المقدّمة
خطّ الإمام الحسين× وسام المجد والكرامة والعزّ على جبين أتباعه ومناصريه مخطّ القلادة على جيد الفتاة، ففاز متّبعوه، ونجا مناصروه، وبنعمة الله تنعّم المنتمون لنهجه واهتدوا بهداه، فلم تكن دعوى الانتماء إليه كافية في تحقيق النصرة واتّباعه الصادق، فلا بدّ لها ـ كغيرها من الدعاوى ـ من وسائل وطرائق لنيلها، ومن هذه الوسائل زيارة الإمام الحسين× بصورتها التي أرادها المعصومون^.
وهنا يرد التساؤل: كيف أرادوها^؟ وكيف تشعرنا هذه الشعيرة بالانتماء لنهجه؟
هذا ما حاولنا التطرّق إليه هنا في عدّة محاور، فتضمّن المحور الأوّل الحديث عن زيارة الإمام الحسين× كما أرادها المعصومون^، وتحدّث المحور الثاني عن كيفية كون تلك الزيارة تُعزّز الانتماء إليه×، وبحث المحور الثالث عن أنّ الانتماء للإمام الحسين× سبيل لتحقق النجاة، وصولاً للمحور الرابع الذي شرح آثار زيارة الإمام الحسين× على الزائرين، التي تُعزّز حالة الانتماء للمولى× ولنهضته المباركة.
المحور الأوّل: زيارة الإمام الحسين× كما أرادها المعصومون^
وجّه أئمّة أهل البيت^ شيعتهم نحو زيارة الإمام الحسين×؛ لخدمة هدف كبير، وهو إبقاء العلاقة قوية وفاعلة بين الإسلام والفرد المسلم؛ لكيلا يتحوّل الإسلام إلى مجرّد ممارسات وطقوس وأحكام ميّتة؛ وذلك بجعل الإنسان يستشعر الإمام الحسين× ومبادئه السامية وقيمه الرفيعة، ويعيش كلّ ذلك في إحساسه وليس في فكره فقط؛ فإنّ الإمام الحسين× مجموعة من المبادئ والقيم، فلا ينبغي أن نعرفه معرفة سطحية، بل هو العطاء اللامحدود، وهو الحرّية، والنقاء، وغيرها من المبادئ.
لذا؛ جاءت الشعائر الحسينية المقدّسة كي تنقل تلك المبادئ من صورة فكرية إلى صورة حسّية، لها أبعادها الروحية المختلفة والمتنوّعة، فأهدافها ليست دنيوية دنيئة، بل هي عبادة روحية وعمل يُراد به التقرّب إلى الله تعالى، فلا بدّ أن توضع في إطارها الصحيح الذي رسمه المعصومون^؛ كي لا تغدو مجرّد عمل تكريمي، وإنّما عمل جمعي يُراد به القرب من الله تبارك وتعالى، وهذا يُجدّد صلة الزائر بالإسلام، ومعاهدة الله تعالى على التمسّك به، والحفاظ عليه، وتطبيق أحكامه وتكاليفه في حياته[1].
وقد كان المعصومون^ يُعلّمون شيعتهم زيارة الإمام الحسين×، فكانوا قدوة لشيعتهم في ذلك، وأنّ أقدم ما نعرف من ذلك هو فعل الإمام زين العابدين×[2]، فأصل الزيارة مشروع وخطّة عمل وضع أساسها المعصومون^؛ ليدور الناس حول قطبٍ لا يجدون صلة توصل إلى الله تعالى أقرب منه وأسرع.
فهذه الشعيرة لها دور عظيم في إحياء الروح الثورية الجهادية، وتحريك الحماس في النفوس المؤمنة بالله تبارك وتعالى ورسوله‘ ضدّ حكّام الظلم والجور؛ ولهذا عمل الإمام زين العابدين× على جعل هذه الثورة حيّة تمنح الناس طاقة ثورية لخوض التجربة في كلّ زمان ومكان.
وفي مقام الحديث عن الكيفية التي أرادها المعصومون^ في زيارة الإمام الحسين×، نرى من المناسب التطرّق إلى أهمّ آداب زيارته×، والأعمال التي يُستحبّ الإتيان بها أثناء الزيارة، معتمدين في ذلك على ما أورده الشيخ عبّاس القمّي في كتابه (مفاتيح الجنان)، مع مراعاة جانب الاختصار:
الأوّل: أن يصوم الزائر ثلاثة أيّام متوالية قبل الخروج من بيته، ويغتسل في اليوم الثالث على ما أمر به الإمام الصادق× صفوان في الرواية التي ينقلها الشيخ القمّي عند عرضه الزيارة السابعة (زيارة وارث) من زيارات المولى أبي عبد الله×، ونقل عن الشيخ محمد المشهدي في مقدّمات زيارة العيدين أنّه قال: «إذا أردت زيارته× فصم ثلاثة أيّام، واغتسل في اليوم الثالث، واجمع إليك أهلك وعيالك، وقل: اللهمّ إنّي أستودعك اليوم نفسي وأهلي ومالي وولدي وكلّ مَن كان منّي بسبيلٍ، الشاهد منهم والغائب. اللهمّ احفظنا بحفظ الإيمان واحفظ علينا، اللهمّ اجعلنا في حرزك، ولا تسلبنا نعمتك، ولا تغيّر ما بنا من نعمة وعافية، وزدنا من فضلك، إنّا إليك راغبون. ثمّ اخرج من منزلك خاشعاً وأكثر من قول: لا إله إلاّ الله، والله أكبر، والحمد لله. ومن تمجيد الله تعالى، والصلاة على النبي وآله صلوات الله عليهم، وامضِ وعليك السكينة والوقار».
الثاني: أن يكون الزائر حزيناً مكروباً، فعن الصادق× قال: «إذا زرت أبا عبد الله× فزره وأنت حزين مكروب، شعث مغبر، جائع عطشان؛ فإنّ الحسين× قُتل حزيناً مكروباً شعثاً مغبراً جائعاً عطشاناً، واسأله الحوائج وانصرف عنه، ولا تتّخذه وطناً».
الثالث: ألّا يكون زاده في سفر زيارة الإمام الحسين× ممّا لذّ وطاب من الغذاء، كاللحم المشوي والحلاوة، بل يغتذي بالخبز واللبن، فقد قال الإمام الصادق× في هذا الصدد: «بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين× حملوا معهم السفرة فيها الجداء والأخبصة وأشباهه، ولو زاروا قبور آبائهم وأحبّائهم ما حملوا معهم هذا».
الرابع: ممّا نُدب إليه في سفر زيارة الحسين× هو التواضع والتذلّل والتخاشع، والمشي مشي العبد الذليل، فقد رُوي عن الإمام الصادق× أنّه قال: «مَن أتى قبر الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة ألف حسنة، ومحا عنه ألف سيئة، ورفع له ألف درجة. فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامشِ حافياً، وامشِ مشي العبد الذليل».
الخامس: أن يجتهد ما وسعه الاجتهاد في إعانة الزائر الراجل إذا شاهده وقد تعب وأعياه المسير، فيهتمّ بشأنه، ويبلغه منزلاً يستريح فيه، وحذار من الاستخفاف به وعدم الاهتمام بشأنه.
