المقدّمة

تشتمل هذه المقدّمة التمهيدية للبحث على ثلاث نقاط، هي:

النقطة الأُولى: التعريف بمفردات البحث

1ـ معنى الحجّ

الحجّ لغةً بمعنى القصد، فحجّ إلينا الرجل بمعنى قصد وقدم إلينا، وحججت فلاناً قصدته واعتمدته وزرته، وإذا كان مرّات متعدّدة، يقال: اختلفت إليه^{^[1]}. وله معنى آخر وهو الكفّ^{^[2]}.

وأمّا اصطلاحاً فقد ذُكر أنّه عبارة عن: قصد التوجّه إلى بيت الله الحرام للنسك^{^[3]}، والقيام بالأعمال المشروعة، كالإحرام، والوقوف بعرفات والمشعر، وغيرهما من الأعمال، سواء كانت مشروعيّتها على نحو الفرض الواجب، أم على نحو الاستحباب والسنّة^{^[4]}.

2ـ معنى الزيارة

الزيارة في اللغة هي مصدر من الفعل الماضي: زارَ، بمعنى الميل إلى الشيء، وإتيانه بقصد، والمزار هو مكان وموضع الزيارة^{^[5]}.

وأمّا اصطلاحاً فـالزيارة هي: «قصد المزور إكراماً له وتعظيماً له واستيناساً به»^{^[6]}.

ومن خلال ما تقدّم نجد أنّ هناك تقارباً في التعريف اللغوي والاصطلاحي لمفردتي (الحجّ) و(الزيارة) الواردتين في عنوان البحث، حيث تلتقيان في القصد والتوجّه نحو المكان المراد، مع قصد الطاعة والتبرّك واستزادة الثواب، فالحجّ يقصد الإنسان من خلاله البيت الحرام والمشاعر المقدّسة بقصد تعظيم شعائر الله تعالى والطاعة وتحصيل الثواب، وهكذا الزيارة فهي القصد والتوجّه نحو المزور بقصد التبرّك والتعظيم.

النقطة الثانية: حدود البحث

يسعى البحث في المقام إلى تقديم الإجابات الوافية عمّا يُطرَح في طيّاته من تساؤلات، منها: لماذا اختار الإمام المعصوم× الحجّ كمادّة في مجال الحثّ والبعث لزيارة الإمام الحسين×؟

وهل أنّ الحجّ هو العبادة الوحيدة التي جُعلت مادّة للمقارنة دون العبادات الأُخرى، كالصلاة والصيام والزكاة والخمس، والفرائض الأُخرى كالجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

ومع تسليمنا بوجوب الحجّ وأنّه من الفرائض التي يؤدّي إنكارها إلى الكفر، فكيف تُصبح الزيارة المستحبّة عدلاً لهذا الفرض؟

وهل أنّ الروايات التي دلّ بعضها على أفضلية الزيارة في بعض الموارد كانت بصدد بيان الثواب الجزيل للزيارة، أو أنّها كانت ناظرة إلى المصالح العليا والملاكات الواقعية المترتّبة على كلّ من العبادتين؟

يتكفّل البحث الإجابة عن هذه التساؤلات من خلال ما يطرحه من فرضيّات عدّة، يمكن من خلالها أن نقف على عدّة وجوه ونقاط، من شأنها الإجابة عن هذه التساؤلات، أو يمكن أن تكون سبباً لجعل روايات فضل الحجّ والعمرة عدلاً لفضل زيارة الإمام الحسين×.

النقطة الثالثة: أهمّية الحجّ والعمرة وزيارة الإمام الحسين×

بما أنّ الله سبحانه وتعالى أراد من عباده الطاعة والتسليم له تعالى، فقد ـ أصدر بحكم مولويّته ـ أحكاماً (أوامر ونواهي)، وأوجب على عباده العمل وفق الأوامر والانتهاء عن النواهي؛ وهذه الأحكام تابعة لملاكات (مصالح ومفاسد) يعلمها الله تعالى، ويعلم بما تؤول إليه عواقبها. ونظراً لتلك الملاكات؛ فإنّ بين الأحكام تفاوتاً في الأهمّية، واختلافاً في وجود المصلحة فيها، فمنها ما يكون ملاكه أقوى من الآخر؛ لذلك يتقدّم الأهمّ ملاكاً ومصلحة على الآخر إذا كان بينهما تزاحم في الأداء ومقام الطاعة.

ويتّضح اهتمام الشارع من خلال قوّة البعث والحثّ على تلك العبادات والطاعات، فالتناسب بينهما طردي، أي: كلّما كان البعث نحو الطاعة أكثر والحثّ عليها أشدّ، فإنّه يكشف عن عظم مصلحة هذه الطاعة وملاكها، وبالتالي ترتّب الثواب الجزيل للمطيع، وتوعّد العاصي بالعقاب الشديد.

هذا؛ ويقوم الشارع في بعض الأحيان ببيان ملاك الحكم ومصلحته للمكلّفين؛ لشدّة إرادته وبعثه نحو تحقيق ذلك، ومن هذه العبادات الحجّ والزيارة، فإنّ البعث الشديد من خلال الروايات الواردة فيها وتقديمها على سائر العبادات ومحالّ الطاعات في بعض الظروف والأحيان، يكشف عن عظيم الأهمّية لها؛ وذلك لما تحتويه من مصالح عليا تهمّ المسلمين جميعاً، وليس على المستوى الشخصي للمكلّف فقط؛ فإنّها إضافة إلى تأثيرها الشخصي على المستوى الفردي، فإنّ تأثيرها الجمعي أعلى وأكبر.

وهذا ما نجده واضحاً في روايات أهل البيت^، ففي كلام لأمير المؤمنين× في خطبة له في (نهج البلاغة) يوضّح فيها مدى أهمّية عبادة الحجّ وما لها من تأثير على المجتمع والفرد من تغذية روحية للفرد، وقوّة للدين وشوكته، حيث قال×: «وفرض عليكم حجّ بيته الحرام الذي جعله قبلة للأنام، يردونه ورود الأنعام، ويألهون إليه ولوه الحمام، جعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته، وإذعانهم لعزّته. واختار من خلقه سمّاعاً أجابوا إليه دعوته، وصدّقوا كلمته، ووقفوا مواقف أنبيائه، وتشبّهوا بملائكته المطيفين بعرشه، يحرزون الأرباح في متجر عبادته، ويتبادرون عند موعد مغفرته، جعله سبحانه وتعالى للإسلام علماً، وللعائذين حرماً، فرض حجّه، وأوجب حقّه، وكتب عليكم وفادته، فقال سبحانه: (ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ)^{^[7]}»^{^[8]}.

