المقدّمة

وردت روايات متعدّدة في ثواب زيارة المولى أبي عبد الله الحسين× تصل إلى حدّ التواتر، بل وفوق حدّ التواتر، ومن الطبيعي أنّ كلّ عبادة من العبادات لها ثواب معيّن، ومَن يضع ذلك الثواب هو ربّ العزّة والجلال، ومع العلم بأنّ الله تعالى حكيم وعليم؛ فإنّه لن يدعو العباد إلى شيء إلّا بمقدار ما له من الأهمّية، ومقدار الثواب المعطى إنّما يتلاءم مع أهمّية تلك العبادة.

وربّما يتساءل المؤمن، أو ينكر المخالف حينما يرى المقدار الكبير ـ المبالغ فيه ـ من الثواب لمـَن زار الإمام الحسين× ـ كما يأتي إن شاء الله تعالى ـ وهذا ما يدعونا لتحليل هذه العبادة، وكيف يمكن أن يكون ثوابها أعظم من كثير من العبادات الثابتة، كالحجّ الذي هو من أركان الدين.

ويبدو أنّ هذه المسألة طُرحت في عصر النصّ أيضاً، فعن عن ذريح المحاربي، قال: «قلت لأبي عبد الله×: ما ألقى من قومي ومن بنيّ إذا أنا أخبرتهم بما في إتيان قبر الحسين× من الخير أنّهم يكذّبوني، ويقولون: إنّك تكذب على جعفر بن محمد.

قال: يا ذريح، دع الناس يذهبون حيث شاؤوا. والله، إنّ الله ليباهي بزائر الحسين، والوافد يفده الملائكة المقرّبون، وحملة عرشه، حتّى أنّه ليقول لهم: أما ترون زوّار قبر الحسين أتوه شوقاً إليه، وإلى فاطمة بنت رسول الله؟ أما وعزّتي وجلالي وعظمتي، لأُوجبنّ لهم كرامتي، ولأُدخلنّهم جنّتي التي أعددتها لأوليائي ولأنبيائي ورسلي.

يا ملائكتي، هؤلاء زوّار الحسين، حبيب محمد رسولي، ومحمد حبيبي، ومَن أحبّني أحبّ حبيبي، ومَن أحبّ حبيبي أحبّ مَن يُحبّه، ومَن أبغض حبيبي أبغضني، ومَن أبغضني كان حقاً عليّ أن أُعذّبه بأشدّ عذابي، وأُحرقه بحرّ ناري، وأجعل جهنّم مسكنه ومأواه، وأُعذّبه عذاباً لا أُعذّبه أحداً من العالمين»^{^[1]}.

فهل هذه الروايات موضوعة من قِبل بعض المغالين مثلاً للترغيب في الزيارة، أم أنّ هذا الثواب المعطى ليس على نحو الحقيقة، أم أنّ هذه الزيارة فعلاً هي أهمّ من كثير أو أكثر العبادات الواردة في الشريعة؟

وبعبارة أُخرى: كيف يتلاءم مقدار الثواب العظيم مع مجرّد زيارة لا تقتضي إلّا مقداراً من الوقت والجهد والمال؟ فإنّ العقل والمنطق يرفضان ذلك، من جهتين:

الأُولى: أنّ هذا الثواب خارج عن المنطق العقلائي في ضرورة التناسب بين العمل وبين مقدار الثواب.

الثانية: أنّ هذا الثواب يؤدّي بالإنسان إلى العزوف عن بقية العبادات الأُخرى، أو عدم إعطائها حقّها المطلوب، وهذا لا يتوافق مع المصلحة العامّة للدين، والغرض الذي من أجله شُرّعت هذه العبادات.

وللجواب عن ذلك نحتاج إلى أن نذكر عدّة مباحث:

المبحث الأوّل: مقدار ما ورد من الثواب في زيارة الإمام الحسين×

لا بدّ أوّلاً من بيان مقدار ما ورد من ثواب لزيارة قبر المولى أبي عبد الله الحسين×، والروايات الناصّة على الثواب إجمالاً أو تفصيلاً كثيرة جدّاً، وفي موارد متعدّدة، ولأزمان مختلفة، وسوف نقتصر على ذكر بعض ذلك الثواب، مع الاقتصار على اللفظ الذي يذكر مقدار الثواب دون ذكر الرواية كاملة، أو اسم المعصوم المروية عنه؛ لأنّ ما ورد يصعب حصره في هذا البحث المختصر، وسوف نكتفي بالنقل عن كتاب (كامل الزيارات):

فممّا ورد أنّ لمـَن أتى قبر الحسين×: «الجنّة إن كان يأتمّ به»^{^[2]}، «وحرّم لحمه على النار»^{^[3]}، «ويغفر له ذنوب خمسين سنة، ويرجع إلى أهله وما عليه وزر ولا خطيئة إلّا وقد محيت من صحيفته»^{^[4]}.

وورد في ثواب خطوات الزائر: «كتب الله له بكلّ خطوة حسنة، ومحا عنه سيئة»^{^[5]}. وفي رواية ثانية: «كتب الله له بكلّ خطوة ألف حسنة، ومحا عنه ألف سيئة، ورفع له ألف درجة»^{^[6]}. وفي رواية ثالثة: «كتب الله له بكلّ قدم يرفعها ويضعها عتق رقبة من ولد إسماعيل»^{^[7]}. وفي رابعة: «فله إذا خرج من أهله بأوّل خطوة مغفرة ذنوبه، ثمّ لم يزل يقدّس بكلّ خطوة حتّى يأتيه»^{^[8]}.

وعن الصادق×: «إنّ لله ملائكة موكّلين بقبر الحسين×، فإذا همّ بزيارته الرجل أعطاهم الله ذنوبه، فإذا خطا محوها، ثمّ إذا خطا ضاعفوا له حسناته، فما تزال حسناته تُضاعف حتى توجب له الجنّة»^{^[9]}.

وفي منصرفه: «فإذا انصرف [الزائر] ودّعوه [الملائكة] وقالوا: يا وليّ الله، مغفوراً لك، أنت من حزب الله، وحزب رسوله، وحزب أهل بيت رسوله، والله لا ترى النار بعينك أبداً، ولا تراك، ولا تطعمك أبداً»^{^[10]}.

و«إنّ أيّام زائري الحسين× لا تُحسب من أعمارهم، ولا تُعدّ من آجالهم»^{^[11]}، وأنّ مَن زاره على خوف: «يؤمنه الله يوم الفزع الأكبر، وتلقاه الملائكة بالبشارة، ويقال له: لا تخف ولا تحزن، هذا يومك الذي فيه فوزك»^{^[12]}.

وفي حديث: «وكان محدّثه الحسين× تحت العرش، وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة، يفزع الناس ولا يفزع، فإن فزع وقّرته الملائكة، وسكّنت قلبه بالبشارة»^{^[13]}.

وعن الإمام الصادق×: «لا تدع زيارة قبر الحسين× لخوف؛ فإنّ مَن تركه رأى من الحسرة ما يتمنّى أنّ قبره كان عنده، أما تُحبّ أن يرى الله شخصك وسوادك فيمَن يدعو له رسول الله‘ وعلي وفاطمة والأئمّة^؟ أما تُحبّ أن تكون ممّن ينقلب بالمغفرة لما مضى، ويغفر له ذنوب سبعين سنة؟ أما تحبّ أن تكون ممّن يخرج من الدنيا وليس عليه ذنب يُتبع به؟ أما تحبّ أن تكون غداً ممّن يصافحه رسول الله‘؟»^{^[14]}.