السادس: عن الثقة الجليل محمد بن مسلم، عن الإمام محمد الباقر×، قال: «قلت له: إذا خرجنا إلى أبيك أفلسنا في حجّ؟ قال [×]: بلى. قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟ قال [×]: يلزمك حسن الصحبة لمـَن يصحبك، ويلزمك قلّة الكلام إلّا بخير، ويلزمك كثرة ذكر الله، ويلزمك نظافة الثياب، ويلزمك الغُسل قبل أن تأتي الحير، ويلزمك الخشوع، وكثرة الصلاة، والصلاة على محمد وآل محمد، ويلزمك التحفّظ عمّا لا ينبغي لك، ويلزمك أن تغضي بصرك من (المحرّمات والمشتبهات)، ويلزمك أن تعود على أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعاً، والمواساة (أن تناصفه نفقتك)، ويلزمك التقية التي قوام دينك بها، والورع عمّا نُهيت عنه، وترك الخصومة، وكثرة الأيمان والجدال الذي فيه الأيمان، فإذا فعلت ذلك تمّ حجّك وعمرتك، واستوجبت من الذي طلبت ما عنده بنفقتك، واغترابك عن أهلك، ورغبتك فيما رغبت أن تنصرف بالمغفرة والرحمة والرضوان».
السابع: في حديث أبي حمزة الثمالي، عن الإمام الصادق× في زيارة الحسين× أنّه قال: «إذا بلغت نينوى فحطّ رحلك هناك، ولا تدّهن، ولا تكتحل، ولا تأكل اللحم ما أقمت فيه».
الثامن: أن يغتسل بماء الفرات، فالروايات في فضله كثيرة، منها ما رُوي عن الإمام الصادق× أنّه قال: «مَن اغتسل بماء الفرات وزار قبر الحسين× كان كيوم ولدته أُمّه صفراً من الذنوب ولو اقترفها كبائر».
التاسع: أن يدخل الحائر المقدّس من الباب الشرقي على ما أمر به الإمام الصادق× يوسف الكناسي.
العاشر: ما رواه ابن قولويه عن الإمام الصادق× أنّه قال لمفضّل بن عمر: «يا مفضّل، إذا بلغت قبر الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) فقف على باب الروضة وقل هذه الكلمات؛ فإنّ لك بكلّ كلمة نصيباً من رحمة الله تعالى: السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله...».
الحادي عشر: روي عن أبي سعيد المدائني أنّه قال: أتيت الصادق× فسألته: أأذهب إلى زيارة قبر الحسين×؟ فأجاب: «بلى، اذهب إلى زيارة قبر الحسين× ابن رسول الله|، أطيب الطيّبين، وأطهر الطاهرين، وأحسن المحسنين. فإذا زرته فسبّح عند رأسه بتسبيح أمير المؤمنين× ألف مرّة، وسبّح عند رجليه بتسبيح الزهراء÷ ألف مرّة، ثمّ صلِّ عنده ركعتين تقرأ فيهما سورة يس والرحمن، فإذا فعلت ذلك كان لك أجر عظيم...».
الثاني عشر: أن يُصلّي الفرائض والنوافل عند قبر الإمام الحسين×؛ فإنّ الصلاة عنده مقبولة.
الثالث عشر: اعلم أنّ أهمّ الأعمال في روضة الإمام الحسين× الطاهرة هو الدعاء؛ فإنّ إجابة الدعاء تحت قبّته السامية هي ممّا خصّ الله بها الحسين× عوضاً عن الشهادة، فعلى الزائر أن يغتنم ذلك ولا يتوانى في التضرّع إلى الله تعالى، والإنابة والتوبة إليه وعرض الحوائج عليه.
الرابع عشر: من أعمال حرم الإمام الحسين× الصلاة عليه، فقد رُوي أنّك تقف خلف القبر عند كتفه الشريف وتُصلّي على النبي‘ وعلى الحسين صلوات الله عليه.
الخامس عشر: من أعمال هذه الروضة المنوّرة دعاء المظلوم على الظالم، أي ينبغي لمـَن بغى عليه باغٍ أن يدعو بهذا الدعاء في هذا الحرم الشريف، وهو ما أورده شيخ الطائفة& في (مصباح المتهجّد) في أعمال الجمعة، قال: ويُستحبّ أن يدعو بدعاء المظلوم عند قبر أبي عبد الله×... ثمّ تنكبّ على القبر وتقول: «مولاي، إمامي مظلوم استعدى على ظالمه النصر النصر...» حتى ينقطع النفس.
السادس عشر: من أعمال ذلك الحرم الشريف الدعاء الذي رواه ابن فهد& في (عدّة الداعي)، عن الإمام الصادق× أنّه قال: «مَن كان له إلى الله تعالى حاجة، فليقف عند رأس الحسين× ويقول: يا أبا عبد الله، أشهد أنّك تشهد مقامي وتسمع كلامي، وأنّك حيٌّ عند ربّك تُرزق، فاسأل ربّك وربّي في قضاء حوائجي»، فإنّه يقضي حاجته إن شاء الله تعالى.
السابع عشر: من جملة الأعمال في ذلك الحرم الشريف صلاة ركعتين عند الرأس المقدّس بسورة (الرحمن) وسورة (تبارك).
الثامن عشر: روى الشيخ الأجلّ الكامل أبو القاسم جعفر بن قولويه القمّي&،عن الصادق× أنّه قال: «إذا زرتم أبا عبد الله الحسين× فالزموا الصمت إلّا عن الخير، وإنّ ملائكة الليل والنهار من الحفظة يحضرون عند الملائكة الذين هم في الحائر ويصافحونهم، فلا يجيبهم ملائكة الحائر من شدّة البكاء، وهم أبداً يبكون ويندبون، لا يفترون إلّا عند الزوال وعند طلوع الفجر، فالحفظة ينتظرون حين يحين الظهر، أو يطلع الفجر فيكلمونهم ويسألونهم عن أُمور من السماء، وهم لا يمسكون عن الدعاء والبكاء فيما بين هاتين الفترتين».
التاسع عشر: قال السيّد ابن طاووس&: يُستحبّ للمرء إذا فرغ من زيارته× وأراد الخروج من الروضة المقدّسة أن ينكبّ على الضريح ويقبّله ويقول: «السلام عليك يا مولاي، السلام عليك يا حجّة الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا خالصة الله، السلام عليك يا قتيل الظماء، السلام عليك يا غريب الغرباء، السلام عليك سلام مودّعٍ لا سئمٍ ولا قالٍ، فإن أمضِ فلا عن ملالةٍ، وإن أقم فلا عن سوء ظنٍّ بما وعد الله الصابرين، لا جعله الله آخر العهد منّي لزيارتك، ورزقني الله العود إلى مشهدك، والمقام بفنائك، والقيام في حرمك، وإيّاه أسأل أن يسعدني بكم، ويجعلني معكم في الدنيا والآخرة»[3].
المحور الثاني: زيارة الإمام الحسين× وتعزيز الانتماء إليه
إنّ الإمام الحسين× خالد في ضمير الأجيال؛ لذا عندما نريد أن نتزوّد من سفرته الروحية عند قيامنا بزيارته×، علينا أن ننهل من نهضته وما تحمل من القيم العظيمة والمبادئ السامية ومن العِبر، ففيها ما يجب على محبّيه وأتباعه الاستنارة به ليس في العشرة الأُولى من المحرّم أو الأربعين يوماً التي بعدها، بل يجب أن يكون نصب أعينهم مدى الحياة، فالإمام مثال حيّ، وقدوة يهتدي بها الأجيال إلى ساحل النجاة، وهو سبيل السلامة، وسلوة المنكوبين والثكالى، ومعلّم الإنسانية في مواجهة الظلم والكفر والنفاق.
