بدايتها إلى نهايتها^{^[32]}.

أمّا كتابه الثاني الذي أسماه (معادن اللجين في مراثي الحسين)، فقد كان غاية في الروعة والجمال، حتى قيل فيه: «... ولو لم يكن له من التآليف إلّا كتابه المسمّى بـ: (معادن اللجين في مراثي الحسين) لكفاه في ارتفاع درجته، وعلوّ منصبه، وسموّ رتبته»^{^[33]}.

إذاً؛ فمن خلال أسماء بعض ما أُلّف من كتب في تلك الفترة يمكن أن نُدرك مدى التصاق أهل الأندلس الشديد وكتّابها وأُدبائها بالإمام الحسين× ومأساته في كربلاء.

كذلك نقل لنا ابن الأبّار أحد المؤلّفات الشيعية التي كانت قد اختصّت بذكر حياة الإمامين الحسن والحسين÷، وهو كتاب لمحمد بن سلمان التجيبي المتوفّى سنة (610هـ)، وقد أسماه (مَناقِب السبطين الحسن والحسين)^{^[34]}؛ فإنّ هذا إن دلّ هذا على شيء، فإنّما يدلّ على تعلّق أهل الأندلس بأهل بيت النبي^ وحبّهم للإمام الحسين×، فجاءت تلك الكتب والمراثي تأكيداً على المكانة التي احتلّوها× في قلوب الأندلسيّين.

أمّا رثاء الإمام الحسين× في دولة الموحّدين، فقد كان واضحاً وظاهراً، فقد ظهرت المراثي الحزينة في قلوب شعراء أهل البيت^، وكانت عنواناً للحزن والأسى؛ وذلك لأنّ العلوم والآداب من أكثر الأُمور التي ظهرت في تلك الدولة، فضلاً عن كثرة ما قيل فيها من الشعر، وعلى كافّة الأصعدة، فبرز فيها العديد من الشعراء الذين خلّدوا ذكر الإمام الحسين× في مراثيهم، فخلّدهم هو بما قالوا عنه.

صفوان بن إدريس التجيبي

وكان في مقدّمة أُولئك الشعراء أبو بحر صفوان بن إدريس التجيبي (ت598هـ)، الذي قال فيه ابن الأبّار: «وكان من جلّة الأدباء البلغاء، ومهرة الكتّاب الشعراء، نافذاً مدركاً ناقداً مفوّهاً بليغاً، ممّن جمع له التقدّم في النظم والنثر، وله رسائل بديعة وقصائد جليلة، وجمع فيما صدر عنه كتاباً ضخماً سمّاه (عجالة المحفز وبداهة المستوفز)، قد حمل عنه وسمع بعض كلامه منه، وكان من الفضل والدين بمكان»^{^[35]}.

أمّا بالنسبة إلى رثائه الإمام الحسين×، فقد كان بارزاً في شعره حتى أصبح هو الصفة الغالبة علىه، إلى الحدّ الذي لفت انتباه أُدباء أهل الأندلس، فقد «انفرد من تأبين الحسينE وبكاء أهل البيت بما ظهرت عليه بركته في حكايات كثيرة»^{^[36]}.

وذكر علي بن موسى العنسي المعروف بـ (ابن سعيد المغربي) علاقة الشاعر مع شعر الرثاء الحسيني، فقال: «له قصائد جليلة خصوصاً في الحسين، رحل إلى مراكش فقصد دار الخلافة مادحاً، فما تيسّر له شيء، فقال: لو مدحت آل البيت لبلغت أملي، فمدح. وبينما هو عازم على الرجوع عن طلبه قضى الخليفة مأربه، فعكف على مدح آل البيت^ ورثائهم»^{^[37]}.

وقال عنه أيضاً: «هو أنبه الأندلس في عصره... قصر أمداحه على أهل البيت^، وأكثر من تأبين الحسين رضي الله عنه»^{^[38]}.

لقد ظهر رثاء الإمام الحسين× في شعره، وقد أفاض في وصف تلك الفجيعة وما تركته من آثار محزنة على أتباع أهل البيت×، فقال:

لو أنّ رسولَ الله يحيا بعيدهم		رأى ابن زياد أُمّه كيف تعقمُ
وأقبلتِ الزهراءُ قدِّسَ تربُها		تنادي أباها والمدامعُ تسجمُ
تقول أبي هم غادروا ابنيَ نهبة		كما صاغه قيسٌ وما مجَّ أرقمُ
سقوا حسناً للسمِّ كأساً رويّة		ولم يقرعوا سنّاً ولم يتندّموا
وهم قطعوا رأسَ الحسينِ بكربلا		كأنّهمُ قد أحسنوا حين أجرموا⁽¹⁾