و«مَن أتاه شوقاً إليه، وحبّاً لرسول الله، وحبّاً لفاطمة، وحبّاً لأمير المؤمنين×، أقعده الله على موائد الجنّة، يأكل معهم والناس في الحساب»^{^[15]}.

وزوّار الحسين×: «يدخلون الجنّة قبل الناس بأربعين عاماً، وسائر الناس في الحساب والموقف»^{^[16]}.

والزائر «يكون في جوار نبيّه‘، وجوار علي وفاطمة’»^{^[17]}.

وقد ورد في زيارة الإمام الحسين× من الثواب ما يفضل على الحجّ والعمرة، كما في رواية عن ابن سنان، قال: «قلت لأبي عبد الله×: جُعلت فداك، إنّ أباك كان يقول:
في الحجّ يُحسب له بكلّ درهم أنفقه ألف درهم، فما لمـَن ينفق في المسير إلى أبيك الحسين×؟ فقال: يابن سنان، يُحسب له بالدرهم ألف وألف حتى عدّ عشرة، ويرفع له من الدرجات مثلها، ورضا الله خير له، ودعاء محمد‘، ودعاء أمير المؤمنين والأئمّة خير له»^{^[18]}.

فمن هذه الروايات ـ وغيرها الكثير ـ يُفهم عظم الثواب الجزيل والكثير لهذه العبادة (زيارة قبر الحسين×)، وأنّ فيها ميزة عظيمة تستحقّ هذا المقدار الكبير من الثواب، وأنّ هذا الثواب متعلّق بالزائر قبل مسيره، وأثناء مسيره، وبعد رجوعه من الزيارة، وأنّ الثواب منه دنيوي، ومنه أُخروي، وغير ذلك من الحيثيّات.

المبحث الثاني: البحث السندي والدلالي في هذه الروايات

سنتطرق في هذا المبحث ـ باختصار ـ إلى عدّة نقاط:

أوّلاً: الجانب السندي في الروايات

لا شكّ في ثبوت هذه الروايات سنداً، والجزم بصدورها عن المعصومين^؛ لإنّها تفوق حدّ التواتر المعنوي، بل التواتر أو التظافر اللفظي في بعضها، يقول المجلسي الأوّل: «وأمّا أخبار ثواب زيارة الحسين (صلوات الله وسلامه عليه)، فأكثر من أن تُحصى»^{^[19]}.

ويكفي لـمَن تصفّح كتاب (كامل الزيارات) لابن قولويه ـ الذي نقلنا عنه الروايات السابقة ـ أن يحصل له اليقين بتواتر الروايات التي ورد فيها ثواب جزيل لزيارة الإمام الحسين×، وما تقدّم مجرّد شذر قليل منها، وقد اكتفينا به منعاً للإطالة؛ ولهذا لا حاجة إلى البحث السندي في هذه الروايات، مع أنّ الكثير منها صحيح السند، بل على مبنى صحّة ما ورد في هذا الكتاب تثبت صحّة جميع الروايات الواردة فيه^{^[20]}.

ومع ثبوت التواتر لا يحتمل الوضع لهذه الروايات من قبل البعض ترغيباً في الزيارة، كما قيل في وضع بعض الروايات في ثواب قراءة بعض السور القرآنية؛ وذلك لأنّ الوضع إنّما يحتمل ـ حتى مع كثرة الروايات ـ لو اتّحد الراوي، أو كان الرواة فئة معيّنة يتّفقون في اتّجاه أو مسلك معيّن، بينما الرواة في محلّ بحثنا مختلفون من حيث الزمان، والظروف، والروايات وردت على لسان أغلب الأئمّة أو جميعهم^، ممّا لا يدع مجالاً للشكّ في ورود هذه الروايات ولو في الجملة.

وأمّا المراد الجدّي لهذه الروايات، فلا شكّ ولا ريب فيه أيضاً؛ حيث الحمل على التقية مستحيل هنا؛ لأنّ مضمونها مخالف للتقية، بل العمل بها يعرّض الشيعة للخطر، بل ورد في بعضها ثبوت الزيارة حتى مع الخطر.

ثانياً: دلالة الروايات إجمالاً

إنّها تدلّ على كون الزيارة نوعاً من أنواع العبادة لله تعالى، كما هو حال زيارة البيت الحرام، وزيارة قبر النبي‘.

كما تدلّ على أنّ هذه العبادة لها ميزات عن بقيّة العبادات، دون أن تفضّلها عليها مطلقاً.

وتدلّ على أنّ ثواب الزائر النهائي هو الجنّة، فالزائر من أهل الجنّة، بغضّ النظر عن العقبات والشدائد التي قد تصيبه في البرزخ ويوم المحشر قبل دخوله الجنّة.

وتدلّ على العناية الخاصّة بالزائر من قبل أهل البيت^؛ بحيث يدعو له
رسول الله‘، وأمير المؤمنين، والزهراء والحسنان^، وربّما لم يرد ذلك إلّا في أعمال خاصّة قليلة، أو في الدعاء العامّ للشيعة.

كما تدلّ هذه الروايات على شدّة استحباب الزيارة وتأكيده، بل ذهب بعض إلى الوجوب^{^[21]}، وقد أدرج الشيخ المفيد في كتابه (المزار)^{^[22]} باباً تحت عنوان: (باب وجوب زيارة الحسين صلوات الله عليه)، ممّا يظهر منه الوجوب. وكذلك ذهب الحرّ العاملي إلى الوجوب الكفائي على الشيعة؛ حيث عنون باباً باسم: (باب وجوب زيارة الحسين والأئمّة^ على شيعتهم كفاية)، وذكر فيه خمس روايات تأمر بالزيارة، وواحدة منها ذكرت لفظ الوجوب^{^[23]}.

ثالثاً: شروط الظفر بهذا الثواب

من بعض ما تقدّم من الروايات وغيرها يُفهم أنّ هذا الثواب المعطى للزائر ليس على إطلاقه، بل هناك شروط ينبغي أن يتّصف بها، وأنّ الثواب ليس لكلّ زائر، وأهمّ تلك الشروط:

1ـ عارفاً بحقّه

ورد هذا الشرط في روايات متعدّدة، وفي أغلب زيارات المعصومين^، وقد ضمّن ابن قولويه كتابه باباً تحت عنوان: (ثواب مَن زار الحسين× عارفاً بحقّه)، وذكر فيه تسع عشرة رواية ورد فيها شرط (عارفاً بحقّه)، وأكثرها ذكر أنّ الثواب فيها: «غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر»^{^[24]}، وفي إحداها: «كان كمَن حجّ ثلاث حجج مع رسول الله‘»^{^[25]}، وفي رواية أُخرى: «كان من محدّثي الله فوق عرشه»^{^[26]}.

وفي رواية واحدة ورد الشرط بهذا النحو: «عارفاً بحقّه، يأتمّ به»^{^[27]}. وقد تقدّمت رواية أنّ ثواب الزائر: «الجنّة إن كان يأتمّ به»، ويحتمل أن يكون الائتمام هنا قيداً توضيحياً، وبياناً لمعنى العارف بحقّه.

