المقدّمة

ينتظم البحث حول موضوع معاصر ومهمّ، وله مساحة واسعة من البحث سواء في مجال الفكر العقدي الإسلامي، أم في مجال عمل المؤمنين وتوجّههم إلى الله وطاعته والانقياد إلى تعاليمه الحقّة، وهو موضوع يوم عرفة (التاسع من شهر ذي الحجّة الحرام).

فالبحث متعلّق تارة بفعل المكلّف في مقام أدائه لشعائر الحجّ الأكبر في مكّة المكرّمة؛ حيث يُمثّل الوقوف في عرفة في هذا الموسم العبادي أحد أهمّ أعمال مناسك الحجّ، وقد أُشبع هذا الموضوع بحثاً وتفصيلاً.

وتارة أُخرى يتعلّق البحث بوظيفة المسلم عند حضوره إلى كربلاء ـ في هذا اليوم ـ لأداء زيارة الإمام الحسين×، وامتثاله الآداب والتعاليم الواردة فيها، وما يناله زائر سيّد الشهداء× حينها من ثواب وفضل.

وفيما يتعلّق بالوظيفة الثانية التي يؤدّيها المسلم في هذا اليوم ـ وهي زيارة المولى أبي عبد الله× ـ فإنّنا نعقد هذا المقال لتقديم دراسة وافية حول فضيلة هذه الزيارة في هذا اليوم المبارك، وكذلك نقف على آثارها الدنيوية والأُخروية، ونختتم الحديث بذكر ما يتعلّق بها من أحكام شرعية.

وعليه؛ سيكون حديثنا في هذا المقال بعد التمهيد موزّعاً على ثلاثة مباحث رئيسة.

تمهيد

لفظ اليوم ورد مضافاً في الروايات إلى المكان وغيره وأُريد منه الزمان المحدّد، مثل: يوم عاشوراء، ويوم العيد، ويوم عرفة، وغير ذلك.

وأقوال الفقهاء وآراؤهم اهتمّت بلفظ اليوم بدءاً وانتهاءً؛ وذلك لما يتعلّق به من أفعال واجبة ومستحبّة، ويمكن مراجعة ذلك في كتبهم^{^[1]}، فيوم عرفة شامل للّيل والنهار معاً ولا ينصرف لخصوص النهار؛ لشمول الأدلّة لفضل ليلة عرفة وزيارتها أيضاً.

وفي ضوء هذا التحديد نجد أنّ ليلة التاسع من ذي الحجّة (ليلة عرفة) أمست من الليالي المخصوصة لزيارة الإمام الحسين× مثل زيارة ليلة النصف من شعبان، وليلة القدر، وليلة الجمعة، وليلة العيدين، وغير ذلك؛ فقد ورد الحثّ والترغيب، وطُلِب من المؤمنين زيارة أرض كربلاء، ومَن حلّ فيها من الشهداء ليلة عرفة من غروب الشمس وإلى طلوع الشمس، أي: طول الليل.

روى الشيخ الطوسي، عن ابن ميثم التمّار، عن الإمام الباقر×، قال: «مَن زار الحسين×، أو قال: مَن زار ليلة عرفة أرض كربلاء، وأقام بها حتّى يُعيّد، ثمّ ينصرف، وقاه الله شرّ سنته»^{^[2]}.

فبقاء الزائر في كربلاء طيلة الفترة المذكورة هو نحو من المكث في هذه المدّة حبّاً وموالاة لمـَن دُفن فيها من الشهداء، فالجزاء هو الوقاية والحفظ من الأشرار والبلايا سنة هجرية كاملة، وهذا الأثر وارد في مضامين أُخرى.

كما ورد المضمون نفسه ولكن بتعبير آخر منقول عن ابن قولويه، وبإسناده عن ابن ميثم التمّار، عن الإمام الباقر×، قال: «مَن بات ليلة عرفة في كربلاء، وأقام بها حتّى يُعيّد وينصرف، وقاه الله شرّ سنته»^{^[3]}.

والمفهوم من سياق الرواية هو أنّ المبيت المقصود هو المصاحب للزيارة وليس المجرّد عنها، كمَن يذهب إلى أداء صلة رحمه، وقضاء حاجة معيّنة من دون امتثال أعمال الزيارة.

ومن الروايات الواردة في الصدد نفسه أيضاً ما رواه ابن قولويه، عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو عبد الله×: «مَن زار الحسين× ليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة عرفة في سنة واحدة، كتب الله له ألف حجّة مبرورة، وألف عمرة متقبّلة، وقُضيت له ألف حاجة من حوائج الدُنيا والآخرة»^{^[4]}.

إنّ الإتيان بزيارة المولى أبي عبد الله× في الليالي المعيّنة جمعاً في سنة واحدة هو من أجل أن ينال العبد الوعد بالثواب من الله تعالى، ويحصل على الآثار الثلاثة، وعنده} العطاء غير محدود، بل هو أكثر من ذلك عطاءً ورحمة.

المبحث الأوّل: فضل زيارة عرفة

إنّ يوم عرفة يوم شريف، ويوم مناجاة ودعاء وتوسّل، وفيه أعمال كثيرة عبادية سواء مَن كانت وظيفته أداء شعائر الحجّ، أم مَن كان في ضيافة سيّد الشهداء×، أم كان في أماكن أُخرى غيرهما.

أمّا فيما يتعلّق بفضل زيارة الإمام الحسين× في هذا اليوم فالروايات في ذلك مستفيضة، وهي تأكّد الاهتمام بزيارته× يوم عرفة، ويمكننا تصنيفها على وفق ما يلي:

أوّلاً: زيارة قبر الحسين× يوم عرفة سبب للحصول على ثواب الحجّ والعمرة

قد يوفّق زائر قبر الإمام الحسين× في هذا اليوم المبارك ـ بحسب ما جاء في الروايات ـ لينال ثواب الحجّ والعمرة والغزوة مع المعصوم والإمام العادل.

ومن هذه الروايات ما رواه ابن قولويه، بسنده عن بشير الدّهان، قال: قلت لأبي عبد الله×: «ربّما فاتني الحجّ فأعرّف عند قبر الحسين×. قال: أحسنت يا بشير، أيّما مؤمن أتى قبر الحسين× عارفاً بحقّه في غير يوم عيد كُتبت له عشرون حجّة وعشرون عمرة مبرورات متقبّلات وعشرون غزوة مع نبيّ مرسل أو إمام عادل، ومَن أتاه في يوم عيد كُتبت له مئة حجّة ومئة عمرة ومئة غزوة مع نبيّ مرسل أو إمام عادل، ومَن أتاه في يوم عرفة عارفاً بحقّه كُتبت له ألف حجّة وألف عمرة مبرورات متقبّلات وألف غزوة مع نبيّ مرسل أو إمام عادل. قال: فقلت له: وكيف لي بمثل الموقف؟ قال: فنظر[×] إليّ شبه المغضب، ثمّ قال: يا بشير، إنّ المؤمن إذا أتى قبر الحسين× يوم عرفة واغتسل بالفرات ثمّ توجّه إليه، كتب الله} له بكلّ خطوة حجّة بمناسكها. ولا أعلمه إلّا قال: وغزوة (عمرة)»^{^[5]}.

فالإمام× يعرف قدر هذا اليوم ومكانته وفضله، ويُريد الحثّ والترغيب على زيارة جدّه الحسين× في هذا اليوم. ولا سيّما لو جاء بها المكلّف ماشياً، مع الإتيان بجميع الآداب والوظائف الشرعية لها من الاغتسال والنيّة، فينال حينها ما وعد الله به من الثواب على كلّ خطوة يخطوها نحو قبر سيّد الشهداء وأبي الأحرار×، بل يزيد الأجر ويتضاعف بمقدار نيّة المؤمن وتوجّهه وإخلاصه وحلّية ماله.

وهناك مضمون آخر قريب ممّا تقدّم، فقد روى ابن قولويه بسنده عن بشير الدّهان أيضاً، عن جعفر بن محمّد÷، قال: «مَن زار الحسين× يوم عرفة عارفاً بحقّه كتب الله له ثواب ألف حجّة وألف عمرة وألف غزوة مع نبيّ مرسل، ومَن زاره أوّل يوم من رجب غفر الله له البتّة»^{^[6]}.

هذا؛ وأنّ اختلاف أعداد الحجّ والعمرة في لسان الروايات ـ المتقدّمة ـ راجع إلى اختلاف ظروف وشرائط أداء الزيارة وإن كان لا خصوصية لمفهوم العدد، بل هو الترغيب والحثّ على كثرة الثواب.