إنّ هذه الأبيات هي جزء من قصيدة تصل أبياتها إلى عشرين بيتاً، قالها التجيبي في وصف ما تركته تلك الفاجعة من آثار حزينة على المسلمين، ذاكراً ما أحدثه الأُمويّون في جسم الحسين× يوم الطفّ، ولا يلوم الشاعر نفسه على استثارة عبرته وانسكاب دمعته؛ إذ نجد في موضع آخر من شعره دعوة الناس إلى ذرف الدموع على الإمام الحسين×، وذلك في قوله:^{^[39]}^{^[40]}

ألا طربٌ يقلي ألا حزن يصطفي		ألا أدمع تجري ألا قلب يضرمُ
قفوا ساعدونا بالدموع فإنّها		لتصغر في حقّ الحسين ويعظمُ
ومهما سمعتم في الحسين مراثياً		تعبّر عن محض الأسى وتُترجمُ
فمدّوا أكفاً مسعدين بدعوة		وصلّوا على جدّ الحسين وسلّموا⁽²⁾

وكذلك ممّا قاله في الحسين×:^{^[41]}

ولو أنّي حضرتُ بكربلاء		إذاً حمدَ الحسينُ بها منابي
إذاً لسقيتُ عنهُ السّيفَ رِيّاً		وليسَ سوى نجيعي مِن شرابِ
أمولايَ الحسين نداءَ عبدٍ		عظيم الحُزنِ فيكَ والانتحابِ⁽¹⁾

كذلك تأثّر صفوان في نظم قصيدة امرئ القيس، فنظم على شاكلتها، ورثى بها الإمام الحسين×، فجاءت مخمّسة على حروف المعجم، وكانت غاية في الأُسلوب ودقّة في الرثاء، فقال:

خليليَّ دعوى برّحت بخفاءِ		خُذا فانزلا رحل الأسى بفنائي
وهدّا من الصبرِ الجميلِ بنائي		قفا ساعداني لات حينَ عزائي

قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ^{^[42]}

وهذه الأبيات هي مطلع لقصيدة طويلة رأينا أنّ الشاعر تجيش عواطفه فيها حزناً على الإمام الحسين×، فينتقل بها من الأندلس إلى واقعة الطفّ؛ حيث كربلاء بعد المعركة تماماً، وكأنّه يرى ما حدث على الإمام حسين× في تلك الواقعة الأليمة.

وقد جاء بالرثاء في أجمل أنواعه؛ إذ ربط الشاعر بين الرسالة الإلهية وبين جسد الإمام الحسين× المقطّع الأشلاء، واستنكر على يزيد وزمرته فعلتهم تلك؛ حيث تركوا الأجساد على التراب تذروها الرياح. والأجمل من ذلك أنّه شبّه أُولئك المجرمين بالريح الهوجاء التي تأتي مسرعة، وقد عرّج في الوقت ذاته على البكاء الذي منع الأُمويّون الناس منه.

كما أجاد الشاعر كثيراً في وصف الدموع، فمرّة جعلها كالإنسان الذي يُريد أن ينهم في البكاء، ومرّة جعلها كالغيوم التي تُريد أن تسكب حملها، وثالثة جعل لها أعناقاً وقد نحروها بمنعهم العزاء على الإمام الحسين×^{^[43]}. فأيّ حزن كان يحمله قلب هذا الأندلسي الموالي لأهل البيت^؟!

وكذلك جاء ذكر السيّدة الزهراء ـ سلام الله عليها ـ في شعر الأندلس، فصوّرها الشعراء تشكي إلى أبيها الرسول الكريم‘ ما فعله آل أُمية بالحسين الشهيد ـ وهذا النوع من الرثاء قلّما نجده يظهر في أشعار الأندلسيين ـ فتطلب منه أن يُعاقب الذين قتلوا الحسين× ويقتصّ منهم، لذلك يصوّر لنا صفوان بن إدريس التجيبي ذلك المشهد، فيقول:^{^[44]}

وأقبلت الزهراء قدّس تربها		تنادي أباها والمدامع تسجمُ
سقوا حسناً للسُمّ كأساً روية		ولم يقرعوا سناً ولم يتندّموا
وهم قطعوا رأس الحُسينِ بكربلا		كأنّهم قد أحسنوا حين أجرموا⁽¹⁾

كيفية إقامة الشعائر عند أهل الأندلس

إنّ الأمر الذي استوقفني هنا؛ هل إنّ أهل الأندلس كانوا يُقيمون الشعائر الحسينية المتمثّلة في إقامة مراسم العزاء كما نُقيمها نحن في المشرق؟

من خلال اطّلاعنا على المصنّفات الأندلسية وجدنا بعض الإشارات التي تدلّل على تلك المراسم؛ حيث الحسينيّات، وإقامة مراسم العزاء، فقد أتحفنا لسان الدين محمد بن عبد الله (ابن الخطيب) «بإشارة ذات أهمّية كبرى... وبهذه الإشارة تنحل العقدة المستعصية، وينكشف لنا ما كان غامضاً من قبل، ممّا أغفل الحديث عنه المؤرّخون ممّا كان يجري في الأندلس من أثر التشيّع؛ ذلك أنّ ابن الخطيب عند حديثه عن دولة يزيد بن معاوية، انتقل به الحديث إلى ذكر عادات الأندلسيّين وأهل المغرب خاصّة في ذكرى مقتل سيّدنا الحسين من التمثيل بإقامة الجنائز وإنشاد المراثي.