فمعنى أن يكون عارفاً بحقّ الإمام الحسين× هو أن يعترف بإمامته من قبل الله تعالى، كما ورد في رواية الصادق× في زيارة حفيده الرضا×: «يُقتل حفدتي بأرض خراسان في مدينة يقال لها: طوس، مَن زاره إليها عارفاً بحقّه أخذته بيدي يوم القيامة وأدخلته الجنّة وإن [كان] من أهل الكبائر. قال: قلت: جُعلت فداك، وما عرفان حقّه؟ قال: يعلم أنّه إمام مفترض الطاعة، غريب شهيد، مَن زاره عارفاً بحقّه أعطاه الله} أجر سبعين شهيداً ممّن استُشهد بين يدي رسول الله‘ على حقيقة»^{^[28]}.

ومقتضى الاعتراف الصادق بإمامته× ووجوب طاعته، هو الامتثال لأوامره ولو في الجملة؛ لأنّه جلّ مَن لا يخطأ ويذنب، وأمّا المخالفة الكاملة التي تدلّ على الاستخفاف بأمر الإمام×، فهي لا تتلاءم مع الاعتقاد بإمامته، فربّما يقال: إنّ هذا الثواب مختصّ بالمطيع ولو في الجملة. والله تعالى العالم بحقائق الأُمور.

أمّا قوله×: «غريب شهيد»، فإنّه يدلّ على أنّ من عرفان حقّ المعصوم× معرفة ظلامته.

2ـ شوقاً إليه، وحبّاً لرسول الله‘، وأهل بيته^

تقدّمت الرواية: «مَن أتاه شوقاً إليه، وحبّاً لرسول الله، وحبّاً لفاطمة، وحبّاً لأمير المؤمنين×...»^{^[29]}. وفي مقابل الشوق إليه× وحبّهم^، الزيارة لأمر دنيوي، كحبّ الشهرة، أو الترفيه عن النفس، وحبّ السفر، وعلامة ذلك أنّه عند ذهاب الرغبة في أصل السفر ترى الشخص يمتنع عن الزيارة، حتى مع توفّر الإمكانات، والإنسان على نفسه بصير.

نعم، لا بأس بأن يكون الشوق لنفس الثواب المجعول للزائر أيضاً، كما يظهر من قول الصادق×: «لو يعلم الناس ما في زيارة الحسين× من الفضل لماتوا شوقاً، وتقطّعت أنفسهم عليه حسرات. قلت: وما فيه؟ قال: مَن أتاه تشوّقاً كتب الله له ألف حجّة متقبّلة، وألف عمرة مبرورة، وأجر ألف شهيد من شهداء بدر، وأجر ألف صائم، وثواب ألف صدقة مقبولة، وثواب ألف نسمة أُريد بها وجه الله، ولم يزل محفوظاً سنته من كلّ آفة أهونها الشيطان، ووُكّل به ملك كريم يحفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوق رأسه ومن تحت قدمه»^{^[30]}.

ويظهر من الرواية أنّ الشوق إلى الثواب، وأنّ التشوّق في قوله: «مَن أتاه تشوّقاً» هو لنفس الزيارة؛ فإنّ «تشوّقاً» متعلّق بالضمير العائد على الحسين× ظاهراً.

3ـ زيارته احتساباً

ورد عن أبي عبد الله×: «مَن زار الحسين محتسباً، لا أشراً ولا بطراً، ولا رياءً ولا سمعة، مُحِّصَتْ عنه ذنوبُه كما يُمحَّصُ الثوب في الماء، فلا يبقى عليه دنس، ويكتب له بكلّ خطوة حجّة، وكلّما رفع قدماً عمرة»^{^[31]}.

والاحتساب: من الحسبة، مصدر «احتسابك الأجرَ عند الله»^{^[32]}.

والرواية قريبة المعنى من الشرط الثاني المتقدّم؛ فإنّه إذا كانت الزيارة للرياء والسمعة، فإنّ ذلك لا يجتمع مع الشوق إليه×، وحبّ أهل البيت^، وما تقدّم من زيارته على خوف ربّما يدخل في هذا العنوان؛ لأنّ الذهاب مع احتمال الضرر لا يكون إلّا احتساباً لوجه الله تعالى.

4ـ يريد وجه الله تعالى

عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله×، قال: «يا هارون، مَن أتى قبر الحسين× زائراً له، عارفاً بحقّه، يريد به وجه الله والدار الآخرة، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر. ثمّ قال لي ثلاثاً: ألم أحلف لك، ألم أحلف لك، ألم أحلف لك؟!»^{^[33]}.

وهذا الشرط وإن كان واضحاً، وهو يدخل ضمن ما تقدّم، إلّا أنّه ذُكر في بعض الروايات، ولعلّ ذكره والتصريح به لدفع ما يتوهّمه بعض المسلمين ـ وإلى يومنا هذا يُتّهم الشيعة بذلك ـ من كون الزيارة فيها شائبة الشرك بالله تعالى، حيث تقصد زيارة ميّت مدفون، وهي غفلة عن كون الزيارة لا تختلف في حقيقتها عن زيارة قبر رسول الله‘ المجمع على جوازها، بل هي كزيارة البيت الحرام؛ حيث لا يُقصد بها زيارة الله الذي لا يحويه مكان، وإنّما الذهاب إلى البيت الحرام، والطواف حول الكعبة ـ وهي حجارة ـ لأنّ الله تعالى أمر بذلك، وأحبّ أن يُعبد في ذلك المكان، فبما أنّ النبي الأعظم‘ وأهل البيت^ أمرونا بزيارة قبر الحسين×، تكون الزيارة عبادة لله تعالى؛ لأنّها امتثال لأمره}.

وعلى كلّ حال؛ فإنّ هذا الشرط يقتضي التعامل مع الزيارة على أنّها عبادة لله تعالى، وليست ناتجة عن هوى، أو مصلحة خاصّة، كما تقدّم مثله في الشرط الثاني.

وفي الرواية: عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن أبي عبد الله×: «قال: قلت له: ما لمـَن أتى قبر الحسين بن علي‘ زائراً عارفاً بحقّه، غير مستنكف ولا مستكبر؟ قال: يُكتب له ألف حجّة مقبولة، وألف عمرة مبرورة، وإن كان شقياً كُتب سعيداً، ولم يزل يخوض في رحمة الله»^{^[34]}.

يقول المحقّق البحراني في هذا الشأن: «وأنت خبير بأنّه لا يبعد أنّ ما ورد من الترغيب في ثواب الصلاة في روضته×، وأنّ صلاة الفريضة تعدل ثواب حجّة، وصلاة النافلة تعدل ثواب عمرة، وأمثال ذلك، إنّما هو لمـَن أتى بالآداب المروية، وقام بالسنن المرعية، وراعى الحرمة»^{^[35]}.

المبحث الثالث: مكمن الأهمّية في زيارة الإمام الحسين×

نصل هنا إلى الشروع في الجواب عن أصل الإشكال من خلال معرفة الأهمّية البالغة لزيارة الإمام الحسين×، بواسطة الجواب عن التساؤلات الآتية: ما هو مكمن الأهمّية في الزيارة؟ وما هي آثارها في الفرد والمجتمع؟ وهل تعود بالنفع على الدين حتى يستحقّ المشارك فيها كلّ هذا الثواب؟

نقول بصورة مجملة: تارة نتحدّث من باب التسليم والإيمان المطلق للشخص، وهو الأساس، فيكفي حينئذٍ الاستدلال بنفس الروايات المتقدّمة الدالة على ذلك الثواب؛ فإنّها تدلّ بالملازمة على مكانة الزيارة عند الله تعالى، وأنّ الفوائد والآثار المترتّبة عليها تستحقّ ذلك الثواب الجزيل؛ لإيماننا بحكمة الله تعالى وعلمه، ونفي العبث عنه سبحانه وإن كنّا حينئذٍ لا نعرف وجه الحكمة في ذلك، وليس ذلك شرطاً في إثبات مكانة العبادة، مثل كثير من العبادات.