فالحجّ والعمرة يمثّلان أعلى مراتب التوحيد لله تعالى، والإخلاص في عبادته، والطاعة والتسليم لأوامره تعالى ونواهيه، فهما من الشعائر الإلهية التي أجراها الله تعالى على يد النبي إبراهيم وابنه إسماعيل÷ اللذين ضربا المثل الأعلى لقيم التوحيد والطاعة والتسليم والفداء والعبادة الخالصة لله تعالى؛ ولهذا جعل الله تلك القيم فرضاً على الناس، ومثالاً يحتذى به، وشعائر خالدة على مرّ الأزمنة والعصور.

فكلّ مَن يقف تلك المواقف سوف يستلهم تلك القيم التوحيدية، من إخلاص وتضحية وتسليم لله تعالى، وعلى ذلك سار الأنبياء من ولد إبراهيم^، كما قال الله تعالى على لسان إبراهيم×: (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)^{^[9]}، حيث وصلت إلى خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد|، وامتدَّت من بعده إلى أمير المؤمنين علي× والحسن والحسين وسائر الأئمّة من بعدهم^، فقد ورثوا مبادئ التوحيد لله تعالى، والعبودية الخالصة له، والتسليم له تعالى في أشدّ الظروف وأصعب المواقف، فقد جاء في إحدى زيارات المولى أبي عبد الله الحسين×: «السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا وارِثَ إِسْماعِيلَ ذَبِيحِ اللهِ...»^{^[10]}.

وكما جعل الله تعالى بيته الحرام مهوى لأفئدة الناس استجابة لدعاء إبراهيم×، وحثّ الناس نحو الحجّ إليه واعتماره، كذلك جعل الله تعالى قبر الحسين× مهوى لأفئدة المؤمنين، وهذا ما ورد ـ كما سيأتي ـ على لسان أهل البيت^، فأصبح المقام عنده وزيارة مضجعه الشريف له من الفضل ما يعدل المقام عند بيت الله الحرام.

وموضوع التشابه بين الفضائل والآثار المعنوية والمادّية بين الحجّ والعمرة وبين زيارة الحسين×، ولّد لدى الباحث رغبة في إجراء المقارنة بينهما وذلك في محورين:

المحور الأوّل: الروايات التي وردت في فضل الزيارة مقارنة بالحجّ والعمرة

إنّ لسان الروايات الشريفة الواردة في فضل زيارة الإمام× كانت بصدد المقارنة بين ذلك الفضل وبين ما ورد من فضل الحجّ والعمرة وما لهما من الثواب الجزيل. ويمكننا تقسيم تلك الروايات إلى قسمين، هما:

القسم الأوّل: الروايات المقارِنة بين فضل الزيارة والحجّ والعمرة على نحو الإفراد

1ـ زيارة الإمام الحسين× تعدل عمرة، فعن محمّد بن سنان، قال: سمعت الرضا× يقول: «زيارة قبر الحسين× تعدل عمرة مبرورة متقبّلة»^{^[11]}.

2ـ زيارة الإمام الحسين× تعدل حجّة وعمرة، فعن عبد الكريم بن حسّان، قال: قلت لأبي عبد الله×: ما يقال: إنّ زيارة قبر أبي عبد الله الحسين× تعدل حجّة وعمرة؟ فقال: «إنّما الحجّ والعمرة هاهنا، ولو أنّ رجلاً أراد الحجّ ولم يتهيّأ له فأتاه كتب الله له حجّة، ولو أنّ رجلاً أراد العمرة ولم يتهيّأ له فأتاه كتب الله له عمرة»^{^[12]}.

3ـ زيارة قبر الإمام الحسين× تعدل حجّة مبرورة مع رسول الله|،
فعن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر×، قال: «زيارة قبر الحسين× وزيارة قبر
رسول الله| وزيارة قبور الشهداء تعدل حجّة مبرورة مع رسول الله|»^{^[13]}.

القسم الثاني: الروايات المقارِنة بين فضل الزيارة والحجّ والعمرة بنحو التعدّد

1ـ عن بشير الدّهان، قال: قلت لأبي عبد الله×: «ربّما فاتني الحج فأُعرّف عند قبر الحسين×، قال: أحسنت يا بشير، أيّما مؤمن أتى قبر الحسين× عارفاً بحقّه في غير يوم عيد، كتب الله له عشرين حجّة وعشرين عمرة مبرورات مقبولات، وعشرين حجّة مع نبيّ مرسل أو امام عادل. ومَن أتاه في يوم عيد كتب الله له مئة حجّة ومئة عمرة ومئة غزوة مع نبيّ مرسل أو إمام عدل. قال: فقلت له: وكيف لي بمثل الموقف؟ قال: فنظر إليّ شبه المغضب، ثمّ قال: يا بشير، إنّ المؤمن إذا أتى قبر الحسين× يوم عرفة واغتسل في الفرات، ثمّ توجّه إليه، كتب الله له بكلّ خطوة حجّة بمناسكها، ولا أعلمه إلّا قال: وغزوة»^{^[14]}.

2ـ عن بشير الدهّان، عن جعفر بن محمد÷، قال: «مَن زار قبر الحسين× يوم عرفة عارفاً بحقّه كتب الله له ثواب ألف حجّة وألف عمرة وألف غزوة مع نبيّ مرسل، ومَن زاره أوّل يوم من رجب غفر الله له البتّة»^{^[15]}.

3ـ عن بشير الدهّان، قال: قال أبو عبد الله×: «أيّما مؤمن زار الحسين× عارفاً بحقّه في غير عيد ولا عرفة، كتب الله له عشرين حجّة وعشرين عمرة مبرورات متقبّلات، وعشرين غزوة مع نبيّ مرسل أو إمام عدل»^{^[16]}.

4ـ عن أبي سعيد المدائني، قال: دخلت على أبي عبد الله× فقلت: «جُعلت فداك، آتي قبر الحسين×؟ قال: نعم يا أبا سعيد، ائت قبر ابن رسول الله|، أطيب الطيّبين وأطهر الطاهرين وأبرّ الأبرار، فإذا زرته كُتِبَ لك اثنتان وعشرون عمرة»^{^[17]}.

5ـ عن يزيد بن عبد الملك، قال: كنت مع أبي عبد الله× فمرّ قوم على حمير، فقال: «أين يُريد هؤلاء؟ قلت: قبور الشهداء. قال: فما يمنعهم من زيارة الشهيد الغريب؟ قال: فقال له رجل من العراق: وزيارته واجبة؟ قال: زيارته خير من حجّة وعمرة، حتّى عدّ عشرين حجّة وعمرة، ثمّ قال: مبرورات متقبّلات. قال: فوالله ما قمت حتّى أتاه رجل فقال له: إنّي قد حججت تسع عشرة حجّة، فادعُ الله لي أن يرزقني تمام العشرين. قال: فهل زرت قبر الحسين×؟ قال: لا. قال: إنّ زيارته خير من عشرين حجّة»^{^[18]}.