وقد أفادنا عظيم الفائدة؛ حيث وصف إحدى هذه المراسيم وإنشاد المراثي وصفاً حيّاً شيّقاً حتّى ليخيَّل أنّنا نرى إحياء هذه الذكرى في بلد شيعي. وذكر أنّ هذه المراثي كانت تُسمّى الحسينية، وأنّ المحافظة عليها بقيت ممّا قبل تاريخ عهد ابن الخطيب إلى أيّامه.

ونبادر الآن إلى نقل هذا الوصف على لسان صاحبه: ولم يزل الحزن متّصلاً على الحسين والمآتم قائمة في البلاد، يجتمع لها الناس، ويختلفون لذلك ليلة يوم قبل منه بعد الأمان من نكير دول قتلته، ولا سيمّا بشرق الأندلس، فكانوا على ما حدّثنا به شيوخنا من أهل المشرق (يعني مشرق الأندلس) يُقيمون رسم الجنازة حتى في شكل من الثياب يستخبي خلف سترة في بعض البيت، وتحتفل الأطعمة والشموع، ويُجلب القرّاء المحسنون، ويوقد البخور، ويُتغنّى بالمراثي الحسنة.

وفي عهد ابن الخطيب كان ما يزال لهذه المراثي شأن أيضاً؛ فإنّه في سياق حديثه السابق زادنا تفصيلاً وبياناً على الحسينية وطقوسها، فقال: والحسينية التي يستعطها إلى اليوم المستمعون فيلوون لها العمائم الملوّنة، ويبدلون الأثواب في الرفض كأنّهم يشقّون الأعلى عن الأسفل بقية من هذا لم تنقطع بعد وإن ضعفت، ومهما قيل الحسينية أو الصفة لم يُدرَ اليوم أصلها.

وفي المغرب اليوم ما يزال أُولئك المسمعون الذين أشار إليهم ابن الخطيب يعرفون بهذا الاسم، وينشدون، وكثرت في إنشادهم على الأخصّ الأمداح النبوية. كما أنّ الموسيقى الأندلسية الشائعة اليوم في بلاد المغرب تشتمل في أكثرها على الأمداح النبوية أيضاً»^{^[45]}.

كذلك هناك إشارة بسيطة يمكن أن نفهم منها وجود عزاء خاصّ ـ آنذاك ـ يُقام صبيحة العاشر من المحرّم، فتقرأ فيه قصيدة من القصائد الحسينيّة تخليداً لذكرى استشهاد الإمام الحسين× في ذلك اليوم، كما نفعله نحن في المشرق الإسلامي، ومن تلك القصائد هي قصيدة أبي العبّاس الجراوي، التي يقول فيها:

أقولُ لحزنٍ في الحسين تأكّدا		تَملَّك فؤادي مُتهماً فيه مُنجِدا
ولو غيرُ هذا الرزء راح أو اغتدى		لناديتُهُ قبلَ الوصولِ مُردّدا
عقرتُ بعيري يا امرأ القيس فانْزِلِ		وركبٌ إذا جاراهُمُ البرقُ يَعثَرُ
تذكَّرتُ فيهِم كربلا فَتَحيَّروا		وغيداءُ لا تدري الأسى كيف يَخطُرُ
بَثثتُ لها ما كنتُ بالطفِّ أضمرُ		فألهيتها عن ذي تمائم مُحوِلِ⁽¹⁾

فألهيتها عن ذي تمائم مُحوِلِمن هنا؛ يمكن القول: إنّ إقامة مراسم عزاء الإمام الحسين× في دولة الموحّدين كانت تُقام من دون منع أو مضايقة من قبل أحد، وبذلك فنحن نعتزّ بتلك الدولة التي امتدّت حدودها إلى أقصى جبال البرت حيث الحدود الفرنسية.^{^[46]}⁼

ابن أبي الخصّال الشقوري

ومن الشعراء الذين زامنوا صفوان هو الشاعر ابن أبي الخصّال الشقوري (٥٤٠هـ)، فكان من الشعراء الشيعة الذين كان لحبّ الحسين× مكان واسع في قلوبهم ومخيّلة ذاكرتهم، فجادت قريحته حزناً على الإمام الحسين× ووجداً، حتى قال عنه أحد الباحثين: «هو الكاتب المرابطي البليغ، وقد استحيى مأساة الحسين وجدّد ذكرى كربلاء، ولا شكّ أنّه أنشأ عدّة قصائد، وقطعاً نثرية في الموضوع؛ لأنّ الرجل كان غزير الإنتاج، جيّاش العاطفة، يمتح من نفس مليئة بالأحزان، تنفجر من أغوار عميقة»^{^[47]}.