إنّ أصل العبادات مبني على التسليم والإيمان، ونحن لا ندرك إلّا القليل من الحكمة في تشريعها، والاهتمام بها، فلولا ورود الروايات التي تجعل الصلاة عمود الدين، وتصرّح بأنّها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأنّها معراج المؤمن، وأنّها أوّل ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة، و... إلى آخره من الآثار الكثيرة، لما كنّا نستوعب أفضلية الصلاة على بقية العبادات، ولا نفهم السبب الذي دعا إلى إيجابها يومياً في أوقاتها المعروفة، ولا حجم العقاب الشديد الذي يستحقّه تارك الصلاة.

وكذلك الاهتمام الخاصّ بزيارة الإمام الحسين×، فما ورد فيها من الثواب الجزيل يمثّل بنفسه دليلاً على أهمّيتها، ومزيد الآثار المترتبة عليها.

وتارة أُخرى نتحدّث بغض النظر عن مسألة التسليم والإيمان المطلق، أي بنظرة موضوعية كما يعبّرون، وهنا سنحاول البحث عمّا يصلح أن يكون سبباً لهذا الثواب العظيم، بالإضافة إلى تحليل هذه العبادة (الزيارة)، ومعاينة الآثار الكبيرة المشاهدة خلال هذه القرون المتطاولة. وهنا عدّة نقاط:

النقطة الأُولى: ملاحظة شروط الزيارة

لقد ذكرنا في المبحث السابق أربعة شروط للحصول على ثواب الزيارة، ويمكن أن يقال بأنّ هذه الشروط التي ذكرها المعصومون^ جميعها أو بعضها يشير إلى علّة حصول هذا الثواب، فهي تجمع بين المعرفة (عارفاً بحقّه) ـ والمعرفة من الأُمور ذات القيمة العظيمة شرعاً ـ وبين الغاية من الزيارة، وهي الشوق إلى الإمام الحسين×، وحبّ رسول الله‘ وأهل بيته^، فهي تستبطن الإخلاص، خصوصاً مع شرط الاحتساب، وإرادة وجه الله تعالى.

فإذا ضممنا إلى ذلك إعراض عامّة الأُمّة عن الزيارة، والزائرون ـ مع ذلك ـ يحافظون على إقامتها، فإنّنا سنُدرك عظمة الزيارة التي ثبت سابقاً أنّها عبادة، فالزائر الذي يمارس هذه العبادة بهذه الشروط هو ـ في الواقع ـ يساهم في حفظها وبقائها مع إعراض الآخرين عنها، ومحاربتهم لها، ويكون بذلك مصداقاً لقوله‘: «من سنّ سنّة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن يُنقص من أُجورهم شيء»^{^[36]}.

النقطة الثانية: الملازمة بين الفكر وصاحب الفكرة

هناك علاقة وترابط وثيق جدّاً بين أيّة فكرة تُطرح، وبين صاحب الفكرة، والشخصية التي مارست تلك الفكرة وطبّقتها في الواقع العملي، وهذا واقع ملموس؛ فإنّ الشخصيات التي لها تأثير معيّن تحتفظ برمزيّتها، وتقام لها التماثيل، أو يحتفظ بمكان دفنها، ويُعتنى به؛ تعظيماً وتفخيماً لشخصيّته، ومحاولة الربط الحسّي بين الناس وبين هذه الشخصية؛ لأنّ نسيان الشخصية هو نسيان لأهدافها وأفكارها.

وهذه المسألة ملاحظة بشكل واضح وعملي في الارتباط بزيارة الأولياء بشكل عامّ، فترى الهجمة الواضحة على الزيارة باتّهام الزائرين بالشرك، كما تقوم به الحركة الوهابية، وقد حاولوا هدم قبر الرسول‘، وهدموا بالفعل قبور أئمّة البقيع^، وما زالوا يبعدون الناس عن القبور، ويمنعونهم من الزيارة، أو يضايقونهم، والسبب ليس هو الدفاع عن التوحيد، بل الخوف من تأثّر الناس بتلك الشخصيات.

وقد حاول الخلفاء وأمراؤهم ـ خصوصاً المتوكّل ـ هدم قبر الإمام الحسين× وحرثه بغياً وظلماً، وقد تحقّقت معاجر إلهية للحيلولة دون ذلك^{^[37]}، ممّا يدلّ على أثر الزيارة في ملك الخلفاء، والتهديد الكبير الذي تمثّله لسلطان بني العبّاس؛ فلذا عمدوا إلى ملاحقة الزوّار، وقتلهم، والتنكيل بهم.

ومن الروايات التي تشير إلى ذلك ما رواه الشيخ الطوسي في (الأمالي) حيث يقول: «بلغ المتوكّل جعفر بن المعتصم أنّ أهل السواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسين، فيصير إلى قبره منهم خلق كثير، فأنفذ قائداً من قوّاده، وضمّ إليه كتفاً من الجند كثيراً؛ ليشعب قبر الحسين×، ويمنع الناس من زيارته، والاجتماع إلى قبره.

فخرج القائد إلى الطفّ، وعمل بما أُمر، وذلك في سنة سبع وثلاثين ومئتين، فثار أهل السواد به، واجتمعوا عليه، وقالوا: لو قُتلنا عن آخرنا لما أمسك مَن بقي منّا عن زيارته، ورأوا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا، فكتب بالأمر إلى الحضرة.

فورد كتاب المتوكّل إلى القائد بالكفّ عنهم، والمسير إلى الكوفة، مظهراً أنّ مسيره إليها في مصالح أهلها، والانكفاء إلى المصر، فمضى الأمر على ذلك، حتى كانت سنة سبع وأربعين، فبلغ المتوكّل أيضاً مصير الناس من أهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين×، وأنّه قد كثر جمعهم كذلك، وصار لهم سوق كبير، فأنفذ قائداً في جمع كثير من الجند، وأمر منادياً ينادي ببراءة الذمّة ممّن زار قبر الحسين، ونَبَش القبر، وحَرَث أرضه، وانقطع الناس عن الزيارة، وعمل على تتبّع آل أبي طالب^، والشيعة (رضي الله عنهم)، فقتل ولم يتمّ له ما قدر»^{^[38]}.

إذاً؛ الارتباط بشخصية معيّنة والتعلّق بها يؤدّي إلى التأثّر اللاختياري بأفكارها، والدفاع عن قيمهما، والزيارة للقبر من أهمّ وسائل التعلّق بتلك الشخصية؛ ولذلك نرى محاولة طمس القبر الشريف، ومحاربة الزائرين طوال التاريخ، وحديثاً شهدنا ما كان يصنعه المقبور صدّام ـ ونظامه البعثي البائد ـ بالزائرين.

ولا شك في أنّ مثل هذه الزيارة التي تربط الشخص بالإمام الحسين×، وتشدّه إلى التمسّك بقيمه ومبادئه، والدفاع عن الأهداف التي ضحّى من أجلها بنفسه× وأهل بيته^ وأصحابه، تضاعف في أجر الزائر، ومنزلته عند الله تعالى، واستحقاقه للمراتب العالية، والمنازل الرفيعة، فالزيارة تمثّل محفزاً للزائرين على حمل تلك الأهداف، والحفاظ عليها، وقيمة كلّ عمل بمقدار ما يحمل من آثار.