6ـ عن أبي سعيد المدائني، قال: دخلت على أبي عبد الله× فقلت: «جُعلت فداك، آتي قبر الحسين×؟ قال: نعم يا أبا سعيد، ائت قبر الحسين ابن رسول الله| أطيب الأطيبين وأطهر الطاهرين وأبرّ الأبرار، فإنّك إذا زرته كتب الله لك به خمسة وعشرين حجّة»^{^[19]}.

7ـ عن حذيفة بن منصور قال: قال أبو عبد الله×: «كم حججت؟ قلت: تسعة عشر. قال: فقال: أما إنّك لو أتممت إحدى وعشرين حجّة لكنت كمَن زار الحسين×»^{^[20]}.

8ـ عن مالك بن عطية، عن أبي عبد الله×، قال: «مَن زار الحسين× كتب الله له ثمانين حجّة مبرورة»^{^[21]}.

9ـ عن صالح النيلي، قال: قال أبو عبد الله×: «مَن أتى قبر الحسين× عارفاً بحقّه كان كمَن حجّ مئة حجّة مع رسول الله|»^{^[22]}.

10ـ عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله×، قال: قلت له: «ما لمـَن أتى قبر الحسين× زائراً عارفاً بحقّه غير مستكبر ولا مستنكف؟ قال: يكتب له ألف حجّة وألف عمرة مبرورة، وإن كان شقيّاً كُتِبَ سعيداً، ولم يزل يخوض في رحمة الله}»^{^[23]}.

المحور الثاني: رؤى في تحليل الروايات الشريفة المتقدّمة

من خلال قراءة عدد من الروايات التي تناولها البحث في المحور السابق، والتي تضمّنت حثّ المعصوم× على زيارة الإمام الحسين×، وأنّ فضلها كبير يعادل أو يفوق فضل الحجّ في بعض الظروف، يمكننا الوقوف على الوجوه التالية التي يمكن من خلالها تصوّر السبب وراء جعل كلّ حجّ بيت الله الحرام وزيارة المولى أبي عبد الله× مادّة للمقارنة، وكيفية المفاضلة فيما بينهما:

أوّلاً: التشابه بين الفضائل والآثار المعنوية والمادّية للحجّ والعمرة وزيارة الإمام الحسين×

إنّ هنالك تشابهاً بين الفضائل والآثار المعنوية والمادّية للحجّ والعمرة ولزيارة الحسين×، حيث نشير إلى أهمّ تلك الآثار ومصادرها الروائية بما يناسب مقام البحث من دون ذكر الرواية نفسها؛ طلباً للاختصار:

أ) إنّ أهمّ الفضائل والآثار المعنوية والمادّية التي يصيبها الحاجّ والمعتمر بحسب ما ورد في الروايات، يمكن تصنيفها إلى ما يندرج تحت الآثار المعنوية والأُخروية التي يحصل عليها الحاجّ والمعتمر لبيت الله الحرام، وهي: وجوب الجنّة، استئناف العمل من جديد، العتق من النار، غفران الذنوب، الخروج من الذنوب كيوم ولدته أُمّه، الحاجّ أو المعتمر في ضمان الله إن أبقاه أدّاه إلى عياله وإن أماته أدخله الجنّة، إجابة الدعوة، الشفاعة له إن شفع لأحد، رضا أهل التبعات عنه، دفع ميتة السوء، غفران الذنوب ما تقدّم منها وما تأخّر، الوقاية من عذاب القبر، أمن من الفزع الأكبر يوم القيامة، دعوة الملائكة له إذا تخلّف عن الحجّ^{^[24]}.

أمّا ما يندرج تحت الآثار والفضائل المادّية والدنيوية التي يصيبها الحاجّ والمعتمر، فمنها: صحّة الأبدان، سعة الأرزاق، كفاف مؤونة العيال، الحفظ في الأهل والمال، كثرة المال، لا يحالف الفقر والحمّى، نفي الفقر، العوض بالمال الدرهم بألف^{^[25]}.

ب) وكما تقدّم في الحجّ والعمرة؛ فإنّ زيارة قبر المولى أبي عبد الله× ـ كما ورد في الروايات الشريفة الواردة عن أهل البيت^ ـ لها كذلك مجموعة آثار وفضائل معنوية ومادّية.

أمّا الآثار المعنوية والأُخروية، فمنها: غفران الذنوب، رفع الدرجات، رضا الله عنه، دعاء النبي محمد| ودعاء أمير المؤمنين والأئمّة^ له، كون الزائر في كرامة الله}، حرمة غيبته، حرمة لحمه على النار، لم يسأل الله شيئاً إلّا أعطاه وأجابه فيه، إمّا أن يعجّله وإمّا أن يؤخّره له، الكون في جوار النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين، دخول الجنّة قبل الناس، يغفر له ذنوب خمسين سنة، يرجع إلى أهله وما عليه وزر ولا خطيئة إلّا وقد محيت من صحيفته، أفضل ما يكون من الأعمال، زيارة الله في عرشه وزيارة رسوله، الكون في أعلى علّيين، زيارته× تحطّ الذنوب، تعدل عتق الرقاب، وزوّاره× مشفّعون^{^[26]}.

أمّا الآثار المادّية والدنيوية؛ فمنها: الدرهم بألف درهم، لمـَن جهّزه إليه يُعطيه بكلّ درهم أنفقه مثل جبل أحد من الحسنات، يُخلف عليه أضعاف ما أنفق، يُصرف عنه البلاء، يُحفظ في ماله، يجلب الرزق على العبد، الحفظ في النفس والأهل، أيّام الزيارة لا تُعدّ من العمر، زيادة الرزق والعمر، تنفيس الكرب، قضاء الحوائج^{^[27]}.

ثانياً: فضائل الحجّ والعمرة كثيرة بالقياس إلى سائر العبادات الأُخرى ومحالّ الطاعة

إنّ فضائل الحجّ والعمرة كثيرة بالقياس إلى سائر العبادات الأُخرى ومحالّ الطاعة، وفي ذات الصدد نجد أنّ الروايات الشريفة بيّنت أنّ فضل الزيارة يصل إلى مستويات عالية جدّاً حتّى أنّه يفوق فضل الحجّ والعمرة مع ما به من فضل كبير.

وهذا أُسلوب من أساليب الحثّ والبعث بشدّة نحو أمر مهمّ؛ فإنّ بيان فضيلة ما تتعلّق بفعل من الأفعال يعطي زخماً كبيراً وواسعاً من الحثّ والبعث، ثمّ إنّه بالانتقال إلى بيان فضيلة عمل آخر والمساواة بين الفضيلتين أو الترقّي بفضيلة العمل الثاني أكثر من الأوّل، يوقع المتلقّي في حيرة وتعجّب ممّا سمع، ويُثار بذلك انتباه السائل أو المتلقّي الذي ربّما لم يكن ملتفتاً إلى هذا الأمر، وهذا ما يسمّى بـ: (العصف الذهني)، وهو أُسلوب من أساليب التعليم الذي يضع السائل في حالة من الجاهزية والترقّب لما سيأتي، باعثاً له نحو العمل بشدّة وشوق.