ويقول شبّر: إنّ له قصيدتين ذكرهما ابن خير الإشبيلي في كتابه (الفهرست)^{^[48]}، لكنّنا لم نعثر عليهما في هذا الكتاب، بل كلّ ما وجدناه أنّه قال: «قصيدة لابن أبي الخصّال ـ رحمه الله ـ على قافية النُّون المردفة بالألف، وقصيدة ثانية له على قافية التَّاء، يُرثي بهما الحسين بن علي بن أبي طالب F»^{^[49]}.

وقد نقل لنا شبّر بعض الأبيات عن تينك القصيدتين، ومنها: ^{^[50]}

عرّج على الطفّ إن فاتتك مكرمة		واذرِ الدموع بها سحّاً وهتّانا
وابكِ الحسين ومَن وافى منيّته		في كربلاء مضوا مثنىً ووحدانا
يا ليت أنّي جريح الطفّ دونهم		أُهين نفساً تفيد العزّ مَن هانا
إنّي لأجعل حزني فيهما ترفا		يكون للذنب تكفيراً وغفرانا
لله عين بكت أبناء فاطمة		ترى البكا لهم تقوىً وإيمانا⁽¹⁾

ولعلّ أهمّ ما يُميّز شاعرية هذا الشاعر الفذّ أنّه يمثّل بداية صادقة لأدب شيعي يتّسم بالحرارة والإخلاص والصدق، وكان يميل بحياته الشعرية نحو الأسى والبكاء^{^[51]}.

ناهض بن محمد الأندلسي

ومن الشعراء الذين أجادوا في رثاء الإمام الحسين× ناهض بن محمد الوادي آشي الأندلسي المتوفّى سنة (610هـ)، فقد حفظ لنا المقري قصيدة له غاية في التأثير والحزن، وقد جاءت قصيدته في ستّة عشر بيتاً، يُخاطب فيها الحمامة على عود الأراك ويسألها عن سبب بكائها، وهو بذلك يربط بين الحمام الذي يرمز للسلام، وبين شنيعة فعل هؤلاء القوم الذين أبكوا حتى السلام بعد أن قتلوا الإمام الحسين×، فيسألها هل تبكين من فراق الأحبّة؟ أم البرق الذي بالأفق يُهيّج الأحزان ويذكّرك بالخلّان؟ فيقول:

أمرنّة سجعت بعود أراكِ		قولي مولّهة علامَ بُكاكِ
أجفاكِ إلفكِ أم بُليتِ بفرقة		أم لاح برقٌ بالحمى فشجاكِ
لو كان حقّاً ما ادّعيتِ من الجوى		يوماً لما طرق الجفونَ كراكِ
أو كان روّعكِ الفراق إذاً لما		ضنّت بماء جفونها عيناكِ
لله عين بكت أبناء فاطمة		ترى البكا لهم تقوىً وإيمانا⁽¹⁾

لم يقف الوادي آشي عند هذا الحدّ، بل أخذ يسال السلام ممّا بكاؤه، وهل الحمامة تبكي مثله؟ فذكر أنّ بكاءه كان حزناً على الإمام الحسين×، وأنّه يتجدّد كلّ عام، ولو كان بكاء تلك الحمامة كبكائه وحالها مثل حاله، لما فاقت من الأحزان، وأنّ مردّ تلك الدموع وذلك الحزن هو الحسين قتيل الطفّ سبط المصطفى‘؛ حيث تركه الأعداء مضرّجاً بدمائه، مقطّع الأشلاء بالسيوف، ولذلك توعّد قاتليه بالويل والثبور، فيقول:^{^[52]}^{^[53]}

لو كنتِ مثلي ما أفقت من البكا		لا تحسبي شكواي من شكواكِ
إيهٍ حمامة خبّريني إنّني		أبكي الحسين وأنتِ ما أبكاكِ
أبكي قتيل الطفّ فرع نبيّنا		أكرم بفرع للنبوّة زاكي
ويلٌ لقوم غادروه مضرّجاً		بدمائه نضواً صريع شكاكِ
متعفّراً قد مُزّقت أشلاؤه		فرياً بكلّ مهنّدٍ فتّاكِ⁽²⁾