النقطة الثالثة: أثر الارتباط بقبر الإمام الحسين×

لاستيعاب الثواب المعطى للزائرين ينبغي النظر إلى ما يترتّب على الزيارة واستمرارها من آثار، ومن الممكن أن نلخّص الآثار المهمّة لزيارة قبر الحسين× في أمرين:

1. إحياء الأهداف الحسينية على مدى الأزمان؛ بحيث لا تموت ولا تُنسى.

2. الحدّ من استمرار الأهداف اليزيدية والنهج الأُموي، وهو محو الإسلام.

وحينما نتفحّص في أهداف الثورة الحسينية، وأهداف المشروع الأُموي ربمّا ندرك عظمة ما تصنعه الزيارة، وبالتالي نستوعب حجم الثواب المعطى للزائر، وباختصار نقول:

أهداف المشروع الأُموي

سعى معاوية ـ خصوصاً ـ بشكل حثيث جدّاً أن يقضي على الإسلام بشكل مدروس، وهو القائل: «وإنّ أخا هاشم [أي: رسول الله‘] يُصرَخ به في كلّ يوم خمس مرّات: أشهد أنّ محمداً رسول الله، فأيّ عمل يبقى مع هذا؟ لا أُمّ لك! والله، إلّا دفناً دفنا»^{^[39]}.

وتطبيقاً لذلك عمل على تمهيد الطريق لتنصيب ابنه يزيد، مع ما عُرف به من الفسق والفجور، وكان يعطي الأموال لمـَن يحتمل فيهم المعارضة، و«لم يلبث معاوية بعد وفاة الحسن& إلّا يسيراً حتّى بايع ليزيد بالشام، وكتب بيعته إلى الآفاق، وكان عامله على المدينة مروان بن الحكم، فكتب إليه يذكر الذي قضى الله به على لسانه من بيعة يزيد، ويأمره أن يجمع من قبله من قريش وغيرهم من أهل المدينة، ثمّ يبايعوا ليزيد»^{^[40]}.

وقد حجّ يزيد بن معاوية سنة (56هـ)، ففرّق بمكّة والمدينة أموالاً كثيرة، يشتري بها قلوب الناس، ثمّ انصرف والناس عنه راضون، ثمّ شاع الخبر بين الناس أنّ معاوية يريد أن يأخذ البيعة ليزيد^{^[41]}. فيبدو أنّ توزيع الهدايا من قبل يزيد كان من تخطيط معاوية نفسه، بل إنّ بعض النقولات تذكر أنّ معاوية كان يقدّم الهدايا والجوائز للإمام الحسين× أيضاً^{^[42]}، ولعلّه كان يظنّ أنّ باستطاعته أن يستميله.

والغاية من تنصيب يزيد واضحة؛ فقد أراد معاوية من خلال تجاوزه العلني لتعاليم الإسلام ـ مع كونه المتزعّم للدولة الإسلامية ـ أن يفرض تدريجياً حالة من قبول الفسق والفجور، وتجاوز الأحكام الشرعية؛ ليتمكّن بعد ذلك شيئاً فشيئاً من القضاء على الإسلام بشكل كامل، ليعود الشرك والكفر بصورته العلنية الواضحة.

وقد بيّن الإمام الحسين× ذلك حينما قال له مروان: «أقول: إنّي آمرك ببيعة أمير المؤمنين يزيد؛ فإنّه خولك في دينك ودنياك. فاسترجع الحسين، وقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام إذ قد بُليت الأُمّة براع مثل يزيد»^{^[43]}.

وقال× في مسيره إلى كربلاء مبيّناً نتائج تولّي يزيد للسلطة: «ألا ترون أنّ الحقّ لا يُعمل به، وأنّ الباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقّاً، فإنّي لا أرى الموت إلّا سعادة، ولا الحياة مع الظالمين إلّا برماً»^{^[44]}.

أهداف الثورة الحسينية

الهدف العامّ للإمام× هو الإصلاح في أُمّة النبي‘، «وأنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي‘، أُريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب×، فمَن قبلني بقبول الحقّ، فالله أولَى بالحقّ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحقّ، وهو خيرُ الحاكمين»^{^[45]}. والقيام بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المعطّلة إنّما يعني أنّ الأُمّة أصابها الفساد، فلا إصلاح إلّا لأمر فاسد.

إيقاف المشروع اليزيدي الأُموي عن فرض الواقع، وعن التدرّج في القضاء على الإسلام.

توعية الأُمّة بخطورة المشروع اليزيدي، ونزع الخوف من قلوب الناس من مواجهة ذلك المشروع.

ضمان استمرار الإسلام وفرضه كواقع نظري وعملي ولو على المستوى الأدنى في تطبيق أحكامه ونظامه.

إبقاء عقيدة الإمامة الإلهية في الأُمّة، وعدم مسخها بالكامل.

يقول الشيخ الآصفي&: «لقد كان لخروج الإمام الحسين×، ومحاربته ليزيد، ورفضه البيعة، واستشهاده بتلك الصورة المفجعة، الدور الأساسي الفعّال في إيقاظ مشاعر المسلمين إلى مساحة الجريمة التي حدثت على يد حكّام بني أُمية.

وهكذا انكشف للأُمّة الإسلامية أنّ الخلافة موقعاً سلطوياً^{^[46]} يمتلكه الأقوى من الناس والأعتى، وبذلك لم يكن للانحرافات التي يرتكبها جهاز السلطة تأثير تحريفي على الإسلام، وهذا من أهمّ إنجازات ثورة الحسين×، فقد بقيت مراكزهم عامرة، إلّا أنّها مجرّدة من الشرعية، وحفظ الإسلام ـ بعد عاشوراء ـ من التحريف ببركة نهضة الحسين بنسبة كبيرة، فصار المسلمون يرجعون في أُمور دينهم إلى فئة أُخرى غير الحكّام، فلم يعد المسلمون يأخذون دينهم من طبقة الحكّام.

الثورة إذاً شطرت الأُمّة إلى شطرين: خطّ العلماء والفقهاء، وخطّ الحكّام. والناس أصبحوا يضعون ثقتهم بالعلماء والفقهاء، ويرجعون إليهم، وبقدر ما يدخل الفقهاء في قصور الحكّام يصبحون بعيدين عن الأُمّة»^{^[47]}.

وحينئذٍ نقول: إنّ الزيارة التي تُعبّر عن الارتباط الروحي والمعنوي والعقدي بالإمام الحسين×، تجعل الزائر ـ بل الأُمّة ـ تعيش هذه الأهداف المقدّسة حيّة باقية، وببقائها يبقى الإسلام حيّاً، فالزيارة ليست مجرّد طقس عبادي لا روح له.

والنتيجة: أنّ كلّ مَن يُساهم في هذه الزيارة هو يساهم في بقاء الإسلام، وبقاء أهدافه العليا، وربّما يتعرّض للقتل والتنكيل والمطاردة، بالإضافة إلى بذل المال والجهد والسفر، فهو في الحقيقة يمارس عملية جهاد مقدّس لإعلاء كلمة الله تعالى، وحينئذٍ فما يُعطى من ثواب جزيل يكون متناسباً من ناحية منطقية مع ما يقوم به من عمل، والعبرة بالآثار التي يقول بها العبد.

وهذا الكلام ينطبق بعينه على مسألة البكاء أيضاً، وما ورد فيه من ثواب جزيل.