فالإمام الحسين× هو الذي حفظ هذا الدين، ولولاه لضاعت جهود النبي‘، وانتفى غرض البعثة، فكان الإمام الحسين× قرآناً ناطقاً يُستَلهم منه كلّ المعاني لمواكبة الحياة مع الحفاظ على المبادئ.
إنّنا نتعلّم من الحسين× ونغترف من قصاعه كلّ عام في شهري محرّم وصفر، ونتذوّق ثمرات بساتينه الوارفة، فهل تنتهي تلك الصور؟
كلّا، إنّها صور باقية ودائمة بدوام جذوة صاحبها، وما علينا إلّا أن نستقي وننهل منها على الدوام، وحينها سنُدرك أنّ الإمام الحسين× عطاء لا ينفد، وبحر لا ساحل له ولا قعر.
وهنا يمكننا أن نضع أيدينا على بعض جوانب العظمة في نهضته المباركة، لنكون من أتباعه وممّن يشعر بفخر الانتماء لذلك الإمام العظيم× وأهل بيته^، ومن هذه الجوانب المشرقة:
1. إنّه× انتخب الأصلح لحمل أمر الله} ورعاية الأُمّة، وحارب ـ مضحّياً بكلّ ما يملك ـ الظالم المستكبر السارق، وهذا ما يجب على الفرد المحبّ للإمام×، أي ينبغي له انتخاب الأصلح والأكفأ لبلده، بعيداً عن الشعارات والمسمّيات الزائفة والانتماءات والولاءات الخارجية.
2. إنّه× مثال للأُسرة القويمة، تلك الأُسرة التي تحبّ الخير لأفرادها ولمـَن حولها، وتؤدّي حقوقها بأكمل وجه، حقوق الأب والأُمّ، حقوق الأخ والأُخت، والزوجة والأولاد، وكيف يكون الفرد منها هو السند والظهر والأساس الداعم لها. وهذا ما جسّدته السيّدة زينب’ في مشوارها مع الإمام الحسين× وبعد استشهاده، فقد كانت مثال المرأة المتكاملة التي تحبّ، وتعطف، وتصبر، وتحترم، وتؤدّي ما عليها بأمانة وإخلاص.
فالفرد ـ في نظر الإمام الحسين× ـ هو مَن يكون للأولاد عوناً، وللبنات سنداً، وللزوجات قوّةً، وللأُمّهات والآباء محبّاً ومطيعاً؛ فالإمام الحسين× أغدق الحبّ والأمان على كلّ مَن حوله حتى الأعداء نالهم منه نصيب العطف والحبّ والدموع.
3. إنّه× مثّل قيم التسامح والحبّ بأبهى الصور، فقد مثّل قيم الحبّ والتضحية والإيثار وسط مجتمع أصحابه، وقد بان ذلك جليّاً ليلة عاشوراء وما سبقها، فلم يبخل بنصحه أعداءه بالرغم من علمه بأنّهم قاتلوه، وأنّهم لن يرحموا أصحابه ولا عياله من بعده. وقد ذُكر أنّه× بكى على أعدائه، وذلك وإن كان يحتاج إلى مزيد من التحقيق التأريخي، لكن يمكن تأويله بأنّه× إنّما بكى عليهم؛ لعدم انتفاعهم من فيض وجوده بينهم وهدايته لهم، وأنّه سيكون سبباً في دخولهم النار، فالإمام× كان يدعو لأعدائه الذين يحاربونه بالمغفرة. لذا؛ فلنزرع في قلوبنا مسامحة الآخرين، وأن نعفو فعلاً وقولاً.
بقي الإمام الحسين× وحيداً، تارةً ينظر إلى مخيم النساء؛ إذ بعد قليل سيصرن سبايا وهن بنات رسول الله‘، وأُخرى ينظر إلى القوم الذين أحاطوا به استعداداً لقتله، وهو يبكي؛ لأنّه يعلم أنّ محاربيه وقاتليه يدخلون النار بسبب ذلك. وكان× يعتذر للمسيئين قائلاً: «وحتى أعتذر إليكم من مقدمي عليكم». فهل رأيتم إنساناً يبكي على عدوّه الذي يظلمه؟! إنّ هذا لم يكن إلّا من الأنبياء[4].
4.إنّه× ألقى الحجّة؛ كي لا يبقى أحد على جهالة، أو يدّعي البعض بأنّه لم يعلم بأنّ الذي في كربلاء هو الإمام الحسين×، فنداؤه×: (ألا من ناصر ينصرنا، ألا من مغيث يُغيثنا)، نداء خالٍ من التكبّر، ويصدع القلوب، فهو نداء للجميع كي يكونوا على وعي وبصيرة من أمرهم قبل الإقدام على مقاتلته، فضلاً عن كونه نداءً يستنهض الرحمة والمودّة لذوي القربى ـ وهم أهل البيت^ ـ في نفوس أعدائهم؛ وطلب المساعدة بهذا النداء قد يزرع الثقة والمحبّة في نفس مَن تطلب منه ذلك وتسمعه الكلمة الطيبة.
5. إنّه× مثّل حبّ الله} قولاً وفعلاً، فالإمام الحسين× يُحبّ الدعاء والصلاة، وجسّد هذا الحبّ في يوم عاشوراء، في آخر لحظة من حياته الشريفة، حيث كان يلهج بذكر الله تعالى، وقد أقام الصلاة بأصحابه في أحلك الأوقات وأشدّها.
6. إنّه× دافع عن دينه وعقيدته، وخير شاهد على ذلك أنّه× في خروجه كان آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، ومرتدياً رداء الحقّ، وهذا ما صرّح به× بقوله: «وأنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي|»[5]. فمنه نستلهم العزيمة على قول الحقّ وإن كره أهل المنكر والظالمون ذلك.
7. إنّه× بيّن الحياة التي ينبغي أن يعيشها المؤمن، واختارها هو لنفسه، بقوله: «إنّه قد نزل من الأمر ما ترون، وإنّ الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت وأدبر معروفها واستمرّت، حتّى لم يبقَ منها إلّا صبابة كصبابة الإناء، وإلّا خسيس عيش كالكلأ الوبيل. ألا ترون أنّ الحقّ لا يُعمل به، والباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله؛ فإنّي لا أرى الموت إلّا سعادةً، والحياة مع الظالمين إلّا برماً»[6]. فالعيش الذي يرغب به المؤمن هو العيش بعزّة وإباء وكرامة، وعدم التذلّل للظالمين.
8. إنّه× يحبّ الفقراء والمساكين والمستضعفين، وقد جسّد الإمام× حبّ العطاء والمساعدة ومناصرة الضعيف.
9. إنّه× أعطى الله} كلّ شيء وبلا حدود، فأعطاه الله تعالى كلّ شيء، فقد صبر الإمام× على البلاء، وقدّم التضحيات التي لم ولن يشهد التأريخ بمثلها؛ حبّاً بخالقه وعبوديةً له؛ لذلك لا بدّ أن يكون عطاؤنا للحسين× بلا حدود حتى بمستوى الحبّ والولاء والتضحية.