إنّ التضليل الذي مارسه الأُمويّون في تغييب حقيقة مقتهم الإمام الحسين×، وإشاعتهم بأنّ أهل العراق هم الذين قتلوه، وأنّ يزيد بن معاوية ـ لعنه الله ـ لم تتلطّخ يداه بقتل الإمام الحسين×، لم يكن خافياً على الشاعر، لذلك نجده يشخّص القاتل الحقيقي، متوعّداً إيّاه بالحرمان من شفاعة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وبأنّ مصيره سيكون في نار جهنّم خالداً فيها، فيقول:^{^[54]}

أيزيد لو راعيتَ حرمة جدّه		لم تقتنص ليث العرين الشاكي
أو كنت تصغي إذ نقرت بثغره		قرعت صماخك أنّة المسواكِ
أتروم ويكَ شفاعة من جدّهِ		هيهات لا ومدبّر الأفلاكِ
ولسوف تُنبذ في جهنّم خالداً		ما الله شاء ولات حين فكاكِ⁽¹⁾

أبو البقاء الرندي

لم تسلم مراثي الإمام الحسين× في الأندلس من أيدي الناصبين والسياسة العدائية لأهل البيت^، فقد ضاع الكثير منها لهذا السبب، كما أُسقط الكثير من الأبيات الشعرية من بعض القصائد الرثائية، ولعلّ من أبرزها مرثية أبي البقاء الرندي (ت684هـ) ـ وهي قصيده نُظمت على حروف المعجم مخمّسة ـ فقد أُسقط منها الكثير، فلم تصل إلينا كاملة، ومن جملة ما رثى به الإمام الحسين× فيها قوله:

أبيتُ فلا يساعدني عزاءُ		إذا ذُكرَ الحسينُ وكربلاءُ
فخلِّ الوجد يفعلُ ما يشاءُ		لمثلِ اليومَ يُدَّخرُ البكاء^ُ

عفا من آل فاطمةَ الجواءُ^{^[55]}

ويبدو أنّ شعر الرثاء عند الرندي كان واضحاً في أغلب قصائده، فقد ظهر له العديد من القصائد، وكان أشهرها القصيدة التي نظمها بعد سقوط عدد من المدن الأندلسية بيد الإسبان، واسمها (رثاء الأندلس)، لكنّ مرثيّاته في الإمام الحسين× قد غُيّبت عن عمد وقصد؛ لكيلا تُظهر زيف الأُمويّين وخداعهم وكذبهم، لا سيّما وأنّ الرندي قد أُطلق عليه لقب شاعر الرثاء في الأندلس، ووصفه عبد الملك المراكشي بقوله: «كان خاتمة أُدباء الأندلس، بارع التصرّف في منظوم الكلام ومنثوره، فقيهاً حافظاً فرضيّاً، متفنّناً في معارف جليلة، نبيل المنازع، متواضعاً، مقتصداً في أحواله»^{^[56]}.

إنّ شعر الرثاء ـ ولا سيّما رثاء الإمام الحسين× ـ لا يُنكر كونه عاملاً مساعداً في تفجير العواطف النفسية، واستمالة القلوب والضمائر، فهو يجعل السامع كأنّما يعيش الواقعة، وكأنّه يراها أمام عينيه؛ وما ذلك إلاّ لاشتماله على المؤثّرات النفسية التي يتميّز بها عن غيره.

ولهذا يُعرف سبب اهتمام أهل البيت× وعنايتهم الشديدة في تخليد شهادة الحسين× وما جرى عليه وعلى أهل بيته في الشعر خاصّة؛ فنجدهم قد ركّزوا تركيزاً بالغ الأهمّية في الحثّ على نظم الشعر في فضائلهم ومصائبهم^، وخصوصاً في الإمام الحسين×، مع أنّهم لم يقتصروا على ذلك فحسب، بل تحدّثوا عن فضل ذلك وثوابه العظيم عند الله تعالى، الأمر الذي يرغّب الآخرين في نظم الشعر فيهم^، ولا شكّ في أنّ إنشاد الشعر فيهم^ هو مصداق من مصاديق إحياء أمرهم.

من هنا؛ كان الشعراء ينشدون في الحسين× رغبةً منهم في التقرّب إلى الله تعالى وإلى رسوله الكريم‘، وحبّاً للإمام الحسين×.

