مقدّمة

لا يخفى أنّ زيارة الإمام الحسين بن علي÷ من الأُمور التي حثّ عليها النبي الأكرم| والأئمّة الطاهرين^، فقد ذكر العلاء بن المسيّب عن أبي جعفر، عن أبيه، عن آبائه^، أنّه قال: «قال الحسن بن علي× لرسول الله|: يا أبتِ، ما جزاء مَن زارك؟ فقال|: مَن زارني، أو زار أباك، أو زارك، أو زار أخاك، كان حقّاً عليّ أن أزوره يوم القيامة حتّى أُخلّصه من ذنوبه»^{^[1]}.

وهذه النتيجة قد حصل عليها الإمام الحسين×؛ نظراً لكونه يحظى بشخصية عظيمة في حياة جدّه| وحياة أبيه أمير المؤمنين وأخيه الحسن÷، من حسن الطاعة وبذل المعروف والانقياد إلى أوامر السماء.

ولذا؛ فإنّ من واجب المسلم الذي يؤمن بتعاليم النبي|، ويستلهم من هذه الشخصية معنى السموّ والرفعة والإيثار وحبّ الآخرين، ألّا يتخاذل ولا يُداهن في دينه؛ حتّى لا يكون من الخاسرين.

ومن هذا المنطلق؛ لا بدّ من معرفة الموجبات التي ينبغي أن يأتي بها الزائر كي يتحصّل على آثار الزيارة ونتائجها المرجوّة التي تنعكس على المؤمن في المجتمع، سواء أكان إسلاميّاً أم غيره، والتي تؤثّر أثرها في سبيل ارتقاء مَن كرّمه الله تعالى، وجعله من أكمل الموجودات في هذا الكون؛ نتيجة لامتلاكه ـ دون غيره ـ لنعمة العقل الذي يُعدّ طاقة عظمى يمكن الاستفادة منها في الخير وإصلاح المجتمع بنحو عامّ، وليس مقتصراً على البلد المسلم أو الفئة المسلمة.

وانطلاقاً ممّا تقدّم؛ فسوف نسلِّط الضوء في هذا البحث عمّا ينبغي توفّره لهذا الإنسان المسلم كي يعرف حقيقة أمره وأمام مَن سيقف، وما هي الأُمور والموجبات التي يُحسن وجودها قبل ابتدائه بإنشاء تلك الكلمات التي تُعبّر عن عمق إيمانه وسعة أُفقه؛ لينطلق بعد ذلك نحو عالم مليء بالرحمة والمعرفة، خالٍ تماماً من أيّ نوع من أنواع الكراهية والجهل، ويتحصّل على مجموعة من الآثار المعنوية والسلوكية التي تنفعه في دنياه وآخرته.

هذا؛ ومن أجل تنظيم الدراسة في هذا البحث، فإنّنا سنوزّع المطالب المُشار إليها ـ أعلاه ـ على ثلاثة مباحث رئيسة، مضافاً إلى جملة من التفريعات المهمّة التي نرى ضرورة إدراجها ضمن مفاصل البحث، وخاتمة في نهاية البحث تشتمل على عدّة نتائج.

المبحث الأوّل: ما ينبغي لزائر الإمام الحسين× التحلّي به من الصفات والأخلاق

إنّ إحدى أهمّ الوظائف التي جاءت بها الشرائع السماوية عموماً هي تهذيب البشرية من الرذائل، والسعي بها نحو الفضائل السامية؛ ولذا فإنّ الأنبياء والمرسلين كانوا يحثّون أقوامهم وأُممهم على الارتقاء عن كلّ ما من شأنه أن يُشين الإنسان أو يلحق به الأذى.

والإسلام قد سار على ذلك النهج، فكان الرسول الأكرم| خير دليل لهذه الأُمّة، وقد جاهد وحارب كافّة أنواع السيّئات من خلال أخلاقه الحسنة، حتّى مدحه الله تعالى بقوله: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)^{^[2]}.

ولعلّ التذكير بهذا الأمر ممّا ينفع في استمرارية الحياة، والسعي نحو الأفضل؛ ومن هنا نذكِّر القارئ الكريم بما أشار إليه الإمام الصادق× في مجال فضيلة حسن الجوار، حيث قال: «حسن الجوار يعمر الديار، ويزيد في الأعمار»^{^[3]}.

هذا؛ وبنحو عامّ فإنّ حسن الأخلاق مدعاة إلى جذب الآخرين، والسعي نحو بناء مجتمع محبّ وسعيد، قائم على تبادل العلاقات المحترمة.

وهذا ما يشعر به الزائر الكريم حينما يتأمّل تلك البقعة الطاهرة، فيكون أمام مسؤولية كبرى، بحيث يلاحظ سكناته وحركاته ـ وهو يُقبِل على قبر إمامه العظيم ـ ويُراعي كونها على وفق الموازين والضوابط الأخلاقية.

وفي المقابل؛ فإنّ الزائر علاوة على ضرورة تحلّيه بالأخلاق الفاضلة عند أدائه لمراسم الزيارة، فإنّه ينهل من سيرة إمامه العطرة وأخلاقه السامية كلّ ما ينبغي أن يكون فيه ليسير بسيرته ويمتثل أوامره.

وممّا ينبغي أن يتحلّى به الزائر للإمام الحسين× ـ وبقية المعصومين^ ـ أُموراً كثيرة، منها:

1ـ الإيمان

لقد حثّ القرآن الكريم على صفة الإيمان؛ لما لها من أثر على البشرية، ومبدأ ينشأ من الاتّصال القطعي بين ما يراه أمامه وبين اعتقاده، وهي صفة راسخة تدلّ على مدى عمق ذلك الارتباط وعدم إمكانية تزلزله بأيّ وسيلة كانت، أو أيّ محاولة رامية إلى ذلك. قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ)^{^[4]}.