وروى الشيخ الطوسي بسنده عن زيد الشحّام، عن أبي عبد الله×، قال: «مَن زار قبر الحسين× يوم عرفة عارفاً بحقّه كتب الله له ألف حجّة مقبولة، وألف عمرة مبرورة»^{^[7]}.

كما روى ابن قولويه، عن زيد الشحّام، عن جعفر بن محمّد×: «... ومَن زاره يوم عرفة كتب الله له ثواب ألف حجّة متقبّلة، وألف عمرة مبرورة...»^{^[8]}.

وله مضمون آخر قريب منه في لفظه مع تعيّن قبر الحسين×^{^[9]}.

وننبّه هنا إلى أنّ لفظ (كُتب) في ظاهر الآيات والروايات بمعنى اللزوم، أي ثبت وتحقّق ذلك للمكلّف من فضل الله تعالى له، وما وعد عليه من الأجر عنده}.

وننبّه أيضاً بأنّ المعرفة لحقّ الإمام الحسين× تارة هي معرفة إجمالية، وأُخرى تفصيلية يكون فيها الزائر على دراية كاملة بضرورة نصرته×، والدفاع عن حقّ الإمامة والطاعة والموالاة والمتابعة العملية لسيرته ومنهجه وتعاليمه.

والروايات تؤكّد هذا الالتزام بهدي أهل البيت^، وألّا يكون التعامل معهم^ على مستوى الشعائر فقط، وإنّما من المفترض أن تكون أعمال وتطبيقات فعلية واقعية لفكر أهل البيت^ ونهجهم؛ ومن هنا نجد عتب الأئمّة^ على بعض شيعتهم؛ لفقدانهم هذا النحو من المعرفة، حيث روى جابر، عن الإمام أبي جعفر× أنّه قال: «يا جابر، أيكتفي مَن ينتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت؟ فوالله ما شيعتنا إلّا مَن اتّقى الله وأطاعه، وما كانوا يُعرَفون ـ يا جابر ـ إلّا بالتواضع والتخشّع، والأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم والصلاة، والبرّ بالوالدين، والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن الناس إلّا من خير، وكانوا أُمناء عشائرهم في الأشياء»^{^[10]}.

أمّا فلسفة الفضل العظيم والثواب الجزيل لقاصد قبر المظلوم قربة إلى الله تعالى وتوسّلاً به، فقد بيّنها الفيض الكاشاني بقوله: «لعلّ الوجه في فضل زيارة أبي
عبد الله× على الحجّة والعمرة والغزوة وغير ذلك أضعافاً، أنّ في زيارته× صلة وبرّاً له ولأخيه وأُمّه وأبيه وجدّه وبنيه وشيعته ومحبّيه، بل سائر النبّيين والوصيّين (صلوات الله عليهم أجمعين)، وإدخال سرور عليهم، وإجابة لهم، وتجديد عهد لولايتهم، وإحياء لأمرهم، وتبكيتاً لأعدائهم. وفي ذلك كلّه رجاء لما عند الله الذي لا يخيّب مَن رجاه وطلب لرضاه سبحانه الذي يرضى لمـَن أرضاه، وهي مع ذلك كلّه عبادة لله} من جهة إدخال السرور على رسوله|، وعلى ذرّيته وأوصيائه...

وأمّا الحجّة والعمرة والغزوة وغير ذلك فإنّها وإن كان فيها أيضاً إنفاق أموال، ورجاء آمال، وإشخاص أبدان، وهجران أوطان، وتحمّل مشاقّ، وتجديد ميثاق، وشهود شعائر وحضور مشاعر، إلّا أنّها ليست بتلك المثابة في المثوبة؛ لأنّ هذه إنّما هي عبادة لله سبحانه وإجابة لأمره عزّ ذكره، ومسرّة له ولأوليائه بالإتيان بالعبادة فحسب، وليست فيها جميع تلك الأُمور التي نبّهنا عليها هناك، مع أنّها تتأتّى من كلّ مدّعٍ للإسلام وإن كان ناصبيّاً، بخلاف تلك فإنّها لا تتأتّى إّلا ممّن كان يعرف قدراً من قدرهم، وطرفاً من منزلتهم ولو ناقصاً.

وأمّا اختلاف الأخبار الواردة في مقدار فضل زيارته× على الحجّة والعمرة وغيرهما، فتارة ورد أنّها تعدل حجّة، وأُخرى أنّها أفضل من عشرين حجّة وعشرين عمرة، أو مئة أو ألفاً وغير ذلك، فلعلّ الوجه فيه اختلاف الناس في عرفان حقّه وحرمته، وتفاوت درجاتهم في إخلاص النيّة في زيارته×، وتباينهم في سهولة إتيانهم بالحجّ وصعوبته. وليعلم أنّ كلّ عبادة بخصوصها وسيلة إلى الله سبحانه وإلى مغفرته من جهة ليست تلك الجهة في عبادة أُخرى، وكلّ عبد وإن ناسب عبادة هي في حقّه أحرى ولكن ليس بالحري أنّ يترك عبادة من رأسها لكون غيرها به أولى، قال الله تعالى: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)^{^[11]}. وقد ورد في الحديث النبوي|: (اعملوا فكلّ ميسّر لما خلق له)»^{^[12]}. فهو عطاء ربّاني غير محدود يناله العبد بعمله ونيّته وإخلاصه وطاعته لله تعالى، فيرجع المؤمن بعد الزيارة ويداه مملوءتان بالخير والرحمة والمغفرة وقبول الأعمال عند الله تعالى. وفي هذا الصدد رُوي عن أبي حمزة الثمالي قوله: سمعت أبا عبد الله× يقول: «مَن عرّف عند قبر الحسين× لم يرجع صفراً، ولكن يرجع ويداه مملوءتان»^{^[13]}. فالرواية مطلقة وتناسب ما يرغب فيه المؤمن لما يوضع في يده من الخير.

ثانياً: رجوع الزائر مطمئنّ القلب

وردت الأخبار الدالّة على أنّ الزائر بعد رجوعه من أداء مراسم الزيارة يكون مطمئنّ القلب وفرحاً ومسروراً، فقد روى ابن قولويه، بسنده عن داود الرقّي، قال: سمعت أبا عبد الله× وأبا الحسن الرضا× وهما يقولان: «مَن أتى قبر الحسين× بعرفة قلبه الله ثلج الفؤاد»^{^[14]}. ونبيّن هنا بعض النقاط المهمّة لتوضيح الرواية وتحليل معناها:

1ـ ثلج الفؤاد: أي: مطمئنّ القلب، ذو يقين بالعقائد الإيمانية، أو مسرور بالمغفرة والرحمة، وقد ذهبت عنه الكروب والأحزان، فعن ابن الأثير: ثلجت نفسي بالأمر إذا اطمأنّت إليه وسكنت، وثبت فيها ووثقت به^{^[15]}.

وورد هذا المصطلح ـ ثلج الفؤاد ـ أيضاً في وصف مَن شرب الماء وذكر عطش الحسين×، ففي الرواية عن أبي عبد الله×: «فما من عبد شرب الماء فذكر الحسين× ولعن قاتله إلّا كتب الله له مئة ألف حسنة، وحطّ عنه مئة ألف سيّئة، ورفع له مئة ألف درجة... وحشره الله تعالى يوم القيامة ثلج الفؤاد»^{^[16]}.

وهذا الخبر يُرجّح نسخة الرواية التي فيها أنّ اطمئنان القلب يوم القيامة هو أثر في الحياة الآخرة.

2ـ اختلاف الألفاظ بين (أقلبه، قلبه، بعثه)، واختلاف النسبة والتقييد بيوم القيامة في بعض نسخ الرواية، ليكون اطمئنان القلب أثراً أُخروياً، أو (أقلبه الله) مطلق شامل ليوم القيامة والدنيا، والإطلاق والتقييد في المندوبات غير تامّ؛ لتعدّد المطلوب فيها، فينال بعض المؤمنين الأثر في الدنيا، وبعضهم في الدنيا والآخرة، وثالث اطمئنان القلب يكون له في الآخرة فقط.

3ـ صدور الرواية كما في نسخة الصدوق في (ثواب الأعمال) عن ثلاثة من المعصومين^، وهم: الإمام جعفر بن محمّد الصادق، الإمام موسى بن جعفر الكاظم، الإمام علي بن موسى الرضا^.