تحليل الإشكال بصورة أُخرى

ولو أردنا أن نحلّل الإشكال بشكل آخر، نسأل: هل استعظام الثواب لزائر الإمام الحسين× لبخل في ساحته سبحانه؟ أو لكون غير هذه العبادة أهمّ؟ أو لكون الثواب في نفسه لا يتناسب مع حجم العمل؟

أمّا الأوّل، فمعاذ الله أن يكون هناك بخل في ساحته سبحانه، فلا نقص في خزائنه، وشأن العبادات كلّها كرم وسخاء منه، (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً)^{^[48]}.

وأمّا كون غيرها أهمّ؛ فإنّ هذا الثواب لا ينفي أهمّية العبادات الأُخرى، ولا يوجد تنافٍ بين الأمرين أصلاً، وعلى فرض أهمّية الزيارة؛ لكون هذا الثواب لم يرد في عبادات أُخرى، فلعلّ ذلك من باب أنّ الزيارة هي السبب لبقاء تلك العبادات، أو التأكيد عليها، أو لاحتواء الزيارة على عبادات متعدّدة.

وأمّا كون الثواب لا يتناسب مع حجم العمل، فقد تبيّن أنّ هذا العمل في نفسه شاقّ، وفيه بذل للجهد والمال، وربّما النفس، وهو لا يقلّ عن غيره من هذه الناحية، وله أثر عظيم في حفظ أهداف الدين كما تقدّم، وما كان شأنه كذلك فلا مانع عقلي ولا منطقي من جعل هذا الثواب الكثير له، وسيأتي إن شاء الله ذكر بعض الأعمال اليسيرة التي ورد فيها ثواب عظيم.

المبحث الرابع: إشكالان والجواب عنهما

نذكر هنا إشكالين مع جوابيهما؛ تتميماً للبحث:

الإشكال الأوّل: قد يُشكل بأنّ النبي‘ هو صاحب هذا المشروع، وصاحب هذه الأهداف، والارتباط به أهمّ حينئذٍ، فكيف تكون زيارة الإمام الحسين× أكثر أهمّية وثواباً؟

ويمكننا أن نلخّص الجواب في ثلاث نقاط:

أوّلاً: أنّ الإشكال مبتنٍ على الفصل بين الإمام الحسين×، وبين رسول الله‘، والحال أنّ رفع راية الإمام الحسين× هي رفع لراية رسول الله‘، «حسين منّي، وأنا من حسين»^{^[49]}، فمَن يتّبع الإمام الحسين× ويتّبع أهدافه يكون بذلك قد حقّق أهداف رسول الله‘.

ولا يقال: لماذا لا نتّبع رسول الله‘ فقط؟ لأنّنا نقول: المسلمون جميعاً يتّبعون رسول الله‘ ظاهراً، ولكنّ الاتّباع الحقيقي لا يتمّ إلّا عن طريق ما بيّنه الإمام الحسين×.

ثانياً: أنّ الارتباط بالإمام الحسين× يعمّق الارتباط برسول الله‘ ولا يضعفه، والواقع شاهد على ذلك؛ فإنّ المدّعين لاتّباع النبي الأعظم‘ ليسوا بأكثر زيارة له، ولا أشدّ تعلّقاً به، ولا أكثر تمسّكاً بتعاليمه، ممّن داوم على زيارة الإمام الحسين×.

ثالثاً: أنّ الروايات لم تنفِ أهمّية زيارة النبي‘، أو تثبت كونها أقلّ شأناً، بل أكّدتها، وذكرت لها الثواب الذي ربّما لا يقلّ عن زيارة قبر الإمام الحسين×، فعنه‘: «مَن أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة»^{^[50]}.

وفي رواية أُخرى: «قال الحسين× لرسول الله‘: يا أبتاه، ما لمـَن زارك؟ فقال رسول الله‘: يا بني، مَن زارني حيّاً أو ميّتاً، أو زار أباك، أو زار أخاك، أو زارك، كان حقّاً عليّ أن أزوره يوم القيامة، وأُخلصه من ذنوبه»^{^[51]}.

وورد عنه‘ أيضاً: «مَن أتى مكّة حاجّاً ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة، ومَن أتاني زائراً وجبت له شفاعتي، ومَن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنّة. ومَن مات في أحد الحرمين ـ مكّة والمدينة ـ لم يعرض، ولم يُحاسب. ومَن مات مهاجراً إلى الله حُشر يوم القيامة مع أصحاب بدر»^{^[52]}.

رابعاً: من الواضح أيضاً أنّه على فرض ثبوت أفضلية زيارة قبر الإمام الحسين× على زيارة قبر جدّه‘، فلا يلزم من ذلك أفضلية الحسين× على جدّه‘؛ لأنّ النظر هنا إلى العمل، وما له من أثر في الدين، وليس إلى الشخص المزورفقط، فقد شاء الله تعالى أن تكون لقبر الإمام الحسين× هذه الأهمّية والأفضلية، كما شاء تعالى أن يكون قبر الزهراء’ مخفياً عن عموم الناس؛ لأنّ في خفائه حكمة ورسالة وإثبات حقّ، ولا يعني ذلك أنّ الزهراء’ أقلّ شأناً من غيرها.

والتعلّق بشخصية ما بعد موتها إنّما هو مرتبط بدور معيّن قامت به تلك الشخصية في حياتها، وليس بالضرورة أن تكون تلك الشخصية أفضل من غيرها بشكل مطلق، فربّما تكون زيارة الإمام الحسين× لإجل إبقاء الوظيفة التي قام من أجلها، وهي حفظ دين النبي‘ كما أشرنا.

الإشكال الثاني: أنّ كون ثواب الزيارة يعادل حجّة، أو سبعين، أو ألف حجّة، غير معقول؛ باعتبار أنّ حجّ البيت الحرام هو الأساس؛ فإنّ أصل الإسلام عبادة الله، وهي متمثّلة بشكل أوضح في حجّ بيته الحرام.

فنقول: إنّ المقارنة غير صحيحة، وهي مبنيّة على أنّ الزيارة خارجة عن كونها عبادة، بينما الزيارة ـ كما تقدّم ـ هي عبادة لله تبارك وتعالى، فإذا أدّت أثراً أكثر من الحجّ تكون أهمّ منه.

نعم، من أهمّ غايات الحجّ معرفة الدين، ولقاء الإمام المعصوم× كما في الروايات، ففي صحيحة زرارة، عن أبي جعفر×، قال: «إنّما أُمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثمّ يأتونا، فيخبرونا بولايتهم، ويعرضوا علينا نصرهم»^{^[53]}.

فالحجّ في حدّ نفسه ـ خصوصاً المستحبّ ـ وإن كان ذا قيمة عالية، وهو من أركان الإسلام، إلّا أنّه بدون تحقّق بعض الشروط، التي منها الإمامة، لا تتحقّق الغاية الكاملة منه.

ولا يرقى الحجّ لمستوى الزيارة ما لم يشفع بحضور الإمام المعصوم× الذي يمثّل تعبيراً عن إظهار الإيمان الحقيقي والكامل؛ فإنّ مثل هذا الحضور للإمام× واللقاء به، بمعنى عرض الدين عليه، وأخذ المعرفة والأوامر والنواهي عنه، فلو كان الحجّ كذلك لربّما يقال بعدم أفضلية الزيارة حينئذٍ على الحجّ. أمّا الزيارة فقد يقال بأنّها تستبطن هذا الإظهار في حدّ نفسها؛ لأنّها تمثّل حبّ الرسول‘ وأهل بيته^ كما تقدّم.