ومن مراثي الرندي في هذا الصدد قوله:

بعينكَ يا رسول الله ما بي		دموعي في انهمالٍ وانسكابِ
وقلبي في انتهابٍ والتهابِ		على دارٍ مكرَّمةِ الجنابِ

عفتها الريحُ بعدكَ والسماءُ

بكيتُ منازلَ الصبر السرات		بمكةَ والمدينةِ والفراتِ
معالمَ للعلا والمكرماتِ		عفتْ آثارُها وكذاكَ ياتي

على آثار مَن ذهب العفاءُ^{^[57]}

ورغم أنّ الأغراض الشعرية قد تعدّدت في شعر الرندي، إلّا أنّه اشتهر بمراثيه الحزينة المعروفة بطابعها الشجي، كما امتاز شعره بالسهولة والوضوح والرقّة، وهو مع ذلك: «كثير، سهل المأخذ، عذب اللفظ، رائق المعنى»^{^[58]}.

ابن شكيل الشريشي

ومن الشعراء الذين رثوا الإمام الحسين× أبو العبّاس أحمد بن شكيل الشريشي، ولم تُذكر سنة وفاته، لكنّ ابن سعيد ذكر أنّه عاش في زمن المنصور بن عبد المؤمن الموحّدي^{^[59]}. وقد اشتهر هذا الشاعر بأبياته التي رثى بها الإمام الحسين×، قائلاً:^{^[60]}

يا عينُ جُودي على قَتْلِ الحسينِ دَماً

وابكي جهاراً فإنّ الوجْدَ تصريحُ⁽³⁾

وهنا حدّد الشاعر عينه ودعاها أن تبكي دماً على الإمام الحسين×.

الخاتمة

أوّلاً: لقد كان الإمام الحسين× عنواناً للثائرين حتى في الأندلس، فقد ظهرت الثورات هاتفة باسمه شعاراً لها من أجل الإطاحة بعروش الظالمين.

ثانياً: أنّ العداء الذي كان يحمله الأُمويّون لأتباع أهل البيت^ في المشرق، وجدناه هو ذاته في الأندلس، فقد طاردوا أتباع أهل البيت× وحاربوهم وضيّقوا عليهم، حتى قُتل الكثير منهم، واتُّهم بعضهم بالزندقة والبدعة والخروج عن الملّة والدين بسب هذا الولاء.

ثالثاً: ما عثرنا عليه ـ من تراث الشعراء الأندلسيّين ـ يمثّل النزر اليسير في مراثي الإمام الحسين×، فلم نجد إلّا القليل عن كيفية إقامة تلك المراثي، أو المآتم الحسينية، ونعتقد أنّها قد دوّنت لكنّها لم تصل إلينا؛ فإنّ جلّ التراث الشيعي قد مُنع من الظهور والانتشار، وكان مصيره الحرق أو التغييب، ومن أبرز ذلك كتب ابن الأبّار.

رابعاً: هناك الكثير من التراث الشيعي مغيّب بين طيّات الكتب، وهو إذا ما جُمع يُظهر لنا الأثر الشيعي في بلاد الأندلس.

خامساً: أنّ أغلب شعراء الأندلس كانوا قد تأثّروا كثيراً بشعراء المشرق الإسلامي، لذلك جاء نظم رثائهم لا يختلف عن نظم نظرائهم من الشعراء المشرقيّين. وفضلاً عن ذلك؛ كانت أغلب المراثي قد نُقلت من خلال بعض الأسفار التي كان يقوم بها أهل الأندلس إلى بلاد المشرق، ولا سيّما العراق الذي يُعدّ نبع التشيّع والرثاء الحسيني.

المصادر والمراجع

1. أدب الطفّ أو شعراء الحسين×، السيّد جواد شبّر (ت1402هـ)، مطابع قدموس الجديدة، 1989م.

2. أعمال الأعلام فيمَن بوبع بالخلافة قبل الاحتلام، لسان الدين محمد بن عبد الله المشهور بابن الخطيب (ت776هـ)، تحقيق: أحمد مختار العبادي، محمد إبراهيم الكتاني، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1964م.

3. تاريخ ابن خلدون المسمّى: العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيّام العرب والعجم والبربر ومَن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، عبد الرحمن بن محمد المشهور بابن خلدون (ت808هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

4. تاريخ الأدب العربي، جرجي زيدان، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت.

5. تاريخ علماء الأندلس، عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر الأزدي المعروف بابن الفرضي (ت403هـ)، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1988م.

6. التكملة لكتاب الصلة، محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي المعروف بابن الأبّار (ت658هـ)، تحقيق: عبد السلام الهراس، دار الفكر للطباعة، لبنان، 1995م.

7. جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس، محمد بن فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد الحميدي الأزدي (ت488هـ)، الدار المصرية للتأليف والنشر، القاهرة، 1966م.

8. درر السمط في خبر السبط، محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي المعروف بابن الأبّار (ت658هـ)، تحقيق: عبد السلام الهراس، مطبعة بيروت، لبنان.

9. ديوان ابن هاني، محمد بن هاني الأندلسي، دار الغرب الإسلامي، القاهرة.