ثالثاً: زائر الحسين× يوم عرفة هو الصدّيق المؤمن بوعد اللّه تعالى

أكّدت الأخبار عن أهل بيت العصمة^ أنّ زائر قبر الحسين× يوم عرفة صدّيق وممّن تمّت تزكيته والشهادة بحقّه من قبل الملائكة عند الله تعالى، فقد روى المفيد بسنده عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله×، قال: «مَن زار قبر الحسين× يوم عرفة كتب الله له ألف ألف حجّة مع القائم، وألف ألف عمرة مع رسول الله|، وعتق ألف ألف نسمة، وحملان ألف ألف فرس في سبيل الله، وسمّاه الله عبدي الصدّيق آمن بوعدي، وقالت الملائكة: فلان صدّيق زكّاه الله من فوق عرشه، وسُمّي في الأرض كروبياً»^{^[17]}. والكروبيّون: هم سادة الملائكة^{^[18]}.

رابعاً: طهارة مولد زائر الحسين×

إنّ من علامات طهارة الزائر وصحّة نسبته لأبيه ولاؤه لأهل البيت^ وزيارته لقبورهم، فقد روى ابن قولويه بسنده عن أبي عبد الله×، قال: «إنّ الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوّار قبر الحسين [بن علي]× عشية عرفة. قال: قلت: قبل نظره لأهل الموقف؟ قال: نعم. قلت: وكيف ذلك؟ قال: لأنّ في أُولئك أولاد زنا، وليس في هؤلاء أولاد زنا»^{^[19]}.

توضيح مفاد الرواية

إنّ المراد من (النظر) في الرواية هو شمول زوّار الإمام الحسين× يوم عرفة برحمته تعالى ومغفرته وقبول أعمالهم واستجابة دعائهم، فقد نقلت الروايات استجابة الدعاء تحت قبّته، وهو من آثار زيارته×. فهنا مجرّد سبق في قبول العمل للزائر، وإلّا فالزمان معدوم عند الله}.

ومصطلح (عشيّة عرفة) يُطلق على الفترة الزمنية من الزوال إلى غروب الشمس أو القريبة منه، ويُفهم ذلك من (أهل الموقف)، فموقف عرفة يبدأ من زوال الشمس يوم التاسع من ذي الحجّة إلى غروبها في ذلك اليوم. بينما المؤمن في أثناء زيارته لقبر المولى الإمام الحسين× يكون الوقت له موسّعاً من غروب الشمس ليلة عرفة وإلى غروبها من يوم عرفة. فوقت الرحمة لهم أوسع عند مَن وصف نفسه بأنّ رحمته سبقت غضبه. وتتميماً للحديث في هذا المبحث فإنّنا نودّ إيقاف القارئ ـ بناءً على البندين أوّلاً ورابعاً ـ على مقارنة موجزة نوضّح له من خلالها مدى الترابط الإيماني بين الموقفين، موقف الحجيج يوم عرفة، وموقف زوّار الإمام الحسين× في اليوم ذاته.

الترابط الإيماني بين الموقفين

هناك طائفة من الروايات صوّرت لنا مقارنة بين الحجّاج في دعائهم يوم عرفة في وادي عرفة بمكّة، والمؤمنين في توجّههم ودعائهم وهم يزورون قبر الإمام الحسين×، فقد روى ابن قولويه ذلك بعدّة أسناد:

منها: ما رواه بسنده عن عبد الله بن مسكان، قال: قال أبو عبد الله×: «إنّ الله تبارك وتعالى يتجلّى لزوّار قبر الحسين× قبل أهل عرفات، ويقضي حوائجهم ويغفر ذنوبهم ويشفّعهم في مسائلهم، ثمّ [يأتي] يثني بأهل عرفات فيفعل بهم ذلك»^{^[20]}.

ومنها: ما رواه بسنده عن يونس بن يعقوب بن عمّار، عن أبي عبد الله×، قال: «مَن فاتته عرفة بعرفات فأدركها بقبر الحسين× لم يفته، وأنّ الله تبارك وتعالى ليبدأ بأهل قبر الحسين× قبل أهل عرفات، ثمّ يخاطبهم بنفسه»^{^[21]}.

ومنها: ما رواه بسنده عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبد الله×، قال: «إذا كان يوم عرفة اطّلع الله تعالى على زوّار قبر أبي عبد الله الحسين× فقال لهم: استأنفوا، فقد غفرت لكم، ثَم يجعل إقامته× على أهل عرفات»^{^[22]}.

ومنها: ما روراه بسنده عن عمر بن الحسن العرزمَي، عن أبي عبد الله×، قال: سمعته يقول: «إذا كان يوم عرفة نظر الله إلى زوّار قبر الحسين× فيقول: ارجعوا مغفوراً لكم ما مضى، ولا يكتب على أحد منهم ذنب سبعين يوماً من يوم ينصرف»^{^[23]}.

ومنها: ما رواه بسنده عن بشير الدهّان، قال: «سمعت أبا عبد الله× يقول وهو نازل بالحيرة وعنده جماعة من الشيعة، فأقبل إليّ بوجهه فقال: يا بشير، أحججت العام؟ قلت: جُعلت فداك، لا، ولكن عرّفت بالقبر، قبر الحسين×. فقال: يا بشير، والله ما فاتك شيءٌ ممّا كان لأصحاب مكّة بمكّة. قلت: جعلت فداك، فيه عرفات؟ فسّره لي. فقال: يا بشير، إنّ الرجل منكم ليغتسل على شاطئ الفرات، ثمّ يأتي قبر الحسين× عارفاً بحقّه، فيعطيه الله بكلّ قدم يرفعها أو يضعها مئة حجّة مقبولة، ومئة عمرة مبرورة، ومئة غزوة مع نبيّ مرسل إلى أعداء الله وأعداء رسوله^{^[24]}. يا بشير، اسمع وأبلغ مَن احتمل قلبه: مَن زار الحسين× يوم عرفة كان كمَن زار الله [تبارك وتعالى] في عرشه»^{^[25]}.

ومنها: ما رواه بسنده عن بشّار، عن أبي عبد الله×، قال: «مَن كان معسراً فلم يتهيّأ له حجّة الإسلام، فليأتِ قبر الحسين× وليعرِّف عنده، فذلك يجزيه عن حجّة الإسلام، أما إنّي لا أقول يجزي ذلك عن حجّة الإسلام إلّا للمعسر، فأمّا الموسر إذا كان قد حجّ حجّة الإسلام فأراد أن يتنفّل بالحجّ أو العمرة ومنعه من ذلك شغل دنيا أو عائق فأتى [قبر] الحسين× في يوم عرفة، أجزأه ذلك عن أداء الحجّ أو العمرة، وضاعف الله له ذلك أضعافاً مضاعفة.

قلت: كم تعدل حجّة؟ وكم تعدل عمرة؟ قال: لا يُحصى ذلك. قال: قلت: مئة؟ قال: ومَن يُحصي ذلك؟ قلت: ألف؟ قال: وأكثر من ذلك، ثمّ قال: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا)^{^[26]}»^{^[27]}.

كما روى الطوسي في ذات الصدد بسنده عن رفاعة النحّاس، قال: «دخلت على أبي عبد الله× فقال لي: يا رفاعة، أما حججت العام؟ قال: قلت: جُعلت فداك، ما كان عندي ما أحجّ به، ولكنّي عرّفت عند قبر حسين بن علي’. فقال لي: يا رفاعة، ما قصرت عمّا كان أهل منى فيه، لولا أنّي أكره أن يدع الناس الحجّ لحدّثتك بحديث لا تدع زيارة قبر الحسين× أبداً.

ثمّ نكت الأرض وسكت طويلاً، ثمّ قال: أخبرني أبي قال: مَن خرج إلى قبر الحسين× عارفاً بحقّه غير مستكبر، صحبه ألف ملك عن يمينه، وألف ملك عن يساره، وكتب له ألف حجّة، وألف عمرة مع نبيّ أو وصيّ نبيّ»^{^[28]}.

وبعد عرض هذه الروايات التي تُقارن بين أهل موقف عرفة مع زائري الحسين× يوم عرفة، نبيّن مجموعة نقاط مهمّة:

الأُولى: اختلاف رواة الأحاديث عن المعصوم×، ولا سيّما من أمثال: عبد الله بن
مسكان، ويونس بن يعقوب بن عمّار، ورفاعة النحّاس، وغيرهم من الرواة، دليل على صدور هذه الفكرة في عدّة مواطن؛ ممّا يعني الحثّ المتزايد على زيارة الإمام الحسين× في ذلك اليوم.

الثانية: اختلاف ألفاظ متن بعض الروايات (يثني، يأتي، ينظر، يطّلع، يتجلّى) مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ كلّ هذه الروايات تُشير إلى فكرة واحدة، هي نوع من العناية والاهتمام بزائري قبر الحسين× أكثر من غيرهم.