10. إنّه× الرمز السرمدي في انتصار الحقّ على الباطل؛ فإنّ الله تعالى قدّر في الكون أن يكون فيه صراع بين الحقّ والباطل، وأنّ الأيّام تُتداول بين الناس، قال تعالى: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)[7]، وجعل لكلّ شيء ولكلّ نصر ولكلّ غلبة سبباً، فمن أخذ بأسباب النصر والغلبة فاز بهما. وإنّ من الأسباب التي لها أثر في النصر والهزيمة، وفي التقدّم والتأخّر، وفي التحضّر والتخلّف على مرّ التاريخ، الرموز والأشخاص، فالنصر لا ينزل من السماء دون أن يحمله رجال صدقوا ما عاهدوا الله تعالى عليه، وعلى قدر البذل والتضحية تكون النتيجة.
ولهذا؛ أولى القرآن الرموزَ والأشخاص عناية واهتماماً خاصّاً، سواء مَن كان لهم أثر إيجابي كالأنبياء والصالحين (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ)[8]، أم الذين لهم أثر سلبي كرؤوس الكفر والطغيان.
ومن هذا المنطلق؛ نرى أنّ في كلّ زمان يوجد صراع بين الحقّ والباطل، فكلّما وجد اتّجاه يمثّل يزيد وأعوانه وظلمهم، سنجد في المقابل مَن يمثّل الحسين× وأصحابه رضوان الله تعالى عليهم؛ فالحسين× رمز سرمدي للأجيال، ينقلهم إلى برّ الأمان وإلى رضا الله تبارك وتعالى. فنجد رجال الحقّ على مرّ السنين هم الذين انتهجوا نهج الإمام الحسين×، وهم المدافعون عن أوطانهم وكرامتهم وعقيدتهم، فقد جمع الإمام الحسين× في تضحيته وإبائه وشجاعته وإقدامه وصبره وتحمّله، حياة أصحاب الكساء الخمسة^، وهم خير خلق الله.
المحور الثالث: الانتماء للحسين× سبيل لتحقيق النجاة
إنّ الانتماء لسيّد الشهداء الإمام الحسين× ليس بالقول ولقلقة لسان فقط، وكذلك الانتماء لكربلاء ليس ادّعاءً فارغاً من المحتوى والمضمون، بل إنّه تبنٍ لرسالة وتحمّل لمسؤولية وولاء لمنهج. فعندما ننتمي للحسين بن علي÷ ويحكمنا طاغوت، فهذا يعني أنّ هنالك خللاً كبيراً في الفهم والوعي والإدراك لمعنى الولاء والانتماء، وأنّ هنالك إشكالاً في الاستيعاب، فكيف يمكن أن يجتمع الخير والشرّ في آن واحد[9]؟ قال الله: (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ)[10].
ونجد في روايات أهل البيت^ الواردة بشأن زيارة الإمام الحسين× تقييد الجزاء بقيد، وهو عبارة (عارفاً بحقّه) كما في الرواية التي ورد فيها: «حدّثنا حمزة بن محمد العلوي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن عُيينة بيّاع القصب، عن أبي عبد الله×، قال: مَن أتى الحسين× عارفاً بحقّه كتب الله تعالى له في أعلى علّيّين»[11].
فكيف نعرف حقّ الإمام الحسين×؟ فإنّ أصل الحبّ هو المعرفة، كما أنّ أصل الولاء هو المعرفة أيضاً، ولذلك يجب أوّلاً أن نعرف الإمام الحسين× لنواليه ونحبّه وننتمي إلى نهجه الرسالي بصدق ووعي وإخلاص؛ لتحقيق النجاة، ولا بدّ لذلك من شروط تتحقّق بها المعرفة، وهي:
أوّلاً: فهم الزيارة
إنّ لزيارة الإمام الحسين× معنىً عظيماً، يقف عليه الزائر من خلال فهم ما قام به الإمام الحسين× في واقعة الطفّ الخالدة، فقد فتح× باباً للجهاد سُمّي بـ: (الجهاد العاطفي) لم يفتح من قبل لا من قِبل نبي ولا معصوم قبله؛ فإنّ الإمام الحسين× فتحه وأصّله بتضحياته في كربلاء. وعلى هذا المستوى يجب أن نفهم أنّه× يسعى إلى تحقيق هدف يتناسب مع حجم هذه التضحيات، وإلّا ليس من المعقول أن يخرج بعياله وأهل بيته، ويقدّم بعضهم قرابين في سبيل الله تعالى، ويعرّض البعض الآخر منهم للسبي يُنقلون من بلد إلى بلد.
لذا؛ يجب أن نبحث عن الهدف الذي كان يروم الإمام الحسين× إلى تحقيقه بخروجه على التيار المادّي المتمثّل ببني أُمية، فإنّ ذلك المجتمع كان بعيداً ـ كلّ البعد ـ عن التعاليم الإلهية، غير مستسيغ لها؛ وذلك لأنّ ركائز الدين أو الإسلام الثلاث لم تكن متحقّقة فيه، وهي:
الأُولى: الدستور (القرآن الكريم).
الثانية: القائد الإلهي الذي يستنبط القوانين من المادّة الدستورية.
الثالثة: قناعة الأُمّة بالدستور، فإذا لم تحصل وتتحقّق لدى الأُمّة القناعة لا يُطبّق الدستور.
فمسألة تطبيق القانون الإلهي تنطلق من داخل وجدان المسلم، فمتى ما حصلت له القناعة من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها طُبّق الدستور، لكن إن انتفت وانعدمت تلك القناعة فيبقى القائد× ينتظرنا، فمتى ما تحقّقت عند الناس قناعة تامّة بأنّه هو المنقذ والمخلّص للبشرية من الأزمات والجور والظلم، عندها يأذن الله} له بالخروج لتطبيق الدستور الإلهي.
فالمجتمع في زمن الإمام الحسين× لم تكن لديه قناعة من جميع النواحي المتقدّمة، فأراد الإمام× أن يُقدّم الأصلح وينكر على السلطة أفعالها حتى وإن كانت نتيجة الإصلاح هي سفك دمه إذا لم يبايع يزيد عليه لعنة الله، ومن المستحيل أن يبقى هناك امتداد للإصلاح في حال بايع له.
إنّ الإمام الحسين× خرج من الدنيا جسداً، لكنّه بقي فيها روحاً ومنهجاً؛ لذلك اختار الله تعالى له قتلة لم يُقتل بها أحداً من بعده، قال×: «وخُيّر لي مصرع أنا لاقيه»[12]، فقد اختار× لقتله طريقة يستطيع من خلالها تحقيق أهدافه؛ إذ حقّق× أهدافه بعد مقتله، وهو× بهذه التضحيات دخل إلى قلوب جميع الناس على مختلف أهوائهم وأصنافهم ومعتقداتهم، ولم يُحدّد بالدين أو المذهب، فقد حرّك بنهضته المباركة الجانب الإنساني دون أن يُحدّد ذلك بدين معيّن أو مذهب خاصّ.
إنّ كثيراً من الناس دخل الإسلام من خلال الركب الحسيني، فقد استخدم الإمام× هذا اللون من الجهاد، الذي حول به السلاح إلى دمعة تُسقط عروش الظالمين، فهي بمثابة شفرة تذبح رقاب الطغاة شريطة أن تكون هذه الدمعة طريقاً إلى الوعي وليس سبباً لإلغائه.
نحن نعلم أنّ الدمعة لا يمكن أن تحصل وتُستدر إلّا بعد أن تتأثّر النفس وتتعاطف وتتفاعل مع الحدث، فحبّ الإمام الحسين× يتطلّب اجتناب التيار المادّي؛ لذا كان الإمام× ـ وهو العارف بمدخلات النفس ـ يستخدم كلّ وسيلة توصل إلى هذا الغرض، وهكذا أراد الأئمّة المعصومون^ منّا أن نعرف الإمام الحسين× عند زيارته.