10. ديوان الجراوي، أبو العبّاس أحمد بن عبد السلام الجراوي، سلسة ذخائر التراث الأدبي المغربي.

11. ديوان دراج القسطلي، دراج القسطلي (ت421هـ)، دار الكتاب العربي، ليبيا.

12. الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، أبو الحسن علي بن بسّام الشنتريني (ت542هـ)، تحقيق: إحسان عبّاس، الدار العربية للكتاب، تونس، 1988م.

13. الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملك المراكشي الأنصاري (ت703هـ)، تحقيق: إحسان عبّاس، دار الغرب، تونس، 1999م.

14. الرائية الخالدة نظم ابن عبدون الأندلسي، عبد المجيد بن عبد الله بن عبدون الأندلسي الفهري (ت529هـ)، دار صادر، بيروت.

15. رجال الطوسي (الأبواب)، أبو جعفر محمد بن الحسن الشيخ الطوسي (ت460هـ)، تحقيق: جواد القيّومي الأصفهاني، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم المقدّسة، الطبعة الأُولى، 1415هـ.

16. صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري (ت226هـ)، دار طوق النجاة، القاهرة، الطبعة الأُولى، 1422هـ.

17. فتوح البلدان، أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري (ت279هـ )، تحقيق: صلاح الدين المنجد، مكتبة النهضة، القاهرة، 1956م.

18. الفهرست، محمد بن خير بن عمر بن خليفة اللمتوني (ابن خير الإشبيلي) (ت575هـ)، تحقيق: محمد فؤاد منصور، دار الكتب العلمية، بيروت، 1998م.

19. قاموس الرجال، الشيخ محمد تقي التستري (ت1415هـ)، تحقيق ونشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم المقدّسة، الطبعة الأُولى، 1419هـ.

20. لسان العرب، محمد بن مكرم بن على المشهور بابن منظور (ت711هـ)، دار صادر، بيروت، الطبعة الثالثة، 1414هـ.

21. مجمع البيان في تفسير القرآن، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت548هـ)، تحقيق وتعليق: لجنة من العلماء والمحقّقين الأخصّائيين، منشورات مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، الطبعة الأُولى، 1415هـ/1995م.

22. مراثي الإمام الحسين بن علي× في العدوتين (المغربية والأندلسية)، صفاء عبد الله برهان، مطبعة الكفيل، (د، ت).

23. مستدرك أعيان الشيعة، حسن الأمين (ت1368هـ)، دار التعارف، سوريا.

24. المعجب في تلخيص أخبار المغرب من لدن فتح الأندلس إلى آخر عصر الموحّدين، عبد الواحد بن علي التميمي المراكشي (ت647هـ)، تحقيق: صلاح الهواري، الكتبة العصرية، بيروت، الطبعة الأُولى، 1989م.

25. الـُمغرب في حُلَى المـَغرب، أبو الحسن علي بن موسى المغربي (ت685هـ) تحقيق: حسين نصار، دار الكتب المصرية، القاهرة، الطبعة الثانية، 1970م.

26. الملل والنحل، أبو الفتوح محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني (ت548هـ)، تخريج: محمد بن فتح الله بدران، مطبعة مخيمر، القاهرة، 1956م.

27. نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، أحمد بن محمد المقري (ت1041هـ)، تحقيق: إحسان عبّاس، دار صادر، بيروت، 1997م.

28. نونية القحطاني، عبد الله بن محمد القحطاني الأندلسي (ت378هـ)، مكتبة الخانجي، مصر، 1990م.

[1] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج14، ص309.

[2] اُنظر: جرجي زيدان، تاريخ آداب اللغة العربية: ج1، ص84.

[3] اُنظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج1، ص754.

[4] اُنظر: البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري:ج2، ص81.

[5] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج13، ص4.

[6] المصدر السابق.

[7] المصدر السابق: ج15، ص52.

[8][8] البلاذري، أحمد بن يحيى، فتوح البلدان: ج1، ص272.

[9] اُنظر: التستري، محمد تقي، قاموس الرجال: ج10، ص301. الطوسي، محمد بن الحسن، الأبواب (رجال الطوسي): ص301.

[10] اُنظر: التستري، محمد تقي، قاموس الرجال: ج10، ص362.

[11] اُنظر: الحميدي، محمد بن فتوح، جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس: ص202.

[12] اُنظر: الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم، الملل والنحل: ج2، ص26.

[13] الخشني، محمد بن الحارث، قضاة قرطبة: ص110.

[14] هكذا ورد في المصدر، وفي بعض المصادر الأُخرى: (برحتَ).

[15] ابن الأبّار، محمد بن عبد الله، التكملة لكتاب الصلة: ج1، ص239 ـ240.