الثالثة: أنّ المراد من (التجلّي)، وكذا (الإتيان) وشبههما من الألفاظ الواردة في الروايات المتقدّمة هو معنىً واحد، وذلك هو تجلّيه بمظاهر الجلال والعظمة تشريفاً لتلك البقعة الطاهرة، وتقديساً لمـَن حلّ فيها، وتحليلاً لمـَن يمّمها وقصد إليها، كما تجلّى سبحانه وتعالى للجبل فجعله دكّاً، فكان تجلّيه للجبل تجلّي قهر وجبروت؛ لذلك خرّ موسى× صعقاً.

وفي المقام؛ فالتجلّي هو عطف ولطف يتحمّله المحلّ ومَن فيه، خصوصاً مع ملاحظة أنّ مرتبة السبط الشهيد× لا شكّ أنّها أرقى من مرتبة الكليم×. ولذلك التجلّي آثار يُدركها كلّ زائر حسب مرتبته في الإيمان، ويتفاوتون في ذلك، فبعضهم بقضاء الحوائج وغفران الذنوب، ومَن كُشف له الغطاء ـ كالإمام المعصوم× ـ يكون التجلّي بالنسبة إليه أرقى من ذلك بكثير^{^[29]}.

الرابعة: التوجّه إلى النسبة الإيمانية، وصدق القول، والعمل والنيّة، والاتّجاه الفكري والعقدي، والطاعة لله تعالى، فأكثر الزائرين من المؤمنين بالمعنى الخاصّ، وأمّا أهل عرفة فالأكثر منهم من العامّة ومَن ينطبق عليهم عنوان المسلم وحسب. والدليل على ذلك الوجدان والواقع في وجود مثل هؤلاء الأفراد بين المحَلّين. والله} يسمع دعاء المؤمن وتوجّهه ويقضي حاجته ويفضّله على المسلم.

لذلك فقد أشارت الروايات لما هو الأغلب في وقتهم، والفرد البارز من أهل عرفة وزائري قبر الحسين× في يوم عرفة، وهذا لا يعني تخصيص العناية بهم دون غيرهم، ولا يصرف العناية الإلهية عن غيرهم وهو أرحم الراحمين، وسعت رحمته كلّ شيء.

المبحث الثاني: آثار زيارة الحسين× يوم عرفة

تمهيد

هناك خصائص أُعطيت من الله تعالى والرسول| للإمام الحسين×، ومنها: الزيارات المخصوصة في أيّام السنة له ولأبيه أمير المؤمنين÷. ولهذه المناسبات آثار عامّة ينالها الزائر، وهي مختلفة قد ورد الحثّ عليها في الروايات المروية في زيارة الحسين× المطلقة والمخصوصة.

ومن هذه الآثار العامّة: دعاء الملائكة وسلامهم واستغفارهم لزائر الحسين×، بل في زيارته سرور يصل للزهراء وأبيها وبعلها وبنيها^. كما أنّ أيّام زيارته لا تُحسب من عمر الزائر في الدنيا، ويشمل الزائر دعاء الإمام جعفر بن محمّد الصادق× له كما في بعض الروايات.

إنّ هذه الآثار والأسرار والخصائص لا ينالها الزائر ولا تكون ثمرة لعمله في الدنيا والآخرة إلّا مع توفّر الأرضية الصالحة في عمله ونيّته ومعرفته لمـَن يزور، وما طبّقه من سيرته في حياته وعمله. فقبول هذا العمل العبادي منه عند الله تعالى يتطلّب رفع كلّ موانع استجابة الدعاء، وهي كثيرة، ومنها حبّ الدنيا وشهواتها ومشتهياتها، لذا يتحتّم محو كلّ حواجب تمنع من تأثير تلك الأهداف الروحية والأسرار المعنوية.

فعند قول الزائر: «أشهد أنّك قد أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر...»^{^[30]}، من الضروري أنّه قد طبّق هذا الواجب في حياته وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر.

وكذلك عند قوله: «وآتيت الزكاة»، فمن اللازم أنّ الزائر قد دفع الزكاة، سواء الواجبة المالية والبدنية، أم المندوبة كالصدقات وغيرها. فلا تثمر هذه الزيارة إلّا مع زوال هذه الموانع كلّها من قائمة عمله.

ونظراً لكون البحث يدور حول الآثار والأسرار الروحية والمعنوية والدينية لخصوص مناسبة زيارة يوم عرفة، لذلك سوف نخصّص بحثناً بهذه الزيارة على وجه الخصوص؛ لذا سينتظم حديثنا في المقام في مطلبين مهمّين، هما:

المطلب الأوّل: الآثار الدنيوية

هناك آثار معيّنة يتوخّاها الزائر عند زيارته للإمام الحسين× في الدنيا، ويكسبها في حياته، ويحسّ بها بالتجربة والوجدان، من البركات والنعم وكثرة الرزق ومضاعفته عليه. وهذه الآثار عبارة عن:

أوّلاً: الوقاية من الأشرار لمدّة سنة

قد يقع على الفرد نوع من البلاء والشرّ والفتن ومصائب الدنيا الكثيرة، وهناك وسائل للوقاية من ذلك، ومنها زيارة الإمام الحسين× يوم عرفة، وقدد حدّدت هذه الحصانة والحفظ للزائر لمدّة سنة، وهي اثنا عشر شهراً من يوم عرفة وإلى يوم عرفة في السنة القادمة، فقد روى الطوسي، عن ابن ميثم التمّار، عن الباقر×، قال: «مَن زار الحسين×، أو قال: مَن زار ليلة عرفة أرض كربلاء، وأقام بها حتّى يعيّد، ثمّ ينصرف، وقاه الله شرّ سنته»^{^[31]}.

إنّ بقاء الزائر في كربلاء ليلتين مع يومين هو نحو من المكث في هذه المدّة حبّاً وموالاة لمـَن دُفن فيها من الشهداء، فالجزاء هو الوقاية والحفظ من الأشرار والبلايا سنة هجرية كاملة، وهذا الأثر وارد في مضامين أُخرى، فقد ورد المضمون نفسه ولكن بتعبير آخر منقول عن ابن قولويه، وبإسناده عن ابن ميثم التمّار، عن الباقر× قال: «مَن بات ليلة عرفة في كربلاء، وأقام بها حتّى يُعيّد وينصرف، وقاه الله شرّ سنته»^{^[32]}.

ويتّحد هذا المقتضي لزيارة عرفة مع المغزى العامّ في كلّ زيارة، من أنّها تقتضي حفظ الزائر حتّى يرجع، أو لمدّة سنة، أو أقلّ وأكثر.

فإنّ الإتيان بزيارة الإمام الحسين× مطلقاً أو معيّناً بيوم عرفة يوجب حفظ النفس والمال ودفع السوء والهمّ والغمّ، روى ابن قولويه بسنده عن عبد الله بن هلال، عن أبي عبد الله×، قال: «قلت: جُعلت فداك، ما أدنى ما يكون لزوّار الحسين×؟ فقال لي: يا عبد الله، إنّ أدنى ما يكون له أن يُحفظ في نفسه وماله حتّى يردّه إلى أهله، فإذا كان يوم القيامة كان الله أحفظ له»^{^[33]}.

الملاحظ وجود اختلاف في ألفاظ متن الرواية، من قبيل: (ما لزوّار قبر الحسين×؟)، (ما لزائر قبر الحسين×؟)، (أن يحفظه الله في نفسه). كما جاء في مجموعة من الروايات: «ولم يزل محفوظاً حتّى يرجع...»^{^[34]}.

ومن مصاديق الوقاية من آفات الدنيا ما رواه الصدوق بسنده عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر محمّد بن علي÷، قال: «مروا شيعتنا بزيارة الحسين بن علي’؛ فإنّ زيارته تدفع الهدم والغرق والحرق وأكل السبَع...»^{^[35]}.

إنّ هذه الأُمور الأربعة من أبرز أنواع البلاء وأوضحها، ويمكن دفع غيرها من المصائب، وتحقيق الحفظ في زيارته×.

وفي مضمون ثانٍ عن الإمام أبي عبد الله×: أنّ الزائر «يُصرف عنه السوء»^{^[36]}.

وفي مضمون ثالث عنه×، قال: «وحُفظ في كلّ ما خلف»^{^[37]}.