ثانياً: الإيمان بأنّ قضية الإمام الحسين× مشروع إنساني عالمي
ينبغي فهم مشروع الإمام الحسين× بأنّه مشروع عالمي للبشرية جمعاء، لا يقتصر على فئة معيّنة، ولا يختصّ بطائفة من الطوائف، فليس هو مشروعاً شيعياً أو عربياً أو إسلامياً فقط، وإنّما مشروع كبير كمشروع جدّه رسول الله| حينما قال: «حسين منّي وأنا من حسين، أحبّ الله مَن أحبّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط»[13].
وحسب المقولة المشهور بين المؤمنين: «الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء»، يكون مشروعه× مشروع إصلاح عالمي.
ثالثاً: دراسة أهداف الإمام الحسين× من خلال المعاني المكتنزة في زيارته
حثّ الناس على استلهام روح البطولة والتصميم للحفاظ على المبدأ.
تعلّم الصبر على النوائب، وأنّ كلّ ما يُقدَّم لله تعالى وللهدف الإلهي هو هين ورخيص بالنسبة له. فالإمام الحسين× سيّد شباب أهل الجنّة وريحانة رسول الله|، وقد قدّم تلك التضحيات واعتبرها قليلة بالقياس لعظمة الله تعالى؛ لذلك كلّ ما نقدّمه له× فهو قليل.
التحدّي الواضح للحكم المادّي والطاغوتي إلى قيام
الساعة، وإشعاره بأنّ الإمام الحسين× خالد رغم أنوف الطغاة، ويعزّز ذلك نصرتنا له
وانتماؤنا إليه.
أمّا الهدف الذي يسعى إليه الأعداء ـ وهو إبادة الشريعة المحمدية ـ فسنواجهه مهما
كانت التضحيات دفاعاً عن هذه الشريعة المقدّسة.
خلق روح الوحدة بين أتباع أهل البيت^ على مختلف بلدانهم ومدنهم وتباعدها، وهذا الاجتماع يولّد إحباطاً للتيار المادّي، ويشعره في داخله بالفشل، وكلّما ازداد التجاذب وقويت الأواصر وكبرت الوحدة بينهم، كلّما ازداد سرور الإمام الحسين× وآله وأتباعهم، ويكون هذا السرور مساوياً للألم والفشل الذي يُحدثه زائر الحسين بالتيار المادّي المعادي للقيم والمبادئ الإنسانية.
إنّ
هذه المراسم تُساهم في دخول غير المسلمين في الإسلام؛ لأنّهم عندما يرون هذه
الملايين من الناس يشرعون بالتساؤل عن مبادى الحسين× ومعطيات نهضته، فلا بدّ أن
يكون الجواب بدرجة من الوعي يفهم السائل بأنّ الحسين× مشعلاً لكلّ الناس، ومن
مصاديق ذلك قول الكاتب المسيحي انطوان بارا:
إنّ شعيرة المشي على الأقدام إلى قبر الإمام الحسين× تطهير للنفوس، وتذويب للفوارق
الطبقية كما هي شعيرة الحج[14].
وأجمل ما قاله عن الإمام الحسين×: «لو كان الحسين منّا لنشرنا له في كلّ أرض راية، ولأقمنا له في كلّ أرض منبراً، ولدعونا الناس إلى المسيحية باسم الحسين»[15].
رابعاً: زيارة الإمام الحسين× عبادة
ينبغي لنا أن نعرف بأنّ زيارة الإمام الحسين× هي عبادة لله تعالى حالها حال الآداب الإسلامية الأُخرى التي ندب الشرع إليها وحثّ على فعلها؛ فإنّ العبادات تتفاوت من حيث الأهمّية والأثر، فالمستحبّات ليست على درجة واحدة من الأهمّية، فبعضها قد يكون أهمّ من الواجبات في ظرف ما.
وزيارة الإمام الحسين× من هذا القبيل؛ فهي تنحصر في صورة ما يُسمّيه علماء الأُصول (إنّ ملاك المستحبّ أهمّ من ملاك الواجب)، كما لو كانت زيارة الإمام× في وقت خاصّ فيها إعزاز للدين وفات معها وقت عملٍ واجب؛ لذا نجد الكثير من الناس في مثل هذا الظرف يترك عمله ويتوجّه للخدمة الحسينية والزيارة، فهذا أحد ملاكات تقديم الزيارة على غيرها؛ ولهذا فرضت الروايات الشريفة الزيارة على كلّ مَن أقرّ للإمام الحسين× بالإمامة، وهذا شعور للزائر بالانتماء له×، فعن الإمام أبي جعفر الباقر× قال: «... وإتيانه مفترض على كلّ مؤمن يقرّ للحسين بالإمامة من الله»[16].
المحور الرابع: دور آثار زيارة الحسين× في تعزيز الانتماء إليه
إنّ لزيارة الحسين× آثاراً عديدة على الزائر في الدنيا والآخرة، وعلى كافّة الأصعدة النفسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية، وسوف نسلّط الضوء على ما يتجلّى منه دور واضح في تقوية الارتباط به×، وتعزيز الشعور بالانتماء إليه، مستندين في ذلك إلى كلمات الأئمّة المعصومين^ في المقام:
أوّلاً: الأثر العرفاني
وهو الانجذاب نحو معدن القدس والطهارة؛ إذ يقول أمير المؤمنين× في المناجاة الشعبانية: «... حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور، فتصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحنا معلّقة بعزّ قدسك»[17]. وهو أن تنجذب إلى الله}، فلا تفكّر في غيره، ولا يشغل بالك شيء إلّا رضاه، فتترك الدنيا وزخرفها، كما قال أمير المؤمنين×: «ما رأيت شيئاً إلّا ورأيت الله قبله وبعده ومعه وفيه»[18].
فالانجذاب إلى الله هو الأثر العرفاني للعبادة الناتجة عن معرفة، فقد روي عن أمير المؤمنين× أنّه قال: «المتعبّد على غير فقه كحمار الطاحونة يدور ولا يبرح...»[19].
وزيارة الإمام الحسين× عبادة وشعيرة للوصول إلى قرب الله تبارك وتعالى، فهو× المعصوم الذي فتح باباً أسماه الجهاد العاطفي ـ كما ذكرنا سابقاً ـ في تفعيل الدمعة وتحويلها إلى سلاح ضدّ الأعداء، وأنّ أشدّ الأعداء هو النفس الأمّارة بالسوء، كما في قول رسول الله|: «أعدى عدوّك نفسك التي بين جنبيك»[20].
إنّ هذا اللون من الجهاد أفضل ما يرقّق القلوب ويليّنها، فقد روي في الحديث عنه| وقد سُئل: أين الله؟ فأجاب: «عند المنكسرة قلوبهم»[21]. وهذا ما تحقّقه زيارة الإمام الحسين×؛ حيث يُكتب الزائر في أعلى علّيين كما ورد في الرواية عن أبي عبد الله×، قال: «مَن أتى الحسين× عارفاً بحقّه كتب الله له في أعلى علّيين»[22].