ولهذه الصفة أهمّيّة كبرى في حياة الإنسان، فحينما يعتقد بأنّ هنالك مَن أوجده في هذا الكون وهيّأ له الأسباب الطبيعية كي ينمو ويتكاثر؛ فإنّه سوف يعيش بسلام وطمأنينة.

كما أنّ الإنسان حينما يعتقد بأنّ هنالك مَن يُرشده إلى سواء السبيل، وإلى حسن التعامل مع مَن يعيش معه من أفراد المجتمع الإنساني؛ فإنّه سوف لا يكون متجبّراً في الأرض، وقد كان المرشد هو الرسول| الذي بُعث من قِبل الله} لهداية ذلك الكائن البشري، وليكون خير مُعلِّم لهؤلاء التلاميذ.

هذا؛ وقد امتدّ خطّ الرسالة حتّى خلفه| من بعده أولياء صالحون معصومون من الزلل، فكانوا أئمّة طاهرين مطهّرين يسيرون وفق ما منحته الرسالة السماوية من تعاليم.

وهذه الصفة المهمّة هي من أهمّ ما ينبغي التحلّي به من قِبل الزائر الكريم.

2ـ الصدق

حثّ القرآن الكريم على اتّخاذ الصدق وسيلة مهمّة من وسائل التعامل بين أفراد البشر، فكانت الأُمم والدول قائمة على حسن التعامل وصدق العهود والمواثيق.

والإسلام باعتباره ديناً سماويّاً سعى من خلال تعاليمه المباركة إلى تنظيم العلاقة بين الإنسان وبين أبناء مجتمعه، فقد حافظ على هذا الأمر واعتبره مقدّمة لما يمكن قبوله أو رفضه من الأحاديث الدائرة بين الناس، فقد قال عمرو بن أبي المقدام: قال لي أبو جعفر× في أوّل دخلة دخلتُ عليه: «تعلّموا الصدق قبل الحديث»^{^[5]}.

إنّ إرشاد الإمام الباقر× إلى تعلّم الصدق ما هو إلّا وسيلة كي يكون الإنسان من الصادقين الممدوحين في آيات كثيرة في القرآن الكريم، وفي كلمات أهل البيت^، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)^{^[6]}.

وفي ذات الصدد رُوي أنّ الإمام الصادق× قال للفضيل بن يسار: «يا فضيل، إنّ الصادق أوّل مَن يصدّقه الله} يعلم أنّه صادق، وتصدّقه نفسه تعلم أنّه صادق»^{^[7]}.

ومن هذا المنطلق؛ فإنّ الزائر الكريم لا بدّ أن يتحلّى بهذه الصفة؛ كي يؤكّد ما يقرأه في زيارته للإمام الحسين بن علي÷، ويكون كلّ ما ينطق به تعبيراً صادقاً عمّا سوف يُنفّذه في حياته العملية من الإتيان بالمعروف ونبذ المنكر ونحو ذلك من الفرائض الشرعية، وصولاً إلى جَنْي الثمرات والآثار الإيجابية المترتّبة على زيارته×.

3ـ الإيثار

قال تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)^{^[8]}، فقد أوضحت هذه الآية الكريمة مدى حبّ الآخرين وحسن الإيثار، وما له من أثر في الحياة الاجتماعية.

ولعلّ من أوضح صور الإيثار هو دعاء المرء لإخوته المؤمنين من حيث لا يشعرون، وهذا ما حثّ عليه الإمام أبو جعفر× في تفسيره لقوله تبارك وتعالى: (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) ^{^[9]}، حيث قال: «هو المؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب، فيقول له الملك: آمين. ويقول الله العزيز الجبّار: ولك مثل ما سألت، وقد أُعطيت ما سألت بحبّك إيّاه»^{^[10]}.

وهذا الحديث الشريف يوجّه زائر الإمام الحسين× إلى ضرورة كونه من أهل الإيثار من هذه الجهة، فهو حينما يقف على القبر الشريف ينبغي له أن يلهج بدعائه لإخوانه وأهله ومحبّيه، وكلّ مَن لم يحظَ بهذا الشرف العظيم، وألّا ينساهم ويقتصر بدعائه لنفسه كي لا يُشاركه أحد ولا يُقدِّم الآخرين على نفسه.

وهذا المعنى السامي الذي يستشعره الزائر قد أخذه من موقف مولاه الإمام الحسين× حينما قدّم نفسه قرباناً لله تعالى ودينه الحنيف، وتضحية في سبيل الإسلام والمسلمين.

المبحث الثاني: ما ينبغي لزائر الإمام الحسين× الاعتقاد به

1ـ التوحيد

أوّل الأُمور التي ينبغي أن يعرفها الزائر الكريم هي أنّ هذا الكون لا بدّ له من إله مدبّر وحكيم، فهذه الجبال والأنهار والبحيرات والكواكب والسماوات لم تتكوّن من تلقاء نفسها، وإنّما لها صانع أنشأها وأحكم صنعها ودبّرها على أحسن وجه، بمعنى أن كلّ ذلك قد كان بمقدار لا زيادة فيه يؤدّي إلى الفوضى، ولا نقص فيه يجعلنا بحاجة إلى وجود مَن يُكمّل ذلك النقص؛ فكلّ شيء له وقت محدّد، وله غاية وعلّة لوجوده، فهو لا يوجد من دون داعٍ ولا من دون هدف. قال تعالى: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا)^{^[11]}.

وبذلك يتبيّن للمتأمّل في شأن هذا الكون أنّ هنالك خالقاً واحداً لا شريك له، فلو كان له شريك لعلا بعضهم على بعض ولظهرت آثاره، وآثار المنافسة بين كلا الخالقين، وحيث لم نجد شيئاً من ذلك؛ فقد ثبت أنّه واحد لا شريك ولا كفو له.

قال تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)^{^[12]}.

وقال تعالى أيضاً: (وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ)^{^[13]}.