وفي هذا الصدد وجدت إشكالية مفادها: قد يصدف أنّ الزائر يموت في أثناء سفر الزيارة، أو يصيبه البلاء في طريق الزيارة، بعد الدخول أو الخروج والانتهاء من الزيارة، أو يُصاب بنفسه وماله ولا يُحفظ.

الإجابة: ممّا لا شكّ فيه أنّه في المقام لا بدّ من وجود المقتضي وعدم المانع ـ الناشئ بسبب عمل المكلّف ـ من تأثيره، ففي حال عدم تأثيره بسبب المانع، أو تعارض مقتضيين في المقام، لا يترتّب الأثر.

والتحقيق أكثر في الجواب على وفق الحقّ والصواب أن يقال: إنّ الله سبحانه وتعالى بمقتضى حكمته البالغة وقدرته الباهرة، جعل الأعمال التي يأتي بها المكلّف من الواجبات والمستحبّات بمنزلة الأدوية النافعة، والمحرّمات والمكروهات بمنزلة الضارّة، بل السموم القاتلة.

وبالجملة: كلّ ما يأتي به الإنسان من واجب ومستحبّ ومحرّم ومكروه له خاصّية تترتّب عليه، وهنا فكما أنّ الأدوية المفردة لها خواصّ فكذا الأعمال، وكما أنّ مَن شرب الكافور والمبرّدات ـ مثلاً ـ يحصل له تبريد، ولكنّه مشروط بعدم تناول شيء حارّ مقابله، وبالعكس، فكذا الأعمال؛ فإنّ كون زيارة الحسين× ـ ونحوها ـ
ممّا ينسئ في الأجل، ويزيد في الرزق، ويدفع البلاء، ويحفظ المال والنفس، مشروط بعدم الإقدام على عمل آخر يوجب نقصان العمر وحرمان الرزق. وكما أنّ مَن تناول شيئاً حارّاً وآخر بارداً يتعارضان، وأيّهما غلب في المرتبة بالنسبة إلى المزاج غلب في التأثير، فكذا مَن عمل عملين يوجب أحدهما نقصان العمر والآخر زيادته يتعارضان، فأيّهما غلبَ أثّر، وإن تساويا تساقطا.

وحينئذٍ فالأعمال التي ذكرت لها خواصّ وآثار حقّ وصدق، ولكنّا لا نرى أثرها، أو نرى الأثر العكسي الذي يقابلها؛ وذلك لأجل الإقدام على مقابلها وضدّها، ولهذا نرى لها الأثر في بعض الأوقات ولا نراه في بعض آخر، فلا إشكال في ذلك.

وربّما أُجيب بأجوبة أُخرى أيضاً:

أحدها: أنّ أنواع ثواب العبادات كثيرة كما تدلّ عليه أحاديث ثواب الأعمال من: طول العمر، وسعة الرزق، ودفع البلاء والأمراض، وحصول الجاه، وغفران الذنوب، ومضاعفة الثواب، ونحوها.

وبالجملة: كلّ عمل يكون بإزائه مثوبات كثيرة، فقد يستحقّ بعض العاملين بعضها دون بعض، وقد يستحقّها كلّها، فلعلّ مَن لم يحصل له أثر طول العمر أو نحوه قد حصل له عوض آخر اقتضته المصلحة.

وثانيها: أنّ شروط القبول كثيرة، والموانع كثيرة أيضاً، وناهيك بذلك قوله تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)^{^[38]}، فلعلّ مَن مات من الزائرين ممّن لم يقبل عمله، وفي ذلك لطف للمكلّف لئلّا يعتمد على أعماله، وليكون دائماً بين الخوف والرجاء.

وثالثها: أن يكون طول العمر وزيادته بقدر الذهاب والعود كلّياً حاصلاً لكلّ أحد، وهذا على قسمين: منه ما يحصل قبل الموت، ومنه ما يحصل بعده في الرجعة^{^[39]}.

ثانياً: قضاء الحاجات

من الآثار المترتّبة على زيارة الإمام الحسين× في يوم عرفة أيضاً هو قضاء الحاجات الدنيوية وتسهيلها. وهذا الأثر ورد تحديده في مجموعة من الروايات في خصوص هذه المناسبة، وفي مطلق زيارة الحسين× في مناسبات أُخرى غيرها.

ونقلنا الرواية عند بحثنا عن مشروعية زيارة الحسين× ليلة عرفة وفضيلتها، وهي تحثّ وترغّب في كون زيارة ليلة عرفة تقضي الحاجات، وهي من حوائج الدنيا والآخرة، فقد روى ابن قولويه بسنده عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو عبد الله×: «مَن زار الحسين× ليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة عرفة في سنة واحدة، كتب الله له ألف حجّة مبرورة، وألف عمرة متقبّلة، وقُضيت له ألف حاجة من حوائج الدُنيا والآخرة»^{^[40]}.

أمّا في مطلق زيارة الحسين× وأنّها تُنفّس كرب الزائر وهمّه وتقضي حوائجه وتسهّلها، فالروايات الواردة في المقام أكثر من أربعة عشر خبراً^{^[41]}.

نعم، قد تكون هناك مصلحة في تأخير قضاء الحاجة؛ وذلك من أجل مصلحة لا يعلمها إلّا الله تعالى، كحُبّه لإلحاح العبد ودعائه وتوجّهه إليه، أو أنّ تأخيرها لوجود ملاك أعظم من قضاء الحاجة، مضافاً إلى ما في التأخير من اختبار الإيمان والصبر والتحمّل من المؤمن للبلاء، وكذلك لعلّ التأخير هو بسبب وجود المانع، وغير ذلك من الوجوه، والله تعالى هو أعلم بحقائق الأُمور وعواقبها.

ثالثاً: الزائر مجاهد في سبيل الله

قد ينال الزائر في زيارته ثواب المشاركة في الجهاد والغزو والحرب بين يدي المعصوم×، فالسفر والنقل وقصد المسافة وإنفاق الأموال وعملية القتال، كلّها تُعدّ جهوداً محلّها الحياة الدنيا، فهو بزيارته قد حصل على هذه الأُمور الدنيوية. نعم، يكون أجره عند الله في الدنيا والآخرة معاً، ويشمله جميع ما أُعدّ من الثواب للمجاهدين بين يدي المعصوم×، فهم أحياء عند ربّهم يرزقون.

والشاهد على هذا الأثر هو ما تقدّم في صحيحة بشير الدهّان، عن الإمام الصادق×: «مَن زار الحسين× يوم عرفة عارفاً بحقّه كتب الله له ثواب ألف حجّة وألف عمرة وألف غزوة مع نبي مرسل...»^{^[42]}.

فالغزو والحرب مع المعصوم× كان محلّه في الدنيا، والزائر بذل جهداً دنيويّاً في سبيل القصد لشعائر الزيارة، ونقلنا ـ فيما تقدّم ـ رواية مفصّلة وأُخرى مختصرة في هذا المضمون؛ كما جاءت طائفة من الروايات تؤكّد أنّ زيارة قبر الإمام الحسين× تعدل عند الله الجهاد في سبيل الله^{^[43]}.

رابعاً: حصول الزائر على اطمئنان القلب وصحّة العقيدة والفرح والسرور

من خصائص زيارة الإمام الحسين× يوم عرفة أنّها تورث قلب الزائر الاطمئنان والسرور والفرح، وتذهب عنه الهمّ والغمّ. وسبق أن أشرنا إلى أنّ الروايات قد أشارت إلى هذه النعمة، وهي رجوع الزائر وقلبه مطمئنّ ومسرور وفرح وخال من كلّ هموم الدنيا. بل هناك ترقّ في فضل التشرّف بأعتاب قبر الحسين×، وهو اطمئنان قلب الزائر يوم البعث الأكبر ويوم الحساب. فعن داود الرقّي، قال: سمعت أبا عبد الله× وأبا الحسن الرضا× وهما يقولان: «مَن أتى قبر الحسين× بعرفة قلبه الله ثلج الفؤاد»^{^[44]}.

وقد تقدّم منّا ـ في هذا المقال ـ تبيين بعض النقاط المتعلّقة بهذه الرواية، كان منها ما يتعلّق بمعنى عبارة (ثلج الفؤاد) التي تدلّ على اطمئنان القلب، وأنّ الزائر سيكون ذا يقين بالعقائد الإيمانية، أو مسروراً بالمغفرة والرحمة وقد ذهبت عنه الكروب والأحزان. كما تقدّمت منّا أيضاً تفاصيل أُخرى تتعلّق بصدور هذه الروايات عن المعصومين^.