وهذا الأُسلوب بدا واضحاً في الروايات التي تحدّثت عن فضل الزيارة على الحجّ أو كونها عدلاً له، فترى السائل أو المتلقّي سأل الإمام متعجّباً (حجّة وعمرة؟!)، والإمام× يجيب بنعم، أو يترقّى إلى أكثر من ذلك فيجعل الزيارة تعدل حجّتين أو ثلاث... أو مئة، وأحياناً يترقّى أكثر من ذلك فيجعل زيارته× بمنزلة الحجّ مع رسول الله|، ولعلّه× يريد بذلك البعث الشديد نحو الزيارة.

وعلاوة على ما تقدّم من روايات؛ نذكر للقارئ الكريم هذه الرواية التي هي عن أبي عبد الله×، والتي قال فيها: «كان الحسين بن علي÷ ذات يوم في حجر النبي| يلاعبه ويضاحكه، فقالت عائشة: يا رسول الله، ما أشدّ إعجابك بهذا الصبي؟! فقال لها: ويلك، وكيف لا أُحبّه ولا أعجب به، وهو ثمرة فؤادي وقرّة عيني؟! أما إنّ أُمّتي ستقتله، فمَن زاره بعد وفاته كتب الله له حجّة من حججي. قالت: يا رسول الله، حجّة من حججك؟! قال: نعم، وحجّتين من حججي. قالت: يا رسول الله، حجّتين من حججك؟! قال: نعم، وأربعة. قال: فلم تزل تزاده ويزيد ويضعف حتّى بلغ تسعين حجّة من حجج رسول الله| بأعمارها»^{^[28]}.

وغير ذلك الكثير من الروايات التي وردت بهذا الأُسلوب، حيث ترى السائل يقع متحيّراً ومتعجّباً من كثرة ما سمعه من النبي أو الإمام÷، فيكون ذلك باعثاً له نحو الزيارة بشدّة، حتّى أنّ أحدهم يتمنّى زيارة المولى أبي عبد الله× بدل ذهابه إلى الحجّ، فعن معاوية بن وهب، قال: استأذنت على أبي عبد الله× فقيل لي: اُدخل، فوجدته في مصلّاه في بيته، فجلست حتّى قضى صلاته، فسمعته وهو يناجي ربّه وهو يقول: «اللهمّ يا مَن خصّنا بالكرامة، ووعدنا بالشفاعة، وخصّنا بالوصية، وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا، اغفر لي ولإخواني، وزوّار قبر أبي عبد الله الحسين، الذين أنفقوا أموالهم، وأشخصوا أبدانهم، رغبة في برّنا، ورجاء لما عندك في صلتنا... فما زال يدعو وهو ساجد بهذا الدعاء، فلمّا انصرف قلت: جُعلت فداك، لو أنّ هذا الدعاء الذي سمعت منك كان لمـَن لا يعرف الله}لظننت أنّ النار لا تطعم منه شيئاً أبداً، والله لقد تمنّيت أنّي كنت زرته ولم أحجّ. فقال لي: ما أقربك منه، فما الذي يمنعك من زيارته؟! ثمّ قال: يا معاوية، ولِمَ تدع ذلك؟ قلت: جُعلت فداك، لم أدرِ أنّ الأمر يبلغ هذا كلّه. فقال: يا معاوية، مَن يدعو لزوّاره في السماء أكثر ممّن يدعو لهم في الأرض»^{^[29]}.

ثالثاً: تجسيد عقيدة التوحيد في الحجّ والزيارة

تجسّدت عقيدة التوحيد في كلتا العبادتين، فعبادة الحجّ تحتوي على مضامين توحيدية لله تعالى وإخلاص له سبحانه وتعالى، تضمّنتها أعمال الحجّ، من الإحرام وواجباته، من نيّة خالصة لله وتلبية (لبيك اللهمّ لبيك)؛ استجابة للنداء
الإلهي: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ)^{^[30]}، وإلى أمره} بالطواف: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)^{^[31]}، والسعي: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)^{^[32]}، وإلى سائر الأعمال، كالوقوف في عرفة والمشعر، وأعمال منى، ففي كلّ ذلك تجسيداً لعقيدة التوحيد.

وأمّا الزيارة فهي تحمل المعنى ذاته؛ حيث تتجلّى فيها عقيدة التوحيد ومظاهره، والإخلاص لله والتسليم له، والتفاني في طاعته، وذلك في نصوصها وعباراتها بشكل واضح، كمظهر خلافة الله في الأرض: «السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله...»^{^[33]}. ومظهر الدعوى إلى الله وحده: «لبّيك داعي الله»^{^[34]}. ومظهر الخشية من الله وحده: «ولم تخشَ أحداً غيره»^{^[35]}. ومظهر الحاكمية لله وحده: «وأشهد أنّ دعوتك حقّ، وكلّ داع منصوب غيرك فهو باطل مدحوض»^{^[36]}. ومظهر الإخلاص لله تعالى: «ولم تجب إلّا الله وحده»^{^[37]}.

وغير ذلك من مظاهر التوحيد التي جسّدها الإمام الحسين×؛ فإنّ مَن يأتي إلى الزيارة سوف يقف على تلك المظاهر التوحيدية التي جعلت من فضائل الزيارة أن تُعدّ عدلاً أو تزيد على فضائل الحجّ والعمرة في بعض الأحيان والظروف.

رابعاً: الزيارة امتداد للحجّ

الزيارة امتداد للحجّ، فلا تعني مواجهة الحجّ، حيث تأخذ الزيارة قدسيّتها وشرفها من المزور، فالإمام الحسين× بتلك النهضة، يُعدّ امتداداً للتضحية والفداء، وللنهضة الإبراهيمية التي تضمّنتها عبادة الحجّ، فهو× وارث تلك النهضة والرسالة المباركة، كما نقول ذلك في زيارته: «السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث إسماعيل ذبيح الله»^{^[38]}، وهذه الوراثة أقرّها القرآن الكريم من قبل كما في قوله تعالى: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)^{^[39]}.