وهذا الأمر ينبغي أن يكون حاضراً عند زائر الإمام الحسين× وهو يقف على قبره×، متأمّلاً في جميع المعاني التوحيدية التي كان يحملها الإمام× قبل وأثناء واقعة الطفّ، يُضاف إلى ذلك النصوص التوحيدية عالية المضمون، التي وردت في زياراته×، منها على سبيل المثال: ما ورد في إذن الدخول في زيارة وارث: «الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي هداني لولايتك، وخصّني بزيارتك، وسهّل لي قصدك»^{^[14]}.

2ـ النبوّة

من العقائد الأُخرى التي ينبغي أن يشهد الزائر بها على نفسه مسألة أنّ رسالة الإسلام هي خاتمة الرسالات السماوية، وأنّ الرسول الكريم محمّداً| هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وكلّ ما جاء به من تعاليم هي صادرة من السماء، وكلّ تعاليمه هي لمنفعة البشرية وعادلة لا إجحاف فيها لفئة على فئة، ولا تفضيل لفرقة على أُخرى إلّا بالتقوى، قال تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )^{^[15]}.

كما أنّه ليس بعد النبي| نبي آخر قد أُرسل من السماء، قال تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)^{^[16]}.

وقد بلّغ بدقّة متناهية كلّ ما أُنزل عليه من السماء عن طريق الوحي المبين، فهو معصوم من الريب والزلل والاشتباه والنسيان ونحو ذلك. قال تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى)^{^[17]}. فليس في تعاليمه أخطاء ولا في حكمه جور، بل إنّ كلّ ما يفعله| بين المسلمين هو عين الحقّ والصواب، وكلّ ما يحكم به هو عدل، وكلّ ما يُشير إليه فلا يمكن نقضه من أيّ أحد.

هذا؛ وأنّ استحضار هذه العقيدة هو ما يتوجّب على زائر الإمام الحسين×، كيف لا؟ وهو الذي يقرأ في زيارته×: «وَأسْتَشْفِعُ إِلى الله بِجَدِّكَ سَيِّدِ النَّبِيِّينَ»^{^[18]}. ويقرأ أيضاً: «بِسْمِ الله وَبِالله وَفِي سَبِيلِ الله وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِ الله»^{^[19]}.

3ـ الإمامة

إنّ ثالث المسائل المهمّة التي ينبغي أن يعتقد بها الزائر الكريم هي أنّه من بعد الرسول الأعظم| يتولّى ـ من دون تردّد أو شكّ ـ الزعامتين الدينية والسياسية الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب× مباشرة، وهذا ما يُصطلح عليه بمنصب الإمامة الذي هو منصب إلهي يمنحه مَن يشاء من عباده بأمره} كما أنّ النبوّة كذلك، وقد وصّى النبي| بذلك، وأكّده عدّة مرّات وبطرق مختلفة، أبرزها تنصيبه| الإمامَ عليّ بن أبي طالب× يوم غدير خمّ.

فقد ذكر أبو بصير: «قال: سألت أبا عبد الله× عن قول الله: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)^{^[20]}؟ فقال: نزلت في عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين^.

فقلت له: إنّ الناس يقولون: فما له لم يُسمِّ عليّاً وأهل بيته^ في كتاب الله}؟

قال: فقال: قولوا لهم: إنّ رسول الله| نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ الله لهم ثلاثاً ولا أربعاً، حتّى كان رسول الله| هو الذي فسّر ذلك لهم. ونزلت عليه الزكاة ولم يسمّ لهم من كلّ أربعين درهماً درهم، حتّى كان رسول الله| هو الذي فسّر ذلك لهم. ونزل الحجّ فلم يقل لهم: طوفوا أُسبوعاً، حتّى كان رسول الله| هو الذي فسّر ذلك لهم. ونزلت(أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ـ ونزلت في علي والحسن والحسين ـ فقال رسول الله| في علي: مَن كنت مولاه، فعلي مولاه. وقال|: أُوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي؛ فإنّي سألت الله} ألّا يفرق بينهما حتّى يوردهما عليَّ الحوض، فأعطاني ذلك. وقال: لا تعلّموهم فهم أعلم منكم. وقال: إنّهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة. فلو سكت رسول الله| فلم يبيّن مَن أهل بيته، لادّعاها آل فلان وآل فلان، لكنّ الله أنزله في كتابه تصديقاً لنبيّه|:(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) ^{^[21]}، فكان علي والحسن والحسين وفاطمة^، فأدخلهم رسول الله| تحت الكساء في بيت أُمّ سلمة، ثمّ قال: اللّهمّ إنّ لكلّ نبي أهلاً وثقلاً، وهؤلاء أهل بيتي وثقلي. فقالت أُمّ سلمة: ألستُ من أهلك؟ فقال: إنّك إلى خير، ولكنّ هؤلاء أهلي وثقلي. فلمّا قُبض رسول الله| كان علي أولى الناس بالناس؛ لكثرة ما بلّغ فيه رسول الله|، وإقامته للناس وأخذه بيده.

فلمّا مضى علي لم يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل أن يُدخل محمّد بن عليّ ولا العبّاس بن عليّ ولا واحداً من ولده؛ إذاً لقال الحسن والحسين: إنّ الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك، فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، وبلّغ فينا رسول الله| كما بلّغ فيك، وأذهب عنّا الرجس كما أذهبه عنك.

فلمّا مضى علي× كان الحسن× أولَى بها لكبره، فلمّا توفّي لم يستطع أن يُدخل ولده، ولم يكن ليفعل ذلك والله يقول: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) ^{^[22]} فيجعلها في ولده؛ إذاً لقال الحسين: أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك، وبلّغ فيَّ رسول الله| كما بلّغ فيك وفي أبيك، وأذهب الله عنّي الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك.

فلمّا صارت إلى الحسين× لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدّعي عليه كما كان هو يدّعي على أخيه وعلى أبيه لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه ولم يكونا ليفعلا، ثمّ صارت حين أفضت إلى الحسين× فجرى تأويل هذه الآية(وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ).

ثمّ صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين، ثمّ صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي×. وقال: الرجس هو الشكّ، والله، لا نشكّ في ربّنا أبداً»^{^[23]}.