خامساً: ملءُ يد الزائر من الخير

من الخصائص والآثار التي يحصل عليها زائر قبر سيّد الشهداء وأبي الأحرار× في يوم عرفة، امتلاء يده من الخير والرحمة والمغفرة والجزاء من الله. كما أنّه يوصف بكونه صدّيقاً، أي: كثير الصدق بوعد الله تعالى، والولاء والمودّة لأهل البيت^، فقد رُوي عن أبي حمزة الثمالي، قال: سمعت أبا عبد الله× يقول: «مَن عرّف عند قبر الحسين× لم يرجع صفراً، ولكن يرجع ويداه مملوءتان»^{^[45]}.

كما روي عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله×، قال: «مَن زار قبر الحسين× يوم عرفة كتب الله له ألف ألف حجّة مع القائم، وألف ألف عمرة مع رسول الله|، وعتق ألف ألف نسمة، وحملان ألف ألف فرس في سبيل الله، وسمّاه الله عبدي الصدّيق آمن بوعدي، وقالت الملائكة: فلان صدّيق زكّاه الله من فوق عرشه، وسمّي في الأرض كروبياً»^{^[46]}.

فهو عطاء ربّاني غير محدود، يستحقّه العبد بعمله ونيّته وإخلاصه وحلّية ماله وطاعته لله تعالى.

هذه بعض الآثار والثمرات المترتّبة على زيارة قبر الحسين×، وهناك ثمرات أُخرى غير ما ذُكر من الناحية الاقتصادية والروحية والاجتماعية والدينية.

المطلب الثاني: الآثار في الحياة الآخرة

ينال الزائر لقبر الإمام الحسين× في كربلاء يوم عرفة من الثواب والجزاء يوم القيامة، المضاعف والوافر الذي يتناسب مع صاحب الرحمة الواسعة والعطاء الكبير، ومن مظاهر هذا الثواب:

1ـ ثواب الحجّ والعمرة

وهذا الثواب مضاعف، ويرتفع عدده من ثواب حجّ واحد وعمرة مقبولة ومبرورة واحدة إلى المئة، بل ويصل حتّى ألف حجّة وعمرة مقبولة. بل وُصف الحجّ والعمرة وقُيّدا في بعض الروايات بكونهما مع النبي| أو مع القائم المهدي#، هذا نحو من التشريف والرفعة. وفي بعض الأخبار كون هذا الثواب يثبت للزائر على عدد خطوات قدمه ومسيره من بعيد أو قريب.

والزائر بصدق نيّته وحسن طاعته، وحلّية نفقته وتقواه وإيمانه، ومعرفته بالحسين×، وجريان دمعته له، وعدم تكبّره، بل مع الاستكانة والجوع والعطش وغيرها من الآداب، ينال مرافقة الملائكة ومصاحبتهم له، بل ينال دعاءهم له وردّ السلام عليه، وزيارته وعيادته لو مرض.

وكلّ هذا يضاعف له من الله أضعافاً مضاعفة، لكن بشرط ألّا يرسل ناراً تحرق هذا الفضل وتمحوه وتجعله هباءً منثوراً، مثل الغيبة والكذب والنميمة والقتل وهتك الأعراض وغيرها من الكبائر التي وعد الله عليها النار.

إنّ الخطوة التي يخطوها الزائر نحو قبر الحسين× قد ورد بيان فضلها في رواية بشير الدهّان عن الإمام الصادق×، التي جاء فيها: «يا بشير، إنّ المؤمن إذا أتى قبر الحسين× يوم عرفة واغتسل بالفرات، ثمّ توجّه إليه، كتب الله} له بكلّ خطوة حجّة بمناسكها. ولا أعلمه إلّا قال: وغزوة (عمرة)»^{^[47]}.

أمّا العدّ التصاعدي لما يحصل عليه الزائر من ثواب الحجّ والعمرة، فقد ورد في التفصيل الذي ذكره الإمام الصادق× في الرواية المتقدّمة، ونظراً لكوننا أوردناها فيما تقدّم في صفحات هذا المقال فلا نعيدها طلباً للاختصار^{^[48]}.

هذا؛ وينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار أنّ مضاعفة أجر زائر الإمام الحسين× يوم عرفة إلى ألف حجّة وعمرة، هو مع صعوبة الحجّ والعمرة، لاستلزامهما النفقة وطول السفر والجهد، ولا سيّما في الأسفار القديمة الشاقّة.

ولا بأس بأنّ نشير ـ ولو بتطبيق واحد ـ لما يترتّب على الحجّ أو العمرة من الثواب؛ ليتبيّن وجه الشبه بينهما وبين زيارة قبر الإمام الحسين× في يوم عرفة لمـَن لا يتيسّر له أداء الحجّ والعمرة لعذر شرعي أو عرفي أو قانوني. فقد روى الصدوق بسنده، عن النبي| أنّه قال: «الحجّة ثوابها الجنّة، والعمرة كفّارة لكلّ ذنب...»^{^[49]}.

2ـ غفران الذنوب

من الآثار الناتجة عن زيارة قبر الغريب العطشان المظلوم الإمام الحسين× في يوم عرفة ستر الله تعالى عن الزائر الذنوب، والشفاعة له، ومخاطبته باستئناف العمل، ويكون عند الله تعالى من المرضيّين. لكن نؤكّد أنّ كلّ هذا مع الالتزام والطاعة وقبول العمل، روي عن عبد الله بن مسكان، قال: قال أبو عبد الله×: «إنّ الله تبارك وتعالى يتجلّى لزّوار قبر الحسين× قبل أهل عرفات، ويقضي حوائجهم، ويغفر ذنوبهم، ويشفّعهم في مسائلهم، ثمّ [يأتي] يثني بأهل عرفات فيفعل بهم ذلك»^{^[50]}.

ويقال لهذا الجمع الإيماني: استأنفوا العمل من جديد، فقد مُسحت ذنوبكم السابقة، وسوف تتشرّفون بخطاب الله تعالى، وترتفعون من الحياة المادّية إلى الحياة الروحية والمعنوية عند الله والملائكة والأولياء.

ثمّ يرتقي الفضل بالمؤمن إلى نحو أكثر، وهذا يتحقّق في الحجّ والعمرة، وتشترك الزيارة معه، وهو ألّا يُكتب على أحد من الزائرين ذنب سبعين يوماً، فقد رُوي عن عمر بن الحسن العرزمَي، عن أبي عبد الله×، قال: سمعته يقول: «إذا كان يوم عرفة نظر الله إلى زوّار قبر الحسين× فيقول: ارجعوا مغفوراً لكم ما مضى، ولا يكتب على أحد منهم ذنب سبعين يوماً من يوم ينصرف»^{^[51]}.

وكلّ هذا وغيره قليل بحقّ مَن ينصر المظلوم ويتذكّر مصيبته.

المبحث الثالث: الأحكام الشرعية لزيارة عرفة

توطئة: إنّ كلّ فعل أو قول يصدر عن المكلّف يتعلّق به أحد الأحكام الشرعية؛ لذا قسّم علماء أُصول الفقه الحكم الشرعي إلى: حكم تكليفي، وآخر وضعي. وقُسّم الأوّل منهما إلى: الوجوب، والحرمة، والاستحباب، والكراهة، والإباحة^{^[52]}. ويمكن مراجعة بيان هذه الأقسام في علم أُصول الفقه.

وفي المقام نطبّق ـ باختصار ـ ما يصلح من هذه الأحكام على فعل المكلّف في زيارة قبر الإمام الشهيد× يوم عرفة.

الحكم الأوّل: استحباب زيارة عرفة

دلّت الروايات على استحباب زيارة عرفة، وحثّت ورغّبت المؤمنين عليها، وقد سبق منّا عرض هذه الروايات في فضل الزيارة^{^[53]}، ولا حاجة إلى إعادتها هنا. أمّا كلمات الفقهاء في هذا الصدد فنذكر ما قاله العلّامة الحلّي: «ويستحبّ زيارة الحسين×... ويستحبّ زيارته في يوم عرفة»^{^[54]}.

الحكم الثاني: وجوب زيارة عرفة

إنّ الحكم الشرعي الأوّلي لزيارة عرفة هو الاستحباب والندب، ولكن قد يترتّب من أجل موضوعات معيّنة، بل موقف عرفة، والفعل الواجب هو ما يُطلب الإتيان به مع المنع من تركه، ويستقلّ العقل بالامتثال الإلزامي في مورده.

المورد الأوّل: قد تجب زيارة عرفة بالنذر والعهد واليمين، أو شرط ضمن عقد لازم كالبيع والنكاح وغيرهما.