ويمكن أن يقال في تقريب المسألة أيضاً: إنّ زيارة المعصوم× تتضمّن جانباً عقدياً أكثر وضوحاً من الحجّ الذي يشترك فيه عموم المسلمين؛ فإنّ عامّة الحجّاج لا يعترفون بالولاية للأئمّة المعصومين^، فحجّهم فيه شيء من النقص من هذه الجهة، لا لأنّ الحجّ في نفسه أقلّ شأناً، بل لفقدانه هذه الميزة، وربّما يحمل على ذلك قولهم^: «ما أكثر الضجيج والعجيج، وأقلّ الحجيج»^{^[54]}.

ويمكن تشبيه ذلك بالولاية والتوحيد، فالتوحيد هو الأساس، ولكنّ الرواية تقول: «ولم ينادَ بشيء كما نودي بالولاية»^{^[55]}؛ وذلك لأنّ توحيد الله تعالى بلا ولاية للنبي‘ وأهل بيته^ هو توحيد ناقص، أو أنّ الولاية هي التي تحقّق التوحيد الكامل الخالص، لا أنّها أهمّ من التوحيد.

نعم، يختصّ الجواب حينئذٍ بغير الإمامي الموالي.

وبعبارة أُخرى: أنّ الثواب المذكور للزيارة بشكل عامّ بالنسبة إلى الحجّ بشكل عامّ، وليس بلحاظ خصوصيات الأفراد، نظير النوم والقيام؛ فإنّه لا شكّ في أفضلية القيام على النوم عموماً، ولكن ورد:«نوم العالم أفضل من عبادة العابد... ركعتين يُصلّيهما العالم أفضل من ألف ركعة يُصلّيها العابد»^{^[56]}.

المبحث الخامس: أعمال أُخرى لها ثواب جزيل

لكي نتمّم البحث لا بأس بذكر بعض الأعمال والعبادات التي ورد فيها ثواب جزيل، مع كونها أعمالاً يسيرة، وهي أقلّ شأناً من زيارة الإمام الحسين×، أو لا تزيد أهمّية عليها، والغرض من ذكرها رفع الاستغراب عمّا تقدّم من ثواب الزيارة.

روى الكليني في (الكافي) في ثواب زيارة المؤمن: «عن أبي جعفر وأبي
عبد الله’، قالا: أيّما مؤمن خرج إلى أخيه يزوره، عارفاً بحقّه، كتب الله له بكلّ خطوة حسنة، ومُحيت عنه سيّئة، ورُفعت له درجة، وإذا طرق الباب فتُحت له أبواب السماء، فإذا التقيا وتصافحا وتعانقا أقبل الله عليهما بوجهه، ثمّ باهى بهما الملائكة، فيقول: انظروا إلى عبديّ تزاورا وتحابّا فيّ، حقّ عليَّ ألّا أُعذّبهما بالنار بعد هذا الموقف. فإذا انصرف شيّعه الملائكة عدد نفسه وخطاه وكلامه، يحفظونه من بلاء الدنيا، وبوائق الآخرة، إلى مثل تلك الليلة من قابل، فإن مات فيما بينهما أُعفي من الحساب. وإن كان المزور يعرف من حقّ الزائر ما عرفه الزائر من حقّ المزور كان له مثل أجره»^{^[57]}.

فانظر إلى ثواب زيارة المؤمن العادي، فكيف حينئذٍ نستعظم ثواب زيارة إمام معصوم مفترض الطاعة؟!

وجاء من طرق الفريقين في مصافحة المؤمن التي هي عمل يسير جدّاً، ولا يكلّف شيئاً: «إنّ المؤمنين يلتقيان، فيُصافح أحدهما صاحبه، فلا تزال الذنوب تتحاتّ عنهما كما يتحاتّ الورق عن الشجر، والله ينظر إليهما حتى يفترقا»^{^[58]}، و«إنّ المسلم إذا صافح أخاه تحاتّت خطاياهما كما يتحاتّ ورق الشجر»^{^[59]}.

وفي رواية: «والمسلمان إذا تصافحا لم يبقَ بينهما ذنب إلّا سقط»^{^[60]}.

وعن النبي الأعظم‘: «مَن أتى الجمعة إيماناً واحتساباً استأنف العمل»^{^[61]}، كناية عن غفران الذنوب، يعني غفر الله له ما مضى من ذنوبه، وصار كيوم ولدته أُمّه، وغير ذلك كثير في الثواب، ولمـَن أراد المزيد فليقرأ كتاب (ثواب الأعمال) للشيخ الصدوق، وغيره من الكتب.

الخاتمة

في نهاية هذا البحث المختصر نؤكّد الأُمور التالية:

إنّ الثواب المُعطى لزائر الحسين× لا يختلف من حيث الأصل عن أيّ ثواب آخر، والله (سبحانه وتعالى) بعلمه وحكمته هو الذي يحدّد المقدار المستحقّ من الثواب لهذا العمل أو ذاك، ولا بخل في ساحته}، والثواب بنفسه كاشف عن أهمّية العمل.

لزيارة قبر المولى الحسين× آثار مهمّة جدّاً في بقاء الدين؛ وذلك من خلال المساهمة في الحفاظ على أهداف الثورة الحسينية التي انطلقت لكي تُصلح ما فسد في الأُمّة، فيكون الزائر مساهماً في الحفاظ على هذه الأهداف، وحينئذٍ يمكن استيعاب عظم ذلك الثواب.

حتى يظفر الزائر بذلك الثواب لا بدّ أن يكون عمله لله سبحانه، واستجابة لأوامره، واحتساباً لأجره، وحبّاً لنبيّه‘، وعرفاناً بحقّ إمامه ومظلوميّته، وألّا يكون عمله رياءً، أو بحثاً عن السمعة، أو طلباً للدنيا؛ فإنّ ذلك يمنع من هذا الثواب.

ومع هذه الشروط نفهم عظمة الزيارة، وما تؤدّيه من دور، وما تتركه من أثر في الفرد والأُمّة.

إنّ زيارة الإمام الحسين× لا تقلّل من قيمة الحجّ، ولا من قيمة زيارة النبي الأعظم‘، بل ندعي أنّ زيارة الحسين× تؤكّد أهمّية هذين العملين وغيرهما من العبادات، وترسّخها في وجدان المسلمين، وتصحّح النظرة إليها.

إنّ مسألة الثواب لا تُقاس بمقاييس العباد؛ فإنّهم لا يستوعبون ذلك، فإنّ ذلك الثواب يُعدّ يسيراً في ساحة كرم الله وجوده، ومَن يتصفّح روايات الثواب في بقية الأعمال يعرف هذا المعنى، وحينئذٍ لا يستعظم ثواب زيارة الإمام الحسين× بعد النظر إلى عظمة الزيارة.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1. أُصول الكافي، الشيخ محمد بن يعقوب الكليني، تحقيق: أكبر علي غفاري، دار الكتب الإسلامية، طهران ـ إيران، الطبعة الخامسة، 1363هـ ش.

2. الأمالي، الشيخ محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية، مؤسّسة البعثة، الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1414هـ.

3. الإمامة والسياسة، ابن قتيبة الدينوري (ت276هـ)، تحقيق: طه محمد الزيني، الناشر: مؤسّسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع.

4. بحار الأنوار، العلّامة محمد باقر المجلسي (ت1111هـ)، تحقيق: محمد الباقر البهبودي، الناشر: مؤسّسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1403هـ / 1983م.