وقد أكّد رسول الله| ـ كما أسلفنا ـ في كلّ مناسبة تسمح له مصداقَ الخليفة من بعده، وذلك بالإفصاح عنه تصريحاً أو تلويحاً.

فقد قال جابر بن عبد الله الأنصاري: «لقد سمعت رسول الله| يقول في علي× خصالاً، لو كانت واحدة منها في جميع الناس لاكتفوا بها فضلاً.

قوله|: مَن كنت مولاه فعلي مولاه.

وقوله|: علي منّي كهارون من موسى.

وقوله|: علي منّي وأنا منه.

وقوله|: علي منّي كنفسي، طاعته طاعتي ومعصيته معصيتي.

وقوله|: حرب علي حرب الله، وسِلم علي سلم الله.

وقوله|: وليّ علي وليّ الله، وعدوّ علي عدوّ الله.

وقوله|: علي حجّة الله، وخليفته على عباده.

وقوله|: حبّ علي إيمان، وبغضه كفر.

وقوله|: حزب علي حزب الله، وحزب أعدائه حزب الشيطان.

وقوله|: علي مع الحقّ والحقّ معه، لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض.

وقوله|: علي قسيم الجنّة والنار.

وقوله|: مَن فارق علياً فقد فارقني، ومَن فارقني فقد فارق الله}.

وقوله|: شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة»^{^[24]}.

والذي يلازم الحقّ ويدور معه حيثما دار لا يمكن تركه؛ لأنّه يسير إلى سواء السبيل، فلا يمكن الاعتقاد أنّ مَن يسير معه قد يُخطئ أو يشتبه أو يغفل عن الحقّ في أيّ وقت.

فقد سار الإمام عليّ بن أبي طالب× بأُمّته على الطريقة الواضحة، واتّخذ سبيل الهدى والرشاد، ومَن خالفه قاتله حسب ما أمر به القرآن الكريم، فقاتل الناكثين لعهده، وجاهد المارقين عن دينه، وقطع دابر القاسطين؛ حتّى استُشهد في محراب جامع الكوفة المعظّم من قِبل أشقى الأوّلين والآخرين، وقد أدّى ما عليه، فنصح لأُمّته، وبذل كلّ غالٍ ونفيس من أجل صلاح الأُمّة وخيرها وسدادها.

هذا ما ينبغي معرفته ويعمل كلّ امرئ مسلم بتعاليمه، ويسير على خطاه، فلا يمكن التغافل عن ذلك؛ لئلّا يكون من الخاسرين والمبعدين عن رحمة ربّ العالمين.

وهذا بالفعل ما ينبغي لزائر الإمام الحسين× الاعتقاد به، خصوصاً وهو يقف في قبال جبل أشمّ من جبال العقيدة الراسخة، هو يقف أمام الحسين× الذي أعلن لوالي المدينة عتبة بن أبي سفيان عن رفضه القاطع لمبايعة يزيد، فقال×: «يا عتبة، قد علمت إنّا أهل بيت الكرامة، ومعدن الرسالة، وأعلام الحقّ الذين أودعه الله} قلوبنا، وأنطق به ألسنتنا، فنطقت بإذن الله}، ولقد سمعت جدّي رسول الله يقول: إنّ الخلافة محرّمة على ولد أبي سفيان، وكيف أُبايع أهل بيت قد قال فيهم رسول الله هذا؟!»^{^[25]}.

وباللهجة نفسها خاطب× مروان بن الحكم عندما طلب منه مبايعة يزيد مصرّحاً في نهاية كلامه بهذه العبارة: «ومثلي لا يُبايع مثله»^{^[26]}.

فزائر الإمام الحسين× عندما يُردّد في زياراته عبارات من قبيل: «السلام عليك وعلى الأئمّة من ولدك، السلام عليك يا وصيّ أمير المؤمنين»^{^[27]}، من المفترض أن يكون مبدأ الإمامة قد رسخ في ذهنه بشكل واضح.

المبحث الثالث: ما ينبغي لزائر الإمام الحسين× القيام به

1ـ الأمر بالمعروف

إنّ هذا الأمر ينبغي أن يكون أمام كلّ إنسان، سواء كان زائراً لإمامه أم لم يكن كذلك؛ فإنّ تعاليم السماء كانت واضحة لدى البشر من مساعدة الفقراء والمحتاجين، وإكرام الضيف، ومحبّة الإخوان ومواساتهم في السرّاء والضرّاء، وهذه الأُمور من أبرز صور المعروف، قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)^{^[28]}.

وقد روى أبو حمزة الثمالي، عن أبي جعفر×، أنّه قال: «خطب رسول الله|: يا أيّها الناس، والله، ما من شيء يُقرّبكم من الجنّة ويُباعدكم من النار، إلّا وقد أمرتكم به، وما من شيء يُقرّبكم من النار ويُباعدكم من الجنّة، إلّا وقد نهيتكم عنه، ألا وإنّ الروح الأمين نفث في روعي أنّه لن تموت نفس حتّى تستكمل رزقها، فاتّقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحمل أحدكم استبطاء شيء من الرزق أن يطلبه بغير حلّه؛ إنّه لا يُدرك ما عند الله إلّا بطاعته»^{^[29]}.

ولأجل ذلك؛ فلا بدّ أن يتأمّل زائر الإمام الحسين× فيما قام به× من تأديته ما عليه حينما أرشد وصرح أنّ ولايته وإمامته هي امتداد لأبيه وجدّه، وتعاليمه هي تعاليم جدّه النبي الكريم|، حيث قال×: «وأنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي|»^{^[30]}.

ولذا؛ فلا يتطفّل امرئ ويدّعي أنّ الإمام أبا عبد الله× لو كان هادن الظالم خوفاً على حياته كي يسلم بنفسه وعائلته وأصحابه، لكان أسلم من الوقوع في التهلكة.