يمكن أن يقال في خصوص نذر زيارة عرفة بأنّه أهمّ من الحجّ؛ لما ورد من أنّ الله تعالى ينظر إلى زوّار الحسين× في يوم عرفة قبل أن ينظر إلى الحجّاج.

وفيه: أنّ هذا إنّما يدلّ على أكثرية ثواب زيارته في يوم عرفة من ثواب الحجّ، والعبرة في ترجيح أحد المتزاحمين ليست بأكثرية الثواب، بل بأهمّية الملاك، والثواب غير الملاك كما لا يخفى؛ فإنّ الثواب ما يترتّب على امتثال الحكم، والملاك هو ما يترتّب عليه الحكم، فكيف تكون زيارة الحسين× ـ مع قطع النظر عن النذر ـ أهمّ من حجّة الإسلام مع أنّها واجبة، والزيارة مستحبّة؟

والواجب ـ بلا شكّ ـ أهمّ ملاكاً من المستحبّ، ولكن ذلك لا ينافي أن يكون ثواب المستحبّ أكثر من ثواب الواجب، كما في السلام الذي يكون ثوابه أكثر من ثواب ردّه، مع أنّ الثاني واجب والأوّل مستحبّ، وما يترتّب على ترك ردّ السلام من المفسدة لا يترتّب على ترك السلام كما لا يخفى.

ويمكن أن يقال بأهمّية الحجّ على النذر؛ لأنّ الوعيد الذي تضمّنته الروايات الواردة في ترك الحجّ شديدة اللهجة؛ فقد رُوي عن ذريح المحاربي، عن الإمام أبي عبد الله× أنّه قال: «ومَن مات ولم يحجّ حجّة الإسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهودياً أو نصرانياً»^{^[55]}.

وما ورد من إطلاق عنوان الكافر على تارك الحجّ لم يرد منه شيء في ترك المنذور، فيستكشف من تلك الأخبار أنّ الحجّ أهمّ من النذر، فيقدّم عليه، ولا أقلّ من احتمال أهمّيته من النذر، وهو كافٍ في تقديمه عليه؛ فتقديم الحجّ عليه ليس من باب ما أفاده المحقّق النائيني ـ كما سيتّضح ـ بل من جهة أهمّيته. وإن لم نقل بأهمّية الحجّ، فالمرجع التخيير.

وفي معرض البحث الفقهي حول الموضوع قال السيّد اليزدي ما نصّه: «النذر المعلّق على أمر قسمان، تارة يكون التعليق على وجه الشرطية، كما إذا قال: إن جاء مسافري فلّله عليّ أن أزور الحسين× في عرفة. وتارة يكون على نحو الواجب المعلّق، كأن يقول: لله عليّ أن أزور الحسين× في عرفة عند مجيء مسافري. فعلى الأوّل يجب الحجّ إذا حصلت الاستطاعة قبل مجيء مسافره، وعلى الثاني لا يجب»^{^[56]}.

ما ذكره+ صحيح على مبناه؛ فإنّ مبناه ـ بحسب عبارته المتقدّمة ـ هو أنّه لو توجّه إليه الخطاب بالوفاء بالنذر قبل الاستطاعة منع ذلك عن تحقّق الاستطاعة، بخلاف ما إذا كانت الاستطاعة متقدّمة عليه. وعلى هذا؛ يتّجه التفصيل بينما إذا كان نذره على نحو التعليق، وما إذا كان على نحو الشرطية، فعلى الأوّل تحقّق المعلّق عليه في الخارج كاشف عن أنّ الخطاب بالوفاء كان ثابتاً قبل تحقّقه بمجرّد النذر، فهو مانع عن حصول الاستطاعة، وهذا بخلاف الثاني؛ لأنّه قبل تحقّق الشرط لم يجب عليه شيء حتّى يصير مانعاً عن حصول الاستطاعة.

«وأورد المحقّق النائيني على المصنّف [السيّد اليزدي] بأنّ النذر على نحو التعليق ليس قسيماً للنذر على نحو الشرطية، بل النذر على نحو التعليق أيضاً قسم من النذر على نحو الشرطية.

وفيه: أنّ مقصود المصنّف+ ليس جعله قسيماً له وإن كان ربّما يوهمه العبارة، بل هو قسم منه، لكن في هذا القسم يكون الوجوب متحقّقاً قبل تحقّق الشرط، فيمنع عن حصول الاستطاعة على مبناه، بخلاف ما إذا لم يكن كذلك، فإنّ الوجوب حينئذٍ يتحقّق حين تحقّق الشرط، فقبله لا وجوب حتّى يمنع عن حصول الاستطاعة، فيختلف الحكم فيهما وإن كان النذر في كليهما مشروطاً»^{^[57]}.

نعم، النذر لزيارة الإمام الحسين× سواء كان معلّقاً على شرط، أم منجّزاً، هو مشروع، ولكن يُشترط في صحّته القدرة على الاستطاعة له، ومن مصاديق ذلك ألّا يكون مشغول الذمّة بواجب آخر غيره، فلو استطاع قبل النذر على الحجّ فهنا لا يصحّ منه النذر ولا العهد ولا اليمين. أمّا لو نذر زيارة عرفة قبل الاستطاعة فإنّها تجب^{^[58]}.

المورد الثاني: قد تجب زيارة عرفة بالنيابة الواجبة بأُجرة، أو بالوصية، أو الشرط ضمن عقد لازم. وقد تكون هذه النيابة الواجبة لزيارة عرفة مع شرط مباشرة النائب، أو يطلب النائب من غيره أن ينوب عنه في الزيارة. وتكون النيابة في الزيارة عن حيّ قادر ولم يوفّق للزيارة، سواء كان واحداً، أم متعدّداً، وتكون عن ميّت، وتكون نيابة ذكر عن ذكر، أو أُنثى عن أُنثى، أو العكس فيهما، فكلّ ذلك صحيح.

الخاتمة

بُيّن في ثنايا البحث أهمّية زيارة الإمام الحسين× في يوم عرفة وليلتها وفضلها ومشروعيّتها وأحكامها الفقهية. وأهمّ الأحكام الشرعية لهذه المناسبة استحبابها، ووجوبها بالعنوان الثانوي من النذر والنيابة والإجارة وغيرها. والآثار الدنيوية والأُخروية المترتّبة على فعل الزيارة. وكلّ ذلك مستفاد من الروايات الواردة عن أهل بيت الرحمة×.

كما تضمّن البحث فضل زيارة عرفة من ثواب الحجّ والعمرة، وينال الزائر لقبر الإمام الحسين× اطمئنان القلب والسرور والفرح، وكون الزيارة علامة لطهارة المولد، والترابط المعرفي والإيماني بين زيارة الحسين× يوم عرفة وثواب الموقف في عرفة بالحجّ؛ إذ الزائر مؤمن ومصدّق بالوعد الإلهي بالثواب وإجابة الدعاء.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

الأحكام، الشيخ علي كاشف الغطاء (ت1411هــ)، مؤسّسة كاشف الغطاء، النجف الأشرف.

أُصول الفقه، محمّد رضا المظفّر (ت1383هـ)، دار الغدير، قم.

إقبال الأعمال، علي بن موسى بن جعفر بن طاووس (ت664هـ)، الطبعة الأُولى، 1414هـ.

الأمالي، محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (ت460هـ)، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف.

الأمالي، محمّد بن علي بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت381هـ)، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف.

بحار الأنوار، محمّد باقر المجلسي (ت1111هـ)، المكتبة الإسلامية، طهران.

البلد الأمين، تقي الدين إبراهيم بن علي بن العاملي الكفعمي (ت905هـ)، مؤسّسة الأعلمي، بيروت.

تذكرة الفقهاء، الحسن بن يوسف بن المطهّر المعروف بالعلّامة الحلّي (ت726هـ)، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم.

التنقيح في شرح العروة الوثقى، السيّد أبو القاسم الخوئي (ت1413هـ)، موسوعة السيّد الخوئي، لندن.

تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (ت460هـ)، دار الأضواء، ودار التعارف، بيروت.

ثواب الأعمال، محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت381هـ)، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف.

جامع أحاديث الشيعة، السيّد حسين البروجردي الطباطبائي (ت1383هـ)، قم المقدّسة، 1396هـ.

دليل الناسك، السيّد محسن الحكيم، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف.

القاموس المحيط، مجد الدين محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت239هـ)، دار التعارف، بيروت.

الكافي، محمّد بن يعقوب الكليني (ت229هـ)، دار التعارف، بيروت.

كامل الزيارات، جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي (ت367هـ)، الطبعة الحجرية، إيران.