وقد ورد في رواية أنّ الذِبح العظيم في قصّة ذبح النبي إسماعيل× هو الإمام الحسين×، فعن الفضل بن شاذان قال: سمعت الرضا× يقول: «لمّا أمر الله} إبراهيم× أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه، تمنّى إبراهيم× أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده، وأنّه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه، ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعزّ ولده عليه بيده، فيستحقّ بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، فأوحى الله} إليه: يا إبراهيم، مَن أحبّ خلقي إليك؟ فقال: يا ربّ، ما خلقت خلقاً هو أحبّ إلي من حبيبك محمّد|... قال [}]: يا إبراهيم، فإنّ طائفة تزعم أنّها من أُمّة محمّد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلماً وعدواناً كما يُذبح الكبش، ويستوجبون بذلك سخطي. فجزع إبراهيم× لذلك، وتوجّع قلبه، وأقبل يبكي، فأوحى الله} إليه: يا إبراهيم، قد فديتُ جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين وقتله، وأوجبتُ لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، وذلك قول الله} (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)^{^[40]}»^{^[41]}.

والفداء كان لإسماعيل× من أحفاده، فلو ذُبح× لانقطعت سلسلة النبوّة، ولم يوجد نبيّنا، وكذا سائر الأئمّة وسائر الأنبياء من ولد إسماعيل×، فكأنّه عوّض عن ذبح الكلّ وعدم وجودهم بالكلّية بذبح واحد من الأجزاء بخصوصه، ولا شكّ في أنّ مرتبة كلّ السلسلة أعظم وأجلّ من مرتبة الجزء بخصوصه^{^[42]}، فالحجّ يُحاكي المسيرة الإبراهيمية التي تضمّنت الطاعة والتضحية والفداء والتسليم لأمر الله تعالى، وقد جسّد ذلك الإمام الحسين× في كربلاء عندما قدّم جميع أولاده حتّى الرضيع منهم وإخوانه وأهل بيته وأصحابه قرابين لله تعالى، هذه هي الروح التي أرادها الله تعالى في الحجّ.

خامساً: الحجّ والزيارة محلّ لاجتماع المسلمين

إنّ الحجّ محلّ اجتماع المسلمين، وفي ذلك تقوية للدين وإظهار لقوّة الإسلام وثباته، حيث يتجمّع المسلمون من جميع بقاع المعمورة من مختلف الأجناس واللغات والألوان والأعراف والأنساب، في زمان واحد ومكان واحد، وهذا ممّا يبعث برسالة إلى الذين يتربّصون بالدين العداء، بأنّ الدين قويّ ثابت متماسك موحّد. وكذلك يُعدّ هذا التجمّع محلّ تعارف بين المسلمين وتبادل أفكار ورؤى بين مختلف الثقافات، وهذا ما نجده واضحاً في كلام أمير المؤمنين×: «فرض الله الإيمان تطهيراً من الشرك، والصلاة تنزيهاً عن الكبر، والزكاة تسبيباً للرزق، والصيام ابتلاء لإخلاص الخلق، والحجّ تقربة للدين^{^[43]}»^{^[44]}.

وقريب من هذا المعنى ما ورد في خطبة الزهراء’ في مقام بيانها لفلسفة علّة الأحكام الشرعية: «فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر، والزكاة تزكية للنفس، ونماءً في الرزق، والصيام تثبيتاً للإخلاص، والحجّ تشييداً للدين»^{^[45]}. فتشييد الدين ورصّ بنيانه يكون باجتماع أهله وتوحّدهم وإظهار تماسكهم وقوّتهم، وهذا ما يبعث برسالة إلى المتربّصين لإيقاع الشرّ بهم والنيل منهم، بأنّ هذا الدين قائم وعزيز لا يمكن النيل منه ومن أهله، كما ورد عن أبي بصير، عن أبي عبد الله× أنّه قال: «لا يزال الدين قائماً ما قامت الكعبة»^{^[46]}.

وهذا ما نجده يتحقّق في زيارة الإمام الحسين× فيقصد زيارته الجميع من مختلف الأجناس والأعراف واللغات والألوان، خصوصاً ما نراه واضحاً في الزيارة الأربعينية من تجمّع مليوني يربو على تجمّع الحجّ بأضعاف العدد، وهذا يُعدُّ تشييداً للدين وقوّة لا يمكن مواجهتها ومنعها بشتّى الطرق، ومهما اجتهد العدوّ في ذلك، حتّى وإن عمد إلى استخدام أرخص الأساليب وأخسّها للنيل منها، بإطلاق الإشاعات والدعايات المغرضة تجاه هذه المسيرة الإلهية التي تتضاعف في كلّ عام، فتكثير السواد في زيارة الإمام الحسين× ـ إذاً ـ هو تقوية للدين وتشييد وتعظيم له ولشعائر الله تعالى كما كان ذلك في الحجّ والعمرة.

سادساً: التفضيل بين الحجّ المستحبّ والزيارة

لم يكن تفضيل الإمام× في بعض الروايات للزيارة ناظراً فيه إلى تفضيلها على الحجّ الواجب (حجّة الإسلام)، وإنّما كانت الروايات ناظرة إلى الحجّ المستحبّ والعمرة المستحبّة دون الواجب كما مرّ في الرواية المروية عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله× أنّه قال: «الزيارة إلى قبر الحسين× حجّة، وبعد الحجّة حجّة وعمرة بعد حجّة الإسلام»^{^[47]}.

أو أنّه× ناظر إلى جعل الزيارة عوض الحجّ لمـَن لا يستطيع الحجّ في عامه، حيث لم يكن الحجّ متاحاً لكلّ الناس وإنّما يُحدّ بعدد معيّن، خصوصاً في العصور المتأخّرة، وكذلك تكون الزيارة في كثير من الأحيان أقلّ مؤونة من الحجّ من حيث المال وعدد أيّام الإقامة، ولا توجد فيها كلفة بعض الأعمال مثل ذبح الهدي وغيرها من الأعمال التي توجب البذل المالي، فجعل الإمام× الزيارة عوضاً لمـَن فاته الحجّ في عامه؛ لكيلا يُحرم الطاعة والعبادة لله تعالى، ويكون دائماً في حال طاعة وتوجّه لله تعالى، فعن يونس، عن الرضا×، قال: «مَن زار قبر الحسين× فقد حجّ واعتمر. قال: قلت: يُطرح عنه حجّة الإسلام؟ قال: لا، هي حجّة الضعيف حتّى يقوى ويحجّ إلى بيت الله الحرام...»^{^[48]}.

وعليه؛ فمن خلال ما تقدّم يتّضح أنّ المراد هو الحجّ المستحبّ؛ لأنّ الواجب أقوى ملاكاً ومصلحة من المستحبّات الأُخرى التي تتزاحم معه.

نعم، قد يكون في بعض الأحيان الأمر المستحبّ ملاكه ومصلحته أعظم بالنظر الى المصالح العليا للشريعة المقدّسة، كما في مسألة تحية الإسلام (السلام عليكم...)، فإنّ ابتداءه مستحبّ وردّه واجب، في حين أنّ الثواب الأكثر لمـَن ألقى السلام مع أنّه مستحبّ.