ثانياً: الأثر السلوكي
زيارة الإمام الحسين× طريق للتوبة، وكلّ إنسان يحتاج لها، ولكن كيف تتحقّق التوبة؟ وكيف نصل إليها؟
الإجابة عن ذلك في قول أمير المؤمنين×: «أن تُذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية»[23]. ومَن تذوّق ألم الطاعة وصل إلى التوبة؛ ولذا ورد في الحديث القدسي: «لأنين المذنبين أحبّ إليّ من زجل المسبّحين»[24].
وفي بعض الأوقات تتحوّل الذنوب التي اقترفها الإنسان بعد الاستغفار إلى سُلّم للتكامل وإلى منصّة انطلاق إلى عوالم أُخرى؛ وذلك لأنّ هذا الإنسان الذي عاد وعنده ذنوب يصبح عنده حالة من الخجل من الله تعالى، وهذه الحالة لا تُقدّر بثمن؛ ومن هنا ورد أنّ زيارة الإمام الحسين× تمحو الذنوب والمعاصي وتحطّها، ولكن بشروطها، فقد ورد في الرواية عن أبي عبد الله× في زيارة الحسين× مخاطباً معاوية بن وهب: «يا معاوية، لا تدع زيارة قبر الحسين... أما تُحبّ أن تكون ممّن ينقلب بالمغفرة لما مضى، ويُغفر لك ذنوب سبعين سنةً؟ أما تُحبّ أن تكون ممّن يخرج من الدنيا وليس عليه ذنب يُتبع به؟ أما تُحبّ أن تكون غداً ممّن يُصافحه رسول الله|؟»[25].
وورد عن الإمام الصادق× أنّه قال أيضاً: «إنّ الرجل ليخرج إلى قبر الحسين× فله إذا خرج من أهله بأوّل خطوة مغفرة ذنوبه، ثمّ لم يزل يُقدس بكلّ خطوة حتى يأتيه، فإذا أتاه ناجاه الله تعالى فقال: عبدي سلني أعطك، ادعني أجبك، اطلب منّي أعطك، سلني حاجةً أقضها لك. قال: وقال أبو عبد الله×: وحقّ على الله أن يُعطي ما بذل»[26].
وعنه× كذلك: «مَن أراد أن يكون في كرامة الله يوم القيامة، وفي شفاعة محمد|، فليكن للحسين زائراً ينال من الله أفضل الكرامة وحسن الثواب، ولا يسأله عن ذنب عمله في حياة الدنيا ولو كانت ذنوبه عدد رمل عالج وجبال تهامة وزبد البحر؛ إنّ الحسين بن علي‘ قُتل مظلوماً مضطهداً نفسه عطشاناً هو وأهل بيته وأصحابه»[27].
وعن علي بن ميمون الصائغ، عن أبي عبد الله×، قال: «يا علي، زُر الحسين ولا تدعه. قال: قلت: ما لمـَن أتاه من الثواب؟ قال: مَن أتاه ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة حسنة، ومحا عنه سيئة، ورفع له درجة، فإذا أتاه وكّل الله به ملكين يكتبان ما خرج من فيه من خير، ولا يكتبان ما يخرج من فيه من شرّ ولا غير ذلك، فإذا انصرف ودّعوه وقالوا: يا ولي الله، مغفوراً لك، أنت من حزب الله وحزب رسوله وحزب أهل بيت رسوله، والله لا ترى النار بعينك أبداً، ولا تراك ولا تطعمك أبداً»[28].
فالزائر يأتي الإمام الحسين× تائباً مستغفراً معترفاً مقرّاً بذنوبه؛ لأنّ الإمام الحسين× باب من أبواب التوبة، وعطاؤه للزائر بلا حدود، حتى أنّ أيّام زائري الحسين× لا تُعدّ من أعمارهم، فعن الإمام الرضا×، عن أبيه، قال: «قال الإمام الصادق×: إنّ أيّام زائري الحسين بن علي‘ لا تُعدّ من آجالهم»[29]. فيكون الزائر خجلاً أمام هذا العطاء، وهذه المنح الإلهية العظيمة لزائريه ومحبّيه.
ثالثاً: الأثر الاجتماعي
إنّ زيارة الإمام الحسين× فيها إعزاز الدين؛ إذ نجد الكثيرين من الناس يتركون أعمالهم ويتوجّهون لزيارة الإمام الحسين× وخدمة زوّاه، فتذوب العناوين في طريق الحسين×، ولا يبقى إلّا عنوان واحد وهو عنوان الحسين×. يلتقي في هذا الطريق المسلم المؤمن بقضية الحسين×، وغير المسلم الذي لا يؤمن بها لكنّه يتفاعل معها؛ لأنّها قضية إنسانية.
ولزيارة الإمام الحسين× خاصّية نقل الصفات الحميدة والأخلاق الحسينية بين نفوس الزائرين، من الإيثار والتضحية وبذل الغالي والنفيس من أجل إبقاء كلمة الله تعالى عالية. والكلّ ينال كرامة من الله تعالى، كما ورد في الرواية عن عبد الله الطحّان، عن أبي عبد الله×، أنّه قال: «سمعته وهو يقول: ما من أحد يوم القيامة إلّا وهو يتمنّى أنّه زار الحسين بن علي’؛ لما يرى لما يُصنع بزوّار الحسين بن علي من كرامتهم على الله»[30].
وعنه× أيضاً قال: «مَن سرّه أن يكون على موائد النور يوم القيامة، فليكن من زوّار الحسين بن علي×»[31].
وهذا هو الكرم الحسيني في عالم الآخرة، بالإضافة إلى ما يناله من كرامة ورفعة في الدنيا.
رابعاً: الأثر التربوي
إنّ العبادة بذاتها تخلق توازناً وسلاماً داخلياً، ولكن كيف تنتج ذلك؟
إنّ إحدى الطبائع الإنسان أنّه يخاف؛ لأنّ الخوف أمر غريزي فيه، قال تعالى: (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا)[32]، يخاف المرض، ويخاف المجهول، ويخاف الفوت، و...هذه الغريزة تجعل الإنسان غير متوازن ومضطرب، وهنا يأتي دور العبادة، فهي تزرع في قلب الانسان الطمأنينة والسلام، قال تعالى: (...أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)[33].
إنّ زيارة الإمام الحسين× من الشعائر التي حثّ الشارع المقدّس على إحيائها؛ لأنّ فيها إحياءً للنفوس وأماناً لها من الخوف في الدنيا والآخرة، فقد ورد في الرواية أنّ زيارة الحسين× أمان، ويكون الله تعالى هو الحافظ للزائر، روى عبد الله بن هلال، عن أبي عبد الله×، قال: «قلتُ: جُعلت فداك، ما أدنى ما لزائر قبر الحسين×؟ فقال لي: يا عبد الله، إنّ أدنى ما يكون له أنّ الله يحوطه في نفسه وأهله حتى يردّه إلى أهله، فإذا كان يوم القيامة كان الله الحافظ له»[34].
كما أنّ الزائر تكون منزلته في الجنّة، وهي مجاورة رسول الله| وعليّ وفاطمة÷، فعن أبي خالد ذي الشامة، قال: «حدّثني أبو أُسامة، قال: سمعتُ أبا عبد الله× يقول: مَن أراد أن يكون في جوار نبيّه| وجوار عليّ وفاطمة، فلا يدع زيارة الحسين بن علي’»[35].
وهو ممّن يدخل الجنّة قبل الناس، كما عن عبيد بن زرارة، قال: «سمعت أبا عبد الله× يقول: إنّ لزوّار الحسين بن علي× يوم القيامة فضلاً على الناس. قلتُ: وما فضلهم؟ قال: يدخلون الجنّة قبل الناس بأربعين عاماً وسائر الناس في الحساب والموقف»[36].