5. بصائر الدرجات، الشيخ محمد بن الحسن الصفّار (ت290هـ)، تحقيق: الحاج ميرزا حسن كوچه باغي، منشورات الأعلمي، طهران ـ إيران، 1404هـ.

6. تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، الشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي، تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الثانية، ١٤١٤هـ.

7. الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة، المحدّث يوسف البحراني، تحقيق: محمد تقي الإيرواني، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم المقدّسة ـ إيران، 1408هـ.

8. الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية، المحقّق يوسف البحراني، الناشر: شركة دار المصطفى‘ لإحياء التراث، الطبعة الأُولى، 1423/2002م.

9. روضة المتّقين في شرح مَن لا يحضره الفقيه، الشيخ محمد تقي المجلسي، المطبعة العلمية، قم المقدّسة ـ إيران.

10. سنن الترمذي، محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت279هـ)، تحقيق وتصحيح: عبد الوهاب عبد اللطيف، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1403هـ/1983م.

11. شعب الإيمان، أحمد بن الحسين البيهقي (ت458هـ)، تحقيق: محمد السعيد، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1410 هـ/1990م.

12. كامل الزيارات، الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه القمّي (ت367هـ)، تحقيق: الشيخ جواد القيّومي، مؤسّسة نشر الفقاهة، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

13. كتاب العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي، مؤسّسة دار الهجرة، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الثانية، 1409هـ.

14. مجمع الزوائد، علي بن أبي بكر الهيثمي(ت807هـ)، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، 1408هـ/1988م

15. مروج الذهب ومعادن الجوهر، علي بن الحسين المسعودي (م346)، الناشر: منشورات دار الهجرة، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الثانية، 1404هـ/1984م.

16. المزار، الشيخ محمد بن محمد بن النعمان البغدادي العكبري المعروف بالشيخ المفيد (ت413هـ)، تحقيق: السيّد محمد باقر الأبطحي، الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1414هـ/1993م.

17. معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس بن زكريا، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان، 1429هـ/2008م.

18. مَن لا يحضره الفقيه، الشيخ محمد بن علي الصدوق (ت381هـ)، تحقيق: علي أكبر غفاري، الطبعة الثانية، طبعة جماعة المدرسين، قم المقدّسة ـ إيران.

19. نهج البلاغة، جمع: الشريف الرضي، شرح: الشيخ محمد عبده، الناشر: دار الذخائر، قم المقدّسة ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1412هـ.

20. نيل الأوطار، محمد بن علي الشوكاني (ت1255هـ)، الناشر: دار الجيل، بيروت ـ لبنان، 1973م.

[1] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص272.

[2] المصدر السابق: ص239.

[3] المصدر السابق: ص245.

[4][4] المصدر السابق: ص246.

[5] المصدر السابق: ص253.

[6] المصدر السابق: ص255.

[7] المصدر السابق: ص257.

[8] المصدر السابق: ص253.

[9] المصدر السابق: ص254.

[10] المصدر السابق: ص256.

[11] المصدر السابق: ص260.

[12] المصدر السابق: ص242.

[13] المصدر السابق: ص243.

[14] المصدر السابق: ص243ـ244.

[15] المصدر السابق: ص261.

[16] المصدر السابق: ص262.

[17] المصدر السابق: ص260.

[18] المصدر السابق: ص247.

[19] المجلسي، محمد تقي، روضة المتّقين: ج5، ص376.

[20] استناداً إلى قول المصنّف في مقدّمة الكتاب: «ولم أُخرج فيه حديثاً روي عن غيرهم؛ إذ كان فيما روينا عنهم من حديثهم (صلوات الله عليهم) كفاية عن حديث غيرهم، وقد علمنا أنّا لا نُحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى، ولا في غيره، لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله برحمته، ولا أخرجت فيه حديثاً روي عن الشذاذ من الرجال، يؤثر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية، المشهورين بالحديث والعلم». ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص37.

[21] يقول المجلسي الأوّل& : «بل يظهر من الأخبار الكثيرة وجوب زيارته×؛ ولهذا قال به جماعة من أصحابنا، بل ذهب طائفة إلى وجوب زيارة كلّ واحد من الأئمّة^، ولو مرّة في جميع العمر». المجلسي، محمد تقي، روضة المتّقين: ج5، ص376.

[22] المفيد، محمد بن محمد، المزار: ص26.

[23] اُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص443، الباب 44 من أبواب المزار وما يناسبه.

[24] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص263.

[25] المصدر السابق: ص267.

[26] المصدر السابق: ص268.

[27] المصدر السابق: ص264، ح7.

[28] الصدوق، محمد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه: ج2، ص584.

[29] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص261.

[30] المصدر السابق: ص270ـ271.

[31] المصدر السابق: ص273.

[32] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، كتاب العين: ج3، ص149. واُنظر: ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة: ج2، ص60.

[33] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص273.

[34] المصدر السابق: ص274.

[35] البحراني، يوسف، الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية: ج2، ص308.

[36] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج5، ص9ـ10.

[37] اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص325ـ330.

[38] المصدر السابق: ص328ـ 329.

[39] المسعودي، علي بن الحسين، مروج الذهب: ج3، ص454.

[40] ابن قتيبة الدينوري، عبد الله بن مسلم، الإمامة والسياسة: ج1، ص151.

[41] المصدر السابق.

[42] اُنظر: الريشهري، محمد، موسوعة الإمام الحسين×: ج2، ص179.

[43] ابن أعثم الكوفي، أحمد، الفتوح: ج5، ص17. والرواية طويلة فيها مطالب مهمّة، فقد جاء فيها: «ثمّ أقبل الحسين على مروان وقال: ويحك، أتأمرني ببيعة يزيد، وهو رجل فاسق؟! لقد قلت شططاً من القول يا عظيم الزلل! لا ألومك على قولك؛ لأنّك اللعين الذي لعنك رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) وأنت في صلب أبيك الحكم بن أبي العاص؛ فإنَّ مَن لعنه رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) لا يمكن له ولا منه [إلّا] أن يدعو إلى بيعة يزيد، ثمّ قال: إليك عنّي يا عدو الله، فإنّا أهل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، والحقّ فينا، وبالحقّ تنطق ألسنتنا، وقد سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول: الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان، وعلى الطلقاء أبناء الطلقاء، فإذا رأيتم معاوية على منبري فافقروا بطنه...».

[44] ابن شعبة الحرّاني، الحسن بن علي، تحف العقول: ص245.

[45] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص329.

[46] الصحيح أن ترفع كلمتا (موقع) و(سلطوي)، ولكنّنا أدرجناهما بالنصب كما جاء في المصدر المنقول عنه بلا تصرّف.

[47] الآصفي، محمد مهدي، في ظلال الطفّ: ص73.

[48] البقرة: الآية245.

[49] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص117.

[50] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص548.

[51] المصدر السابق.

[52] المصدر السابق.

[53] المصدر السابق: ص549.

[54] الصفّار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات: ص292و 378.

[55] الكليني، محمدبن يعقوب، الكافي: ج2، ص18.

[56] الصدوق، محمد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه: ج4، ص367.

[57] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص184.

[58] المصدر السابق: ص179.

[59] الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد: ج8، ص37.

[60] البيهقي، أحمد بن الحسين، شعب الإيمان: ج6، ص474.

[61] الصدوق، محمد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه: ج1، ص427.

التكييف الديني والمنطقي لعظم ثواب زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)