وفي الحقيقة إنّ هذا الكلام هو إنكار لحقّه× وإمامته وتكليفه الشرعي.

2ـ إنكار المنكر

أكّد القرآن الكريم ـ للبشر عامّة وللمسلمين خاصّة ـ أنّ المنكر يجب أن يُنبذ، ولا يمكن أن يكون في المجتمع الإنساني.

كما أنّ الشريعة الإسلامية السمحاء قد بيّنت أساليب يُمكن اتّخاذها في الإعراض عن فاعل المنكر، سواء كان بالقول أم بالفعل، وصولاً إلى مقارعته بعد استنفاد كافّة الوسائل المتاحة؛ كي لا يكون الحال من بدايته منتهياً إلى مرحلة القتل والقتال.

ولعلّ الآية الكريمة توضّح هذا المعنى، قال تعالى: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)^{^[31]}. وذلك لما يحمله السلام من روح الرحمة التي تبتعد عن إزهاق الأرواح وإيذاء النفس البشرية من دون داعٍ.

هذا؛ وأنّ زائر الإمام الحسين× حينما يتأمّل بزيارته يجد هذه الصورة واضحة عنده، وأشهر من ذلك صورة الإمام× لـمّا طُلبت منه البيعة ليزيد بن معاوية الذي تسلّط واتّخذ الدولة سلطاناً له وملكاً لا يمكن لأيّ أحد أن يُنافسه على ملكه مهما كان، ومَن خالف ذلك فهو يُعرِّض نفسه للهلاك أو الإذلال.

فما كان من الإمام الحسين× إلّا أن رفض ما طُلب منه أشدّ الرفض، فهو الإمام المفترض طاعته على المسلمين، فكيف له أن يتنازل عن حقّه ويكون تحت إمرة الظالمين والفاسقين الذين نبذهم المجتمع مع القرآن الكريم؟!

هذا؛ وقد أفصح عن ذلك بقوله: «إنّا أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، وبنا فتح الله، وبنا ختم الله، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر، قاتل النفس المحرّمة، مُعلن بالفسق، ومثلي لا يُبايع مثله، ولكن نُصبح وتصبحون، وننظر وتنظرون، أيّنا أحقّ بالبيعة والخلافة»^{^[32]}.

وعلى هذا سار أهل البيت^، فقد ذكر أبو عبد الله× أنّ رسول الله| قال: «إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبّهم والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم كي لا يطمعوا في الفساد في الإسلام، ويحذرهم الناس ولا يتعلّمون من بدعهم؛ يكتب الله لكم بذلك الحسنات، ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة»^{^[33]}.

فالإمام الحسين× في زمن البدع ذلك هو أوّل مَن جاهر من أُمّة الإسلام في وقته بذلك الأمر، ودعا إلى نبذ المنكر والبدع التي بدأت تظهر، وأوّلها هو التسلّط على المسلمين من قبل مَن هو ليس بأهل لذلك، بل من أدنى المسلمين من الفاقدين لأيّ تقوى وكرامة.

ومن هنا؛ كانت حياته× خير دليل كي تسير البشرية على منهجه×، وتقوم بإنكار البدع والأهواء التي هي خلاف تعاليم الإسلام وما أُنزل بها من سلطان.

3ـ اللعن

قد ورد في (صحاح اللغة) للجوهري أنّ اللعن هو: «الطرد والإبعاد من الخير. واللعنة الاسم، والجمع لِعان ولعنات. والرجل لعين وملعون، والمرأة لعين أيضاً. واللعين: الممسوخ»^{^[34]}.

وهكذا وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) ^{^[35]}.

كما وردت في الروايات الشريفة، فعن الإمام أبي عبد الله× أنّه قال: «قال رسول الله|: ثلاث خصال ملعون من فعلهنّ: المتغوّط في ظلّ النزّال، والمانع الماء المنتاب، وسادّ الطريق المسلوك»^{^[36]}.

ورُوي عنه× أيضاً أنّه قال: «ملعون ملعون مَن ألقى كَلّه على الناس، ملعون ملعون مَن ضيّع مَن يعول»^{^[37]}.

وممّا تقدّم نعرف أنّ الملعون هو المطرود من رحمة الله تعالى، والبعيد عن كلّ أفعال الخير، فهو المنبوذ من المجتمع الإسلامي والخارج عن تعاليمه.

وهذا الدرس العميق يمكننا الحصول عليه من زيارة الإمام الحسين× حينما نقول: «لعن الله مَن قتلك، ولعن الله من جهل حقّك واستخفّ بحرمتك، ولعن الله من حال بينك وبين ماء الفرات»^{^[38]}.

فيبرز هنا أُسلوب البلاغة والأدب الرفيع حينما تذكر القاتل وتلعنه، فهو القاتل لأعظم شخصية إسلامية في زمانها، أولَت جلّ اهتمامها لتخليص المجتمع المسلم من الموبقات والمساوئ، والرقي به كي يكون (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) ^{^[39]}.

إنّها الأُمّة التي عاش معها صاحب الشريعة ليتحمّل منها كلّ الأذى، ولم يدعُ عليهم كما دعا الأنبياء السابقون على أُممهم. قال تعالى: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا)^{^[40]}.

فهذه الأُمّة هي نفسها التي قتلت ابن بنت نبيّها وهو لم يدعُ عليهم، وإنّما كان يقول: «وأنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي|، أُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب×، فمَن قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحقّ، وهو خير الحاكمين»^{^[41]}.

هذه الأُمّة التي شاركت في قتله×، وخرجت عن تعاليم الإسلام كي تنحرف عن المسار الصحيح الذي رسمه النبي| وجاهد في سبيله هو ومَن جاء من بعده من خلفائه الهداة ـ الإمام علي والحسن والحسين والأئمّة التسعة من ذرّية الحسين^ ـ كي يستمرّ نهج الإصلاح إلى آخر يوم من أيّام الدنيا؛ لئلا يحتجّ محتجّ ويقول: إنّي كنت من الجاهلين.