وهذا الأمر ليس منحصراً عند أتباع أهل البيت^، فقد ذهب إليه بعض علماء الجمهور من المسلمين، وهو الصنهاجي القرافي، حيث ذكر في معرض كلامه عن الفرق بين قاعدة المندوب الذي لا يقدّم على الواجب، وقاعدة المندوب الذي يقدّم على الواجب ما نصّه: «إنّ المندوبات قسمان: قسم تقصر مصلحته عن مصلحة الواجب، وهذا هو الغالب... ثمّ إنّه قد وُجد في الشريعة مندوبات أفضل من الواجبات، وثوابها أعظم من ثواب الواجبات، وذلك يدلّ على أنّ مصالحها أعظم من مصالح الواجبات؛ لأنّ الأصل في كثرة الثواب وقلّته كثرة المصالح وقلّتها»^{^[49]}.

سابعاً: اقتران السفر للحجّ والزيارة بالمشقّة والتعب والكلفة

إنّ السفر للحجّ والزيارة دائماً يقتضي المشقّة والتعب والكلفة، حيث يتضمّن المشقّة البدنية والكلفة المالية، وما يتبع ذلك من البُعد عن الأهل والأوطان، وترك الأعمال اليومية والوظيفية ومقتضيات المعيشة، وتحمّل مشاقّ الطريق وخطورته وبُعد المسافة، ومواجهة الظروف الجغرافية والجوية، وغير ذلك من أُمور يقتضيها السفر، فليس الحجّ والزيارة كباقي العبادات، من قبيل الصلاة التي لا تحتاج إلى مقتضيات السفر ولوازمه، وكذلك الصوم، والفرائض الأُخرى التي ليس لها مؤونة سوى أدائها، فمَن يريد أداء عبادة الحجّ فعليه السفر وتهيئة مقدّماته من زاد وراحلة ونحو ذلك، وهكذا في زيارة الإمام الحسين×، فإنّها تقتضي تلك اللوازم أيضاً.

وبهذا اللحاظ يمكن ملاحظة الروايات التي جعلت الحجّ مادّة للمقارنة في الحثّ على زيارة الإمام الحسين×، فكأنّها تريد القول: إنّ الثواب المترتّب على تحمّل مشقّة سفر الزيارة وما يتبعه من مشقّة لا يقل، بل يزيد في بعض الأحيان على تحمّل ثواب السفر للحجّ.

ثامناً: التشابه بين الحجّ والزيارة في إكرام الضيوف

إنّ ثمّة تشابهاً بين الحجّ والزيارة من جهة إكرام وفودهما؛ فإنّ من الأُمور التي يمكن ملاحظتها في الحجّ منذ زمنه الأوّل وإلى هذا الزمان، هي قضية إطعام الحجيج وسقيا زمزم، فكانت العرب قبل الإسلام تتنافس فيما بينها على شرف إطعام الحجيج، وسقيا الماء لهم، وكانوا يتفاخرون بذلك حتّى بعد دخولهم في الإسلام، قال تعالى: (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ...)^{^[50]}.

هذا؛ وأنّ كثيراً من الروايات حثّت على ذلك، وأجزلت الثواب لمـَن قام بهذا الفعل، وخدمة الحجّاج، بتوفير مقتضيات المسافرين من إقامة وزاد وسقيا. وهذا المعنى يتجلّى واضحاً عند زيارة الإمام الحسين× وما يقوم به أهل مدينة كربلاء وأهل المدن الأُخرى التي تقع على طريق الزيارة من بذل وعطاء منقطع النظير مدّة أيّام وأسابيع، بل بعض الناس يعرض هذه الخدمة طول أيّام السنة، وهذا الأمر قد فاق ـ على ما نراه ـ ما يُبذل في الحجّ بأضعاف مضاعفة من دون تمييز بين الزوّار بعرق أو لسان أو لون أو منصب أو مركز اجتماعي أو ديني، فكلّهم سواسية تحت عنوان زوّار الإمام الحسين×.

تاسعاً: تفضيل الزيارة على بعض العبادات الأُخرى

لم تقتصر الروايات على تفضيل الزيارة على الحجّ فقط، ولم يكن الحجّ العبادة الوحيدة التي جُعلت مادّة للمقارنة بينها وبين الزيارة، فهناك روايات فضّلت الزيارة على بعض الأعمال العبادية، مثل الصوم والجهاد والصدقة، وهذا ما تناوله عدد من الروايات، نذكر بعضها مع الاقتصار على محلّ الشاهد.

فمنها: ما عن أبي جعفر×، قال: «مَن أتاه تشّوقاً كتب الله له ألف حجّة متقبّلة، وألف عمرة مبرورة، وأجر ألف شهيد من شهداء بدر، وأجر ألف صائم، وثواب ألف صدقة مقبولة، وثواب ألف نسمة أُريد بها وجه الله...»^{^[51]}.

ومنها: ما عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله×، قال: «سألته عن زيارة قبر الحسين×، قال [×]: إنّه أفضل ما يكون من الأعمال»^{^[52]}. وبتعبير آخر: أحبّ الأعمال إلى الله كما في الرواية عن أبي عبد الله×، قال: «من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى زيارة قبر الحسين×»^{^[53]}.

ومنها: ما عن بشير الدهّان، قال: قال أبو عبد الله×: «أيّما مؤمن زار الحسين بن علي× عارفاً بحقّه في غير يوم عيد كُتبت له عشرون حجّة وعشرون عمرة مبرورات متقبّلات، وعشرون غزوة مع نبيّ مرسل أو إمام عادل»^{^[54]}.

عاشراً: زيارة الإمام الحسين× عدل الحجّ

إنّ زيارة الإمام الحسين× ليست العبادة الوحيدة التي جعلتها الروايات عدلاً للحجّ أو فُضّلت عليه في روايات أُخرى، فهناك عبادات أُخرى فُضّلت على الحجّ، منها: ما عن أبي جعفر× قال: «زيارة قبر رسول الله| وزيارة قبور الشهداء وزيارة قبر الحسين بن علي× تعدل حجّة مبرورة مع رسول الله|»^{^[55]}.

وعن أبي عبد الله×، قال: «من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى زيارة قبر الحسين×، وأفضل الأعمال عند الله إدخال السرور على المؤمن، وأقرب ما يكون العبد إلى الله تعالى وهو ساجد باكٍ»^{^[56]}.

وهذا الأمر يختلف باختلاف الأشخاص وأحوالهم، والموارد المؤثّرة والمصالح المترتّبة على ذلك، فكما أنّ هنالك عبادات وأعمالاً يكون فضلها أعلى من فضل الحجّ المستحبّ، «فهناك روايات كثيرة تدلّ على أفضلية زيارة الإمام الحسين×، ولعلّ الأمر يختلف باختلاف الظروف والأحوال»^{^[57]}.