ويكون كمَن زار الله تعالى في عرشه، فعن زيد الشحّام،
قال: «قلتُ لأبي
عبد الله×: ما لمـَن زار قبر الحسين×؟ قال: كان كمَن زار الله في
عرشه...»[37].
ويُزاد في عمره ورزقه، كما عن الإمام الباقر×، قال: «مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين×؛ فإنّ إتيانه يزيد في الرزق، ويمدّ في العمر، ويدفع مدافع السوء، وإتيانه مفترض على كلّ مؤمن يقرّ للحسين بالإمامة من الله»[38].
وعن عبد الملك الخثعمي، عن أبي عبد الله×، قال: قال لي: «يا
عبد الملك،
لا تدع زيارة الحسين بن علي’، ومرّ أصحابك بذلك، يمدّ الله في عمرك، ويزيد الله في
رزقك، ويحييك الله سعيداً، ولا تموت إلّا سعيداً، ويكتبك سعيداً»[39].
وعن منصور بن حازم، قال: سمعناه يقول: «مَن أتى عليه حول لم يأتِ قبر الحسين× أنقص الله من عمره حولاً، ولو قلت: إنّ أحدكم ليموت قبل أجله بثلاثين سنة لكنت صادقاً؛ وذلك لأنّكم تتركون زيارة الحسين×، فلا تدعوا زيارته يمدّ الله في أعماركم، ويزيد في أرزاقكم، وإذا تركتم زيارته نقص الله من أعماركم وأرزاقكم، فتنافسوا في زيارته، ولا تدعوا ذلك؛ فإنّ الحسين شاهد لكم في ذلك عند الله، وعند رسوله، وعند أمير المؤمنين، وعند فاطمة^»[40].
ويُنفّس بالزيارة كرب الزائر وتُقضى بها حوائجه، فعن الإمام الصادق× قال: «إنّ إلى جانبكم لقبراً ما أتاه مكروب إلّا نفّس الله كربته، وقضى حاجته»[41].
وفي (جامع الأخبار): «إنّ الله تعالى يخلق من عرق زوّار قبر الحسين× من كلّ عرقة سبعين ألف ملك، يسبحون الله، ويستغفرون له ولزوّار الحسين× إلى أن تقوم الساعة»[42].
ومن الآثار الأُخرى المترتّبة على زيارة المولى أبي عبد الله×، والمؤدّية إلى تعزيز الانتماء إليه×، هي كونه شافعاً لزوّاره، فعن الإمام الصادق× قال: «إنّ الله تبارك وتعالى يتجلّى لزوّار قبر الحسين× قبل أهل عرفات، ويقضي حوائجهم، ويغفر ذنوبهم، ويشفّعهم في مسائلهم، ثمّ يثنّي بأهل عرفات فيفعل بهم ذلك»[43].
ومن الآثار كذلك تشييع الملائكة الباكين على الحسين× للزائر عند رجوعه من زيارته قبر المولى أبي عبد الله× وعند موته، روي عن الإمام الباقر× أنّه قال: «أربعة آلاف ملك شعث غبر، يبكون الحسين× إلى أن تقوم الساعة، فلا يأتيه أحد إلّا استقبلوه، ولا يرجع أحد إلّا شيّعوه، ولا يمرض إلّا عادوه، ولا يموت إلّا شيّعوه»[44].
وبعد هذا كلّه يزول الخوف والظلام، ويحلّ النور والسلام؛ ولأجل هذا يقوى انتماؤنا للحسين×، ويفرض علينا أن نكون من العاملين الصادقين المخلصين، والمجاهدين للنفس، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وأن نكون الأُمناء، وأن نواجه الباطل، وندافع عن المؤمنين، ونحمل الإسلام في قلوبنا كما حمله الحسين× وأهل بيته^.
الخاتمة
1ـ النتائج
وبعد هذه الجولة الروحانية في الأجواء الإلهية لزيارة الإمام الحسين×، والاستظلال بظل عرش زيارته، ومعرفة المراد من الانتماء إليه×، يمكن للباحث استخلاص النتائج التالية:
إنّ أهدافاً ومعاني كبيرة وقيماً سامية وراء زيارة هذا الإمام العظيم× لا بدّ من تحقيقها ممّن عرفها وخبرها، وإنّ مَن لم يتلمّسها فعليه البحث عنها؛ ليعيشها في حياته، مكرّساً كلّ ذلك لنيل رضوان الله تعالى الذي هو غاية الأهداف وأسماها. وإنّ تلك القيم والمعاني بلغت درجة تستحقّ أن يُضحي من أجلها حجّة الله تعالى في أرضه بنفسه ونفوس أبنائه وإخوته وأصحابه.
إنّ العطاء الذي يناله المضحّي في سبيل تلك المبادئ لا حدّ له، فها هو الحسين× خالد، قد تربّع في قلوب الناس سواء المؤمنون أم غيرهم، بحيث لم يتوانَ محبّوه عن بذل الغالي والنفيس في سبيله. ويتبيّن أيضاً الدرجة العالية التي نالها أبو عبد الله× ومَن معه نتيجة الإخلاص لله تعالى.
الشعور بالانتماء للحسين× لا بدّ أن يكون نابعاً من عقيدة قلبية؛ فإنّ صعوبة التكامل في عالم الدنيا تكمن في عدم قدرة الإنسان على تحويل المعلومة الذهنية إلى عقيدة قلبية، فقد يمتلك كمّاً هائلاً من المعلومات والمفاهيم الصحيحة، إلّا أنّه لا يستطيع أن يترجمها إلى شحنة وثورة دافعة في أعماق نفسه تحرّكه نحو الكمال؛ ولهذا لا يجد لتلك المفاهيم والمعلومات سبباً محرّكاً لإرادته وعزيمته نحو الكمال، فتكون كالأسفار المحمولة التي ذكرها القرآن الكريم.
وهناك طرق لتحويل تلك المفاهيم والمعلومات إلى عقيدة راسخة، منها العيش ضمن الأجواء المحفزّة لها، ومن أفضل تلك الأجواء زيارة الحسين× وتحويل الدمعة التي تُسكب على مصابه إلى سلاح، بعد ذلك يفهم الزائر معنى تضحيات الإمام الحسين× العظيمة فيعيش مع أهدافها، وحينئذٍ يستنشق عبير الانتماء كعقيدة قلبية.
الإمام الحسين× امتداد لجدّه وأبيه وأُمّه وأخيه^، فهم جميعاً حزمة واحدة، وهم الدين كلّه، وبالتالي فعلى الزائر أن يفهم بأنّه لا تبعيض في الدين.
حتى تكون زيارة الحسين× عبادة وشعيرة حيّة، فلا بدّ من تأديتها كما أرادها المعصومون^.
الحسين× ليس مشروعاً إقليمياً ولا طائفياً، بل هو مشروع إنساني عالمي، ويترتّب على هذا حمل مسؤولية التعريف بالإمام الحسين× كمدرسة ومشروع محبّة وسلام، حمله من أرض كربلاء، والانطلاق به إلى العالم أجمع.
انفرد الإمام الحسين× بفتح باب للجهاد أسماه (الجهاد العاطفي)، فهو بتضحياته وعطائه اللامحدود تجلّت عظمته للعيان، حيث دخل من هذا الباب كلّ مَن يعيش إنسانيّته واستبصر عظمته التي جاءت من تفانيه في ذات الله.