بهذا الأُسلوب الأدبي نعرف أنّ الذي لا يفعل الخير، ولا يسير بسيرة النبي الأكرم|، فهو ملعون في الدنيا ومطرود من جنّته تعالى في الآخرة.

سؤال: ما هي الغاية من ذكر اللعن في زيارة الإمام الحسين× بقوله: «لعن الله أُمّة قتلتك، ولعن الله أُمّة ظلمتك، ولعن الله أُمّة سمعت بذلك فرضيت به»^{^[42]}، بعد حادثة مضت عليها أعوام مديدة، قد انتهت وذهب الظالمون إلى جهنّم وساءت مصيراً، وارتحل الإمام× شهيداً إلى جنّة الله تعالى؟

الجواب: يكون ذلك بنقاط عدّة، هي:

إنّ أهمّ شيء هو أنّ هذه الحادثة لا يمكن نسيانها؛ لأنّ بنسيانها سنغفل عن أفعال الظالم، وتذهب الظلامات أدراج الرياح.

إنّ التذكير بهذا الأمر ما هو إلّا تذكير بأنّ المظلوم لا يمكن ذهاب جهاده وجهوده مع الزمان الغابر، وإنّما ينبغي أن تُذكر في كلّ زمان ومكان؛ ولئلّا يزداد الظلم على الأرض، وتكون البشرية تحت وطأة هؤلاء من دون ارتداع عن غيّهم.

إنّ استذكار لعن الظالم ليس مجرّد لفظة تذهب سدىً كباقي الألفاظ من دون أن يكون لها معنى، وإنّما لها معنى عميق؛ فإنّ الطرد في نظر الإسلام ما هو إلّا دعاء بخروج الملعون عن الرحمة الإلهية التي نصّ الإسلام عليها، تلك الرحمة التي تختصّ بمَن ساروا على نهجه وهديه.

إنّ التأكيد على مبدأ لعن ظالمي الإمام الحسين بن علي÷ لا يشمل الذين قتلوه ـ المباشرين له في تلك السنة وفي ذلك اليوم ـ فقط، وإنّما يشمل في كلّ زمان مَن رضي بهذا الفعل السيّئ، وهو الجرأة على هدر دم المسلم مع عائلته وأصحابه، فهو تعدٍّ سافر على حقوق الإنسان الذي ينبغي أن يعيش حرّاً سعيداً، من دون خوف أو ترهيب.

إنّ قراءة ذلك اللعن هي على غرار قراءة تلك الآيات التي ورد فيها اللعن، والتي كانت الغاية منها هي التأكيد على مقارعة الظالم وعدم الركون إليه.

أقسام اللعن في زيارة الإمام الحسين×

إنّ زائر الإمام الحسين× يقوم بعدّة أنواع من اللعن، هي على نحو الإجمال:

لعن قاتلي الإمام الحسين×.

لعن ظالمي الإمام الحسين×.

لعن مَن سمع بقتل الإمام الحسين× ولم ينصره.

أمّا تفصيل الكلام في هذه الأنواع، فهو على النحو التالي:

النوع الأوّل: لعن قاتلي الإمام الحسين×

إنّ الزائر يشهد أنّ كلّ مَن قتل الإمام الحسين× ملعون، ويبرأ الإسلام من أفعاله، وهذا لا يشمل مَن باشر قتله فقط، بل حتّى مَن ساهم في جمع الجيش المعتدي عليه، أو مَن حصر عدد أفراده، أو سعى أن يكون مع المعتدي وإن كان بعيد الديار.

وهذا ما أشارت إليه الأحاديث الشريفة الواردة في المقام، فعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله|: «إذا كان يوم القيامة، نادى منادٍ: أين الظلمة وأعوان الظلمة وأشباه الظلمة، حتّى مَن برى لهم قلماً أو لاق لهم دواة؟ فيُجعلون في تابوت حديد، ثمّ يُرمى بهم في نار جهنّم»^{^[43]}.

النوع الثاني: لعن ظالمي الإمام الحسين×

إنّ من أقبح الأفعال هو الاعتداء على الآخرين من دون داعٍ أو وازع يردعه، وهذا ما ذكره القرآن الكريم، قال تعالى: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ () ^{^[44]}.

وقد أكّدت الأحاديث الشريفة عن النبي الأكرم| والأئمّة المعصومين^ على حرمة الاعتداء على الآخرين، فقد ذكر عبد الأعلى مولى آل سام أنّ الإمام أبا عبد الله× قال مبتدئاً: «مَن ظلم سلّط الله عليه مَن يظلمه أو على عقب عقبه. قلت: هو يظلم فيسلّط الله على عقبه أو على عقب عقبه؟! فقال: إنّ الله يقول:(وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) ^{^[45]}»^{^[46]}.

ومن أوضح صور الظلم والاعتداء على الإمام الحسين بن علي÷ هو منعه عن حقّه، وإبداء رأيه، حتّى جهر بصوته كي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولكن دون جدوى.

ولعلّ هؤلاء المانعين له× عن أداء حقّه ليسوا بمباشري ظلمه، بل منهم مَن شارك بكلمة أو أعان على ذلك، فعن الإمام أبي عبد الله×: «العامل بالظلم، والمُعين له، والراضي به، شركاء ثلاثتهم»^{^[47]}.

وبعد كلّ هذا ألا ينبغي للمسلم ولزائر الإمام الحسين× أن يلعن ظالميه× جرّاء فعلتهم الشنيعة في واقعة الطفّ الأليمة؟ ألا يكون فعل الزائر هذا مدعاة إلى نبذ الظلم وإنكاره في كلّ زمان ومكان؟

النوع الثالث: لعن مَن سمع بقتل الإمام الحسين× ولم ينصره

قال تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)^{^[48]}.

إنّ هذه الآية الكريمة تُشير إلى أنّ الجوارح من السمع والبصر والقلب لها وظائف، ومن تلك الوظائف انعكاس كلّ صورة ستدخل إلى ذهن الإنسان من خلالها؛ فإنّ سماع الإنسان لأيّ شيء، أو وجود أيّ محبّة أو كراهة في القلب، لا بدّ أن تُسأل تلك الحواس عن ذلك، سواء وافقت هواه أم خالفته.