كما نُقل: «أنّ النبي| سُئل: أيّ الأعمال أفضل؟ فقال: الصلاة لأوّل وقتها. وسُئل أيضاً: أيّ الأعمال أفضل؟ فقال: برّ الوالدين. وسُئل: أيّ الأعمال أفضل؟ فقال: حجّ مبرور. فخصّ كلّ سائل بما يليق بحاله من الأعمال، فيقال: كان السائل الأوّل عاجزاً عن الحجّ ولم يكن له والدان، فكان الأفضل بحسب حاله الصلاة، والثاني كان له والدان محتاجان إلى برّه فكان الأفضل له ذلك»^{^[58]}.

ولا يقتصر هذا الأمر عند الفقه الإمامي فقط، وإنّما ذهب عدد من علماء الجمهور إلى تفضيل بعض العبادات أو أعمال أُخرى أو أوقات معيّنة على الحجّ، فهذا الطبراني ينقل في معجمه الكبير عن أبي أُمامة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [واله] وسلّم: «مَن صلّى صلاة الغداة في جماعة، ثمّ جلس يذكر الله حتّى تطلع الشمس، ثمّ قام فركع ركعتين انقلب بأجر حجّة وعمرة»^{^[59]}.

وكذلك المتّقي الهندي ينقل عن «مطر، عن الحسن، عن أبي الوقّاص، قال: سهام المؤذّنين عند الله يوم القيامة كسهام المجاهدين، وهم فيها بين الأذان والإقامة كالمتشحّط في دمه في سبيل الله. قال: وقال عبد الله بن مسعود: لو كنت مؤذّناً ما باليت ألّا أحجّ ولا أعتمر ولا أُجاهد»^{^[60]}.

كما نقل العجلوني الجرّاحي أنّ ابن جماعة روى في منسكه الكبير عن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أنّه قال: «ردّ دانق من حرام يعدل عند الله سبعين حجّة»^{^[61]}. إلى غير ذلك من الأحاديث والروايات الكثيرة في كتب علماء الجمهور من سائر المذاهب الأُخرى.

حادي عشر: التشابه بين الزيارة والحجّ من جهة كثرة الورود عليها من قبل المؤمنين

هنالك تشابه بين الزيارة والحجّ من جهة كثرة الورود عليها من قبل المؤمنين، وكذلك الزحام واشتداد التدافع عند أدائها، وهذا ما نراه في الحجّ عند المشاعر المقدّسة في عرفة أو المشعر أو في منى أثناء رمي الجمار، وفي مكّة عند الطواف والسعي، ومن أسباب ذلك سمّيت مكّة ببكّة؛ «لأنّ الناس يبكّ بعضهم بعضاً في الطواف، أي: يزاحم ويدافع. وفي الحديث إنّما سمّيت مكّة ببكّة؛ لأنّها تبكّ فيها الرجال والنساء»^{^[62]}.

واشتداد الزحام والتدافع لا نراه في غير هاتين العبادتين ـ الحجّ والزيارة ـ فعلى مدار السنة نشاهد الزحام والتدافع موجوداً في بيت الله الحرام أثناء الطواف والسعي، وكذلك حول الروضة الطاهرة للنبي|، والمراقد المقدّسة لأهل البيت^ خصوصاً عند سيّد الشهداء أبي عبد الله الحسين×. ولعلّ هذا الوجه من التشابه بين الحجّ والزيارة جعلهما مادّة للمقارنة.

ثاني عشر: الثواب على الحجّ والزيارة كمّاً وكيفاً وبطرق متعدّدة

من الممكن أن يجعل الله تعالى ثواباً واحداً، ويجعل الطرق إليه متعدّدة،، فتارة يُثاب بالحجّ والعمرة، وأُخرى بزيارة الإمام الحسين×، ولا تنافي بين الطرفين، فهذا المقدار من الأجر يمكن أن يحصل من خلال الحجّ والعمرة، أو من خلال الزيارة، والجمع بين الطريقين خير على خير، فعبادة الله سبحانه وتعالى لها طرق متعدّدة، وطاعته لازمة على الجميع، وهو ما حكم به العقل من باب شكر المنعم، وقد جعل الله تعالى لهذه الطاعة وهذا الإلزام طرقاً مختلفة، وفي مقابل ذلك جعل أجراً وثواباً وعطاءً في قبال الطاعة، وعقوبةً لمـَن خالف وعصى، فالأسباب إلى الله تعالى وطرق طاعته متعدّدة، كما قيل: «الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق»^{^[63]}.

هذا؛ ولعلّه في التأمّل نجد وجوهاً أُخرى يمكن تحصيلها من خلال تحليل الروايات الشريفة، لكن نكتفي بما يناسب المقام وغرض البحث، علماً أنّ جميع هذه الوجوه التي عرضناها هي مجرّد احتمالات، أمّا المراد الجدّي المطابق للواقع فعلمه عند أهله، وهم الله تعالى ورسوله والراسخون في العلم من أهل بيت العصمة (سلام الله عليهم أجمعين).

الخاتمة

يمكننا في هذه الخاتمة أن نوجز النتائج التالية التي توصّلنا إليها في الصفحات المتقدّمة من هذا البحث:

1. كانت المعاني اللغوية والاصطلاحية للمفردتين البارزتين في عنوان البحث (الحجّ، الزيارة) متقاربة، فالحجّ معناه اللغوي القصد، واصطلاحاً هو القصد والتوجّه إلى بيت الله الحرام لأداء النُسك، أمّا الزيارة فالمعنى اللغوي لها هو الإتيان بقصد التبرّك، واصطلاحاً عُرّفت بأنّها قصد المزور للتبرّك والتكريم والاستعظام.

2. بحثنا عبارة عن تقديم الإجابة عن مجموعة تساؤلات، من قبيل: لماذا اختار المعصوم× فضائل الحجّ مادّة للمقارنة بينها وبين فضائل الزيارة؟ وهل الحجّ العبادة الوحيدة التي كانت محور المقارنة؟ وغير ذلك من التساؤلات التي تكفّل البحث الإجابة عنها عند عرضه لفرضيّات عدّة وقفنا فيها على عدّة وجوه ونقاط من شأنها بيان السبب الكامن وراء الحديث في الروايات عن فضل زيارة الإمام الحسين× مقارنة مع فضل الحجّ والعمرة.

3. تحظى كلّ من فريضتي الحجّ والعمرة، وشعيرة زيارة الإمام الحسين× بأهمّية واضحة، فهما يختلفان عن سائر العبادات من حيث شدّة الحثّ عليهما، وتأثيرهما على المستوى الشخصي للمكلّف والجمعي للدين ككلّ، من حيث تقوية شوكته وتثبيت ركائزه.

4. توجد روايات متعدّدة قارنت بين فضل زيارة الإمام الحسين× وفضل الحجّ والعمرة، سواء على نحو الإفراد، أي: إنّ الزيارة المذكورة تعدل حجّة أو عمرة، أم على نحو التعدّد، مع اختلاف لسان الروايات في تحديد المقدار بين العشرين حجّة وعمرة، أو اثنتين وعشرين، أو الثمانين، أو المئة، ونحو ذلك.