كتاب الحجّ: تقرير بحث السيّد محمود الشاهرودي، محمد إبراهيم الجنّاتي الشاهرودي، قم.

المزار، محمّد بن محمّد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد (ت413هـ)، مصنّفات الشيخ المفيد، مؤسّسة التاريخ العربي.

مستدرك الوسائل، الميرزا حسين النوري الطبرسي (ت1320هـ)، مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، الطبعة الثانية، 1429هـ/2008م.

مصباح المتهجّد، محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (ت460هـ)، مؤسّسة الأعلمي، بيروت.

المصباح، تقي الدين إبراهيم بن علي بن العاملي الكفعمي (ت905هـ)، مؤسّسة الأعلمي، بيروت.

مفتاح الوصول إلى علم الأُصول، أحمد كاظم البهادلي، بيروت.

المكاسب، الشيخ مرتضى الأنصاري (ت1282هـ)، تحقيق: السيّد محمّد كلانتر، الجامعة الدينية، النجف الأشرف.

مَن لا يحضره الفقيه، محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت381هـ)، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم.

النهاية في غريب الحديث والأثر، المبارك بن محمّد ابن الأثير (ت606هـ)، مؤسّسة إسماعيليان، قم.

نور العين في المشي إلى زيارة قبر الحسين×، محمّد حسين الأصطهباناتي، مؤسّسة الأعلمي، بيروت.

الوافي، محمد محسن الفيض الكاشاني (ت1091هـ)، إصفهان، الطبعة الأُولى، 1406هـ.

وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت1104هـ)، مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، قم، الطبعة الثانية، 1414هـ.

[1] اُنظر: الأنصاري، مرتضى، المكاسب: ج18، ص34 عند حديثه عن خيار الحيوان. الخوئي، أبو القاسم، التنقيح في شرح العروة الوثقى (تقرير: الشيخ الغروي): ج8، ص345، طلوع الفجر تحديد المواقيت في الصلاة.

[2] الطوسي، محمّد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص498. ابن طاووس، علي بن موسى، إقبال الأعمال: ج2، ص56. الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج١٤، ص٤٦٤. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص90.

[3][3] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص269، ح10. واُنظر: النوري، حسين، مستدرك الوسائل: ج10، ص287. البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة: ج12، ص409.

[4] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص181. الطوسي، محمّد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص51. الطوسي، محمّد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص538. الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص476. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص90.

[5] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص169. الصدوق، محمّد بن علي، الأمالي: ص206. واُنظر: ابن طاووس، علي بن موسى، إقبال الأعمال: ج1، ص332. الكليني، محمّد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص580. الصدوق، محمّد بن علي، ثواب الأعمال: ص115. الصدوق، محمّد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه: ج2، ص346. الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص46.

[6] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص170. واُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص48. الفيض الكاشاني، محمد محسن، الوافي: ج14، ص1475. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص89. البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة: ج 12، ص404.

[7] الطوسي، محمّد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص497. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص461. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج 101، ص91. البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة: ج12، ص404.

[8] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص183. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص105. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص469. النوري، حسين، مستدرك الوسائل: ج2، ص211. البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة: 12/423.

[9] اُنظر: الأصطهباناتي، محمّد حسين، نور العين في المشي إلى زيارة قبر الحسين×: ص537.

[10] الكليني، محمّد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص74.

[11] البقرة: الآية148.

[12] الفيض الكاشاني، محمّد محسن، الوافي: ج14، ص1483.

[13] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص498. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص464.

[14] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص170. واُنظر: الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص115. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص86. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص463. النوري، حسين، مستدرك الوسائل: ج10، ص283.

[15] اُنظر: ابن الأثير، المبارك بن محمد، النهاية في غريب الحديث والأثر: ج1، ص157.

[16] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص313.

[17] المفيد، محمّد بن محمّد، المزار: ص46. ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص172. وورد في الأخير: (كروباً) بدل (كروبياً).

[18] الفيروزآبادي، محمّد بن يعقوب، القاموس المحيط:ج1، ص123.

[19] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص٣١٧. واُنظر: الصدوق، محمد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه: ج2، ص580.

[20] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص165. واُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص497.

[21] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص170. واُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص87.

[22] المصدر السابق.

[23] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات:ص171. واُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص463.

[24] وفي بعض نسخ الرواية: (إلى أعدى عدوّه).

[25] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص172. واُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص87. النوري، حسين، مستدرك الوسائل: ج10، ص209.

[26] إبراهيم: الآية34.

[27] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص173. واُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص9 مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ، كما أنّ المجلسي في سلسلة السند قال: «عن يسار، عن أبي عبد الله×، قال...».

[28] الطوسي، محمّد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص724.

[29] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص171 (الهامش). واُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص37 (الهامش).

[30] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص175.

[31] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص498. واُنظر: ابن طاووس، علي بن موسى، إقبال الأعمال: ج1، ص612. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج١٤، ص٤٦٤. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص90.

[32] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص269. واُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص90. النوري، حسين، مستدرك الوسائل: ج10، ص287. البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة: ج 12، ص409.

[33] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص133. واُنظر: المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص47. الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج 14، ص420. البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة: ج 12، ص463.

[34] المصدر السابق.

[35] الصدوق، محمّد بن علي، الأمالي: ص126. الصدوق، محمد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه: ج 2، ص582.

[36] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص335. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج 101، ص2.

[37] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص127. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج 14، ص481.

[38] المائدة: الآية27.

[39] اُنظر: شبّر، عبد الله، مصابيح الأنوار في حلّ مشكلات الأخبار: ج٢، ص٥١٦. الأصطهباناتي، محمد حسين، نور العين في المشي إلى زيارة الحسين×: ص182.

[40] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص181. واُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص51. الحرّ العاملي، وسائل الشيعة: ج 14، ص476. الفيض الكاشاني، محمّد محسن، الوافي: ج 14، ص1475.

[41] الأصطبهاناتي، محمد حسين، نور العين في المشي لزيارة الحسين×: ص216.

[42] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص170. اُنظر: الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص48. الفيض الكاشاني، محمد محسن، الوافي: ج 8، ص222. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج101، ص89.

[43] اُنظر: الأصطبهاناتي، محمد حسين، نور العين في المشي إلى زيارة قبر الحسين×: ص236.

[44] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص170. الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص115.

[45] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص498. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج10، ص362.

[46] المفيد، محمّد بن محمّد، المزار: ص46. ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص172. وورد في الثاني: (كروباً) بدل (كروبياً).

[47] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص169.الصدوق، محمد بن علي، الأمالي: ص206. واُنظر: ابن طاووس، علي بن موسى، إقبال الأعمال: ج1، ص332. الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص580. الصدوق، محمد بن علي، ثواب الأعمال: ص115. الصدوق، محمد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه: ج2، ص346. الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص46. الطوسي، محمّد بن الحسن، الأمالي: ج1، ص204.

[48] للمراجعة أكثر بشأن ثواب الزيارة بالقياس إلى الحجّ والعمرة يُنظر: الأصطهباناتي، محمد حسين، نور العين في المشي لزيارة قبر الحسين×: ص179ـ 224.

[49] الصدوق، محمد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه: ج1، ص78. واُنظر: الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص302.

[50] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص165، و170. الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص497.

[51] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص171. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص463.

[52] اُنظر: كاشف الغطاء، علي، الأحكام: ج1، ص45. المظفّر، محمّد رضا، أُصول الفقه: ج1، ص16. البهادلي، أحمد كاظم، مفتاح الوصول إلى علم الأُصول: ج1، ص23.

[53] للمطالعة أكثر يُنظر: ابن طاووس، علي بن موسى، مصباح الزائر: ص347. الكفعمي، إبراهيم، البلد الأمين: ص383. الكفعمي، إبراهيم، المصباح: ص493. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص231.

[54] الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج1، ص403.

[55] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج11، ص30.

[56] اليزدي، كاظم، العروة الوثقى: ج4، ص397، المسألة 33.

[57] الجنّاتي الشاهرودي، محمّد إبراهيم، كتاب الحجّ، تقرير بحث السيّد محمود الشاهرودي: ج1، ص١٥١.

[58] اُنظر: الحكيم، محسن، دليل الناسك: ص38.

زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عرفة.. دراسة في فضيلتها وآثارها وأحكامها الشرعية