ومن هذا المنطلق؛ فإنّ المعاصي ـ سواء كانت عن طريق اليد أم اللسان أم غيرهما ـ
تُكتب عليه ويُحاسب عليها مهما كان عذر الإنسان أو غفلته.

ولأجل ذلك؛ فإنّ سليمان بن خالد قال: «سألت أبا عبد الله× عن قول الله: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا)^{^[49]}؟ قال×: أما والله، إن كانت أعمالهم أشدّ بياضاً من القباطي، ولكن كانوا إذا عُرض لهم الحرام لم يدعوه»^{^[50]}.

ولا ريب أنّ المتأمّل في زيارة الإمام الحسين× يكتشف أنّ هنالك مَن ادّعى الإسلام وأظهره، لكن من غير تطبيق لما ادّعاه على نحو الحقيقة، وهذا يُعدّ من المعاصي الظاهرة.

ولا ريب أنّ كلّ مَن سمع عن واقعة الطفّ الخالدة، وما فعله الإمام الحسين× من تنبيه الجيش المعادي على شناعة فعلهم الرامي إلى هتك حرمته وحرمة عائلته وأصحابه، فإنّه يقف على حجم المعاصي التي اقترفها هؤلاء، والتي سوف يحاسبون عليها مهما طال الزمان، بل يقف أيضاً على حجم الخطيئة التي يقترفها كلّ مَن رضي بفعل الأعداء، وما قاموا به من اعتداء سافر، وانحطاط للقيم الأخلاقيّة التي حاول الإسلام دفعها، والارتقاء بالأُمّة من هذا الحضيض نحو القمم الشامخة لتكون (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)^{^[51]}.

وأمام هؤلاء الناس ينبغي التنبيه والتذكير بحرمة هذه الجريمة وإدانتها على مرّ العصور، وبيان عدم إمكانية نسيانها؛ لئلّا تندرس معالم الإسلام وتكون هباءً منثوراً.

سؤال لا يخلو الجواب عنه من فائدة: هل الإمام الحسين× يسمع الزائر ويجيبه؟

الجواب: لعلّه من أهمّ الأشياء التي ينبغي معرفتها هو أنّ الإمام الحسين× وأصحابه من الشهداء الذين قُتلوا في سبيل الله ـ وهو سيّد الشهداء ـ الذين مدحهم القرآن الكريم بقوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) ^{^[52]}، هم أحياء ولهم المنزلة العظيمة، كما هم بإذنه تعالى يسمعون دعاء مَن يتضرّعون إلى الله في حضرتهم، كيف لا؟ وهم الوسيلة التي امتدحها تعالى بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)^{^[53]}.

لكن يبقى الشيء المهمّ هو إنّنا لا نسمع أصواتهم مباشرة وقد حجبتها أعمالنا السيّئة عن ذلك، فإذا تاب المرء وسار على النهج المستقيم، فسوف يحظى بكلّ ما يطمح به.

ولذا نخاطبه× في الزيارة بقولنا: «وأشهد أنّك تسمع الكلام وتردّ الجواب، وأنّك حبيب الله وخليله ونجيبه وصفيّه وابن صفيّه، يا مولاي وابن مولاي»^{^[54]}.

إنّ للدعاء ـ عزيزي القارئ ـ محالاًّ لا يكون فيها محجوباً عنه}، هذه المحالّ قد ورد ذكرها في الرواية التي رواها عبد الله بن سنان، عن الإمام أبي عبد الله×، الذي قال: «كان أبي× يقول: خمس دعوات لا تُحجبن عن الربّ تبارك وتعالى: دعوة الإمام المقسط، ودعوة المظلوم، يقول الله: لانتقمنّ لك ولو بعد حين. ودعوة الولد الصالح لوالديه، ودعوة الوالد الصالح لولده، ودعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب، فيقول: ولك مثله»^{^[55]}.

هذا؛ وإنّ الإمام الحسين× قد جمع الصفات ـ المذكورة أعلاه ـ التي تؤهّله لأن يكون مُجاب الدعوة، فهو الإمام العادل والمظلوم الذي سُلب حقّه، والولد الصالح، والأب الرحيم لأُمّته، والداعي للمؤمنين بظهر الغيب بالصلاح والمحبّة من دون أن يطمع في شيء من حطام الدنيا سوى مرضاته تعالى، فكيف يُردّ دعاؤه لمَن زاره ولاذ بقبره الشريف؟!

خاتمة

يمكن لنا من خلال الجولة السريعة التي قمنا بعرض وتحليل جملة الأُمور والموجبات المهمّة التي ينبغي لزائر الإمام الحسين× الالتزام بها، سواء على نحو الاتّصاف أم الاعتقاد أم السلوك، أن نقف على جملة من النتائج المهمّة التي نجملها فيما يلي:

إنّ أهمّ ما يميّز زيارة الإمام أبي عبد الله الحسين× هو التذكير بالوعي العاطفي الذي ينبغي ألّا يُغفل عنه؛ فإنّ للعاطفة مساحة واسعة لدى الإنسان، وأنّه بامتزاجها مع الروح الإنسانية تظهر لها آثار مهمّة تُساعد على بناء حياة الإنسان من جديد.

الاستمرار على نهجه× والمواظبة على قراءة زيارته×؛ فهي توجّه الإنسان إلى ضرورة التأمّل بمضامينها؛ ليستخرج منها كلّ ما ينفعه من تعاليمه الشريفة. ولعلّ أهمّها هي أن يكون إنساناً مسلماً ومهذّباً ذا خلق عالٍ وعفّة وورع، يمنعه من ارتكاب المحرّمات والرذائل التي تحيط به، ولا يعبأ بما يملي عليه الشيطان من المرغّبات التي تؤدّي به إلى الهلاك.