5. عرضت رؤى عديدة في مقام تحليل الروايات التي قارنت بين فضل زيارة المولى أبي عبد الله الحسين×، وفضل الحجّ والعمرة، منها: أنّ هناك تشابهاً بين الفضائل والآثار المعنوية والمادّية للحجّ والعمرة وبينها لزيارة الحسين×، ممّا جعلهما مادّة للمقارنة.

ومنها أيضاً: أنّ المقارنة بين الزيارة والحجّ والعمرة مع ما تتمتّع به فريضة الحجّ من كونها ذات فضيلة كبيرة بالقياس إلى سائر العبادات الأُخرى، هو من أساليب الحثّ والبعث بشدّة نحو أمر مهمّ.

ومنها كذلك: أنّ كلتا العبادتين قد جسّدتا عقيدة التوحيد، أو أنّ الزيارة هي امتداد للحجّ، ونحو ذلك من الوجوه التي أوصلناها إلى اثني عشر وجهاً.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1. بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، محمد باقر المجلسي (ت1111هـ)، مؤسّسة الوفاء، بيروت، الطبعة الثانية، ١٤٠٣ه‍ /١٩٨٣م.

2. تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت١١٠٤هـ)، تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، قم المشرّفة، الطبعة الثانية، ١٤١٤ه‍.

3. تهذيب الأحكام، أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، تحقيق وتعليق: السيّد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلامية.

4. ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي الشيخ الصدوق (ت381هـ)، منشورات الرضي، قم المقدّسة، الطبعة الثانية، ١٣٦٨ه‍. ش.

5. الخصال، أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي الشيخ الصدوق (ت381هـ)،‍ تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية، قم المقدّسة.

6. القاموس المحيط، مجد الدين محمّد بن يعقوب الفيروز آبادي (ت ٨١٧ هـ).

7. الكافي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي (ت 329هـ)، تعليق: علي أكبر الغفاري.

8. كامل الزيارات، جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي (ت367هـ)، تحقيق: الشيخ جواد القيّومي، نشر الفقاهة، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

9. كتاب الفروق (أنوار البروق في أنواء الفروق)، أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن الصنهاجي القرافي (ت684هـ).

10. كشف الخفاء، إسماعيل بن محمّد العجلوني الجرّاحي (ت162هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

11. كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، علاء الدين علي المتّقي بن حسام الدين الهندي (ت975هـ)، مؤسّسة الرسالة.

12. لسان العرب، أبو الفضل محمّد بن مكرم الأنصاري المعروف بابن منظور الإفريقي (ت٧١١هـ)، ١٤٠٥هـ.

13. مجمع البحرين، فخر الدين الطريحي (ت١٠٨٥هـ)، تحقيق: السيّد أحمد الحسيني، الطبعة الثانية، ١٤٠٨هـ.

14. المعجم الكبير، سليمان بن أحمد الطبراني (ت360هـ)‍، تحقيق: أحمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة الثانية.

15. مناسك الحجّ وملحقاتها، السيّد علي السيستاني.

[1] اُنظر: ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب: ج2، ص226.

[2] الفيروز آبادي، محمّد بن يعقوب، القاموس المحيط: ج1، ص182.

[3] اُنظر: المصدر السابق: ج1، ص182.

[4] اُنظر: ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب: ج2، ص226.

[5] المصدر السابق: ج4، ص335.

[6][6] الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج2، ص305.

[7] آل عمران: الآية97.

[8] محمّد عبده، شرح نهج البلاغة: ج1، ص27.

[9] الزخرف: الآية28.

[10] القمّي، عبّاس، مفاتيح الجنان: ص647.

[11] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص291.

[12] المصدر السابق: ص297.

[13] المصدر السابق: ص293ـ294.

[14] الكليني، محمّد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص580.

[15] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص321.

[16] المصدر السابق: ص340.

[17] المصدر السابق: ص291.

[18] المصدر السابق: ص302.

[19] المصدر السابق.

[20] المصدر السابق: ص304.

[21] المصدر السابق.

[22] المصدر السابق.

[23] المصدر السابق: ص307.

[24] اُنظر: الكليني، محمّد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص252ـ264.

[25] اُنظر: المصدر السابق: ص252، وص255.

[26] اُنظر: ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص245ـ 309.

[27] اُنظر: المصدر السابق: ص239، وص240، وص246، وص260، وص285، وص٣١٢.

[28] المصدر السابق: ص144.

[29] المصدر السابق: ص229.

[30] آل عمران: الآية97.

[31] الحجّ: الآية29.

[32] البقرة: الآية158.

[33] القمّي، عبّاس، مفاتيح الجنان: ص630.

[34] المصدر السابق: ص643

[35] ابن قولويه: جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص369.

[36] المصدر السابق: ص372.

[37] المصدر السابق: ص409.

[38] القمّي، عبّاس، مفاتيح الجنان: ص647.

[39] آل عمران: الآية٦٨.

[40] الصافّات: الآية107.

[41] الصدوق، محمّد بن علي، الخصال: ص59.

[42] المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص226

[43]«أي: سبباً لتقرّب أهل الدين بعضهم من بعض؛ إذ يجتمعون من جميع الأقطار في مقام واحد لغرض واحد. وفي نسخة: تقوية. فإنّ تجديد الأُلفة بين المسلمين في كلّ عام بالاجتماع والتعارف ممّا يقوّي الإسلام». محمّد عبده، شرح نهج البلاغة: ج4، ص55.

[44] المصدر السابق.

[45] المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج39، ص223.

[46] الكليني، محمّد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص271.

[47] المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص39.

[48] المصدر السابق: ص40.

[49] الصنهاجي القرافي، أحمد بن إدريس، كتاب الفروق (أنوار البروق من أنواء الفروق): ج2، ص235.

[50] التوبة: الآية19.

[51] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص270.

[52] المصدر السابق: ص276.

[53] المصدر السابق: ص277.

[54] الصدوق، محمّد بن علي، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: ص89.

[55] المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص30.

[56] ابن قولويه، جعفر محمّد، كامل الزيارات: ص277.

[57] اُنظر: السيستاني، علي، مناسك الحجّ وملحقاتها: ص223.

[58] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج79، ص229.

[59] الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير: ج8، ص178.

[60] المتّقي الهندي، علاء الدين علي، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال: ج8، ص338.

[61] العجلوني الجرّاحي، إسماعيل بن محمّد، كشف الخفاء: ج1، ص428.

[62] الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين: ج1، ص233.

[63] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج64، ص١٣٧.

فضل الحجّ وزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في الروايات.. دراسة مقارنة