2ـ التوصيات
لضمان الاستفادة من هذا الإمام العظيم× ونهضته وزيارته والانتماء إليه لا بدّ للمجتمع من أُمور:
تحقيق المعاني والقيم التي ضحّى من أجلها الحسين× بعد التعريف بماهيّتها كي تكون واضحة جلية لجميع مَن أراد أن ينهل منها، ويقع هذا على عاتق كلّ مَن تصدّى لبيان نهضته المباركة والتبليغ عنها.
التصدّي لكلّ المحاولات التي من شأنها تشويه صور تلك القيم والمبادئ وتحريف مفاهيمها أو تطبيقاتها، وإيجاد المعادل الموضوعي الذي لا يسمح بهذه الانحرافات.
إنشاء المؤسّسات والمراكز والمواكب الواعية، ودعم الخطباء الواعين القادرين على إدارة الزخم المليوني في زيارته× إعلامياً.
المصادر والمراجع
* القرآن الكريم.
1. إقبال الأعمال، على بن موسى المعروف بالسيّد ابن طاووس (ت664هـ)، دار الكتب الإسلامية، طهران ـ إيران، 1409هـ.
2. بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، محمد باقر المجلسي (ت1111هـ)، تحقيق: محمد مهدي السيّد حسن الموسوي الخرسان، والسيّد إبراهيم الميانجي، ومحمد باقر البهبودي، الناشر: مؤسّسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1403هـ/1983م.
3. بنور فاطمة اهتديت، عبد المنعم حسن، الطبعة الأُولى، ١٤١٩هـ/١٩٩٨م.
4.
تهذيب الأحكام، أبو ﺟﻌﻔﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ
ﺍﻟﻄﻮﺳﻲ
(ت ٤٦٠هـ)، تحقيق: السيّد حسن الموسوي الخرسان، الطبعة الثالثة، ١٣٦٤هـ.ش.
5. ثواب الأعمال و عقاب الأعمال، محمد بن علي بن بابويه الصدوق (ت381هـ)، دار الشريف الراضي للنشر، قم المقدّسة ـ إيران، 1406هـ.
6. ثورة الحسين في الواقع التاريخي والوجدان الشعبي، الشيخ محمد مهدي شمس الدين، مطبعة الآداب.
7. جامع أحاديث الشيعة في أحكام الشريعة، السيّد حسين البروجردي، الحاج الشيخ إسماعيل المعزي، مطبعة مهر، قم المقدّسة ـ إيران، 1373هـ ش/1415هـ ق.
8. الجامع الكبير (سنن الترمذي)، أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي (ت ٢٧٩هـ)، تحقيق وتخريج وتعليق: بشّار عوّاد معروف، دار الغرب الإسلامي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، ١٩٩٦م.
9.
روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني،
شهاب الدين محمود بن
عبد الله الحسيني الآلوسي (ت١٢٧٠هـ)، تحقيق: علي عبد الباري عطية، دار الكتب
العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، ١٤١٥هـ.
10. الكافي، الشيخ محمد بن يعقوب الكليني (ت ٣٢٩هـ)، تحقيق وتصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الطبعة الخامسة، ١٣٦٣هـ.ش.
11. كامل الزيارات، أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمّي (ت386هـ)، تحقيق: الشيخ جواد القيّومي،ولجنة التحقيق، مؤسّسة نشر الفقاهة، الطبعة الأُولى، 1417هـ.
12. مثير الأحزان، جعفر بن هبة الله ابن نما الحلّي (ت ٦٤٥هـ)، تحقيق: مؤسّسة المهدي#.
13. مجالس عاشوراء، كاظم× حمد الأحسائي النجفي، دار البلاغ للصحافة والطباعة والنشر، 2007م.
14. مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، الحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي (ت1320هـ)، تحقيق: مؤسّسة آل البيت^لإحياء التراث، قم المقدّسة ـ إيران.
15. مسند الإمام علي×، رتّبه وجمعه: الشيخ عزيز الله العطاردي.
16. ﻣﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﻤﺘﻬﺠّﺪ، ﺃﺑو ﺟﻌﻔﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ الشيخ ﺍﻟﻄﻮﺳﻲ (ت 460هـ)، مؤسّسة فقه الشيعة، بيروت ـ لبنان، 1411هـ / 1991م.
17. مفاتيح الجنان، الشيخ عبّاس القمّي.
18. ميزان الحكمة، محمد الريشهري، تحقيق: دار الحديث، الطبعة الأُولى.
19. النور المبين في شرح زيارة الأربعين، الشيخ مهدي تاج الدين.
20. المواقع الإلكترونية
21. ضوابط الانتماء لسيّد الشهداء، موقع الإمام الشيرازي:
22. http://www.alshirazi.com/world/article/2012/192.htm.
23. كتابات في الميزان، الكاتب انطوان بارا يشارك في الزحف المليوني كربلاء:
24. https://www.kitabat.info/subject.php.
[1] اُنظر: شمس الدين، مهدي، ثورة الحسين في الوجدان الشعبي: ص٦٠ـ٦٢.
[2] اُنظر: المصدر السابق: ص٦٥.
[3][3] للوقوف على أكثر من التفاصيل التي ذكرناها في هذا الشأن، اُنظر: القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص609ـ 621، باب الزيارات، آداب زيارة أبي عبد الله الحسين×.
[4] اُنظر: عبد المنعم حسن، بنور فاطمة اهتديت: ص٢٠1.
[5] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص329.
[6] المصدر السابق: ص192.
[7] آل عمران: الآية140.
[8] الأنعام: الآية٩٠.
[10] الأحزاب: الآية4.
[11] الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: ص٨٥.
[12] ابن نما الحلّي، جعفر بن هبة الله، مثير الأحزان: ص٤١.
[13] الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي: ج2، ص307.
[14] يُنظر: كتابات في الميزان، الكاتب انطوان بارا مع شخصيات مهمّة من الكويت يشاركون في الزحف المليوني إلى كربلاء.
https://www.kitabat.info/subject.php.
[16] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص284.
[17] ابن طاووس، علي بن موسى، إقبال الأعمال: ج٢، ص٦٨٧.
[18] القبانجي، السيّد حسن، مسند الإمام علي×: ج1، ص150.
[19] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج1، ص208.
[20] الريشهري، محمد، ميزان الحكمة: ج٣، ص١٨٤٨.
[21] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج70، ص157، ح3.
[22] الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص85.
[23] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج٢، ص٤٣٠.
[24] الآلوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني: ج١٥، ص٤١٩.
[25] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص117.
[26] المصدر السابق: ص٢٥٣ـ 254 .
[27] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص27.
[28] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص256.
[29] الطوسي، محمد بن الحسن، التهذيب: ج6، ص36.
[30] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، الوسائل: ج14، ص424.
[31] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص72.
[32] المعارج: الآية19.
[33] الرعد: الآية28.
[34] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص٧٨ .
[35] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص260.
[36] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص26.
[37] النوري، حسين، مستدرك الوسائل: ج10، ص115.
[38] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص284.
[39] المصدر السابق: ص286.
[40] المصدر السابق: ص285.
[41] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص45.
[42] البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة:ج١٢، ص٣٧٧.
[43] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص497.
[44] تاج الدين، الشيخ مهدي، النور المبين في شرح زيارة الأربعين: ص22.