عدم الاستسلام للباطل، وهذا المعنى ينبغي أن يكون أمام كلّ امرئ يأبى أن يخنع للظلم فيكون من الظالمين، ولا يساند أو يشجِّع على ذلك، وإنّما يرفض الظلم ويدعو إلى نبذه بكلّ ما أُوتي من قوّة ومنعة.

الحذر من أن يكون المسلم من المنافقين، فيكون تارة مع الحقّ وأُخرى مع الباطل، متأثّراً بما تمليه عليه خواطره ومصالحه الشخصية.

ينبغي للمسلم أن يضع نصب عينيه أنّ ما هي إلّا أيّام قلائل وتزول تلك المدّة ولات حين مناص؛ وذلك عند الوقوف على منصّة الحساب العسير، قال تعالى: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)^{^[56]}.

إنّ التراحم والتعاطف من أبرز سمات زيارته× والمثول في حضرته المباركة؛ لأنّ مَن لا يرحم أخاه فلا منفعة فيه ولا عاطفة عنده، بل العطف على الإخوان والسعي في قضاء حوائجهم من أبرز سبل الوحدة التي دعا لها× في سبيل إنكار الفساد والفرقة في المجتمع المسلم.

إنّ الاقتداء بسيرة الإمام أبي عبد الله الحسين× وأولاده وإخوته وأصحابه، ما هو إلّا تعبير صادق عن مدى التزام الزائر بتلك المبادئ التي رسّخها× في نفوس المسلمين، وضحّى في سبيلها؛ كي يسلك كلّ شريف هذا الطريق، ولا يعيش بين خضوع الظالم أو سطوة الجبّار العنيد، وإنّما يعيش حرّاً أبيّاً يُعبّر عن رأيه من دون خوف أو ريب.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1.- بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي (ت1111هـ)، مؤسّسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1403هـ/ 1983م.

2.- ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، محمد بن علي بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق (ت381هـ)، منشورات الرضي، قم، الطبعة الثانية، 1368هـ.ش.

3.- الصحاح، إسماعيل بن حمّاد الجوهري (ت393هـ)، تحقيق: أحمد عبد الغفور العطار، دار العلم للملايين، بيروت ـ لبنان، الطبعة الرابعة، 1407هـ/1987م.

4.- الكافي، محمد بن يعقوب الكليني (ت328هـ)، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، الطبعة الخامسة، 1363هـ.ش.

5.- كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه القمّي (ت368هـ)، تحقيق: الشيخ جواد القيّومي ـ لجنة التحقيق، نشر الفقاهة، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

6.- كتاب الخصال، محمد بن علي بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق (ت381هـ)، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين في الحوزة العلمية، قم المقدّسة، الطبعة الأُولى، 1403هـ/1362هـ.ش.

7.- مفاتيح الجنان، الشيخ عبّاس القمّي (ت1359هـ)، تعريب: السيّد محمد رضا النوري النجفي، منشورات العزيزي، الطبعة الثالثة، 1385هـ.ش/2006م.

[1]الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: ص82. وفي مصدر آخر ورد: أنّ السائل لرسول الله| هو الإمام الحسين×. اُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج96، ص373، ح8.

[2]القلم: الآية 4.

[3][3]الكليني،محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص667، ح8.

[4]الرعد: الآيتان 28ـ 29.

[5]الكليني،محمد بن يعقوب، الكافي:ج2، ص104، ح4.

[6]التوبة: الآية 119.

[7]الكليني،محمد بن يعقوب، الكافي:ج2، ص104، ح6.

[8]الحشر: الآية 9.

[9]الشورى: الآية26.

[10]الكليني،محمد بن يعقوب، الكافي:ج2، ص507، ح3.

[11]الفرقان: الآية 2.

[12]البقرة: الآية 255.

[13]النحل: الآية 51.

[14]القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص630.

[15]الحجرات: الآية 13.

[16]آل عمران: الآية 144.

[17]النجم: الآيات 3ـ 5.

[18]القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص648.

[19]المصدر السابق: ص653.

[20]النساء: الآية 59.

[21]الأحزاب: الآية 33.

[22]الأنفال: الآية 75.

[23]الكليني،محمد بن يعقوب، الكافي:ج1، ص287ـ 288، ح1.

[24]الصدوق، محمد بن علي، الخصال: ص496،ح5.

[25]المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص312.

[26]المصدر السابق: ج44، ص325.

[27]القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص629.

[28]التوبة: الآية 71.

[29]الكليني،محمد بن يعقوب، الكافي:ج2، ص74،ح2.

[30]المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص329.

[31]الأنفال: الآية 61.

[32]المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص325.

[33]الكليني،محمد بن يعقوب، الكافي:ج2، ص375، ح4.

[34] الجوهري،إسماعيل بن حمّاد، الصحاح: ج60، ص2196.

[35]البقرة: الآية 159.

[36]الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص16، ح6.

[37]المصدر السابق: ج4، ص12، ح9.

[38]ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص440.

[39]آل عمران: الآية 110.

[40]نوح: الآية 26.

[41] المجلسي،محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص329 ـ 330.

[42]القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان:ص425، الزيارات المطلقة، الزيارة السابعة.

[43] المالكي، ورّام، تنبيه الخواطر: ج1، ص62ـ 63.

[44]البقرة: الآية 65.

[45]النساء: الآية 9.

[46]الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص332، ح13.

[47]المصدر السابق: ج2، ص333، ح16.

[48] الإسراء: الآية 36.

[49] الفرقان: الآية 23.

[50]الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2،ص81، ح5.

[51]آل عمران: الآية 110.

[52]آل عمران: الآيات 169ـ 171.

[53]المائدة: الآية 35.

[54]القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص648.

[55]الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص369، ح2.

[56]عبس: الآيات 34ـ 37.

زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) وموجبات تجلّي آثارها الروحيّة لدى الزائر دراسة تحليليّة