[16] المقري، أحمد بن محمد، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: ج2، ص6.

[17] اُنظر: ابن الفرضي، عبد الله بن محمد، تاريخ علماء الأندلس: ج2، ص29.

[18] اُنظر: المقري، أحمد بن محمد، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: ج3، ص60.

[19] اُنظر: ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد، تاريخ ابن خلدون: ج4، ص123.

[20] القحطاني، عبد الله بن محمد، نونية القحطاني: ص28.

[21] اُنظر:الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير مجمع البيان: ج1، ص278.

[22] ابن هاني، محمد، ديوان ابن هاني الأندلسي: ص322 ـ 323.

[23] المصدر السابق: ص323.

[24] ابن عبدون، عبد المجيد بن عبد الله، الرائية الخالدة نظم ابن عبدون الأندلسي: ص1.

[25] ابن بسّام الشنتريني، علي، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: ج1، ص87.

[26] اُنظر: المصدر السابق: ص114.

[27] المصدر السابق: ص91.

[28] المصدر السابق: ص87 ـ 88.

[29] القسطلي، دراج، ديوان دراج القسطلي: ص22.

[30] اُنظر: المراكشي، عبد الواحد بن علي، المعجب في تلخيص أخبار المغرب من لدن فتح الأندلس إلى آخر عصر الموحّدين: ص255.

[31] اُنظر: المقري، أحمد بن محمد، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: ج5، ص506.

[32] اُنظر: ابن الأبّار، محمد بن عبد الله، درر السمط في خبر السبط: ص4.

[33] المقري، أحمد بن محمد، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: ج4، ص320.

[34] اُنظر: ابن الأبّار، محمد بن عبد الله، التكملة لكتاب الصلة: ج2، ص103.

[35] المصدر السابق: ص224.

[36] اُنظر: ابن الخطيب، محمد بن عبد الله، الإحاطة في أخبار غرناطة: ج2، ص266.

[37] اُنظر: ابن الأبّار، محمد بن عبد الله، الحُلّة السيراء: ج2، ص126.

[38] ابن سعيد المغربي، علي بن موسى، المـُغرب في حُلَى المـَغرب: ج2، ص261.

[39] شبّر، السيّد جواد، أدب الطفّ أو شعراء الحسين×: ج4، ص12ـ 13. نقلاً عن: ابن الخطيب، محمد بن عبد الله، أعمال الأعلام فيمَن بويع بالخلافة قبل الاحتلام (نسخة خطّية).

[40] المصدر السابق.

[41] الأبيات منشورة على موقع الديوان الإلكتروني، على الرابط:

https://www.aldiwan.net/poem91213.html

[42] اُنظر: الجراوي، أبو العبّاس أحمد بن عبد السلام، ديوان الجراوي: ص8.

[43] لمطالعة القصيدة كاملة يُنظر: المصدر السابق: ص8 ـ15.

[44] الأمين، حسن، مستدركات أعيان الشيعة: ج5، ص244.

[45] شبّر، السيّد جواد، أدب الطفّ أو شعراء الحسين×: ج4، ص10ـ11. نقلاً عن: ابن الخطيب، محمد بن عبد الله، أعمال الأعلام فيمَن بويع بالخلافة قبل الاحتلام (نسخة خطّية في جامعة القرويّين): ص37 ـ 38.

[46] الجراوي، أبو العبّاس أحمد بن عبد السلام، ديوان الجراوي: ص9ـ10.

[47] شبّر، السيّد جواد، أدب الطفّ أو شعراء الحسين×: ج10، ص305.

[48] اُنظر: المصدر السابق.

[49] ابن خير الإشبيلي، محمد، الفهرست: ص376.

[50] شبّر، السيّد جواد، أدب الطفّ أو شعراء الحسين×: ج10، ص305.

[51] اُنظر: ابن الأبّار، محمد بن عبد الله، درر السمط: مقدّمة المحقّق.

[52] المقري، أحمد بن محمد، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: ج5، ص70.

[53] المصدر السابق: ص70 ـ 71.

[54] المصدر السابق: ص71.

[55] المصدر السابق: ج3، ص103.

[56] الأنصاري، أبو عبد الله محمد بن محمد، الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة: ج1، ص50.

[57] الأمين، حسن، مستدركات أعيان الشيعة: ج3، ص103.

[58] ابن الخطيب، محمد بن عبد الله، الإحاطة في أخبار غرناطة: ج3، ص276.

[59] اُنظر: ابن سعيد المغربي، علي بن موسى، المـُغرب في حُلَى المـَغرب: ج1، ص304.

[60] صفاء عبد الله برهان، مراثي الإمام الحسين بن علي× في العدوتين (المغربية والأندلسية): ص87.

رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) في المصنّفات الأندلسية